حقيقة أحداث ديسمبر 2008 فى بهوت:أخليت سيناء من قواتنا المسلحة..فشرعت جيوش وزارة الداخلية.. فى إخلاء الأرض الزراعية من الفلاحين

 

 

بهوت إحدى أشهر قرى مصر فى تصديها لحيتان الإقطاع ، جاء دورها لتحظى بتجريدة متوحشة من قوات أمن وزارة الداخلية بعد مذبحتى عزبة محرم وعزبة البارودى مركز الرحمانية بمحافظة البحيرة فى يونيو الماضى.
ولأنها تتجاوز فى سكانها كل القرى المحيطة بل ومدينة نبروه المجاورة "عاصمة المركز الإدارى الذى يضمها" ناهيك عن وزنها السياسى الذى ركمه تاريخها فى رفض الظلم وفى عناد المستبدين.. فقد أعدت وزارة الداخلية لها تجريدة تليق بمقامها وتناسب ثقلها .. أعدت جيشا جرارا من جنود وضباط أجهزتها الأمنية يتجاوز عدده الألفى جندى ويفوق عتاده جميع الحملات الترويعية السابقة التى جرت فى مصر خلال الثمانى سنوات الأخيرة.
فعلاوة على 46 شاحنة جنود وعدد من العربات المصفحة وسيارات الإطفاء والإسعاف .. دفعت بعدة أسراب من أفراد الشرطة السرية جابت شوارع بهوت وطرقاتها ناشرة رائحة الترويع وجو االغزو والكآبة.
وأيقن الفلاحون أن الدولة شرعت فى تنفيذ مجزرة وشيكة فى ذلك الصباح ( الإثنين 1/12/2008) ، وبعد التشاور وإجراء عدد من الاتصالات التيليفونية مع أفراد هيئة الدفاع عن فلاحيها تقرر تفويت الفرصة على الغزاة:
·   فلم يذهب الفلاحون العشرة المستهدفون من التجريدة إلى حقولهم كعادتهم بل وأحجم كثير من الفلاحين أيضا .. عندما بدأت تسعة جرارات وأربعة لوادر ليس فى تجريف أرض الفلاحين العشرة فقط بل تجاوزتها إلى أراضى سبعة عشر فلاحا آخرين واستولت على ستة وخمسين فدانا كان ورثة أسرة البدراوى قد ادعوا أن فلاحى القرية قد اغتصبوها فى نوفمبر 2004 وأصدرت النيابة العامة ومحاميها العام قرارا فى 1/8/2007 بتمكينهم من استرداد جزء منها.
·   كان المشهد عصيبا : بدأ بتجريف الأرض المزروعة قمحا وبرسيما ، وأزيلت الحدود بين الحقول، ومحيت مراوى الرى وقنواته ودمرت بعض المصارف وتعاريش الماشية، وتم تسليم أرض الفلاحين العشرة – علاوة على أرض سبعة عشر آخرين لم يشملهم قرار المحامى العام الأول – إلى حسين البيلى وكيل ورثة الأسرة الإقطاعية وعمدة القرية ، بينما شقيقه عضو مجلس الشورى فاروق البيلى يشارك بحماس فى قيادة عملية التخريب التى نفذت بحمية وغضب .
·   ولأن الفلاحين فوتوا على الغزاة وورثة العائلة الإقطاعية ووكلائها فرصة الصيد فى الماء العكر بالقبض عليهم وتلفيق تهم الاعتداء على جيش الداخلية ومقاومة السلطات والتجمهر وحيازة أسلحة نارية أوبيضاء وإصابة من يسعون لتطبيق القانون أثناء تأدية عملهم وتقديمهم للمحاكمة ، بسبب ذلك قام صباح اليوم التالى 2/12/2008 أربعة من الشرطة السرية بالانتشار فى القرية حتى عثروا على أحد الفلاحين ( محمد فؤاد لبيب) فى العاشرة صباحا واعتدوا علية وأصابوه بكعب طبنجة فى رأسه كما قبضوا على اثنين آخرين من الفلاحين المستهدفين هما عيد المغازى وجميل المغازى.
·   وحيث حولت المستشفى المصاب إلى نقطة الشرطة لتحرير محضر بالاعتداء عليه احتجزه ضابط المباحث مع زميليه وبدأ فى الواحدة والنصف ظهرا فى  تحرير محضر ضد الثلاثة بالاعتداء على المخبرين الأربعة وبمقاومة السلطات وأتبعوه بمحضر آخر قدمه عضو الشورى فاروق البيلى مدعيا حرق تعريشة مواشى( عشة) تخصه واتهم بها الفلاحين الثلاثة، وبذلك تحول الفلاح المصاب وزميلاه من معتدى عليهم إلى متهمين وتحرر المحضران بأرقام 6810 ، 6812 جنح طلخا وقدموا لنيابة طلخا التى أمرت بحبسهم 15 يوما .
·   وبذلك استدركت شرطة بهوت فى اليوم الثانى للأحداث ما فوّته الفلاحون على جيش الداخلية الجرار فى اليوم الأول ، واكتملت الخطة المعتادة الساذجة والمكرورة .. قصة اغتصاب أراضى الفلاحين العشرة بل واغتصاب أراضى سبعة عشرة آخرين وتقديم عدد منهم للمحاكمة
بتهم مقاومة السلطات والتخريب .. وهى نفسها قصة القلة المندسة التى تطفو على السطح إبان كل احتجاج شعبى.
·   من جانب آخر تقدمت هيئة الدفاع عن الفلاحين ( محمد رفعت، محمد شبانة، عبد المجيد راشد ، ماجدة فتحى، أحمد كامل ) فى 2/12/2008 ببلاغ للمحامى العام الأول لجنوب الدقهلية  ضد رئيس نقطة شرطة بهوت وأربعة مخبرين باعتداء الأخيرين على عيد المغازى ومحمد فؤاد وإطلاقهم لأعيرة نارية فى اتجاههما وأرفقت بالبلاغ أسماء الشهود طالبة التحقيق مع رجال الشرطة والإفراج عن الفلاحين.
·   كما تقدمت ببلاغ ثان باسم 27 من الفلاحين المعتدى على أراضيهم ضد عمدة القرية حسين البيلى وهو فى الوقت نفسه وكيل أعمال ورثة البدراوى وشقيقه فاروق البيلى ورئيس نقطة شرطة بهوت وضابط المباحث وضابط آخر بوحدة تنفيذ الأحكام بمديرية الأمن ( وهو نسيب البيلى) بشأن أحداث أول ديسمبر 2008 وأرفقوا به أسماء تسعة من سائقى الجرارات وأربعة من سائقى اللوادر الذين شاركوا فى الاعتداء على أراضى الفلاحين وإتلاف مزروعاتهم واقتلاع أشجارهم.
·   علاوة على بلاغ ثالث فى 14/12/2008 للنائب العام باسم الفلاحين المتضررين الـ27 ضد كل من اتهموهم فى البلاغين السابقين مطالبين بالتحقيق فى جملة الأحداث التى وقعت مؤخرا استنادا إلى:
 
1- بينما حدد قرار المحامى العام الأول- الخاص بتمكين وكيل ورثة أسرة البدراوى من الأرض- عدد عشرة فلاحين فإن عملية التنفيذ تجاوزت ذلك واعتدت على أرض سبعة عشر فلاحا آخر إضافة للعشرة*.
2-    أن ما وقع من أحداث هو عدوان يشكل جريمة ولا ينبغى للشرطة حماية مرتكبى الجرائم.
3-    أن الفلاحين المتضررين لم يثبت عليهم تعرضهم للشرطة أو مقاومتها.
4- امتناع نيابة طلخا حتى تاريخ 14/12/2008 عن تحقيق البلاغين المقدمين لها من الفلاحين فى 2/12/2008 بينما حققت فى بلاغ عضو الشورى بشأن ادعائه احتراق تعريشة مواشيه علما بأنه أحد شهود واقعة التنفيذ.
5- اعتداء المخبرين السريين عل الفلاح محمد فؤاد لبيب وإصابته وامتناع نقطة شرطة بهوت عن التحقيق فى بلاغه واحتجازه لحين تقديم بلاغ ضده ممن اعتدوا عليه و ضد زميليه المقبوض عليهما -بعد الاعتداء عليه- والتعامل مع الثلاثة كمتهمين بمقاومة السلطات والتخريب لا كمجنى عليهم.. وطالب البلاغ بالتحقيق فى جملة الوقائع المثارة من الفلاحين وسماع شهودهم ومعاينة الأرض وإثبات حالتها بعد العدوان عليها.
وحيث أعيد عرض الفلاحين الثلاثة يوم السبت 20/12/2008 على قاضى المعارضات للنظر فى أمر الإفراج عنهم أو استمرار حبسهم تقرر مد فترة حبسهم 15 يوما أخرى وحيث تم استئناف الأمر فى ذات اليوم أيد قاضى الاستئناف فى اليوم التالى 21/12/2008 القرار السابق وعاد الفلاحون الذين تواجدوا فى المحكمة ساعتها إلى بهوت والغضب يكسو ملامحهم ..
 
وهكذا يسدل الستار- إلى حين- على أحد فصول تجريد فقراء الفلاحين من أراضيهم التى وزعتها عليهم هيئة الإصلاح الزراعى تمليكا مما يزيد عن اربعين عاما بعد أن صادرتها الدولةمن عائلة البدراوى  بقانون الإصلاح الزراعى 178 / 1952 .
فهل سيقبل الفلاحون فى بهوت أن يتحولوا إلى مشردين وتقف أجهزة الدولة التنفيذية بشكل دائم فى مواجهتهم بينما تغض النيابة العامة بالدقهلية البصر عن التنكيل بهم؟! ، أم أن الغضب – الذى كسا وجوههم عقب قرار استمرارحبس زملائهم – يتراكم فى الصدور إلى أن ينفجر مرة أخرى معيدا إلى الذاكرة تاريخ ثورتهم القديم .. ؟؟!!.
 
ــــــــــــــــــــــــ
*حدثت نفس الواقعة بحذافيرها فى عزبة محرم مركز الرحمانية بحيرة فى 17 يونيو 2008 حيث أمر قاضى التنفيذ بالتنفيذ على أرض ثلاثة فلاحين – بعد القبض عليهم وإجبارهم على التوقيع على عقود إيجار لمشترى وهمى بينما الفلاحون الثلاثة مستأجرين فعلا لنفس الأرض من هيئة الإصلاح الزراعى – وعندما نزلت قوات الشرطة لتنفيذالأمر على الثلاثة تجاوزته ونفذت على أربعين فلاحا.