(3) عن هيبة الدولة والاحتجاج على مد خط الكهرباء بمنشاة الأوقاف .. رسالة مفتوحة لمسئولي جهاز المباحث بمحافظة الغربية
إلحاقا لما نشر عن هذا الموضوع في 17 ، 19 نوفمبر 2018 قامت أجهزة المباحث بمديرية أمن الغربية – في أعقاب احتشاد الأهالي احتجاجا على مد الكابل الذى يتخوفون منه على حياتهم – باستدعاء كل من عاطف رضوان وأحمد جاد من أهالي القرية في الحادية عشرة مساء الإثنين 19 نوفمبر الجاري لمقر إدارة المباحث الجنائية بطنطا بشأن موضوع مد خط كهرباء الضغط المتوسط من محلة منوف إلى منطقة سبرباي عبر الشارع الرئيسي بالقرية.
ردود أفعال أمنية مبالغ فيها إزاء احتجاج سلمي للأهالي :
• هذا وقد أوضح ممثلا الأهالي المستدعييْن أن المشكلة تتركز في ضيق الشارع المذكور ( بعرض 4-6 متر) عن استيعاب 4 خطوط مرافق ( مياه ، صرف صحي، غاز ، كهرباء) وتأثيرات ذلك المحتملة والمتوقعة من مخاطر على حياة السكان. وأبدوا أنهم وبقية الأهالي ليسوا ضد مدّ خط كهرباء الضغط المتوسط من حيث المبدأ لكنهم يرون تعديل المسار خارج الكتلة السكنية وتجنب الشارع الرئيسي بالقرية. وأن اقتراح الأهالي سببه هو التخوف من تسرب المياه من خطي الصرف والشرب أو تسرب الغاز لكابل الكهرباء وهو تخوف مشروع لا يحسمه سوي لجنة مشتركة من ممثلي المرافق الأربعة.
إلّا أن قادة جهاز المباحث قالوا إن مد الخط يأتي ضمن مشروع عام يخدم أهالي المنطقة ولا يمكن العدول عنه. كما ذكروا أنه لا مصلحة لأجهزة الشرطة في مد الخط أو وقف تنفيذه في المسار المذكور. ولذلك فإن تجمهر الأهالي الذي حدث منذ يوم السبت 17 نوفمبر الجاري يُعدّ خروجا على المصلحة العامة كما أنه يُعتبر تعديا على هيبة الدولة وهو ما لا نقبله. ولا نسمح به.
واستمر الحوار حتى تم الاتفاق علي توجه ممثلي المرافق إلى القرية صباح اليوم الأربعاء 21 نوفمبر للمعاينة على الطبيعة واتخاذ القرار.
•فى يوم (الثلاثاء 20 نوفمبر ) جرى استدعاء آخر من مديرية الأمن في الحادية عشر مساء لممثلي الأهالي ( عاطف رضوان ، أحمد جاد ) ، وفى حضور مدير أمن الغربية وأحد قادة جهاز المباحث تم التنبيه عليهما بلهجة حاسمة بعدم التعرض لعملية مد خط الكهرباء درءاً للعواقب.
•هذا وكانت اللجنة المشار إليها قد وصلت القرية صباح اليوم الأربعاء 21 نوفمبر 2018 وعاينت الشارع الرئيسي خصوصا في مناطقه الضيقة ( عرض 4متر ) وحددت أعماق وأبعاد الحفر التي تفصل بين مسارات خطوط المرافق الأربعة .. تمهيدا للتنفيذ.
•كما أفاد أهالي القرية بعودة اللجنة المشكلة من ممثلي مرافق الكهرباء والغاز والصرف الصحي ) بإعادة المعاينة على الطبيعة في الثانية عشرة ظهر الأربعاء 21 نوفمبر الجاري بناء على الاتفاق بين الأهالي ومسئولي المباحث وقررت إمكانية مد خطي الكهرباء والغاز بشكل آمن .
•وفى التاسعة مساء أمس الأربعاء 21نوفمبر2018.. تم استدعاء ممثليْ القرية لمقر جهاز الأمن الوطني بطنطا ، وقد شهد اللقاء عرضا موجزا لمخاوف الأهالي من مد كابل الكهرباء في شارع يتراوح عرضه بين 4،6 أمتار وتشغل خطوط المياه والصرف الصحي جزءاً كبيرا من مساحته بخلاف ما سيشغله خط الغاز، وذكر محدثهم من ضباط الأمن الوطني أن مد الكابل جزء من مشروع قومي ينبغي الانتهاء منه دون عوائق.
الرسالة المفتوحة :
وإزاء ما تم عرضه أعلاه عن المشكلة من آراء متباينة وتجمعات جماهيرية محتجة؛ وتواجد لمسئولي أجهزة الأمن بالقرية بصحبة قوات الأمن المركزي؛ واستدعاءات لبعض ممثلي الأهالي لمقرات أجهزة المباحث الجنائية ومديرية الأمن والأمن الوطني ؛ ولجان فنية تقوم بالفحص والمعاينة واتخاذ القرار.
إزاء ذلك كله استرعي انتباهنا عبارة ذكرها أحد قادة جهاز المباحث في لقاء الاثنين 19 نوفمبر مع ممثلي القرية تقول : ” أن تجمهر الأهالي يُعتبر تعديا على هيبة الدولة وهو ما لا نقبله.. ولا نسمح به ” .
وللحقيقة فإن هيبة الدولة لا يجرحها اعتراض بعض المواطنين على مد خط كهرباء يعتبرونه خطرا على حياتهم خصوصا إذا ما كانوا يقترحون مسارا بديلا يفي بالغرض ويتجنب الآثار المتوقعة لتجاوُر خطوط المرافق الأربعة بل ويتساوي في المسافة وبالتالي في التكلفة مع المسار الأول الذى تصرّ عليه شركة الكهرباء.
فاختلاف الرأي بين الأهالي وشركة الكهرباء وحتى الاحتجاج على التنفيذ بالتجمهر لا ينال من هيبة الدولة ولا يمسها بالمرة ، بالعكس فهو دليل على وعى الأهالي ويقظتهم وبرهان على حرصهم على تجنب أية أعطال في خطوط المرافق أو مخاطر قد تؤذيهم مستقبلا.
ولأن مهمة رجال الشرطة هي حفظ الأمن فقد كان بمقدور جهاز المباحث – الذي استدعي ممثليْ أهالي القرية – اللجوء إلى إجراء آخر في غاية البساطة وفى متناول اليد يطمئن الأهالي من ناحية ويحفظ الأمن من ناحية أخري ، ويوفر الوقت والجهد ولو كنت مكانهم لبادرت بتنفيذه على الفور.
هذا الإجراء هو ” انتداب ودى ” – وليس رسمي – من رجال المباحث لأحد كبار أساتذة الكهرباء بكلية الهندسة بطنطا – التي لا تفصلها عن القرية أكثر من عدة مئات من الأمتار- واصطحابه إليها و إطلاعه على الوضع على الطبيعة ليبدي رأيه . فإن كان مع مد الخط وأفاد بألا خطورة منه .. فيمكنه في وجود بعض الأهالي شرح الأمر لهم وطمأنتهم ، وإن كان رأيه عكس ذلك فلا مناص من تعديل المسار حسبما اقترح الأهالي وساعتها يمكن للشرطة الاستناد إلى تقرير ( استشارة) أستاذ الهندسة في إجبار شركة الكهرباء على تغيير المسار دون ضجيج ، وهذا هو حفظ الأمن الحقيقي ، وساعتها لن تبقي هيبة الدولة محفوظة ومصانة فقط بل سترتفع لدى من عايشوا هذه المشكلة وشاهدوا حلها بتلك الطريقة.
لو جري مثل هذا الإجراء من أحد قادة المباحث بالمحافظة لن يستغرق أكثر من ساعتين: فلن يتكلف أكثر من حديث تليفوني مدته دقائق ومشوار بسيارة لاصطحاب استشاري الهندسة لا يتجاوز نصف ساعة ومعاينة تحتاج نصف ساعة أخرى ثم لقاء بالأهالي لا يزيد عن عشرين دقيقة بعدها يعود الجميع إلى أعمالهم في هدوء، وبذا يتبدد التجمهر وينفض بشكل تلقائي كما تتبدد السحب دون الحاجة لحملة شرطية مصاحبة لعملية الحفر أو لفض الحشود.. أو للتحفظ على المحتجين والتحقيق معهم وهكذا. وهو ما يحفظ هيبة الدولة ويزيدها في نظر الأهالي ولا ينال منها كما يقول البعض.
فهؤلاء الأهالي في القري لا يطلبون إلا الستر ولا يطمعون إلا في تربية أطفالهم والاطمئنان على حمايتهم من المخاطر التي تفاجئهم بين الحين والآخر سواء من كابل كهرباء ينفجر أو شرارة تشعل حريقا أو سيارة مجنونة تصيب واحدا منهم أو تخطف حياته.
إننا لو اعتبرنا أن تجمهر أهالي القرية – في احتجاج سلمي على تمرير كابل كهرباء في شارع قريتهم –اعتراضا على هيبة الدولة وجرحا لها ؛ فبم نسمي إذن ما حدث في 21أكتوبر 2017 على طريق الواحات البحرية ، وبم نوصّف ما جرى بمسجد الروضة بالعريش في 24 نوفمبر 2017 ، أو ما حدث من تفجير استهدف مديرية أمن القاهرة في 24 يناير 2014 وقبله في 24 ديسمبر 2013 في مديرية أمن الدقهلية.
إن أهالي قرية الأوقاف مركز طنطا مواطنون مسالمون طيبون يشتغل معظمهم بالزراعة فلو طردناهم من أراضيهم كما كان يريد الشناوي محافظ الغربية ومديرية الأوقاف في وقت سابق ( 2008 ، 2009).. ولم نطمئنهم على انعدام مخاطر كابل الكهرباء الراقد على بعد 60 سنتيمتر تحت أقدامهم واعتبرناهم معتدين على هيبة الدولة فماذا نفعل إزاء من يرفعون في وجوهنا البنادق ليل نهار تحت ستار الدين.
السادة قادة وضباط مباحث محافظة الغربية تعاملوا مع أهالي منشاة الأوقاف بحصافة وإنسانية وحكمة فهم جزء ممن يزرعون لنا القمح ويطعموننا ولولاهم ولولا أمثالهم لجعنا وانهارت دولتنا وتبددت هيبتها – ببنادق اعدائنا المتربصين بنا على الحدود والمختفين بيننا – إلي أبد الآبدين.
الخميس 22 نوفمبر 2018 بشير صقر
لجنة التضامن الفلاحي – مصر