عبث الزراعة الحديثة

قتبس هذه العبارة من زميلنا د. أحمد زكى عضو لجنة التضامن الذى عنون بها واحدة من المقالات التى قام بترجمتها منذ 4 سنوات عن الأبعاد الدرامية التى وصلت إليها الزراعة التقليدية فى العقود الأخيرة ؛ والتى نعد لها هذه المقدمة لتعين القارئ على الإلمام بجملة الشروط التى تحكم الزراعة على النطاق العالمى فى عصرنا الحديث فى ظل الهيمنة المتسارعة لكبريات الشركات العاملة فى حقلى إنتاج وتسوبق مستلزمات الزراعة والمحاصيل الزراعية.

Ø فالزراعة بتعريف مبسط : هى عملية تصنيع ضوء الشمس والهواء والماء لإنتاج الغذاء.. مع الحفاظ على التوازن البيئى والتنوع البيولوجى والتى تمثل فى مجموعها شرطا للاستمرار الآمن للحياة.

Ø مع ملاحظة أن التدخلات الجديدة – فى القرن الأخير- التى يقوم بها البشر فى هذا التنظيم الطبيعى تفسد الغذاء والطبيعة معا ، وتفضى إلى تسميم وإمراض وقتل ملايين البشر لصالح حفنة من هؤلاء المتدخلين.

Ø وقد اسفر هذا التدخل على مدى قرن مضى عن تناقص العاملين فى مجال الزراعة بشدة .. لدرجة الشروع فى تعطيل العمال وإطعامهم بفوائض الزراعة .. على اعتبار أن التطور المتحقق فى إنتاجية الأرض يكفى لتحقيق هذا التصور؛ حيث تناقص عدد العاملين فى الزراعة من سكان العالم من 60 % فى بداية القرن العشرين إلى 40 % فى أعقاب الحرب العالمية الثانية.. حتى وصل إلى 2 % من السكان فى كل من أمريكا وأوربا حاليا.

وبمعنى آخر فإنه عندما يتم ابتداع تراتب ( نظام ) مصطنع لمفردات الزراعة فى أطوارها ( عهودها ) المستحدثة ؛ فإنه يتحول – بعد تكلّسه ( تماسكه ) – إلى نظام شمولى عالمى لا يمكن للزراعة الفكاك منه لأنه سيعتمد – فى التحليل الأخير- على مصادر الطاقة الأحفورية كالبترول والفحم .. التى تعطى المتحكم فيها دور المحتكر لمفردات الزراعة ( بمدخلاتها ومخرجاتها ) على النطاق العالمى. وبذلك يحاصر.. ثم يخنق التراتب الطبيعى الحالى لمفردات الزراعة .. ويخل بعملية التصنيع الطبيعى للطاقة الشمسية والهواء والماء فى إنتاج الغذاء ( غذاء الإنسان والحيوان ) .. كما يخل بالتوازن البيئى ويعرقل استمرارهما إلى مالا نهاية.

تتضمن المقالات التى قام بترجمتها عضوان من لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى ( أحمد زكى وخالد الفيشاوى ) المحاور التالية :

1- الأسمدة الكيماوية والمبيدات؛ والهندسة الوراثية ( البيوتكنولوجى ) فى مجال الزراعة.

2- أكذوبة تفوق الزراعة الحديثة فى الإنتاج وعلاقتها بالبطالة.

3- مياة الرى والشرب وعلاقتهما بالخصخصة.

4- التنوع والأمان البيولوجى والمصادر الوراثية والاتفاقيات الدولية الخاصة بالسلامة الحيوية.

5- الاحتباس الحرارى.

ويهمنا الإشارة إلى أن الصراع بين أنظمة الزراعة الحديثة ( التى ابتُدعت فى القرن الأخير ) والتى تعمل لصالح عدد محدود من البشر يملك ويسيطرعلى عدد من الشركات الكبرى متعددة الجنسيات وبين نظم الزراعة التقليدية التى استخدمها الإنسان منذ ظهور الزراعة ويستخدمها معظم الفلاحين على النطاق العالمى.. هذا الصراع محتدم وقائم على قدم وساق وتنعكس آثاره على كل فلاحى العالم بل وعلى كل مستهلكى الغذاء فى أركان الكرة الأرضية؛ لدرجة قيام أصحاب شركات صناعات البيوتكنولوجى بتوجيه تهمة الإرهاب لمنتقديهم بل ويطالبون بمحاكمتهم على هذا الأساس وفى المقابل ترتفع أصوات الكثير من العلماء والسياسيين والزعماء والآباء الروحيين بالتحذير من أخطاره المدمرة مثل:

– قول الزعيم الهندى المهاتما غاندى ” لا تستطيع تغيير العالم دون تغيير أسلوب حياتك ومعيشتك؛ والعمل على إدماج أعمال رمزية فعالة فى أشكال الصراع الجماهيرى”.

فضلا عن حكمته المشهورة ” يزخر العالم بموارد للغذاء تكفى لسد جوع كل فرد فيه ؛ لكنها لا تكفى لإشباع نهم كل الطامعين.”

جون زيجلر مسئول برنامج الغذاء فى الأمم المتحدة: ” الموت جوعا ليس قضاء وقدرا”.

فاندانا شيفا الإقتصادية والمفكرة السياسية الهندية : ” الخصخصة تؤدى إلى حروب المياة ” .

” مداهمة الجيش الأمريكى المحتل للقرى بحثا عن الأقماح العراقية لإعدامها وإجبار الفلاحين العراقيين على استخدام تقاوى الشركات الأمريكية من القمح “.

وسوف ننشر تباعا فى الأيام القادمة موجزاً لهذه الترجمات يوضح بجلاء شديد الدور الخطير الذى تلعبه تلك الشركات ووكلاؤها فى البلاد النامية وأثره المدمرعلى مستقبل الزراعة والبيئة والتنوع البيولوجى والفلاحين والأرض الزراعية.

الأربعاء 17 أغسطس 2010