دراسات وبحوث وتراجم – tadamon http://tadamon.katib.org موقع آخر في مدونات كاتب Tue, 15 Jan 2019 17:54:30 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=5.0.3 الأرض اللقيطة – تقرير عن فلاحى الإصلاح الزراعى بالبحيرة ( 3-3) http://tadamon.katib.org/2016/09/28/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d8%b6-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%82%d9%8a%d8%b7%d8%a9-%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%b9%d9%86-%d9%81%d9%84%d8%a7%d8%ad%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d8%a7/ http://tadamon.katib.org/2016/09/28/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d8%b6-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%82%d9%8a%d8%b7%d8%a9-%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%b9%d9%86-%d9%81%d9%84%d8%a7%d8%ad%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d8%a7/#respond Wed, 28 Sep 2016 15:01:00 +0000 http://tadamon.katib.org/?p=1144 بشير صقر
الحوار المتمدن-العدد: 5288 – 2016 / 9 / 18 – 00:54
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية

بقية مركز دمنهور

تنويه وتقديم :

تناولنا فى الجزء الأول أوضاع فلاحى الإصلاح الزراعى فى بعض قرى الرحمانية (عزبة الأشراك ، أبو خراش ، الخمسين ، الأشراك البلد )، وفى الجزء الثانى أوضاع فلاحى مجموعة أخرى من قرى مركز دمنهور تتبع الجمعية الزراعية بالبرنوجى.

وفى هذا الجزء- الثالث- نتناول مجموعة قرى أخرى بمركز دمنهور هى العمرية وعزبة سلامة والأرض المحيطة بسوق ماشية دمنهورالتابعة لجمعية قرطسا وطاموس الزراعية .

ويهمنا التأكيد على أن ما يجمع الأجزاء الثلاثة هو عمليات تهريب أرض الإصلاح الزراعى المتنوعة فور إصدار قانون الإصلاح فى خمسينات القرن الماضى عام 1952 ، أو فى بداية تقلقل أوضاعهم فى عهد السادات بعد صدور قانون رفع الحراسة ( 69 لسنة 1974) عن بعض أراضى الإقطاعيين ، أو بعد اضطراب هذه الأوضاع تماما فى عهد مبارك إثر انعقاد المؤتمر الدولى لهيكلة الزراعة المصرية فى فبراير 1992 والذى رافقه صدور قانون الإيجارات الزراعية الجديد رقم 96 لسنة 1992، أو فى فترة حمى تجريدهم من أراضيهم التى بدأت منذ السنوات الأولى للألفية الثالثة وما تلاها وظلت مستمرة حتى اشتعلت فى السنوات الثلاث الأخيرة ( 2013 – 2016).

وبقدر استطاعتنا فى تتبع الكيفية التى جرت بها – وتجرى –عمليات السطو على تلك الأراضى والأهداف التى تتجه نحوها؛ بقدر ما نسعى لتحديد العوامل والوسائل التى تساعد على كشفها ووقفها بغرض إنهاض الفلاحين والزراعة.

هذا وننبه إلى أن أبرز المخاطر المباشرة لتجريد الفلاحين من أراضيهم وإعادة تركيزها فى أيدى قلة من كبار ملاك الأرض وكبار الزراع والمستثمرين هو تفاقم أزمة الغذاء وبطالة الفلاحين وإضعاف عملية الإنتاج التى تساهم فى تدهور قيمة العملة المصرية خصوصا مع تعطل 4 آلاف مصنع وشركة صناعية عن الإنتاج بسبب الخصخصة؛ ومن ثم فى ارتفاع أسعار سلع وخدمات المعيشة الضرورية.. فضلا عن الآثار السلبية المعروفة لتركز الملكية على تقدم المجتمع.

ولما كان فقراء وصغار الفلاحين هم الفئة المنتجة للغذاء فى مصر إلى جانب جزء من متوسطى الفلاحين .. أولا لسد احتياجاتهم الغذائية وثانيا لتلبية الطلب على الاستهلاك المحلى ؛ فإن تجريدهم من الأرض يوقع الاقتصاد والشعب المصرى فى مصيدة المستوردين للغذاء وتجار الحبوب وهو هم ُّ لو تعلمون عظيم.. بينما كبار الزراع والملاك لا يمكن المغامرة بترك مهمة تغذية الشعب فى أيديهم ؛ فنشاطهم فى الزراعة متوقف على معدل الأرباح التى يجنونها منها .. فإن قلت أو صادفتها عقبات تحولوا إلى نشاط آخر وتركوا الزراعة وهو ما لا يحدث فى حالة تولى فقراء وصغار الفلاحين مهمة إنتاج الغذاء.

هذا ولأن تجريد الفلاحين عموما -ومنتفعى الإصلاح الزراعى خصوصا – من الأرض هوعملية لا تجرى من طرف واحد متمثل فى ( الدولة وورثة الإقطاعيين السابقين وعصابات السطو المنظمة على الأراضى) بل هى صراع بين هذا الطرف وبين الفلاحين .. وجبت الإشارة ولو بشكل موجز إلى عناصر الضعف والثغرات التى تكتنف مقاومة الفلاحين فى هذا الصراع الدامى وهى افتقاد الوعى والتنظيم.. وبالتبعية افتقاد الروح المقدامة فى الدفاع عن مورد رزقهم ومصدر حياتهم .

الأرض اللقيطة :

ثمرة الزاوج المباشر بين تهريب الأرض وفساد البعض من موظفى الإصلاح الزراعى وضباط الشرطة

فى ظهر السابع من يونيو 2010 التقيت لأول مرة فى القاهرة باثنين من فلاحى عزبة العمرية مركز دمنهور كانا هاربين من القرية بسبب مطاردة أحد ضباط الشرطة الكبار لهما ضمن رجال عائلة شهاب.

كان الضابط يدعى شراءه 6 أفدنة من ورثة عائلة نوار الإقطاعية من عدة شهور بعقد بيع ابتدائى.. بينما المطارَدون من آل شهاب يزرعون الأرض من منتصف القرن الماضى .. ولما شرع الضابط فى استدعائهم لمكتبه لإجبارهم على ترك الأرض.. غادروا القرية.

كان الضابط ( طارق هيكل ) رئيس فرع مباحث أمن الدولة فى البحيرة قد عرف– بحكم منصبه – قصة هذه الأرض وعقد العزم على اصطيادها من زارعيها الفقراء .

سألنى الفلاحان عن إمكانية اللجوء لحبيب العادلى وزير الداخلية آنذاك لشكاية ضابط أمن الدولة وطالبانى بمساعدتهما .
وفوجئا بردى الذى صدمهما : وهل سنشكوا اللص لشيخ المنصر..؟

فى الثالثة فجر اليوم التالى داهمت تجريدة ضخمة من مباحث البحيرة منازل عائلة شهاب حيث تلقى نساؤها وأطفالها علقة ساخنة مصحوبة بوابل من البذاءات والشتائم إزاء رفضهم الإفصاح عن أماكن اختفاء رجال العائلة.

وفى نفس التوقيت من صباح اليوم الثالث هاجمت قوة من الجنود مدججة بالسلاح والجرارات والبولدوزرات الأرض وأتلفت ما بها من مزروعات وأزالت الحدود بين حقولها وغيرت معالم الحوض بأكمله .. فعاودت النساء التصدى لها بشراسة .. حيث تم القبض على عدد منهن مع تلفيق بعض التهم التى منها الاعتداء على الشرطة.

وعلى الفور انتقل وفد من (أطباء مركز النديم لعلاج ضحايا التعذيب) إلى القرية وقام بمسح شامل لنساء العائلة وإصاباتهن وكتب تقريره الذى تم نشره بعدها بأيام.

وبتصاعد الأحداث والتحقيقات واكتشاف النيابة العامة لأبعاد وتفاصيل هذه الاعتداءات وكذا التلفيقات التى اكتنفتها تصاعدت حملة لجنة التضامن الفلاحى على ضابط أمن الدولة وبعض من ساعدوه فى هذه الحملة.. لقى فيها الفلاحون تعاطفا واضحا من كثير من سكان الريف والمهتمين بأمرهم.

ولأسباب شتى منها افتضاح أمر الضابط ؛ والانهاك الذى نال من الفلاحين خلال شهور المطاردة ؛ وصعوبة الحياة لأسر تعيش يوما بيوم من كد رجالها الغائبين ؛ وتحول القرية إلى ما يشبه الثكنة الشرطية حيث يتسكع المخبرون فيها ليل نهار يلتقطون الأخبار من أى شخص وأى مكان ويمارسون الابتزاز على الأهالى .

إزاء هذا كله تم التوصل إلى حل وسط بين ضابط أمن الدولة وآل شهاب باقتسام الأرض.. وكان ذلك الحل أشبه بنصف انتصار للفلاحين ونصف هزيمة للضابط وأجهزة أمن البحيرة.. التى دعمته.

وفى الرابع عشر من فبراير2011 قامت مجموعة مسلحة ببنادق الكلاشنكوف من أعوان الضابط بمهاجمة القرية فى سيارتين.. مطلقة وابلا من الرصاص على الأهالى وهى فى حالة غريبة من الهياج والعصبية ولسان حالها يقول: ” نحن هنا .. موجودون وأقوياء .. رغم أحداث ثورة 25 يناير “. تصور المعتدون أن هجومهم سيخلق حالة من الترويع والهلع فى صفوف الفلاحين ويدفعهم للاختباء؛ غير مدركين أن جماهير الريف تجمعها أصوات الرصاص.. وليس العكس ، وفى دقائق تحولت العزبة الصغيرة إلى حشود من آلاف الفلاحين هرعت من العزب المجاورة لتحاصر المعتدين .. الذين لم يجدوا مفرا سوى اللجوء إلى قصر الضابط المقام وسط الأرض المغتصبة وسوى إطلاق المزيد من الرصاص الذى أصاب أحد الفلاحين. وضاق الحصار عليهم مما اضطرهم لإشعال النار فى محتويات القصر ليتخذوا من دخانه ساترا للهرب من المنطقة.
ولأن هروبُهم استفز الفلاحين .. كان رد الفعل هو نزولهم إلى الأرض المغتصبة واستعادتها بكاملها.

يُذكر أن محاولة استيلاء ضابط أمن الدولة على أرض عائلة شهاب لم يكن الواقعة الوحيدة فى سجله فى العمرية.. بل سبقه من حوالى 5 -7 سنوات استيلاء آخر على ( 7 أفدنة ) من أرض عائلة ( عبد الله ) واستيلاء ثالث (4 أفدنة ) من أرض عائلة (الخويلدى).. والأهم أن مسئولى الزراعة والجمعية الزراعية تواطأوا مع الضابط وحيزوا الأرض – باسم والدته زينب مصطفى علام – فى سجلات الجمعية الزراعية.. وهو ما يعنى طردهم منها.

كذلك فقد قام ضابط آخر هو العميدعبد الرحمن العكازى – وكان مأمورا لمركز إيتاى البارود – بالاستيلاء بنفس الطريقة على 17 فدانا كان يزرعها فلاحون من عائلات المصرى والخويلدى وعبد الله فى نفس الزمام .. بعقد شراء مضروب .. إلا أنه لم يتمكن من استلام الأرض أو من تحييزها فى الجمعية الزراعية ، وكان ذلك هو الاختلاف بين حالته وحالة طارق هيكل .. نظراً لفارق الرتبة والمنصب والنفوذ .

تلك هى قصة فلاحى العمرية مع اثنين من كبار ضباط أمن البحيرة بإيجاز شديد أما عن القصة الحقيقية وعن مفاصلها فكانت كالآتى:

يدعى طارق هيكل أنه اشترى أرض عائلة شهاب ( 6 أفدنة ) من كل من نازك عبد الجواد نوار وإبراهيم أحمد نوار ولذا لجأت هيئة الدفاع عن الفلاحين بالبحث والتنقيب فى جذور ملكية نازك ، وإبراهيم اللذين يدعيان ملكية الأرض محل النزاع و” باعا ” الأرض المشار إليها لوالدة ضابط أمن الدولة ( زينب مصطفى علام ) وهو نفس ما فعله العميد عبد الرحمن العكازى ( الذى” اشترى” الأرض باسم زوجته ) وقد توصلت الهيئة للآتى:

أولا : العقود الرسمية فى زمامات العمرية والبرنوجى وحفص ونديبة مركز دمنهور محافظة البحيرة :
تم استخراج صور رسمية لأربعة عقود مسجلة تثبت بما لايدع مجالا للشك خلو الزمامات الأربعة من أية ملكية للمذكوريْن ( نازك وإبراهيم نوار) وهى:

•العقد رقم 361 المؤرخ 19 يناير 1926 .
•العقد رقم 967 المؤرخ 7 فبراير 1928 .
•العقد رقم 1928 المؤرخ 21 لإبريل 1931 .
•العقد رقم 381 المؤرخ 19 يناير 1932 .

ثانيا : شهادات القيود والشهادات السلبية وشهادات المطابقة فى زمام العمرية مركز دمنهور بحيرة.

* بتاريخ 9 نوفمبر 2009 تم استخراج شهادة بالقيود الواردة بالسجل العينى بدمنهور بصحيفة الوحدة العقارية [ ( أى القطعة ) رقم 770 / من 133 بحوض مزيد قسم ثان خيرى] تضمنت عددا من المالكين ليس منهم اسم أى من المذكوريْن ( نازك وإبراهيم ) .
(توضيح : شهادات القيود تتضمن ملكية الأشخاص المُستفسَر عنهم ومساحاتها ومواقعها تفصيلا).

* بتاريخ 29 سبتمبر 2010 تم استخراج شهادتين سلبيتين بأرقام 2970 ، 2971 لسنة 2010 تتعلقان بالمذكوريْن ( نازك وإبراهيم ) وتثبتان أن كلا منهما ليست له ملكية بزمام قرية العمرية مركز دمنهور وهو الزمام الذى يضم الأرض محل الصراع بين فلاحى العمرية (وتحديدا عائلات عبد اللاه والخويلدى وشهاب ) وبين بعض ضباط الشرطة ومنهم طارق هيكل وعبد الرحمن العكازى.
(توضيح : الشهادات السلبية هى التى تنص على عدم وجود ملكية للأشخاص المُستفسَر عنهم ).

* وتأيدت شهادة القيود السالفة بشهادة مطابقة من ذات السجل العينى بدمنهورعن ذات الوحدة العقارية [ ( القطعة ) 770 / من 133 بحوض مزيد قسم ثان خيرى ] بنفس الزمام وقيدت برقم 20605 بتاريخ 20 أكتوبر 2009؛ وهو ما يؤكد خلو زمام قرية العمرية / دمنهور / البحيرة من أية أملاك زراعية للمذكوريْن نازك وإبراهيم نوار اللذين يدعيان أنهما باعا المساحات محل النزاع إلى زينب مصطفى علام والدة طارق هيكل الرئيس السابق لفرع أمن الدولة بمحافظة البحيرة وزوجة اللواء متقاعد محمد رشدى هيكل بالقوات البحرية المصرية.
(توضيح : شهادات المطابقة تتضمن نصوصا تتطابق مع شهادات القيودعن ملكية الأشخاص المُستفسَر عنهم ) .

ثالثا حصر بأرقام القضايا والمحاضر وشكاوى للنائب العام:

*وبخلاف القضايا المنظورة حاليا أمام القضاء بأرقام 51 ، 70 ، 71 لسنة 2011 مدنى كلى دمنهور ، فإن الفلاحين قد حصلوا على حكم قضائى فى 28 مارس 2010 ضد أحد أفراد عائلة نوار ( عباس عبد الجواد نوار) فى الدعوى 107 / 2010 م.ك / مركز دمنهور.

*وهناك المحضر المجمع رقم 873 / 2011 نيابة مركز دمنهور الذى يضم كل التحقيقات فى البلاغات التى قدمها الفلاحون ضد طارق هيكل ووالدته بشأن الأرض محل النزاع وكذا العدوان المتكرر عليهم والبلاغات الكيدية التى استهدفت مطاردتهم وإجبارهم على التخلى عن أراضيهم.

*كذلك فقد تقدم الفلاحون للنائب العام بالشكوى رقم 2997 فى 23 /2 /2011 وللنيابة الإدارية بأرقام 910 ، 911 فى 14 /3 / 2011 .

* علاوة على المحضرين رقمى 4350 ، 4885 لسنة 2010 إدارى مركز شرطة دمنهور .

ويتضح من البندين أولا وثانيا أن من باعا الأرض ( نازك نوار وإبراهيم نوار) لوالدة ضابط أمن الدولة (زينب مصطفى علام ) لا يملكان سندا لملكيتها فكيف إذن تم بيعها؟ وإذا كان البائع لايملك سندا للملكية فهل يملك الشارى سندا بنقل مليتكها ؟ وبالتالى كيف تم تحييزها فى الجمعية الزراعية المختصة؟

إذن أين الحقيقة فى هذه القصة ..؟ :

*الأرض التى استولى عليها ضابط أمن الدولة ومأمور شرطة إيتاى البارود على مدى السنوات الـ 12 السابقة كانت فى حيازة أبناء عائلة نوار بلا سند ملكية وهو ما يعنى أن الحصول عليها تم بطرق غير مشروعة كالاغتصاب .

*وقد تضمن قانون الإصلاح الزراعى الأول مادة تتيح للإقطاعيين التصرف -خلال 5 سنوات بالبيع- فيما زاد عن الحد الأقصى للملكية لغير الأقارب ، تم مدها عامان آخران ، إلا أن آل نوار استهانوا بالقانون نظرا لأن القائمين بتطبيقه فى جهاز الدولة وقتها كانوا من رجالهم وصبيانهم- وهو ما تكرر فى معظم المحافظات التى طبق فيها قانون الإصلاح الزراعى- فماذا فعلوا..؟

* قرروا تهريب الأرض خصوصا التى ليست لها سندات ملكية ، واهتدوا إلى فكرة خبيثة هى (تأجيرها فى صمت وبشكل ودى) إلى عدد من الفلاحين المعدمين هم آباء وأجداد من يزرعونها حاليا. ولأن جبروت آل نوار كان شديدا ولأن الفلاحين مقهورون وضعفاء ومفتقدون للوعى ومحتاجون للأرض بينما أعدادهم تفوق كثيرا المساحات المعدة للتوزيع بموجب قانون الإصلاح وليس من المؤكد أن يحصلوا على أرض من الدولة.. لذلك وافقوا على استئجار الأرض بشكل ودى ( دون عقد إيجار مكتوب ) وتعهدوا بعدم الحديث عن ذلك خصوصا أمام سلطات الدولة والادعاء بأنهم حصلوا عليها بالميراث من آبائهم. وهكذا ظلوا يزرعونها بينما لا يعلم الحقيقة سواهم مع آل نوار ومن ساعدوا فى تهريبها من الموظفين فى الإصلاح الزراعى وفى مؤسسات الدولة الأخرى ذات الصلة بالأرض.

وظل الأمر طىّ الكتمان حتى تولى السادات مقاليد الحكم ولم يعد هناك خطر إن تسربت تلك الأخبار، وبعد صدور قانون رفع الحراسة 69 / لسنة 1974 كشف الإقطاعيون عن وجوههم وتصرفوا ليس باعتبارهم مهربين للأرض مخالفين للقانون بل باعتبارهم أصحاب حق مسلوب.. و” بعين جامدة “.

الشركاء الجدد لورثة الإقطاعيين:

بعد تولى مبارك الحكم وصدور قانون المالك والمستأجر ( 96 / لسنة 1992 ) وتطبيقه كانت أولى الأراضى التى ُطرد منها الفلاحون هى أراضى الإصلاح الزراعى بنوعيها ( الحراسة والاستيلاء) . وهنا تصور ورثة الإقطاعيين أنهم سيستردون كثيرا من أراضيهم إلا أن من ساعدوهم على تهريبها فى وقت سابق كان لهم رأى آخر يتمثل فى مقاسمتهم ثمن أو قيمة هذه الأرض المستردة من الفلاحين.
وحيث رضى كبارُ موظفى الإصلاح الزراعى وصغارُهم بمقابل نقدى لم يقنَع ضباط الشرطة بهذه القسمة وتعددت طرق القسمة وأشكالها .

أما ما حدث فى الأرض المهربة بالعمرية فله وضع مختلف:
فلأنها مهربة من قانون الإصلاح الزراعى فلا أثر لها فى سجلات هيئة الإصلاح الزراعى.
ولأن آل نوار لا يملكون لها سند ملكية ولم يضعوها فى إقراراتهم المقدمة للدولة فهى ليست أرضهم بل وأصبح وضعهم ضعيفا أمام الفلاحين المستأجرين لها وأمام الدولة وهيئة الإصلاح
ولأن الفلاحين لم يبلّغوا الدولة عنها ولم يحصلوا عليها من هيئة الإصلاح فهى ليست مدونة باسمهم لديها وليس لهم بخصوصها استمارات بحث اجتماعى تضعهم ضمن منتفعي الإصلاح.

باختصار هذه الأرض لقيطة ليس لها إسم أوعنوان .. ليست مسجلة باسم الإصلاح الزراعى ، ولا باسم آل نوار ، ولا مدونة باسم الفلاحين باعتبارهم منتفعى إصلاح زراعى.. وبالبحث عنها فى سجلات الشهر العقارى لن تجد لها أثرا.

وهنا أطبق عليها ضابط الشرطة الكبير( طارق هيكل ) – الذى عرف السر وظل صامتا ومنتظرا اللحظة المناسبة.. فماذا فعل..؟ :

عرف من خلال منصبه مَن الذى يزرع هذه المساحات من الفلاحين .. ومن الذى يؤجرها لهم من آل نوار بشكل ودى ويتلقى الإيجار. ولذلك:
* استدعى من يدّعون ملكيتها من آل نوار وكشف لهم حقيقة الأرض وأنهم لا يملكونها وقال لهم : بلاغ صغير لهيئة الإصلاح الزراعى أحيل حياتكم إلى جحيم .. ولذلك ما عليكم سوى بيعها لى. وهكذا دفع لهم ثمنا تافها وكتب فى عقد البيع أضعاف قيمته .. واشترى الفدان بثمن قيراط .

*بعدها استدعى من يزرعونها من الفلاحين وأطلعهم على عقد شرائها وطلب منهم مغادرتها بالحسنى وإلا بعثرهم فى أركان مصر..

*ثم أرسل للجمعية الزراعية لتسجيلها كحيازة له أى لوالدته.

*بل وقام ببناء قصر فخم عليها ومخزن لأنابيب البوتاجاز.

* وقدم طلبا لأجهزة المحافظة للحصول على ترخيص بإقامة ثلاجة خضر فى 1 يونيو 2010 قبل أسبوع من الهجوم على الفلاحات بعد منتصف الليل وقبل أن يشرع فى تغيير معالم الأرض بجرارات نائب الدائرة فى مجلس الشورى.

ويهمنا أن نوضح كيف ان الفلاحين – رغم مشاركتهم فى الصمت على جريمة تهريب الأرض – هم أقوى أطراف الصراع الثلاثة ( آل نوار ، ضابط أمن الدولة ، الفلاحون) ؛ فمن ناحية هم يزرعون الأرض ويضعون يدهم عليها طيلة نصف قرن، علاوة على أنهم الطرف الوحيد الذى يمتهن مهنة الزراعة ؛ وأن صمتهم كان صمت المرغم على مواصلة الحياة لأنه لاحياة لفلاح بلا أرض.

أما الطرف الثانى ( ضابط أمن الدولة ) فلقد هز كيانه ما نشر عن موضوع استيلائه على أرض مهربة من قانون الإصلاح الزراعى خصوصا وأن له سجلا فاضحا حافلا بالمخالفات المماثلة فى أوقات سابقة وفى أماكن متعددة، بالإضافة إلى أنه موظف عام وأقحم نفسه فى ارض تكتنفها نزاعات قضائية مخالفا بذلك نصوص القانون.. ولا يمتهن الزراعة، علاوة على أنه لايملك سنداً لملكية الأرض ، وقام بالبناء عليها بالمخالفة لقانون الزراعة وقانون البناء على الأرض الزراعية .

لكن الطرف الثالث فى الصراع ( آل نوار ) فكان أضعف الأطراف لأسباب كثيرة منها : أنهم لا يملكون سند ملكية للأرض ، ولو أصروا على أنها ملكيتهم وطالبوا بها فسيتم اعتبارهم مخالفين لقانون الإصلاح الزراعى وعقوبتهم بموجبه هى مصادرة الأرض – وهو ما هددهم به ضابط أمن الدولة – ولذلك نفذوا ماطلبه منهم ووقعوا على عقد بيعها فى صمت، علاوة على أنهم لا يمتهنون الزراعة ولايضعون يدهم على الأرض.

تدخل الجيش.. وتوصية من رئيس أركان القوات البحرية:

-فى أعقاب المعركة التى دارت يوم 14 فبراير 2011 بين المجموعة المسلحة التى أرسلها ضابط أمن الدولة وبين فلاحى العمرية والعزب المحيطة وانتهت بهروب المعتدين واسترداد الفلاحين لأراضيهم توجهت فى اليوم التالى 15 فبراير 2011 مجموعة من الشرطة العسكرية للقرية لاستطلاع الأمر استقبلها الفلاحون بحفاوة وتعاونوا معها وأطلعوها على ما حدث فى اليوم السابق وشرحوا لها الأبعاد الحقيقية والتاريخية لمشكلة الأرض والأساليب الوحشية التى استخدمها معهم رئيس المباحث السابق حتى طردهم من الأرض، كما ذكروا لها أن القضاء المدنى ينظر عدة قضايا مرفوعة أمامه بخصوصها .. وهو ما تم ذكره أعلاه فى البند ثالثا.

– وفى صباح الثلاثاء 22 مارس 2011 داهمت مجموعة مسلحة أخرى من أنصار طارق هيكل تضم والده وعددا من أقاربه وأنصاره ومعها مجموعة من الأفراد الذين يرتدون زيّا عسكريا ؛ وما أن دخلت القرية حتى أطلقت وابلا من الرصاص فى كل اتجاه .. وعلى الفور أدرك الفلاحون أن المعتدين عاودوا الهجوم عليهم لانتزاع الأرض مرة أخرى، لم يتصوروا بالمرة أن من يلبسون الزى العسكرى هم من أفراد القوات المسلحة.

لقد كان وجود والد طارق هيكل وأقاربه وأنصاره – الذين يعرف الفلاحون بعضهم – مع القوة العسكرية ودخولهم القرية وهم يطلقون الرصاص هو ما صور للفلاحين أن هؤلاء جميعا من أنصاره وأن الملابس العسكرية مجرد تمويه فوقفوا أمامهم محاولين منعهم من التقدم، وهو غير ما حدث يوم الزيارة الأولى للقوات المسلحة التى ذهبت لقرية العمرية فى 15 فبراير 2011 لاستطلاع الأحداث التى وقعت فى اليوم السابق.

– وفى بحر 15 دقيقة تم القبض العشوائى على خمسة من الفلاحين تصادف وجودهم فى أرضهم وهم
1- محمد عبد الله عبد الحليم. 2- شعبان عبد الله عبد الحليم. 3- حمادة ناصر عبد الحميد.
4- حلمى عبد الله عبد الحليم. 5- عبد الله عبد الحليم عبد اللاه.
ونقلوهم إلى مقر قيادة المنطقة الشمالية العسكرية بالإسكندرية .. ثم إلى سجن الحضرة وهناك تمت المحاكمة يوم 24 مارس 2011 ووجهت لهم التهم التالية:

التعدى على موظفين عموميين. 2- إتلاف قصر والدة طارق هيكل.3- اغتصاب أرض والدة طارق هيكل. 4- سرقة محتويات القصر.

وفى بحر 48 ساعة من القبض عليهم حكمت على الأربعة الأول بالسجن خمس سنوات وعلى الخامس بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ.

وقد أبدت هيئة الدفاع عن الفلاحين على المحاكمة العسكرية الملاحظات التالية:

أ- أنه لم يتم تمكينها من حضور المحاكمة رغم وجودها أمام أبواب السجن.
ب- كما أنها لم تتمكن من الحصول على فرصة لقراءة ملف القضية.
ت- وأن المتهمين الثلاثة الأول لم يكونوا فى موقع الأحداث التى جرت يوم 14 فبراير 2011 ولا يوجد شهود على وجودهم ؛ علاوة على أن حشود الفلاحين التى توافدت على القرية من القرى المجاورة بسبب طلقات الرصاص التى ملأت أسماعهم كانت بالآلاف فكيف يحاكمون بسبب تلك الأحداث التى لا يوجد شاهد إثبات واحد عليها.

• فالمتهم الأول محمد عبد الله عبد الحليم كان خارج مصر( فى ليبيا ) منذ 5 مارس 2008 وحتى 22 فبراير 2011 ؛ بينما الأحداث وقعت فى 14 فبراير 2011 كما هو مدون بجواز سفره رقم 1154259 الصادر من مكتب جوازات ( ج . م . ع 36 ) فى الصفحتين 29 ، 47 .
• والثانى شعبان عبد الله عبد الحليم كان فى نوبة عمل كخفير نظامى تابع للدولة.
• والثالث حمادة ناصر عبد الحميد كان فى نوبة عمل فى مخبز عبد الحميد عرفات بشارع 23 يولية بمدينة دمنهور على بعد عشرة كيلومترات من قرية العمرية.
ث- أن النزاع حول الأرض منظور أمام القضاء المدنى منذ فترة وقبل أن يتدخل القضاء العسكرى فيه ؛ والقانون المصرى لا يجيز للقضاء العسكرى التدخل طالما الأمر منظور أمام أى نوع آخر من القضاء.
ج- والمفاجأة الأهم أن القوات المسلحة تدخلت فى المشكلة بالصورة التى تمت يوم 22 مارس 2011 بعد أن وصلتها توصية من رئيس أركان القوات البحرية (الأدميرال أسامة الجندى) لصالح والدة طارق هيكل لأن والده كان ضابطا سابقا بالقوات البحرية، والأهم أن هذه التوصية مرفقة بملف القضية وهى مليئة بالمعلومات المغلوطة التى قدمها ضابط البحرية السابق لرئيس أركان القوات البحرية برقم 306 /2301 ومؤرخة بتاريخ 7 مارس 2011.

المفاجأة الكبرى فى استئناف المحاكمة العسكرية لفلاحى العمرية :

بعد أن نظرت المحكمة العسكرية العليا استئناف (التماس) الفلاحين المحبوسين ضد الحكم الصادر ضدهم من محكمة أول درجة العسكرية .. قضت ببراءتهم من كل التهم المتعلقة بالأرض والقصر والسرقة ؛ ولأنهم قضوا فى السجن سنة كاملة ( مارس 2011- مارس 2012) دون ذنب ويحق لهم فى حالة البراءة المطالبة بتعويض عن حبسهم فقد قررت معاقبتهم بتهمة التعدى على موظفين عموميين ..وتم الإفراج عنهم فى أعقاب صدور الحكم.

ملاحظة :
*وفى نفس اليوم 22 مارس تكرر فى إحدى عزب المعمورة (عزبة حوض 13 ) نفس ما جرى فى العمرية تماما وتم التحقيق فى النيابة العسكرية بالإسكندرية مع فلاحى العزبة وحكم عليهم فى نفس الجلسة بنفس الأحكام.

*وفى يومى 15، 21 ، 23 مايو ، 6 يونيو 2011 قامت قوة من القوات المسلحة والشرطة والمسطحات المائية بالفيوم ( مصفحة وشاحنتى جنود) بتجريف أربعة أفدنة مزروعة بالأرز فى قريتى منشية ربيع وقلهانة تخص الفلاح عاطف محمد فيصل الذى تم القبض عليه مرتين بدعوى مخالفته ( لقرار منع زراعة الأرز بالفيوم ) وقد أفرجت عنه النيابة مرة بلا ضمان ومرة بكفالة ، ولم يشفع له حصول فلاحى المحافظة عام 2009 على حكم قضائى بوقف القرار بعد صدوره فى عام 2008 .

حالة أخرى لتهريب الأرض بطلها رجل قضاء سابق:

بتاريخ الإثنين 20 يونيو 2011 نشرت صفحة الفلاحين بجريدة الأهرام المسائى خبرا ملخصه :

-فى زمام عزبة سلامة مركز دمنهور التابعة للجمعية الزراعية لقرية نديبة – معقل عائلة نوار الإقطاعية –صادرت الدولة 300 فدان من أرض العائلة تم تسجيلها باسم هيئة الإصلاح الزراعى فى الشهر العقارى برقم 5371 بتاريخ 3 ديسمبر 1962 .

-من هذه المساحة كانت زهرة محمد إمام الابيارى – زوجة محمد على عيسى نوار – تمتلك قبل المصادرة ( 13 فدان ، 9 قراريط ، 18 سهما بحوض المشاق رقم 1 ورقم 2 بالقطعتين 19 ، 67 ).

-ورغم أن الـ 300 فدان ليست أرض حراسة بل تصنف كأرض استيلاء وتم نقل ملكيتها للدولة فقد تمكنت العائلة الإقطاعية بمساعدة موظفى الإصلاح الزراعى بالبحيرة من استخراج قرار إفراج لها. وبذلك تحول الفلاحون الزارعون لها – والذين يدفعون أقساط تملكها لهيئة الإصلاح – تحولوا من ملاك إلى مستأجرين.

-فى عام 1997وبعد صدور قانون الإيجارات الجديد ( 96 سنة 1992) أعاد أفراد الأسرة الإقطاعية بمساعدة الجمعية الزراعية تأجيرها للفلاحين من جديد ومع عقود الإيجار الجديدة حصلوا على إيصالات أمانة بمبالغ باهظة لشل يد الفلاحين عن المقاومة مستقبلا .

-وفى عام 2008 قام ورثة زهرة الابيارى ببيع سبعة أفدنة ونصف من الـ 13 فدان إلى المستشار محمد سمير إبراهيم نوار الذى حاول طرد الفلاحين منها . ففى 13 إبريل 2011 استصدر قرار تمكين من النيابة العامة برقم 7 لتنفيذ عملية الطرد مدعيا اغتصاب الفلاحين لأرضه وإتلافهم لمحاصيله المنزرعة بها مع أن قدَمَه لم تطأ الأرض منذ قيامه بـ “شرائها “؛ وفى نفس الوقت قام ورثة زهرة الابيارى بشكاية الفلاحين بإيصالات الأمانة .. بل وشاركت النيابة العسكرية فى التحقيقات رغم مخالفة ذلك للقانون حيث أن القضاء المدنى ينظر عددا من الدعاوى القضائية المتبادلة بين الفلاحين وورثة زهرة الابيارى والمستشار محمد سمير نوار بشأن الأرض.

والأسئلة التى يطرحها هذا الموضوع هى :

كيف تم الإفراج عن الأرض المسجلة باسم هيئة الإصلاح الزراعى..؟
وكيف قام المستشار رجل القضاء بشراء أرض من غير مالكها ويعرف مقدما وأكثر من غيره أنها مسجلة لمالك آخر ؟ وكيف يخالف القانون ويدخل فى أمر تكتنفه نزاعات قضائية متعددة ومعلنة..؟
وكيف أصدر المحامى العام بدمنهور قرارا بتمكين المستشار ” المشترى” بينما العقار محل “الشراء ” مملوك لغير من باعه حيث تقدم الفلاحون بشهادة عقارية تتضمن ملكية الإصلاح الزراعى للأرض؟

ضباط الشرطة بين دورهم الوظيفى وأطماعهم الشخصية :

وإضافة لما ذكر فى هذا التقرير من وقائع سابقة شارك فيها جهاز الشرطة مشاركة عملية وفعالة تتسم بالوحشية نضيف الوقائع التالية:

-فى 4 يونيو 2008 بعزبة البارودى مركز الرحمانية تدخلت شرطة البحيرة لصالح شيخ بلدة محلة ثابت الذى حصل على حكم مزيف لصالحه بعد أن اصطنع أختاما مزورة بأسماء 17 فلاحا من خلف ظهرهم ولفق لهم عقود إيجار لا يعلمون عنها شيئا باعتباره مالكا لأرضهم بينما هى أرض الإصلاح الزراعى.. وطردهم منها بعد مجزرة أصيبت فيها النساء من السحل فى الشوارع أكثر من الرجال وألقى القبض على 13 فلاحا ولفقت لهم تهم مقاومة السلطات واغتصاب ملكية الغير.

-وفى 17 يونيو 2008 وبعد أن فشل بدر أبو خيار فى إقناع فلاحي عزبة محرم -المجاورة لعزبة البارودى- بشرائه أرض الإصلاح الزراعى التى يزرعونها.. استدرجت الشرطة عن طريق العمدة ثلاثة فلاحين منهم إلى مديرية أمن البحيرة بدعوى التفاوض حول الموضوع ، وهناك تم إجبارهم على توقيع عقود إيجار باعتبار بدر أبو خيار مالكا لأراضيهم؛ وبعدها قامت الشرطة بتجريدة ضخمة على القرية واغتصبت أرض حوالى40 فلاحا – وليس أرض الثلاثة الذين جرى استدراجهم – بعد معركة دامية، كما تم القبض على صحفى جريدة الفجر( كمال مراد ) الذي حضر لتغطية الأحداث والاعتداء عليه وحبسه يومين وتقديمه للنيابة بتهمة مقاومة السلطات والاعتداء على الشرطة مع عدد آخر من الفلاحين. ( الرابط :tadamon.katib.org/2008/06 ).

موقف جهاز الشرطة مقارنا بموقف اللواء ضياء الدين:

خلال عملها طيلة عاما 12.. لم تصادف لجنة التضامن الفلاحى .. لضباط الشرطة موقفا منصفا للفلاحين أولقانون الإصلاح الزراعى سوى فى حالة واحدة هى حالة اللواء أحمد ضياء الدين مدير الشئون القانونية بوزارة الداخلية عام 2007 . فقد رفض تنفيذ حكم قضائى يعلم أنه مشوب بالبطلان لصالح بعض ورثة عائلة الفقى بالمنوفية أما بقية الحالات- وما أكثرها- فهى فى مواجهة الفلاحين وقانون الإصلاح. والجديد فى الأمر أن ضباط الشرطة لم يكتفوا بدورهم كجهاز أمنى فى مناصرة ورثة الإقطاعيين وعصابات السطو المنظمة على الأراضى كفئة طفيلية دموية التاريخ كريهة الرائحة فى المجتمع تأخذ منه ولا تضيف له ؛ بل تشكلت لديهم كأفراد ذوى نفوذ.. مطامع ومصالح شخصية متوحشة ساهمت فى مزيد من تلطيخ سمعة جهازهم وتمريغها فى الوحل أكثر مما هى عليه. والمثال الأبرز فى هذا المجال هو طارق هيكل ضابط أمن الدولة بالبحيرة وعبد الرحمن العكازى المأمور السابق لمركز إيتاى البارود بعزبة العمرية وأبناء بدر أبوخيارالضابطين بمديرية أمن البحيرة (بعزبة محرم 2008 ) وآخرين سيرد ذكرهم.

المطامع الخاصة وتجارة الأراضى:

ولم يكن لتلك المطامع المتوحشة أن تظهر وتتألق إلا فى ظل ثقافة معادية للفقراء ومناخ قائم على التمييز بين المواطنين استنادا لحجم الثروة والمستوى الاجتماعى ، وإلا إذا تدربت لسنوات فى جهاز الشرطة على العدوان على الفقراء ومنهم فلاحى الإصلاح و طردهم من أراضيهم وهدم منازلهم على رءوسهم كما حدث فى منطقة طوسون و عزب المعمورة بالإسكندرية ، وعزب محرم والبارودى وسراندو وكوم المناصير بالبحيرة ، ودكرنس وسرسو بالدقهلية .. ليس هذا فحسب بل تطور الأمر إلى حد المتاجرة فى الأراضى التى يتم التكويش عليها كما حدث من جمعية البناء والإسكان لضباط أمن الدولة بالإسكندرية عندما سطت على أرض فلاحى الإصلاح الزراعى بالمعمورة بعُشْر ثمنها ثم باعتها بعد شهور معدودة للجمعية التعاونية للبترول بثلاثة أضعاف ثمن” شرائها ” من هيئة الأوقاف التى لا تملكها.

وتجارة الأراضى هى النتيجة المباشرة للعلاقة بين فساد الكبار وخصوصا ضباط الشرطة المكلفين بضبط الانحراف.. وخرق قانون الزراعة وتبوير الأراضى .. وتواطؤ إدارات حماية الأراضى.. وفساد الجمعيات الزراعية.

ولا يمكن لأى مراقب منصف وهو يتابع تاريخ جهاز الشرطة فى صلته بالفلاحين وأراضى الإصلاح الزراعى إلا أن يتيقن أنه جهاز معادى لهم وللفقراء عموما حتى قبل أن تتفاقم جرائم أمناء الشرطة و تشمل المستشفيات والأسواق ومواقف السيارات وأقسام الشرطة وغيرها.

وسطاء فى تجارة الأراضى أم سواتر للكبار..؟

شاع فى القرى التابعة للعمرية والبرنوجى ودنيبة منذ قرابة العام أن طارق هيكل قد باع أرض العمرية – التى ادعى شراءها من نازك وإبراهيم نوار وفشل فى طرد عائلة شهاب منها – إلى كل من العميد أشرف عبد الله مسعود مأمور قسم المنشية بالإسكندرية وعلاء الشرقاوى أحد سماسرة الأراضى المعروفين فى المنطقة.. ومنذ ذلك التوقيت يذهب الوسطاء والمراسيل ويجيئون لمساومة الفلاحين على شراء الأرض اللقيطة التى ليس لها مستندات ملكية فى مصر كلها . وقد وقع فى هذا الشرك بعضهم وأبرموا عقود ” شراء ابتدائية ” اتقاء لشرهم وتجنبا لمطاردتهم لهم ، لكن البعض الآخر لم يتخذ قرارا بعد.

هذا ويفيد صبرى شهاب أن شقيق الضابط أشرف عبدلله مسعود قد التقى به عدة مرات وعرض عليه شراء مساحة 8 قراريط من الأرض الزراعية موضوع النزاع بسعر مائة ألف جنيه للقيراط بينما السعرالسارى فى المنطقة هو( 10-12) ألف جنيه للقيراط مما دفع صبرى لرفض العرض .

من جانب آخر أفاد بعض فلاحي العمرية أن علاء الشرقاوى ذكر مؤخرا لبعضهم خلال مساومة تتصل بالأرض ” أنه سيبيعها لشخص لن يجرؤ أحد على الاقتراب منه ” ، وهو ما يعنى أن الفلاحين لن يستطيعوا حتى مساومة المالك القادم للأرض . ومهما يكن قصد الشرقاوى من هذا التهديد المقنّع .. سواء بأن هناك مالكا آخر للأرض يختفى وراء الشرقاوى سيظهر فى الوقت المناسب أو أنه يضغط على محدثه للإسراع بشراء الأرض بالسعر الذى يطلبه الشرقاوى؛ فالمؤكد أن الشرقاوى لا يلعب دور السمسار فقط وأن هناك فعلا آخرون يقفون خلفه ربما لا نعرفعهم وربما نعرفهم منذ بدأت المعركة على الأرض .. وربما طارق هيكل.. الذى يريد الخروج من الصفقة.. ” الورطة ” بأقل الخسائر.

عن سوق ماشية دمنهور وأرض قرطسا وطاموس:

كان للثالوث أشرف عبدالله مأمور شرطة المنشية والمستشار أحمد الطنيخى ضابط الشرطة السابق وعلاء الشرقاوى.. صلة وثيقة بأرض محمد حافظ ثابت (التابعة لجمعية قرطسا وطاموس) التى كان يستأجرها الفلاحون ويرفضون التخلى عنها( استئجارا أو شراء ) والتى تسبب الخلاف حولها فى تعطيل العمل بسوق المواشى بدمنهورعدة مرات مما دفع الشرطة للتدخل فى المفاوضات الدائرة حول الأرض بقرية الحبشى. وحيث يستأجر الشرقاوى وشقيقه من المحافظة سوق الماشية القريب من أرض محمد حافظ ويملكون قطعة أرض زراعية ( 6 أفدنة ) تحيط به لذا اكتسبت أرض محمد حافظ ( 32 فدان ) أهمية بالغة يالنسبة لهذا الثالوث.. فهى من وجهة النظر التجارية مساحة مناسبة لمدينة سكنية قريبة من عاصمة المحافظة ولا يفصلها عن طريق القاهرة الإسكندرية سوى كيلومترات ومجرد الإعلان عن بنائها كفيل بتهافت الكثيرين على شراء وحداتها السكنية و الخدمية ومن هنا كانت استماتة الشرقاوى وشريكيه على أرض قرطسا وطاموس.

كما يرجَح أن الشرقاوى ضالع فى معظم العمليات الخاصة بالتجارة فى أراضى الفلاحين فى هذه المنطقة القريبة من دمنهور والتى تكتنفها مشكلات قانونية أو يكون المتلمظون عليها شخصيات ذات حيثية ويشكل ظهورها المباشر مخاطر أو حرجا لهم أو للدولة ؛ ولذا يحتاجون إلى برفان أو ساتر لحجبهم عن الأنظار حتى يتم إنجاز تلك العمليات. وهذا بالتحديد هو الدور الذى تحتاجه على الدوام عصابات السطو المنظمة على الأراضى ( إدارة العمليات القذرة وإخفاء أصحاب المصالح عن الجمهور والرأى العام ).. ولا نستبعد أن يكون ذلك هو ما أدى لظهوره وأشرف عبد الله فى أرض العمرية خلال العام الأخير.

نماذج حية من الاستيلاء على أراضى الإصلاح الزراعى من” حماة القانون “:

( الرابط : ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=419116 )
لقد شاركت 6 جمعيات إسكان لهيئات شرطية وقضائية فى اقتناص أراضى فلاحى الإصلاح الزراعى بعزب المعمورة منها 4 شرطية حصلت على 31 فدانا وهى :

جمعية الأمل لضباط شرطة الإسكندرية مشهرة برقم 267 / 2007 ، الجمعية التعاونية للبناء والإسكان لمباحث أمن الدولة بالإسكندرية مشهرة برقم 238/ 1997، الجمعية التعاونية للبناء والإسكان لضباط الشرطة وعائلاتهم بكفر الشيخ، جمعية الحسام التعاونية للبناء والإسكان للقضاء الشرطى العسكرى.

واثنتان قضائيتان حصلت على 30 فدانا وهما:
الجمعية الاجتماعية لقضاة محكمة النقض مشهرة برقم 6946 / 2007 ، و صندوق الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء الهيئات القضائية بوزارة العدل.

وبخلاف ما اكتنف عملية انتزاع الأرض من الفلاحين من مخالفات قانونية صارخة واعتداءات وهدم منازل واغتيال.. فجميع هذه الجمعيات خرقت القانون فى موضعين : الأول هو شراء عقارات خاضعة لنزاع قضائى ، والثانى : تبوير أرض زراعية والبناء عليها.

من جانب آخر أفاد أحد أهالى منطقة طوسون المجاورة لمنطقة المعمورة بشرق الإسكندرية والتى هَدم منازلها عادل لبيب محافظ الإسكندرية ( ضابط أمن الدولة السابق) فوق رءوس سكانها فى مايو 2008 فى مساحة تبلغ 38 فدانا ؛ أفاد [ أنه بعد إجراء عملية الهدم بفترة قصيرة شاهدت بنفسى سيارة شيروكى ينزل منها اللواء عمر سليمان برفقة بهاء عطا سليم أمين الفلاحين بالحزب الوطنى وهشام طلعت مصطفى المقاول المعروف وأخذوا يتفقدون منطقة الهدم وما حولها .. بعدها غادروا المكان ] .
ومن الطبيعى أنهم لم يحضروا للاطمئنان على سلامة سكان المنطقة وإلا لنفذت الدولة حكم القضاء الصادر (بوقف هدم مساكن طوسون وإزالة ماترتب عليه من آثار) سنتين كاملتين ..حتى قام الأهالى بتنفيذه بأنفسهم فى ظهر يوم 28 يناير 2011.

خاتمة :

يشكل ضيق الرقعة الزراعة معضلة حقيقية أمام إنتاج الغذاء والتوسع العمرانى ، وبينما يشكل إنتاج الغذاء الأولوية عند من يعملون لرفعة هذا الوطن.. يرى آخرون أن التوسع العمرانى هو الأدعى بالاهتمام لأنه يخدم مصالحهم الضيقة.

ورغم أن الدستور المصرى ينص على حماية الرقعة الزراعية من التآكل والهدر إلا أن واقع الحال يختلف عن ذلك على الأقل فى الأرياف استنادا لما عرضناه فى هذا التقرير من تكالب على الأرض الزراعية واستماتة فى تجريدها من منتجى الغذاء ( الفلاحين).. فضلا عن تركيزها فى أيدى عدد محدود من الملاك والمستثمرين.. وهو ما يمكن إيجازه فى أن السياسة العامة لها اليد الطولى والدور الأساسى فى تسيير دفة المجتمع وليس الدستور والقوانين المترجمة له.

هذا وقد تعرضنا فى هذا الجزء لنشاط محموم آخذٍ فى التزايد يتعلق بالتجارة فى الأراضى الزراعية والتخطيط لتحويلها إلى أراض للبناء . وفى تقديرنا أنه حيث تتراجع قطاعات الإنتاج فى مصر تتزايد وتنشط قطاعات التوزيع والوساطة ومنها تجارة الأراضى الزراعية وتحديدا أراضى الإصلاح الزراعى التى يمثل فلاحوها ” الحيطة الواطية” فى السلم الاجتماعى فى الريف.

فالوساطة ( السمسرة ) والتجارة – رغم أهميتهما النسبية – مهن غير منتجة ، وفى المجتمعات القوية اقتصاديا تنخفض أعدادالعاملين فيها منسوبة إلى أعداد العاملين فى قطاعات الإنتاج المختلفة ، والعكس صحيح فى المجتمعات المتخلفة.

هذا ونشير إلى أن تقسيم العمل الدولى الراهن يعمل على تأبيد هذا الوضع لصالح المجتمعات المتطورة صناعيا باعتبار أنها تنتج لسوقها ولأسواق البلدان المتخلفة ومن ثم يقتصر دورنا على الترويج للمنتجات الأجنبية وتوزيعها.. ومعها نصرف النظر عن الاهتمام بإنتاجنا لذا تتزايد كل يوم أعداد ” البياعين ” فى بلادنا ؛ فهم على أرصفة الشوارع وفى برامج التليفزيون و شاشات الكمبيوتر من ناحية ، ومن ناحية أخرى – ونظرا لضعف الإنتاج- تتدهور العملة المحلية وبالتالى ترتفع أسعارسلع وخدمات المعيشة الضرورية.

الحل المقترح لمواجهة تهريب أراضى الإصلاح الزراعى:

هذا ونرى حلا لهذا الصراع الدائر بشأن أراضى الإصلاح الزراعى ما يلى:
تشكيل لجنة للتوصل إلى الحقيقة بشأن المساحات التى تحت يد العائلات الإقطاعية ، وفى حالتنا هذه ..عائلة نوار( تتكون من 41 أسرة ) التى خضعت لتطبيق قانون الإصلاح الزراعى فى الستينات وفرضت الحراسة على أراضى الاحتفاظ التى تخصها ؛ مع اتخاذ الخطوات التالية :

1-أن تتشكل اللجنة من أشخاص لايعملون ولم يسبق لهم العمل بالإصلاح الزراعى بالبحيرة.. أسوة بما حدث فى عام 1961 فى قرية كمشيش منوفية التى ظل الإقطاع فيها متهربا من تطبيق قانون الإصلاح الزراعى لمدة تسع سنوات ولم يتم كشفه إلا بلجنة محايدة برئاسة سعيد كمال بعيدا عن موظفى الإصلاح الزراعى بالمنوفية.

2-فحص قرارات الاستيلاء( المصادرة ) الأصلية والموجودة بمقرالهيئة بالقاهرة وكذلك قرارات الإفراج عن كل أراضى الحراسة وعدم الاعتماد على أية صور بديلة لها بمديرية الإصلاح بالبحيرة أو بمنطقة الإصلاح بالأبعادية.

3-مطابقة المساحات المصادرة ( الاستيلاء ) بقوانين الإصلاح بأسماء ومساحات المنتفعين الذين وزعت عليهم الأرض بنظام التمليك استنادا إلى استمارات البحث الاجتماعى وكشوفها بالهيئة وكذا مطابقة المساحات التى وضعت تحت الحراسة بأسماء المنتفعين الذين وزعت عليهم بنظام الإيجار فى أعقاب فرض الحراسة.

4- المعاينة على الطبيعة لمطابقة ماهو مدون بسجلات الهيئة بالقاهرة بما هو موجود فى الواقع، ويا حبذا لو قورن بسجلات الإصلاح بالبحيرة .

5- مقارنة المساحات المدونة بقرارات الإفراج الأصلية بالمساحات التى استردتها عائلة نوار على الطبيعة.

6-تحرير عقود التمليك فورا لمن يثبت وفاؤه بكامل ثمن الأرض ، أو استكمال ثمنها مقومة بأسعار اليوم ثم تحرير عقد التمليك ، واستعادة ما اغتصب من المنتفعين من أراض وتطبيق نفس القاعدة عليها لحين تحرير عقود التمليك.

7- وفى حالات الأرض المهربة والموجودة تحت يد الفلاحين مثل بعض أراضى العمرية ؛ يجرى تمليكها لهم بدفع أقساط ثمنها مقومة بأسعار اليوم على أن تحرر لهم عقود تمليكها فور الانتهاء من دفع كامل الثمن.

الجمعة 16 سبتمبر 2016 بشير صقر
لجنة التضامن الفلاحى – مصر

]]>
http://tadamon.katib.org/2016/09/28/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d8%b6-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%82%d9%8a%d8%b7%d8%a9-%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%b9%d9%86-%d9%81%d9%84%d8%a7%d8%ad%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d9%84%d8%a7%d8%ad-%d8%a7/feed/ 0
تقرير عن الأوضاع الحالية لفلاحى الإصلاح الزراعى بمركزى الرحمانية ودمنهور محافظة البحيرة (2-3) http://tadamon.katib.org/2016/09/28/%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b6%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%81%d9%84%d8%a7%d8%ad%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d9%84/ http://tadamon.katib.org/2016/09/28/%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b6%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%81%d9%84%d8%a7%d8%ad%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d9%84/#respond Wed, 28 Sep 2016 14:54:35 +0000 http://tadamon.katib.org/?p=1142 بشير صقر
الحوار المتمدن-العدد: 5281 – 2016 / 9 / 11 – 15:34
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية

مركز دمنهور
فى عزب الأرياف المصرية :
لافرق.. بين قرارات الحبس.. وقرارات الإفراج
ولا بين رفع الحراسة .. وصعود الروح إلى السماء

،،،،،،

بكثافة لم تحدث من قبل.. توالت خلال العامين الأخيرين على فلاحى الإصلاح الزراعى بمحافظة البحيرة غارات ورثة الإقطاعيين بعضها مدعوم بقوات الشرطة كان آخرها يوم الثلاثاء 23 أغسطس 2016 – استنادا لـ “قرارات إفراج “ صادرة من هيئة الإصلاح الزراعى – و “قرار تمكين” من النيابة العامة.

*فقد قامت مجموعة من المأجورين بالتسلل إلى أرض صبرى طلب عبد العاطى بقرية الناموس فى جنح الليل وجرفت محصول الأرز فى مساحة فدانين وبعدها حرثت الأرض وزرعتها بمحصول جديد وروته.. وتم ذلك فى ليلة واحدة.
وفى الصباح فوجئ صبرى وأهالى القرية بما حدث وقبل أن يفكروا داهمت قوات الشرطة الأرض لتسليمها لآل نوار.
تجمع من الفلاحين سبعين فردا محتجين ؛ بخلاف آخرين متحفزين فى أماكن قريبة؛ بينما وقف رجال ورثة الإقطاعيين بالعصى فى الناحية الأخرى وسط جو مشحون بالتوتر وجاهز للانفجار.. حيث تمركزت الشرطة فى مكان يفصل بين الطرفين..
هذا وتشكلت حملة الشرطة من شاحنتين محملتين بالجنود فى حدود 80 – 100 جندى وسيارة إطفاء و4 بوكسات ومجموعة من الضباط يقودهم اللواء جمال متولى من إدارة التنفيذ إضافة إلى 3 جرارات وموتور رش مبيدات تخص آل نوار.
ونظرا لرفض صبرى – زارع الأرض- التوقيع على التنازل عنها اضطرت الشرطة للاكتفاء بتسليم الأرض على الورق لآل نوار .
ويتضح من المشهد أن تقسيما للأدوار قد سبق الاتفاق عليه بين الشرطة وآل نوار حيث تم تجريف الأرض بمزروعاتها وإعادة زراعتها وريها فى ساعات الليل .. لتأتى الشرطة فى الصباح وتسلم الأرض لورثة الإقطاعيين.. وهو نفس السيناريو الذى حدث فى عزبة سراندو فى مارس عام 2005 مع الفارق فى مستوى العنف.. ونتائج الصدام الذى حسمه الفلاحون فى سراندو تماما.
من جانب آخر يقول الفلاحون أن تجريف فدانين من المزروعات وحرثهما وزراعتهما بمحصول جديد وريه فى ساعات قليلة يحتاج إلى 35 – 40 رجلا على الأقل وهو ما يعنى أن الأمر تم تدبيره بعناية شديدة.
كما أفادوا أن آل نوار يستعينون بمجموعة ثابتة من البلطجية منهم محمود يونس غرابيل وشقيقه عبد الكريم (كرومة) إضافة إلى دور شيخ البلد محمد سعد ياسين الذى يتاجر فى مواد البناء ويملك محجرا وفراكة أرز ويعمل مرشدا للشرطة ولآل نوارعلى الفلاحين وارتكب العديد من المخالفات القانونية مثل البناء على أرض الدولة نال بسببها 11 حكما قضائيا .. منها حكم بإزالة منزله.
كما أوضحوا أن ( صبرى طِلب ) رفض كل عمليات التهديد التى سبقت تجريف أرضه كما رفض استلام مبلغ مالى قدره ( 15 ألف جنيه ) – أودعه آل نوارعند وسيط – كمقابل لترك الأرض أو لـ” كسر عينه ” كما يؤكدون.
تلك هى آخر التطورات فى زمام جمعية البرنوجى الزراعية؛ أما ماسبقها من أحداث فنتطرق إليه فى السطور التالية:

*نشرت( لجنة التضامن الفلاحى- مصر ) بموقع الحوار المتمدن موضوعا بعنوان ” هجمة تترية مباغتة على فلاحى عزبة كوم المناصير بحيرة “على الرابط ( ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=471663 ) نعرض منه الفقرات التالية :
[ فجأة ودون سابق إنذار داهمت قوات أمن البحيرة – فى الثانية ظهر اليوم – الثلاثاء 9 يونيو 2015- فلاحى قرية كوم المناصير مركز دمنهور– وجرفت بالجرارات ستة أفدنة مزروعة بالبطيخ والقطن والذرة بحوض أم الغزلان وأحالتها إلى أرض جرداء.
ضمت الحملة – التى قادها محمد حمودة ضابط مباحث مركز دمنهور– شاحنتى جنود تحملان ما بين 80 – 100 جندى وسيارة إطفاء و4 بوكسات تحمل عددا من الضباط وسربا من المخبرين السريين.
هذا وقد قبضت بشكل عشوائى على خمسة فلاحين ساقتهم إلى مركز شرطة دمنهور. وقد أفاد الفلاحون بقيام الإعلامى البحراوى.. حسين جويلى بالاتصال تيليفونيا بمدير أمن البحيرة مستفسرا عما حدث بعزبة كوم المناصير التابعة لقرية البرنوجى مركز دمنهور ؛ فأجابه بأن الحملة كانت تنفذ حكما قضائيا وأنها اصطحبت عددا من المسئولين بمجلس المدينة والرى والزراعة، وهو ما أكده ضابط المباحث منفذ العملية عندما اتصل به جويلى.
تم تنفيذ الحملة لصالح ( مدحت محمد على نوار ) أحد أفراد العائلة الإقطاعية التى يصاهرها عادل لبيب وزير الإدارة المحلية الأسبق ( إبنه متزوج من بنت اللواء سمير نوار الضابط السابق بالحرس الجمهورى فى عهد الطاغية مبارك) .
من ناحية أخرى ينفى الفلاحون صدور أحكام قضائية بشأن الأرض التى تم تجريفها ظهر اليوم بكوم المناصير بل ( قرار تمكين ) من النيابة العامة .
وحقيقة الأمر: أنهم اكتشفوا من حوالى 5 أشهر فى جمعية قرية البرنوجى الزراعية – التى تتبعها كوم المناصير – اكتشفوا وجود محضر تسليم أرض مساحتها 54 فدانا فى ثلاثة قرى هى البرنوجى ( 23 فدانا ) والعمرية ( 28 فدانا ) ، ودنيبة ( 3 أفدنة ) مؤرخ 24 / 9 / 2013 ومسجل به العبارة التالية { بناء على قرار الإفراج ( – ) بتاريخ ( – ) } التى تخلو من رقم قرار الإفراج وتاريخه ، وهو مرسل من هيئة الإصلاح الزراعى بالقاهرة ومذيل بتوقيع صلاح الرفاعى .
وبسؤالهم عن هذا الإسم بالهيئة قيل لهم من بعض الموظفين أنه موجود بالسجن.
وعن الخطاب المذكور أفادهم سعيد فريخة مدير إدارة الملكية والحيازة -آنذاك – فى وجود أربعة من رؤساء أقسام إدارته أنه ( لم تصدر أية خطابات تتعلق بقرارات إفراج عن ارض الإصلاح الزراعى بالبحيرة طيلة عام 2013 ) .
وبعرض الأمر على مدير هيئة الإصلاح الجديد ( حسن فولى ) أفادهم ” بأنه لن يعتمد عليهم ” مشيرا إلى عدد من الأسماء بالهيئة بالقاهرة وآخرين بمديرية الإصلاح بالبحيرة كان الفلاحون قد أبدوا تشككهم فيهم ومماطلتهم لهم ؛ وأضاف ” سأشكل لجنة من عناصر جديدة تستبعد هؤلاء لبحث موضوعكم على الطبيعة ” .
لذلك أدرك الفلاحون أن هناك (أيادى) وقوى خفية تعبث ضد الفلاحين من داخل الهيئة ومن مديرية الإصلاح بالبحيرة بالتعاون مع أجهزة الشرطة لاغتصاب أراضيهم.
ودللوا على ذلك بالطريقة العشوائية التى جرت بها عملية اليوم فى كوم المناصير وبالطريقة التى تم بها القبض على الفلاحين حيث اكتشفوا أن أغلب المقبوض عليهم لا علاقة لهم بالأرض التى أتلفت زراعتها اليوم وهو ما دعاهم لاستعادة الأرض وزراعتها بمحصول جديد بعد مغادرة الحملة للقرية، خصوصا وأنهم يحتفظون باستمارات البحث الاجتماعى وكشوف توزيع الأرض بقانون الإصلاح الزراعى وإيصالات سداد ثمن الأرض والخرائط التى تتضمنها وحصلوا بموجبها عليها من نصف قرن ] .

*كما نشرت اللجنة فى موقعها الإلكترونى..الرابط (tadamon.katib.org/2016/02/05) موضوعا آخر بعنوان ” عدوان جديد على أراضى الفلاحين بعزبة العفيرة والناموس يتهمون فيها ورثة عائلة نوار الإقطاعية “نعرض منه الآتى:
[ تواصل عائلة نوار الإقطاعية بالبحيرة الاعتداء على أراضى منتفعى الإصلاح الزراعى بقرى مركز دمنهور بعد ثلاثة وقائع مطابقة فى بحر السبعة شهور السابقة .. لم تسفر تحقيقاتها عن أية نتائج ملموسة.
ففى صباح اليوم 5 فبراير 2016 قام ورثة العائلة الإقطاعية – حسبما أفاد الفلاحون المجنى عليهم – بإتلاف محصولى البنجر والقمح لاثنين من الفلاحين فى عزبتى العفيرة والناموس التابعتين لقرية البرنوجى وجمعيتها الزراعية فى مساحة 40 قيراطا ( بحوض الكومبانية نمـ 4 قسم أول عبد الجواد ) . هذا وقد استغل المعتدون من العائلة المذكورة حالة الظلام الدامس وهبوط الشبورة وانعدام الرؤية للعدوان على الأرض فى إتلاف المحاصيل تماما.
وقد قام أحد المجنى عليهما ( رجب محمد الفرماوى ) بإبلاغ مركز شرطة دمنهور بالواقعة وأدلى بأقواله فى حضور وكيله ( الأستاذ محرم قناوى المحامى ) فى الساعة الحادية عشرة صباح الجمعة (5/2/2016 ) فى المحضر ( رقم 14 أحوال مركز شرطة دمنهور – 2016 ) وطالب باتخاذ الإجراءات القانونية ضد من اتهمهم من الأسرة الإقطاعية وهم ( مصطفى ، ومدحت ، وصبرى ، ومحمد.. محمد على نوار) وأضاف لهم من معاونيهم ( عبد الكريم راشد غرابيل وشقيقه محمود ، ومحسن عطية أبو حسين ).. بينما لم يحاول الفلاح الآخر إبلاغ الشرطة.
وكالمعتاد قامت الشرطة بمخاطبة الإدارة الزراعية المختصة بتشكيل لجنة لمعاينة الأرض موضوع الواقعة ، والإفادة بالتقرير الفنى عنها.
وتشير ( لجنة التضامن الفلاحى- مصر ) إلى ثلاثة وقائع سابقة فى نفس المحافظة ونفس المنطقة التابعة لجمعية البرنوجى الزراعية نشرتها فى الشهور السابقة كان المتهمون فيها هم نفس المتهمين (أبناء وورثة عائلة نوار الإقطاعية مدحت، ومصطفى ، ومحمد، وصبرى.. محمد على نوار ) والمجنى عليهم من منتفعى الإصلاح الزراعى بنفس الزمام وهو ما يوجب على الجهات الرسمية وبالذات أجهزة الأمن اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الانتهاكات التى تركزت على فلاحى المنطقة وأرض الإصلاح الزراعى بها ] .

* وقبل أن نستطرد فى عرض بقية الأحداث نتعرض لمفاصل تلك الهجمات الكثيفة والمتصاعدة على أراضى الإصلاح الزراعى وفلاحيها :

يتلخص الموضوع فى إصدار هيئة الإصلاح الزراعى لـ ” قرارات إفراج ” عن أراضى الحراسة التى تحفظت عليها الدولة فى ستينات القرن الماضى ؛ ولجوء ورثة الإقطاعيين – ليس للقضاء- بل للنيابة العامة للحصول على ” قرار تمكين ” رسمى يدعم موقفهم فى استردادها ، ولأن ذلك ليس فى مقدورهم منفردين تجرى الاستعانة بأجهزة الأمن لتمكينهم من انتزاع الأرض من منتفعى الإصلاح الزراعى الذين يزرعونها.
أى أن أطراف الموضوع هم هيئة الإصلاح الزراعى ، والنيابة العامة ، وأجهزة الأمن .. إلى جانب طرفى الصراع ( الفلاحون الزارعون للأرض .. وورثة الإقطاعيين الساعين لاستردادها ) .

• دورهيئة الإصلاح الزراعى :
كانت الهيئة تنفذ قوانين الإصلاح الزراعى فى اتجاهين:
الأول: مصادرة الأرض الزائدة عن الحد الأقصى للملكية ( 200 فدان للفرد فى القانون الأول عام 1952، 100 فدان فى القانون الثانى عام 1961 ، 50 فدان فى القانون الثالث عام 1969 ).
والثانى: اختيار الفلاحين الذين سينتفعون بالأرض المصادرة – بشروط حددها قانون الإصلاح الزراعى- بنظام التمليك وتحصيل أثمانها منهم على 40 قسط سنوى يحصلون بعده على عقود تملك الأرض من الهيئة .

* الفارق بين مصادرة الأرض وفرض الحراسة عليها:
المصادرة تعنى نقل ملكيتها من الإقطاعى إلى الدولة .. التى تمثلها هيئة الإصلاح حيث يتم تسجيل الأرض باسمها فى الشهر العقارى.
ولأن بعض الإقطاعيين كانوا يختلقون كثيرا من المشاكل للدولة الجديدة ويرفضون تطبيق قانون الإصلاح إما صراحة أو بتهريب الأرض أو بكتابة بيانات مزيفة عن المساحات الفعلية التى يحوزونها فى الإقرارات التى يقدمونها للدولة.. فقد لجأت الدولة إلى معاقبتهم كما ينص قانون الإصلاح.. بمصادرة ما تم تهريبه منها، أو بوضع ما تبقى لهم بعد المصادرة.. تحت الحراسة ؛وهذا هو السبب المباشر لفرض الحراسة .. ولذلك فليس كل من خضع لقانون الإصلاح الزراعى فُرِضت عليه الحراسة.
والفرق كبير بين المصادرة وفرض الحراسة ، فالمصادرة تتم بقانون الإصلاح الزراعى وبمجرد إتمامها تصبح الأرض ملكا للدولة ، أما فرض الحراسة فكان يتم بمرسوم من مجلس قيادة ثورة يوليو 1952؛ ثم منذ عام 1964 كان يتم بقانون الطوارئ رقم 150 . كذلك فالحراسة لا تنزع الملكية من صاحبها ( الإقطاعى ) بل تحتفظ بها له .. إلا أنها تصير ملكية مجمدة ، وهذا الإجراء ( فرض الحراسة ) معناه أن الدولة ستتحفظ على هذا الجزء من أرض الإقطاعى وتمنعه التصرف فيه أو استثماره بنفسه لفترة من الزمن وتقوم هى بتأجيره للفلاحين وتحصّل إيجاره وتعيده إليه ( أى إلى الإقطاعى) .

أرض الحراسة مسمار جحا بالنسبة للإقطاعيين :

ولأنه لايوجد فى مصر إقطاعى واحد لم يهرب بعضا من أرضه ، ولأن بعضهم كان يجرى ضبطه ومعاقبته ، ولأن السادات قد استصدر قانونا لرفع الحراسة عام 1974 برقم 69 .. فقد انفجر كاللغم بعد صدوره مباشرة وأضر بفلاحى الإصلاح الزراعى أشد الضرر..كيف ؟ هذا ما سنوضحه.

كثير من الأراضى المصادرة بقانون الإصلاح كانت تتجاور مع الأراضى التى فرضت عليها الحراسة بقانون الطوارئ سواء فى حوض واحد أو فى حوضين متجاورين. وكانت للأحواض أسماء وأرقام مثل ” الشنطورى رقم 1 والشنطورى رقم 2 ، أو الغزلان القبلى والغزلان البحرى، أو البرنس الشرقى والبرنس الغربى ..إلخ . وعند تنفيذ قانون رفع الحراسة فى عهد السادات فإن هيئة الإصلاح الزراعى لم تكن تتحرى الدقة وهى تصدر قرارات الإفراج عن أرض الحراسة لعدة أسباب .. منها المناخ السياسى المعادى للسياسات الناصرية آنذاك وعلى رأسها قانون وأرض الإصلاح الزراعى وقانون فرض الحراسة ؛ ومنها وضع كبار الإقطاعيين فى وظائف حساسة فى جهاز الحراسة وهيئة الإصلاح الزراعى مما سهل العبث بكثير من مستندات الأرض وكشوف توزيعها حيث اختفى بعضها ؛ ومنهاالصلات القوية لكثير من ورثة الإقطاعيين بموظفى الإصلاح الزراعى فى الأقاليم فضلا عن صلاتهم بموظفى هيئة المساحة والشهر العقارى والضرائب العقارية وغيرها. ولذلك كانت قرارات الإفراج عن أراضى الحراسة تستخدم استخداما مزدوجا فمرة تستخدم فى الحصول على الأرض المصادرة بقانون الإصلاح ( وتسمى أرض الاستيلاء) ومرة أخرى فى الحصول على أرض الحراسة لا لسبب إلا أن بياناتها غير مدققة ، فكتابة اسم الحوض دون رقمه (1 أو 2) أو دون كتابة موقعه (بحرى أوقبلى ) يمكن الإقطاعى من استلام نفس المساحة من كلا الحوضين رغم أن أحدهما مُصادَر ( استيلاء ) والآخر (حراسة ) خصوصا إذا ماكان القائم على عملية التسليم متواطئا أوكان من أصدر قرار الإفراج جاهلا أو واسع الذمة.

لقد لعبت الهيئة دورا متواطئا وبالغ السوء فى إصدارقرارات الإفراج لدرجة أن ذلك صار متاحا لكل من هب ودب من موظفيها ، علاوة على امتناعها – مع سبق الإصرار – عن إمداد فلاحي الإصلاح الزراعى بالمستندات التى تثبت حقهم فى أرض الإصلاح فى النزاعات القضائية وهو نفس الدور الذى امتنعت فيه منذ صدور قانون المالك والمستأجر ( 96 /1992)عن تحرير عقود تمليك الأرض لمن دفعوا كامل أقساط ثمنها كما ينص القانون، فضلا عن إعادتها مساحات واسعة من الأراضى المستبدلة إلى هيئة الأوقاف رغم أنها كانت موزعة على الفلاحين بالمخالفة لصريح القانون 42/ 1973 .

خلاصة القول كانت أرض الحراسة والإفراج عنها التكئة التى استثمرها الإقطاعيون وورثتهم ليس فى استرداد أرض الحراسة فحسب بل وأرض الاستيلاء التى صادرتها قوانين الإصلاح الزراعى ووزعتها على الفلاحين بالتمليك؛ ولو لم تكن أرض الحراسة فى ذمة الدولة لما تمكن الإقطاعيون- بتواطؤ الهيئة – من استرداد شبر واحد من الأرض المصادرة.

• دور النيابة العامة :

من المعروف أن ( قرار الإفراج عن الأرض الموضوعة تحت الحراسة ليس مستندا للملكية ) وهو ما تعرفه النيابة عن ظهر قلب.. لماذا..؟

لأنه عند تنفيذ قانون الإصلاح الزراعى على الطبيعة كانت الدولة – ممثلة فى هيئة الإصلاح- تستولى على الأراضى الزائدة عن الحد الأقصى لحيازة الإقطاعي.. بصرف النظر عن شكل ملكية الإقطاعى لها، بمعنى أنه سواء كانت الأرض مسجلة فى السجلات الرسمية للشهر العقارى باسمه أو مشتراة بعقد عرفى ( إبتدائى) أو كانت وضع يد ( طرح نهر أو أملاك دولة ) ، أو مستبدلة بأراضى أشخاص آخرين ، أو مغتصبة.. فالدولة لا تبحث فى تفاصيلها أو مستنداتها. ولذلك فالإفراج عن المساحات التى فُرِضت عليها الحراسة لا يعنى عودتها مباشرة لمن كانت فى حيازته من الإقطاعيين بل عليه أن يثبت ملكيته لها للحصول عليها.

ولأن النيابة العامة ليست جهة اختصاص.. فى التحقيق فى مثل هذه المنازعات فقد استثناها قانون العيب الذى أصدره السادات من التحقيق، كما أن النيابة ليست جهة تنفيذ.. بل إن المحاكم المدنية وقلم المحضرين هما المختصان بذلك ، فضلا عن أن تحقيقها ( أى النيابة) فى موضوع يتعلق بحيازة وليس ملكية عقار( أرض) لا يعطيها صلاحية البت فيه استنادا إلى المواقف القانونية للمتنازعين فذلك من اختصاص القضاء .. وهذه بديهيات قانونية معروفة؛ وهناك العبارة الشهيرة .. ( يبقى الوضع على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء للقضاء) .

ولأن وضع الأرض تحت الحراسة – كما قلنا- لم يكن يشترط أو يتطلب وجودها فى سجلات رسمية بل إن مجرد التأكد من حيازة الإقطاعى لها كان يسمح للدولة بفرض الحراسة عليها ( لأنها قد تكون مغتصبة أو مستبدلة أو وضع يد أو ملكية دولة ).. وبالتالى فالإفراج عنها لا يعنى عودتها لحائزها الأصلى ( الذى انتزعتها الدولة منه) بل تظل تحت يد حائزها الحالى على أن يتقدم من يدعى ملكيتها بمستندات ملكيتها ، ولذلك فقد كانت هيئة الإصلاح تضع هذه العبارة ( قرار الإفراج لا يعتد به كسند للملكية) على قرارات الإفراج بخط مطبوع وفى مكان واضح .. لتكون تحذيرا من التلاعب بها أو استخدامها فى غير محلها .. إلا أن هذه الاحتياطات والاستحكانات قد ضربت بها هيئة الإصلاح عرض الحائط فيما بعد.

ونظرا لأن كثيرا من أراضى الحراسة تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة ، لذا لم يبق أمام الإقطاعيين لاستردادها سوى طريقين إما التفاهم مع الفلاحين الذين يستأجرونها لكى يتنازلوا عنها وإما استخدام العنف معهم لاستعادتها.. وهو ماحدث فى سراندو عام 2005 .. ويحدث فى كثير من أراضى الإصلاح الزراعى بمصر وتحديدا فى مركز دمنهور حيث تشتعل المعارك حاليا بين ورثتهم وبين الفلاحين.

فهل بعد هذا كله يحق للنيابة العامة ان تصدر (قرارات التمكين) استنادا إلى (قرارات إفراج) عن أرض الحراسة التى لا يُعرَفُ مصدر حيازتها السابق..؟

لقد سبق للنيابة العامة بالدقهلية إصدار قرار بتمكين ورثة أحد الإقطاعيين ( فريد حامد المصرى) من أراضى عشرات الفلاحين بمركزى طلخا ونبروه (معروفة باسم أرض سرسو ) وتم طردهم من الأرض فى17 فبراير 2015 بدعم جيوش شرطة الدقهلية رغم حصول آباء هؤلاء الفلاحين على الأرض عندما كانوا جنودا فى اليمن عام 1963 ودفعوا كامل ثمنها بل وحصلوا على حكمين قضائيين ( عام 1986 ، 2007 ) ينكران أى حق لورثة الإقطاعى فى الأرض. إلا أن الفلاحين تمكنوا من الحصول يوم الخميس 9 يوليو 2015 على قرار جديد من مجلس إدارة هيئة الإصلاح الزراعى ( فى جلسته رقم 267 بتاريخ 9 يوليو 2015 ) بتنفيذ حكم القضاء واستعادة الأرض.

• دور أجهزة الأمن :

*ويهمنا قبل التعرض لدورها استكمال عرض باقى وقائع الانتهاكات التى تعرض لها فلاحو الإصلاح فى هذه المنطقة فى إيجاز:

أ‌-عزب المؤاجرين والعفيرة والناموس التابعة لجمعية البرنوجى : فى الأسبوع الثانى من يونية 2013 تعرض فلاحوها لغارة من مسلحين بالبنادق الآلية وشنوا هجوما عشوائيا على فلاحيها فى الحقول كان بمثابة إنذار وعينة للترويع الذى يمكن أن يتعرضوا له فى حالة عدم تخليهم عن أراضيهم التى حصلوا عليها بعد مصادرة أراضى العائلة الإقطاعية.
هذا وقد أخطر الفلاحون مركز شرطة دمنهور بالأحداث ببلاغ رقم 20 جنح مركز دمنهور.( نشرت الواقعة بعنوان” تمهيدا لثورة معادية فى ريف مصر فى 30 يونيو القادم : بقايا الإقطاع تستأنف العنف المسلح ضد فلاحى البحيرة ” على الرابط tadamon.katib.org/2013/06) : )

ب‌-عزبة البرابرة التابعة لجمعية نديبة الزراعية: وفى الساعة الثانية ظهر يوم 21 يونيو 2013 تعرض الفلاحون بعزبة البرابرة أثناء عملهم بالحقول لتجريدة مسلحة أخرى قوامها 5 مسلحين حيث سقط الفلاح ناصرمحمد عوض البربرى (40 سنة) صريعا فور إصابته فضلا عن فلاح آخر( صلاح حمودة الشريف) تعرض لإصابات محدودة؛ ولأن فلاحى المنطقة احتشدوا إثر سماعهم أصوات الرصاص وقاموا بمطاردة المعتدين فقد تمكنوا من إصابة أحدهم ( أبو الخير حميدة ) الذى توفى فى الحال.
كما أفادوا أن الأرض محل الصراع كانت مصادرة من الإقطاعى والد المدعو محمد إسماعيل عبد الحميد نوار. الذى استأجر الشقى أبوالخير حميدة لتدبير طرد الفلاحين من الأرض مقابل 20 ألف جنيه حصل مقدما على نصفهم .هذا وفى الساعة الخامسة والنصف مساء حضرت قوات الشرطة ( ضابط مباحث وشاحنتى جنود من قوات الأمن المركزى ) لاستيضاح الأمر .. بعد أن كان المعتدون قد ولوا الأدبار فى سيارة نصف نقل. هذا وقد تم نقل الجثتين إلى مستشفى دمنهور وحوش عيسى حيث صرحت النيابة بالدفن فى اليوم الثانى.
من جانب آخر يذكر أن عزبة البرابرة تقع على بعد 300 متر جنوب قرية دنيبة معقل عائلة نوار الإقطاعية وهو ما دفع الفلاحين بعد الأحداث لترك الأرض ( 11 فدان ) محل الصراع بورا حتى الآن خوفا على حياتهم.

ج- عزبة المؤاجرين التابعة للبرنوجى: حيث تم طرد صبرى سعد السافورى من فدانين ( 3 قطع ) بقرار تمكين نفذته الشرطة.

د-عزبة الكمبانية التابعة للبرنوجى: فوجئ سعدى يوسف صباح يوم 9 أغسطس 2015 الباكر أن زراعات القطن التى تخصه بحوض أم الغزلان قد تم تقليعها ، وأفاد بأنه تقدم ببلاغ لمديرية أمن البحيرة عن الواقعة واتهم فيها كلا من الدكتور محمد مدحت نوار أحد أبناء الأسرة الإقطاعية المعروفة ومحمد سعد ياسين ( تاجر مواد بناء وصاحب فراكة أرز .. وشيخ بلدة الناحية ) .
يقول سعدى: الطبيب المذكور لا يملك سنداٌ لملكية الأرض التى يطالب الفلاحين بها ( لأن مصدر حيازة الأسرة الإقطاعية لها مازال مجهولا ) لذلك دأب فى السنوات الأخيرة على ممارسة عمليات الترغيب والترهيب لعدد من فلاحى المنطقة وأنا منهم وألح عليهم للتنازل عن الأرض فى مقابل مبلغ من المال.. وإلّا.
هذا وفى النصف الثانى من شهر رمضان الأخير أرسل له أحد أعوانه من عزبة كوم المناصير( عبد العزيز عون ) ليبلغه بنفس الرسالة التى تتضمن مطالبته بالتنازل عن الأرض مقابل 12 ألف جنيه والمغلفة بتهديد واضح ، وتكرر ذلك من أسبوع عن طريق شيخ البلدة محمد سعد ياسين حيث رفع المقابل إلى 20 ألف جنيه ، ولكن سعدى رفض العرضين .. ثم فوجئ بتقليع قطنه صباح اليوم.

ه-عزبة كوم المناصير : نشرت لجنة التضامن الفلاحى على الرابط ( 01/2016 ( tadamon.katib.org/ تحت عنوان ” فى بحر 7 شهور : ثلاث جرائم لورثة الإقطاعيين فى قرية واحدة تشارك الشرطة فى إحداها لطرد فلاحى الإصلاح الزراعى بالبحيرة من أراضيهم” مايلى: [ تقدمت كل من راوية عبد الحميد عبد السميع وعائشة مسعود ياسين زوجتا عبد الحميد عوض عبد الرازق ببلاغ لأجهزة أمن البحيرة ( برقم 13 أحوال مركز شرطة دمنهور / يناير 2016 ) تتهمان فيه مدحت محمد على نوار بأنه فى فجر السبت 9 يناير 2016 قام بإتلاف محصولى البرسيم والقمح فى مساحة تقترب من فدان ونصف بحوض أم الغزلان، وانتهى التحقيق بتكليف الجمعية الزراعية المختصة بمعاينة الأرض محل الإتلاف فنفذته يوم 10 يناير 2016 وكتبت تقريرها الذى تم ضمه لأوراق التحقيق تمهيدا لإحالة الموضوع للنيابة العامة ] .
ولذلك ترى (لجنة التضامن الفلاحى – مصر ) أن دعم الشرطة لورثة الإقطاعيين بالتعاون مع مديرية الإصلاح الزراعى بالبحيرة هو سياسة متبعة منذ عهد الرئيس الأسبق أنور السادات على نطاق مصر كلها.. والوقائع فى هذا الشأن لا تحصى ولا تعد حيث سبق لها القيام بذلك فى 9 مناطق بمحافظة البحيرة فقط هى [ سراندو ، قرية الكاتب مركز أبو حمص ، عزبة البارودى وعزبة محرم بالرحمانية ،وعزبة الأشراك بشبراخيت ، وعزبة العمرية مركز دمنهور( مرتين) ، والبرنوجى ، وسوق ماشية دمنهور وغيرها ] .
خلاصة القول أن الدولة ( ممثلة فى وزارة الزراعة وهيئة الإصلاح الزراعى وأجهزة الشرطة ) ترى وتسمع كل ما يحدث بالمحافظة ؛ بل وتشارك فى خنق الفلاحين وتتواطأ على عمليات الترويع والتهديد والبلطجة التى يشنها ورثة الإقطاعيين السابقين ، ولا تريد لهذه السياسة أن تتوقف إلا بطردهم من الأرض .

و-عزبة الكومبانية التابعة للبرنوجى :حيث تم تقليع 17 قيراط مزروعة بالبطيخ بأرض عبد المقصود إبراهيم الفار فى يوم 12 /8 /2016 .. لكنه لم يبلغ الشرطة .

ز-عزبة الناموس : تم إتلاف محصول الذرة فى مساحة 17 قيراط بأرض محمد عبد العاطى عبد الحميد يوم 22 أغسطس 2016.. لكنه لم يبلغ الشرطة.

ح- عزبة الناموس : حيث قام رجال مصطفى نوار مساء 24/8/2016 بالاتصال تيلفونيا بشعبان السيد مرسى وتهديده وإنذاره بترك الأرض؛ وفى اليوم التالى قام بتركها مؤثرا السلامة.
هذا وهناك مالا يقل عن مثل هذا العدد من الفلاحين- ترك أرضه تحت التهديد أو تم طرده منها بقرارات تمكين من النيابة العامة – لم نتمكن من حصره أو الوصول إلى تفاصيله ، علاوة على أن غالبية حالات إتلاف المحاصيل كانت تحدث ليلا ولا يتم إبلاغ الشرطة عنها أو تحرير محاضر بشأنها وهو ما يعطى المشهد لونا أكثر قتامة وكآبة.

*ويتضح من العرض السابق للانتهاكات كالطرد من أراضى الإصلاح أوالإجبارعلى التنازل عنها أو إتلاف مزروعاتها ) ما يلى:

-أن الشرطة شاركت فى عدد منها بدعوى تنفيذ قرارات التمكين الصادرة من النيابة العامة وإن كانت نسبتها أقل فى مجموع الحالات.. وأن معظم الانتهاكات الأخرى كانت تغض البصر عنها رغم علمها بحقيقة ما يحدث بالتفصيل وإلا ماتم حفظ التحقيقات .. أو لتراجعت عائلة نوار عن ارتكاب المزيد منها.

-أن أسلوب الترغيب والترهيب كان السمة السائدة.. وتبدأ عمليات العنف إذا فشل أسلوب الترغيب.. لإكراه الفلاحين على ترك الأرض ، كما أن العائلة الإقطاعية ترتبط بالعديد من البلطجية والأشخاص ذوى المهام الخاصة – كالتهديد والوساطة وجمع المعلومات ونشر الشائعات والقتل والضرب وتقليع المزروعات أوحرقها أو تسميمها بالمبيدات – بالأعداد اللازمة لإنجاز المهام فى أقصر وقت فضلا عن توفير المواد والأدوات المستخدمة فيها بالكميات والمواصفات المطلوبة ، علاوة على صلات بالمراكز الحساسة فى أجهزة المحافظة والأمن وبعض الوزراء السابقين.

-أن التاكتيك الجديد المستخدم من جانب عائلة نوار لطرد الفلاحين من الأرض – رغم كثرتهم – تاكتيك ناجح يتمثل فى التعامل معهم فرادى- واحدا بعد الآخر وأسرة بعد أخرى – حيث استفادت من تجربتها السابقة فى عزبة سراندو التابعة لجمعية البرنوجى عام 2005 وأدركت أن ما استخدمته فيها من أساليب لطرد الفلاحين دفعة واحدة قد عاد عليها بخسائر فادحة – فضلا عن تكاليفه الباهظة – كما أنه أساء لسمعتها بشدة وهز هيبتها فى المنطقة وأسهم فى فضح تواطؤ الشرطة ومشاركتها لها فى المعركة بل وعاد بفضيحة مدوية للدولة أسفرت عن إدانة الاتحاد الأوربى لمجزرة سراندو والمطالبة بإعادة التحقيق فى وفاة نفيسة المراكبى- التى تعرضت للتعذيب- بما له من تبعات أخرى ثقيلة .. وهو ما تجنبته فى التاكتيك الجديد الذى بعثر الفلاحين وفتتهم وأضعف روحهم المعنوية وقدرتهم على مواجهة جماعية لورثة الإقطاعيين والشرطة.

-أن جملة التحقيقات التى أجرتها النيابة استنادا إلى محاضر الشرطة وتحرياتها لم تتوصل لنتائج تنصف الفلاحين باستثناء حالات القتل.

-أن كافة التقارير الفنية التى طلبتها النيابة العامة فى تحقيقاتها وشكلت لها لجانا مختصة لم تسفرعن نتائج ذات بال.

-أن إحجام كثير من الفلاحين عن إبلاغ الشرطة ناجم عن عدم ثقتهم فى جدية التحقيقات أو النتائج أو عن الخوف من الشرطة .. وهو ما هزّ الروح المعنوية للفلاحين فى هذه المنطقة.

-أن حالة عزبة البرابرة هى الحالة الوحيدة التى تُرِكت فيها الأرضُ بورا ؛ نظرا لما أسفر عنه الصدام مع بلطجية عائلة نوار الإقطاعية من قتلى؛ علاوة على قرب الأرض الشديد من معقل العائلة الإقطاعية فى قرية نديبة.

-أن مشايخ البلد – محمد سعد ياسين وأيمن القاضى – متواطئون بالكامل مع العائلة الإقطاعية ويعملون كمرشدين للشرطة ولعائلة نوار ضد الفلاحين وهناك فارق بين جمع المعلومات الخاصة بالأمن العام وبين جمعها عن فئة معينة (الفلاحين) لصالح فئة أخرى، وأن أبرز أعوانهم هم محمود راشد غرابيل وشقيقه عبد الكريم وعبد العزيزعون ومحسن عطية أبوحسين القائمين بإدارة العمليات القذرة وجمع المعلومات وإعداد الخطط .. إضافة إلى القاتل أبو الخير حميدة الذى لقى مصرعه فى عزبة البرابرة عام 2013 .

-أن عام 2016 يفوق عام 2015 وما سبقه من أعوام فى حجم وعدد الانتهاكات ضد الفلاحين ، علاوة على ضيق الفترات الزمنية بين كل انتهاك وآخر.

*أهمية دور الشرطة الذى تتقاعس عنه أو تقوم بعكسه:

-إذا أصدر قاضى حكما أو أصدرت النيابة العامة قرارا بالتمكين فما هى قيمته إذا لم تقم الشرطة بتنفيذه ..؟ فبعد صدور الحكم لا بد أن تقوم الشرطة بعمل دراسة أمنية توضح نتائج التنفيذ لو تم .. وتلك النتائج تتعلق بالأمن الاجتماعى (أى أمن الشعب) ؛ فإن كان تنفيذه سيسبب أضرارا شديدة لقطاع من الشعب وجب وقف تنفيذه.. والعكس صحيح. وإن أصدر القاضى حكما آخر معاكسا وكان رأى الشرطة فيه عكس ما يراه القاضى لتعاطفها مع من خسروا القضية .. فماذا تفعل الشرطة..؟ والإجابة هى : أن الشرطة تتعامى وتغض البصر عما يفعله من خسروا القضية حينما يلجأون لاستخدام العنف ..لاسترداد ما خسروه فى القضية.. ولنضرب لذلك مثلا:

عندما حصل فلاحو طلخا ونبروه بالدقهلية على أرض من الإصلاح الزراعى عام 1963 بنظام التمليك ( معروفة بأرض سرسو) فى فترة تجنيدهم فى اليمن وانتظموا فى دفع ثمنها ثم طُرِدوا منها عام 1997 بحيلة قانونية خسيسة . لجأوا للقضاء وحصلوا على حكمين نهائيين باستردادها آخرهم عام 2007، وحفيت أقدامهم سنوات طويلة بين شرطة تنفيذ الأحكام بالدقهلية والإصلاح الزراعى لتنفيذ الأحكام وفشلوا فى استرداد الأرض.. فماذا كان موقف الشرطة..؟ لقد رفضت تنفيذ الأحكام رغم صراحتها .. مما اضطر الفلاحين لتنفيذ الأحكام بأنفسهم فى 31 يناير 2011 إبان الثورة وظلت الشرطة بعدها تطاردهم وتقبض عليهم وتلفق لهم التهم ليتركوا الأرض لكنهم رفضوا واستمروا فيها حتى 16 فبراير 2015 وإذا بورثة الإقطاعى يحصلون على قرار تمكين من المحامى العام وعلى الفور شدت الشرطة رحالها وشمرت سواعدها لتنفيذه وقامت بحملة وحشية لم تحدث فى تاريخ المحافظة وطردت الفلاحين من الأرض مرة أخرى. ولما عرض الفلاحون الأحكام على الرجل الثانى فى أمن الدقهلية ( اللواء السعيد عمارة) رد عليهم قائلا : ” الأحكام دى تمسحوا بيها ….. فى دورة المياة “. واستمر الفلاحون فى المقاومة والمطالبة بتنفيذ الأحكام حتى أصدر مجلس إدارة هيئة الإصلاح الزراعى قرارا فى 24/11/2015 بتنفيذ الحكم الصادر لصالح الفلاحين رقم 3238/25 ق لسنة 2007 فماذا فعلت الشرطة ..؟ صمتت صمتا مطبقا حتى اليوم.

وفى هذه الواقعة نتساءل أيهما أقوى قانونيا وواجب التنفيذ.. الحكم القضائى أم قرار التمكين الصادر من النيابة العامة..؟

لذلك فدور الشرطة بالغ الخطورة سواء فى تنفيذ الأحكام أو فى الامتناع عن تنفيذها.. كما يوضح المثال التالى:

موقف ناضج لمدير الشئون القانونية بوزارة الداخلية عام 2007 :

تقدم بعض ورثة عائلة الفقى الإقطاعية لوزارة الداخلية عام 2007 بحكم قضائى لاسترداد أرض سبقت مصادرتها بقانون الإصلاح الزراعى عام 1961 فى قريتى كمشيش وميت شهالة بمحافظة المنوفية. وقد تسلمه مدير الشئون القانونية بالوزارة وفحصه ، وقال لورثة الفقى الآتى: أنه لتنفيذ الحكم يجب أن يطلع على عدد من أوراق القضية منها عريضة الدعوى ، ومستند ملكية الأرض التى يطالبون بها وعدد من المراسلات الخاصة بالأرض بين هيئة الإصلاح الزراعى بالقاهرة وبعض إداراتها بالمنوفية .
جن جنون الورثة لإدراكهم أن اللواء أحمد ضياء الدين كشف المستور .. فشنوا عليه هجوما ضاريا بالصحافة .. ورغم ذلك لم يتم تنفيذ الحكم حتى اليوم. لقد أوقف اللواء ضياء الدين تنفيذ الحكم لسبب واضح هو أن كل أراضى عائلة الفقى تمت مصادرتها لتهربها من قانون الإصلاح الزراعى حتى عام 1961 ، كما أنه تم اكتشاف عشرة عقود بيع مزورة ( توضح كيفية تهريب الأرض من القانون ) وقد تم إعدام أصولها فكيف حصل ورثة العائلة على الحكم القضائى.. إلا إذا كان الحصول عليه قد تم بطريقة غير مشروعة..؟ وهذا يعنى أنه عندما تكون الشرطة مدركة لدورها فى حماية المجتمع وترغب فى ذلك أو عندما يكون ضابط الشرطة أمينا .. يتخذ من المواقف ما يجنب الشعب عناء الصدام والدماء حتى لو امتنع عن تنفيذ حكم قضائى. أما لو كان من عينة رئيس المباحث الجنائية بالدقهلية .. فقل على الدنيا السلام.

*المقدمات الفاسدة تفضى لنتائج أكثر فسادا:

حيث يزرع فلاحو المنطقة التى نتحدث عنها هذه الأرض منذ عشرات السنين ويجرى طردهم منها خلال السنوات الأخيرة فهل كان وجودهم فيها مجرد حلم أو أكذوبة..؟ وكيف حصلوا عليها من حيتان الإقطاع بينما هم مجوعة فقراء..؟، وهل كانت تلك الأرض كلها موضوعة تحت الحراسة ليتم الإفراج عنها اليوم.. وتعاد لورثة لإقطاعيين بقرارات تمكين من النيابة العامة؟ .. وهل تنفرد قرارت الإفراج وحدها بإعادتها أم أن الجزء الأعظم منها يسترد بغارات وحشية تستخدم فيها كل الوسائل المنحطة وغير المشروعة بدءا من القتل والتهديد وتلفيق التهم ومرورا بالتنكيل كالقبض والحبس وانتهاء بقطع مياه الرى والشرب ورفع قضايا الريع والحرمان من تسجيل الحيازة فى الجمعيات التعاونية والحرمان من مستلزمات الزراعة وتضييق الخناق على تسويق المحاصيل..إلخ وتتخذ من البلطجة عنوانا لها..؟

وإذا كانت غارات البلطجية ومسجلى الريف وحملات الشرطة الوحشية تتزايد يوما بعد الآخر إلى مستوى غير مسبوق لتتزايد معها أعداد الفلاحين المشردين ومعتزلى الزراعة فكيف يتم علاج هذا التدهور البالغ فى أوضاع الريف ..؟ وإذا كان المتهمون فى تلك الجرائم لا يتغيرون فى كل الحالات أو معظمها .. وكانت التهم نفس التهم والأدوات نفس الأدوات، واللجان الفنية التى تشكلها النيابة فى تحقيقاتها لا تقدم جديدا ولا تسفر عن نتائج ذات قيمة، والتحريات التى تجريها الشرطة لا تتوصل للحقيقة وينتهى الأمر بحفظ كل التحقيقات .. فهل يعنى ذلك ان تلك الجرائم قد هبطت من السماء كالقضاء والقدر ولن تتوقف أم أنها من فعل بشر .. وتزيد الطين بلة والأمن اضطرابا حتى يتفجر الريف ويحرق الأخضر واليابس؟ وهل فى مثل تلك الحالة يمكن لأى عاقل أن يصدق مبررا واحدا مما تدعيه أجهزة الأمن عن عدم توصل تحرياتها إلى أسباب ما يحدث..؟ أو يُصدق أن الشرطة تقوم بدورها المفترض أم سيسيطر عليه الشك ويرجح صحة ما يردده الضحايا من الفلاحين عن تواطئها أو دورها الداعم لتلك الجرائم أو المشارك فيها..؟ وساعتها هل سيقتنع بما قاله قائد تجريدة 23 أغسطس 2016 فى عزبة الناموس – اللواء جمال متولى بـ ” أننا نطبق القانون”..؟ أشك بشدة.

خاتمة :

ففى عزب الأرياف المصرية.. لا فرق بين قرارات حبس الضحايا .. وبين قرارات الإفراج عن الأرض ، ولا فرق بين رفع الحراسة.. وبين صعود الأرواح إلى السماء ، الفرق بينهما يقتصر على الكتب .. لكن فى حياة الفلاحين .. أجهزة الدولة محت الفوارق النظرية وأزالت الحدود .. وغيرت المعانى وابتدعت لغة جديدة .. هى لغة العصر.

لذلك لا نملك إزاء ماعرضناه من فظائع يجرى ارتكابها فى حق هؤلاء الضحايا فى الأرياف المصرية إلا الأسف لما وصل إليه حالهم وحال مجتمعنا ووطننا ، وقبل ذلك إلى اليقين بأن الدستور والقوانين المتفقة معه.. لا يحكمان مصر.. بل تحكمها السياسة العامة مدعومة بقوانين أخرى تتسق معها ، وفى هذا الشأن تلعب أجهزة الأمن الدور المحورى وخصوصا الشرطة .. وهو ما سيفرض نفسه على الجزء الثالث من هذا التقرير.

السبت 10 سبتمبر 2016 بشير صقر
لجنة التضامن الفلاحى – مصر

]]>
http://tadamon.katib.org/2016/09/28/%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b6%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%81%d9%84%d8%a7%d8%ad%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d9%84/feed/ 0
تقريرعن الأوضاع الحالية لفلاحى الإصلاح الزراعى بمركزى الرحمانية ودمنهورمحافظة البحيرة (1-3 ) http://tadamon.katib.org/2016/09/28/%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b1%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b6%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%81%d9%84%d8%a7%d8%ad%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d9%84/ http://tadamon.katib.org/2016/09/28/%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b1%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b6%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%81%d9%84%d8%a7%d8%ad%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d9%84/#respond Wed, 28 Sep 2016 14:41:02 +0000 http://tadamon.katib.org/?p=1140 تقديم :
يتناول التقرير أوضاع فلاحى الإصلاح الزراعى الراهنة فى المركزين اللذين تعرضا لنوع من التنكيل – فيما يتصل بحياتهم وعملهم – لم تشهده بقية مراكز المحافظة الإحدى عشرة طيلة السنوات العشر الأخيرة التى تابعت وقائعَها عن قرب لجنةُ التضامن الفلاحى [ التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى (سابقا ) ] خلال تلك الفترة.

وقد شهدت قرى وفلاحو المركزين – الرحمانية ودمنهور – خلال السنوات الخمس الماضية – منذ ثورة 25 يناير 2011- فيضاً من الاعتداءات وعمليات الخنق والابتزاز والحصار والحيل والألاعيب القانونية وتلفيق التهم والسجن واغتصاب الأرض وقضايا الريع بالمخالفة للدستور وخرقا للقوانين السارية لصالح ورثة الإقطاعيين السابقين وعصابات السطو المنظمة على الأراضى التى استفحل نشاطها خلال السنتين الأخيرتين .

وقد تمثل ذلك فى ثلاثة ظواهر مُفزعة اثنتان منهما حديثتان هى :
1-استخدام بلطجية الريف المسلحين فى تقليع مزروعات الفلاحين أو حرقها قبيل حصادها بأسابيع بغرض إزاحة الفلاحين من الأرض ، واستخدام قرارات إفراج مزورة للحصول على قرارات تمكين من النيابة العامة بطرد الفلاحين من أراضى الإصلاح الزراعى لصالح ورثة الإقطاعيين .. بدعم أجهزة الأمن.

2-تدبيج عصابات السطو المنظمة لعقود شراء وهمية تخص أراض مسجلة باسم الإصلاح الزراعى وسبق توزيعها على الفلاحين بموجب استمارات البحث الاجتماعى فى ستينات القرن الماضى – واستخدام هذه العقود فى رفع قضايا ريع ( أى قيمة إيجار ) على الفلاحين باعتبارهم مغتصبين وفى غياب أية عقود إيجار من أى نوع تربط الفلاحين بأفراد تلك العصابات .. وبالتالى استخدام أحكامها الباهظة فى مساومة وإكراه الفلاحين للتنازل عن الأرض التى دفعوا للدولة جزءا كبيرا من ثمنها بإيصالات رسمية منذ عام 1962 .. ولا مورد رزق لهم سواها.

3-أما الظاهرة الثالثة والأقدم قليلا من السابقتين .. فهى دخول العديد من قادة وضباط الشرطة بمديرية أمن البحيرة فى خصومات مباشرة ونزاعات متنوعة مع الفلاحين واستيلائهم شخصيا بطرق ملتوية وألاعيب وحيل قانونية متنوعة على مساحات واسعة من الأراضى يزرعها الفلاحون – كان قد تم تهريبها فى خمسينات وستينات القرن الماضى من قانون الإصلاح الزراعى- واستخدام كل الوسائل غير المشروعة لشل مقاومة الفلاحين ودفعهم لرفع الراية البيضاء بشأن تلك الأراضى ثم إعادة بيعها لتجار الأراضى وعصابات السطو دون سند ملكية ؛ وذلك بخلاف الدور التقليدى لأجهزة الأمن المناصر لورثة الإقطاع ولعصابات السطو المنظمة على الأراضى من ناحية.. والمُعادى للفلاحين البسطاء من ناحية أخرى.

علاوة على ظاهرة أخرى موازية للظاهرة الثالثة تخص دورا مشابها لبعض المسئولين السابقين والحاليين فى الإصلاح الزراعى والزراعة وحماية الأراضى من أهل المنطقة – ساهم بعضهم فى تهريب أراضى الإصلاح الزراعى – فى التفنن فى خرق القوانين وخنق الفلاحين وحصارهم ودعم ورثة الإقطاعيين السابقين وعصابات السطو المنظمة على الأراضى بغرض طرد الفلاحين من أراضيهم ومنعهم من الزراعة والحيلولة دون حصولهم على مياة الرى والشرب العذبة ومستلزمات العمل الزراعى ( أسمدة ، تقاوى ، مبيدات ..إلخ ) .. وتحويل الأرض المهربة من قانون الإصلاح إلى أرض مبانى.

،،،،،،،،،،،،

الجزء الأول : فلاحو وقرى مركز الرحمانية ( عزبة الأشراك – الخمسين –الأشراك البلد – أبو خراش).
ملاحظة: جرت أحداث أكثر بشاعة ودموية فى عزبة البارودى وعزبة محرم مركز الرحمانية فى عامى 2008 ، 2009.
ـــــــــــــــــــــــ
ملخص العناوين :
قصة تهريب أرض (المتمصرة ماهتاب قادن) بالبحيرة من قانون الإصلاح الزراعى

عصابت الأراضى وورثة الإقطاعيين يتلاعبون بأرض الإصلاح دون منافس

وزارة الأوقاف شاركت فى تهريب أرض الإصلاح الزراعى:
وتبيع لفرد واحد مساحة تزيد عن الحد الأقصى للملكية

وزارة الأوقاف تبيع الأرض لهيئة الإصلاح الزراعى عام 1962

وهيئة الأوقاف تعيد بيعها لأحد موظفيها عام 1975 وتحاول استعادتها عام 2011

أتباع وخفراء ماهتاب قادن استولوا على بعض أراضيها ويستميتون فى طرد فلاحى الإصلاح من بقيتها

الأتباع يتحولون لسادة ويسيطرون على مفاصل الدولة بالبحيرة ويبيعون الأرض الزراعية للبناء

يقطعون مياه الرى والشرب شهورا عن الفلاحين ويلفقون التهم بدعم أجهزة الدولة

والفلاحون يلجأون لرى أراضيهم بمياه الصرف الصحى

وقرى الرحمانية الأشد إصابة بالفشل الكلوى

احتجاجات الفلاحين تقطع طريق دمنهور / دسوق فتعود لهم مياه الشرب بعد ساعات

الفلاحون يشترون مياه الشرب لمدة 3شهوروينقلونها 5 كيلومترات

وشركة المياه تطالبهم بمائة جنيه- استهلاك – عن فترة انقطاعها

،،،،،،،،،،،،،
تتلخص قصة تهريب الأرض فى الآتى:

* ماهتاب قادن إحدى السيدات المتمصّرات ( من أصول أجنبية ) كانت تقيم فى العزبة التى حصلت عليها من خديوى مصر فى بدايات القرن الماضى وبلغت مساحتها ( 22 س ، 20 ط ، 1159 ف + 20 س ، 10 ط ، 2 ف ) بإجمالى قدره : 1162 فدان ، 7 قيراط ، 18 سهم .( شهادة عقارية من صفحتين ( مسلسل 679043 ، 679044 ) مستخرجة بتاريخ 23/11/2013 وهى صورة من مأمورية الضرالئب العقارية – رقم سجل 39 بشبراخيت فى 7/5/1974 .

* قسّمت ماهتاب قادن الأرض إلى 4 أقسام : الأول به قصرها وملحقاته وحدائقه ، والثانى: قامت بزراعته بنفسها واستعانت فى ذلك بعدد من العمال والفلاحين ، والثالث : أوقفته لأعمال البر والخير وأدارته وزارة الأوقاف ، والرابع : أجرته لبعض الفلاحين والموظفين والخفراء والخدم .

* عندما تقدم بها العمر صارت مطمعا لكثير من المحيطين بها من الموظفين والخفراء والمستأجرين وغيرهم :

فور قيام ثورة 23 يوليو 1952 وصدور قانون الإصلاح الزراعى الأول 178 /1952 صار وجودها ( ماهتاب) فى المنطقة بلا فائدة بل ومحفوفا بالمخاطر فى ظل حالة التلمظ على أملاكها من كثير من الطامعين فيها من المحيطين بها..

* ولأن عددا من هؤلاء- المحيطين بها – أدركوا ذلك .. فقد قاموا إبان تطبيق قانون الإصلاح الزراعى بالاتصال بالقائمين على تنفيذ القانون من جهاز الدولة القديم ( مكتب الشهر العقارى،هيئة المساحة .. علاوة على وزارة الإصلاح الزراعى التى تأسست خصيصا للإشراف على الأرض الخاضعة لقانون الإصلاح الزراعى حيث نقل لها عدد من موظفى الوزارات الأخرى كالزراعة وغيرها ) .. ومن خلال هذه الاتصالات تمكن الكثيرون منهم من اخفاء الأرض التى كانوا يزرعونها ؛ أو يستأجرونها من ماهتاب قادن وذلك بتواطؤ الموظفين القائمين على قياس الأرض وتدوينها فى السجلات وتضمينها فى الإقرارات .. ولأنهم كانوا قد أعدوا عدتهم وحسموا أمرهم .. اتخذوا من ساعات الليل ستارا لتغيير معالم الأرض – بحرثها وتزحيفها وتخطيطها؛ وتقسيمها لحقول وزراعتها بل وريها – بعد ان ينام أهل القرية وحتى قبيل شروق الشمس.. وفى تلك الأيام .. كنت ترى الأرض فى النهار غيرها فى صباح اليوم التالى .. وهكذا.

* ويذكر بعض أهالى هذه القرى أن منهم أحمد دميس الكبير وابنه محمد ( والد عمدة عزبة الأشراك الحالى أحمد دميس ) اللذين تمكنا من الحصول على حوالى 200 فدان متناثرة فى أحواض البواشقية – والهيشة – وفراخة الغفارة ، كما حصل كل من خليل دميس ، وعسران دميس والشرنوبى دميس على 45 – 50 فدانا بحوض البواشقية بجوار مقابر محلة ثابت ، أما إبراهيم سالم فقد حصل على ما يقرب من 50 فدانا بحوض الهيشة وحوض فراخة الغفارة قسم ثانى المصرى ، بينما حصل بشير غالى على 100 فدان بنفس الحوضين باع منها 50 فدانا .

* فى عهد السادات وقبيل حرب 1973 قامت الدولة بإنشاء مطار عسكرى فى المنطقة على مساحة 50 فدانا كان يزرعها الفلاحون بموجب قانون الإصلاح الزراعى ؛ وبعد انتهاء الحرب وعدم احتياج الدولة للمطار كان من المفترض أن يعود الفلاحون لأراضيهم التى تخلوا عنها جبرا قبل الحرب .. إلا أن ( ترْك أبو زهرة – المقاول) أحد المتنفذين فى المنطقة استولى عليها بالقوة وبحماية بعض أجهزة الدولة وذهبت صرخات وشكاوى زراعها من الفلاحين أدراج الرياح.

* وبخصوص أرض عزبة الأشراك فقد تم توزيع حوالى 509 فدان منها على الفلاحين بموجب استمارات البحث الاجتماعى وقانون الإصلاح الزراعى حيث شرعوا فى زراعتها أولا كمستأجرين ثم قامت الدولة فيما بعد بإلغاء عقود الإيجار وملّكتها لهم بالقرار رقم 40 ( جلسة هيئة الإصلاح الزراعى رقم 35 – فى 2 ديسمبر 1964 ) وبدأوا فى دفع أقساط تملكها بإيصالات رسمية .. وظلت تحت يدهم حتى اليوم.

* ويُذكر أن من بين هذه المساحة توجد 221 فدانا قامت وزارة الأوقاف باستبدالها ( أى بيعها ) مع هيئة الإصلاح الزراعى التى خضعت كبقية الـ ( 509 فدان ) للتوزيع .. وهى المساحة التى يدعى حسن فهيم خطاب أنه اشتراها من الأوقاف عام 1973 بعقد قسمة رقم ( مسلسل 223- مادة 59 – صحيقة 62 – جزء 21 سجل مبايعات 1890 عام 1973).

إلا أن السؤال الذى يكشف أكاذيب حسن فهيم خطاب وورثته ويفضح تواطؤ وفساد هيئة الأوقاف وتدليسها هو : بما أن الدولة قررت نقل ( استبدال )أراضى الأوقاف إلى هيئة الإصلاح الزراعى عامى 1957 ، 1962 بالقانونين 152 ، 44 على الترتيب وقامت هيئة الإصلاح بدفع ثمن الأرض المنقولة ( المستبدلة ) للأوقاف على الفور فكيف تبيع الأوقاف أرض ماهتاب قادن لعائلة خطاب عام 1975 فى الوقت الذى باعتها فيه لهيئة الإصلاح الزراعى عام 1962..؟!.

والسؤال الثانى الأهم : لما كان الحد الأقصى لملكية الفرد من الأرض الذى حددته قوانين الإصلاح الزراعى الثلاثة هى ( 200 فدان عام 1952 ، 100 فدان عام 1961 ، 50 فدان عام 1969 ) ولا يمكن لأى مالك تجاوزه وإلا اعتبر متهربا من تطبيق القانون ويعاقب بمصادرة أرضه كلها .. فكيف تبيع وزارة (هيئة )الأوقاف عام 1975 لحسن فهيم خطاب مساحة تزيد عن الحد الأقصى للملكية التى حددتها قوانين الإصلاح الزراعى الثلاثة..؟ وكيف تقوم الأوقاف وهى إحدى مؤسسات الدولة بمخالفة القانون وهى تعلم أن اكتشاف التزوير سيلقى بكل من شارك فيه خلف قضبان السجن علاوة على فصله من عمله لخيانته وإخلاله بمقتضيات وظيفته.

أما المفاجأة الكبري التى حدثت فى عام 2011 فتتمثل فى اجتماع تم عقده بمقر هيئة الأوقاف يوم الإثنين الموافق 19 ديسمبر عام 2011 بين لجنتين تمثل إحداهما هيئة الإصلاح الزراعى و الأخرى تمثل هيئة الأوقاف لمناقشة المشاكل المعلقة بينهما .. التى كان من بينها مساحة الـ 221 فدانا بمحافظة البحيرة (الخاصة بماهتاب قادن وآل خطاب). ينص محضر الاجتماع فى الصفحة الثانية بند 3 على [ بناء على طلب لجنة الإصلاح الزراعى بخصوص استلامهم لمساحة 221 فدان بناحية الأشراك مركز الرحمانية بحيرة والصادر بشأنها حكم لجنة القسمة من هيئة الأوقاف بضرورة العرض على السلطة المختصة بهيئة الأوقاف بغرض شراء هذه المساحة لصالح الوقف الخيرى ]. وأهم ما فى النص هو : أن هيئة الإصلاح تملك مساحة الـ 221 فدان من الأرض وأن هيئة الأوقاف تسعى لشرائها من هيئة الإصلاح الزراعى.. فإذا كانت الأوقاف قد باعتها لحسن خطاب فكيف تشتريها من هيئة الإصلاح..؟ .

وتعليقناعلى الموضوع: كيف تسترد الأوقاف أرضا تم بيعها ( استبدالها ) لهيئة لإصلاح الزراعى التى قامت بتوزيعها على الفلاحين بالقرار رقم 40 فى 2 ديسمبر 1964 بنظام التمليك التقسيطى بل وتلقت جزءا كبيرا من ثمنها بإيصالات رسمية..؟ علما بأن القانون الذى استصدره السادات رقم 42 عام 1973 يمنع الأوقاف من استرداد الأراضى التى تم توزيعها على الفلاحين. لقد حضر ذلك الاجتماع أربعة مسئولين من مديرية أوقاف البحيرة ( خميس سالم ، حمدى محمد عبد القادر ، سعد محمد سعد ، رفيق عدلى سلامة ) ، وثلاثة مسئولين من مديرية الإصلاح الزراعى بالبحيرة ( فكرى محمد سعد رضوان ، إبراهيم عبد الحفيظ محمد ، صبرى عباس بدوى) ووقعوا على محضره. وهو ما يعنى أنهم على علم بقصة الـ221 فدان وعقد القسمة من الألف إلى الياء ؛ وبالتالى على معرفة بالنزاعات القضائية و بالصراعات العنيفة والمسلحة التى جرت وتجرى بشأنها بين الفلاحين وجيوش بلطجية آل خطاب منذ عامى 2004 ، 2007 وحتى الآن ، وعلى دراية بحملات الشرطة التى انتقلت إلى موقع الارض لتسليم أجزاء منها وطرد الفلاحين منها .. حتى لو عاد بعضها دون تنفيذ .. كما يعرفون تكلفة كل ذلك وخسائره.

مؤشرات الفساد:

*اكتشف فلاحو قرية عزبة الأشراك مساحة 70 فدانا فى حوضى ( الهيشة وفراخة الغفارة ) محيزة منذ عام 1975 باسم محمد عبد العاطى سلومة وياسين ياسين فرج الحمزاوى وهى ضمن مساحة 221 فدانا التى ادعى المرحوم حسن خطاب شراءها من وزارة الأوقاف. وبالبحث فى الجمعية الزراعية عن كيفية تحييز الأرض بالإسمين ( سلومة والحمزاوى) ثبت عدم وجود أية مستندات لملكية الأرض باسمهما ؛ وأفاد مسئولو الجمعية أنها محيزة منذ عام 1975 بناء على خطاب صادر للجمعية من إدارة الرحمانية الزراعية التى اتضح أنها منبع الفساد فى عملية تهريب والاستيلاءعلى أرض الإصلاح. *كما اكتشفوا أن هناك 35 فدانا أخرى فى حوض البقر بنفس الزمام مهربة من هيئة الإصلاح الزراعى فى حيازة ورثة آل خطاب ويؤجرونها للفلاحين ويحاول الورثة الآن بيعها بتراب الفلوس لمستأجريها قبل اكتشاف السلطات لها وبذلك يبلغ جملة ما سطا عليه آل خطاب 256 فدانا فى زمام القرية.. وما يعنينا فى هذه القصة هى كيف حيزت الجمعية الزراعية هذه المساحة أيضا باسم آل خطاب.

* من ناحية ثالثة فأحمد دميس عمدة أبو خراش يسابق الزمن فى بيع مساحة أخرى- ( 5 أفدنة بحوض البُوَاشقية محيزة باسم اخته السيدة /عنايات) – للفلاحين قبل قيام هيئة الإصلاح الزراعى بمعاينة الزمام على الطبيعة فى عملية حصر لأراضى الإصلاح الزراعى التى تم توزيعها على الفلاحين و كذلك التى تم تهريبها من قانون الإصلاح الزراعى.

إذن كيف تم تحييز الأرض دون مستندات ملكية..؟ وكيف جرت مخالفة المادة 90 من قانون الزراعة ( 30/ 1966 ) منذ عام 1975 بتحييز الأرض بأسماء غائبين عن القرية مثل ( محمد عبد العاطى سلومة وياسين ياسين الحمزاوى )…؟

*كما اكتشفوااستيلاء إبراهيم سالم على حوالى 4,5 فدان أملاك دولة بجوار حوض البقر حيث أقام على أجزاء منها منازل له ولأولاده.

المشهد ملخصا :

وعليه يمكن تلخيص المشهد كالتالى : مجموعة من الفقراء يفلحون أرض سيدة من أصول غير مصرية لعشرات السنين بمقابل ( أجر ) محدود يحفظ لهم حياتهم بالكاد ، قررت الدولة بعد تطبيق قانون الإصلاح الزراعى عام 1952 أن يتملك كل منهم فدانين أو ثلاثة ليستمروا فى زراعتها لتوفير الغذاء لأبنائهم – ولمن لا يمتهن الزراعة من أفراد الشعب – على يسددوا ثمنها على 40 قسط سنوى.. فنفذ الفلاحون كل التعليمات وشرعوا فى دفع ثمن الأرض بكل أمانة وإخلاص.

لم يعجب هذا الرئيس السادات ووزارة ( هيئة ) الأوقاف..فقرر السادات إعادة بعض الأراضى لهيئة الأوقاف التى لجأت للغش والتدليس وبدأت فى بيع أجزاء من هذه الأرض بتراب الفلوس ( 154 جنيها للفدان) لعدد من موظفيها وعمالها ومنهم حسن فهيم خطاب الذى حصل على 196 فدان بعقد قسمة ورفعها بطريقته إلى 221 فدان.. رغم أنها باعتها فى وقت سابق لهيئة الإصلاح الزراعى وقبضت ثمنها ورغم مخالفة ذلك لقانون الإصلاح الزراعى.

كما لم يعجب كثيرا من الأفراد والأسر التى كانت تعمل – لدى السيدة المتمصرة ماهتاب قادن التى كانت تحوز الأرض – كموظفين أو خفراء أو خدم أو مساعدين ومنهم عائلة دميس وآخرون… فماذا قرروا..؟

قرروا تهريب أجزاء منها فى ظلام الليل بالاتفاق مع من نفذوا قانون الإصلاح الزراعى .هذا وقد ساعدتهم الأرض التى استولواعليها فى تحولهم من مجرد فلاحين صغار إلى أكبر أثرياء القرية وما يحيطها وأصحاب نفوذ ؛ وسيطروا- مع من صاهروهم أو تصاهروا معهم – على كثير من الوظائف الحساسة فى أجهزة الدولة بالمحافظة ( أحمد محمد دميس وكيل وزارة الإصلاح الزراعى بالبحيرة ثم عمدة قرية أبوخراش- محمود أحمد دميس رئبس مصلحة الأملاك الأميرية بالبحيرة –رفعت إسماعيل دميس رئيس مجلس مدينة الرحمانية – بدر محمد بدر مدير الإدارة الزراعية بالرحمانية – زكريا عفيفى مدير عام بالإصلاح الزراعى بالبحيرة – على مجاهد رئيس شركة مياه الشرب بالرحمانية، علاوة على تقلد عدد من أبنائهم وأقاربهم وظائف فى النيابة والقضاء) ، كما مكنهم من تكوين شبكة علاقات واسعة فى بقية المصالح الحكومية والمؤسسات الهامة وأجهزة الأمن . ولأنهم لم يكتفوا بذلك فقد فرضت مصالحهم أن تتشكل شراكة بينهم وبين آل خطاب .. وقرروا معاً أن يطردوا الفلاحين من الأرض .. لذلك تفننوا فى ابتداع الوسائل والأساليب التى تحيل حياة الفلاحين إلى جحيم وهم مقيم .. وشرعوا فى حصارهم من ثلاثة اتجاهات :

الأول :هوالعمل فى الأرض، والزراعة والعلاقة بالجمعية الزراعية ، ومياه الرى.
والثانى: هو مياه الشرب . والثالث : هو الحياة والصحة، والاحتياج للأمن .

الاتجاه الأول: الأرض؛ والزراعة والجمعية الزراعية ؛ ومياه الرى:

• الأرض:

-نظرا لإدراك حسن فهيم خطاب – وورثته من بعده- بعدم جدوى اللجوء للقضاء لإثبات صحة عقد القسمة الصادر له من الأوقاف وبالتالى ملكيته للأرض محل الصراع اضطر فى عامى 2004 ، 2007 للجوء للعنف وقام بتجهيز حملتين مسلحتين من البلطجية من خارج المحافظة على أراضى الفلاحين بعزبة الأشراك. إلا أن تكاتف أهالى العزب المحيطة مع فلاحي العزبة مكنهم من صد المعتدين وتلقينهم درسا لن ينسوه فى المرتين. يقول أهالى العزبة: كانت إحدى الحملتين فى شهر رمضان وفيها تمكنا من القبض على 17 بلطجيا وسلمناهم لمركز شرطة شبراخيت الذى أفرج عنهم فى الحال ولم يحرر محضرا بواقعة الاعتداء وفى المقابل قبضت الشرطة على عدد منا واعتدت علينا بالضرب ثم تركتنا لحال سبيلنا .

-بعدها لجأ طلعت ابن حسن خطاب ” للتفاهم ” مع الفلاحين مدعيا أنه لن يطردهم من الأرض لكنه يريد منهم تحرير عقود إيجار بالمساحات التى يزرعونها ، ففطن الفلاحون للحيلة لأن الأرض حصلوا عليها من هيئة الإصلاح الزراعى ودفعوا جزءا من أقساط ثمنها ولو وقعوا على عقود إيجار لأصبح ذلك اعترافا منهم بملكيته للأرض .. ولتمكن من طردهم منها فى الحال.

-إلى أن أرشده عدد من المحامين لفكرة جديدة تتمثل فى رفع ” قضايا ريع ” على الفلاحين بلغت أعدادا هائلة لا تحصى ، كان طلعت يقدم عقد القسمة للمحكمة مدعيا قيام الفلاحين باغتصاب الأرض منذ سنوات طويلة مطالبا المحكمة بريع الأرض .. وكانت الأحكام تصدر بعشرات ومئات الألوف من الجنيهات وكلما حكمت المحكمة على فلاح عاجله بقضية أخرى عن مدة جديدة وبهذه الوسيلة هدد الفلاحين وأنهكهم مُعوّلا على استخدامها لدفعهم للتنازل عن الأرض إلا أنهم لم يرضخوا وهكذا.

-لجأ بعدها طلعت خطاب لمطاردة الفلاحين بالشرطة بتلفيق القضايا كما حدث مع محمد محمود المكاوى ، وقد ساعده فى ذلك كريم البسيونى ضابط مباحث الرحمانية وبعض المخبرين مثل حسن الجمسى ثم أحمد بسيونى عبد الواحد وحسن صادق حيث تم القبض عليه و اتهامه باختطاف مواطن مرة وبسرقة سيارة مرة أخرى واحتجازه عشرة أيام وحرمانه خلالها من الطعام والماء.. والضغط عليه للتنازل عن الأرض.. وخرج من سراى النيابة فى المرتين مفرجا عنه دون كفالة.

-كما جرت الاستعانة بعدد من الأشقياء المسجلين ( محمد وأحمد سالم ) لسرقة مواشيه؛ وفى واقعة السرقة تم الاعتداء على ابنه ( محمود محمد المكاوى ) الذى أصيب بشلل نصفى ظل يعالج منه لأكثر من عام وعوقب الشقيان بخمسة عشرعاما إلا أنه لم يتم القبض عليهما لعدة سنوات حاولت خلالها الشرطة إبرام صلح بين المكاوى والشقيين لكن رفض المكاوى وصلابته أفشل مسعى الصلح. هذا وقد كان نصيب محمد المكاوى العديد من الدعاوى القضائية التى رفعت ضده منها (، 30/2014 ، 32/ 2014 ، 141/ 2014، 156/2014 ) م.ك الرحمانية ، 6 / 2015 مدنى مستأف الرحمانية، 28/2016 م.ك الرحمانية، 2217/ 2016 إدارى الرحمانية .

كان استهداف المكاوى بتلفيق القضايا واتهامه بالخطف والسرقة، والاعتداء عليه وممارسة الضغوط المتواصلة للتنازل عن الأرض يفسره ان كسره وإخضاعه سيفتح الطريق واسعا أمام بقية الفلاحين لليأس والخضوع والتسليم بترك الأرض.

• الزراعة والجمعية الزراعية :

لا زراعة بدون أرض أو ماء عذب للرى ، أو مستلزمات ( تقاوى ، أسمدة ، مبيدات..إلخ ) ، ولذلك فعندما تمتنع الجمعية التعاونية عن إمداد الفلاحين بالأسمدة مثلا أو أن تكون التقاوى فاسدة، أو أن يجرى رش المزروعات بمبيدات سامة تقضى عليها فلا يمكن أن يجنى الفلاح محصولا يساعده على المعيشة أو يكون المحصول ضعيفا نتيجة ريه بماء الصرف الزراعى أو الصرف الصحى. ففى 20 إبريل 2014 اشترط مسعد محمد بهنسى ..مدير جمعية الأشراك الزراعية على الفلاحين للحصول على سماد الزرعة الشتوية .. (أن يوقعوا شيكات على بياض).

ومثل هذا التصرف لا يستطيع تحمل مسئوليته إلا إذا كان مُحرّضا من مسئول أعلى. لقد ثار الفلاحون وانتقلوا إلى وكيل وزارة الزراعة بدمنهور الذى أفزعه غضبهم فأمر بصرف الأسمدة لهم على الفور.هذا وكان الأمر قد تكرر فى وقت سابق يوم 9 سبتمبر 2011 عند ورود الأسمدة للجمعية الزراعية التى تماطل دائما فى صرفها .. لذلك اضطر الفلاحون إلى التجمع بأعداد كبيرة أمام مقرها وحاصروها لمدة يوم كامل ومنعوا الدخول إليها أو الخروج منها إلا إذا تم صرف الأسمدة .. وإزاء إصرار الفلاحين وإتصال موظفى الجمعية بالرؤساء تراجع المسئولون فى الجمعية وقاموا بصرف الأسمدة .

• مياه الرى :

– كانت مياه الرى العذبة إحدى الأسلحة التى استخدمها الطامعون فى اراضى الفلاحين طيلة السنوات المنقضية لخنقهم وحصارهم وتدمير زراعاتهم ، ولأن مصدر المياه لبعض قرى المنطقة- ومنها عزبة الأشراك – بعيد عن الأرض ويمر فوق مصرف شبراخيت -عرضه 16 مترا- من خلال ماسورة قطرها متر ، وهذه الماسورة تصب مياهها فى الترعة التى تروى الأرض؛ فقد توصل هؤلاء الطامعون إلى فكرة شيطانية تتلخص فى منع مياه الرى عن الأرض .. وكانت وسيلتهم إلى ذلك هو ثقب وإتلاف الماسورة فيتبدد ماؤها فى المصرف وبالتالى لايجد الفلاحون ماء لرى أراضيهم إلا مياه الصرف الصحى الموجودة بمصرف شبراخيت .لجأ الفلاحون لإدارة الرى وإلى المحافظ مطالبين باستبدالها بأخرى جديدة .. وبُحّ صوتهم سنوات ولا من مجيب اللهم إلا سد ثقوب الماسورة ببعض الأسمنت الذى لا يستمر أكثر من أيام تعود بعدها ( ريما إلى حالتها القديمة).

-من ناحية أخرى قام هؤلاء الطامعون بنقل مياه الرى إلى أراضيهم من مكان بعيد عن مقدرة الفلاحين مستخدمين ماكينات رى قوية وترعة أخرى غير التى تمر بأرض الفلاحين وهو ما جنبهم المخاطر التى تعرض لها الفلاحون فى رى الأرض.

– بعد سنوات وبعد أن تعددت الشكاوى ونشرت الصحف والمواقع الإلكترونية ولجان التضامن مع الفلاحين عن الموضوع وأبرزت مخاطره على صحة الفلاحين اضطرت إدارة الرى إلى تغيير الماسورة التالفة.

– لكن الأشرار لم يعجبهم ذلك وأصروا على ابتكار وسائل جديدة فشرعوا فى ردم الترعة ردما جزئيا ( علما بأنها تروى 1600 فدان وهى تفريعة من مشروع المشايخ بجوار عزبة المصرى ) ، وألقوا فيها مخلفات حظائرهم من الروث والأتربة وبقايا المحاصيل – بل وإقامة عدة قناطر صغيرة على الترعة للعبور من أراضيهم لحظائرهم واستخدموا مواسير صغيرة القُطر تحتها لتمرير المياه وهو ما يضيق ممر المياه ويقلل كميتها ويطيل زمن عملية الرى وتكلفته.

– باختصار لم يعدموا وسيلة إلا واخترعوا غيرها .. ومن الجهة المقابلة لم يستسلم الفلاحون لمؤامراتهم وألاعيبهم وحيلهم وتصدوا لها ولتواطؤ الأجهزة الحكومية معهم – انحيازا لفارق الثروة والمستوى الاجتماعى – لتبدأ بعدها الجولة الأخيرة فى منع مياه الرى عن أراضى الفلاحين كالآتى:

– بسبب تراكم المخلفات والأتربة وبقايا المحاصيل على مدى السنوات الست الماضية ارتفع قاع الترعة وقل حجم الماء الذى يمر فيها فلجأ الفلاحون لإدارة الرى لتطهيرها وتنظيفها وإعادة قاعها لمستواه القديم كما قاموا بشكاية المتسببين فى ذلك للنيابة العامة ونظرا لشدة وتواصل الضغوط الفلاحية اضطرت النيابة للتوصية بالتطهير ودعمهم فى ذلك أحد المسئولين الشرفاء فى إدارة الرحمانية الزراعية ( عبد اللطيف شمس).

– فور بدء الحفر بكراكة الإدارة الزراعية لم يستمر سوى يوم واحد طهرت فيه نصف الترعة.. وتمكن أحمد دميس – عمدة أبو خراش ووكيل وزارة اصلاح الزراعى بالبحيرة سابقا – من إيقاف العمل لمدة شهر كامل ، وتكررت شكوى الفلاحين حتى وصلت لمسئولين كبار فى وزارة الزراعة تمكنوا بعدها من استئناف التطهير ، وتغيير المواسير الضيقة التى تمرر الماء تحت القناطر من 40 سم إلى 100 س وهو ما ساعد فى زيادة المياه التى تمر بالترعة .

– لقد عانى الفلاحون طيلة السنوات الست الماضية وخصوصا فى السنوات الأخيرة من شح مياه الرى الذى تسبب فى عطش مزروعاتهم وبشكل خاص محصولى الأرز والذرة وتبدد الجهد والمال اللذين بذلا فى زراعتهما.. لا لسبب إلا أنانية بعض الطامعين فى مورد رزقهم الوحيد ( الأرض الزراعية).

الاتجاه الثانى: مياه الشرب :

-شكل انقطاع مياه الشرب النقية مشكلة هائلة عانى منها فلاحو القرى المضارة ( عزبة الأشراك ، أبو خراش ، الخمسين ، والستين، والبكوات، محلة ثابت، ومحلة داود، ورستم، و كفر سعد) خلال العام الأخير مما اضطرهم للحصول عليها من قرية الهوارية – على بعد 6 كيلومتر- وغيرها مستخدمين الجراكن وعربات الكارو.

– يذكر أن مرفق المياه يديره على مجاهد أحد المقربين من أحمد دميس .

– هذا وقد تجمعت حشود كبيرة من الأهالى عند قرية الهوارية وقطعت طريق دمنهور/ دسوق- احتجاجا على انقطاع المياه خلال الشهور الثلاثة الأخيرة بشكل دائم ودون مبرر- وهو ما دفع مرفق المياه للتراجع وإيصال المياه للقرى الغاضبة فى نفس الليلة.

– ونظرا لأن عزبة الأشراك هى من بدأ الاحتجاج فقد استؤنف قطع المياه عنها مرة أخرى.. مما دعا أهالى القرية للاتصال بمسئولى وزارة الإسكان بالقاهرة حتى عادت المياه للقرية مساء الخميس 24 أغسطس 2016 .

– ومن المفارقات أن يقوم مرفق المياه بتحصيل مائة جنيه ( استهلاك مياه)- عن كل عداد عن الفترة التى انقطعت فيها المياه- من أهالى القرى المضارة .

الاتجاه الثالث :الحياة والصحة ، والاحتياج للأمن:

• الحياة والصحة :

تأثر سكان هذه القرى من انقطاع مياه الرى العذبة عن الوصول للحقول وهو مادفعهم دفعا لاستخدام مياه الصرف الصحى فى رى زراعاتهم . كان الفلاحون يستخدمون ماكينات الرى لرفع المياه من مصرف شبراخيت العمومى ليصب فى الترعة المارة بمحاذاة أراضيهم ومنها يرفعونها بالماكينات مرة أخرى إلى الحقول .

تسبب ذلك فى رفع تكلفة الرى وزيادة المجهود المبذول فيها كما أنقص إنتاجية الأرض بنسبة 70% من ناحية ، وتسبب فى إصابة مستخدمى مياه الصرف فى الرى بمرض الفشل الكلوى الذى راح ضحيته خلال السنوات الأخيرة مالا يقل عن 40 فلاحا وفلاحة سبق أن ذكرنا أسماءهم فى وقت سابق.. بل وأصيب أهالى إحدى القرى من حوالى عام بمرض غريب من أمراض الحساسية .. مما اضطرهم للجوء – أفواجا وراء أفواج – إلى مستشفيات المنطقة للعلاج.

الجدير بالذكر أن إدارة الرى بالمحافظة قدارتكبت جريمتين :

– الأولى : تخص ماسورة مياه الرى العذبة العابرة لمصرف شبراخيت:

فبدلا من بناء مرتكزين من الأسمنت على جانبى المصرف لتثبيت طرفى الماسورة ودهانها بالبروميد لحمايتها من الصدأ والتآكل بفعل الرطوبة والأملاح الزائدة – بدلامن ذلك – تم دفن الماسورة من طرفيها فى الأرض المملحة للتعجيل بتآكلها وللإسراع فى عودتها إلى حالتها الأولى التى استمرت أكثر من 5 سنوات وحرمت الفلاحين من رى أراضيهم بالماء العذب.

– والثانية: تقنين عملية الرى بمياه الصرف الصحى لأراضى عدد كبير من قرى المنطقة وليس عزبة الأشراك والقرى المحيطة بها فقط ، وتركت الأدلة العملية للجريمة على الشاطئ الشرقى لمصرف شبراخيت العمومى:

فقد أقامت إدارة الرى على امتداد 2 كيلومتر خمسة ملاجئ ( مبانى ) يفصل بين كل منها 400 متر وركبت بكل ملجأ موتورا كبيرا لرفع مياه المصرف إلى الترع التى تستقبل المياه المرفوعة لرى المزروعات فى المواقع الآتية :

1-المقابل لقرية المناشلة وأبو سعيد ويصب فى ترعة المناشلة .

2- المقابل لقرية الأشراك والبكوات ويصب فى ترعة الأشراك والبكوات المتفرعة من الأنصارية.

3- المقابل لعزبة محرم مركز ويصب فى ترعة المشايخ الرئيسية المتوجهة لعزبة الأشراك.

4- المقابل لعزبة ثابت ويصب فى ترعة محلة ثابت.

5- المقابل لعزبتى صقر وأبو خراش ويصب فى ترعة الأنصارية.

– وتكتمل المأساة بارتكاب مرفق مياه الشرب لجريمة ثالثة تتمثل فى :

مد ماسورة مياه الشرب ( من البلاستيك الأزرق ) القادمة من قرية الهوارية – وتمد قريتى أبو خراش وعزبة الأشراك بماء الشرب- لتعبر المصرف من الجانب الشرقى وتتجه إلى بطن المصرف وهى مغمورة تماما فى مياهه حيث لا يمكن لأى عاقل المغامرة بترك ماسورة ماء الشرب مغمورة فى مياه الصرف الصحى شهورا وسنوات مهما كان نوعها وسمكها لتظل غارقة فى سوائل مُركزة الملوحة والسموم دون رفعها على حوامل لتعبر المصرف من أعلى كماسورة مياه الرى.

وتلك الجرائم الثلاث – لو حدثت فى دولة أخرى- لألقت بمسئولى المرفقين – الرى ومياه الشرب- فى السجون وأطاحت بوزيريهما إلى عرض الشارع؛ ومع ذلك نتباكى على ميزانية وزارة الصحة وعدم قدرتها على علاج مرضى الفشل الكلوى.. ونصمت على ضحايا المرض من الفلاحين الذين تضيع أعمارهم دون حساب.. ونغمض العين عن لصوص ومهربى الأراضى وعن مشاركة وتواطؤ وإهمال أجهزة ومرافق الدولة فى تلك الجرائم.

• الاحتياج للأمن :

لايمكن لأى مواطن تحاصره المصائب من كل اتجاه ويعانى كل هذه المعاناة أن يلتفت ويتفرغ لعمله وأولاده ؛ فما بالنا إذا ما حاصره من ناحية أخرى غياب الأمن، وما بالنا إذا ما أصبح المواطن هدفا ” للمرمطة ” والمطاردة والعدوان وتلفيق التهم والاحتجاز فى مراكز الشرطة علاوة على مداهمة منزله والشروع فى سرقة مواشيه كما حدث مع محمد المكاوى لمجرد أنه يُصر على أن يعيش شريفا من عرق جبينه ويرفض التنازل عن حقوقه ولا يمد يده ليأخذ الصدقة والإحسان.

هذا ونختتم حديثنا بالتأكيد على حق الفلاحين فى الأرض بالقانون والمنطق ، وأخلاقيا ومهنيا.. وبالسؤال عمن يدير أعمال الزراعة فى هذه المنطقة ويتحكم فى مياه الرى والشرب..؟ وماهى القوة التى توقف تصريحا أصدره كبار المسئولين بتطهير الترعة ( بطول 2 كيلومتر ) المسدودة بفعل فاعل فى المسافة التى تقع بها أراضى آل دميس وتحرم مئات الأفدنة من مياه الرى العذبة لتموت عطشا..؟. ومن يعوض هؤلاء البؤساء من الفلاحين عن التنكيل بهم ومحاصرتهم وعن تعرضهم للأمراض وفقد الحياة بسبب رى مزروعاتهم بمياه الصرف واختلاطها بمياه الشرب..؟

ولأن للصبر حدودا ولأن لكل فاسد نهاية ولكل ظالم يوم .. ولكل حقٍ ضائع آلاف مؤلفة من الناس تطالب به وتنقب عنه .. وتنتزعه من فم الذئب. ولأن الشواهد تلوح فى الأفق .. نؤكد أن الخناق يضيق على رقاب مهربى الأراضى ومغتصبى الحقوق .. والداعمين لهم والمتواطئين معهم.. فالأيام بيننا .. وإن غدا لناظره قريب.

الإثنين 5 سبتمبر 2016 بشير صقر / لجنة التضامن الفلاحى- مصر

ملاحظة : سنوالى نشر الجزئين الثانى والثالث من التقرير عن قرى مركز دمنهور خلال هذا الأسبوع.

]]>
http://tadamon.katib.org/2016/09/28/%d8%aa%d9%82%d8%b1%d9%8a%d8%b1%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d8%b6%d8%a7%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%81%d9%84%d8%a7%d8%ad%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b5%d9%84/feed/ 0
الفلاحون المصريون والبحث عن ميلاد جديد http://tadamon.katib.org/2011/06/20/%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%a7%d8%ad%d9%88%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d9%88%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%ad%d8%ab-%d8%b9%d9%86-%d9%85%d9%8a%d9%84%d8%a7%d8%af-%d8%ac%d8%af%d9%8a/ http://tadamon.katib.org/2011/06/20/%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%a7%d8%ad%d9%88%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d9%88%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%ad%d8%ab-%d8%b9%d9%86-%d9%85%d9%8a%d9%84%d8%a7%d8%af-%d8%ac%d8%af%d9%8a/#respond Mon, 20 Jun 2011 22:40:45 +0000 http://tadamon.katib.org/?p=534 بشير صقر

الحوار المتمدن – العدد: 3397 – 2011 / 6 / 15

المحور: الحركة العمالية والنقابية

راسلوا الكاتب-ة  مباشرة حول الموضوع

تمهيد :

جدل الطبيعة هو ما يؤسس قوانين الحياة، ومهما كانت تدخلات الإنسان فى نظامها لا تتذكر الطبيعة منها سوى ما يتناغم معها .. فتحتفظ به وتدمجه فى مسارها ، وتنحى ما يتعارض معها وتستبعده.

والتنوع والتوازن آليتان تحكمان الطبيعة منذ بداياتها الأولى .. حيث لا مجال فيها للون واحد أو لميل واحد.. تماما كألوان الطيف تتنوع وتتباين لكنها تتوازن وتتحد وتعطى الضوء الأبيض .

الألوان المبهجة تخلق للنفس متعتها .. وللعين وظيفتها ، وعندما تتوحد وتضئ تنير للعقل آفاقا بعيدة .. وتثير مراكز التفكير والحس فيه ليدرك حقيقة هذه الطبيعة وقوانين الحياة .. وينعم بها.

ورغم ما يكتنفها من تناقض يبدو للبعض غريبا إلا أننا سرعان ما ندرك أنه مفتاح نشاطها وسر استمرارها.

ولأنها ابتدعت لكل كائن فيها – حيا أوجمادا –وظيفة ودورا يتجلى فيه تنوعها وتكاملها واتزانها – بدءا من الحشرات والنباتات والأنهار والبحار وحتى الجبال والهواء- إلا أنها منحت الإنسان –دورا مميزا حتى صار بإعمال عقله وفهم قوانينها سيدا لها ومتحكما نسبيا فيها.

فمن ناحية حين تزمجر الجبال والبحار والزلازل والبراكين والعواصف .. يسرع العلم لنجدة الأحياء ويعيد التوازن ويرمم آثار التمرد الذى أحدثته مفرداتها الصامتة.

ومن ناحية أخرى حين تمنح الطبيعة للبشر – بدعم العلم وإعمال العقل- موارد غذائية تكفى إطعام ضعف أعدادهم الحالية، يسعى البعض لاحتكار تلك الموارد ويحرمون ثلث البشر من حياة مشبعة آمنة ومستقرة وهو ما يدفع الأخيرين للثورة – إن عاجلا أو آجلا – لإعادة توزيع الموارد وتحقيق التوازن للمجتمع البشرى.

ولذلك يكره بعض البشر إعمال العقل والاحتكام للعلم لأنهما يصطدمان برغباتهم الجامحة التى تستبد برغبات بقية البشر وتجنح بعيدا عنها وتعارض قوانين الطبيعة.. وهؤلاء لا يستخدمون العلم إلا فى تدمير الطبيعة والبشر والخصوم .. وربما أنفسهم ، ولا يعملون العقل إلا بما يخدم تلك الأهداف ويسعون لمنعه من بسط سلطانه على العالم ؛ ورغم نجاحاتهم النسبية وهيمنتهم على مساحات ليست قليلة من البشر والطبيعة وإحساسهم المتصاعد بأنهم باتوا أقرب لانتصار نهائى على قوانينها وعلى خصومهم إلا أنهم يفاجأون – فى لحظة لا يتوقعونها – بضربة قاصمة يدركون بعدها أنهم كانوا فى حلم استفاقوا منه الآن.

وهذا ماحدث فى عام 2008 إبان الأزمة المالية العالمية وهو ما يحدث حاليا فى المنطقة العربية بدءا من تونس ومصر مرورا بالبحرين وليبيا وسوريا .. وحتى اليمن.

مصر ومقدمات الميلاد:

وفى مصر تولى الجيش حكمها منذ ستين عاما وحرمها من أبسط الحقوق الديمقراطية ؛ وأبقى على أهلها مفتتين مشتتين دون تنظيمات نقابية أو أحزاب سياسية حقيقية طيلة هذه المدة ، فتبددت موارد المجتمع الطبيعية والبشرية وثرواته وصناعته التى بناها منذ عام 1952 وسقط 40 % من مواطنيه تحت خط الفقر.

– ففى الصناعة وجهت ضربات قاصمة لكثير من الصناعات الرئيسية كالحديد والصلب والألومنيوم والغزل والنسيج والمواد الغذائية ؛ فبيعت شركات صناعية كثيرة للقطاع الخاص المحلى والأجنبى بعشر ثمنها ، وتم تسريح مئات الألوف من العمال ( بالمعاش المبكر وإغلاق المصانع أو تغيير نشاطها.)

– علاوة على عدم تعيين الخريجين فانتشرت البطالة وفاقم من آثارها تعويم الجنيه المصرى الذى انخفضت قيمته إلى النصف وساهم ذلك فى ارتفاع تكاليف المعيشة .

– من جانب آخر تقلصت مخصصات التعليم والصحة والثقافة والبحث العلمى فانهارت المنظومة التعليمية وتدهورت الثقافة وسادت القيم الاستهلاكية والرجعية التى عمقها تواطؤ نظام الحكم على نشاط جماعات الإسلام السياسى ، وانتشرت أوبئة الكلى والكبد والسرطان بشكل واسع.

– أما فى الزراعة فقد جرى تقويض المكاسب الفلاحية المحدودة التى تحققت فى الحقبة الناصرية ( 1952 – 1970 ) كما تم تدمير زراعة القطن وفقد أسواقه والصناعات المرتبطة به ؛ وأعيدت هيكلة الزراعة:

1- برفع الدعم عن مستلزمات الإنتاج الزراعى ( أسمدة ، بذور، مبيدات.. إلخ )

2- ورفع أسعار إيجارات الأراضى الزراعية إلى أكثر من خمسة أمثالها ( بوضع قانون جديد لها ).

3- وكذلك رفع أسعار فوائد القروض الزراعية ، وضرائب الأطيان .

مما أدى لارتفاعات هائلة فى تكلفة الزراعة وتدنى بشدة دخل الفلاحين الصغار والفقراء خصوصا بعد احتكار القطاع الخاص والدولة لتجارة الحاصلات الزراعية ؛ فترك المستأجرون أراضيهم وبدأ الملاك الصغار فى بيع ما يمتلكونه منها.

– ليس هذا فحسب بل وقادت الدولة طرد الفلاحين من أراضى الإصلاح الزراعى وأراضى الأوقاف و الأراضى التى كانت موضوعة تحت الحراسة منذ الحقبة الناصرية لصالح ورثة الإقطاعيين السابقين وعصابات السطو المنظمة على الأراضى والحكام المحليين وأصحاب النفوذ ، واستخدمت فى ذلك أجهزة الشرطة وأحكام القضاء الاستثنائى ( محاكم القيم ) وغيره، ومن قاوم من الفلاحين تم قتله أو التنكيل به وبأهله ؛ فغادرت الريف أعداد هائلة من الفلاحين إلى المناطق العشوائية بالمدن الكبرى.. وبذلك تحولت قطاعات واسعة من الشعب من منتجين للسلع الصناعية والحاصلات الزراعية والخدمات الحيوية إلى عاطلين ومشردين وباعة جائلين أو مروجى سلع استهلاكية تافهة أو مستوردة وإلى خدم وحراس منشآت قيد البناء وأفراد أمن فى شركات الحراسة.. إلخ.

– وفى عام 2007 تم تعديل الدستور – تمهيدا لتوريث الحكم – بإضافة شروط تقطع الطريق على ترشح آخرين لمنصب رئاسة الجمهورية.

– من جانب آخر تهاوت سمعة مصر السياسية إلى أدنى مستوياتها إقليميا ودوليا واشتهرت فى المنطقة العربية بدعمها للكيان الصهيونى وعدائها لحركات التحرر خصوصا الفلسطسينية والعراقية واللبنانية ؛ وانحيازها للولايات المتحدة الأمريكية وسياساتها التى أغمضت العين عن كل دعاوى الديموقراطية التى ترفعها لصالح استقرار أهم حلفائها العرب فى المنطقة.

– هذا وقد شهدت السنوات الست الأخيرة تمرد واحتجاج قطاعات واسعة من الشعب ؛ ونظرا لضعف المعارضة السياسية .. وبعد أن كانت الاحتجاجات قاصرة على النخب السياسية والأحدث السياسية تغير الوضع وانخرط الفقراء والبسطاء فى احتجاجات اقتصادية مهنية الطابع؛ واتسمت تلك الاحتجاجات بالعفوية وضعف التنظيم.. ويمكن القول بأنها لم تكن حركة احتجاجية متصلة ومتصاعدة ومستمرة بالمعنى المعروف بقدر ما كانت تفجرات متناثرة هنا وهناك تركزت فى المطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية ولم ترق لمستوى المطالب السياسية سواء فى أوساط عمال الصناعة والخدمات أو المهنيين .. بينما كانت أدنى مستوى فى صفوف الفلاحين نظرا لضعف الوعى والافتقاد للتنظيم النقابى الذى يجمعهم ويوحد كلمتهم.. إلا أن ذلك السياق قد تخللته ثلاث حالات مختلفة:

الأولى : توصلت احتجاجات العاملين فى الضرائب العقارية إلى انتزاع نقابة عامة مستقلة هى الأولى من نوعها فى مصر خارج النقابات الحكومية علاوة على إحرازها عددا من المكاسب النقابية الهامة التى يمكن اعتبارها انتصارات قيمة.. ومن ثم مثلت أملا لكثير من قطاعات المجتمع.

والثانية : ظهور لجنة الحق فى الصحة التى ضمت عددا من الأطباء المخضرمين ذوى الخبرة المهنية والسياسية تمكنت هى الأخرى من شن حملات واسعة ومؤثرة ضد محاولات النظام الحاكم سن قانون جديد لخصخصة العلاج الصحى وحرمان قطاعات واسعة من الشعب فى التمتع بخدمات هيئة التأمين الصحى الحكومية.. وخلقت رأيا عاما مناوئا للقانون الذى أصدر القضاء حكما بوقف العمل به.

والثالثة: تشكيل اتحاد لأصحاب المعاشات نشط فى أوساط موظفي أجهزة الدولة السابقين كانت أبرز مطالبه إيداع أموال التأمين والمعاشات فى أوعية ادخارية مأمونة كماهو العرف فى كل بلاد العالم ووقف وصاية الدولة عليها أو تحرشها بها.

– وهكذا كانت الاحتجاجات الشعبية المطالبة برفع مستوى المعيشة وزيادة الأجور فى مختلف قطاعات العاملين بأجر تتسع أفقيا .. وليس رأسيا باستثناء حالتى الضرائب العقارية والحق فى الصحة .. وهو ما يعنى أن عوامل السخط والتمرد والشعور بالقهر والمهانة قد تجاورت – جنبا إلى جنب – مع عوامل ضعف الوعى والتنظيم فى صفوف الشعب فى الوقت الذى كانت فيه أحزاب المعارضة الرسمية ” كالتجمع والوفد والناصرى ” فى حالة يرثى لها من الضعف والتفكك والتخاذل بل والتواطؤ .. بينما تعاملت جماعة الإخوان المسلمين مع هذه المعطيات بطريقة انتهازية ميكيافيللية ومفتقرة للهمة والمبادرة، وتجلى ذلك فى امتناعها عن المشاركة فى كثير من الاحتجاجات الهامة ( كإضراب 6 إبريل 2008 ) وإعلانها ذلك فضلا عن عقد الصفقات الانتخابية مع النظام الحاكم ( كما حدث فى انتخابات برلمان 2005 ) كما أكد مرشدها العام السابق؛ ورغم صوتها العالى فقد اختارت فتحى سرور عضو الحزب الحاكم رئيسا للبرلمان – استكمالا لبنود الصفقة- ولم تعترض عليه أو حتى تمتنع عن التصويت .. فضلا عن هزال أدائها البرلمانى الذى كان مخزيا وهابطا طيلة خمس سنوات.

– ولأن فجاجة النظام الحاكم وتبجحه كانا طافحين واستبداده كان طاغيا فقد أسفرت الانتخابات البرلمانية الأخيرة- عام 2010 – عن تفصيل برلمان كامل العدد من أعضاء الحزب الحاكم ” مرصعا ” بعدد محدود من ” المعارضين ” المبرمجين الذين لا يختلفون كثيرا عن بقية أعضائه .. وهكذا صار الوضع مهيأ لتوريث الحكم بتنصيب جمال مبارك رئيسا قادما لمصر.

الشباب مفجر الثورة :

وحيث كان الشباب بين الثامنة عشرة والثلاثين من العمر فى حالة بالغة اليأس والإحباط بسبب البطالة وغلاء المعيشة وضبابية المستقبل وانعدام الرؤية وضعف الوعى ولأن هذه الشريحة من الشعب لم تتمكن من العثور على مخرج لأزمتها أو حتى ثغرة للتعبير عن غضبها .. فقد ضاعف ذلك من حالة السخط والشعور بالاختناق .. التى سرعان ما تفجرت فى مسار الثورة عندما رأى عدد من هؤلاء الشباب ممن يستخدمون شبكة المعلومات الدولية – ويتمتعون بدرجة أعلى من أقرانهم من المعرفة – الاستجابة لانتفاضة الشعب التونسى واستثمار الرياح الساخنة الآتية من ناحية الغرب.. فبادروا بالاعتصام فى ميدان التحرير بقلب القاهرة فى محاولة لانتزاع بعض الحقوق والحريات التى حُرموا منها.

لقد أمسك هؤلاء الشباب بأول الخيط الذى سرعان ما امتد واستطال كلمت تدحرجت البكرة التى يلتف عليها بفعل تزايد المشاركين فى الاعتصام وتنوعهم حيث تكاثرت أعدادهم وتدعمت بمشاركة قطاعات أخرى من الشعب ؛ وتكفل غباء وعجرفة النظام واستعلاء ودموية أجهزة أمنه برفع سقف الشعارات المنادى بها ودرجة سخونتها.. ومن ثم تصاعدت المطالب حتى أصبح مطلب ” الشعب يرد إسقاط النظام ” هو الشعار الأعلى صوتا والأكثر جاذبية للالتفاف حوله.. وهكذا دارت عجلة الثورة .. حتى توصلت لتنحية رأس النظام الحاكم بعد ثمانبة عشر يوما من حرب الشوارع فى عدد من محافظات مصر وعلى رأسها القاهرة والسويس والإسكندرية .

الثورة فجرها الشباب وأصروا على أن يكونوا وقودها ؛ وانضم لها وأججها العديد من قطاعات الشعب، وأعلن حزب التجمع وجماعة الإخوان مقاطعتها منذ البداية .. ثم انضم لها الإخوان بعد يومين تأكدوا خلالهما بأن شيئا جديدا يحدث فى مصر .. وعندما التقوا مع نائب رئيس الجمهورية للتفاوض انسحب نصفهم خارج ميدان التحرير؛ ثم تضاعفت أعدادهم بعد تنحى رأس النظام.

ومن ناحية أخرى شاهدها الفلاحون على شاشات الفضائيات .. وحج إليها المئات من اليساريين المبعثرين ، وحاول الكثيرون ركوبها خصوصا جماعة الإخوان ، وتحدث الجميع باسمها أو ادعوا الانتساب إليها.

الفلاحون والثورة :

يمكن القطع بأن الفلاحين هم أكثر المصريين تضررا ومعاناة من استبداد وفساد أنظمة الحكم التى تعاقبت عليهم طوال تاريخهم وبالذات خلال الأربعين سنة الأخيرة:

• فقد تحالف عليهم نظام الحكم فى عهدى مبارك والسادات مع الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات العاملة فى مجال إنتاج وتسويق مستلزمات الزراعة ( بذور ، أسمدة ..إلخ )؛ حيث أدار مكاتب تلك الشركات فى مصر كثير من أبناء رجال الأعمال والمتنفذين وشخصيات وثيقة الصلة بكبار المسئولين فى الدولة، وكان القضاء على نمط الإنتاج الفلاحى الصغير هو هدف تلك الشركات للسيطرة المطلقة على أسواقها المحلية.

• وشارك فى التحالف كبار الزراع الذين سقطت وتسقط فى أيديهم كثير من الأراضى التى تغتصب من الفلاحين أو يتركها ملاكها الصغار لانخفاض جدواها الاقتصادية ؛ وكان الهدف هو تأسيس المزارع الواسعة المستخدمة للبذور المهندسة وراثيا والهرمونات فيما يعرف بنمط الزراعة الكثيفة.

• فضلا عن كبار المستثمرين فى مجال التصنيع الزراعى .

وقد استخدمت الدولة مع الفلاحين كل الأساليب العنيفة ؛ وغير العنيفة لتحاصرهم وتشعرهم بانعدام الجدوى الاقتصادية لحرفة الزراعة لتجريدهم من الأرض ، بل ولم تخجل من مخالفة القوانين السارية لإزاحة 75 % من الفلاحين ( ملاك أقل من 3 أفدنة ) بعيدا عن الجمعيات التعاونية الزراعية إلى نقابة عمال الزراعة بتغيير صفتهم القانونية من فلاحين إلى عمال مستهدفة حرمانهم من الخدمات التى تقدمها التعاونيات إمعانا فى إبعادهم عن الأرض والزراعة [ القانون المصرى يعرّف الفلاح بأنه : من يعمل بيديه فى حرفة الزراعة ولا يزيد ما يملكه هو وأسرته عن عشرة أفدنة ].

لم تكن تلك المعاناة قاصرة على فلاحى أراضى الإصلاح الزراعى بل شملت كذلك فلاحى أراضى الأوقاف؛ والأراضى المستصلحة القديمة والحديثة ؛ وأراضى الائتمان ( العادية ) ؛ وأراضى وضع اليد ؛ وأراضى البدو .. وكان وعى الفلاحين المتدنى وافتقارهم لتنظيمات نقابية تدافع عنهم ( فالقانون يجرّم تأسيسها ) هو العقبة التى منعتهم من المشاركة فى ثورة 25 يناير 2011 بل وأثرت – فيما سبق – على قدرتهم على صد الهجمات التى يتعرضون لها يوميا لتجريدهم من الأرض وحرمانهم من الزراعة.

لكن واعتبارا من يوم إسقاط رأس النظام السابق بدأ كثير منهم فى السير فى طريق مختلف :

– فشرع بعضهم فى استرداد ما اغتصب منه من أراض .

– وثار آخرون واحتجوا على تعنت الدولة معهم بشأن نقص المياة ومستلزمات الزراعة.

– بينما قام بعض ثالث بالتظاهر ضد هيئات رسمية بعينها أو أشخاص اغتصبوا أراضيهم أوهدموا منازلهم.

هذا وقد فجر بعض المواطنين ( بمنطقة طوسون ) بحى المنتزة / شرق الإسكندرية أولى هذه الأعمال صباح الجمعة 28 يناير 2011 وبعدها تتالت حركات الفلاحين واحدة تلو أخرى:

– كانت الدولة فى مايو 2008 قد قامت بهدم المنازل – التى بناها وسكنها منذ عشر سنوات أهالى منطقة طوسون- فوق رؤوسهم وأزالتها حتى سطح الأرض؛ كانت مساحة الأرض 160 ألف متر مربع يملكها الأهالى بعقود شراء قانونية ، وبرغم حصولهم على حكم قضائى يدين الدولة ويطالبها بإزالة الآثار الناجمة عن هدم بيوتهم و تشريدهم ؛ بل وتعويضهم.. إلا أنهم – ورغم قيامهم بثلاثة وخمسين احتجاجا – لم يتمكنوا من تنفيذ الحكم بسبب مماطلة محافظ الإسكندرية ووزير الزراعة السابقين.

وفى صباح 28 يناير 2011 توجه عدد منهم للمنطقة التى كانوا يسكنونها وأنذروا الحراس بمغادرتها فورا فانصاعوا لهم ، وفى اليوم التالى شرعوا فى تخطيط المنطقة وإعادة بناء منازلهم واقترضوا من بعضهم البعض وسهل لهم تجار مواد البناء شراء ما يلزمهم منها بالأجل.. حيث أتم بعضهم البناء فى 3 أسابيع واستقر فى مسكنه الجديد .. بينما يستكمل الآخرون البناء واستعادة الأمل الذى بدا فى لحظات سابقة بعيد المنال.

– أما فى غرب النيل وفى قرية العمرية بمحافظة البحيرة فقد تصدى الفلاحون مساء 14 فبراير 2011 لهجوم مسلح ببنادق الكلاشنكوف لمجموعة تابعة لرئيس مباحث أمن الدولة بالمحافظة كان قد اغتصب منهم 21 فدانا على ثلاث مرات خلال 5 سنوات؛ وبينما أصابت طلقات الرصاص بعضا من فلاحى القرية فقد استدعت – فى نفس اللحظة – آلاف الفلاحين من القرى المجاورة هبوا لنجدة جيرانهم.. وتفرق المعتدون كالفئران المذعورة- بعد أن أشعلوا النار فى قصر بناه ضابط الشرطة السياسية على الأرض المغتصبة- ليتمكنوا من الهرب خلف ساتر دخانه ، وعلى التو شرع الفلاحون فى استرداد الأرض التى اغتصبها الضابط الكبير وقاموا بزراعتها.

– بعدها مباشرة وعلى بعد 5 كيلومترات من العمرية قام فلاحو قرية البرنوجى باسترداد خمسين فدانا كانت قد اغتصبتها منهم الأسرة الإقطاعية فى أواسط ثمانينات القرن الماضى ، وهو نفس ماحدث فى قرية عزبة عاكف على مسافة كيلومتر واحد من العمرية.

لقد كانت هذه الأيام فى تلك القرى أشبه بأيام الأعراس الحقيقية التى لم يشهدها الريف منذ سنوات طويلة .. وكنت تقابل الفلاحين فى الشوارع مبتسمين والفرحة تعلو وجوههم.

– أما فى منطقة المعمورة بشرق الإسكندرية فقد قام الفلاحون باسترداد سبعة وثلاثين فدانا كانت هيئة الأوقاف ( إحدى مؤسسات الدولة ) قد باعتها – رغم أنها لا تملكها – لجمعيات إسكان ضباط أمن الدولة ؛ وشرطة الإسكندرية وشرطة كفر الشيخ ، وقضاة وزارة العدل ومحكمة النقض وهيئات أخرى.

وكان أحد قادة الفلاحين ( حسن شندى ) قد تعرض للإغتيال فى وقت سابق ( سبتمبر 2009 بسبب مقاومته لاغتصاب الأرض ورفضه التنازل عنها وفضحه لبطلان عمليات بيع الأرض مستندا على وثائق رسمية قدمها للقضاء.

– كما قام بعض فلاحى قرية البقلية بمحافظة الدقهلية- شرق دلتا النيل – باسترداد أجزاء (40فدانا ) من الأرض التى اغتصبت منهم فى منتصف ثمانيات القرن الماضى وقاموا بزراعتها.

– وفى نفس المنطقة قام فلاحو سبعة قرى بمظاهرتين حاشدتين فى مدينة المنصورة عاصمة الدقهلية ضد هيئة الأوقاف التى ترفع إيجار الأرض- التى يستأجرونها ويزرعونها منذ عقود – بشكل متواصل وبمستوى يتجاوز قدراتهم المالية ؛ كما أنها تتعسف فى بيع أرض الكتلة السكنية لهم بأثمان مبالغ فيها مخالفة بذلك القوانين والقرارات الرسمية الصادرة فى هذا الشأن.. رغم أن مساكنهم بنيت عليها منذ عشرات السنين.

هذا وقد تراوحت أعداد المشاركين فى المظاهرات بين 3- 9 آلاف فلاح حاصروا مبنى الأوقاف بالمدينة الذى هرب موظفوه.. بعدها تحول الحصار إلى ديوان المحافظة ، وقد احتك بهم الجيش لكن سرعان ما انتهى ذلك بعد دقائق قليلة.

– وفى محافظتى الشرقية والاسماعيلية تكرر نفس الاحتجاج مرتين فى كل منهما وقد تجاوزت أعداد المشاركين الثلاثة آلاف متظاهر.

– كما نظم فلاحو أراضى الأوقاف مظاهرة أخرى بالقاهرة أمام مبنى مجلس الوزراء ضمت مشاركين من محافظات الدقهلية والغربية والإسكندرية حيث أخطروا رئيس الوزراء وممثل القوات المسلحة بمطالبهم كاملة.

عموما كان أداء الفلاحين فى معظم هذه الاحتجاجات أداء قويا وواثقا وينم عن بأس شديد وعزيمة وحكمة واضحة.

– لقد بدأ الفلاحون فى التحرك بعد 11 فبراير 2011 وبطريقتهم الخاصة فمن كانت لهم أرض مغتصبة استردوها أو استعادوا المتاح منها؛ ومن هوجموا بالسلاح فى أراضيهم ردوا بعنف ، ومن عوملوا بخشونة أثناء احتجاجهم أوقفوا الخشونة بندية واضحة ؛ ومن أرادوا إخطار الجميع بعدالة قضيتهم كان زئيرهم مرعبا يخلع القلوب؛ وفى كل الحالات أعلنوا مطالبهم بجسارة .

– لقد ظل منحنى الاحتجاجات صاعدا وقويا حتى أوقفه المجلس العسكرى ووزارة شرف الحالية بقرار يجرم الاحتجاجات الفئوية.

– كذلك فقد داهم الجيش قريتين فى الثلث الأخير من مارس 2011 واحدة فى محافظة البحيرة ( العمرية ) والأخرى فى شرق الإسكندرية ( حوض 13 بالمعمورة ) وقبض بشكل عشوائى على 9 مواطنين وقدمهم لمحاكمات عسكرية عاجلة انتهت بمعاقبة ثمانية منهم بالسجن 5 سنوات وتذمر الفلاحون لأنهم المعتدى عليهم أصلا بل و دائما ، ولم يتح لمحامييهم مهمة الدفاع أو حتى دخول قاعة المحاكمة التى كانت تعقد فى سجن الحضرة بالإسكندرية ؛ باختصار لم يخضعوا لمحاكمة طبيعية عادلة يقدمون فيها دفوعهم ؛ لقد كان بعضهم قادما لتوه من عمله ولم يشارك فى أية مواجهات أو احتجاجات ، وكان البعض خارج مصر كلها فى توقيت الواقعة ، والثالث فى دوام عمل ، والرابع يعمل خفيرا نظاميا ولا يخضع قانونا لمثل هذا النوع من المحاكمات، وقد حوسب الجميع على مخالفات لم يرتكبوها ووقائع لم يكونوا موجودين فيها بل ولا يوجد شاهد واحد يمكنه التأكيد على وجودهم خصوصا وأن الآلاف من الفلاحين هرعوا من كل القرى المجاورة إلى مكان الواقعة التى حدثت وقت مغيب الشمس.

– خلاصة القول أن هذه المداهمات تركت شعورا مغايرا لدى الفلاحين عن القوات المسلحة غير ما تراكم لديهم عنها طيلة أيام الثورة وأصبحوا فى حيرة من أمرهم .. كيف يستردون حقوقهم من ناحية ؟ وكيف يردون العدوان عن أبنائهم من ناحية أخرى؟!

ما العمل؟!

– الفلاحون يترقبون بريبة وحذر.. فالآمال عريضة والمطالب شتى والشكوك التى تمور فى الصدور كثيرة.. ورغم أن يقينا غيبيا يساورهم بأن الغلبة فى النهاية ستكون للحق ..أى لهم ؛ ويسعى البعض لأن يصير هذا اليقين الغيبى شيئا ملموسا ومرئيا تجرى صناعته بأيديهم شيئا فشيئا.. إلا أنهم – فى نفس الوقت – يعتقدون أن الطريق إليه لم يمهد بالشكل الكافى.

– ولذا يعكف بعض النشطاء على مساندتهم فى تمهيد هذا الطريق؛ ويرون أن تأسيس الروابط والنقابات فى القرى والعزب والنجوع تشكل بداية مناسبة لذلك – بعيدا عن رموز الأحزاب الرسمية التى فقدت مصداقيتها ؛ وبقايا النظام القديم الذى لا زالت لأفكاره السيادة فى المجتمع ؛ وجماعات الإسلام السياسى التى لاترى فى الجماهير هدفا للنشاط السياسى بل أداة يقتصر استخدامها على صندوق الانتخابات ؛ وأساليب النخب السياسية التى منيت بالفشل مرات عديدة- فالفلاحون هم الفئة الوحيدة فى المجتمع التى لا تنتظم فى نقابة ؛ والقانون يجرم إنشاءها ومخاوف الحكام من وجودها هائلة ..

– لقد دلف إلى ميدان النشاط كثيرون واختلطوا.. اختلط من يرون فيه وسيلة للتواجد الإعلامى أو الحزبى الشكلى .. بمن يرونه وسيلة لاستعادة تاريخ ضائع أومجد انطفأ .. بمن يحاولون إلحاقه بالدولة ..بمن يبذلون الجهود الصادقة لبث الوعى وبناء نقابات حقيقية.. لكن القطع بنتيجة محددة سلفا للوضع الراهن يعد ضربا من التنجيم .. الأسهل منه القطع بأن الأوضاع فى مصر تحتاج لانتفاضة أخرى وربما انتفاضتين.

الجمعة 14 إبريل 2011                                  بشير صقر

عضو لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر

]]>
http://tadamon.katib.org/2011/06/20/%d8%a7%d9%84%d9%81%d9%84%d8%a7%d8%ad%d9%88%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d9%88%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%ad%d8%ab-%d8%b9%d9%86-%d9%85%d9%8a%d9%84%d8%a7%d8%af-%d8%ac%d8%af%d9%8a/feed/ 0
عبث الزراعة الحديثة 6 – 6 خصخصة المياة فى الهند.. وصراع فلاحيها ضد شركات احتكار تجارة البذور.. وأرقام مفزعة : بقلم فانداناشيفا ترجمة د.أحمد زكى أحمد http://tadamon.katib.org/2010/11/08/%d8%b9%d8%a8%d8%ab-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%ab%d8%a9-6-6-%d8%ae%d8%b5%d8%ae%d8%b5%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a7%d8%a9-%d9%81%d9%89-%d8%a7/ http://tadamon.katib.org/2010/11/08/%d8%b9%d8%a8%d8%ab-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%ab%d8%a9-6-6-%d8%ae%d8%b5%d8%ae%d8%b5%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a7%d8%a9-%d9%81%d9%89-%d8%a7/#respond Mon, 08 Nov 2010 22:33:40 +0000 http://tadamon.katib.org/?p=403 1- الخصخصة تؤدى الى حروب المياة:      بقلم  فانداناشيفا   ترجمة د.أحمد زكى أحمد       12/ 7 / 2005

فى 13 يونيو 2005 أطلقت الشركة الرصاص على 5 فلاحين أردتهم قتلى فى قرية” تونك” أثناء احتجاجهم على اغتصاب مياة  سد ” بيسالبور” الذى يحول المياة بعيدا عن قراهم إلى مدينة جايبورمن خلال  مشروع لـ ADB يستهدف ” إصلاح قطاع المياة فى ولاية راجاستان ” التى يحكمها حزب جاناتا اليمنى.

ورغم أن سونيا غاندى زعيمة حزب المؤتمر الحاكم قد هرعت إلى المنطقة تكفكف دموع المواطنين إلا أنها عقدت العزم على تكرار نفس الواقعة فى قرية ” مراد نجار” بموافقتها على تحويل بعض مياة نهر الجانجا لمحطة تنقية مياة جديدة فى ” سونيا نيهار” التى خصخصتها لصالح سويزكوربوريشن والمشكلة ليست فى أى من الحزبين بل دور فى البنك الدولى الذى خلق سوقا للمياة لصالح الشركات الكبرى؛ فدلهى التى كانت تعتمد لقرون عدة على نهربامونا.. لوى ذراعيها عقدان من الزمان ومن التصنيع وحولوا نهرها المقدس إلى مصرف للمجارى والنفايات السامة.

– الشركات العولمية تجنى الأرباح رغم أنها لم تستثمر.. بل باعت فقط مستلزمات توصيل المياة كالعدادات والمواسير وربما بعض طلمبات الضخ ؛ كما تقاضت أجورعمليات التركيب والتصميم لكن الاستثمارات الفعلية قامت بها الدولة..

– المبرر الذى يساق هنا- بل وفى كل مكان بالعالم – لتبريرالتهرب من دعم السلع الأساسية  للغذاء وتحويله شيئا فشيئا إلى دعم نقدى سرعان ما يتآكل بفعل التضخم.. نفس المبرر يساق فى الهند وهو أن الدعم العينى لا يصل لمستحقيه ويستحوذ عليه الأغنياء.. وعليه فرفع الدعم سيحد من الاستهلاك أى يرشد الاستهلاك والحقيقة أن الأغنياء فى كل الحالات قادرون على دفع فواتير الاستهلاك بينما الفقراء لا يقدرون وبالتالى سوف تنشب الحرب والصدامات عند كل أزمة.

– المياه.. ملكية عامة، وخصخصتها احتكار لمشاعيتها وتعميق لأزمتها.. لأنها تكافئ إهدار المتوفر، ولاتكافئ ترشيد النادر من هذه المصادر.

2– أرقام مذهلة: فى العالم غذاء يكفى ضعف سكانه الحاليين

جان زيجلر .. رئيس برنامج الغذاء فى الأمم المتحدة

– اجتماعات منظمة الفاو، وقمة الغذاء فى 1996، 2002 حددتا علاج مشكلة نقص الغذاء فى تحرير الأسواق والتجارة، والخصخصة والتحرير المالى، وإلغاء دعم المزارعين وصغار الفلاحين.

– مؤتمر روما عام 2003 ( منتدى السيادة على الغذاء) أطلق صحية غضب ضد مؤتمرات قمم الغذاء العالمية التى تكرر الوصفة نفسها التى عقدت من المشكلة بدلا من أن تحلها.

– كما ركزت قمة الغذاء على احتكار الموارد والعمليات الانتاجية فى أيدى حفنة من الشركات العملاقة وخلقت حالة من انعدام الأمن الغذائى وركزت الأضواء على أهداف إنتاجية قصيرة الأجل باستخدام تكنولوجيا ضارة.

– كانت نتيجة تلك السياسات هى: الهجرات الكثيفة، وتشريد السكان، وفقدان فرص العمل، وتدمير الأرض والموراد المستخدمة فى إنتاج الغذاء، وزيادة الاستقطاب الطبقى بين مجتمعات الشمال والجنوب، وارتفاع معدلات الفقر والجوع.

– هناك 852 مليون جائع فى العالم.

– 100 ألف شخص يموتون من الجوع يوميا منهم 30 ألف طفل.

– أى يموت فى كل عام =100000 فى 365يوم = 36.5 مليون مواطن.

منهم = 30000 فى  365يوم = حوالى 11 مليون طفل.

– هناك 227 فرد  يملكون ما يملكه 3.1 مليار مواطن ويسيطرون على 122 دولة نامية .

– الغذاء الموجود فى العالم الآن يكفى 12 مليار مواطن بينما سكان العالم لا يزيدون عن  6.3 مليار نسمة.

– فى 13 يونية 2005 أطلق البوليس الرصاص على 5 فلاحين هنود فقتلهم بسبب احتجاجهم على تحويل المياة من القرى التى يعيشون فيها إلى مدينة كبيرة. (فانداناشيفا).

– هناك 30 مليون مزارع  يطردون من أراضيهم.. إنها عملية تطهير عرقى للفقراء والفلاحين وصغارالمزارعين .                      (فانداناشيفا).

3- تجليات الصراع بين الفلاحين وشركات البذور المعدلة وراثيا فى الهند:    ..    فانداناشيفا

– يوفر الفلاحون الهنود80% من تقاويهم الزراعية بما يحفظ لهم الأمن الغذائى والبيئى وقد استنبطوا منها أصنافا وسلالات مقاومة للفيضانات، والجفاف، والصقيع.

–  وقد تم إصدار قانون البذور( عام 2004 ) لحصار ” الاقتصاد الزراعى الذى يوفر للفلاحين حرية الاختياربين تنويعات متعددة من البذور”، وقد استهدفت الشركات المتعددة الجنسيات احتكارتجارة البذورعن طريق التسجيل الإجبارى والمترافق مع اعتبار زراعة نوعيات غير مرخص بها من البذورجريمة.

– قوانين الملكية الفكرية الجديدة خلقت احتكاراً للبذور ومصادرها الوراثية؛ لذا تم وضع تعريف جديد ( فى القانون المذكور) للاحتفاظ بالبذور وتداولها .. مما حدّ من حرية الفلاحين بشدة فى إنتاج تقاويهم.

– جوزيف أولبريشت الفلاح العضوى ( أى المستخدم للأسمدة العضوية ) الألمانى استنبط بذور قمح مناسبة لبيئته وتحدى قانون البذور؛ وقد تداولها عدد من الفلاحين فى القرى المجاورة رغم فرض الدولة غرامة عليه لهذا السبب.

أ‌- كما قام فلاحون آخرون من اسكتلندا باستنباط بذور بطاطس واستطاعوا فى بداية التسعينات تداولها مع جيرانهم ومع بعض المشاتل والتجار إلا أن أصحاب المشاتل التى تكثر( تنتج ) التقاوى الجديدة المرخصة استصدروا قوانين تمنع تداول تقاوى البطاطس التى ينتجها زملاؤهم الفلاحون.

– وقد عملت شركات البذور فى اسكتلندا وبريطانيا على تقديم عدد من الفلاحين المستنبطين لهذه التقاوى للمحاكمة وتمكنت من إدانتهم استنادا إلى قوانين المملكة المتحدة والاتحاد الأوربى التى تمنع تداول البذور الغير مرخصة.

ب‌- كما قامت شركة أزوجرو فى الولايات المتحدة بمقاضاة فلاحين تاجروا فى بذورهم المحلية (فول صويا) وذلك بعد تعديل القانون القديم الذى كان يسمح بتداول التقاوى المحلية ، كما تم تأسيس احتكار مطلق لصناعة ( إنتاج ) البذور وتحريم التداول بين الفلاحين وبعضهم.

ت‌- ونفس الشئ حدث فى الهند عام 2004 حيث تأسست وكالات لشركات عملاقة لمنح تراخيص البذور.

ث- وقام البنك الدولى بتفكيك القطاع العام الزراعى هناك الذى يقوم بإمداد الفلاحين بالبذور؛ وتم استحداث سلطة جديدة تحت مسمى “مفتش البذور” وكذا غرامة تصل الى 25 ألف روبية للمخالفين، والقانون الجديد بقدر ما يحاصر الفلاحين لا يحاسب شركات البذور التى تسوّق بذورا فاسدة (كما حدث فى ولاية بيهار عام 2004 فى تقاوى الذرة ).

ج‌- قانون البذور أصبح من سلطة المحليات ؛ بينما كان هناك قانون آخر(1966) يتيح للولايات الهندية ترشيح مندوبيها فى لجنة البذور المركزية.. وتقلّص العدد إلى خمس ولايات فى الوقت الحالى ترشحهم الحكومة المركزية وليست حكومات المحليات.

ح- أدى القانون الجديد إلى تكبيل الفلاحين بالديون بسبب إجبارهم على شراء التقاوى كل عام.

الأحد 7 نوفمبر 2010                لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر

]]> http://tadamon.katib.org/2010/11/08/%d8%b9%d8%a8%d8%ab-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%ab%d8%a9-6-6-%d8%ae%d8%b5%d8%ae%d8%b5%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a7%d8%a9-%d9%81%d9%89-%d8%a7/feed/ 0 عبث الزراعة الحديثة ( 5 – 6 ) :هل نعارض التقدم فى المعرفة أم نعارض احتكار المعرفة وسوء استخدامها .. ? عودة لصناعة الدواجن الحديثة، وتصنيع الأسمدة http://tadamon.katib.org/2010/10/16/%d8%b9%d8%a8%d8%ab-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%ab%d8%a9-5-%e2%80%93-6-%d9%87%d9%84-%d9%86%d8%b9%d8%a7%d8%b1%d8%b6-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%82%d8%af/ http://tadamon.katib.org/2010/10/16/%d8%b9%d8%a8%d8%ab-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%ab%d8%a9-5-%e2%80%93-6-%d9%87%d9%84-%d9%86%d8%b9%d8%a7%d8%b1%d8%b6-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%82%d8%af/#respond Sat, 16 Oct 2010 19:04:02 +0000 http://tadamon.katib.org/?p=367 ترجمة: د. أحمد زكى أحمد

– السيطرة الحالية للشركات العملاقة على البيوتكنولوجى هو محصلة عملية استمرت منذ ¾ قرن.

– استحوذت الصناعة على أغلب العمليات الزراعية التى يقوم بها الفلاح تاركة له العمليات ذات المخاطر، وانتزعت منه كل ما كان من شأنه أن يحقق له ربحا.

– يدعى الخطاب المناصر لأساليب الزراعة الحديثة.. قدرة هذه الأساليب على إطعام الجوعى ومواجهة الانفجار السكانى القادم.

– لا اعتراض على تحسين الطرق القديمة فى الزراعة بالمعرفة العلمية فى شتى جوانبها (النبات- التربة- التسميد- العمليات الحيوية.. الخ ).. لكن الاعتراض ينصب على الاعتماد على النظرة الأحادية لها خصوصا فى مجال الأسمدة والمبيدات والهندسة الوراثية.

– نظرية المحصول الزراعى الأوحد هو اختراع الحقبة الاستعمارية وهو أحدا أسباب تجارة العبيد وانتزاع السكان من موطنهم الأصلى كما حدث فى إفريقيا .

– وهى زراعة غير مستدامة رغم انتاجها العالى على غيرما أحدثه الفلاح التقليدى عموما من تطوير زراعته مثل ما حدث فى الصين وغيرها من الحفاظ على خصوبة وخصائص التربة ، وعلى التنوع البيولوجى للنباتات القائمة منذ زمن، باختصار يتعلم الفلاحون المعاصرون العائدون لطرق زراعتهم التقليدية فى إطار مانسميه الزراعة المستعادة.

– والزراعة الحديثة تعتبر خارج منطق نظام الحياة الطبيعى بل وتدمره بفرضها أنظمة للتغذية المرتدة بكيماويات تفسد الطبيعة البيئية والتنوع البيولوجى وتجرف التربة وتستبدل الخصوبة المفقودة بمغذيات منقولة كما أن لها تأثيرات سلبية على إنضاب ( استهلاك ) مناجم الفوسفات واستهلاك الطاقة المبالغ فيه.

– كل المدخلات فى عملية الزراعة الحديثة مستهلكة للطاقة وتتطلب بشكل عام قدرا يفوق ما تنتجه منها – على عكس أشكال الزراعة التقليدية ذات الميزان الإيجابى للطاقة.. التى (تنتج من الطاقة أكثر مما تستهلكه منها ).

– تناقص نسبة العاملين بالزراعة اعتبارا من بداية القرن العشرين إلى (60%) ثم وصل إلى (40%) فى نهاية الحرب العالمية الثانية ؛ واليوم الى 2%  فى الولايات المتحدة وأوربا.

– كان نظام الزراعة القديم منتجا للغذاء والمواد الأولية للصناعة وكان يعمل للحفاظ على خصوبة التربة والتوازن البيئى .. فى نفس الوقت الذى يقوم فيه بتوزيع الغذاء طازجا.. لكن النظام الجديد للزراعة الحديثة قصر دور الفلاح على كونه سائق جرارا أو حامل رشاشة مبيدات.

– الفناء القادم للبشرية لن يتطلب قنابل وحروبا بل إن انهيار الطاقة وشبكة المواصلات التى تنقل الأسمدة المصنعة وطعام الماشية وشبكات الكمبيوتر سيفضى إلى الفناء بعيدا عن القوة العسكرية.

–  منظومة إنتاج وتوزيع الغذاء فى العالم تبدأ من حقول البترول ومناجم الخامات الأولية وتعبر من خلال معامل التكرير وأفران الصلب والألومنيوم وصناعة الآلات وأنظمة  البنوك وكل أنظمة النقل المعتمدة على الوقود الأحفورى ( كالبترول والفحم ) وصناعة التعبئة والتغليف وأجهزة الكمبيوتر وسلاسل السوبر ماركت ومجمعات الصناعات المتكاملة التى لم تكن موجودة قبل ذلك.

– ومزارع اليوم يختلف عن الفلاح التقليدي الذى عرفناه فى الآتى:

1- ساعات العمل المستنفذة فى كل الصناعات المذكورة أعلاه.

2- ساعات العمل اللازمة لدفع الضرائب.. والتى توظف فى رفع الدعم المدفوع للزراعة الحديثة وهذه الساعات لا تذهب للفلاح الذى يتم تركه على شفا الإفلاس بل تذهب إلى مجمع الصناعات المذكورة.. وتستنفد نسبة 40% منها فى إنتاج وتداول وتوزيع الغذاء.

– باختصار فإن هذه الصناعات المذكورة يجب أن تسمى صناعات صناعة تغيير طبيعة الغذاء بالمواد المضافة إليه كالمواد الحافظة ومكسبات الطعم والنكهة والرائحة.

– إنها إعادة لتوزيع المهام- وتركيز النفوذ.. فى الوقت الذى لا يتم الحصول على فائدة أعلى من الزراعة حيث أنها ليست أفضل نظام للإنتاج والتوزيع.. وليست أكثر إنتاجا فيما يتعلق بقوة العمل فحسب بل إنها أقل أيضا فى إنتاجية فدان الأرض:

* وعلى سبيل المثال.. تمت إزالة الغابات الاستوائية فى جنوب البرازيل تماما  لزراعة محصول واحد هو فول الصويا- ليس لإطعام الأفواه الجائعة لفقراء البرازيل- بل لتصديره لتغذية الماشية فى أوربا.. مع دفع الفلاحين للهجرة إلى عشوائيات المدن.

*  وفى وسط البرازيل تم تدمير إقليم حشائش السيرادو- المقابل لأقاليم حشائش السافانا الإفريقية- بشكل شبه كامل وذلك لزراعة فول الصويا فى مزارع تصل الواحدة منها لمائة ألف هكتار.

* أما نموذج المكسيك.. فإن السكان من الهنود الحمر فى أقليم شياباس متهمون بانخفاض انتاجية هكتار الأرض مقارنا بانتاجيته فى الزراعة الحديثة بمقدار الثلثين.. بينما الحقيقة أن الهندى الأحمر يحمّل محصول الذرة بكثير من البقول والخضر والأعشاب الطبية وأحيانا الفواكة بما يرتفع بانتاجه الى 250% من إنتاج المزارع الحديثة علاوة على إطعام ماشيته وداوجنه بل ودون استخدام الأسمدة والمبيدات الكيماوية وبلا  قروض حكومية أو مصرفية أو دعوم من الشركات متعددة الجنسية.. لذلك فهو يصارع السوق الامريكية الشمالية (النافتا) من أجل البقاء.

* وطرد الهنود الحمر من أراضيهم بغرض تحويلها لمراعى أبقار لاتنتج إلا 50 كيلو جراما من اللحم  لكل هكتار فى السنة.. يمثل كارثة من أكبر كوارث عالمنا المعاصر.

*علاوة على أن تطهير وادى تشياباس الزاخر بمختلف السكان والثقافات واللغات والحضارات يمثل كارثة أخرى عرقية.

* فضلا عن منافسة الحيوان والدواجن للإنسان فى الغذاء الذى يتم إنتاجه لإطعام البشر؛ بينما كان إطعام الدواجن يتم على مخلفات المزارع إبان الزراعة التقليدية ودون عناء.

* نحن نحتاح لطرق جديدة فى تطبيق قواعد المحاسبة التى تتعامل مع إنتاج المزارع الكثيفة حيث يتحتم أن تخصم من عوائد الانتاج الزراعى الكثيف ما يساوى جملة المصائب الناجمة من اتباع الأساليب الحديثة… مثل تدمير البيئة، وفقدان التنوع البيولوجى ومصائب المستهلكين الناجمة عن المزارع الحديثة من أمراض وموت. بمعنى أن نتساءل: هل فى مقدورنا .. أم من حقنا أن نتصرف حيال كل ذلك كما لوكنا الجيل الأخير من البشر؟!!

فى مزارع الدواجن ..كيف  تتعاقد الشركات الكبرى مع الفلاحين ؟ :

ا- شراء الفلاحين للكتاكيت من الشركات.

ب- وكذا شراء مدخلات العملية الإنتاجية (بطاريات- أعلاف- أدوية)

ج- بيع الحبوب التى ينتجها الفلاحون للشركات.

د- تسليم المنتج من الدجاج للشركة بالأسعار التى تحددها.

* وبذلك يتحمل الفلاح كل المخاطر الناجمة عن الأمراض والتغيرات البيئية المباغتة .. ويقع أسير وهمه أنه أصبح منتجا ( وليس عاملا أجيرا )، ويظل يعمل فى المزرعة لساعات طويلة.

* تتلافى الشركات الكبرى تحمل مخاطر استخدام عمالة.. مثل (الأجور، الإضرابات ؛ محدودية ساعات العمل- الضرائب- التأمينات.. الخ).

* تستفيد الشركات من حصولها على كثير من مكونات العلف من الفلاحين بأسعار تحددها هى.

حسبة علف الدواجن فى إنتاج اللحوم

– فى حظائر تسمين الدجاج تستخدم عليقة (علف) مركزة وزنها2.2 كجم لإنتاج كيلو لحم.

– وإذا ما أدركنا أن 50 % من وزن الدجاج القائم  ( الحى ) لا يستهلك آدميا (لاستبعاد الريش، الأحشاء والعظام والأرجل والرأس).. فان كمية العليقة اللازم لانتاج كيلو لحم صافى تتضاعف  وتصير(4.4 كجم).

وحيث أن نسبة الماء فى العليقة تبلغ 12% ونسبة الماء فى لحم الدواجن تبلغ 88%

فان نسبة العلف الصافى(دون ماء) = 4.44 (100% – 12%) = 3.872 ك

أما نسبة اللحم الصافى (دون ماء) = 1كجم فى (100%- 88%) =12. كجم

وبذلك تكون نسبة العلف الصافى للحم الصافى هى :

3.872 كجم      :          0.12 كجم                  أى                         32     :        1

وهو ما يفضح أوهام أفضلية طرق الزراعة الكثيفة فى مجال الدواجن المخصصة لانتاج اللحوم

ومن هنا ظهرت العبارة البليغة :  مزارع الدواجن تسمى معسكرات اعتقال الدواجن الحديثة.

غاز النيتروجين من تصنيع المفرقعات إلى تسميم الأرض الزراعية

قصة النيتروجين ودخوله فى صناعة المفرقعات:

  • المادة الخام لعنصر النيتروجين كانت تصدر للألمان من مناجم الأرجنتين- وعندما قطع الحلفاء عن ألمانيا الإمدادات القادمة من الأرجنتين إبان الحرب العالمية الأولى بحث الألمان عن بديل وتوصلوا إلى استخدام العملية الكيماوية ( هابر- بوش) التى تستخلص النيتروجين من الهواء الجوى – وهنا أسهمت الحرب العالمية الأولى فى ترويج هذه الصناعة وأفضى انتهاء الحرب وقلة استخدام المفرقعات إلى توجيه تلك الصناعة نحو تصنيع الأسمدة النيتروجينية المستخدمة فى الزراعة.. ومنذ ذلك التاريخ أدمنت التربة تناول الأسمدة النيترجينية (عالية الكثافة والتركيز) التى سممتها وانتقلت بعد ذلك من النيتروجين الى الفوسفور والبوتاسيوم وغيرها، ومثلت الحرب العالمية الثانية إنطلاقا لتلك الصناعة ثم انتقلت إلى مجال المبيدات الحشرية. وسرعان ما تطور اكتشاف مادة الـ D.D.T (العجينة المعملية) إلى اكتشاف مواد أخرى شديدة السمية للنبات وجهها الأمريكيون لتجويع اليابانيين قبل ضربهم بقنبلتي هيروشيما وناجازاكى.. وطلبهم توقيع الهدنة.
  • وما حدث مع اليابانيين تكرر فى الحرب بغابات فيتنام.. وتم ربط الكثير من مراكز البحوث الزراعية بالمراكز والشركات الصناعية وصدرت التشريعات لتقنين ذلك الوضع.. ودخل الفلاحون دون أن يدروا فى شباك تلك المصيدة التى لم يبد لهم منها فكاك. وقد بدا الأمر فى أول المطاف تطورا عشوائيا .. لكنه الآن وعلى يد الشركات متعددة الجنسية صار مؤامرة فعلية حجر الزاوية فيها كان البيوتكنولوجى الزراعى.
  • وأصبحت المشكلة لا تكمن فقط فيما نتناوله الآن أو ستناوله مستقبلا من طعام مسمم ومشكوك فى ملاءمته لصحة الإنسان بل تحولت إلى مشكلة أكبر هى الهيمنة على الفلاحين من خلال مؤسسات دولية قوية ومسيطرة  تحاصرهم كما تضيق فرص الاختيار أمام المستهلكين. فالبذور المعدلة وراثيا، والمبيدات الحشرية ومبيدات الحشائش هى حزمة تصر الشركات الكبرى على تسويقها للفلاحين الذين نزعتهم من أساليبهم التقليدية فى الزراعة لتحولهم إلى مجرد مستهلكين لمنتجاتها المفروضة. وسوف تفاقم من تخريب البيئة وفقدان التنوع البيولوجى الطبيعى وانتزاع الفلاحين من أراضيهم وتعمق التمزق الاجتماعى رغم أن شعارها زيادة انتاج الغذاء لحل مشكلة الجوع.

]]> http://tadamon.katib.org/2010/10/16/%d8%b9%d8%a8%d8%ab-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%ab%d8%a9-5-%e2%80%93-6-%d9%87%d9%84-%d9%86%d8%b9%d8%a7%d8%b1%d8%b6-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%82%d8%af/feed/ 0 عبث الزراعة الحديثة : ( 4 – 6 ) – بين عولمة التعاون والتراحم ورعاية الفقراء … وشركات عولمة الاختلال البيئى والفوضى البيولوجية http://tadamon.katib.org/2010/10/13/%d8%b9%d8%a8%d8%ab-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%ab%d8%a9-4-%e2%80%93-6-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d9%88%d9%84%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa/ http://tadamon.katib.org/2010/10/13/%d8%b9%d8%a8%d8%ab-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%ab%d8%a9-4-%e2%80%93-6-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d9%88%d9%84%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa/#respond Wed, 13 Oct 2010 08:23:32 +0000 http://tadamon.katib.org/?p=338 بقلم : فاندانا شيفا وآخرين

ترجمة : د.أحمد زكى أحمد

عن التضامن الدولى وكيفية بنائه

لتحقيق عولمة التعاون والتراحم ورعاية الآخرين

للمفكرة الهندية : فانداناشيفا

فى مجلة الايكونوميسف يناير 2003 دعا رجال صناعة البيوتكنولوجى الحكومات الى تطبيق القوانين الخاصة بالإرهاب على أى جماعات تنتقد صناعتهم من قبل جماعات السلام الأخضر وأصدقاء الأرض، ووصف ممثل أمريكا( زيليك ) الجماعات المناهظة للعولمة بأنها إرهابية .

الاحتجاج الشعبى الهائل الذى حدث ضد مؤتمر سياتل دفع الشركات العولمية إلى عقد مؤتمرهم الثانى فى قطر (الدوحة) لمنع الاحتجاجات الشعبية من الوصول إلى مؤتمرهم.

لذلك يحتاج التضامن الدولى إلى شكل تنظيمى مستقل يعكس الحركة المستقلة للاحتجاجات المحلية فى ظل تضامن شعبى دولى.. لأنه سيكون أكثر تأثيرا من الاحتجاجات الشعبية الواسعة أى يلزم أن تكون الحركة على مستويين:

الأول: الفعل المضاد لنشاط ومؤتمرات هذه القوى العولمية.

والثانى: فى بناء بدائل تنظمية.

لابد من خلع سيادة العولمة عن الشعوب.. أى تخليصها من هيمنة الشركات العولمة ولهذا فان سيادة الدولة فى حد ذاتها لخلق قوى مناهضة للعولمة لا تكفى .. علاوة على أنها لا تمكن من خلق إجراءات مناهضة للعولمة.

ولأن سيادة الدولة فقط لا تكفى يلزم إعادة ابتكار السيادة الشعبية لأن العولمة تعمل على توسيع المسافة بين مصالح الدولة ومصالح الشعوب والمجتمعات المحلية.. فضلا عن إشعال عملية تفتيت المجتمعات المحلية وانقسامها.

حركة ديمقراطية المعيشة تتطلب مناهضة احتكار المنافع ( الثروات والخدمات والمرافق ) العامة من جانب أى جهة.. لأنها أساس العولمة الاقتصادية لذلك لكى تتحقق ديمقراطية المعيشة يجب أن تدافع عن:

التوازن البيئى الطبيعىمكافحة الفقراستعادة المنافع العامة للشعبتعميق الديمقراطية – تحقيق السلام.

النضالات من أجل الحرية يجب أن تستلهم السيادة الاقتصادية السودايشى، والحكم الذاتى ( السواراج)، والامتناع عن التعاون مع الحكم الظالم (ساتياجراها) أى أنها ديمقراطية كل أشكال الحياة وليست ديمقراطية الانسان فقط .. إنهاعلاوة على ذلك .. ديمقراطية الأرض.. وديمقراطية المعيشة.

ديمقراطية المعيشة هى لامراكزية السلطة والتضامن السلمى فى ظل تضامن عالمى متماسك ضد المركزية المخربة للشركات العولمية.

وديمقراطية المعيشة.. تؤكد وتعولم التعاون والتراحم ورعاية الآخرين ضد الشركات والمؤسسات التى تعولم الطمع والنزعة الأنانية والاستهلاكية.

السيادة والمشاركة العادلة المنصفة للسكان فى كل المجتمعات هو المبدأ الذى يجب أن يحل محل مبدأ الحق الإلهى فى السيادة

لذلك فحقنا فى الحياة يتطلب ضمان حقوقنا فى الوصول الى مصادر الثروة

أهم مناطق التنوع البيولوجى فى العالم:

د: عبدالله الهاشم.. الكويت

يمكن قياس انتاجية منطقة معينة بناء على التنوع الوراثى بها، ويمكن استنتاج نظام بيئى معين من ذخيرته الوراثية.. فمثلا مجتمع الطيور البرية والدجاج البرى مقاوم لمعظم الامراض ونقص الغذاء وتباين درجات الحراة بينما لاتحتمل نفس النظام الكثير من الأمراض اذا كان مربى فى مزارع الدواجن والطيور.

بعد التنوع البيولوجى أعلى فى البيئة البحرية منه فى البرية لأنه لا ترتبط بأعداد الأنواع فقط دائما يعتمد على العلاقة الحيوية بين هذه الانواع.

عن الشركات العولمية

العاملة فى إنتاج وتسويق مستلزمات الإنتاج الزراعى

مونسانتو .. نموذجا

ت

الجزء الأول:

شركة مونسانتو الأمريكية من كبرى شركات البيوتكنولوجى العاملة فى حقل البذور المعدلة وراثيا.

لا تتسبب الهندسة الوراثية فى مجرد تلويث جينات التنوع الطبيعى.. ولا مجرد خلق إمبربالية بيولوجية واحتكار الحياة فحسب.. بل تتسبب كذلك فى تلوث معرفى عن طريق تدمير استقلالية العلم.

الشركة المذكورة تكذب وتنشر بيانات ملفقة فيما يتعلق بما تسرقه من بذور فى مختلف المحاصيل القطن، الذرة..الخ وتستعين فى ذلك بسيطرتها على أجزاء واسعة من شبكات الإعلام.. ولمنع نشر حقيقة النتائج التى أسفرت عنها زراعة ما تسوقة من بذور.

وزيرة الزراعة الأمريكية ( آن فانيمان ) ترأس شركة أجراسيتوسالتابعة لشركة مونسانتو.

لايجب التضحية بالاستدامة والعلم فى سبيل تجربة طائشة فى التنوع البيولوجى والأنظمة الغذائية.. بل يلزم الدمج بين تكنلوجيا البيئية والأخلاقيات لنضمن للتكلفة الاجتماعية والبيئية أن تكون محل الاعتبار.

التنوع البيولوجى هو الاعتراف بالتنوع الانسانى والقبول بأننا مختلفون ولذلك فلا يقتصر التنوع على الحياة النباتية والحيوانية فى مكان ما ولاحتى على مجموع الكائنات الطبيعية فقط، .. ولاهو الأرض ولا الماء ولا نظام التوازن البيئى وفقط بل أنه ايضا الحضارات والثقافات ونظم الإنتاج والعلاقات البشرية والاقتصادية وأشكال الحكم.. إنه الحرية فى الجوهر.

يتركز الغنى البيولوجى والثقافى فيما يسمى البلدان الناميةوبشكل رئيسى فى المناطق الاستوائية، ودائما ما يكون تحت حماية مجتمعات فلاحية أو مجتمعات السكان الأصليين.

قبل غزو الشركات المتعددة الجنسيات لمجال البيوتكنولوجى كانت المصادر الوراثية تعتبر ميراثا للإنسانية جمعاء وانعكس ذلك على الاتفاقيات الدولية فى هذا المجال التى أقرت للفلاحين بحقوقهم على مصادرهم الوراثية.

ولذلك فمن حق للفلاحين أن يشاركوا فى وضع اللوائح المنظمة لطرق الحصول على المصادر الوراثية طالما هم يحافظون على الصحة والبيئة.. ولأنه حق يتجاوز ما يسمى إطار الملكية الفكرية حسبما اعترفت به منظمة الفاو ( قرار5/ 1989) ومنظمة العمل الدولية (مؤتمر 169)، واجتماع التنوع التكنولوجى، (مادة J8 ) ،ووقعها معظم رؤساء دول العالم ( أجندة21 النقطة 14060).

وحقوق الفلاحين تتضمن: الحق فى المصادر الوراثية، وفى المعرفة المتعلقة بها متحدين غير منفصلين والحق فى السيطرة عليها وتقرير مستقبلها وفى تعريف الإطار القانونى لملكيتها.

وحقوق الفلاحين حقوق تعاونية فى منطلقها وسياقها ومآ لها؛ ولذا يلزم اعتبارها إطارا قانونيا مختلفا ومتجاوزا للأطر الخاصة بالملكية الفردية والملكية الفكرية.

ومن ثم يجب أن يكون هناك التزام بسن التشريعات المتعلقة بها مع احترام سيادة التشريعات القانونية المحلية المتسقة مع المبادئ المحلية.

ـــــــــــــــــــــــــ

الجزء الثانى:

الاتهامات الموجهة لفقراء الفلاحين وللمعدمين.. بتدمير البيئةوالتسبب فى تآكل التربة وتصحرها، والإفراط فى استخدام مصادر ثراواتهم باتباع استيراتيجيات قصيرة الأمد، وإزالة الغابات لا تستخدم أرضها فى الزراعة.. كلها ليست صائبة.

وحقيقة الأسباب تتمثل فى سياسات تحرير التجارة والزراعة والنشاط والمنجمى وإلى سياسات التكيف الهيكلى التى تمثل سياسة زيادة الصادرات محركها الأساسى نحو النمو الاقتصادى لانها تكثف استغلالها للثروات الطبيعية وتدمر البيئة.

برامج الهيئات الدولية فى مجال الزراعة تتجاهل بل وتعارض المطالب التاريخية للفلاحين وللسكان الأصليين المتعلقة بحقوقهم الشرعية.

اتجاه الأسواق العالمية نحو الخصخصة والاضطراب وتفعيل أسواق الأراضى تحد من القدرة الاقتصادية لصغار الملاك على الاستمرار والنمو.. فهى فقط مربحة للمشروعات الزراعية الواسعة، وتدفع أعدادا هائلة من صغار الملاك لبيع أراضيهم والتحول لمعدمين وتركز الملكية وتساهم فى هجرة سكان الريف للحضر.

مع ملاحظة أن ضمان ملكية الأرض فقط لايضمن الإدراة المستدامة لمصادر الثروة الطبيعية لماذا؟

لأنها تتسع لتشمل الشكل السائد للانتاج والمتمثل فى الزراعة الواسعة والاستخدام الكثيف للأسمدة والمبيدات.

السوق لايمكن أن يكون آلية للأصلاح الزراعى لأنه يلعب دورة فى تركيز الملكية فى أيدى قلة من كبار الزراع.

]]>
http://tadamon.katib.org/2010/10/13/%d8%b9%d8%a8%d8%ab-%d8%a7%d9%84%d8%b2%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%ab%d8%a9-4-%e2%80%93-6-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%b9%d9%88%d9%84%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa/feed/ 0