التعذيب الممنهج لفقراء البحيرة.. فلاحات الفشل الكلوي .. والبلطجة الشرطية
بشير صقر
الحوار المتمدن-العدد: 6089 – 2018 / 12 / 20 – 00:24
المحور: الحركة العمالية والنقابية
وافانا أمس الثلاثاء 18 ديسمبر 2018 فلاحو عزبة الأشراك وعزبة الخمسين مركز الرحمانية بمحافظة البحيرة بالخبرين التاليين :
•وفاة كل من سعدة محمد الخشاب ( 43 سنة)، محمود رمضان خليل (51 سنة) ، عايدة أحمد البياضي ( 46 سنة) ، أم العز محمد أيوب ( 40 سنة ) ، صباح محمد كامل المكاوي ( 28 سنة) ،و سعيدة عبد الجواد أبو صميدة (38 سنة ) .. خلال السبعة أيام الماضية جراء مرض الفشل الكلوي. من عزبة الأشراك .. بينما الأخيرة من عزبة الخمسين.
•مداهمة شرطة الرحمانية في الساعة الثانية عشرة منتصف ليلة السبت /الأحد 15 ديسمبر 2018 منازل كل من محمد الشراكي فايد وسعيد أحمد رمضان وعبد الصادق عبدالله فايد من عزبة الأشراك ، ومحمد علي خضر من عزبة أبو خراش ، ومحمد عبد الحكيم خضرمن عزبة الخمسين والقبض عليهم دون سبب واضح ودون إخطارهم بمبرر مداهمة منازلهم في تلك الساعة، علاوة علي البحث عن محمد محمود المكاوي الذى لم يكن موجودا بالقرية.
وفى اليوم التالي الأحد توجهت حملة مزودة باللوادر لهدم منزل محمد شعبان بدعوى بناء المنزل دون تصريح.. وهو ما أشاع في القرى الثلاثة أن القبض عليهم كان لقطع الطريق علي مقاومة أهالي القري لعملية الهدم.
يذكر أنه تم الاحتفاظ بسعيد أحمد رمضان وعبد الصادق عبد الله متى مساء الاثنين 17 ديسمبر بينما أُطلق سراح الثلاثة الآخرين صباح الأحد 16 ديسمبر .
والواضح من الخبر الثاني أن القبض علي المواطنين يسبق عادة أية عملية تقوم بها الشرطة في القري كما حدث في قرية منشاة الأوقاف مركز طنطا بالغربية أول أمس الاثنين 17 ديسمبر إبان مد خط كهرباء بالقرية يخشى الأهالي من مخاطر تمريره بشارع قريتهم الرئيسي.
هذا وتشير لجنة التضامن الفلاحي إلي ما سبق أن نشرته بشأن قرى عزبة الأشراك وأبو خراش والخمسين والستين وقري أخرى حولها التي تعاني من محاولات مستميتة لطرد فلاحيها من أراضيهم التي يزرعونها من أكثر من 70 عاما وحصلوا عليها من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بنظام التمليك وينازعهم فيها ورثة المرحوم حسن فهيم خطاب الذى كان يعمل موظفا صغيرا بوزارة الأوقاف بالقاهرة في ستينات القرن الماضي وأصبح فيما بعد هو وأبناؤه أصحاب شركة سياحة بالقاهرة وعملوا في استيراد البن البرازيلي ويقيمون بالجيزة . هذا وقد جرت محاولات متعددة لإكراه الفلاحين علي ترك الأرض بجيوش من البلطجية ، وبعدها بدعم الشرطة ومساعدة عمدة أبو خراش المدعو أحمد دميس الذى كان حتى وقت قريب مديرا للإصلاح الزراعي بالبحيرة ، كذلك أسهم في دعمهم عدد من المحامين من بينهم أحمد بسيوني نقيب المحامين بالبحيرة آنذاك وهو في نفس الوقت والد كريم بسيوني ضابط مباحث الرحمانية آنذاك والذى قبض علي عدد من هؤلاء الفلاحين ( مثل محمد المكاوي) بتهم ملفقة وهو ما دعا النيابة العامة للإفراج عنهم دون كفالة من سراي النيابة .
ونظرا لاستمرار هذه المعاناة التي صارت همّا يوميا يتصل مباشرة بتفاصيل معيشتهم وعملهم في الأرض سواء ما يتعلق بنقص الأسمدة ومستلزمات الزراعة كالمبيدات والتقاوي ومصروفات خدمة الأرض وغلاء أسعارها أو بتدهور أسعار محاصيلهم التي ينتجونها وبالتالي انخفاض ما يعود عليهم منها، أو بنقص أو غياب مياه الشرب والري.. مما يدفعهم للحصول عليها من المناطق المجاورة ونقلها علي عرباتهم البدائية ( الكارو ) كمياه الشرب ؛ أو الاضطرار للحصول عليها من مياه الصرف الصحي لري أراضيهم مما يؤثر على طبيعة الأرض وعلي حجم إنتاجها من المزروعات ويصيبهم بأمراض الفشل الكلوي نظرا لاختلاطها بسيقانهم العارية أثناء عملية الرى..إلخ.
والجدير بالذكر أن كل هذه المعاناة ليست قضاء وقدرا ولا نتيجة إهمال المسئولين عن هذه الخدمات بل تجري بفعل فاعل يعرفه الكافة في هذه المنطقة التي صارت من أشهر قري الريف المصري كبؤر للفشل الكلوى. وللأسف ان مديرية الصحة بالبحيرة تعلم هذا علم اليقين ولا تتحرك لمواجهة أسبابها ( الري بمياه الصرف الصحي).
ففي نشرت لجنة التضامن الفلاحي بتاريخ 7 إبريل 2009 تحقيقا يتضمن بعضا من تلك المعاناة:
الرابط : ( http://tadamon.katib.org/2009/04/07/ )
يقول التحقيق:
[•فوجئ الفلاحون بين يوم وليلة بإتلاف ما سورة الري (بطول 16 مترا وقطر متر) التي تنقل مياه الري من ترعة المشايخ جهة عزبة المصري إلى زمام عزبة الأشراك وتعبر مصرف شبراخيت، وبذلك حرم زمام عزبة الأشراك تماما من مياه الري العذبة طيلة أكثر من ثلاث سنوات مما اضطر الفلاحين إلى ري مزروعاتهم بمياه الصرف الصحي .. وذلك برفعها من مصرف شبراخيت الذي تُصرف فيه مخلفات الصرف الصحي لتصب في ترعتهم ثم يرفعونها من الترعة إلى الحقول وباءت كل شكاواهم من أجل إصلاحها بالفشل.
•وقد أدى ذلك إلى انخفاض إنتاج الأرض من الأرز من 12 أردبا إلى حوالى إردبين للفدان.
•كما أدى عدم وصول مياه الري وكذا مياه الشرب إلى اختلاط مياه الصرف الصحي بالمياه الجوفية لينتشر الفشل الكلوي بين أهالي العزبة وجيرانها حيث قضى على 12فردا منهم (قطب محمد جابر، إبراهيم محسن سالم، قطب جابر حشيش، محمد كامل مكاوي، عبد الحميد أبو زينة، رمضان خطاب دنش، محمد خطاب دنش، محمد على المعاملي، حمدان فتحي المعاملي) في بحر السنتين الأخيرتين وهناك مجموعة أخرى من المصابين بالمرض منهم ( سعيدة متولي فايد، عبد الغني رمضان مرسي، عبد الستار محمود البياضى).
•ورغم قيام الفلاحين بإرسال عشرات الشكاوي لكبار المسئولين في الدولة ومحافظة البحيرة في وزارات الري، والبيئة، والصحة، والزراعة إلا أنهم عجزوا عن حل مشكلة واحدة من المشاكل التي تحاصرهم.
هذا ويسأل الفلاحين عن الطريق الذي يسلكونه للحصول على مياه ري نقية أو إصلاح ماسورة الري التي أتلفت عمدا من أربع سنوات أو الحصول على مياة شرب نقية أو تجنب الآثار المباشرة للخوض في مياه الصرف الصحي التي يروون بها زراعاتهم وتتسبب فى إصابتهم بأمراض الكلى. ]
وبتاريخ 12 إبريل 2012 نشرنا مقالا يطرح الأسئلة التالية على كبار مسئولي الري والإسكان والصحة ومحافظ البحيرة :
الرابط : ( http://tadamon.katib.org/2012/04/ )
[أسئلة ملحة لوزراء الرى والإسكان والصحة ومحافظ البحيرة :
إلى متى يظل الفساد مستوطنا مديرية الرى بالبحيرة ؟
هل تحركت مديرية الصحة لوقف طابور ضحايا الفشل الكلوى
من قرى عزبة الأشراك وأبو خراش أو التوصية باستئصال أسبابها ؟ ]
وبتاريخ 22 إبريل 2014 وجهنا للمسئولين عن التعاون في المحافظة اتهاما مباشرا وجهه الفلاحون لمن يديرون الجمعية الزراعية بالأشراك البلد موجزه أن :
الرابط : ( http://tadamon.katib.org/2014/04 )
[جمعية الأشراك الزراعية بالبحيرة تمتنع عن صرف تقاوى المحاصيل الصيفية للفلاحين ومديرها يشترط توقيعهم شيكات على بياض لصرف التقاوي ويساومهم على ترك أراضيهم لصالح ورثة حسن خطاب .]
وفى عام 2015 في شهري فبراير وأكتوبر نشرنا موجزا لدراسة تتعلق بتهريب مساحات هائلة من أراضي ماهتاب قادن ( سيدة متمصرة من أصول تركية كانت تملك حوالي 1600 فدان من أراضي المنطقة ، حيث لم تصادر الدولة سوي 509 فدان من هذه المساحة وزعتها على الفلاحين بنظام التمليك نظير دفع ثمنها على أقساط سنوية ؛ بينما لا يعرف كيف تسربت بقيتها بعيدا عن هيئة الإصلاح الزراعي التي كانت تقوم بتطبيق قانون الإصلاح علي أرض ماهتاب قادن آنذاك. وكيف يتواطأ عدد من متوسطي المسئولين في الإدارات الزراعية وغيرها على تحييز بعض تلك الأراضى المهربة في سجلات الجمعيات الزراعية المختصة..إلخ .
تقول عناوين موجز الدراسة في23 فبراير 2015:
الرابط : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=456641
[حملة جديدة على فلاحى عزبة الأشراك بشبراخيت والفلاحون يستعدون لها
.. أين ذهبت أرض السيدة ذات الأصول التركية ماهتاب قادن..؟
كيف استولى الكبار على الأرض قبل تنفيذ قانون الإصلاح الزراعي؟
بلغت ملكيتها 1600 فدانا لم يصادر قانون الإصلاح منها سوى 509 ؟
نقيب المحامين بالبحيرة يستخدم سلطة ابنه ضابط المباحث لإرغام الفلاحين على ترك الأرض]
بينما يقول الموجز في 19/10/2015 ما يلي:
الرابط : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=489119
[فضيحة جديدة لمغتصب الارض بشبراخيت بحيرة وللإدارة الزراعية بالرحمانية
70 فدانا محيزة بأسماء وهمية فى جمعية الأشراك البلد الزراعية بدون مستندات ملكية
بنت عمدة أبو خراش تتخلص من الأرض المهربة من الإصلاح الزراعى ببيعها للفلاحين
عمدة أبو خراش يوقف تطهير مصدر ري مئات الأفدنة رغم تصريح الزراعة بتطهيرها]
لقد ادعي ورثة تاجر البن ورجل السياحة حسن فهيم خطاب أنه اشترى 221 فدانا من وزارة الأوقاف في عام 1975 بعقد قسمة أي انه اشترها من الدولة ، وقبل ذلك التاريخ بست سنوات كان قانون الإصلاح الزراعي ( 50 لسنة 1969) قد حدد الحد الأقصي لملكية الأرض الزراعية بـ 50 فدانا للفرد ومائة فدان للأسرة ، فكيف باعت له الدولة ( الأوقاف) ما يزيد عن الحد الأقصى الذى نص عليه قانون الإصلاح..؟
لا يسعنا إزاء ذلك إلا أن نؤكد أن تعذيب الفلاحين يبدأ من الدولة ويمشي في ركابها كل اللصوص والمرتزقة والمرتشين وعدد من حكام الأقاليم والمتنفذين المحليين وغيرهم.
وبالنسبة لما نقله الخبر الأول عن وفاة رجل وستة نساء تتراوح أعمارهم ما بين 28 سنة و 50 سنة بمرض الفشل الكلوي الذى انتشر في المنطقة عموما وفى تلك القري علي وجه الخصوص بسبب ري الأرض بمياه الصرف الصحي من ناحية وبسبب اختلاطها بمياه الشرب فنؤكد أننا نتوقع أن فلاحي هذه المنطقة سيبحثون عن وسائل أخرى ناجعة لوقت هذا التعذيب الممنهج والذى يجري لهم بفعل فاعل دون جريرة ارتكبوها سوى أنهم يزرعون أرضهم ليوفروا لقمة الخبز لأمثالنا ولمن يُمْعِنون في التنكيل بهم ليل نهار.
الأربعاء 19 ديسمبر 2018 بشير صقر
لجنة التضامن الفلاحي – مصر