كلمة اللجنة فى مؤتمر.. " مواجهة إجراءات وعمليات الإخلاء القسرى من الأرض والسكن " .. المنعقد فى الفترة من 4 – 7 فبراير 2010 بمدينة اسطنبول بتركيا

Normal
0

false
false
false

MicrosoftInternetExplorer4

/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:”Table Normal”;
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:””;
mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt;
mso-para-margin:0in;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:”Times New Roman”;
mso-ansi-language:#0400;
mso-fareast-language:#0400;
mso-bidi-language:#0400;}

 

 

السادة الحضور:

باسم لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى بمصر أحييكم .. وأشكركم على دعوتنا للمشاركة فى المؤتمر ، كما أشكر الشعب التركى على استضافته للمؤتمر وللمشاركين فيه ، وأتشرف بعرض وجهة نظر اللجنة التى نتمنى أن تكون مساهمة  موفقة فى أعماله.

عنوان المؤتمر الحالى المنعقد باسطنبول فى فبراير 2010 هو ( مواجهة إجراءات وعمليات الطرد من الأرض والمسكن ) بينما كان العنوان الفعلى لمؤتمر البيئة الذى سبقه بشهرين فى نوفمبر 2009  بكوبنهاجن هو ( مواجهة عمليات الطرد من الحياة ).. لسبب بسيط هو أن طرفى المعادلة فى المؤتمرين ثابتان .. فأحدهما:

·   هو الشركات العولمية الكبرى والمؤسسات العاملة فى مجالات الصناعة والزراعة والتجارة والمال.. وأجهزة الدول الداعمة لها والمتعاونة معها على نطاق الكرة الأرضية.

·        والثانى هو عموم السكان والفقراء منهم على وجه الخصوص .. وأيضا على نطاق الكرة الأرضية.

 

ويهمنا أن نوضح أن العولمة فى هذه المعادلة ( فى الحالتين .. اسطنبول وكوبنهاجن)  متحققة ومؤثرة ومنظمة لصالح الطرف الأول .. الفاعل ، بينما هى غائبة بالنسبة للطرف الثانى .. المقاوم .

لذلك ومن البداية وقبل الدخول فى التفاصيل نود التذكير بأن معركتنا فى الشمال والجنوب هى معركة واحدة .. لأن العدو واحد فى الحالتين.. وهو الشركات العولمية الكبرى وأجهزة الدول الداعمة لها والمتعاونة معها.

ولا يكفى أن نتحدث  فقط فى هذا الأمر .. فقد بات الشروع فى وضع برامج وآليات وإجراءات عملية للمقاومة هى الشىء الوحيد الذى يجمعنا.

         فمصر مثلامساحتها مليون كيلو متر مربع ويعيش سكانها فى 4 % من مساحتها لأن بقيتها صحراء.

    ونصيب الفرد فيها من الأرض الزراعية لا يتعدى 350 مترا مربعا.. لأن مساحة الأرض الزراعية 6,4 مليون فدان ( حوالى 3 مليون هكتار) ، بينما عدد السكان 78 مليون نسمة، لذلك أصبحت مصر واحدا من أكبر مستوردى القمح والغذاء فى العالم.

    ومن هنا ستختفى الأرض الزراعية من مصر فى مدى 50 – 60 سنة؛ لأن المستقطع منها لأعمال البناء يتراوح بين 60 – 70 ألف فدان سنويا.. وتعداد السكان يرتفع مليون نسمة كل عام ، بينما معدل زيادة الأرض المستصلحة لا يذكر.

         ولأن الفلاحين فى مصر يبنون مساكنهم على أراضيهم الزراعية .. فإن من يفقد أرضه يفقد مسكنه.

         وحيث لا توجد إعانة بطالة فإن من يفقد وظيفته أو عمله فى المدينة يفقد مسكنه.

ولتوضيح الصورة أكثرنقول:

    ظلت الأرض الزراعية فى مصر ملكا للحاكم وأسرته منذ عهود قدماء المصريين حتى قرب نهاية القرن التاسع عشر، ولم يبدأ تملكها من المحيطين بالأسرة الحاكمة إلا اعتبارا من 1880 وبشكل متدرج.

         وفى عام 1952 قامت ثورة الجيش وأصدر قائدها جمال عبد الناصر قانونا للإصلاح الزراعى صادر به أقل من مليون فدان من كبار الملاك الإقطاعيين.. أى ما لا يزيد عن 20 % من مساحة الأرض الزراعية  فى ذلك الوقت.

         كما أصدر قانونين هامين فى عامى 1957 ، 1962 ينقلان الأرض التى كان قد خصصها فى وقت سابق بعض كبار الملاك للإنفاق من عائدها على أعمال البر والخير- كالمساجد وإعاشة الأيتام والفقراء وعلاج المرضى .. وتسمى أراضى الأوقاف – ينقلان هذه الأرض إلى ملكية هيئة الإصلاح الزراعى لتوزيعها على الفلاحين المعدمين بطريقتين .. التمليك والإيجار.

 

وبذلك كانت الأرض الزراعية فى مصر آنذاك لدى الفئات التالية:

 

1-     كبار ملاك الأرض .. الذين تهرب عدد كبير منهم من تطبيق قانون الإصلاح الزراعى.

2-     الملاك المتوسطين والصغار.

3-     الفلاحين الفقراء الذين لم يستفيدوا من قانون الإصلاح الزراعى.

4-     الفلاحين الفقراء الذين استفادوا من قانون الإصلاح الزراعى سواء بتملك الأرض أو باستئجارها..

5-     الفلاحين الفقراء الذين يستأجرون أراضى الأوقاف المخصصة لأعمال الخير.

 

وأصبحت الصورة بعد خمسين عاما من ثورة الجيش ( عام 2000 ) كالآتى:

 

         زراع أكثر من 20 فدانا يمثلون 1,2  % من عدد الزراع  ويزرعون 25 % من مساحة الأرض فى مصر.

       وزراع من 5 – 20 فدانا يمثلون 8,8 % من عدد الزراع  ويزرعون 28  % من مساحة الأرض فى مصر.

       و زراع  أقل من 5 أفدنة يمثلون 90   % من عدد الزراع  ويزرعون 47  % من مساحة الأرض فى مصر.

ويتضح من ذلك أن نمط الإنتاج السائد فى 75 % من الأرض الزراعية هو نمط الإنتاج الفلاحى الصغير ويستخدمه حوالى 99 % من عدد الزراع ، بينما الموجود فى 25 % من الأرض هو نمط الإنتاج الكبير ويمثله 1,2 %  من عدد الزراع.

 

بعد وفاة عبد الناصر عام 1970 وتولى السادات الحكم  بدأ الارتداد عن جملة السياسات والقوانين والإجراءات التى تم اتخاذها لصالح الفقراء حيث أصدر البرلمان ( الذى يتم تشكيله بانتخابات مزورة تماما منذ خمسين عاما ) عدة قوانين أضرت بالفلاحين الصغار والفقراء وبالإنتاج الزراعى منها:

1-     رفع الحراسة عما لا يقل عن 30 % من أراضى الإصلاح الزراعى واستعادة كبار ملاك الأرض لها.

2-     رفع الدعم عن مستلزمات الإنتاج الزراعى ( بذور ، أسمدة ، مبيدات ، أعلاف ، لقاحات وأمصال ، وآلات. )

3-     رفع إيجارات الأراضى الزراعية  من 6 – 8 أمثال قيمتها السابقة بقانون جديد يجعل عقد الإيجارمحدد المدة.

4-     رفع أسعار فائدة القروض الزراعية من 4 % إلى 18 % .

5-     إلغاء عدد من القوانين الزراعية الهامة أو تفريغها من مضمونها.

6-     القضاء التام على أهم زراعات مصر من القطن طويل التيلة.

7-  احتكار القطاع الخاص والدولة لتجارة المحاصيل التى ينتجها الفلاح وانخفاض أثمان شرائها منه بالنسبة لأسعار مستلزمات الإنتاج وللأسعار العالمية.

8-  إنشاء محاكم القيم التى تعين الدولة نصف أعضائها من خارج القضاة وتفصل فى القضايا التى تستهدف طرد الفلاحين من الأراضى التى حصلوا عليها من هيئة الإصلاح الزراعى أو من هيئة الأوقاف سواء بطريقة التمليك أو الاستئجار.

وكانت هذه السياسات والقوانين والإجراءات هى المقدمة التى لعبت الدور الرئيسى فى طرد الفلاحين من أراضيهم ومساكنهم.

من جانب آخر صدر قانون جديد لإيجارات المساكن فى المدن- يحدد مدة عقد الإيجار- أسهم فى ارتفاع جنونى لإيجاراتها  وضيق الخناق على فقراء المدن.

 

كيف تتم عمليات طرد الفلاحين من الأرض؟ :

 

حرمان الفلاحين من الحصول على صكوك ( عقود ) تملك الأراضى التى اشتروها من هيئة الإصلاح الزراعى، وإخفاء المستندات الدالة على تسديدهم لثمنها وحقهم فيها .. ( فى كل المحافظات الزراعية التى طبق فيها قانون الإصلاح الزراعى.)

2- دعم الدولة وهيئة الإصلاح الزراعى لكبار ملاك الأراضى الإقطاعيين وورثتهم فى الحصول على أحكام قضائية ملفقة من محاكم القيم ومحاكم القضاء الإدارى لاسترداد الأراضى التى صودرت منهم أم التى فرضت عليها الحراسة.. ( فى جميع المحافظات الزراعية.)

3- تواطؤ الدولة وهيئة الإصلاح الزراعى والشرطة على تزوير الأحكام القضائية عند تنفيذها.. ( محافظة الدقهلية).

4-  مخالفة القانون وإرغام الفلاحين على ترك الأرض بالقوة .. ( محافظة البحيرة) ، بخلاف مئات الآلاف الذين تم طردهم من الأراضى المستأجرة عام 1997 عند تنفيذ قانون الإيجارات الجديد .. ( فى كل المحافظات.)

5- لعبت هيئة الأوقاف الدور الرئيسى فى طرد العديد من الفلاحين المستأجرين للأراضى التى كانت تديرها – بتواطؤ هيئة  الإصلاح الزراعى- وباعتها لجمعيات إسكان ضباط الشرطة والقضاة وكباررجال الأعمال وكبارالزراع والعديد من رجال الدولة السابقين والحكام المحليين..وذوى النفوذ.. ( محافظات الغربية والإسكندرية والدقهلية.)

 

ونظرا لأن الأرض كانت فى حيازة الفلاحين ويرفضون تركها رغم الضغوط وعمليات التهديد المتواصلة فقد استخدمت ضدهم جميع أساليب العنف المعروفة بواسطة أجهزة الشرطة والخارجين على القانون وغيرهم ( كما حدث فى منطقة المعمورة بشرق الإسكندرية فى 23 سبتمبر2009 حيث اغتيل أحد قادة الفلاحين لرفضه ترك الأرضلجمعية ضباط شرطة الإسكندرية وعدم إذعانه للتهديد.)

6- الفلاحون الذين تملكوا الأراضى المستصلحة القديمة ، وبعض الأراضى المستصلحة الجديدة.. ( العامرية – جنوب الإسكندرية ، منطقة الحمام بمحافظة مطروح . )

7- البدو الذين تملكوا الأرض بشرائها.. أو بوضع اليد منذ ما لا يقل عن مائة عام وهؤلاء يتصادمون مباشرة مع أجهزة الدولة ( بمنطقة برج العرب- جنوب الإسكندرية.)

 

لماذا لا يتمكن الفلاحون فى كثير من الأحوال من مقاومة طردهم من الأرض:

 

1- تدنى وعى الفلاحين السياسى والنقابى.

2- فقرهم الشديد وضعف قدرتهم على مجاراة خصومهم فى الم
حاكم ودواوين الشرطة.

3- حظر القانون لتشكيل النقابات والروابط والاتحادات التى تجمع الفلاحين وتوحد كلمتهم وترفع وعيهم وتدافع عن حقوقهم وتخلق لهم وزنا فى المجتمع.

4- مطاردة الدولة وأجهزة الأمن للنشطاء المتضامنين مع الفلاحين بتلفيق القضايا ، ومراقبتهم والتشهير بهم ونقلهم إداريا من وظائفهم.

5- ضعف أو غياب الدعم السياسى من منظمات الفلاحين الدولية ومنظمات حقوق الإنسان.

6- إنهاك الفلاحين وحصارهم إقتصاديا برفع تكلفة الزراعة وتخفيض أسعار محاصيلهم ، إلى حد إجبارهم على ترك الزراعة أو بيع الأرض لكبار الزراع .

 

ولأن الكثير من الأنظمة الحاكمة فى البلاد الفقيرة تحكم شعوبها بقوانين الطوارئ، وتنفذ تعليمات الدول الكبرى المسيطرة على العالم ومؤسساتها كالبنك الدولى وصندوق النقد، فقد خلق ذلك مناخا مواتيا ساعد تلك الشركات العولمية الكبرى العاملة فى مجال إنتاج وتسويق مستلزمات الإنتاج الزراعى ( تقاوى ، أسمدة ، مبيدات ، أعلاف ، لقاحات وأمصال ، آلات زراعية .. إلخ ) من فرض توجهاتها  على هذه المجتمعات الفقيرة وخصوصا فى المجال الزراعى.

باختصار فهى ترى أن نمط الإنتاج الفلاحى الصغير الذى يسود الريف المصرى يمثل عقبة تحول دون فرض سيطرتها الكاملة على السوق فى الريف والتحكم فيه، ولذلك فهى تعمل على القضاء على هذا النمط بالوسائل الآتية:

1- إصدار التعليمات  الحكومية وسن التشريعات التى تعمل على إزاحة الغالبية العظمى من فقراء وصغار الفلاحين خارج الأرض الزراعية ( فقد أصدرت وزارة الزراعة فى يونيو 2007  تعليمات مكتوبة مخالفة للقانون ( باعتبار ملاك 3 أفدنة فأقل ليسوا فلاحين بل عمالا زراعيين) لأنهم يمثلون 75 % من الفلاحين وتتركز بينهم الفئات المقاومة للسياسات الرسمية فى مجال الزراعة وتقاوم طردها من الأرض .

2- حرمان المستأجرين( فقراء وصغار فلاحين) من مستلزمات الإنتاج الزراعى فى التعاونيات الزراعية بالمخالفة لقانون الزراعة حيث تنص التعليمات  الرسمية على ( أن تسجل الحيازة فى التعاونيات الزراعية باسم الملاك وليس باسم زارع الأرض. )

3- رفع تكلفة الزراعة كما سبق القول ( أسعار مستلزمات الإنتاج، و إيجارات الأرض الزراعية ، وفائدة القروض الزراعية، وأسعار المحاصيل) ، وكل هذه السياسات والإجراءات تسلب الأرض من 75 % من الفلاحين المصريين ، وتفتح الطريق واسعا أمام كبار الزراع والشركات العولمية لاستبدال نمط الإنتاج الفلاحى الصغير بنمط الزراعة الواسعة الكثيفة، وتملأ الشوارع بالمشردين والمجرمين وأعضاء جماعات العنف المسلح ، وتضع المجتمع تحت رحمة هذه الشركات ، كما تخل بالتنوع البيولوجى والتوازن البيئى.

لذلك لابد أن نعترف أن معركتنا مع هذه الشركات العولمية الكبرى، ومع القوى التى تحركها هى معركة واحدة فى شمال العالم وجنوبه ، ولابد أن نعمل معا .. ولا نكتفى بمجرد الحديث عن هذه المعركة .. بل لابد وأن نبدأ من الآن فى توحيد كفاحنا ضدها ، ونعمل على دعم فلاحى الجنوب على وجه الخصوص ليصمدوا فى المعركة ، فخسارتهم لها ستنعكس فورا ومباشرة على معركة فلاحى الشمال مع هذه الشركات .. ولا بد أن نضع معا أجندة تكون الإجراءات العملية هى الجانب الرئيسى فيها .. حتى لا نلتقى فى المرة القادمة ونكرر ما قلناه اليوم.

                                
                                        مع خالص الشكر والتقدير.

&nb
sp;