اكتشف فلاحو جوجر وقوعهم ضحية عملية نصب واحتيال حكومية ..فعادوا لزراعة الأرض

مرة أخرى بشأن أراضى الإصلاح الزراعى:

فى أى عصر وأى مجتمع يبيع الفلاح أرضه ولا يأخذ مستندا بها ؟

عقود بيع أراضى جوجر باطلة لإبرامها بالإكراه والخداع

العقود الموقعة من بعض ملاك الأرض تعتبر اغتصابا لمن لم يوقعوا من الورثة

وفقا للقانون: نزع ملكية الأرض لايتم إلا لمشروعات المنفعة العامة

وليس للأغراض الخاصة أو عصابات البيزنيس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عندما أدرك فلاحو قرية جوجر مركز طلخا بمحافظة الدقهلية أنهم وقعوا ضحية عملية نصب مُحكمة خطط لها ودبرها سمير سلام حاكم الدقهلية ؛ وقام بتنفيذها عدد من المسئولين فى مجلس مدينة ومركز شرطة طلخا وشاركت فيها مديريتا الزراعة والإصلاح الزراعى بالدقهلية.

– عندما أدرك الفلاحون ذلك توجهوا إلى أراضيهم لزراعتها بالبرسيم والقمح وعادت مواشيهم إلى حقولها و “مداودها “.. وبذلك توقف مشروع شركة سوديكو لحين إشعار آخر.

كيف بدأ ت عملية الاحتيال .. ؟

إليكم القصة من أولها..

– فى شهر يوليو وصلت توجيهات إلى الجمعية الزراعية للإصلاح الزراعى بقرية سُرسق التى تتبعها قرية جوجر تطلب تحديد أسماء ملاك مساحة 50 فدانا على طريق المنصورة جمصة بالقرب من القرية وشرعت الجمعية بموظفيها فى تحديد الأسماء وكتابتها .. وإرسالها إلى مرسل التوجيهات.

– بدأت الاتصالات بالفلاحين من عدد من المسئولين فى مديرية الزراعة والإصلاح الزراعى ومجلس مدينة طلخا تطالبهم بالاستعداد لبيع مايخصهم من الأرض فى المساحة المذكورة التى تم تحديدها.. نظرا لاحتياج الدولة لها فى فى إنشاء مركز للبحوث الزراعية.. سيعود بالفائدة عليهم وعلى فلاحى المنطقة بل وعلى الزراعة المصرية.

– وفى أول لقاء بالفلاحين حضر كل من المهندس عبد الخالق عطية مدير الزراعة بالمحافظة مندوبا عن المحافظ والمهندسيْن عصام فياض مدير الإصلاح الزراعى بالمحافظة  ومحمد غانم مدير الزراعة بطلخا ؛ والمستشاريْن محمد محمد سند ليلة المستشار القانونى للمحافظة والسيد الشربينى رئيس النيابة الإدارية بالمنصورة؛ علاوة على أحمد طاهر سعد مدير مكتب المحافظ.

– وتعرض المهندس عبد الخالق عطية فى لقائه بالفلاحين لأهمية الأرض وضرورتها فى إنشاء مركز البحوث الزراعية  المشار إليه محددا أن الاتفاق الذى سيتم إبرامه معهم سيتلوه كتابة عقود البيع وسيحصل البائعون على ثمن الأرض خلال شهرين وأكد على أن الصلة مع الفلاحين مباشرة مؤكدا أنه لا مكان فيها للوسطاء والسماسرة.

– ولأن  ” الكدب بيبان من عنوانه ” فقد ارتاب الفلاحون لعدة أسباب :

أن المكان الذى عقد فيه اللقاء وضم الممثلين الرسميين لخمسة من أجهزة المحافظة منهم ممثل المحافظ والمتحدث باسمه ومنهم مدير مكتبه.. لم يكن مؤسسة أو هيئة حكومية بل كان معرضا خاصا للسيارات يملكه أحد رجال الأعمال ( سعد أبو الغيط ) .

فضلا عن حضور عدد من سماسرة الأراضى المعروفين مثل عادل محمد الألفى بكر وإبراهيم صادق أبو العينين ومحمد خضر الشحات وجمال فاروق العزب وأحد مهندسى المساحة واسمه عصام الجوهرى.

–    وفى هذا اللقاء الذى عقد فى 21 أغسطس 2009 حصل المجتمعون على  توقيع خمسة من فلاحى قرية جوجرعلى وثيقة بعنوان  ” عقد اتفاق ” مع مدير الزراعة بالدقهلية ( م/ عبد الخالق عطية ) بصفتة ممثلا للمحافظ  ؛ والخمسة هم ( على عبد اللطيف حسين وعادل إبراهيم المصيلحى والإمام المهدى أبو العينين السنديونى وفتحى الشنوانى وأحمد الشنوانى ).

–    تناثرت الشائعات بشأن وجود السماسرة ومكان عقد الاجتماع ونوعية المسئولين، وفى محاولة لوقف اتساع الشائعات تم نقل اللقاء التالى إلى مقر الجمعية الزراعية بقرية سرسق ثم فى وقت لاحق إلى أحد الأندية الرياضية بالقرية.

–    وبسبب اتساع دائرة الارتياب وتلكؤ الفلاحين فى الموافقة على البيع اضطر المحافظ إلى استدعاء عدد من ملاك الأرض لمكتبه ؛ وفى الطريق إلى ديوان المحافظة أو فى داخل الديوان كانوا يتعرضون لعمليات تهديد صريحة من الكثيرين ومنهم عناصر أمن الدولة .. إن لم يستجيبوا لما يطلب منهم ويوقعوا على بيع الأرض المذكورة.

–    وأثمرت عمليات التهديد المتتالية والمتنوعة والشائعات التى أطلقت عن احتمال مصادرة الأرض فيما لو امتنع البعض عن توقيع العقود.. فوقع عدد من الفلاحين على عقود جديدة غير عقود الاتفاق التى سبق إبرامها مع مدير الزراعة، وكانت الأسعار متفاوتة بين 21 ألف جنيه وسبعين ألف جنيه للقيراط ، كما تضمنت عقودالاتفاق شرطا جزائيا لمن يتراجع عن إتمام البيع ولم  تتضمن أى نص على الغرض الذى بيعت الأرض بسببه ( مركز البحوث الزراعية ) وهكذا حتى بلغت مساحة الأرض المباعة حوالى 46 فدانا.

–    كانت بعض عقود البيع تشمل توقيعات كل ملاك الأرض وبعضها الآخر يقتصر على بعض – وليس جميع- ملاك الأرض نظرا لرفض البيع أو بسبب غيابهم عن المنطقة أو لكونهم أطفالا قصّر لم يبلغوا السن القانونية.

–    وقع على العقود ثلاثة أطراف : الفلاحون.. بائعون ( طرف أول ) ؛ والمهندس محمد عبد العظيم رئيس شركة الصالحية للتنمية والاستثمار كمشترى ( طرف ثان ) ؛ وكل من محمود عثمان عبدالله المحامى ممثلا لمحافظة الدقهلية؛ ورمضان سليم إسماعيل ممثلا لمديرية الإصلاح الزراعى ؛ ومحمد صديق عبد القادر ممثلا للجمعية الزراعية بقرية سرسق باعتبارهم ( طرف ثالث ).

–    وقع على الشيكات التى تضمنت ثمن الأرض( محمد عبد العظيم ) رئيس شركة الصالحية ورضا عبد الفتاح فرحات ممثلا لبنك الاستثمار القومى.. علما بأن شركة الصالحية تابعة قانونا لبنك الاستثمار.

–    بعدها سلمت شركة الصالحية الأرض للجهاز التنفيذى لوزارة التجارة والصناعة الذى أشرف على تأجير15 فدانا منها لمدة 50 سنة لشركة سوديكو التى ستنفذ مشروع المول التجارى الذى تداولت أخباره الصحف وأجهزة الإعلام والمواقع الإلكترونية خلال الشهور الستة الأخيرة.

هذا ويتضح مما سبق  عرضه مايلى:

1-  امتناع عدد من ملاك الأرض عن بيع أراضيهم.. وبعض هؤلاء لفقت لهم الشرطة – بتوصية المحافظ – تهما بالاعتداء على الشركة المنفذة وأخلت النيابة سبيلهم لعدم جدية التهم.

2-   قيام المشترين بالتوقيع على شراء مساحات تتجاوز أنصبة الموقعين على العقد  كبائعين.. بما يعنى أن هناك عددا من الملاك ( أو الورثة ) لم يوقعوا على العقود بسبب اعتراضهم على البيع من حيث المبدأ أو على السعر أو بسبب غيابهم عن المحافظة أو لكونهم قصرا يحتاجون لقرار من محكمة الأحوال الشخصية للسماح للوصى عليهم بالبيع.. وهو ما يعد اغتصابا من المشترين لأنصبة من لم يوقعوا ويبطل العقود  قانونا.

3-  قيام المحافظة وتلتها أجهزة الزراعة والإصلاح الزراعى ومجلس مدينة طلخا بمراوغة الفلاحين وخداعهم بشأن قومية الغرض المعلن لشراء الأرض ( مركز للبحوث الزراعية ) وليس مول تجارى ؛ وشتان الفارق بين الغرضين .. فالأول هيئة عامة تفيد الفلاحين وتعود على الزراعة بالخير بينما المول المزعوم مؤسسة خاصة لن تفيدهم ومنشأة بغرض خدمة رجال البيزينس وأغنياء المنطقة وليس الفلاحين.

4-  أن عملية البيع سبقها إكراه صريح وتهديدات بعضها مثبت فى محاضر الشرطة خصوصا لمن لم يبيعوا أرضهم وهذا الإكراه وما سبقه من مراوغة وإخفاء للغرض الذى ستخصص له الأرض هو ما يجعل عملية البيع باطلة لأنها لم تتم طواعية وبحرية كاملة ودون ضغوط مادية أو معنوية على ملاك الأرض، وما يؤيد ذلك هو التفاوت فى أثمان الأرض التى توضح أن من خضع للتهديدات من الفلاحين ولم يصمد باع أرضه بثمن أقل- ممن صمد مدة أطول- حتى ولو كانت أرضه أقرب للطريق الدولى من أرض زميله.

5-  أن  قيام هيئة واحدة بشراء 46 فدانا متجاورة- فى حوض واحد وقطعة واحدة- لتأسيس مشروع  واحد لا يبرر التفاوت الرهيب فى ثمن الأرض من فدان لآخر.. وهو ما يفسر لنا أن استخدام رفع الثمن لم  يكن إلا وسيلة  لكسر مقاومة الفلاحين ورفضهم للبيع .

6-  أن التهديد ” بنزع ملكية الأرض ومصادرتها ” لا يتم إلا لتنفيذ مشروعات الخدمة العامة ( كوبرى – خط سكة حديد- مرفق مياة- مصرف- ترعة ..إلخ ) وله شروط خاصة ؛ فضلا عن أن الأرض فى مثل هذه الحالات لا تتم مصادرتها بل يتم تعويض ملاكها عنها .. بينما مشروع المول التجارى لا يستهدف إلا مصلحة شلة من رجال الأعمال والسماسرة( سواء فى القطاع الخاص أوالأعمال العام أو الحكومة ) وهم المستفيدون الأساسيون منه سواء بالتمهيد والتحضير للحصول على الأرض وإكراه الفلاحين على تركها  أو من الموعودين بحصة منه فيما بعد.. ولعلنا نعود للقيمة التى تم بها تأجير الـ 15 فدانا لمدة 50 عاما للشركة المنفذة للمشروع ( سوديكو ) لنكتشف دقة ما نذكره عن هؤلاء المستفيدين مستترين وظاهرين، وعليه فكل ماتم تهديد الفلاحين به بخصوص مصادرة الأرض مجرد أكاذيب لا تنطلى حتى على الأطفال.

7-  أن مصير 31 فدانا من الأرض المذكورة لا زال مجهولا ولا يعرف ماذا يضمره المحافظ ومن اشتروا الأرض بشأنها؛ هل سيتم تسقيعها  لفترة من الزمن وبيعها كأرض مبان بالقطعة لمن يريدون السكن من الكبار؛ أم ستتم إعادة بيعها لآخرين ولمن يدفع أكثر ، خصوصا وأن شائعة قوية تنتشر فى المحافظة بشأن قيام شركة الصالحية ببيع بعض المساحات بأضعاف ثمن الشراء؟!.

8-  أن الفلاحين فعلوا خيرا بعودتهم للأرض وزراعتها.. لأن مصادرة الأرض بغرض بناء مول تجارى لشركة خاصة مخالف للقانون ، وتوقيع عقود  بيع بالإكراه يجعلها باطلة، والاستيلاء على أرض لم يوقع كل ملاكها بإرادتهم الحرة على عقود بيعها  لأى سبب سواء ( لرفضهم مبدأ البيع أو لاعتراضهم على السعر أو لغيابهم عن المنطقة أو لكونهم قصّرا ولم تصدرالمحكمة قرارا بالسماح للوصى ببيع نصيبهم ) يعد نوعا من غصب ملكية الغير  ويبطل البيع حتى ولو كان المشترى قد دفع ثمن أنصبتهم.

9-  لهذا فإن الفلاحين الذين باعوا الأرض يمكنهم رفع دعوى قضائية لإبطال عملية البيع واستعادة أراضيهم ورد ما حصلوا عليه من ثمن للمشترى ، كما يمكنهم – بعد إبطال عقود البيع القديمة- أن يرفعوا ثمنها ويعيدون بيعها من جديد  ، وأن يشترطوا فى عقود البيع استخدام الأرض فى غرض يعود على الفلاحين والزراعة بالنفع مثل مركز للبحوث الزراعية ( أو محطة لإنتاج التقاوى أو لتربية سلالات الماشية عالية الإنتاج أو محطة نموذجية لعلاج الحيوانات..إلخ) وهذا الشرط فى العقد الجديد يمنع المشترى من استخدام الأرض فى أغراض لا تخدم الفلاحين ولا تعود على المنطقة بالفائدة ويبطل عملية البيع الجديدة إذا ما استخدمت الأرض فى غرض آخر غير الغرض الذى حدده الفلاحون البائعون فى عقد البيع.

10-          هذا كله ممكن بشرط أن يتحد الفلاحون المضارون من عملية بيع أرضهم بالإكراه ، وذلك لأن الأرض ليست حافظة نقود يمكن نشلها؛ أو سيارة يمكن سرقتها وتفكيكها وبيعها فى وكالة البلح كقطع غيار؛أو منزلا يمكن هدمه ، الأرض شىء مختلف وهى باقية ما بقى الإنسان قادرا على زراعتها وحمايتها والدفاع عنها وطالما ظل حريصا على أن ينتج منها غذاء أهله وقريته ومصرّا على منع تعريض أطفاله للجوع وإهدار الكرامة.

الإثنين 13 ديسمبر  2010     لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى- مصر