استيعاب المضللين من أعضاء جماعة الإخوان .. الوهم الأشد خطرا على مسيرة إعادة البناء ؛ والدولة المدنية الديموقراطية

بديلا عن التقديم :

أسئلة يتوجّب الإجابة عنها :
• هل يمكن التسوية بين المخاطر القائمة للدولة الإخوانية وبين التوجسات المحتملة لهيمنة الجيش..؟
• فى الصراع الراهن .. لمن كان يجب أن يميل الشعب ؟ للجماعة والدولة الدينية .. أم للتخلص منهما؟
• هل كان من العقل والمنطق الثورى أن يرفض شعب أعزل الدعم فى مواجهة تنظيم دينى مسلح .. يلغى هوية مصر ويدمر الدولة .. ويؤبد الاستبداد ويفرّط فى تراب الوطن؟ وما هى النتائج المتوقعة لو بقى الجيش فى مقاعد المتفرجين ( المحايدين ) إبان الأزمة الأخيرة ؟
• أيهما أدق فى تلخيص المشهد الحالى؟
( انقسام الشعب إلى مؤيد للإخوان ومناصر للجيش..؟) أم ( رفض الإخوان لموقف الشعب الثائر عليهم بينما موقف الجيش هو الانحياز للشعب ..؟ )
• لماذا أثارت ثورة 30 يونيو 2013 حفيظة الغرب الأمريكى والأوربى بينما لقيت ثورة 25 يناير 2011 تأييده..؟
• لماذا لم تدافع الولايات المتحدة الأمريكية عن مبارك ونظامه مثلما استماتت فى الإبقاء على مرسى وجماعته فى الوقت الذى اتخذ مبارك ومرسى موقفا متقاربا من إسرائيل ومنها ومن حقوق الشعب وحرياته الأساسية ؟
• هل هناك فارق بين ( رفض البعض لدعم الجيش للشعب فى 30 يونيو) وبين ( تأييد الإخوان فى الصراع الراهن .. أو ترجيح كفتهم فيه )..؟
• وهل الترحيب بموقف الجيش من ثورة 30 يونيو يعنى تأييد الحكم العسكرى ..؟
• هل يمكن أن يتغير موقف الشعب الحالى من الجيش إذا ما حنث الأخير بوعوده التى قطعها على نفسه على الملأ بعدم رغبته فى الحكم وعزوفه عن التورط فى العملية السياسية ..؟ أم أن الأمر قد قُضى وانتهى ..؟
• إذا كانت مرحلة حكم الإخوان ( يونيو 2012 – يونيو 2013 ) قد دفعت عشرات الملايين للثورة عليه .. فكيف أصبح الموقف منذ 4 يوليو 2013 وحتى الآن ..؟ هل أكد ذلك صحة شعار المصالحة أم رفع شعار التطهير واجتثاث شأفتهم من الجذور ..؟
• ماالذى تحقق من أهداف ثورة 25 يناير ، 30 يونيو حتى الآن..؟ وهل هناك حائط صد أخير متمثل فى حالة الجوع التى يعانى منها نصف الشعب تؤهله للتصدى لأى حاكم يتولى أمر البلاد ولا يكون أمينا على أهداف الثورة..؟ أم سيقنع الشعب بما يقال له تبريرا أو تفسيراً لحالة الجوع ويربط على بطنه حجرا إذا ما بقى الحال على ما هو عليه..؟
لا يمكن لعاقل يجيب بأمانة عن تلك الأسئلة أن يتخذ موقفا يسوّى بين المخاطر الراهنة للدولة الإخوانية وبين التوجسات المحتملة لهيمنة الجيش على المجتمع والدولة فى مصر ؛ بالرغم من كل الأوجاع والمآخذ على الفترة الانتقالية الأولى ( من 12 فبراير 2011 وحتى 30 يونيو 2012 ). والموقف الذى كان يجب اتخاذه ممن يسوون بينهما يتمثل فى تمييز موقف الجيش بل وتثمينه مع اتخاذ الإجراءات العملية الكفيلة بوضع وعوده- برفض الانخراط فى السياسة – موضع التطبيق.
ولذلك فإن شعار ” المصالحة ” الذى تفتق عنه ذهن البعض قد أثار ريبا وشكوكا كثيرة وجدلا واسعا فى صفوف الشعب والنخب السياسية والثقافية وهو ما أدى بهم لضرورة تضييقه ليتجنب الهجوم الواسع عليه .. وقصره على ” من لم تتلوث أيديهم بدماء الشعب “.

أحداث العنف التالية لعزل مرسى وشعار المصالحة:
لكن أحداث العنف التى أعقبت عزل مرسى وبدأت منذ 8 يوليو 2013 أمام دار الحرس الجمهورى وفى سيناء والمنيل وبين السرايات ثم ببنى سويف والمنيا وأسيوط والغربية وما تجلى بعدها على مستوى أوسع فى رابعة العدوية وميدان نهضة مصر ورفح ورمسيس وكرداسة والجيزة والوراق والإسكندرية وحلوان دفع لتضييق الشعار أكثر فأكثر عما آل إليه بعد النقاشات الجماهيرية والنخبوية الواسعة ؛ حيث لم ترتفع الأصوات فقط بالتضييق على جماعة الإخوان بل باتخاذ إجراءات عملية لحلها ، والتأكيد والإصرار على رفض تأسيس الأحزاب السياسية على أسس دينية وهو ما يتجاوز دائرة الجماعة إلى كل فصائل الإسلام السياسى.
*ورغم أن كثيرا من المراقبين يرون أن شعار المصالحة لم يكن هدفه إشراك الإسلاميين والفلول فى العمل السياسى واتقاء شرهم أو” تطييب ” خاطرهم بمحاصصة الحكم بقدر ما كانت مراميه البعيدة تشير إلى السعى لمنع تجذر الثورة وانخراط قطاعات شعبية أوسع فيها ووقف تحقيق أهدافها حتى لا تمس مصالح علية القوم وكبار رجال الأعمال والمستثمرين وغيرهم ، وتقطع الطريق على بناء دولة مدنية ديموقراطية حقيقية .
فالإسلاميون مُرحّبٌ بهم طالما لا يقودون الدولة والمجتمع ؛ بل هم فى كثير من الأوقات مطلوبون لكبح جماح الشعب وإنهاك القوى السياسية الأخرى ووقف تجذر الثورة وحصر المعارضة فى تنظيماتهم لأنهم فى ذلك الوضع لن يستهدفوا سوى اقتسام الغنائم كما كان الحال فى عهد مبارك.
*وقد أعطى موقف الغرب الأمريكى والأوربى للأزمة الراهنة بعدا آخر بالغ الأهمية .. حيث تتكشف كل يوم وقائع جديدة عن مرامى وخطط إعادة هيكلة منطقة الشرق الأوسط مما دفع الشعب المصرى لمزيد من رفض المعونات الغربية والأمريكية بشكل خاص والمطالبة بتعديل تحالفات مصر لتصير أكثر توازنا مع شعوب العالم ودوله ؛ وعمّق من حالة الكراهية للولايات المتحدة وجماعة الإخوان معا فضلا عن تركيا وقطر وأثار قدرا واضحا من الغضب ضد حلفائهما فى الأزمة السورية بل وقدرا من التعاطف مع بشار الأسد خصوصا بعد الإعلان عن نية العدوان العسكرى على سوريا .

الشيطان لا يكمن دائما فى التفاصيل :

لقد دق شعار ” المصالحة ” الذى انطلق عكس سياق الأحداث التى تلت مساء 3 يوليو – ناقوس الخطر مبكرا ؛ وربما أفسد فرحة الكثيرين التى دشنتها إزاحة الجماعة من الحكم وبدلا من إحلال شعار التطهير – المتوقع – محله تم التركيز على ما يسمى بـ ” من تلوثت أيديهم بدماء الشعب ” والاستماتة فى إبراز حسن النية تجاه من تمت تسميتهم ” بالمضللين من شباب وأعضاء الجماعة ” والتأكيد على ضرورة استيعابهم فى العملية السياسية .. كما لو أن بقية الثمانين مليونا من الشعب لا أهمية لانخراطهم فى العملية السياسية وكما لو أن هناك فرمانا سريا بضرورة إشراك هؤلاء ” المضللين ” فى عملية المصالحة كشرط لاستئناف النشاط السياسى والحياة الطبيعية.
*لقد أهمل أصحاب تلك الصيحات المريبة ما حدث فى ألمانيا فى أعقاب حكم النازى لها حيث تم استئصال الغالبية الساحقة من حزب هتلر من الحياة السياسية الذى كان أوسع تأثيرا وأكثر عددا من جماعة الإخوان.
*وإعمالا للحكمة المريبة ” الشيطان يكمن فى التفاصيل ” صار التعتيم على تعبير ” المضللين من أعضاء الجماعة ” والعبور فوقه سريعا هو وسيلة التعامل مع الجماهير بشأنه دون التطرق لمن هم هؤلاء ” المضللون” وما هو دورهم فى الأحداث وكيفية تجنيدهم ؛ ولا بحدود الصلة التى تربطهم بالجماعة ,كذا نوعياتهم وفئاتهم الاجتماعية حتى يتفهم الناس لم يجب استيعابهم والمصالحة معهم ولم كل هذا الحرص الموجه لهم بينما امتلأت الميادين بالملايين ممن كانوا مستعدين لكل أشكال العطاء للوطن ودون تكلفة وبلا مقابل..؟!
*وللحقيقة فإن مثل هذا التعامل فضلا عن غرابته وريبته كان يسعى- عفوا أو قصدا- لإخفاء مخاطر هؤلاء ” المضللين ” على واقع الحال وعلى مستقبل الحياة السياسية المصرية.
*ولأننا نرى أن الشيطان- على عكس الحكمة المريبة – لا يكمن دائما فى التفاصيل ؛ بل نعرف أن كثيرا من التفاصيل توضح الرؤية وتكتشف جذور الحالة التى نحن بصددها وتتوصل إلى مآلها ؛ وتشير إلى نتائجها وآثارها ؛ فقد وجبت علينا مناقشة مقولة المضللين من شباب وأعضاء الجماعة .. فى صلتها بمقولة ” من تلوثت أيديهم بدماء الشعب ” فى السطور التالية :
تشكلت الحشود التى تجمعت فى عدد من ميادين القاهرة من عدة أقسام هى :
1- غالبية من الفقراء والمعدمين محدودى التعليم والثقافة والوعى.. جزءكبير منهم من أنصار الجماعة وبقيتهم من أعضائها.
2- مستفيدون من عضويتهم بالجماعة اقتصاديا واجتماعيا ، وهاربون من قسوة الحياة المتمثلة فى مفرمة النظام الحاكم وهو نظام رأسمالى متخلف وتابع لقوى دولية خارجية وهو الذى يحكم مصر من أربعين عاما .
3- عناصر تشكل القسم الأكثر تعلما ممن سبقت الإشارة إليهم ومعظمهم يعتنق ويتمسك بإصرار بأفكار حسن البنا وسيد قطب وابن تيمية وأبى الأعلى المودودى وغيرهم الخاصة بتكفير المجتمع وضرورة اعتزاله وتغييره والسعى لتحقيق حلم الخلافة مستخدما فى سبيل ذلك العمل الدعوى والاجتماعى والمسلح.
4- عناصر من تنظيم الكشافة والتنظيم الخاص ( السرى المسلح ) وربما قلائل من الجهاديين العرب.
5- كذلك تضم الحشود العديد من المأجورين سواء لزيادة أعداد المعتصمين معظمهم من الفقراء والمحتاجين أو من البلطجية والخارجين على القانون وأرباب السوابق الجنائية وهؤلاء يستخدمون فى عمليات القتال والحرق والترويع والاعتداء على الأفراد والمنشآت.
هذا وإذا ما استثنينا القسم الرابع والخامس من تلك الحشود والجزء الأعظم من القسم الثالث باعتبارهم يدركون ما يفعلون أو يرتزقون فإن بقيتها تتركز فى القسمين الأول والثانى وهما من أعضاء الجماعة وأنصارها ويشكلون الجزء الأغلب من الحشود أو ما اصطلح على تسميتهم بالمضللين .
ونظراً لمحدودية أو انعدام تعليم القسم الأول فإن مخاطبة عقولهم تصطدم بذلك المستوى المتدنى من التعليم والثقافة علاوة على تجنبهم لأية مناقشات أو حوارات تتعلق بوضع الجماعة وأفكارها وممارساتها بسبب خوفهم البالغ من نتائج الحوار فضلا عما يمثله مبدأ السمع والطاعة – الذى يحكم وضعهم داخل الجماعة – من حرمانهم من نعمة إعمال العقل والتفكير ، وبالتالى فلا إمكانية لتغيير قناعاتهم دون انخراطهم فى آلية اجتماعية اقتصادية ثقافية فعالة لفترة ليست قصيرة من الزمن. بينما القسم الثانى – الذى لا يختلف كثيرا عن الأول – فله مصالح مباشرة مع الجماعة خصوصا من حيث العمل والدخل الذى يربطهم بقوة بمسار ومصير الجماعة ؛ ويرتبط تغييرهم بنفس الآلية الاجتماعية الاقتصادية الثقافية التى تعيد تعديل وضعهم وإن كان ذلك بدرجة أقل منه فى القسم السابق .. هذا عن تكوين أقسام الحشود.
أما عن الدور الوظيفى لتلك الأقسام فنلخصها فيما يلى :
*القسم الرابع يمثل الجيش الإخوانى المسلح واحتياطيه ( الكشافة ) ، ويدعمه جزء من المأجورين فى القسم الخامس.
*أما القسم الثالث فيلعب دور الدعاية سواء داخل الحشود أو خارجها ، وربما تكون لبعض أفراده مهام أخرى شديدة الأهمية إدارية أو لوجستيكية أو تقنية أو فى جهاز الاتصال.
*ويبقى للقسمين الأول والثانى ” المضللين ” المهام التالية داخل الحشود والتظاهرات وخارجها وفى عمليات الاعتداء على المنشآت وبعض العمليات التى لا تتخذ الطابع العسكرى :
1- التغطية بالأجساد على المسلحين والقادة وحمايتهم وذلك بتشكيل ستار جماهيرى يعوق مهمة أجهزة الأمن فى انتقاء المسلحين واستهدافهم ، وبدونهم يمكن اصطياد المسلحين والقادة بسهولة طالما ظلوا فى مكان بعينه ، فخمسون مسلحا داخل حشد من خمسين ألفا يمكنهم من الاستمرار فى المواجهة عدة أيام وبدونهم لا يستغرق الأمر أكثر من ساعات معدودة.
2- وهؤلاء ” المضللون ” يجبرون قوات الأمن على التوزع على عدة أحياء فى المدينة أو عدة مدن فى المحافظة ومن ثم يطول أمد المواجهات.
3-كما أنهم يسهلون إمكانية انتقال الحشود المسلحة أو أجزاء منها وكذا القناصة من مكان لآخر دون احتياطات أمنية مشددة ومن ثم تغيير تاكتيك المواجهة بمرونة.
4- ويعطون الإيحاء بكبر حجم الحشود خصوصا فى حالة الحركة من مكان لآخر؛ وقد كان ذلك من أهم الوظائف الإعلامية ” للمضللين ” فى فترة ما بعد 3 يوليو 2013 .
5- كما يساهمون فى إشاعة المسئولية ( أى توسيع نطاقها ) عن أعمال القتل والتدمير والحرق والتخريب التى ترتكبها العناصر المختصة بذلك داخل الحشود مما يُضْعف أو يبدد إمكانية التوصل إلى تحديد القائمين بها .
6- وهم باستمرارهم داخل الحشود المسلحة يكتسبون الخبرة والتدريب على أعمال شتى منها إسعاف الجرحى والإغاثة ، وإخفاء الأسلحة والمعدات والمراقبة ، والتعذيب والتحقيق مع المخطوفين والمقبوض عليهم ومعاقبتهم ، ومخاطبة الإعلام والتصوير ، وجلب الذخائر والتمويه وتهريب القادة وإطلاق الشائعات .. وغيرها من متطلبات هذه الأنشطة.. إلخ .
7- وحتى بعد انتهاء المعارك يشكلون ” خميرة ” لاستئناف النشاط فيما بعد ، ويشكلون رديفا للعناصر المسلحة .. ويقومون بمهامهم فى حالة نقص الصفوف أو وقوع خسائر.. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى كيف يمكن الجزم بكونهم ما زالوا مضللين إذا ما استمروا فى الحشود شهورا أو سنين خصوصا وأن الحشد فى بدايته لا يصبح هو نفسه فى نهايته ؛ أيضا أعضاء الحشود لا يظلون هم أنفسهم نفس الأشخاص بعد خوض المعارك ؛ فالحشود ميدان للتدريب أيضا على الهجوم والدفاع والكر والفر والقنص والخطف والتحقيق والمراقبة والتعذيب وتخريب المنشآات ويتلقى أعضاؤها المبتدئون دروسا فى مختلف أنواع الأنشطة دعوية وعسكرية وإعلامية وأمنية.
وهم – أى ” المضللون ” – باجتيازهم تلك الدورات التدريبية – التلقائية والقصدية – يمكنهم تضليل الكثيرين من حسنى النية الذين مازالوا يصفونهم بالمضللين؛ علاوة على أن أغلبيتهم الساحقة لا يتخلون عما فى رءوسهم بسهولة- فهم فى نظر أنفسهم ( مبعوثو العناية الإلهية ) لإنقاذ البشرية من حالة الجاهلية التى تعيشها – وبالتالى فإن تغييرهم يتطلب عمليات طويلة شاقة من التثقيف والتنوير وبدون اقتناعهم بأنهم كانوا مضللين ودون استعدادهم للمشاركة السياسية على أسس جديدة غير قواعد الإسلام السياسى التى تعلموها داخل التنظيم أو بالقرب منه.. لا يمكن القطع بإمكانية علاجهم.

هل من تلوثت أيديهم بدماء الشعب فقط هم غير المضللين..؟ :
كيف تثبت جريمة قتل مواطن فى مولد أو احتفال شعبى ..؟ أو إحراق منشأة فى مظاهرة أو اغتيال جندى بعملية قنص ..؟ وكيف يمكن إدانة المتهم قضائيا إذا ما كانت دلائل تحديد القاتل أو من قام بالحرق محدودة ..؟ أو كانت القوانين قاصرة عن ذلك ..؟
وبمعنى آخر كيف تدين رئيسا تسبب فى قتل الآلاف واغتيال المئات إذا ما غابت قوانين المحاكمة السياسية عن تلك الجرائم..؟ وكيف تحاكمه على تجويع شعب وتحويل الملايين إلى مهنة البلطجة بفعل إفساد التعليم وندرة فرص العمل وانسداد أبواب الرزق مادام الدستور والقوانين لا تنص صراحة على ذلك ..؟ وطالما كان إثبات تلك التهم مسألة نسبية واجتهادية فكيف تميز بين مَنْ قتل ومن حرّض ومن جمع المعلومات الممهدة لذلك ..؟
إن من يتم وصفهم بالمضللين هم فى كثير من الحالات قتلة أو محرضين أو جامعى معلومات أو مشاركين فى كل ذلك أو بعضه ؛ ولآ يمكن إثبات دورهم وإدانتهم بالقضاء الطبيعى ، ولنا فيمن حصلوا على البراءة من قتل شهداء 25 يناير وعلى رأسهم قادة وزارة داخلية العادلى مثال حى.

خلاصة القول أن عقيدة أعضاء التنظيمات السياسية الدينية فى كل بلاد العالم أشبه بالعقد النفسية لا يمكن الشفاء منها فى معظم الأحيان دون عملية تحول اجتماعى اقتصادى ثقافى واسعة النطاق طويلة الأمد مرتفقة بمتابعات طبية فعالة ؛ ونتائجها ليست مضمونة أو أبدية فالكثير منها ينتكس كما حدث مع الكثيرين من أعضاء تنظيمى الجهاد والجماعة الإسلامية فى الفترة ما بين نشاطها الإجرامى من أواسط التسعينات وحتى30 يونيو 2013.
وعليه فمن نسميهم بالمضللين هم المحور الرئيسى لدعم وحماية واستمرار جملة الأنشطة الدعوية والإجرائية والعنيفة التى تمارسها تنظيماتهم ، رغم كونهم فى كثير من الحالات وقود تلك المعارك وبدونهم لا يمكن توسيع رقعة العضوية ولا استمرار تلك التنظيمات فى نشاطها الهدام لذلك فهم الأشد خطرا والقول بإمكانية استيعابهم وتغييرهم ليست سوى وهْم يصل بأصحابه فى كثير من الأحوال إلى مستوى الجرائم وهو ما يعنى أن صفة المضللين لا تنطبق إلا عليهم وليس على معظم من نعتوهم بهذه الصفة.

الجمعة 30 أغسطس 2013 بشير صقر