تفاصيل الأربع والعشرين ساعة الأخيرة من عمر فقيد فلاحي المعمورة .. المرحوم حسن شندى

الفقيد حسن شندى

 الفقيد حسن شندى

أجمعت كل المصادر المتعاطفة معه والمناصرة له.. وحتى المتصلة بدوائر الأجهزة التنفيذية والشعبية والبرلمانية على حُسن سمعته واستقامته وطيبته ، وعلى حب أهل المنطقة له.
ويؤكد المقربون منه وجيرانه على شهامته ودوره الاجتماعى فى حل مشاكل جيرانه وفى مصالحة المتخاصمين من سكان عزبته.
فوضه الفلاحون مع زميله وصديقه سلامة عبد الكريم حمد لحل مشاكلهم مع وزارة الأوقاف.. ومع الجمعيات التى سعت لاغتصاب أراضيهم بعدد من الألاعيب القانونية وبالبلطجة والتهديد والترغيب.
لم يكن له خصوم أو أعداء من أهالى عزب المعمورة أو غيرها ولذلك لم يكن يخشى الحديث والحوار حول حقوق أهل عزبته ( الهلالية) مع أى شخص وأية هيئة .. وكانت هذه الخصلة هى الطريق الذى دخل منه الذين خططوا لاغتياله والقضاء عليه.
كان المرحوم حسن عبد الرازق شندى ممثل الفلاحين فى منطقته فى معظم المفاوضات التى عقدت داخل قسم شرطة المنتزة ثانى مع مندوبى جمعيات الشرطة ومستشارى وزارة العدل ومحكمة النقض ومأمور القسم ورئيس المباحث.
كان آخر اجتماع تفاوضى حضره الفقيد حسن شندى وزميله سلامة عبد الكريم مع العميد على ماجد موسى مندوب جمعية ضباط شرطة الأسكندرية بقسم شرطة المنتزة بحضور العميد زكى صلاح مأمور القسم.
هذا وذكر عدد من إخوته وأبنائه وأقاربه ومحاميه أنه فى بعض تلك اللقاءات تعرض لتهديدات واضحة بسبب رفضه الإذعان لمطالب الجمعيات " المشترية " ورفضه التنازل عن الأرض .
 
أحداث الأربع والعشرين ساعة الأخيرة من عمر المرحوم حسن شندى:
 
 * فى الساعة الثانية ظهر يوم الثلاثاء 22 سبتمبر 2009 تلقى الفقيد مكالمة تيليفونية من شخص مجهول.. قام على إثرها بمغادرة منزله متوجها إلى أطراف العزبة.. فقابلته سيارة سوداء اللون ( ملاكى جيزة) بها بعض الأشخاص ولما وقفت أمامه سأله أحدهم عن حسن شندى.. فأجاب بأنه هو، ودار حوار قصير بينهم بشأن الأرض وضرورة حل الموضوع .
بعدها عاد لمنزله ولما سأله أهله عما حدث .. رد قائلا: " الظاهر إن فيه مفاجآت فى الأيام الجاية " ( يقصد مفاجآت غير سارة) ، ولما سألوه عن رقم السيارة.. رد وقال:
 " ما أخدتش نمرتها."
فى الحادية عشرة والنصف مساء نفس اليوم دق جرس تيليفونه ولما رد على المتحدث قام متوجها خارج العزبة حتى وصل إلى الفكهانى المتواجد بشكل دائم أمام العزبة على طريق أبى قير.. على بعد 500 متر من منزله وجلس مع الفكهانى عدة دقائق.
*وفى هذه الأثناء حضرت سيارة ميكروباص صغيرة بيضاء اللون فركب مع من بها وكانوا أربعة أشخاص .. واختفى.
لم يعد لمنزله طوال هذه الليلة ، وفى الساعة الثامنة والنصف من صباح الأربعاء 23 سبتمبر 2009 فوجئ ابنه به ملقى على وجهه فى الحقول مقيد اليدين والأرجل.. جثة هامدة.
*نقلوا جثمانه إلى منزله .. وأبلغوا الشرطة ووجدوا على جلبابه عبارة مكتوبة نصها :
" الدور عليك يا سلامة كريم رميا بالرصاص .. يا زعماء الفلاحين ".
 *وبدأت تحقيقات نيا
بة المنتزة ثانى بواسطة وكيل النيابة الأستاذ أحمد على مرسى الذى انتدب الطبيب الشرعى المختص لبيان أسباب الوفاة.
 
ويقول أهل المرحوم حسن شندى لمندوب لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى: لما قلّبنا جثمانه لم نجد أثراً  لجرح أو طعنة لسكين أو ثقبا لطلقة رصاص .. وجدناه مقيدا .. وملقى على وجهه، ووجدنا لونا أزرق على جانبى بطنه ممتدا حتى الركبتين، كما لاحظنا أثرا لحقنة فى أحد ذراعيه.
ولما سألناهم بماذا تفسرون ما حدث؟ .. لم يردوا بشكل صريح وذكروا أنه تلقى عدة تهديدات سابقة، وأضافوا: فى الحقيقة لا نستطيع أن نتهم أحدا الآن.. لأن تقرير الطبيب الشرعى لا يصدر إلا بعد 21 يوما من التشريح.
واستفسرنا منهم عن الدعاوى القضائية التى رفعوها .. فأفادوا بأنها ثلاثة واحدة رفعها الفقيد وحولتها المحكمة للخبير مؤخرا، والأخرى رفعها سلامة عبد الكريم الذى وجدوا تهديدا باسمه على جلباب الفقيد ، والثالثة رفعها أكثر من 85 فلاحا .. وكلها دعاوى تثبيت ملكية لكن الأخيرتين يتم تداولهما فى المحكمة.
وأفادوا أيضا بأنهم تلقوا إنذارات متعددة من عدد من الجمعيات التى تدعى أنها اشترت الأرض من الأوقاف وآخرها من جمعيتى مستشارى محكمة النقض ووزارة العدل.
هذا وسألناهم عن علاقتهم بالفكهانى الذى شاهد الفقيد يركب السيارة، فرد أحدهم: " بأنه من المنطقة ومتربى معانا."
 
وملاحظاتنا على العرض السابق وعلى أقوال أهل الفقيد وبعض جيرانه هى:
 
1- الفقيد عمره 52 سنة ومشهود له بحسن السمعة وأكد ذلك.. ليس الحاضرون فقط من الأهل والجيران بل وبعض أهالى المنطقة ممن لهم صلة بالأجهزة التنفيذية والشعبية وأعضاء البرلمان فى المعمورة.
2- المشكلة الرئيسية فى حياة الفقيد وأهله وأهل عزبته كانت موضوع الأرض التى يزرعونها والمحاولات المستمرة و المستميتة لإجبارهم على التنازل عنها من جانب الأوقاف والجمعيات " المشترية " رغم معرفة الجميع الأكيدة أن الأوقاف لا تملك الأرض وأن عمليات البيع باطلة.
3- أن الصلة واضحة بين المكالمة التيليفونية فى الساعة الثانية ظهرا ومكالمة الحادية عشروالنصف مساء الثلاثاء 22 /9 / 2009 ، وأكثر وضوحا بموضوع النزاع على الأرض.
4-     أن التهديد المكتوب على جلباب الفقيد لسلامة عبد الكريم يؤكد العلاقة بين استدراج الفقيد واغتياله والغرض منهما.
5- أن نقل قضية تثبيت الملكية للخبير.. بقرارمن محكمة الإسكندرية يعنى دخول التقاضى مرحلته الحرجة التى يخشاها من زوروا عقود بيع الأرض، ولذلك يصرون على وقف هذه القضية خصوصا وأن الفقيد قدم مستندا يثبت عدم أحقية الأوقاف فى التصرف فى الأرض للجمعيات المذكورة وهو ما سيفضح الكثير من المشاركين والمتواطئين فى العملية، وبالتالى فالتخلص من رافع الدعوى ( الفقيد ) يوقف القضية.
6- أن التهديد المرفق مع جثمان الفقيد يمكن أن يدفع سلامة عبد الكريم لسحب قضيته ، علاوة على أنه يلقى بالهلع والرعب فى نفوس بقية الفلاحين الذين رفعوا القضية الثالثة .. وبالتالى يوقفونها.
7- أن الطريقة التى تم بها استدراج الفقيد واغتياله ذات مغزى واضح وعميق وتعنى أن من يسلك طريق المعارضة والمقاومة سيلقى نفس المصير.. سواء ممن يقاضون الأوقاف أم ممن يفكرون فى مقاضاتها مستقبلا.. وهو ما يحقق الغرض الذى أراده من اغتالوا الفقيد.
 
ومما هو جدير بالذكر أن عقد الأمل على تقرير الطبيب الشرعى يمكن أن يأتى بنتيجة معاكسة.. بالذات إذا ماذكرالتقرير أن الوفاة كانت طبيعية .. وهو ما تروّجه وتنشره بعض الأوساط التنفيذية فى دأب وصبر ومثابرة بمنطقة المعمورة.
ويهمنا أن نوضح أنه فى السنوات الأخيرة قام بعض مغتصبى الأراضى بمهاجمة الفلاحين فى إحدى قرى البحبرة ( عزبة الأشراك مركز شبراخيت) فى وضح النهار بأعداد كبيرة من سيارات الميكروباص التى لا تحمل أرقاما على الإطلاق.. بمعنى أن السيارتين اللتين حضرتا إلى المعمورة لاستدراج الفقيد يمكن أن تكون أرقامهما مزيفة.
كذلك نشير إلى موقف الشرطة من الصحفيين الذين حضروا لتغطية حادث اغتيال الفقيد حسن شندى يوم الأربعاء 23 سبتمبر الماضى ومنعهم من التقاط الصور ومحاولة مصادرة آلات التصوير منهم وإبعادهم عن المنطقة..وهو ما لا يحدث فى أحداث مماثلة ليست لها صبغة سياسية.
باختصار منطقة المعمورة معبأة بالغضب والمرارة والترقب ولا يستطيع أحد أن يجزم ما الذى سوف يحدث فيها بعد صدور تقرير الطبيب الشرعى.
 
السبت 10 أكتوبر 2009                                                          بشير صقر
لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى