الجزء الثانى من مقال : نعم.. الدولة هى التى تقود وتنفذ عمليات طرد الفلاحين من أراضيهم وهدم المنازل فوق رؤوسهم.

أمثلة موجزة لدورالدولة فى قيادة طرد الفلاحين  من الأرض 

 

  أولا: المادة 2 من القانون 141 لسنة 1981 المعروف بقانون الحراسة: 

 

   أصدر مجلس الشعب عام 1974 قانون رفع الحراسة الأول رقم 69 بتوجيه من السادات مستهدفا مصلحة من خضعوا فى السابق لتدابير فرض الحراسة فى عهد عبد الناصر، وقد لاقت المادتان 2 ، 7 منه لغطا شديدا  أفضى لتعديل القانون بآخر عام 1981 .. وبالرغم من ذلك استؤنف اللغط بشأن المادة 2 من القانون الجديد (141).  

  كانت المادة المذكورة تتعلق بموضوعين مترابطين الأول هو سقف التعويض النقدى الذى حددته بديلا عن استرداد الأرض أو العقارات التى رفعت عنها الحراسة، والثانى هو الفئات المستثناة من تطبيق القانون أى من رد الأراضى التى رفعت عنها الحراسة. 

  كانت المادة صريحة فى موضوعها الثانى الخاص بالفئات المستثناة، لكنها قابلت اعتراضا شديدا ممن خضعوا لإجراءات الحراسة مضمونه هو( أن وضع سقف للتعويض النقدى " ثلاثين ألف جنيه" يبخسهم حقهم لأنه يقل كثيرا عن القيمة الحقيقية للأرض أو العقارات التى وضعت تحت الحراسة ) ومن ثم دفعوا أمام المحكمة الدستورية بعدم دستورية هذا النص وحصلوا على حكم يؤيد تقديرهم، لكنهم وبشكل متعمد سحبوا هذا الحكم على الموضوعين معا ( سقف التعويض، والفئات المستثناة من تطبيق القانون وهم الفلاحين ). ولذلك قام رئيس المحكمة الدستورية آنذاك الدكتور عوض المر بتوضيح: أن عدم الدستورية الذى تضمنه الحكم يتعلق فقط بسقف التعويض ولا ينسحب على الفئات المستثناة من القانون، بمعنى الالتزام بتحديد مبلغ التعويض على أساس القيمة الفعلية للأرض وليس بوضع حد أقصى جزافى، بينما يظل موضوع الفئات المستثناة ساريا ، وقد فسر رئيس المحكمة ذلك فى( مجلة المحاماة – عدد أغسطس 1994- الجزء الثانى صـ 34- 36 ) قائلا: ( إذا كان القضاء قد جرد أوامر الحراسة من كل قيمة وقرر انحدارها  لمرتبة الأعمال عديمة الأثر قانونا، فإن من غير المتصور أن تؤول فى أثرها إلى الانتقاص من حقوق هؤلاء الذين ناؤوا بعبئها) والمقصود هنا بهم الفلاحون الذين زرعوا الأرض عشرات السنين ورتبوا أوضاع حياتهم عليها.   ورغم أن هذا الموضوع شديد الوضوح والقطع وذائع الشهرة فى أوساط القانونيين خصوصا الحكوميين منهم فقد تم تجاهله تماما من جانب منفذى القانون وهم رجال الشرطة ، بل وتم  وضعه تحت الأحذية فى كل أراضى الحراسة التى تم طرد الفلاحين منها بدءا من عام 1997 إبان تطبيق قانون الإيجارات الزراعية الجديد.  

 

ثانيا: قانون الإيجارات الزراعية الأخير 96 لسنة 1992 :  

 

فى مجتمع كمصرفى منتصف القرن العشرين يمارس أغلب سكانه حرفة الزراعة وتتفاوت حيازة وملكية الأراضى الزراعية بين أفراده تفاوتا صارخا.. كان صدور قانون الإصلاح الزراعى عام 1952 يمثل تعديلا لهذا التفاوت من ناحية وحافزا للفلاحين على الإنتاج ورفع مستواهم الاقتصادى من ناحية أخرى.  ونظراً لضيق المساحة الزراعية منسوبة لمساحة الدولة ومنسوبة  لعدد السكان شكل هذا الإصلاح- برغم كل ثغراته وما شاب تطبيقه من سلبيات- خطوة هامة فى تغيير وجه المجتمع وتطوره فى جوانب عديدة..  

ونعتقد أن هذه الفكرة كانت ضمن أسباب أخرى  دعت النظام الحاكم الجديد لحل وسط.. بين استيلاء الفلاحين على الأرض بثورة شعبية كالتى جرت أحداثها فى الريف الفرنسى عام 1789.. وبين النظام الإقطاعى الذى كان قائما آنذاك فى مصر حتى منتصف القرن العشرين ، بمعنى أنه كان خطوة توفيقية بين شعار الأرض لمن يزرعها وبين نظام الإقطاع المصرى . 

وكانت حيازة الفلاحين المصريين للأرض الزراعية سواء بالتمليك أو بالاستئجار وحظر طردهم منها- طالما انتظموا فى دفع أقساط تملكها أو قيمتها الإيجارية المقررة- أحد أهم عوامل الاستقرار فى المجتمع المصرى آنذاك.

 

 لذلك كا