أحنا وهمّا والزمن طويل : مثال عملى لدور الشرطة لمنع الفلاحين من الزراعة والإصرار على اغتصاب أراضيهم

بشير صقر
الحوار المتمدن-العدد: 5656 – 2017 / 10 / 1 – 16:51
المحور: الحركة العمالية والنقابية

مقدمة :

منذ عام 2007 ونحن نكتب فى لجنة التضامن الفلاحى عما يعانيه فلاحو قرى عزبة الأشراك وأبو خراش والخمسين والجهقية والستين والأشراك البلد بمحافظة البحيرة من عدوان دائم على أراضيهم ومنازلهم وماشيتهم ، وحرمانهم من مياه الشرب النقية و مياه الرى العذبة لشهور وسنوات واضطرارهم للرى بمياه الصرف الصحى وهو ما أدى لانخفاض غلة الأرض بـ 75% من إنتاجها ، وإصابة المئات من سكانها بالفشل الكلوى مما تسبب فى وفاة مالا يقل عن خمسين فلاحا وفلاحة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

هذا ويقوم ورثة المدعو حسن فهيم خطاب ( أصحاب شركة سياحة ، ويتاجرون فى البن) بادعاء شراء والدهم لـ 221 فدان من وزارة الأوقاف فى منتصف السبعينات من القرن الماضى بينما هيئة الإصلاح الزراعى هى من تملك الأرض بموجب شهادات عقارية حديثة وقد وزعتها الهيئةعلى الفلاحين بنظام التمليك وحصلت على أغلب ثمنها منهم ، علما بأن قانون الإصلاح الزراعى الثالث الصادر عام 1969 يحدد الحد الأقصى للملكية بـمائة فدان للأسرة وخمسين فدان للفرد وهو ما يُكذب ادعاء ورثة آل خطاب بشراء الأرض من الأوقاف حيث لا يمكن أن تقوم وزارة بمخالفة القانون وتدوين ذلك فى مستندات وسجلات رسمية.

العنف لم ينجح ضد الفلاحين :

ولأن هؤلاء الورثة فى موقف قانونى بالغ الضف فقد استعانوا فى أول الأمر بالبلطجية من خارج المحافظة لإجبار الفلاحين على ترك الأرض بالعنف ولكنهم خسروا معركتين عام2004 ، 2007 وقبض الفلاحون على العشرات منهم وقدموهم للشرطة التى أخلت سبيلهم فى الحال. بعدها لجأ الورثة للشرطة التى طاردت الفلاحين بالتهم الملفقة والقضايا الكيدية ( سرقة سيارات ، وخطف أشخاص ، والاعتداء على حيازة الغير ، وحيازة سلاح بدون ترخيص..) ، علاوة على تحريض عدد من الأشقياء فى محاولة لسرقة مواشي الفلاحين ..إلخ .. ومع كل ذلك لم يفلحوا .

حيل وألاعيب شيطانية :

ثم هداهم تفكيرهم إلى حيلة قانونية جهنمية تتلخص فى استخدام عقد شراء الأرض المضروب للحصول على أحكام قضائية بريع الأرض منذ السبعينات باعتبارهم ملاك الأرض بينما الفلاحون يزرعونها ولايدفعون لها إيجارا؛ وقد استخدموا فى ذلك كل الألاعيب والحيل القانونية غير المشروعة .. من تلك الحيل رفع الدعاوى القضائية فى محكمة لا تتبعها تلك القرى ومنها منع وصول الإعلانات القضائية للفلاحين بتواطؤ بعض العمد ومشايخ البلد ومشايخ الخفراء .. حيث يفاجأ الفلاحون بأحكام الريع القضائية دون أن يحضروا جلسة واحدة فى تلك القضايا ؛ علاوة على ضخامة الأحكام التى لا تقل عن 40 ألف جنيه وتصل فى بعض الحالات إلى أكثر من 200 ألف جنيه وهكذا . بعدها يستخدمون تلك الأحكام فى مساومة الفلاحين وإجبارهم على التنازل عن الأرض مقابل تنازل ورثة حسن خطاب عن أحكام الريع.. ورغم كل ذلك لم يتمكنوا من طرد سوى عدد محدود من الفلاحين.

ولأنهم يشعرون بقوة الفلاحين وبضعف موقفهم القانونى شرعوا فى بيع مساحات من هذه الأرض لبعض الفلاحين الذين يزرعونها بأسعار رخيصة – لاتساوى ربع قيمتها الحقيقية – لكن معظم الفلاحين رفضوا ذلك.

لماذا يساعد أثرياء و حكام بعض القرى ورثة آل خطاب ضد الفلاحين ..؟

ولأن هناك عدد من سكان هذه القرى ساعدوا فى تهريب بعض هذه الأراضى من قانون الإصلاح الزراعى بل وحصل عدد منهم على مساحات واسعة منها ويخشون أن يتم اكتشاف تهريبهم للأرض أو استيلائهم عليها بمساعدة بعض الفاسدين فى الإصلاح الزراعى بالبحيرة إذا ما انتصر الفلاحون على ورثة حسن خطاب وهو ما يؤدى لاسترداد الدولة للأرض التى استولوا عليها. وللأسف كان منهم مسئولون سابقون فى مديرية الإصلاح الزراعى بالبحيرة وبعضهم صاروا عمدا ومشايخ لبعض هذه القرى.. بل ويعمل أبناؤهم وأقاربهم فى عدد من الهيئات والمصالح الحكومية بمحافظة البحيرة ( كالرى والزراعة والضرائب العقارية والمؤسسات القانونية والحكم المحلى والإصلاح الزراعى ومرفق مياه الشرب والجمعيات الزراعية وغيرها ) بل ولهم صلات قوية بمراكز الشرطة وبكثير من المسئولين فى مرافق ودواوين المحافظة. إذن فمصلحتهم تتفق مع مصالح ورثة حسن خطاب .. وهزيمة الورثة أمام الفلاحين تعتبر هزيمة لهم .. ولذلك يستميتون فى مساندة ورثة آل خطاب بكل الوسائل.

ومن هنا أيضا تمكنوا من منع وصول مياه الرى العذبة لمساحات ليست قليلة من أراضى الفلاحين- بإتلاف الماسورة التى تعد المصدر الوحيد لجزء كبير من تلك الأراضى والحيلولة دون إصلاحها عدة سنوات.. مما أجبرالفلاحين على رى أراضيهم من مصرف للصرف الصحى يسمى مصرف شبراخيت ، ومن جانب آخر قاموا بوضع المبيدات فى المصرف لتسميم المياه الواصلة للحقول، كما تمكنوا بنفوذهم من وقف مياه الشرب النقية عن بعض تلك القرى ليجبروا سكانها لشهور على الحصول عليها من القرى المجاورة ( الهوارية وتبعد 5كم ، ولقانة وتبعد 4 كم ) مما دفع الفلاحين للاحتجاج وقطع طريق دمنهور/ دسوق حتى تعود مياه الشرب للقرى.

آخر الأحداث :

وفى الساعة الثانية صباح الأربعاء 14 سبتمبر 2017 قامت قوة مكونة من حوالى 60 جندى ومخبر تابعة لمركز شرطة الرحمانية بقيادة ضابط مباحث جديد ( إسلام .. ) وبصحبته اثنين من المخبرين القدامى من المنطقة ( حسن صادق ، أحمد بسيونى عبد الواحد ) وتستقل 3 بوكسات ، وشاحنتين ، و2 سيارة ميكروباص ، وداهمت منزل أحد فلاحى عزبة الأشراك ( محمد محمود المكاوى- 55 سنة ) ، ولما سألهم صاحب المنزل عن سبب المداهمة أفاده الضابط : نبحث عن سلاح. فرد الفلاح: لو عندى سلاح كنت رحت حاربت الإرهاب فى سينا. وفى لمح البصر انتشر المخبرون فى المنزل وقاموا ببعثرة كل ” خزين ” الفلاح من حبوب ( قمح ، أرز ) على الأرض؛ وكذلك الدقيق ؛ كما قاموا بسكب ( دلقْ) اللبن وتكسير ” أوانى الجبن والجبنة القديمة ، وأخرجوا الطيور ( دجاج وبط ) من أعشاشها ودهسوها بأقدامهم فقتلوا ما يزيد عن عشرة منها كما صادفوا والده المسن – 86 سنة – ( محمود المكاوى ) الذى احتج علىيهم فألقوه على الأرض .. حتى أدوية زوجة محمد المكاوى- أنبولات الأنسولين – لم تنج من أقدامهم أيضا وهكذا.

وقد أفاد محمد المكاوى أنه قال للضابط : من يفتش عن السلاح يضع يده فى براميل الحبوب ليبحث عنه ، ولا يبعثر الحبوب ويسكب اللبن على الأرض ؛ فالسلاح لا يتم إخفاؤه فى زلع المش وأوانى اللبن والجبنة ، . فرد الضابط : رزالة بقى .. فقال المكاوى : “برضه مش حسيب الأرض .. ولما تقطعوا مياه الشرب حشرب من البول اللى بنزله ” . إحنا تبع مركز شرطة شبراخيت .. وانتم تبع الرحمانية إيه إللى جابكم هنا..؟ ”

وانتهت المداهمة بعد حوالى ساعتين اختتمها الرجل المسن ( محمود المكاوى ) قائلا للضابط : ” إبقوا روحوا سينا حاربوا الإرهاب أحسن”.

إحنا وهمّا والزمن طويل :

هذا وقد قام محمد المكاوى بعرض تفاصيل المداهمة التى جرت لمنزله صباح الأربعاء فى ندوة حزب التحالف الشعبى بالإسكندرية مساء الأحد 17 سبتمبر 2017 قائلا هناك مايزيد عن 20ألف نسمة من سكان هذه القرى يعانون من هذا الهم منذ عام 2004 .. ولا نعرف متى سينتهى ذلك..؟ لكن ..” إحنا وهمّا والزمن طويل “.

الأحد 1 أكتوبر 2017 بشير صقر
لجنة التضامن الفلاحى – مصر