عبث الزراعة الحديثة : ( 3 – 5 ) عن التوازن البيئى والتنوع البيولوجى ومجالاتهما الحيوية

بقلم : ومنيساهو نوداى , خوسيه لوتزنبرجر.. أكتوبر 98

ترجمة : د. أحمد زكى أحمد

عن التوازن البيئى والتنوع البيولوجى ومجالاتهما الحيوية

أصدر معهد جغرافية المحيطات الأسبانى ما يلى:

· ” سيطرأ تغير على مستوى الماء فى البحر المتوسط خلال الـ 50 سنة القادمة بارتفاع نصف متر”

· طرأ ارتفاع على درجة حرارة الماء والهواء والبحر المتوسط ما بين ( 0.12 – 0.50 ) درجة مئوية منذ بداية السبعنيات، وارتفاع فى مستوى سطح البحر منذ السبعنيات بمعدل (2.5- 11 ملليميتر) سنويا، وسيصل الارتفاع الى 12.5 سم خلال الـ 50 سنة القادمة.. أى عام 2048.

· زيادة ملوحة المياة فى المتوسط تعود لانخفاض كميات المطر المتساقط على المنطقة مؤخرا.

·ارتفاع مياة البحر المتوسط يهدد بكارثة اذا لم تتوقف تداعيات التغير المناخى؛ وقد ربط الخبراء بين ذلك وبين زيادة معدل تلويث مياة البحر المتوسط بسبب الصناعات غير الحريصة ( من كبريات الشركات الرأسمالية ) المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية التى ترفض التوقيع على اتفاقيات فى هذا الشأن.

منذ نصف قرن كتب خوسيه دى كاسترو:

” من لديه المال يأكل ومن يعوزه ( يفتقر إلى ) المال يموت أو يصبح معوقا، وهناك قاتل مقابل كل ضحية من ضحايا الجوع “

جان زيجلر:

( الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والدول ” المتحضرة ” تتصرف بطريقة متعارضة تماما مع هذه الإبادة الصامتة.)

· هناك مواجهة بين موقفين ( فى المؤتمر العالمى لحقوق الانسان ) ففى عام 93 أضيفت عبارة جديدة للأعلان العالمى الصادر فى 1948 هى ” الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مكملة للحقوق المدنية، وحاز ” حق الحصول على الغذاء” على موافقة جميع الدول (عدا الولايات المتحدة) وعلى أن يأتى فى الصدارة.”

· بورصة شيكاغو التى تسيطر عليها 6 شركات عابرة للقارات تحدد كل صباح أسعار الأغذية الرئيسية.

توافق واشنطون أو اتفاق واشنطن الخاص بالتجارة العالمية بين صندوق النقد الدولى والولايات المتحدة الأمريكية ومنظمة التجارة العالمية والشركات الكبرى ينص على 4 مبادئ:

1- الخصخصة.

2- تحريرالتجارة من القيود.

3- ثبات المؤشرات الاقتصادية.

4- تقليص الموزانات العامة للدول.

وتتمتع كل من المؤسسات المالية الآتية: بريتون وودز ومنظمة التجارة العالمية والخزانة الامريكية بقدارت مالية وسلطات تتجاوز بما لا يقاس قدرةعدد من منظمات الأمم المتحدة – مجتمعة- المهتمة بالغذاء والصحة والأطف
ال مثل الفاو، وبرنامج الغذاء العالمى، واليونيسيف، ومنظمة الصحة العالمية ولجنة الأمم المتحدة لحقوق الأنسان.

· مثال النيجر يوضح ذلك حيث تفسد سياسات وممارسات الصندوق أية محاولات لانتشال النيجر من أزمتها الاقتصادية والغذائية.

التنوع البيولوجى والتوازن البيئى

Biological diversity

الموارد الطبيعية هى التى تكفل للإنسان حياته بالشكل الذى يحقق جودتها واستمراريتها.

أنواع الموارد الطبيعية:

1- متجددة.. أى لها القدرة على العطاء المستمر كالنباتات والحيوانات.. وتعتمد على ضوء الشمس والماء.

2- غير متجددة أى تتناقص مع الاستخدام وليست لها القدرة على العطاء المستمر( المعادن- الوقود الحفرى كالفحم والبترول والغاز الطبيعى ) وتندرج تحتها الموارد التالية :

أولا : الغابات والزراعة:

· الغابات تحمى التربة من الجفاف ومن شدة البرد حيث كميات الأمطار والرطوبة والحرارة عالية.

· الغابات بنباتاتها وحيواناتها تمثل ثروة باقية للأحياء من البشر على امتداد الزمن، وبنكا للجينات الوراثية لتمكين الاستفادة بها فى إنتاج سلالات جديدة بعمليات التهجين الوراثى تكون ذات قدرات أعلى على مقاومة الأمراض والجفاف وعالية الإنتاج.

· التغيرات البيئية لاتؤثر بالسلب على المجموعات النباتية كثيرة التنوع عكس تأثيرها على المجموعات محدودة أو قليلة التنوع.

.النظام البيئى المتوازن يشمل العديد من الأنواع الأحيائية ( نبات، حيوان، حشرات وغيرها ) لكل منها دوره ووظيفته بشكل متكامل وشديد التماسك ، فإذا اختزلت بعض الأنواع اختلت الأدوار واهتز التوازن.. لذا فاجتثاث الغابات وتحويلها لحقول تزرع محصولا واحدا أو عدة محاصيل محدودة يُعد خطرا على استقرار التوازن البيئى.

* حياة المحاصيل فى الحقول تحتاج لرعاية خارجية ضد الآفات والحشرات بالمقاومة.

* أما حياة الأحياء فى الغابة فلا تحتاج رعاية خارجية لأن الدروة فيها متصلة؛ فعندما تأخذ الأشجار من الأرض عناصرها الغذائية.. وتأكل الحيوانات أوراق الأشجار فلا بدا أن تعود هذه العناصر للأرض من خلال موت وتساقط هذه الحيوانات وتحللها.

ومثال الأراضى الزراعية التى كانت تربتها غنية بمختلف العناصر الغذائية واستخدمها الإنسان فى إنتاج كميات هائلة من القمح والشعير ماثل أمامنا حيث أصبحت الأرض تفتقر لكثير من هذه العناصر نتيجة عدم تعويضها بالأسمدة العضوية التى استبدلت بالأسمدة الكيماوية.. حيث تحتوى الأخيرة على عدد محدود من العناصر بينما النبات يحتاج الى ما يقرب من عشرين عنصرا كانت موجودة قبل زراعتها زراعة مهلكة ومعتمدة على التسميد الكيماوى.

هذا عن زراعة الأرض بمحاصيل قليلة أما عن زراعتها بمحصول واحد كالصويا زراعة واسعة ودائمة فحدث ولاحرج.

ثانيا : الأحياء المائية:

تنقسم إلى 3 أقسام :

الأول : سلسلة الأحياء المنتجة: .. تبدأ بالطحالب البحرية والهائمات المجهرية وتنتج الأوكسيجين وتستهلك ثانى أكسيد الكربون .

الثانى : سلسلة الأحياء المستهلكة: كالأوليات ؛ ويرقات الأسماك ؛ والديدان الصغيرة ؛ ثم الأسماك الأكبر فالأكبر ….وتنتهى بالإنسان.

الثالث: سلسلة الأحياء المحللة: كالباكتيريا بأنواعها والفطريات.

1- تغطى مياه البحار والبحيرات والأنهار حوالى 73% من مساحة الكرة الأرضية وتزخر

المياة بعدد من العناصر… علاوة على ما تحتوية الكائنات البحرية من عناصر أخرى، وهى مصدر متجدد دائم لكثير من العناصر الغذائية والكيماوية فضلا عن كائنات ومواد أخرى متعددة الأغراض ( اللؤلؤ، والمرجان، الإسفنج والصدف ).

2- وتمثل دورة الماء العذب – بين الأرض والجو والأحياء والمسطحات المائية – عنصر اتزان حيث تحتفظ الدورة للأرض حرارتها وتشعها بفضل احتفاظ الماء بالحرارة وفقدها ببطء مما يساعد على استمرار وتيسير الحياة على الكرة الأرضية بل فى داخل المياة ذاتها.

3- فضلا عن دور مياه البحار والمحيطات من ترشيح ما يصل اليها من اليابسة من مياه ملوثة وإعادة استخدامها مرة أخرى فى دورة جديدة بين كثير من الكائنات الحية.

4- كما تقوم الطحالب البحرية الطافية على أسطح المحيطات بمد جو الأرض بكميات متجددة من الأكسجين أثناء قيامها بعملية التمثيل الضوئى.. وتلطيف درجة الحرارة.

5- وتمثل كثير من الأحياء البحرية النباتية والحيوانية والحشرية زادا هائلا من الغذاء.

6- كذلك تقوم الفطريات والباكتريا البحرية بتحليل الكائنات الميتة وتحويلها إلى عناصر غير عضوية يعاد استخدامها فى بناء أجسام الطحالب ( الأكسيجين، ثانى أكسيد الكربون ،الشمس ).

7- والطحالب ( خضروات البحر) تعتبر غذاء للإنسان والحيوان ومرعى للأسماك ومصدر للعقاقيروالأملاح والمعادن والأصباغ والفيتامينات وبالذات فيتامين( أ ) واليود.. بل ومصدرا لبعض المضادات الحيوية لبعض الفطريات والباكتيريا ومنها تصنع مادة الآجار متعددة الأغراض المعملية والحيوية.. بل وتدخل فى تصنيع المواد الحافظة للأغذية وفى العقاقير.. كما تصنع منها مادة الالجين التى تدخل فى صناعة الأنسجة المقاومة للحريق والبلل والأغراض العسكرية.. بل وفى علف الحيوان، ( الأسماك وحدها القادرة على صنع زيت السمك بعد التهامها للطحالب ).

8- تتدرج الكائنات البحرية فى تطورها.. بل وفى تغذية بعضها على بعضها الآخر الأدنى مرتبة ( التونة- السالمون- الأسماك الصغيرة- الهائمات البحرية الحيوانية- الهائمات البحرية النباتية) وتوضيحا لذلك نذكر: أن كيلوجرام التونة ينتج من التهام 10 كيلو سالمون، فمائة كيلوجرام من سمك أصغر ، فألف كيلو من الديدان والقشريات ، فعشرة آلاف كيلو من الهائمات البحرية الحيوانية التى تتغذى على مائة ألف كيلو من الهائمات البحرية النباتية. أى أن كل حلقة من سلسلة هرم الغذاء ينتقل منها 10 % إلى الحلقة الأعلى ( التالية لها ) .. وهكذا .

ولذا يلزم التعامل مع البحار والكائنات البحرية بمنطق الزارع لامنطق الصياد وتجنب تلويثها.. لتزداد الثروة الآتية منها بازدياد تكاثرها وحتى لا تصبح مثل بحيرات أمريكا الشمالية التى تم تحريم الصيد فيها نظرا لتسمم الأحياء التى تعيش فيها بالمواد التى تلقى فيها بكثافة.

ثالثا : الحياة البرية:

أ- الأحياء البرية ( نباتية وحيوانية ) فى البرارى والغابات والصحارى واحدة من أهم الموارد الطبيعية.. وهى مهددة بالفناء بفضل التوسع العمرانى وسوء استغلالها.

ب- لكل نوع من الكائنات الحية دور فى استمرار التوازن البيولوجى حتى الضوارى والذئاب والثعابين لها دور .. حيث تحمى المراعى من الانقراض وتقلل عملية الرعى الجائر ( الزائد عن الحد ) لقطعان الحيوانات العشبية.

جـ- وبسبب الصيد الجائر واستخدام المبيدات الفتاكة انقرضت أنواع حيوانية عديدة.

د- إنشاء المحميات الطبيعية للحفاظ على ما تبقى من الأنواع الحيوانية والنباتية جاء كرد فعل لانقراض الكثير منها.

ه- وتعد هذه الأنواع النباتية والحيوانية ذخيرة للأجيال القادمة وبنكا وراثيا دائم التجدد وحقلا للبحث العلمى ومتنزهات ترفيهية وعلمية للإنسان.

رابعا : الثروة البشرية :

وهى المورد الذى تعتمد عليه الأمم فى نهضتها لأنه القادر على استثمار الموارد الثلاثة السابقة.

وتصنف الأمم استنادا الى التفاعل بين الموارد الطبيعية والثروة البشرية الى الأقسام الأربعة الآتية:

1- أمم غنية/ غنية.. حيث تكتمل فيها مصادر الثروة الطبيعية مع الثروة البشرية فتحقق لها التقدم (مثل أوربا- أمريكا الشمالية)

2- أمم غنية/ فقيرة.. أى غنية فى مورادها الطبيعية فقيرة فى إمكانياتها البشرية التى تتيح لها استثمار هذه الموارد ( مثل دول الخليج العربى).

3- أمم فقيرة/ غنية.. أى فقيرة فى مورادها الطبيعية غنية فى إمكانياتها البشرية (عقول- خبرات) ( مصر – الهند)

4- أمم فقيرة/ فقيرة أى فقيرة فى الموارد الطبيعية والثروة البشرية ( دول أفريقيا الصحروية- تشاد- الصومال).

الاتفاقية الخاصة بالتنوع البيولوجى تم التصديق عليها 22/5/1992:

وتهدف الى:

1- تناول كل أوجه الحفاظ على التنوع ، والاستخدام المستمر لمكوناته، والمشاركة العادلة والمنصفة فى عوائده بدلا من احتكارها.

2- الالتزام بتحقيق الموزانة بين الحاجة للحفاظ على التنوع وبين دواعى التنمية كجزء من الحاجة الوطنية للتنمية المستدامة.

3- الالتزام من جانب الدول الموقعة باتخاذ الاجراءات العملية اللازمة للحفاظ على التنوع ( بانشاء مناطق= محميات، وحماية – وإن لزم استرجاع- الأنظمة الحيوية والمواطن الطبيعية والسلالات المهددة بالانقراض .. والتحكم فى المخاطر الناجمة عن استخدام التركيبات العضوية الحية المعدلة أى المعدلة وراثيا.

هذا وقد تم التصديق على بروتوكول كارتاجينا فى يناير1999 للمساعدة فى تقليل المخاطر الناتجة عن تداول ونقل التكنولوجيا الحيوية الحديثة.. التى تؤثر بشدة على التنوع البيولوجى وعلى صحة الانسان.

موقع اللجنةالإلكترونى:www.tadamon.katib.org

إيميل اللجنة:egyptianpeasantsolidarity@gawab.com