الآثار الناتجة عن السياسات المتبعة في المجال الزراعي .. عرضت فى احتفالية أيام إشتراكية

السيدات والسادة الحضور مساء الخير

بداية باسم لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى أشكر القائمين علي هذا اللقاء لاتاحة الفرصة  لالقاء الضوء علي الآثار الناتجة عن السياسات المتبعة في المجال الزراعي رغم  ضيق الوقت المتاح لعرض الموضوع .مقدمة:حيث أن صغار الفلاحين وفقراءهم يمثلون نسبة عالية من السكان في المجتمع  إلا  أنهم الأقل وعيا وثقافة وتنظيما .. مما يجعلهم الأكثر عرضة وتأثرا بالأفكار الغيبية  مع سيادة المناخ الديني في المجتمع والتي تغذيه جماعات الأسلام السياسي مستغلة هذا الموروث الثقافي  الرجعي مما يفقد المقاومة أهم عناصرها  ويسهل مهمة الدولة وأجهزتها في تنفيذ سياساتها في المجال الزراعي . . أى يكسر روح المقاومة في صفوف السكان عموما وبالذات الفلاحين.

وضع الريف المصري قبل منتصف الستينات :كان الريف المصري قبل منتصف الستينات قد حقق قدرا من الاستقرار النسبي في العلاقة بين المالك والمستأجر حيث كان القانون يمنع طرد الفلاح المستأجر من الأرض  طالما كان يدفع الايجارفى مواعيده , وانعكس هذا الاستقرار علي أوضاع  الزراعة والمعيشة في الريف .وبصدور قانون الإصلاح الزراعى انتقل جزء من الأراضي الزراعية من الاقطاع الي صغار الفلاحين وفقرائهم ومعدميهم بالتمليك ، كما انتقل جزء آخر من أراضى الإقطاع إليهم  بالايجاربواسطة هيئة الإصلاح الزراعى بعد فرض الحراسة عليه بقانون الطوارئ حيث ظلت ملكيته للإقطاعيين. وتحول قطاع كبير من صغار الفلاحين وفقرائهم الي مستفيدين من هذه الأوضاع وانخرطوا في العمل تنفيذا لسياسات النظام الحاكم في المجال الزراعي بالشكل الآتى:

·       خضوع الفلاحين لدورة زراعية إجبارية.

·   شراء الفلاحين لمستلزمات الانتاج من ( أسمده – تقاوي – مبيدات – استئجارالجرارات الزراعيه ومواتير رش المبيدات ) من الجمعيات الزراعية بأسعار محددة تعتبر مناسبة لحد ما .

·   التزام الفلاحين بتوريد محاصيل القطن وقصب السكر كاملة للدولة بأسعار إحتكارية  تقل كثيرا عن الأسعار العالمية .وقد تم  كل هذا عن طريق الجمعيات الزراعية التي شارك الفلاحين في تأسيسها بأموالهم التي نهبتها بعد ذلك  بنوك الائتمان وبنوك القرى , وكانت الجمعيات حلقة وسيطة في  تنفيذ سياسات الدولة ، كما كانت تقوم  بتحصيل  مديونيات الفلاحين من ( تكاليف مقاومه يدوية وكيماوية وتطهير للترع ولشبكات الصرف المغطي ) لحساب الدولة  وهذا يعني :         استفادة قطاع من الفلاحين من هذه الأوضاع مقارنة بما قبل 1952.    استيلاء الدولة على فروق أسعار المحاصيل ومستلزمات الانتاج وفروق تكاليف عمليات تطهير الترع وشبكات الصرف المغطي وعمليات مقاومة  الآفات الزراعية.واذا ما دققنا النظر فيما سبق سنجد أن صغار الفلاحين وفقراءهم رغم الإستقرار النسبي في الزراعة والمعيشة إلا أنهم لم يحققوا حتي ولو قدرا ضئيلا من الحرية فى تحديد أسعار محاصيلهم  وتسويقها ..  الأمر الذي أوقف زياة دخولهم  وأثر على  مستوي معيشتهم وعلى تطوير عملهم  الزراعي. ومن ناحيه أخري فهيمنة الدولة علي هذا المجال وخضوع الفلاحين لتلك الهيمنة لم يمكنهم من محاولات تشكيل نقابات واتحادات توحدهم  وتعبر عن مصالحهم وترتقي بوعيهم المهنى والسياسي وتحقق طموحاتهم ومصالحهم الاقتصادية والسياسية .

الآثار الناتجه عن صدور القانون 69 لسنة 1974 :إلي أن صدر قانون 69 لسنة 1974 برفع الحراسات وما ترتب عليه من وضع صغار الفلاحين وفقرائهم الذين يستأجرون أراضي الحراسات علي عتبات الطرد
منها ، وفتح الطريق واسعا أمام صدور قانون الايجارات الجديد رقم 96 عام 1992 والذي طبق في عام  1997  .

الفترة ما بين قانوني 69  ،   96 .. المطبق عام 1997 : شهدت الفترة من 1974 حتي 1997 عديدا من الإجراءات لما سمي باعادة هيكلة الاقتصاد بما يتلائم مع  مصالح الحلف الطبقي الحاكم ومع الارتباط بالشركات العالمية وتحقيق مصالح القوى الاستعمارية وتنفيذ تعليمات البنك الدولي بما يفتح الباب واسعا لتكثيف الاستغلال للطبقات الكادحة ويزيد من إفقارها ومن هذه الاجراءات :

· الغاء الدورة الزراعية مما أدي الي تملص اعداد من الفلاحين من زراعة القطن وتحولهم  الي زراعة أنواع وأصناف جديدة من الزراعات توسع الفجوة الغذائية .

· ترك أسعار مستلزمات الانتاج للارتفاع المستمر لصالح الشركات العالمية والمحلية .

· قيام وزارة الزراعة بتكليف  القطاع الخاص  باستيراد المبيدات  مما كان له الاثر البالغ علي صحة الانسان والحيوان وتلوث البيئة .

· زيادة  فوائد القروض علي الفلاحين  وانهيار دخولهم مما أوقع أعدادا  كبيرة منهم أسرى ديون بنوك القرى وأحكام السجن في كثيرمن الحالات .

· زيادة الضرائب والعوائد علي الأراضي الزراعية .

· تخلي الجمعيات الزراعية عن دورها السابق لتصبح مقارا لتوقيع  مخالفات المباني والاتجار في بعض السلع المعمرة , كما أصبحت وكرا لاستخراج أوراق الحيازات الوهميه للحصول علي قروض من البنوك , كما أصبحت سوقا سوداء لبيع حصص الأسمدة المخصصة لها لحساب  الموظفين الفاسدين .ومن الآثارالناتجة عن هذه الإجراءات وخاصة إلغاء الدورة الزراعية  أن تدهورت زراعة وتسويق القطن المصري خلال السنوات الخمسة عشر الأخيرة  فقلت المساحات المزروعه منه ، وبدلا من تصديره محلوجا أصبح يصدر ببذوره ففقدنا كميات كبيرة من الزيوت والدهون والصابون والأعلاف المستخلصة والمصنعة منها  مما أدي الي ارتفاع اسعار هذه المنتجات  بشكل خطير , وأصبح استيرادها متروكا  للقطاع الخاص يرتع فيه كما يشاء ،  كما تم غلق عديد من المحالج والمعاصروالاستغناء عن عمالتها التى تحولت الي  جيش البطالة .ومن العوامل التي ساهمت في تدهور سوق وتجارة القطن المصري :

·   قيام بعض دول آسيا بزراعة القطن المصري مما أدي الي مزاحمته في السوق العالمية وتدهور أسعاره , في نفس الوقت الذى  تم فيه إغراق الأسواق المصرية بالأقمشة المصنعة بأسعار تقل عن سعر القطن الخام المصري .·   هجرة نسبه كبيرة من صناعة الغزل والنسيج الأوربية إلي دول آسيا ذات العمالة الكثيفة الرخيصة  مما أثر علي هذه الصناعة  داخل مصر .

·       دخول غزالي آسيا الي سوق الغزل والنسيج المصرية وشراء العديد من المصانع مثل شركة غزل شبين الكوم .·       زراعة الأقطان قصيرة التيلة الاقل سعرا فى مصر لسحب الميزة النسبية للقطن المصري طويل التيلة .·       إطلاق حرية تكوين الشركات للمتاجرة بالمحصول والتحكم بأسعاره .لقد كا
ن لهذه الاجراءات الأثر البالغ في الانخفاض الحاد في دخل صغار الفلاحين وفقرائهم وزيادة اتساع الفجوة الغذائية .
فهناك فرق بين تولي الدولة مهمات توفير السلع الضرورية كما كانت في الستينات وبين تخليها موضوعيا عنها وإيكالها لسماسرة السوق والقطاع الخاص بينما هي شكلا تقوم بالمهمة .

الآثار الناتجة عن القانون 96 لسنة 1992 والمطبق عام 1997 :وبصدور قانون الايجارات الجديد قضي تماما علي الاستقرار النسبي بين المالك والمستأجر في الريف المصري سواء في أراضى الحراسات أو أراضي الائتمان , وأطلق يد  كبار الملاك وورثة الاقطاعيين السابقين في طرد أعداد كبيرة من صغار الفلاحين وفقرائهم المستأجرين للأراضي الزراعية , كما أطلق شرارة الارتفاع المستمر والمتزايد للقيمة الايجارية حتي وصلت الي نسب فلكية ، كما أدي الي فض جزء من الاشتباك بين عدد كبيرمن عمال الصناعة ذى الأصول الفلاحية الذين يقطنون الريف وبين اشتغالهم بالزراعة  , هؤلاء الذين كان يعتمد دخلهم الأسري علي تأجير قطعة أرض صغيرة لتعويض  انخفاض أجورهم من المصانع لسد احتياجاتهم وقد أدي ذلك الي وضع هؤلاء العمال في مواجهة  مباشرة مع الدولة  مما زاد من حدة الإضرابات والاعتصامات في العديد من المناطق الصناعية ذات الامتداد الريفي , كما كان للقانون أكبر الأثر في انخفاض خصوبة التربة بسبب عدم اهتمام الفلاح بها  وعدم استقراره نتيجة تتالي أعداد من المستأجرين عليها في مدد قصيرة .كما قضي هذا القانون علي قوانين الاصلاح الزراعي تماما ومهد لانقضاض كبار الملاك وورثة الاقطاعيين السابقين  لاسترداد  أراضي الاستيلاء التي كانت في يد صغار الفلاحين .صاحب هذه الاوضاع إرتفاع مستمر في تكاليف  الزراعة , حيث ارتفعت مستلزمات الانتاج الزراعي ( تقاوي – أسمدة – مبيدات – آلات زراعية ) . حتي تضاعفت في الآونة الأخيرة  بشكل كبير . كما زادت تكلفة العمليات الزراعية ( حرث – ري – وباقي عمليات الزراعة) بمعدلات عالية مع تدني أسعار بيع المحاصيل فى مقابل الارتفاع المستمر في أسعار الخدمات الاجتماعية المقدمة للسكان من ( صحة وعلاج – تعليم – مواصلات – سكن – كهرباء – مياه شرب – صرف صحي – وغيرها ) , والذي كان من نتائجه تقليص المخصص من الدخل الفلاحي للغذاء ..  مما ساعد علي انتشار الأمراض الناتجة عن سوء التغذية , ومكن الأمراض الوبائية والمزمنة مثل أمراض الكبد والكلي والبلهارسيا من سكان الريف عموما  وساعد علي اتساع الفجوة الغذائية.

الفجوة الغذائية :الغذاء يعتمد بداية علي الزراعة وخاصة المحاصيل الأساسية التي تدخل في غذاء السكان  مثل .1- محاصيل الحبوب مثل  القمح – الارز – الاذره الشاميه – الفول – العدس  .2- المحاصيل التي تدخل في انتاج الزيوت والدهون والصابون مثل القطن – عباد الشمس .3- المحاصيل التي تدخل في انتاج السكر والعسل الأسود وخلافه من صناعات أخري مثل  قصب السكر – البنجر .

·       فالمنتَج من القمح  لايكفي احتياجات السكان لأسباب عدة منها:إضافة إلى الزيادة في عدد السكان فإن السياسة المتبعة في توزيع الأراضي المستصلحة تأخذ جانب أصحاب رؤوس الأموال الأجانب والمحليين والشركات الكبرى لتقوم بزراعتها بمحاصيل أخري .كما أن هذه السياسة تعمل على التحكم في المساحات المنزرعة عن طريق التحكم فى حجم التقاوي المطروحة للزراعة .

·   أما محاصيل  الزيوت فنجد أن تدهور زراعة محصول القطن وتقلص مساحاته وتصديره دون حلجه  قد ساعد علي نقص كميات الزيوت والدهون والصابون التي كانت تستخرج من بذوره .كما ساعد علي نقص كميات الاعلاف الناتجة منه بعد عصره .

·   أما محصول قصب السكر فمازالت الدولة تتحكم فى أسعاره وتحتكرإنتاجه لصالحها وتفرض أسعارا لاتحقق  أرباحا حقيقية للفلاحين , فى الوقت الذى تفرض أسعار بيعه للسكان . هذه الاوضاع مجتمعه شكلت وتشكل عوامل ضغط ( إن عاجلا أو أجلا )  على صغار