مرة أخرى .. مع جرائم الإبن الجامح لوزارة الزراعة المصرية .. و تقرير جهاز المحاسبات
الموجز فى عناوين :
التقرير يعرى أهم فضائح النظام الحاكم .. فى مجال السطو على أراضى الدولة
الهيئة العامة لمشروعات التعمير تبدد عمدا الفرص الثمينة للتوسع الأفقى فى الزراعة
مجلس إدارة الهيئة يضم عشرة وزراء ويخرق القانو ن بشكل يومى
توقف عن عقد اجتماعاته 16 شهرا ، ويجتمع طيلة 3 شهور رغم صدور قرار بحله
الهيئة لا تملك حصرا بمن أبرمت معهم عقود بيع الأرض ولا بالمتعدين عليها والمخالفين
الهيئة تخصص الأرض للزراعة و تعطيها لغير الفلاحين
وتتعامى عن استخدامهم لها فى أغراض غير زراعية
تهدر المياة الجوفية ، وتتجاهل الاستهلاك المفرط لمحطات الرى والصرف وشبكاتها
وتتواطأ على مخالفات العقود المبرمة .. وتتجنب إزالة تعديات الكبارومخالفاتهم
مخالفة ضوابط الرى فى منطقة واحدة تبدد من المياة ما يساوى 261 مليون جنيه سنويا
عمليات التعدى شملت 111 ألف فدان فى 12 محافظة
وزير الزراعة يصدر قرارات إزالة لبعض المخالفات ويتراجع عنها دون أسباب واضحة
قرار رئيس الوزراء بتسعير الأرض ملئ بالتجاوزات القانونية والفنية والسياسية:
يضيع على الدولة 77 مليار جنيه
ويفتح الباب.. لعصابات السطو المنظمة على الأراضى.. للقضاء على مستقبل الزراعة
يخرب البنية الأساسية لمشروعات الرى والصرف ويهدر مياة الرى النهرية والجوفية
ويحرم الفلاحين المعدمين من زراعة الأرض.. ويسلب منهم ما استصلحوه منها
ويدعم رجال الأعمال و لا يحاسب المخالفين منهم
مراجعو جهاز المحاسبات يحددون:
- عشرات المخالفات القانونية ارتكبتها الهيئة وإدارتها
- وأكثر من اتهام لرئيس الوزراء
- وعديد من التوصيات.. تتجاوز وزارات الداخلية والعدل والزراعة ومجلس الشعب
– بإنشاء قوة أمنية للوقاية من التعديات على الأرض والمياة وإزالة المخالفات
– وإصدار تشريع يجرم التعديات والمخالفات ويغلظ عقوبتها
– تحديد وتوحيد جهة الولاية على الأرض وتغيير مجلس إدارة الهيئة لتحقيق الصالح العام
– والتنسيق بين الجهات المعنية بالأرض فى التسعير وإنهاء المشروعات وإزالة المخالفات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء الأول :
أسئلة من واقع تقربر جهاز المحاسبات
تبحث عن إجابات واضحة من هيئة المشروعات العمرانية والتنمية الزراعية
1- مم يتشكل مجلس إدارة الهيئة.. ومن يصدر قرار تعيينه.. ومن يرأسه؟
2- ماهى الشركات والهيئات التى اشترت أو وضعت يدها علي الأرض الموجودة تحت ولاية الهيئة منذ صدور القرار الجمهورى 154 فى عام 2001، ومن هم أصحابها الحقيقيون؟
3- ماذا يعنى صدور قرار من وزير الزراعة ( 171 فى 12 فبرلير 2008 ) بإزالة مجمعة لمنطقة بالكامل تبلغ مساحتها مائة ألف فدان جنوب وادى النطرون ( محافظة البحيرة ) , وقرار آخر ( 1062 فى 8 / 7 / 2007 ) لمساحة 37 ألف فدان بنفس المنطقة ، وهل تمت إزالة المخالفات؟
4- ماذا يعنى صدور 112 قرار إزالة لم ينفذ منها حتى يونيو 2010 سوى 34 قرارا ؟ وما هو السبب الفعلى لما يسمى تأخر الدراسات الأمنية ؟!
5- كم مسئولا حاليا ، ومسئولا سابقا ، وكم ضابطا، وكم قاضيا ، وكم قريبا ( إبن أو صهر ) لوزير أو مسئول يملكون هذه الشركات؟
6- هل هناك أراض تم التعدى عليها جنوب الحسينية شرقية وجنوب بور سعيد ولم يصدر بشأنها قرار بإزالة التعديات؟ وما مساحتها .. وما السبب؟
7- هل سبق لوزير الزراعة أن أصدر قرارا برقم 835 فى 2 سبتمبر 2008 لإزالة التعديات عن 871 فدانا بمركز أدفو بمحافظة أسوان ، ثم قام بإلغائه بالقرار 1153 / 2008 دون إبداء الأسباب.. من هم المتعدون ولم تم التراجع ؟
8- ماهو عدد الشركات المخالفة وما مساحة الأرض التى تم التعدى عليها وما المحافظات التى تتبعها ؟
9- هل سبق للهيئة عام 2005 أن رفضت بيع 30 ألف متر مربع عند الكيلو 60 طريق القاهرة / الإسكندرية ( غرب ) لمسعود نصيب الله وابنه صالح لاستخدامهما فى أغراض غير الاستصلاح والاستزراع ؟ ولماذا باعت الهيئة بالمخالفة للقانون 143 / 1981 مساحات أخرى لاستخدامها فى أغراض غير زراعية ؟!
10- هل وقعت مخالفات أخرى للقانون 143 لسنة 1981 الذى تفيد المادة 13 منه بـ : العقود المبرمة للمنتفعين بالأرض تكون بالايجار لمدة 3 سنوات وبغرض الاستصلاح والاستزراع فقط ضمانا للجدية التى إن ثبتت يتم استبدال العقود بأخرى تمليك ويعتبر الإيجار المدفوع جزءا من ثمن الأرض؟ أو فسخ العقد تلقائيا إن لم تثبت الجدية؟ّ!
11- منْ منَ المستفيدين بهذه الأراضى يملك إمكانيات إقامة منشآت سياحية وملاعب جولف وأماكن ترفيه ومنتجعات وحمامات سباحة ؟.. هل هم عمال الزراعة وفقراء
الفلاحين أم علية القوم ورجال الأعمال وحيتان الانفتاح.
12- هل أجّرت الهيئة 102 فدانا لشركة الحصاد للمشروعات الزراعية فى 25 يوليو 1992 لاستصلاحها واستزراعها ؟ وهل استمرت الشركة فى الالتزام بنصوص العقد أم أقامت على الأرض مول تجارى بارتفاع 16 مترا ، وفندق بارتفاع 20 مترا ، ومحطة خدمة سيارات ومسجد ا على مساحة 4600 مترا ؟! وما الإجراءات التى اتخذتها الهيئة بالمقابل؟
13 – من يملك شركة الريف الأوروبى للتنمية الزراعية عند الكيلو 49 طريق القاهرة / الإسكندرية ( شرق ) ؟
- وهل أبرمت الهيئة معها عقود بيع نهائية ( مسجلة ) بمساحة 3103 فدان عام 2005 ؟ وهل اشترط عقد البيع على الشركة:
– عدم بيع الأرض لطرف ثالث لمدة 7 سنوات.
– أو تقرير أية حقوق عليها أو تمكين الغير منها إلا بموافقة الهيئة.
– وفى حالة المخالفة تؤول الأرض للهيئة بما عليها من منشآت دونما حاجة لفسخ العقد أو لأحكام قضائية.؟
- وهل أخلّت الشركة ببنود العقد وباعت 500 فدانا من الأرض لشركة أخرى بعد سنة واحدة ( 2006 ) من إبرام العقد ، و هل قامت بتحرير توكيل للشركة الجديدة للتعامل بموجبه مع الهيئة، وهل قامت الشركة الجديدة بتقسيم الأرض لقطع صغيرة لبيعها كأراضى لبناء فيلات؟
- وهل قام المركز الوطنى المسئول عن استخدامات الأراضى على النطاق القومى بمخاطبة الهيئة لفسخ العقد المبرم مع شركة الريف الأوروبى منذ 3 سنوات؟
- وهل استجابت الهيئة ( التى يضم مجلس إدارتها 10 وزراء وستة من كبار المسئولين ) حتى الآن لتوصية أو لنصيحة أو لتعليمات أكبر هيئة مسئولة عن تخطيط استخدامات الأراضى فى مصر أم ألقتها فى سلة المهملات ؟ ولم؟!
- ألا يوجد بهيئة المشروعات العمرانية والتنمية الزراعية قانونيون يدركون أن تسجيل عقد البيع ليصبح عقدا نهائيا يلغى فى نفس اللحظة جملة الشروط التى تضمنها العقد بل ويحولها إلى حبر على ورق من الناحية العملية؟ .. ومن المسئول عن ذلك ؟ وهل تم التحقيق بشان الواقعة لاسترداد الأرض أم ” انكفأ على الخبر ماجور” كما يقولون؟!
14- هل يستطيع فقراء الفلاحين ومن لا يملكون القدرة على اقتناء المعدات الزراعية العملاقة ( كطلمبات الرفع ؛ وماكينات الرى؛ والبولدوزرات والأوناش واللوادر المستخدمة فى تسوية الأرض) وعلى تكلفة دق مواسير الآبار وشبكات الرى وأدواتها ) هل يستطيعون الوصول إلى الأغلبية الساحقة من هذه المناطق؛ وإن وصلوا هل يمكنهم البقاء فيها مع أسرهم .. وكم عددهم ؟
15- ماهى المساحات التى وصل إليها فقراء الفلاحين مقارنة بما حصل عليه رجال الأعمال من غير الفلاحين وفى أية مناطق ؟ أليست أغلبيتها أو كلها على تخوم المحافظات ؟
16- هل قامت الدولة بتنفيذ القانون فيما يخص تعويض من تم طردهم بقانون الإيجارات الزراعية 96 / 1992 من أراضيهم التى كانوا يستأجرونها ؟ وكم عدد أو نسبة من تسلم منهم أرضا فى المناطق الجديدة موضوع التقرير؟ وهل أوفت الدولة بشروطها مع من حصلوا على بعض هذه الأراضى بشأن دعم عمليات غسل التربة وفترة السماح ؟.. أم تركتهم فى العراء وسعت فيما بعد لتجريدهم منها.؟!
17- ماهى القواعد الاقتصادية والمالية التى تحكم عمل لجنة تثمين أراضى الدولة على وجه التحديد وهل يتم تطبيق روحها وبالتساوى على جميع المواطنين؟! و كيف يتم تشكيل هذه اللجان؟
– وهل كانت اللجنة فى عام 1999 قد ثمنت الأرض التى تقع ضمنها المساحة التى باعتها الهيئة لشركة بيرفكت موتورز- فيما بعد فى – 29 / 8 / 2005 بمائة جنيه للمتر المربع ، ثم عادت فى عام 2006 وخفضت ثمنها إلى 75 جنيها / م ؟
– وهل أعادت اللجنة الدائمة – التى تراجع تقديرات لجنة التثمين – رفع ثمن المتر فيما بعد إلى 105 جنيه / م ؟
18- هل ترى الهيئة أن الوقائع التى رصدها تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات مؤخرا صحيحة أم خاطئة؟ وهل تقربما جاء فيه :
– من مخالفتها للقانون رقم 143 / 1981فى إبرام العديد من العقود الخاصة بالأرض؛ وتقاعسها حتى 30 يونيو 2010 عن التفتيش عن التعديات والمخالفات على الأرض والمياة رغم مخاطبة المركز الوطنى المسئول عن تخطيط أراضى الدولة لها منذ أكتوبر 2009 ؟ مثل مخالفات التعديات ؛ وتغيير النشاط ، والمزارع السمكية التى تعد من أخطرها لأنها تتجاوز الجوانب المالية إلى إهدار المياة الجوفية وتأثيرها الضار على خواص التربة، علاوة على مخالفات نسب البناء على الأرض، وغياب تنسيقها مع الجهات المعنية بالأراضى قبل صدور قرار رئيس الوزراء رقم 2843 عام 2009؟ وما هو ردكم عليها؟
– وتقصيرها فى متابعة التصرفات التى قامت بها فى الأرض الموجودة تحت ولايتها؟
– وعدم التزامها بنصوص القوانين التى تحكمها باعتبارها جهة الولاية على تلك الأراضى التى بموجبها يتم إبرام العقود.؟
الجزء الثانى :
فى التفاصيل تكمن الشياطين
ملاحظات خطيرة ومآخذ شديدة لمراقبى الجهاز المركزى للمحاسبات
على قرار رئيس الوزراء رقم 2843 / 2009
بمثل ما دبجت هيئة المشروعات العمرانية عقد بيع نهائى لـ 3103 فدان مع شركة الريف الأوربى وأطلقت يدها فى التصرف ببيع الأرض التى اشترتها من الهيئة لشركات أخرى ووضعت عددا من الشروط لا تساوى الحبر الذى كتبت به ذرّا للرماد فى العيون وإيحاء بالحرص على استخدام الأرض فى أغراضها الحقيقية.. قام رئيس الوزراء فى عام 2009 بإصدار قرار بتسعير كل الأراضى التى تحت ولاية الهيئة بالأسعار التى كانت سارية قبل ذلك بثلاث سنوات (2006 ) متجاهلا إشراك وزارة الرى فى عملية التسعير ووضع للهيئة بذلك مبررا قانونيا لبيع الأرض بما يضيع على الدولة 77 مليار جنيه ؛ وضمّن القرار عددا من البنود تفتح الطريق على مصراعيه للسطو على الأراضى متجاهلا النص على كثير من القواعد والضوابط فى الالتزام بأهداف الاستصلاح والاستزراع وفى عمليات التقنين ومعالجة التعديات والمخالفات وكيفية استخدام المياه وصرفها؛ والحفاظ على العمر الافتراضى للبنية الأساسية لشبكات الرى والصرف وصيانتها.
ولذك جاء تقرير جهاز المحاسبات ليعدد كل هذه المآخذ التى لا يفصلها عن توجيه الاتهامات سوى خيط أشبه بخيط العنكبوت وربما لايفصلها شئ عنها سوى الحياء حيث يقول:
1- أسقط القرار فى مادته الأولى الإشارة إلى قوانين الرى والصرف التى تتضمن ضوابط الرى الحديث وضوابط الصرف والتى من شأنها الحفاظ على المياة من الهدر وعلى مرفقى الرى والصرف من الاستهلاك المبالغ فيه.
2- وعند النص على عملية التقنين لم يشمل ذلك كل حالات وضع اليد ، ولا كل مشاكل الاعتداء على الأراضى ( بمعنى وجود ثغرات فى الحالتين وضع اليد والاعتداء تتيح الفرصة للإلتفاف على قواعد التقنين والتمادى فى الاعتداءات ) .
3- كما أغفل التعويض المفترض عن آثار عمليات التعدى على شبكات الرى والصرف؛ والغرامات المقررة فى حالة المخالفة، وتجنب تحديد كيفية تحمل طالب التقنين المساهمة فى نفقات تأهيل وصيانة الشبكات وتعديل المحطات لكى تستجيب لتبعات عملية التقنين وآثارها.. (خصوصا لمن نسميهم – تجاوزا- بالمستثمرين .)
4- رغم صدور القرار فى نوفمبر 2009 وتناوله لعملية تسعير الأرض إلا أنه لم يحدد الثمن السارى وقت صدوره أساسا للبيع أو للتأجير أو الانتفاع .. بل حدد السعر الذى كان ساريا قبل ثلاثة سنوات وهو ما تسبب فى إهدار ما يزيد عن 77 مليار جنيه كانت كفيلة بعلاج نصف مشاكل الشعب المصرى المتعلقة بأسعار الغذاء والدواء.
وإذا ما عرفنا أن أن الأغلبية الساحقة للمستفيدين من هذه الأراضى ليسوا من فقراء الشعب ولا من معدميه ولا ممن يعملون بمهنة الزراعة ولا ممن جارت عليهم الدولة بطردهم من مصدر رزقهم الوحيد ( الأرض ) إبان تطبيق قانون الإيجارات الزراعية 96 / 1992 ويشكل التساهل معهم فى الثمن دعما ضمنيا وتعويضا عن تجريدهم من أراضيهم وتشجيعا لهم على استصلاح الصحراء والتخفيف عن أرض الوادى وتقليل الكثافة السكانية فيه ؛ ، فإن التفريط فى 90 % من ثمن الأرض لأثرياء المجتمع يعد فى أكثر التعبيرات تهذبا نوعا التدليل المجنون إن لم يكن نوعا من الانحياز الكريه والإصرار على دفن هؤلاء المنتجين للغذاء أحياء، ولهذا وجب التصدى لهذا الانحياز وتلك الفوضى حماية للفقراء من الفناء وتقديرا لدورهم فى مغالبة الظروف القاسية وتعمير الصحراء وزرعها بالمنتجين لا بالمدللين.
الجزء الثالث:
تعقيبنا على ما تقترفه
هيئة المشروعات العمرانية والتنمية الزراعية
ووزير الزراعة ورئيس الوزراء
يثير تقرير مفتشى الجهاز المركزى للمحاسبات بشأن الأراضى الواقعة تحت ولاية الهيئة العامة للمشروعات العمرانية والتنمية الزراعية ومساحتها 3,4 مليون فدان من الأراضى القابلة للزراعة والمخصصة للاستصلاح والاستزراع كثيرا من القضايا السياسية والاقتصادية والزراعية والاجتماعية يهمنا أن نشير إلى بعضها فى السطور التالية :
أولها: وأهمها هو حالة النهم والجشع التى تجتاح أثرياء المجتمع المصرى ملاكا وحكاما وتتفاقم بمرور الوقت :
- فلم يعودوا يكترثون بما يعانيه شعب سقط أكثر من نصفه تحت خط الفقرولا بما يسفر عنه استمرار ذلك الوضع دون انفراج ، فالجميع يتصرفون كما لو أنهم مقدمون على هروب جماعى وشيك.. فالشركات الصناعية يتم طرد عمالها بطرق متعددة وبيعها لأى مشتربشرط أن يدفع بينما يقوم المشترون بتدميرها كمؤسسة صناعية و بيعها أنقاضا وأرضا للبناء.
- وثروات الوطن الطبيعية يتم التصرف فيها بيعا لكل عابر سبيل كالغاز والبترول.
- والسلع الصناعية يتم تصريفها لمن يطلب ولو كان لبناء جدار أسمنتى يمزق وطن أشقائنا الفلسطينيين.
- وفى الزراعة :
– يتم تقسيم الأراضى المتاخمة ( الملاصقة ) للوادى وبيعها بأسعار رمزية (10 % من الثمن ) للقادرين والمالكين والحاكمين والفاجرين ليستخدموها فى كل الأغراض المربحة ماعدا الزراعة إلا فيما ندر.
– بعد استيلائهم على الساحل الشمالى بأكمله.. ليكون منتجعا لهم ولبنيهم .
– وشروعهم فى السطو على الظهير ( الزراعى والصناعى والعمرانى ) الذى يليه جنوبا.. كما هو الحال جنوب بور سعيد والإسكندرية وبموازاة الساحل الشمالى.
– وذلك بعد إطلاق يدهم منذ عهد السادات كالذئاب الجائعة فى أرض الوادى القديم والدلتا ليعيثوا فيها غصبا وانتهاكا؛ تلك الأراضى التى كانت باكورتها أراضى الإصلاح الزراعى بنوعيها ( الحراسة والاستيلاء) ، وأراضى الأوقاف بنوعيها ( العامة والأهلية).
– والتضييق المستمر على مستأجرى أراضى الائتمان ( العادية) وملاكها الفقراء والصغار والمتوسطين، وحصارهم وخنقهم .. ليتركوا مهنة الزراعة نهائيا وذلك برفع تكلفتها من ناحية ( أسعار مستلزمات الإنتاج ، والإيجارات الزراعية ؛ والقروض البنكية ) وفى نفس الوقت احتكار تجارة إنتاجهم الزراعي وخفض أسعاره أو وقف ارتفاعها بما يحول دون استمرارهم فى الزراعة من ناحية أخرى بما يدفعهم للتخلص من أرض تتدهور جدواها الاقتصادية باستمرار.
– وبذلك يتم القضاء على نمط الإنتاج الفلاحى الصغير ويتحول جزء من الفلاحين إلى عمال فى المزارع الكبرى ومعظمهم إلى مشردين .
* باختصار لا يمكن لمسئول بهذا الوزن أن يصدر قرارا مهلهلا بهذه الكيفية .. مليئا بالرتوق والثغرات والعيوب .. ولا يجد مراقبو جهاز المحاسبات صعوبة لتفنيده وتعريته وفضحه ،.. إلا ويكون مقصودا به أن يخرج بهذه الحال؛ فالقرار له مبرراته وله أهدافه .
وحيث تصدر الدولة فى أحوال ومجالات ولأغراض أخرى من القرارات والقوانين ما لا يترك ثغرة واحدة ينفذ منها مواطن بل ينفذ منها الهواء كما هو الحال فى قوانين وقرارات الترشح وإجراء الانتخابات بكل أنواعها.
كما لا يمكن لهيئة حكومية كبرى ودائمة كالتى يتحدث عنها تقرير جهاز المحاسبات وتتحكم فى فائض الأرض المخصص مستقبلا للزراعة ويضم مجلس إدارتها عشرة وزراء منهم وزيرى الزراعة والرى وستة من كبار المسئولين ولها سكرتارية متسعة متنوعة التخصصات والمهارات تتابع عمل الهيئة.. وتحضّر لاجتماعاتها.. وتتابع قراراتها وتوصياتها .. ولا تترك شاردة ولا واردة إلا وتضعها تحت بصر الهيئة؛ لتكون قرارات الأخيرة صائبة ومحققة للصالح العام..
لذلك لا يمكن لها أن ترتكب هذا الكم من الجرائم وتوجه إليها من الاتهامات ما يذهب بأضعاف أعضائها ليس وراء القضبان بل إلى جهنم إلا بتفسير وحيد هو أن ما يجرى فيها وبها.. شئ مقصود تماما ومتعمد .
ثانيها: الموقف من المعدمين الذين ” طفشوا ” من قراهم بعد فقدان أراضيهم إلى الأراضى الجديدة أو اشتروا مساحات من الأرض من البدو منذ عشرسنوات على الأقل
لأنه عندما يفقد الفلاح أرضه غالبا ما يفقد منزله وحتما يفقد كيانه الاجتماعى وهويته ، فالفلاح فى كل الأحوال.. رغم بساطته ومحدودية وعيه .. يشعر بشكل فطرى أنه وُلد فى القرية ليبقى فيها وأن صلته بالأرض تحققت مثلما نشأت صلته بأمه تماما؛ فقد كان يرضع ثديها ثم استأنف الصلة بشكل آخر مع الأرض .. فالأرض أم عائلته بكل أفرادها ، وهذا الإحساس لا يتولد لدى العامل أو الحرفى أو المهنى لأن كل تلك الأعمال يمكن ممارستها فى أى مكان؛ بينما الزراعة لا تمارس إلا فى الأرض ( فى القرية ) التى تختلط فيها المشاعر الأسرية بالجيران بالحيوانات بالأرض بالماء بحرفة البذر والغرس والرعاية والحصاد.. ومن هنا ففقد الأرض يعنى فقد الأهل والمنزل والقوت والصحبة و التاريخ والأمان والوطن.. فقد كل شئ .. فقد الحياة.
لذا لا يترك الفلاح أرضه مهما حدث إلا كرها وغصبا ، وإن فقد أرضه لابد أن يغادر قريته ساعيا لأن يخلق وطنا آخر.. حياة أخرى؛ ولقد ” طفش ” كثير من الفلاحين من قراهم منذ عام 1997 بعد تنفيذ قانون الإيجارات الزراعية 96 / 1992 ولجأ بعضهم لمناطق الأراضى الجديدة فى سيناء والشرقية والصالحية والنوبارية ومطروح وغيرها بحثا عن أرض يزرعونها وعن وطن يخلقونه.
استأجر بعضهم مساحات صغيرة من الأرض أو اشتغلوا عمالا بالأجر فيها حتى اشتروها أو اشترى بعض من كان له مدخرات محدودة أرضا من البدو( الذين يضعون أيديهم عليها ) ، وظلوا بها منذ ذلك الوقت حتى الآن، وحدث ذلك أيضا من بعض الفلاحين فى الصعيد حيث استصلحوا مساحات متاخمة للصحراء أو الجبال واستزرعوها حتى صارت منتجة وذلك دون أية وثائق تحدد صلتهم أو تاريخهم بها . بعدها فوجئوا بمن يطالبهم بمغادرة الأرض التى ادخروا عافيتهم فيها أياما وسنينا صعبة .. بدعوى أنها ملكية الدولة .
وفى الحقيقة منذ بدأوا استصلاحها لم يذكرلهم أحد بأن الدولة تملك الأرض لكنها بعد أن بدأت فى الإنتاج ظهرت الدولة فى شخوص من يتلمظون عليها وهكذا يعاود الفلاحون الكرة ويتعرضون لمن لا يريد أن يكون لهم وطن، فتنهال عليهم دعاوى النبذ والإستبعاد و تتعدد المبررات وتتنوع .. فتارة يوصمون بأنهم أنوية العشوائيات المقبلة؛ أو ملجأ المطاريد ؛ ومأوى الخارجين على القانون ؛ بل وفى بعض الحالات عيونا قد تتلصص على الوطن.
بينما الأمر لا يعدو كونهم الحيطة الواطية فى الصراع بين ضباع السطو على الأراضى وضواريه فقد اشتروا الأرض من واضعى اليدعليها الذى لا يملكون من الوثائق ما يثبت امتلاكهم لها ، وبذلك يتم حشرهم حشرا بين كل المعتدين على أراضى الدولة ويتم خلطهم بكل لصوص الأراضى؛ بينما هم الوحيدون الذين يسعون لزراعتها وتعميرها عن رغبة وقدرة حقيقية.. لأنهم ملح أرض أخرى.. فقدوها ولم ترحمهم الأيام وتغير السياسات والقدر من هذا المصير المظلم هؤلاء هم الفئة الوحيدة من التى تستحق أن تزرع الأرض فهم القادرون على ذلك فعلا مهما وجه البعض لهم من اتهامات بالاعتداء على ملكية الدولة وهم الأجدر بتقديرهم والانحناء لهم تقديرا واحتراما.
ثالثها : لمن يميل الميزان للحفاظ على غذاء الشعب وعلى أمن الوطن؟
- فى السياسة .. عندما يكون هناك قطاعان من المجتمع أحدهما يمثل جانبا كبيرا من الشعب يعانى ولا يملك شيئا ويسعى للحصول على موطئ قدم ويبحث عن لقمة عيش شريفة؛ وقطاع آخر محدود العدد يعمل فى كثير من مجالات النشاط الاقتصادى المتنوعة وله ما يكفيه ويزيد من الثروة ولا يشكل إلا جزءا صغيرا من الشعب.. وظيفته الاستحواذ على كل ما يمكن الاستحواذ عليه من موارد الثروة ومواقع السلطة مستخدما فى ذلك كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة ووضعه الاجتماعى القوى ، لابد والحال كذلك من إتاحة الفرصة للقطاع الأول فاقد الموارد والثروة والحيلة لأن يكون له نصيب من موارد المجتمع شأنه شأن بقية الشعب.. خصوصا وأنه يشكل الجزء الأعظم منه ، وفى حالات خاصة فإن تمليك الأراضى الصالحة للاستزراع فى منطقة كشبه جزيرة سيناء لفقرائها وفلاحيها ورعاتها سيحولها إلى قطاع منتج ويحيل صفرتها القاتلة إلى خضرة تبعث فيها الحياة وتملؤها بالبشر والسكان والمنتجين فى مختلف الحرف ؛ ويقوى صلتها بالوادى ويحميها من الأعداء الذين لكى يصلوا إلى قناة السويس سيكون عليهم مواجهة منطقة سكانية هائلة وربما شعب مسلح يعرف تضاريسها و دروبها وشعابها وليس عددا من كبار رجال الأعمال أصحاب مشاريع السياحة الذين ما أن يشعروا بالخطر حتى يكونوا أول المغادرين لها والهاربين منها. . هذا مجرد مثال لمن يريد أن يسوس شعبا يشعر أنه واحد من مواطنيه ، أما إن كان يشعر أنه مجرد زائر وأن أيامه فيه معدودة أو باتت معدودة وأنه مستعد للمغادرة لدى أول صفارة إنذار فسيكون موقفه مختلفا لن يهتم بالأرض ولا بالفلاحين ولا بالفقراء ولا بالزراعة إلا ليحلب منها لنفسه كل ما يستطيع لأنه مختلف عن كل هؤلاء ولا يتحدث لغتهم .
كلمة أخيرة :
تتعلق برجال الجهاز المركزى للمحاسبات الذين قاموا بهذا العمل المتميز ونقبوا ودرسوا؛ وقلبوا وفحصوا؛ وفندوا الوقائع والأوراق والقرارات؛ وانتهوا ليس إلى إبداء الملاحظات والمآخذ على الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية فقط بل وأشاروا بأصابع الاتهام والإدانة إلى رئيس الوزراء فى سابقة قليلة الحدوث .. شئ واحد لعلهم لم يلمسوه هو الفلاحون الذين جار عليهم الزمن من ضحايا قانون الإيجارات الزراعية ( 96 / 1996 ) الذى صدر فى عهد الرئيس الحالى وضحايا قوانين رفع الحراسة عن أراضى عديد من الإقطاعيين السابقين ( 96 / 1974 ، 141 / 1981) فى عهد الرئيس السابق السادات.. وتم الزج بهم ضمن من تعدوا على أملاك الدولة بينما الحقيقة أن الدولة هى التى تعدت على حقهم فى الإبداع والإنتاج والحياة .
أما عن الزميل محمد هارون الصحفى بجريدة المصرى اليوم فله منا التقدير على جهده الذى كنا نتمنى أن يكتمل بنشر الجزء الرابع من التقرير المذكور .
الجمعة 12 نوفمبر 2010 بشير صقر
لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر