رسالة إلى الفقراء فى مصر ..حتى لا تسقط التمنيات فى الأوهام

مقدمة :

كان المجتع المصرى قبل قيام حركة الجيش فى يولية 1952 يعانى من عدد من المعضلات والقضايا الشائكة المتنوعة ( سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ) منها:

1- وجود الاحتلال البريطانى فى منطقة قناة السويس .
2- وشمول التخلف و الفقر والجهل الأغلبية الساحقة من المصريين .
3- وسيطرة كبار ملاك الأرض الزراعية ( الإقطاعيين ) وكبار أصحاب الشركات ورجال الأعمال على جهاز الدولة.

وهو ما يعنى تضافر هذا الثالوث فى توجيه مصادر الثروة والدخل القومى بعيدا عن تطوير المجتمع ومصالح أغلبية الشعب.
فوجود الاحتلال يعنى نهبا لجانب من الثروات والدخل كما يعنى تدخلا فى الحياة السياسية وانتقاصا من استقلالية القرار السياسى .. ووصاية على المصريين فى غير محلها.

وشمول التخلف يعنى تفسخ المجتمع فى عصر تقفز فيه كثير من المجتمعات للأمام ويعنى خضوعا للخرافة وللمحتل والحاكم والإقطاعى و للمتنفذين فى جهاز الدولة كما يعنى الحرمان من كثير من الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بل والثقافية التى تتمتع بها الشعوب فى دول أخرى.

وحيازة الإقطاعيين لـ 90 % من الأرض الزراعية يعنى بقاء ملايين الفلاحين – الذين يعمل الكثير منهم فيها بالسخرة – أسرى للفقر والمرض والجهل وتأبيد التخلف ، ويعنى تبديد عائد الأرض فى الترف واقتناء التحف وتشييد القصور بعيدا عن تطوير المجتمع ونشر التعليم والاعتناء بالصحة العامة وإنهاض الصناعة وتشكيل جيش قوى يحمى البلاد واستنهاض الثقافة وبعث التنوير والتخلص من المحتل ومعاونيه.

وبقيام حركة الجيش فى 23 يوليو 1952 جرى الآتى:

1- إعادة توزيع الثروة فى مجال الأرض الزراعية بقانون الإصلاح الزراعى فى 9/9/1952 .
2- تمصير الشركات الأجنبية .. باستيلاء الدولة عليها فى 1953 .
3- حل الأحزاب السياسية باستثناء جماعة الإخوان المسلمين ووقف الأنشطة السياسية منذ عام 1953 وعزل عديد من القوى السياسية خصوصا المعادية للإجراءات الجديدة.
4- إبرام اتفاقية الجلاء مع المحتل وإجلاء قوات الاحتلال عن مصر 1954.
5- إعادة تسليح ومن ثم بناء القوات المسلحة بصفقة السلاح التشيكوسلوفاكية عام 1955.
6- الشروع فى استعادة بعض مصادر الثروة للدولة بتأميم قناة السويس فى 1956.
7- مقاومة المحاولات الغربية الاستعمارية لاستعادة السيطرة على مصر ، والدفاع عن استقلالية القرار السياسى المصرى ( بمواجهة العدوان الثلاثى على مصر ) عام 1956 .
8- بدء تشكيل نواة للصناعة الوطنية (بتأسيس المؤسسة المصرية العامة للإنتاج القومى) عام 1957 التى صارت نواة القطاع العام الصناعى ، ودعمها تدريجيا ببعض الصناعات كالحديد والصلب و الألومنيوم .
9- محاولات لتقليل التفاوت الطبقى وفى الدخول والمرتبات فى المجال العمالى بتحديد حد أدنى للأجور.
10-شروع فى حماية المستهلك من فوضى الأسعار ( بتطبيق التسعيرة الجبرية على كثير السلع الضرورية).
11-نشر التعليم وإنهاضه والتوسع في إنشاء المدارس والجامعات ومراكز البحوث والبعثات للجامعات الأجنبية وتطوير المواد التعليمية ودعم الثقافة والفنون ( مجانية التعليم حتى الجامعى)…
12-التوسع فى الإجراءات الصحية والعلاج وتأسيس شركات الأدوية . ( مجانية العلاج)
13- دعم المنتجين المباشرين ( الزراعة والصناعة ) بتوفير وسائل الإنتاج الإنتاج الزراعى و الصناعى؛ ومنع طرد المستأجرين للأرض الزراعية والتوسع فى استصلاح الأراضى القابلة للزراعة ( مديرية التحرير)، ومنع فصل العمال من شركاتهم وأعمالهم .
14- التوسع فى الإسكان الشعبى ودعمه ومنع طرد المستأجرين من مساكنهم طالما يدفعون إيجارها.
15- توفير فرص العمل للخريجين ( فى الشركات والمصانع ودواوين الحكومة) ومنع فصلهم.
16- زيادة مصادر الدخل القومى بتأسيس صناعات جديدة .. والتوسع فى النشاط السياحى.

وبعد حرب 1967 ووفاة عبد الناصر ، وفى عهد السادات (1971 – 1981) تمت الاستدارة تماما لهذا المسار فى السياسة والاقتصاد والحقوق الاجتماعية كالتعليم والثقافة والصحة والإسكان ..إلخ ، والقضاء على معظم هذه الإنجازات والمكاسب ، وتم إطلاق يد جماعات الإسلام السياسى فى النشاط والعمل والتضييق على بقية القوى السياسية فاستشرى الاستبداد والفساد ؛ وأعيد توزيع الثروة تدريجيا فى عكس الاتجاه السابق ، وكذلك ربط مصر بسياسة الولايات المتحدة وإسرائيل بعد حرب 1973 وعقد اتفاقية السلام مع إسرائيل وإخلاء سيناء تقريبا من القوات العسكرية والأسلحة الثقيلة والطيران ، ثم تطور الأمر بمشاركة مصر فى الحروب ضد بعض الدول العربية.

هذا وتعمق هذا الاتجاه فى عهد مبارك (1981 – 2011) فتدهور التعليم والصحة واستفحل الفقر وانتشرت وعمت البلطجة وزادت البطالة وهجر الفلاحون أراضيهم أو طردوا منها ، وغادر العمال مصانعهم بالمعاش المبكر وبيعت الشركات الصناعية بأسعار رمزية وزادت العنوسة وتوقفت عمليات استصلاح الأراضى وتأسيس الصناعات الجديدة والبحث العلمى وبناء مساكن الفقراء ، ولقى الشباب الباحث عن عمل حتفه فى مياه البحر الأحمر والأبيض وفى أقسام الشرطة وعم اليأس والأمراض النفسية والعضوية كالكبد والكلى والسرطان ، وفقد الكثيرون ولاءهم للوطن .. وهكذا حتى هب الشعب فى 25 يناير مطالبا بتغيير النظام الحاكم لكنه لم يجد سوى تغيير شخص الرئيس ومعاونيه .. وخلال ستة عشر شهرا من تولى المؤسسة العسكرية زمام الحكم زادت الأوضاع سوءا أكملها و فاقمها استيلاء تيار الإسلام السياسى على الحكم فى يونيو 2012 فضج الشعب فى كل أركان المجتمع ، وتبدد الجزء الأعظم من الدخل القومى ومن احتياطى الخزانة العامة من العملات الأجنبية .. فهبط سعر الجنيه إلى مستوى غير مسبوق وتدهورت الأوضاع الأمنية فلم ينتظر الشعب أكثر من عام وهب مرة أخرى مسقطا حكم الإخوان.

وإزاء الحالة الراهنة التى يبحث فيها الشعب عن مَخْرج تعددت الاجتهادات فى صفوفه وتنوعت ووضعت آمالها فى رئيس قادم ينتشلها مما تعانيه ، وإسهاما فى ذلك الحوار الدائر فى المجتمع نقدم هذه السطور آملين أن تكون ذات فائدة:

• لأن التفاوت فى توزيع الثروة القومية ما زال شاسعا بين فئات الشعب وأفراده بل ويزداد اتساعا وكذلك الدخول والأجور فلا بد من إعادة توزيع الثروة القومية واتخاذ الإجراءات التى تضيّق وتضبط ذلك التفاوت إلى أقصى درجة ممكنة ؛ علاوة على حتمية إعادة النظر فى مستوى الدخول والأجور ووضع حد أدنى وأقصى لها يشمل جميع المواطنين بلا استثناء .. ويراعى الاحتياجات الضرورية للأغلبية الفقيرة.

• ولأن الاستبداد والفساد والتضييق على الحريات السياسية والاحتجاجات الشعبية السلمية مازال قائما .. ولأنها تلعب دورا حاسما فى خلق هذه التفاوتات الهائلة فى توزيع الثروة والدخول بين فئات الشعب فيجب أن يكون معلوما أن القضاء عليهما وحدهما لن يغير الوضع الراهن .. رغم أنه سيوقف نسبيا استمرار الاتساع إلا أنه لن يلغى التفاوتات المشار إليها.

• ولأن انخفاض قيمة الجنيه المصرى مقارنا بباقى العملات الأجنبية يسوق الفقراء نحو الموت جوعا ويدفع قطاعات واسعة من الطبقة الوسطى و” المستورين ” إلى ما تحت خط الفقر ، ويرفع أسعار السلع الضرورية واحتياجات المعيشة .. فلا محل لرفع المرتبات أو الحد الأدنى لها دون وضع حد أقصى مناسب ودون علاج مسألة انخفاض الجنيه. وحيث أن محاولات تثبيت قيمة الجنيه تستنزف رصيد الدولة من العملة الصعبة ؛ فضلا عن أنه علاج مؤقت فلا مفر من تثبيته بزيادة الإنتاج ، وزيادة فرص العمل للشباب ، وإنشاء المشروعات الإنتاجية ( زراعية وصناعية و استخراجية ) ، ولذا فإن انعدام فرص العمل والبطالة المتفشية وندرة تأسيس المشروعات تسهم – أردنا أو لم نرد – فى انخفاض قيمة الجنيه وإضعاف قوته الشرائية ؛ وهو ما ينعكس أثره على مستوى المعيشة.

• وإذا كانت التوسع فى تأسيس الشركات والمصانع يحتاج إلى رءوس أموال يرى البعض اقتراضها من الخارج ، ولأن ذلك الاقتراض محفوف بالمخاطر .. فسنجد أنفسنا أمام هذا السؤال :كيف نحصل من خلال إنتاجنا القومى على فائض لتأسيس تلك المصانع وتوفير فرص عمل متزايدة ؟ إن البطالة تغطى المجتمع بكامله و الدولة اكتفت بالحديث عنهما دون إجراءات عملية ودون أن تفكر فى استئناف تشغيل المصانع المغلقة عمدا ومع سبق الإصرار وهو ما يضع المجتمع فى مأزق يصعب الخروج منه ما لم تتوفر الشروط لإدارة عجلة الإنتاج.

• إن الأوضاع الراهنة لامتلاك الثروة لا يمكن إلا أن تفرز إما حاكما مستبدا- إذا ما بقى الحال على ما هو عليه – أو حاكما يسير على هوى من يمتلكون هذه الثروة أو الجزء الأعظم منها ؛ والنتيجة فى الحالتين واحدة. إذن فلا بد من تغيير الأساس الذى ينتج الاستبداد والفساد .. وهو التفاوت الشديد فى امتلاك الثروة ، وفى دخول الأفراد.

• ولا يمكن أن ينتج كل ما سبق آثاره الفعالة دون إجراءات تقشفية من الجهة الأخرى بضغط المصروفات العامة الخاصة بأجهزة الدولة وخصوصا ما يتصل منها بالاحتفالات وكثير من الإنفاقات الإدارية التى يمكن التوفير فيها إلى أقصى مستوى ممكن.

• ولأن المجتمع المصرى مقبل على انتخابات رئاسية وشيكة .. كان طبيعيا أن يتداول الشعب وجهات النظر المختلفة حول الشروط التى يجب توافرها لتجنب الاستبداد ودرء الفساد وآثارهما المتوقعة.

فى البداية نود التأكيد على أن الشروع فى إعادة توزيع الثروة القومية ومن ثم علاج التفاوت الشاسع فى الدخول لابد لهما من ثلاثة قرارات رئيسية تواكبها ثلاثة قرارات أخرى تمثل مدخلا ضروريا لتفكيك الأزمة الراهنة وليس القضاء عليها .. وتلك القرارات كفيلة بإشعار غالبية الشعب بجدية العمل للشروع فى الاستجابة لمطالب الثورة وعلى العزم على اختيار الطريق الوحيد الصحيح لعلاج جذور جملة الأزمات التى بُلىَ بها الشعب خلال العقود الأخيرة ، وعلى وجه الخصوص الأوضاع المعيشية للفقراء أكثر المصريين حاجة لها وأشدهم دعما وتأييدا لمن يشرع فى تحقيقها .. وتتلخص تلك القرارات فى:
1- قرار للعمال :

عودة كل من يرغب من العمال الذين غادروا شركاتهم بالمعاش المبكر إليها شرط إعادة ما تقاضوه من مقابل ، واستعادة الشركات والمصانع التى بيعت وتشغيلها والبدء بما صدرت بشأنها أحكام قضائية ، مع إعادة النظر فى الأجور على ضوء دراسة علمية توضح احتياجات الفرد المعيشية وتساهم فى تحديد حد أقصى وأدنى لها مع استخدام المتوفر من إجمالى أجور الحد الأقصى لرفع المرتبات الدنيا .. وسد النقص بشأنها مما يتم تحصيله من الضرائب التصاعدية.
2- قرار للفلاحين :

-إعادة أراضى الإصلاح الزراعى بنوعيها ( حراسة ، استيلاء) التى اغتصبت من الفلاحين بحيل قانونية أو بالعنف والتهديد ، وكذا أراضى الأوقاف التى خضعت للقانونين 152 لسنة 1957 ، 44 / 1962( الأوقاف العامة والأهلية ) – إعادتها إلى الذين انتفعوا بها فى وقت سابق استنادا لاستمارات البحث الاجتماعى التى حررتها هيئة الإصلاح الزراعى.. فى أعقاب صدور القانون.

-وتوفير مستلزمات الزراعة ( أسمدة ، تقاوى ، مبيدات ، أعلاف ، آلات زراعية ، أمصال و لقاحات بيطرية ) بأسعار لا تتجاوز 125 % من تكلفتها.
-وخفض سعر فوائد القروض الزراعية إلى 8 % وإلغاء الديون الزراعية للفلاحين المتعثرين لمن لا يزيد أصل مديونيتهم عن 5000 جنيه ، وكذا خفض ضرائب الأطيان إلى 50 %.
-ورفع أسعار الحاصلات الزراعية إلى مستوى يتوسط سعرها المحلى والعالمى.

3- قرار للمهنيين و الحرفيين وأرباب المعاشات وعمال القطاع الخاص والتعاونى:

على ضوء دراسة علمية باحتياجات المعيشة الفعلية وكذا الحد الأدنى والأقصى للأجور يتم رفع المرتبات الدنيا بالفائض من إجمالى المتوفر من الحد الأقصى ، وسد النقص فيها مما يتم تحصيله من تطبيق القرار التالى.
4- قرار بضرائب تصاعدية على جميع الملاك ورجال الأعمال ومن فى مرتبتهم:
5-
يتناسب مع قرار تحديد الحد الأقصى للأجور .. وتستخدم حصيلته فى سد العجز فى المرتبات الدنيا للفئات السابقة ، وما يتوفر منها يستخدم فى إنهاض الصناعة.

6- قرار خاص بالأسعار ، والتأمين الصحى ، والدروس الخصوصية:

– باستثناء السلع المدعومة يتوخى الجزء الأول من القرار التكلفة الفعلية للسلع الضرورية ، وهامش ربح مناسب ، وتطبيقه وضبطه بلجان شعبية فى كل حى وقرية ، مع استبعاد الزيادات فى أسعار الاستهلاك المنزلى للوقود والكهرباء والغاز ومياة الشرب التى استجدت فى السنوات الثلاث الأخيرة.

– ويتعلق الجزء الثانى من القرار بتطبيقه على الفقراء وأرباب المعاشات ، ورفع كفاءة المستشفيات والأطباء وتوفير الأدوية.

– أما الجزء الثالث – الذى يكلف الشعب ما لا يقل عن خمسة مليارات جنيه يتم إنفاقها سنويا فى الدروس الخصوصية تماما مثل ما يتم تبديد مبلغ مساو على شراء واستخدام التليفونات المحمولة – فتكون الأولوية فيه لانتقاء وإعداد وتأهيل المعلمين ورفع كفاءتهم من ناحية ، مع تجريم عملية التدريس خارج المدرسة من ناحية أخرى.

ولا يخفى علينا أن الأمر يحتاج إلى درجة من التدبير والتوفير والتحمل منا جميعا بل والتخلى عن كل ما هو غير ضرورى لتسيير الحياة حتى يتم الخروج من عنق الزجاجة .. الذى يحاصرنا.

6- قرار خاص بالأمن :
نظرا لأن البلطجة هى الثمرة المباشرة لإفساد التعليم وانعدام فرص العمل معا فإن القضاء عليها يتحقق بإجراءين متلازمين :
أ‌- إجراء إدارى : باحتجاز جميع المسجلين والخارجين على القانون والخطرين والهاربين من أحكام جنائية وفى مقدمتهم من نشطوا فى عهدى مبارك ومرسى وإعادة تأهيلهم وذلك تمهيدا للاستعانة بهم فيما بعد فى أعمال تناسبهم.
ب‌- إجراء سياسى: إصلاح التعليم وتعديل المادة التعليمية الخاصة بالمواطنة ، وبدء حملة تنوير شاملة للمواطنين ، والشروع فى توفير فرص عمل وتأسيس مشروعات ذات عمالة كثيفة.
ت‌-
إن اتخاذ هذه القرارات وإعلانها على الشعب نرجح أن يكون كفيلا بخلق مناخ مغاير لما هو قائم ، وإشاعة حالة نفسية مختلفة عن حالة الإحباط المخيمة على المجتمع ، تساعد الملايين فى الاستجابة لها ودعمها بل والدفاع عنها.

وهذه الحالة على وجه التحديد هى الكفيلة – فيما بعد الشروع فى تنفيذ القرارات – بسحب البساط من تحت أقدام القوى المعادية للثورة خصوصا أعضاء ومناصرى تيار الإسلام السياسى وتساهم فى فرز الداعمين لها عن المعادين وعن الممسكين بالعصا من المنتصف وتنهى حالة الضبابية والريبة الراهنة.

ولا ننسى أن القرارات التى اتخذها مجلس قيادة حركة الضبط الأحرار منذ يوليو 1952 التى اتسمت بمضمون اجتماعى يميل ناحية الفقراء والمعدمين من الفلاحين والعمال و مهمشى المدن هى التى دفعت الشعب للالتفاف حوله وساهمت فى توصيفها بثورة يوليو ؛ وصنعت لعبد الناصر شعبيته .. برغم كل المآخذ على قرارات وإجراءات أخرى صفى بها الحياة السياسية أو تسببت فى منع بروز ( أو خلق وتربية ) قيادات حقيقية مؤمنة بالانحياز للفقراء .. تحميها وتدعمها وتطورها بعد وفاته.

وحيث أن الانفراد بالحكم يمكن أن يتحقق بفرد أو بجناح من النظام أو بمؤسسة من مؤسساته أو بحزب أو جماعة أو بائتلاف من بعض هؤلاء فإنه يصبح من المهم تحديد المحتوى الاجتماعى ومن ثم السياسى لما يتخذ من قرارات ، وفى حالتنا هذه تساهم القرارات التى ذكرناها فى فرز القوى الاجتماعية والسياسية المختلفة فإما أن تخلق حالة من الحوار المجتمعى الذى يمهد الأرض تدريجيا لتبنيها واتخاذ الديمقراطية وسيلة للحكم أو معارضتها ورفضها وهو ما يخلق حالة معاكسة هى الانفراد بالحكم او يظل الحوار والصراع بشأنها ممتدا إلى أن تميل الكفة لواحد من الاتجاهين.

الإثنين 10 مارس 2014

المقال منشور يوم 16 مارس 2014 على الموقع التالى : www.ahewar.org/m.asp?i=1625