تقرير عن الأوضاع الحالية لفلاحى الإصلاح الزراعى بمركزى الرحمانية ودمنهور محافظة البحيرة (2-3)

بشير صقر
الحوار المتمدن-العدد: 5281 – 2016 / 9 / 11 – 15:34
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية

مركز دمنهور
فى عزب الأرياف المصرية :
لافرق.. بين قرارات الحبس.. وقرارات الإفراج
ولا بين رفع الحراسة .. وصعود الروح إلى السماء

،،،،،،

بكثافة لم تحدث من قبل.. توالت خلال العامين الأخيرين على فلاحى الإصلاح الزراعى بمحافظة البحيرة غارات ورثة الإقطاعيين بعضها مدعوم بقوات الشرطة كان آخرها يوم الثلاثاء 23 أغسطس 2016 – استنادا لـ “قرارات إفراج “ صادرة من هيئة الإصلاح الزراعى – و “قرار تمكين” من النيابة العامة.

*فقد قامت مجموعة من المأجورين بالتسلل إلى أرض صبرى طلب عبد العاطى بقرية الناموس فى جنح الليل وجرفت محصول الأرز فى مساحة فدانين وبعدها حرثت الأرض وزرعتها بمحصول جديد وروته.. وتم ذلك فى ليلة واحدة.
وفى الصباح فوجئ صبرى وأهالى القرية بما حدث وقبل أن يفكروا داهمت قوات الشرطة الأرض لتسليمها لآل نوار.
تجمع من الفلاحين سبعين فردا محتجين ؛ بخلاف آخرين متحفزين فى أماكن قريبة؛ بينما وقف رجال ورثة الإقطاعيين بالعصى فى الناحية الأخرى وسط جو مشحون بالتوتر وجاهز للانفجار.. حيث تمركزت الشرطة فى مكان يفصل بين الطرفين..
هذا وتشكلت حملة الشرطة من شاحنتين محملتين بالجنود فى حدود 80 – 100 جندى وسيارة إطفاء و4 بوكسات ومجموعة من الضباط يقودهم اللواء جمال متولى من إدارة التنفيذ إضافة إلى 3 جرارات وموتور رش مبيدات تخص آل نوار.
ونظرا لرفض صبرى – زارع الأرض- التوقيع على التنازل عنها اضطرت الشرطة للاكتفاء بتسليم الأرض على الورق لآل نوار .
ويتضح من المشهد أن تقسيما للأدوار قد سبق الاتفاق عليه بين الشرطة وآل نوار حيث تم تجريف الأرض بمزروعاتها وإعادة زراعتها وريها فى ساعات الليل .. لتأتى الشرطة فى الصباح وتسلم الأرض لورثة الإقطاعيين.. وهو نفس السيناريو الذى حدث فى عزبة سراندو فى مارس عام 2005 مع الفارق فى مستوى العنف.. ونتائج الصدام الذى حسمه الفلاحون فى سراندو تماما.
من جانب آخر يقول الفلاحون أن تجريف فدانين من المزروعات وحرثهما وزراعتهما بمحصول جديد وريه فى ساعات قليلة يحتاج إلى 35 – 40 رجلا على الأقل وهو ما يعنى أن الأمر تم تدبيره بعناية شديدة.
كما أفادوا أن آل نوار يستعينون بمجموعة ثابتة من البلطجية منهم محمود يونس غرابيل وشقيقه عبد الكريم (كرومة) إضافة إلى دور شيخ البلد محمد سعد ياسين الذى يتاجر فى مواد البناء ويملك محجرا وفراكة أرز ويعمل مرشدا للشرطة ولآل نوارعلى الفلاحين وارتكب العديد من المخالفات القانونية مثل البناء على أرض الدولة نال بسببها 11 حكما قضائيا .. منها حكم بإزالة منزله.
كما أوضحوا أن ( صبرى طِلب ) رفض كل عمليات التهديد التى سبقت تجريف أرضه كما رفض استلام مبلغ مالى قدره ( 15 ألف جنيه ) – أودعه آل نوارعند وسيط – كمقابل لترك الأرض أو لـ” كسر عينه ” كما يؤكدون.
تلك هى آخر التطورات فى زمام جمعية البرنوجى الزراعية؛ أما ماسبقها من أحداث فنتطرق إليه فى السطور التالية:

*نشرت( لجنة التضامن الفلاحى- مصر ) بموقع الحوار المتمدن موضوعا بعنوان ” هجمة تترية مباغتة على فلاحى عزبة كوم المناصير بحيرة “على الرابط ( ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=471663 ) نعرض منه الفقرات التالية :
[ فجأة ودون سابق إنذار داهمت قوات أمن البحيرة – فى الثانية ظهر اليوم – الثلاثاء 9 يونيو 2015- فلاحى قرية كوم المناصير مركز دمنهور– وجرفت بالجرارات ستة أفدنة مزروعة بالبطيخ والقطن والذرة بحوض أم الغزلان وأحالتها إلى أرض جرداء.
ضمت الحملة – التى قادها محمد حمودة ضابط مباحث مركز دمنهور– شاحنتى جنود تحملان ما بين 80 – 100 جندى وسيارة إطفاء و4 بوكسات تحمل عددا من الضباط وسربا من المخبرين السريين.
هذا وقد قبضت بشكل عشوائى على خمسة فلاحين ساقتهم إلى مركز شرطة دمنهور. وقد أفاد الفلاحون بقيام الإعلامى البحراوى.. حسين جويلى بالاتصال تيليفونيا بمدير أمن البحيرة مستفسرا عما حدث بعزبة كوم المناصير التابعة لقرية البرنوجى مركز دمنهور ؛ فأجابه بأن الحملة كانت تنفذ حكما قضائيا وأنها اصطحبت عددا من المسئولين بمجلس المدينة والرى والزراعة، وهو ما أكده ضابط المباحث منفذ العملية عندما اتصل به جويلى.
تم تنفيذ الحملة لصالح ( مدحت محمد على نوار ) أحد أفراد العائلة الإقطاعية التى يصاهرها عادل لبيب وزير الإدارة المحلية الأسبق ( إبنه متزوج من بنت اللواء سمير نوار الضابط السابق بالحرس الجمهورى فى عهد الطاغية مبارك) .
من ناحية أخرى ينفى الفلاحون صدور أحكام قضائية بشأن الأرض التى تم تجريفها ظهر اليوم بكوم المناصير بل ( قرار تمكين ) من النيابة العامة .
وحقيقة الأمر: أنهم اكتشفوا من حوالى 5 أشهر فى جمعية قرية البرنوجى الزراعية – التى تتبعها كوم المناصير – اكتشفوا وجود محضر تسليم أرض مساحتها 54 فدانا فى ثلاثة قرى هى البرنوجى ( 23 فدانا ) والعمرية ( 28 فدانا ) ، ودنيبة ( 3 أفدنة ) مؤرخ 24 / 9 / 2013 ومسجل به العبارة التالية { بناء على قرار الإفراج ( – ) بتاريخ ( – ) } التى تخلو من رقم قرار الإفراج وتاريخه ، وهو مرسل من هيئة الإصلاح الزراعى بالقاهرة ومذيل بتوقيع صلاح الرفاعى .
وبسؤالهم عن هذا الإسم بالهيئة قيل لهم من بعض الموظفين أنه موجود بالسجن.
وعن الخطاب المذكور أفادهم سعيد فريخة مدير إدارة الملكية والحيازة -آنذاك – فى وجود أربعة من رؤساء أقسام إدارته أنه ( لم تصدر أية خطابات تتعلق بقرارات إفراج عن ارض الإصلاح الزراعى بالبحيرة طيلة عام 2013 ) .
وبعرض الأمر على مدير هيئة الإصلاح الجديد ( حسن فولى ) أفادهم ” بأنه لن يعتمد عليهم ” مشيرا إلى عدد من الأسماء بالهيئة بالقاهرة وآخرين بمديرية الإصلاح بالبحيرة كان الفلاحون قد أبدوا تشككهم فيهم ومماطلتهم لهم ؛ وأضاف ” سأشكل لجنة من عناصر جديدة تستبعد هؤلاء لبحث موضوعكم على الطبيعة ” .
لذلك أدرك الفلاحون أن هناك (أيادى) وقوى خفية تعبث ضد الفلاحين من داخل الهيئة ومن مديرية الإصلاح بالبحيرة بالتعاون مع أجهزة الشرطة لاغتصاب أراضيهم.
ودللوا على ذلك بالطريقة العشوائية التى جرت بها عملية اليوم فى كوم المناصير وبالطريقة التى تم بها القبض على الفلاحين حيث اكتشفوا أن أغلب المقبوض عليهم لا علاقة لهم بالأرض التى أتلفت زراعتها اليوم وهو ما دعاهم لاستعادة الأرض وزراعتها بمحصول جديد بعد مغادرة الحملة للقرية، خصوصا وأنهم يحتفظون باستمارات البحث الاجتماعى وكشوف توزيع الأرض بقانون الإصلاح الزراعى وإيصالات سداد ثمن الأرض والخرائط التى تتضمنها وحصلوا بموجبها عليها من نصف قرن ] .

*كما نشرت اللجنة فى موقعها الإلكترونى..الرابط (tadamon.katib.org/2016/02/05) موضوعا آخر بعنوان ” عدوان جديد على أراضى الفلاحين بعزبة العفيرة والناموس يتهمون فيها ورثة عائلة نوار الإقطاعية “نعرض منه الآتى:
[ تواصل عائلة نوار الإقطاعية بالبحيرة الاعتداء على أراضى منتفعى الإصلاح الزراعى بقرى مركز دمنهور بعد ثلاثة وقائع مطابقة فى بحر السبعة شهور السابقة .. لم تسفر تحقيقاتها عن أية نتائج ملموسة.
ففى صباح اليوم 5 فبراير 2016 قام ورثة العائلة الإقطاعية – حسبما أفاد الفلاحون المجنى عليهم – بإتلاف محصولى البنجر والقمح لاثنين من الفلاحين فى عزبتى العفيرة والناموس التابعتين لقرية البرنوجى وجمعيتها الزراعية فى مساحة 40 قيراطا ( بحوض الكومبانية نمـ 4 قسم أول عبد الجواد ) . هذا وقد استغل المعتدون من العائلة المذكورة حالة الظلام الدامس وهبوط الشبورة وانعدام الرؤية للعدوان على الأرض فى إتلاف المحاصيل تماما.
وقد قام أحد المجنى عليهما ( رجب محمد الفرماوى ) بإبلاغ مركز شرطة دمنهور بالواقعة وأدلى بأقواله فى حضور وكيله ( الأستاذ محرم قناوى المحامى ) فى الساعة الحادية عشرة صباح الجمعة (5/2/2016 ) فى المحضر ( رقم 14 أحوال مركز شرطة دمنهور – 2016 ) وطالب باتخاذ الإجراءات القانونية ضد من اتهمهم من الأسرة الإقطاعية وهم ( مصطفى ، ومدحت ، وصبرى ، ومحمد.. محمد على نوار) وأضاف لهم من معاونيهم ( عبد الكريم راشد غرابيل وشقيقه محمود ، ومحسن عطية أبو حسين ).. بينما لم يحاول الفلاح الآخر إبلاغ الشرطة.
وكالمعتاد قامت الشرطة بمخاطبة الإدارة الزراعية المختصة بتشكيل لجنة لمعاينة الأرض موضوع الواقعة ، والإفادة بالتقرير الفنى عنها.
وتشير ( لجنة التضامن الفلاحى- مصر ) إلى ثلاثة وقائع سابقة فى نفس المحافظة ونفس المنطقة التابعة لجمعية البرنوجى الزراعية نشرتها فى الشهور السابقة كان المتهمون فيها هم نفس المتهمين (أبناء وورثة عائلة نوار الإقطاعية مدحت، ومصطفى ، ومحمد، وصبرى.. محمد على نوار ) والمجنى عليهم من منتفعى الإصلاح الزراعى بنفس الزمام وهو ما يوجب على الجهات الرسمية وبالذات أجهزة الأمن اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الانتهاكات التى تركزت على فلاحى المنطقة وأرض الإصلاح الزراعى بها ] .

* وقبل أن نستطرد فى عرض بقية الأحداث نتعرض لمفاصل تلك الهجمات الكثيفة والمتصاعدة على أراضى الإصلاح الزراعى وفلاحيها :

يتلخص الموضوع فى إصدار هيئة الإصلاح الزراعى لـ ” قرارات إفراج ” عن أراضى الحراسة التى تحفظت عليها الدولة فى ستينات القرن الماضى ؛ ولجوء ورثة الإقطاعيين – ليس للقضاء- بل للنيابة العامة للحصول على ” قرار تمكين ” رسمى يدعم موقفهم فى استردادها ، ولأن ذلك ليس فى مقدورهم منفردين تجرى الاستعانة بأجهزة الأمن لتمكينهم من انتزاع الأرض من منتفعى الإصلاح الزراعى الذين يزرعونها.
أى أن أطراف الموضوع هم هيئة الإصلاح الزراعى ، والنيابة العامة ، وأجهزة الأمن .. إلى جانب طرفى الصراع ( الفلاحون الزارعون للأرض .. وورثة الإقطاعيين الساعين لاستردادها ) .

• دورهيئة الإصلاح الزراعى :
كانت الهيئة تنفذ قوانين الإصلاح الزراعى فى اتجاهين:
الأول: مصادرة الأرض الزائدة عن الحد الأقصى للملكية ( 200 فدان للفرد فى القانون الأول عام 1952، 100 فدان فى القانون الثانى عام 1961 ، 50 فدان فى القانون الثالث عام 1969 ).
والثانى: اختيار الفلاحين الذين سينتفعون بالأرض المصادرة – بشروط حددها قانون الإصلاح الزراعى- بنظام التمليك وتحصيل أثمانها منهم على 40 قسط سنوى يحصلون بعده على عقود تملك الأرض من الهيئة .

* الفارق بين مصادرة الأرض وفرض الحراسة عليها:
المصادرة تعنى نقل ملكيتها من الإقطاعى إلى الدولة .. التى تمثلها هيئة الإصلاح حيث يتم تسجيل الأرض باسمها فى الشهر العقارى.
ولأن بعض الإقطاعيين كانوا يختلقون كثيرا من المشاكل للدولة الجديدة ويرفضون تطبيق قانون الإصلاح إما صراحة أو بتهريب الأرض أو بكتابة بيانات مزيفة عن المساحات الفعلية التى يحوزونها فى الإقرارات التى يقدمونها للدولة.. فقد لجأت الدولة إلى معاقبتهم كما ينص قانون الإصلاح.. بمصادرة ما تم تهريبه منها، أو بوضع ما تبقى لهم بعد المصادرة.. تحت الحراسة ؛وهذا هو السبب المباشر لفرض الحراسة .. ولذلك فليس كل من خضع لقانون الإصلاح الزراعى فُرِضت عليه الحراسة.
والفرق كبير بين المصادرة وفرض الحراسة ، فالمصادرة تتم بقانون الإصلاح الزراعى وبمجرد إتمامها تصبح الأرض ملكا للدولة ، أما فرض الحراسة فكان يتم بمرسوم من مجلس قيادة ثورة يوليو 1952؛ ثم منذ عام 1964 كان يتم بقانون الطوارئ رقم 150 . كذلك فالحراسة لا تنزع الملكية من صاحبها ( الإقطاعى ) بل تحتفظ بها له .. إلا أنها تصير ملكية مجمدة ، وهذا الإجراء ( فرض الحراسة ) معناه أن الدولة ستتحفظ على هذا الجزء من أرض الإقطاعى وتمنعه التصرف فيه أو استثماره بنفسه لفترة من الزمن وتقوم هى بتأجيره للفلاحين وتحصّل إيجاره وتعيده إليه ( أى إلى الإقطاعى) .

أرض الحراسة مسمار جحا بالنسبة للإقطاعيين :

ولأنه لايوجد فى مصر إقطاعى واحد لم يهرب بعضا من أرضه ، ولأن بعضهم كان يجرى ضبطه ومعاقبته ، ولأن السادات قد استصدر قانونا لرفع الحراسة عام 1974 برقم 69 .. فقد انفجر كاللغم بعد صدوره مباشرة وأضر بفلاحى الإصلاح الزراعى أشد الضرر..كيف ؟ هذا ما سنوضحه.

كثير من الأراضى المصادرة بقانون الإصلاح كانت تتجاور مع الأراضى التى فرضت عليها الحراسة بقانون الطوارئ سواء فى حوض واحد أو فى حوضين متجاورين. وكانت للأحواض أسماء وأرقام مثل ” الشنطورى رقم 1 والشنطورى رقم 2 ، أو الغزلان القبلى والغزلان البحرى، أو البرنس الشرقى والبرنس الغربى ..إلخ . وعند تنفيذ قانون رفع الحراسة فى عهد السادات فإن هيئة الإصلاح الزراعى لم تكن تتحرى الدقة وهى تصدر قرارات الإفراج عن أرض الحراسة لعدة أسباب .. منها المناخ السياسى المعادى للسياسات الناصرية آنذاك وعلى رأسها قانون وأرض الإصلاح الزراعى وقانون فرض الحراسة ؛ ومنها وضع كبار الإقطاعيين فى وظائف حساسة فى جهاز الحراسة وهيئة الإصلاح الزراعى مما سهل العبث بكثير من مستندات الأرض وكشوف توزيعها حيث اختفى بعضها ؛ ومنهاالصلات القوية لكثير من ورثة الإقطاعيين بموظفى الإصلاح الزراعى فى الأقاليم فضلا عن صلاتهم بموظفى هيئة المساحة والشهر العقارى والضرائب العقارية وغيرها. ولذلك كانت قرارات الإفراج عن أراضى الحراسة تستخدم استخداما مزدوجا فمرة تستخدم فى الحصول على الأرض المصادرة بقانون الإصلاح ( وتسمى أرض الاستيلاء) ومرة أخرى فى الحصول على أرض الحراسة لا لسبب إلا أن بياناتها غير مدققة ، فكتابة اسم الحوض دون رقمه (1 أو 2) أو دون كتابة موقعه (بحرى أوقبلى ) يمكن الإقطاعى من استلام نفس المساحة من كلا الحوضين رغم أن أحدهما مُصادَر ( استيلاء ) والآخر (حراسة ) خصوصا إذا ماكان القائم على عملية التسليم متواطئا أوكان من أصدر قرار الإفراج جاهلا أو واسع الذمة.

لقد لعبت الهيئة دورا متواطئا وبالغ السوء فى إصدارقرارات الإفراج لدرجة أن ذلك صار متاحا لكل من هب ودب من موظفيها ، علاوة على امتناعها – مع سبق الإصرار – عن إمداد فلاحي الإصلاح الزراعى بالمستندات التى تثبت حقهم فى أرض الإصلاح فى النزاعات القضائية وهو نفس الدور الذى امتنعت فيه منذ صدور قانون المالك والمستأجر ( 96 /1992)عن تحرير عقود تمليك الأرض لمن دفعوا كامل أقساط ثمنها كما ينص القانون، فضلا عن إعادتها مساحات واسعة من الأراضى المستبدلة إلى هيئة الأوقاف رغم أنها كانت موزعة على الفلاحين بالمخالفة لصريح القانون 42/ 1973 .

خلاصة القول كانت أرض الحراسة والإفراج عنها التكئة التى استثمرها الإقطاعيون وورثتهم ليس فى استرداد أرض الحراسة فحسب بل وأرض الاستيلاء التى صادرتها قوانين الإصلاح الزراعى ووزعتها على الفلاحين بالتمليك؛ ولو لم تكن أرض الحراسة فى ذمة الدولة لما تمكن الإقطاعيون- بتواطؤ الهيئة – من استرداد شبر واحد من الأرض المصادرة.

• دور النيابة العامة :

من المعروف أن ( قرار الإفراج عن الأرض الموضوعة تحت الحراسة ليس مستندا للملكية ) وهو ما تعرفه النيابة عن ظهر قلب.. لماذا..؟

لأنه عند تنفيذ قانون الإصلاح الزراعى على الطبيعة كانت الدولة – ممثلة فى هيئة الإصلاح- تستولى على الأراضى الزائدة عن الحد الأقصى لحيازة الإقطاعي.. بصرف النظر عن شكل ملكية الإقطاعى لها، بمعنى أنه سواء كانت الأرض مسجلة فى السجلات الرسمية للشهر العقارى باسمه أو مشتراة بعقد عرفى ( إبتدائى) أو كانت وضع يد ( طرح نهر أو أملاك دولة ) ، أو مستبدلة بأراضى أشخاص آخرين ، أو مغتصبة.. فالدولة لا تبحث فى تفاصيلها أو مستنداتها. ولذلك فالإفراج عن المساحات التى فُرِضت عليها الحراسة لا يعنى عودتها مباشرة لمن كانت فى حيازته من الإقطاعيين بل عليه أن يثبت ملكيته لها للحصول عليها.

ولأن النيابة العامة ليست جهة اختصاص.. فى التحقيق فى مثل هذه المنازعات فقد استثناها قانون العيب الذى أصدره السادات من التحقيق، كما أن النيابة ليست جهة تنفيذ.. بل إن المحاكم المدنية وقلم المحضرين هما المختصان بذلك ، فضلا عن أن تحقيقها ( أى النيابة) فى موضوع يتعلق بحيازة وليس ملكية عقار( أرض) لا يعطيها صلاحية البت فيه استنادا إلى المواقف القانونية للمتنازعين فذلك من اختصاص القضاء .. وهذه بديهيات قانونية معروفة؛ وهناك العبارة الشهيرة .. ( يبقى الوضع على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء للقضاء) .

ولأن وضع الأرض تحت الحراسة – كما قلنا- لم يكن يشترط أو يتطلب وجودها فى سجلات رسمية بل إن مجرد التأكد من حيازة الإقطاعى لها كان يسمح للدولة بفرض الحراسة عليها ( لأنها قد تكون مغتصبة أو مستبدلة أو وضع يد أو ملكية دولة ).. وبالتالى فالإفراج عنها لا يعنى عودتها لحائزها الأصلى ( الذى انتزعتها الدولة منه) بل تظل تحت يد حائزها الحالى على أن يتقدم من يدعى ملكيتها بمستندات ملكيتها ، ولذلك فقد كانت هيئة الإصلاح تضع هذه العبارة ( قرار الإفراج لا يعتد به كسند للملكية) على قرارات الإفراج بخط مطبوع وفى مكان واضح .. لتكون تحذيرا من التلاعب بها أو استخدامها فى غير محلها .. إلا أن هذه الاحتياطات والاستحكانات قد ضربت بها هيئة الإصلاح عرض الحائط فيما بعد.

ونظرا لأن كثيرا من أراضى الحراسة تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة ، لذا لم يبق أمام الإقطاعيين لاستردادها سوى طريقين إما التفاهم مع الفلاحين الذين يستأجرونها لكى يتنازلوا عنها وإما استخدام العنف معهم لاستعادتها.. وهو ماحدث فى سراندو عام 2005 .. ويحدث فى كثير من أراضى الإصلاح الزراعى بمصر وتحديدا فى مركز دمنهور حيث تشتعل المعارك حاليا بين ورثتهم وبين الفلاحين.

فهل بعد هذا كله يحق للنيابة العامة ان تصدر (قرارات التمكين) استنادا إلى (قرارات إفراج) عن أرض الحراسة التى لا يُعرَفُ مصدر حيازتها السابق..؟

لقد سبق للنيابة العامة بالدقهلية إصدار قرار بتمكين ورثة أحد الإقطاعيين ( فريد حامد المصرى) من أراضى عشرات الفلاحين بمركزى طلخا ونبروه (معروفة باسم أرض سرسو ) وتم طردهم من الأرض فى17 فبراير 2015 بدعم جيوش شرطة الدقهلية رغم حصول آباء هؤلاء الفلاحين على الأرض عندما كانوا جنودا فى اليمن عام 1963 ودفعوا كامل ثمنها بل وحصلوا على حكمين قضائيين ( عام 1986 ، 2007 ) ينكران أى حق لورثة الإقطاعى فى الأرض. إلا أن الفلاحين تمكنوا من الحصول يوم الخميس 9 يوليو 2015 على قرار جديد من مجلس إدارة هيئة الإصلاح الزراعى ( فى جلسته رقم 267 بتاريخ 9 يوليو 2015 ) بتنفيذ حكم القضاء واستعادة الأرض.

• دور أجهزة الأمن :

*ويهمنا قبل التعرض لدورها استكمال عرض باقى وقائع الانتهاكات التى تعرض لها فلاحو الإصلاح فى هذه المنطقة فى إيجاز:

أ‌-عزب المؤاجرين والعفيرة والناموس التابعة لجمعية البرنوجى : فى الأسبوع الثانى من يونية 2013 تعرض فلاحوها لغارة من مسلحين بالبنادق الآلية وشنوا هجوما عشوائيا على فلاحيها فى الحقول كان بمثابة إنذار وعينة للترويع الذى يمكن أن يتعرضوا له فى حالة عدم تخليهم عن أراضيهم التى حصلوا عليها بعد مصادرة أراضى العائلة الإقطاعية.
هذا وقد أخطر الفلاحون مركز شرطة دمنهور بالأحداث ببلاغ رقم 20 جنح مركز دمنهور.( نشرت الواقعة بعنوان” تمهيدا لثورة معادية فى ريف مصر فى 30 يونيو القادم : بقايا الإقطاع تستأنف العنف المسلح ضد فلاحى البحيرة ” على الرابط tadamon.katib.org/2013/06) : )

ب‌-عزبة البرابرة التابعة لجمعية نديبة الزراعية: وفى الساعة الثانية ظهر يوم 21 يونيو 2013 تعرض الفلاحون بعزبة البرابرة أثناء عملهم بالحقول لتجريدة مسلحة أخرى قوامها 5 مسلحين حيث سقط الفلاح ناصرمحمد عوض البربرى (40 سنة) صريعا فور إصابته فضلا عن فلاح آخر( صلاح حمودة الشريف) تعرض لإصابات محدودة؛ ولأن فلاحى المنطقة احتشدوا إثر سماعهم أصوات الرصاص وقاموا بمطاردة المعتدين فقد تمكنوا من إصابة أحدهم ( أبو الخير حميدة ) الذى توفى فى الحال.
كما أفادوا أن الأرض محل الصراع كانت مصادرة من الإقطاعى والد المدعو محمد إسماعيل عبد الحميد نوار. الذى استأجر الشقى أبوالخير حميدة لتدبير طرد الفلاحين من الأرض مقابل 20 ألف جنيه حصل مقدما على نصفهم .هذا وفى الساعة الخامسة والنصف مساء حضرت قوات الشرطة ( ضابط مباحث وشاحنتى جنود من قوات الأمن المركزى ) لاستيضاح الأمر .. بعد أن كان المعتدون قد ولوا الأدبار فى سيارة نصف نقل. هذا وقد تم نقل الجثتين إلى مستشفى دمنهور وحوش عيسى حيث صرحت النيابة بالدفن فى اليوم الثانى.
من جانب آخر يذكر أن عزبة البرابرة تقع على بعد 300 متر جنوب قرية دنيبة معقل عائلة نوار الإقطاعية وهو ما دفع الفلاحين بعد الأحداث لترك الأرض ( 11 فدان ) محل الصراع بورا حتى الآن خوفا على حياتهم.

ج- عزبة المؤاجرين التابعة للبرنوجى: حيث تم طرد صبرى سعد السافورى من فدانين ( 3 قطع ) بقرار تمكين نفذته الشرطة.

د-عزبة الكمبانية التابعة للبرنوجى: فوجئ سعدى يوسف صباح يوم 9 أغسطس 2015 الباكر أن زراعات القطن التى تخصه بحوض أم الغزلان قد تم تقليعها ، وأفاد بأنه تقدم ببلاغ لمديرية أمن البحيرة عن الواقعة واتهم فيها كلا من الدكتور محمد مدحت نوار أحد أبناء الأسرة الإقطاعية المعروفة ومحمد سعد ياسين ( تاجر مواد بناء وصاحب فراكة أرز .. وشيخ بلدة الناحية ) .
يقول سعدى: الطبيب المذكور لا يملك سنداٌ لملكية الأرض التى يطالب الفلاحين بها ( لأن مصدر حيازة الأسرة الإقطاعية لها مازال مجهولا ) لذلك دأب فى السنوات الأخيرة على ممارسة عمليات الترغيب والترهيب لعدد من فلاحى المنطقة وأنا منهم وألح عليهم للتنازل عن الأرض فى مقابل مبلغ من المال.. وإلّا.
هذا وفى النصف الثانى من شهر رمضان الأخير أرسل له أحد أعوانه من عزبة كوم المناصير( عبد العزيز عون ) ليبلغه بنفس الرسالة التى تتضمن مطالبته بالتنازل عن الأرض مقابل 12 ألف جنيه والمغلفة بتهديد واضح ، وتكرر ذلك من أسبوع عن طريق شيخ البلدة محمد سعد ياسين حيث رفع المقابل إلى 20 ألف جنيه ، ولكن سعدى رفض العرضين .. ثم فوجئ بتقليع قطنه صباح اليوم.

ه-عزبة كوم المناصير : نشرت لجنة التضامن الفلاحى على الرابط ( 01/2016 ( tadamon.katib.org/ تحت عنوان ” فى بحر 7 شهور : ثلاث جرائم لورثة الإقطاعيين فى قرية واحدة تشارك الشرطة فى إحداها لطرد فلاحى الإصلاح الزراعى بالبحيرة من أراضيهم” مايلى: [ تقدمت كل من راوية عبد الحميد عبد السميع وعائشة مسعود ياسين زوجتا عبد الحميد عوض عبد الرازق ببلاغ لأجهزة أمن البحيرة ( برقم 13 أحوال مركز شرطة دمنهور / يناير 2016 ) تتهمان فيه مدحت محمد على نوار بأنه فى فجر السبت 9 يناير 2016 قام بإتلاف محصولى البرسيم والقمح فى مساحة تقترب من فدان ونصف بحوض أم الغزلان، وانتهى التحقيق بتكليف الجمعية الزراعية المختصة بمعاينة الأرض محل الإتلاف فنفذته يوم 10 يناير 2016 وكتبت تقريرها الذى تم ضمه لأوراق التحقيق تمهيدا لإحالة الموضوع للنيابة العامة ] .
ولذلك ترى (لجنة التضامن الفلاحى – مصر ) أن دعم الشرطة لورثة الإقطاعيين بالتعاون مع مديرية الإصلاح الزراعى بالبحيرة هو سياسة متبعة منذ عهد الرئيس الأسبق أنور السادات على نطاق مصر كلها.. والوقائع فى هذا الشأن لا تحصى ولا تعد حيث سبق لها القيام بذلك فى 9 مناطق بمحافظة البحيرة فقط هى [ سراندو ، قرية الكاتب مركز أبو حمص ، عزبة البارودى وعزبة محرم بالرحمانية ،وعزبة الأشراك بشبراخيت ، وعزبة العمرية مركز دمنهور( مرتين) ، والبرنوجى ، وسوق ماشية دمنهور وغيرها ] .
خلاصة القول أن الدولة ( ممثلة فى وزارة الزراعة وهيئة الإصلاح الزراعى وأجهزة الشرطة ) ترى وتسمع كل ما يحدث بالمحافظة ؛ بل وتشارك فى خنق الفلاحين وتتواطأ على عمليات الترويع والتهديد والبلطجة التى يشنها ورثة الإقطاعيين السابقين ، ولا تريد لهذه السياسة أن تتوقف إلا بطردهم من الأرض .

و-عزبة الكومبانية التابعة للبرنوجى :حيث تم تقليع 17 قيراط مزروعة بالبطيخ بأرض عبد المقصود إبراهيم الفار فى يوم 12 /8 /2016 .. لكنه لم يبلغ الشرطة .

ز-عزبة الناموس : تم إتلاف محصول الذرة فى مساحة 17 قيراط بأرض محمد عبد العاطى عبد الحميد يوم 22 أغسطس 2016.. لكنه لم يبلغ الشرطة.

ح- عزبة الناموس : حيث قام رجال مصطفى نوار مساء 24/8/2016 بالاتصال تيلفونيا بشعبان السيد مرسى وتهديده وإنذاره بترك الأرض؛ وفى اليوم التالى قام بتركها مؤثرا السلامة.
هذا وهناك مالا يقل عن مثل هذا العدد من الفلاحين- ترك أرضه تحت التهديد أو تم طرده منها بقرارات تمكين من النيابة العامة – لم نتمكن من حصره أو الوصول إلى تفاصيله ، علاوة على أن غالبية حالات إتلاف المحاصيل كانت تحدث ليلا ولا يتم إبلاغ الشرطة عنها أو تحرير محاضر بشأنها وهو ما يعطى المشهد لونا أكثر قتامة وكآبة.

*ويتضح من العرض السابق للانتهاكات كالطرد من أراضى الإصلاح أوالإجبارعلى التنازل عنها أو إتلاف مزروعاتها ) ما يلى:

-أن الشرطة شاركت فى عدد منها بدعوى تنفيذ قرارات التمكين الصادرة من النيابة العامة وإن كانت نسبتها أقل فى مجموع الحالات.. وأن معظم الانتهاكات الأخرى كانت تغض البصر عنها رغم علمها بحقيقة ما يحدث بالتفصيل وإلا ماتم حفظ التحقيقات .. أو لتراجعت عائلة نوار عن ارتكاب المزيد منها.

-أن أسلوب الترغيب والترهيب كان السمة السائدة.. وتبدأ عمليات العنف إذا فشل أسلوب الترغيب.. لإكراه الفلاحين على ترك الأرض ، كما أن العائلة الإقطاعية ترتبط بالعديد من البلطجية والأشخاص ذوى المهام الخاصة – كالتهديد والوساطة وجمع المعلومات ونشر الشائعات والقتل والضرب وتقليع المزروعات أوحرقها أو تسميمها بالمبيدات – بالأعداد اللازمة لإنجاز المهام فى أقصر وقت فضلا عن توفير المواد والأدوات المستخدمة فيها بالكميات والمواصفات المطلوبة ، علاوة على صلات بالمراكز الحساسة فى أجهزة المحافظة والأمن وبعض الوزراء السابقين.

-أن التاكتيك الجديد المستخدم من جانب عائلة نوار لطرد الفلاحين من الأرض – رغم كثرتهم – تاكتيك ناجح يتمثل فى التعامل معهم فرادى- واحدا بعد الآخر وأسرة بعد أخرى – حيث استفادت من تجربتها السابقة فى عزبة سراندو التابعة لجمعية البرنوجى عام 2005 وأدركت أن ما استخدمته فيها من أساليب لطرد الفلاحين دفعة واحدة قد عاد عليها بخسائر فادحة – فضلا عن تكاليفه الباهظة – كما أنه أساء لسمعتها بشدة وهز هيبتها فى المنطقة وأسهم فى فضح تواطؤ الشرطة ومشاركتها لها فى المعركة بل وعاد بفضيحة مدوية للدولة أسفرت عن إدانة الاتحاد الأوربى لمجزرة سراندو والمطالبة بإعادة التحقيق فى وفاة نفيسة المراكبى- التى تعرضت للتعذيب- بما له من تبعات أخرى ثقيلة .. وهو ما تجنبته فى التاكتيك الجديد الذى بعثر الفلاحين وفتتهم وأضعف روحهم المعنوية وقدرتهم على مواجهة جماعية لورثة الإقطاعيين والشرطة.

-أن جملة التحقيقات التى أجرتها النيابة استنادا إلى محاضر الشرطة وتحرياتها لم تتوصل لنتائج تنصف الفلاحين باستثناء حالات القتل.

-أن كافة التقارير الفنية التى طلبتها النيابة العامة فى تحقيقاتها وشكلت لها لجانا مختصة لم تسفرعن نتائج ذات بال.

-أن إحجام كثير من الفلاحين عن إبلاغ الشرطة ناجم عن عدم ثقتهم فى جدية التحقيقات أو النتائج أو عن الخوف من الشرطة .. وهو ما هزّ الروح المعنوية للفلاحين فى هذه المنطقة.

-أن حالة عزبة البرابرة هى الحالة الوحيدة التى تُرِكت فيها الأرضُ بورا ؛ نظرا لما أسفر عنه الصدام مع بلطجية عائلة نوار الإقطاعية من قتلى؛ علاوة على قرب الأرض الشديد من معقل العائلة الإقطاعية فى قرية نديبة.

-أن مشايخ البلد – محمد سعد ياسين وأيمن القاضى – متواطئون بالكامل مع العائلة الإقطاعية ويعملون كمرشدين للشرطة ولعائلة نوار ضد الفلاحين وهناك فارق بين جمع المعلومات الخاصة بالأمن العام وبين جمعها عن فئة معينة (الفلاحين) لصالح فئة أخرى، وأن أبرز أعوانهم هم محمود راشد غرابيل وشقيقه عبد الكريم وعبد العزيزعون ومحسن عطية أبوحسين القائمين بإدارة العمليات القذرة وجمع المعلومات وإعداد الخطط .. إضافة إلى القاتل أبو الخير حميدة الذى لقى مصرعه فى عزبة البرابرة عام 2013 .

-أن عام 2016 يفوق عام 2015 وما سبقه من أعوام فى حجم وعدد الانتهاكات ضد الفلاحين ، علاوة على ضيق الفترات الزمنية بين كل انتهاك وآخر.

*أهمية دور الشرطة الذى تتقاعس عنه أو تقوم بعكسه:

-إذا أصدر قاضى حكما أو أصدرت النيابة العامة قرارا بالتمكين فما هى قيمته إذا لم تقم الشرطة بتنفيذه ..؟ فبعد صدور الحكم لا بد أن تقوم الشرطة بعمل دراسة أمنية توضح نتائج التنفيذ لو تم .. وتلك النتائج تتعلق بالأمن الاجتماعى (أى أمن الشعب) ؛ فإن كان تنفيذه سيسبب أضرارا شديدة لقطاع من الشعب وجب وقف تنفيذه.. والعكس صحيح. وإن أصدر القاضى حكما آخر معاكسا وكان رأى الشرطة فيه عكس ما يراه القاضى لتعاطفها مع من خسروا القضية .. فماذا تفعل الشرطة..؟ والإجابة هى : أن الشرطة تتعامى وتغض البصر عما يفعله من خسروا القضية حينما يلجأون لاستخدام العنف ..لاسترداد ما خسروه فى القضية.. ولنضرب لذلك مثلا:

عندما حصل فلاحو طلخا ونبروه بالدقهلية على أرض من الإصلاح الزراعى عام 1963 بنظام التمليك ( معروفة بأرض سرسو) فى فترة تجنيدهم فى اليمن وانتظموا فى دفع ثمنها ثم طُرِدوا منها عام 1997 بحيلة قانونية خسيسة . لجأوا للقضاء وحصلوا على حكمين نهائيين باستردادها آخرهم عام 2007، وحفيت أقدامهم سنوات طويلة بين شرطة تنفيذ الأحكام بالدقهلية والإصلاح الزراعى لتنفيذ الأحكام وفشلوا فى استرداد الأرض.. فماذا كان موقف الشرطة..؟ لقد رفضت تنفيذ الأحكام رغم صراحتها .. مما اضطر الفلاحين لتنفيذ الأحكام بأنفسهم فى 31 يناير 2011 إبان الثورة وظلت الشرطة بعدها تطاردهم وتقبض عليهم وتلفق لهم التهم ليتركوا الأرض لكنهم رفضوا واستمروا فيها حتى 16 فبراير 2015 وإذا بورثة الإقطاعى يحصلون على قرار تمكين من المحامى العام وعلى الفور شدت الشرطة رحالها وشمرت سواعدها لتنفيذه وقامت بحملة وحشية لم تحدث فى تاريخ المحافظة وطردت الفلاحين من الأرض مرة أخرى. ولما عرض الفلاحون الأحكام على الرجل الثانى فى أمن الدقهلية ( اللواء السعيد عمارة) رد عليهم قائلا : ” الأحكام دى تمسحوا بيها ….. فى دورة المياة “. واستمر الفلاحون فى المقاومة والمطالبة بتنفيذ الأحكام حتى أصدر مجلس إدارة هيئة الإصلاح الزراعى قرارا فى 24/11/2015 بتنفيذ الحكم الصادر لصالح الفلاحين رقم 3238/25 ق لسنة 2007 فماذا فعلت الشرطة ..؟ صمتت صمتا مطبقا حتى اليوم.

وفى هذه الواقعة نتساءل أيهما أقوى قانونيا وواجب التنفيذ.. الحكم القضائى أم قرار التمكين الصادر من النيابة العامة..؟

لذلك فدور الشرطة بالغ الخطورة سواء فى تنفيذ الأحكام أو فى الامتناع عن تنفيذها.. كما يوضح المثال التالى:

موقف ناضج لمدير الشئون القانونية بوزارة الداخلية عام 2007 :

تقدم بعض ورثة عائلة الفقى الإقطاعية لوزارة الداخلية عام 2007 بحكم قضائى لاسترداد أرض سبقت مصادرتها بقانون الإصلاح الزراعى عام 1961 فى قريتى كمشيش وميت شهالة بمحافظة المنوفية. وقد تسلمه مدير الشئون القانونية بالوزارة وفحصه ، وقال لورثة الفقى الآتى: أنه لتنفيذ الحكم يجب أن يطلع على عدد من أوراق القضية منها عريضة الدعوى ، ومستند ملكية الأرض التى يطالبون بها وعدد من المراسلات الخاصة بالأرض بين هيئة الإصلاح الزراعى بالقاهرة وبعض إداراتها بالمنوفية .
جن جنون الورثة لإدراكهم أن اللواء أحمد ضياء الدين كشف المستور .. فشنوا عليه هجوما ضاريا بالصحافة .. ورغم ذلك لم يتم تنفيذ الحكم حتى اليوم. لقد أوقف اللواء ضياء الدين تنفيذ الحكم لسبب واضح هو أن كل أراضى عائلة الفقى تمت مصادرتها لتهربها من قانون الإصلاح الزراعى حتى عام 1961 ، كما أنه تم اكتشاف عشرة عقود بيع مزورة ( توضح كيفية تهريب الأرض من القانون ) وقد تم إعدام أصولها فكيف حصل ورثة العائلة على الحكم القضائى.. إلا إذا كان الحصول عليه قد تم بطريقة غير مشروعة..؟ وهذا يعنى أنه عندما تكون الشرطة مدركة لدورها فى حماية المجتمع وترغب فى ذلك أو عندما يكون ضابط الشرطة أمينا .. يتخذ من المواقف ما يجنب الشعب عناء الصدام والدماء حتى لو امتنع عن تنفيذ حكم قضائى. أما لو كان من عينة رئيس المباحث الجنائية بالدقهلية .. فقل على الدنيا السلام.

*المقدمات الفاسدة تفضى لنتائج أكثر فسادا:

حيث يزرع فلاحو المنطقة التى نتحدث عنها هذه الأرض منذ عشرات السنين ويجرى طردهم منها خلال السنوات الأخيرة فهل كان وجودهم فيها مجرد حلم أو أكذوبة..؟ وكيف حصلوا عليها من حيتان الإقطاع بينما هم مجوعة فقراء..؟، وهل كانت تلك الأرض كلها موضوعة تحت الحراسة ليتم الإفراج عنها اليوم.. وتعاد لورثة لإقطاعيين بقرارات تمكين من النيابة العامة؟ .. وهل تنفرد قرارت الإفراج وحدها بإعادتها أم أن الجزء الأعظم منها يسترد بغارات وحشية تستخدم فيها كل الوسائل المنحطة وغير المشروعة بدءا من القتل والتهديد وتلفيق التهم ومرورا بالتنكيل كالقبض والحبس وانتهاء بقطع مياه الرى والشرب ورفع قضايا الريع والحرمان من تسجيل الحيازة فى الجمعيات التعاونية والحرمان من مستلزمات الزراعة وتضييق الخناق على تسويق المحاصيل..إلخ وتتخذ من البلطجة عنوانا لها..؟

وإذا كانت غارات البلطجية ومسجلى الريف وحملات الشرطة الوحشية تتزايد يوما بعد الآخر إلى مستوى غير مسبوق لتتزايد معها أعداد الفلاحين المشردين ومعتزلى الزراعة فكيف يتم علاج هذا التدهور البالغ فى أوضاع الريف ..؟ وإذا كان المتهمون فى تلك الجرائم لا يتغيرون فى كل الحالات أو معظمها .. وكانت التهم نفس التهم والأدوات نفس الأدوات، واللجان الفنية التى تشكلها النيابة فى تحقيقاتها لا تقدم جديدا ولا تسفر عن نتائج ذات قيمة، والتحريات التى تجريها الشرطة لا تتوصل للحقيقة وينتهى الأمر بحفظ كل التحقيقات .. فهل يعنى ذلك ان تلك الجرائم قد هبطت من السماء كالقضاء والقدر ولن تتوقف أم أنها من فعل بشر .. وتزيد الطين بلة والأمن اضطرابا حتى يتفجر الريف ويحرق الأخضر واليابس؟ وهل فى مثل تلك الحالة يمكن لأى عاقل أن يصدق مبررا واحدا مما تدعيه أجهزة الأمن عن عدم توصل تحرياتها إلى أسباب ما يحدث..؟ أو يُصدق أن الشرطة تقوم بدورها المفترض أم سيسيطر عليه الشك ويرجح صحة ما يردده الضحايا من الفلاحين عن تواطئها أو دورها الداعم لتلك الجرائم أو المشارك فيها..؟ وساعتها هل سيقتنع بما قاله قائد تجريدة 23 أغسطس 2016 فى عزبة الناموس – اللواء جمال متولى بـ ” أننا نطبق القانون”..؟ أشك بشدة.

خاتمة :

ففى عزب الأرياف المصرية.. لا فرق بين قرارات حبس الضحايا .. وبين قرارات الإفراج عن الأرض ، ولا فرق بين رفع الحراسة.. وبين صعود الأرواح إلى السماء ، الفرق بينهما يقتصر على الكتب .. لكن فى حياة الفلاحين .. أجهزة الدولة محت الفوارق النظرية وأزالت الحدود .. وغيرت المعانى وابتدعت لغة جديدة .. هى لغة العصر.

لذلك لا نملك إزاء ماعرضناه من فظائع يجرى ارتكابها فى حق هؤلاء الضحايا فى الأرياف المصرية إلا الأسف لما وصل إليه حالهم وحال مجتمعنا ووطننا ، وقبل ذلك إلى اليقين بأن الدستور والقوانين المتفقة معه.. لا يحكمان مصر.. بل تحكمها السياسة العامة مدعومة بقوانين أخرى تتسق معها ، وفى هذا الشأن تلعب أجهزة الأمن الدور المحورى وخصوصا الشرطة .. وهو ما سيفرض نفسه على الجزء الثالث من هذا التقرير.

السبت 10 سبتمبر 2016 بشير صقر
لجنة التضامن الفلاحى – مصر