دراسة ميدانية حول تكاليف العمليات الزراعية لبعض المحاصيل ..الإصدار الأول فى السلسلة الوثائقية الجديدة (دراسات وبحوث وتراجم)


دراسة ميدانية
حول
تكاليف العمليات الزراعية لبعض المحاصيل

بقلم
محمد قزامل
يونيو2007 

                                          تقديـــم
 تصدر لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى سلسلة وثائقية جديدة باسم (دراسات وبحوث وتراجم) .. تستهلها بدراسة حول تكاليف العمليات الزراعية لبعض المحاصيل كتبها المهندس محمد قزامل عضو اللجنة.
وكما سبق للجنة التضامن أن قدمت لكم سلسلتها الوثائقية الأولى (كراسات فلاحية) بإصداراتها الثلاث (" كمشيش ".. فى يونيو 2005 ، "من أحداث ميت شهالة إلى أحاديث برشلونة" .. فى سبتمبر 2005 ، "فلاحو دكرنس بين شقى الرحى" .. فى نوفمبر2006) ، فإنها بهذه السلسلة الجديدة تؤكد على نهجها الذى اختطته منذ تأسيسها فى عام 2005 .. ذلك النهج الذى يسعى للمساهمة فى حفر مجرى عميق للكفاح المصرى الفلاحى بعيدا عن كل صنوف الرخاوة والتهادن والمساومة وعن كل أشكال المظهرية والسطحية والجمل الثورية الخاوية.


كما يؤكد ذلك النهج .. العمل دون ضجيج ودون التفات لأية مماحكات تبتغى صرفنا عما نستهدفه ،ومدركا أن جملة أنشطة لجنة التضامن العملية وإنتاحها الفكرى لابد وأن يخضعا لمصفاة النقد والتشذيب والتطوير حتى تضمن لمسارها الصدق والإحترام والإنجاز والإستمرار.
وفيما يتعلق بباكورة السلسلة (دراسة المهندس محمد قزامل الميدانية) بشأن تكاليف العمليات الزراعية لبعض المحاصيل التقليدية ومحاصيل الخضر نشير للآتى:
 اجتهادها فى تغطية مساحة جغرافية كبيرة فى قرى بعض محافظات الدلتا.
 اهتمامها بالتركيز على أغلب المحاصيل التى يزرعها فقراء وصغار الفلاحين قدرما سمحت الظروف.
 إشارتها لدور المحروقات فى رفع تكلفة العمليات الزراعية ومن ثم تقليل العائد من إنتاج الأرض للفلاح.
 إدراكها للآفاق الأبعد التى تستهدفها عمليات الحصار الدءوب للفلاحين وربطها بكثير من عناصر المعادلة السياسية الدولية والمحلية الجديدة خصوصا فى مجال الزراعة
وعموما فالدراسة فى التحليل الأخير وجهة نظر استقاها كاتبها من محاولته لفهم واقع الفلاحين الذى عاش فيه، والذى التبس فهمه على الكثيرين منا، فضلا عن أن مخاطر العمل فيه تواجهنا كل يوم..فهل  يدفعنا  ذلك لمزيد من فهمه والسعى لتطويره .؟؟

يونيو 2007                                                     هيئة تحرير السلسلة

تمهـــــــــــــــــــيد

كان للسياسات الزراعية التي تتبعها الدولة خلال العقود الثلاثه الاخيرة ، والتى تمثلت فى إطلاق يد شركات إنتاج (التقاوى والأسمدة والمبيدات والمعدات ) المحلية والعالمية فى السوق المصرى، وإعادة هيكلة الهيئات الزراعية وكذاعمليات التسويق المختلفة للمحاصيل ، بما يتلائم والدخول والاندماج في السوق الرأسمالى العالمى من خلال التحضير للمشاركة فى اتفاقات التجارة الحرة. . أثرها فى تقليص وتدمير الإنتاج الزراعى المحلى ، كما أنها ستدفع صغار وفقراء الفلاحين ومتوسطيهم إلى التخلي تدريجيا  عن الزراعة .. وترك الأرض أمام الشركات الزراعية العالمية والمحلية للإستيلاء عليها وتشغيلها وفق سياسات الزراعة الكثيفة والتى لاتحتاج إلا لعدد محدود من العمالة .
كما كان لقانون العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر (96/لسنه1992)  والذى طبق منذ عام 1997 الأثر البالغ فى رفع القيمة الإيجارية للأراضى الزراعية وإطلاق يد الملاك فى مواجهة صغار وفقراء الفلاحين مستأجرى الأرض وحرّر مزيدا من الأراضى وأدخلها-  دون قيود – فى السوق  كسلعة يتم التنافس على ( بيعها وشرائها ) .. أو استئجارها من قبل صغار الفلاحين وفقرائهم  ، خصوصا فى ظل الزيادة السكانية وتقزّم الحيازات الزراعية , وعمليات التعدى المستمرعلى أجود أنواع الأراضى الزراعية فى الوادى والدلتا مما زاد من التنافس عليها بين المزراعين … وفاقم من معاناة صغار الفلاحين ومتوسطيهم وفقرائهم ..فى ظل الإرتفاع المتصاعد لأسعار شراء الفلاحين لمستلزمات الإنتاج الزراعى و تدنى أسعار بيعهم لحاصلاتهم الزراعية ، وتدخل الدولة والشركات فى تحديد أسعارها والإبقاء عليها منخفضة ,  و لعدم كفاءة برامج استصلاح الأراضى وعدم قدرتها على إضافة مساحات جديدة للزراعة .. وللسياسة المتبعة فى تمليكها للشركات الاستثمارية الكبرى وكبار الرأسماليين من المزارعين وغيرهم من كبار العسكريين ورجال الدولة وغلق الباب فى وجه الفلاحين والعمال الزراعيين الراغبين فى زراعة ما تم استصلاحه منها .لقد دفع ذلك أعدادا كبيرة منهم إلى الإنخراط في جيش البطالة مع خريجى المدارس المتوسطة والجامعات  لأنهم لايملكون أية مهنة أخرى غير الزراعة .
كان لهذه السياسات والتوجهات الأثر البالغ على العلاقات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية فى الريف والذى عمقه انقلاب الدولة على قوانين الإصلاح الزراعى التى صدرت فى الخمسينات والستينات من القرن الماضى رغم ثغراتها وعيوبها ، وانتهاج الدولة سياسة مساندة لورثة كبار الملاك  والاقطاعيين السابقين ، وذلك لإنتزاع هذه الاراضى مرة أخرى لصالح الإقطاع السابق وتركيزها لصالح أعداد قليلة من الأفراد والشركات.
يحدث كل هذا فى  ظل ضعف الدولة ، وضعف الاقتصاد والعجز عن القيام بأية عمل