عولمة أسواق العمل " أجر واحد للعمل الواحد علي نطاق الكوكب "

علي الرغم من جهود الاحتكارات الدولية ومؤسسات العولمة الرأسمالية لفرض سياسات فتح أسواق العالم المغلقة والمقيدة أمام حركة رؤس الأموال واستثمارات الاحتكارات , وإطلاق حريتها في امتلاك وإدارة الثروات الطبيعية من مواد خام ومصادر طاقة وأرض ومياة ….


علي الرغم من ذلك تحرص نفس المؤسسات الساعية لفرض العولمة الرأسمالية علي بقاء أسواق قوة العمل أسواقا محلية , وتفرض القيود علي حركة انتقال وهجرة قوة العمل بحثا عن شروط عمل أفضل في بلدان أخري .
ذلك , لأن الاحتكارات الكبري , تستفيد من قوة العمل الرخيصية في البلدان الفقيرة  والأقل ثراء .
هذه الوضعية تخلق حالة تنافسية , غير تضامنية , بين قوي العمل في العالم , تتبدي في أبرز صورها في ضيق القوي العاملة والمنتجة في غالبية بلدان العالم من اختراق السلع الصينية بكثافة لأسواقها , وعجزها عن منافسة أسعارها , وبالتالي تهديد وضعية قوة العمل في هذه البلدان ، ويدفعها أحيانا لدعوة حكوماتها لفرض قيود علي الواردات من المنتجات الصينية .
من ناحية أخري تفرض أمريكا واستراليا وبلدان الاتحاد الأوربي قيودا جديدة علي انتقال الأيدي العاملة من البلدان الفقيرة اليها , باعتبار أنها تحميها من منافسة القوي العاملة الرخيصة ولانري احتجاجات إلا من قطاعات من القوي الرأسمالية في البلدان الغنية التي تعتمد في إنتاجها علي قوة العمل المهاجرة الرخيصة , وتستخدمها أحيانا ضد نضالات القوي العاملة والمنتجة في بلدانها من أجل تحسين شروط وظروف العمل .
هذه الوضعية تشكل عائقا أمام تضامن القوي العاملة علي النطاق العالمي بل تؤجج التنافس والتناقض فيما بينها بشكل لايخدم إلا مصالح الاحتكارات العالمية والنظام الرأسمالي الكوكبي،
وهو الأمر الذي يدعونا لبحث سبل توحيد نضالات القوي العاملة علي النطاق العالمي , بمعنى عولمة شروط وظروف العمل , وتوحيد الأجور , وفرض سعر موحد لقوة العمل علي النطاق العالمي .
فمن غير المعقول أن يكون لرأس المال الحق في الاستثمار في كل بقاع الأرض , بشروط موحدة يفرضها , بينما لايملك أصحاب قوة العمل هذا الحق .
ومن غير المعقول أيضا أن يستمر رأس المال في استثمار قوة العمل الرخيصة في البلدان الفقيرة , وسيلة للحصول علي المزيد من الأرباح , وسلاحا ضد نضالات القوي العاملة التي تتمتع بشروط عمل وأجور أفضل .
لاينطبق ذلك فقط علي العاملين في الصناعة والخدمات , بل يمتد أيضا للعمالة الزراعية . حيث تحتل قضية الدعم الذي تقدمه أمريكا والعديد من البلدان الأوربية للمنتجات الزراعية  مكانة محورية في نضال فلاحي ومزراعي العالم الذي لاتدعم حكوماتهم منتجاتهم , وبالتالي لايستطيعون منافسة المنتجات الزراعية المدعومة في الأسواق العالمية , وبعفوية يطالبون بوقف الدعم عن المزارعين في أمريكا وأوربا , وبذلك يناضلون ضد امتيازات ومكاسب حققها المزارعون في أمريكا وأوربا , وتؤيدهم في ذلك بعض الشركات المتضررة من الاسعار التنافسية للمنتجات الزراعية الأمريكية والأوربية . بينما الأولي أن يتوحد نضال المزارعين من أجل الحصول علي دعم مماثل من حكوماتهم , فضلا عن توحيد أجور وشروط عمل الفلاحين علي النطاق العالمى .
ولكن كيف يمكن تصور أفضل شروط وأجور للقوي العاملة علي النطاق العالمي , في ظل اتساع رقعة البطالة والتراجع عن مكتسبات العمال والفلاحين التي تحققت في عقود سابقة سواء في شمال العالم أو في جنوبه ……؟
من المفارقات , أن التطور التكنولوجي الكبير الذي حدث في القرن العشرين , لم يسفر إلا عن زيادة أرباح رأس المال , بينما بقيت شروط العمل تقريبا علي حالها , فبينما أدي هذا التطور إلي تضاعف كمية ونوعية المنتجات , وتقليص أعداد العاملين , وتعملق البطالة … وبقيت شروط العمل تقريبا علي حالها , خاصة فيما يتعلق بساعات العمل . وما دامت هذه العلاقة المختلة بين حصة رأس المال وحصة قوة العمل مستمرة فى الاستفاده من التطور التكنولوجي , فانها ستدفع بالمزيد من الشغيلة إلي البطالة . ولايوجد سبيل لوقف هذا المسار إلا بتغيير جذري في شروط العمل خاصة فيما يتعلق بقاعدة 8 ساعات عمل التي كانت مناسبة منذ قرن مضي ولم تعد كذلك الآن , فلابد أن تتقلص ساعات العمل الي الحد الذي يُمكّن من القضاء التام علي البطالة , وامتصاص كل قوي العمل الممكنة .
في هذا الاطار , يطرح البعض أفكارا تتعلق بأن العمل لم يعد ضروريا للفقراء للحصول علي نصيب من الناتج , ويدعون لحصول كل فرد في العالم علي دخل شهري كاف لتوفير الحاجات الأساسية , وأن يكون العمل وسيلة لمن يطمح في دخل أكبر .
أيا كانت الوسائل , لابد من تخفيض ساعات العمل اليومي لأقصي حد يسمح بامتصاص قوة العمل الانسانية الممكنة .
إنطلاقا من ضرورة مواجهة عمليات تفتيت وإثارة التناقضات بين أصحاب قوة العمل علي النطاق العالمي , وفي مواجهة استثمار الشركات الاحتكارية الكبري للتمايزات بين القوي العاملة , وزيادو النشاط في أسواق العمل الرخيصة علي حساب أسواق العمل التي يتمتع عمالها وفلاحوها بامتيازات وشروط أفضل …
لابد من توحيد نضالات القوي العاملة من أجل :
 توحيد شروط وأجور القوي العاملة علي النطاق العالمي ( أو حتى على النطاق الإقليمى.)
 تحسين الأجور وشروط العمل علي النطاق العالمي بما يضمن التشغيل الكامل للقوي العاملة الممكنة  .
 الحفاظ علي مكتسبات العمال والفلاحين والمزارعين التي تحققت في العقود السابقة , لتصبح هي المعيار الأساسي والحد الأ
دني لأية شروط عمل علي النطاق العالمي  .
 فتح أسواق العمل في العالم أمام القوي العاملة من كل أنحاء العالم , وعلي أساس أجور وشروط عمل موحدة .
 توحيد شروط وأجور العمل في الشركات الكوكبية بما لايسمح لها بنقل انتاجها الي أسواق العمل الرخيصة بشكل يضر بأوضاع العمال في الشمال الذي حققوا بنضالاتهم شروط عمل وأجور أفضل .
باختصار , لابد من وضع حد لتدهور أوضاع القوي العاملة علي النطاق العالمي , واستفادة الاحتكارات والأنظمة الرأسمالية من أسواق العمل الرخيصة علي حساب أسواق العمل التي حقق نضال عمالها وفلاحيها مكتسبات وحقوقا أفضل .
إن ذلك  لن تحققه إلا حركة كوكبية موحد الإرادة والأهداف للقوي المنتجة علي النطاق العالمي , حيث يستحيل مواجهة الرأسمالية المعولمة علي نطاق محلي .

                                               خالد الفيشاوى