فضائح هيئة الأوقاف المصرية .. فى تهريب أرض الإصلاح الزراعى بمحافظة البحيرة

وزارة الأوقاف تبيع الأرض لهيئة الإصلاح الزراعى عام 1962
وهيئة الإصلاح توزعها على الفلاحين وتتسلم معظم ثمنها
فتعيد هيئة الأوقاف بيعها -على الورق – لأحد موظفيها عام 1975..
وبمساحة تتجاوز الحد الأقصى للملكية
وتحاول إعادة شرائها من هيئة الإصلاح عام 2011
وورثة موظف الأوقاف يرفعون دعاوى طرد للفلاحين ويطالبونهم بريعها

،،،،،،،،،،،،،،

تتلخص قصة تهريب أرض عزبة الأشراك وأبوخراش والخمسين والأشراك البلد وغيرها- التابعة لمركزى الرحمانية وشبراخيت – فى الآتى:

* ماهتاب قادن إحدى السيدات المتمصّرات ( من أصول أجنبية ) كانت تقيم فى العزبة التى حصلت عليها من خديوى مصر فى بدايات القرن الماضى وبلغت مساحتها 1162 فدان ، 7 قيراط ، 18 سهم .( شهادة عقارية من صفحتين ( مسلسل 679043 ، 679044 ) مستخرجة بتاريخ 23/11/2013 وهى صورة من مأمورية الضرالئب العقارية – رقم سجل 39 بشبراخيت فى 7/5/1974 .

* قسّمت ماهتاب قادن الأرض إلى 4 أقسام :
• الأول به قصرها وملحقاته وحدائقه .
• والثانى: قامت بزراعته بنفسها واستعانت فى ذلك بعدد من العمال والفلاحين .
• والثالث : أجرته لبعض الفلاحين والموظفين والخفراء والخدم .
• والرابع :أوقفته لأعمال البر والخير وأدارته وزارة الأوقاف .

فور قيام ثورة 23 يوليو 1952 وصدور قانون الإصلاح الزراعى الأول 178 /1952 صار وجودها ( ماهتاب) فى المنطقة بلا فائدة بل ومحفوفا بالمخاطر نظرا لكبر سنها وفى ظل حالة التلمظ على أملاكها من كثير من الطامعين فيها من المحيطين بها.. من الموظفين والخفراء والمستأجرين وغيرهم .

* ولأن عددا من هؤلاء- المحيطين بها – أدركوا ذلك .. فقد قاموا إبان تطبيق قانون الإصلاح الزراعى بالاتصال بالقائمين على تنفيذ القانون من جهاز الدولة القديم ( مكتب الشهر العقارى،هيئة المساحة .. علاوة على وزارة الإصلاح الزراعى التى تأسست خصيصا للإشراف على الأرض الخاضعة لقانون الإصلاح الزراعى حيث نقل لها عدد من موظفى الوزارات الأخرى كالزراعة وغيرها ) .. ومن خلال هذه الاتصالات تمكن الكثيرون منهم من اخفاء الأرض التى كانوا يزرعونها ؛ أو يستأجرونها من ماهتاب قادن وذلك بتواطؤ الموظفين القائمين على قياس الأرض وتدوينها فى السجلات وتضمينها فى الإقرارات .. ولأنهم كانوا قد أعدوا عدتهم وحسموا أمرهم .. اتخذوا من ساعات الليل ستارا لتغيير معالم الأرض – بحرثها وتزحيفها وتخطيطها؛ وتقسيمها لحقول وزراعتها بل وريها – بعد ان ينام أهل القرية وحتى قبيل شروق الشمس.. وفى تلك الأيام .. كنت ترى الأرض فى النهار غيرها فى صباح اليوم التالى .. وهكذا.

* ويذكر بعض أهالى هذه القرى أن منهم أحمد دميس الكبير وابنه محمد ( والد عمدة عزبة الأشراك الحالى أحمد دميس ) اللذين تمكنا من الحصول على حوالى 200 فدان متناثرة فى أحواض البواشقية – والهيشة – وفراخة الغفارة ، كما حصل كل من خليل دميس ، وعسران دميس والشرنوبى دميس على 45 – 50 فدانا بحوض البواشقية بجوار مقابر محلة ثابت ، أما إبراهيم سالم فقد حصل على ما يقرب من 50 فدانا بحوض الهيشة وحوض فراخة الغفارة قسم ثانى المصرى ، بينما حصل بشير غالى على 100 فدان بنفس الحوضين باع منها 50 فدانا .

* فى عهد السادات وقبيل حرب 1973 قامت الدولة بإنشاء مطار عسكرى فى المنطقة على مساحة 50 فدانا كان يزرعها الفلاحون بموجب قانون الإصلاح الزراعى ؛ وبعد انتهاء الحرب وعدم احتياج الدولة للمطار كان من المفترض أن يعود الفلاحون لأراضيهم التى تخلوا عنها جبرا قبل الحرب .. إلا أن ( ترْك أبو زهرة – المقاول) أحد المتنفذين فى المنطقة استولى عليها بالقوة وبحماية بعض أجهزة الدولة وذهبت صرخات وشكاوى زراعها من الفلاحين أدراج الرياح.

* وبخصوص أرض عزبة الأشراك فقد تم توزيع حوالى 509 فدان منها على الفلاحين بموجب استمارات البحث الاجتماعى وقانون الإصلاح الزراعى حيث شرعوا فى زراعتها أولا كمستأجرين ثم قامت الدولة فيما بعد بإلغاء عقود الإيجار وملّكتها لهم بالقرار رقم 40 ( جلسة هيئة الإصلاح الزراعى رقم 35 – فى 2 ديسمبر 1964 ) وبدأوا فى دفع أقساط تملكها بإيصالات رسمية .. وظلت تحت يدهم حتى اليوم.

* ويُذكر أن من بين هذه المساحة توجد 221 فدانا قامت وزارة الأوقاف باستبدالها ( أى بيعها ) مع هيئة الإصلاح الزراعى التى خضعت كبقية الـ ( 509 فدان ) للتوزيع .. وهى المساحة التى يدعى حسن فهيم خطاب أنه اشتراها من الأوقاف عام 1973 بعقد قسمة رقم ( مسلسل 223- مادة 59 – صحيقة 62 – جزء 21 سجل مبايعات 1890 عام 1973).

إلا أن السؤال الذى يكشف أكاذيب موظف الأوقاف المرحوم حسن فهيم خطاب وورثته ويفضح تواطؤ وفساد هيئة الأوقاف وتدليسها هو : بما أن الدولة قررت نقل ( استبدال )أراضى الأوقاف إلى هيئة الإصلاح الزراعى عام 1957 بالقانون رقم 152 ، وعام 1962 بالقانون رقم 44 على الترتيب وقامت هيئة الإصلاح بدفع ثمن الأرض المنقولة ( المستبدلة ) للأوقاف على الفور فكيف تبيع الأوقاف أرض ماهتاب قادن لعائلة خطاب عام 1973 فى الوقت الذى باعتها فيه لهيئة الإصلاح الزراعى عام 1962..؟!.

والسؤال الثانى الأهم : لما كان الحد الأقصى لملكية الفرد من الأرض الذى حددته قوانين الإصلاح الزراعى الثلاثة هى ( 200 فدان عام 1952 ، 100 فدان عام 1961 ، 50 فدان عام 1969 ) ولا يمكن لأى مالك تجاوزه وإلا اعتبر متهربا من تطبيق القانون ويعاقب بمصادرة أرضه كلها .. فكيف تبيع وزارة (هيئة )الأوقاف عام 1973 لحسن فهيم خطاب مساحة تزيد عن الحد الأقصى للملكية التى حددتها قوانين الإصلاح الزراعى الثلاثة..؟ وكيف تقوم الأوقاف وهى إحدى مؤسسات الدولة بمخالفة القانون وهى تعلم أن اكتشاف التزوير سيلقى بكل من شارك فيه خلف قضبان السجن علاوة على فصله من عمله لخيانته وإخلاله بمقتضيات وظيفته مهما طال الزمن ..؟

أما المفاجأة الكبري التى حدثت فى عام 2011 فتتمثل فى اجتماع تم عقده بمقر هيئة الأوقاف يوم الإثنين الموافق 19 ديسمبر عام 2011 بين لجنتين تمثل إحداهما هيئة الإصلاح الزراعى و الأخرى تمثل هيئة الأوقاف لمناقشة المشاكل المعلقة بينهما .. التى كان من بينها مساحة الـ 221 فدانا بمحافظة البحيرة (الخاصة بماهتاب قادن وآل خطاب). ينص محضر الاجتماع فى الصفحة الثانية بند 3 على [ بناء على طلب لجنة الإصلاح الزراعى بخصوص استلامهم لمساحة 221 فدان بناحية الأشراك مركز الرحمانية بحيرة والصادر بشأنها حكم لجنة القسمة من هيئة الأوقاف بضرورة العرض على السلطة المختصة بهيئة الأوقاف بغرض شراء هذه المساحة لصالح الوقف الخيرى ]. وأهم ما فى النص هو : أن هيئة الإصلاح تملك مساحة الـ 221 فدان من الأرض وأن هيئة الأوقاف تسعى لشرائها من هيئة الإصلاح الزراعى.. فإذا كانت الأوقاف قد باعتها لحسن خطاب فكيف تشتريها من هيئة الإصلاح..؟ .

وتعليقنا على الموضوع: كيف تسترد الأوقاف أرضا باعتها ( أى استبدلتها ) لهيئة الإصلاح الزراعى وتسلمت ثمنهامنها.بينما قامت هيئة الإصلاح الزراعى بتوزيعها على الفلاحين بالقرار رقم 40 فى 2 ديسمبر 1964 بنظام التمليك التقسيطى بل وتلقت جزءا كبيرا من ثمنها بإيصالات رسمية..؟ علما بأن القانون الذى استصدره السادات رقم 42 عام 1973 يمنع الأوقاف من استرداد الأراضى التى تم توزيعها على الفلاحين.
لقد حضر ذلك الاجتماع أربعة مسئولين من مديرية أوقاف البحيرة هم( خميس سالم ، حمدى محمد عبد القادر ، سعد محمد سعد ، رفيق عدلى سلامة ) ، وثلاثة مسئولين من مديرية الإصلاح الزراعى بالبحيرة هم ( فكرى محمد سعد رضوان ، إبراهيم عبد الحفيظ محمد ، صبرى عباس بدوى) ووقعوا على محضره. وهو ما يعنى أنهم على علم بقصة الـ221 فدان وعقد القسمة الخاص بالمرحوم حسن فهيم خطاب من الألف إلى الياء ؛ وبالتالى على معرفة بالنزاعات القضائية و بالصراعات العنيفة والمسلحة التى جرت وتجرى بشأنها بين الفلاحين وجيوش بلطجية آل خطاب منذ عامى 2004 ، 2007 وحتى الآن ، وعلى دراية بحملات الشرطة التى انتقلت إلى موقع الارض لتسليم أجزاء منها وطرد الفلاحين منها .. حتى لو عاد بعضها دون تنفيذ .. كما يعرفون تكلفة كل ذلك وخسائره.

مؤشرات الفساد:

*اكتشف فلاحو قرية عزبة الأشراك مساحة 70 فدانا فى حوضى ( الهيشة وفراخة الغفارة ) محيزة منذ عام 1975 باسم محمد عبد العاطى سلومة وياسين ياسين فرج الحمزاوى وهى ضمن مساحة 221 فدانا التى ادعى المرحوم حسن خطاب شراءها من وزارة الأوقاف. وبالبحث فى الجمعية الزراعية عن كيفية تحييز الأرض بالإسمين ( سلومة والحمزاوى) ثبت عدم وجود أية مستندات لملكية الأرض باسمهما ؛ وأفاد مسئولو الجمعية أنها محيزة منذ عام 1975 بناء على خطاب صادر للجمعية من إدارة الرحمانية الزراعية التى اتضح أنها منبع الفساد فى عملية تهريب والاستيلاءعلى أرض الإصلاح.

*كما اكتشفوا أن هناك 35 فدانا أخرى فى حوض البقر بنفس الزمام مهربة من هيئة الإصلاح الزراعى فى حيازة ورثة آل خطاب ويؤجرونها للفلاحين ويحاول الورثة الآن بيعها بتراب الفلوس لمستأجريها قبل اكتشاف السلطات لها وبذلك يبلغ جملة ما سطا عليه آل خطاب 256 فدانا فى زمام القرية.. وما يعنينا فى هذه القصة هى كيف حيزت الجمعية الزراعية هذه المساحة أيضا باسم آل خطاب.

* من ناحية ثالثة فأحمد دميس عمدة أبو خراش يسابق الزمن فى بيع مساحة أخرى- ( 5 أفدنة بحوض البُوَاشقية محيزة باسم اخته السيدة /عنايات) – للفلاحين قبل قيام هيئة الإصلاح الزراعى بمعاينة الزمام على الطبيعة فى عملية حصر لأراضى الإصلاح الزراعى التى تم توزيعها على الفلاحين و كذلك التى تم تهريبها من قانون الإصلاح الزراعى.

إذن كيف تم تحييز الأرض دون مستندات ملكية..؟ وكيف جرت مخالفة المادة 90 من قانون الزراعة ( 30/ 1966 ) منذ عام 1975 بتحييز الأرض بأسماء غائبين عن القرية مثل ( محمد عبد العاطى سلومة وياسين ياسين الحمزاوى )…؟

*كما اكتشفوااستيلاء إبراهيم سالم على حوالى 4,5 فدان أملاك دولة بجوار حوض البقر حيث أقام على أجزاء منها منازل له ولأولاده.

المشهد ملخصا :

وعليه يمكن تلخيص المشهد كالتالى : مجموعة من الفقراء يفلحون أرض سيدة من أصول غير مصرية لعشرات السنين بمقابل ( أجر ) محدود يحفظ لهم حياتهم بالكاد ، قررت الدولة بعد تطبيق قانون الإصلاح الزراعى عام 1952 أن يتملك كل منهم فدانين أو ثلاثة ليستمروا فى زراعتها لتوفير الغذاء لأبنائهم – ولمن لا يمتهن الزراعة من أفراد الشعب – على يسددوا ثمنها على 40 قسط سنوى.. فنفذ الفلاحون كل التعليمات وشرعوا فى دفع ثمن الأرض بكل أمانة وإخلاص.

لم يعجب هذا الرئيس السادات ووزارة ( وهيئة ) الأوقاف..فقرر السادات إعادة بعض الأراضى لهيئة الأوقاف التى لجأت للغش والتدليس وبدأت فى بيع أجزاء من هذه الأرض بتراب الفلوس ( 154 جنيها للفدان) لعدد من موظفيها وعمالها ومنهم حسن فهيم خطاب الذى حصل على 196 فدان بعقد قسمة ورفعها بطريقته إلى 221 فدان.. رغم أنها باعتها فى وقت سابق لهيئة الإصلاح الزراعى وقبضت ثمنها ورغم مخالفة ذلك للقانون المدنى ولقانون الإصلاح الزراعى.

كما لم يعجب كثيرا من الأفراد والأسر التى كانت تعمل – لدى السيدة المتمصرة ماهتاب قادن التى كانت تحوز الأرض – كموظفين أو خفراء أو خدم أو مساعدين ومنهم عائلة دميس وآخرون… فماذا قرروا..؟

قرروا تهريب أجزاء منها فى ظلام الليل بالاتفاق مع من نفذوا قانون الإصلاح الزراعى .هذا وقد ساعدتهم الأرض التى استولواعليها فى تحولهم من مجرد فلاحين صغار إلى أكبر أثرياء القرية وما يحيطها وأصحاب نفوذ ؛ وسيطروا- مع من صاهروهم أو تصاهروا معهم – على كثير من الوظائف الحساسة فى أجهزة الدولة بالمحافظة ( أحمد محمد دميس وكيل وزارة الإصلاح الزراعى بالبحيرة ثم عمدة قرية أبوخراش- محمود أحمد دميس رئبس مصلحة الأملاك الأميرية بالبحيرة –رفعت إسماعيل دميس رئيس مجلس مدينة الرحمانية – بدر محمد بدر مدير الإدارة الزراعية بالرحمانية – زكريا عفيفى مدير عام بالإصلاح الزراعى بالبحيرة – على مجاهد رئيس شركة مياه الشرب بالرحمانية، علاوة على تقلد عدد من أبنائهم وأقاربهم وظائف فى النيابة والقضاء) ، كما مكنهم من تكوين شبكة علاقات واسعة فى بقية المصالح الحكومية والمؤسسات الهامة وأجهزة الأمن . ولأنهم لم يكتفوا بذلك فقد فرضت مصالحهم أن تتشكل شراكة بينهم وبين آل خطاب .. وقرروا معاً أن يطردوا الفلاحين من الأرض .. لذلك تفننوا فى ابتداع الوسائل والأساليب التى تحيل حياة الفلاحين إلى جحيم وهمٍّ مقيم ..

هذا ويقول محمد المكاوى أحد فلاحى عزبة الأشراك عندما توجه لهيئة الأوقاف بالقاهرة بالشكوى أن المسئولين فى الهيئة أبلغوه منذ عدة أسابيع أنهم سيقومون باسترداد الأرض التى تحت يدهم خلال الشهر القادم والتى كانت ماهتاب قادن قد سلمتها للأواقاف فى وقت سابق. فمن يمكن أن نصدقه ..؟

هل نصدق هيئة الإصلاح الزراعى التى اشترت الأرض وسجلتها باسمها فى الشهر العقارى ..منذ عام 1962؟ ؛ أم مسئولى هيئة الأوقاف الذين يهددون الفلاحين بسلب الأرض منهم ، أم اللجنة المشتركة بين الأوقاف والإصلاح الزراعى التى اجتمعت فى ديسمبر 2011 وطلبت فيها الأوقاف شراء الأرض من هيئة الإصلاح ؛ أم ورثة حسن خطاب الذين يدعون أنهم اشتروا الأرض من الأوقاف عام 1973. أم الفلاحين الذين يزرعون الأرض منذ حوالى 70 عاما.. ولم يغادروها ودفعوا أغلب ثمنها..؟
أم نترك الفلاحين فريسة لهيئة الأوقاف ولصوص الأراضى وقوات الشرطة وصمت هيئة الإصلاح الزراعى المريب وفساد أجهزة الدولة وبلطجة أجهزة الإدارة المحلية ولقضايا الطرد والريع .. دون أن نحرك ساكنا..؟

الأحد 24ديسمبر 2017 بشير صقر
لجنة التضامن الفلاحى – مصر