القضاء العسكرى يحبس 4 من فلاحي العمرية بحيرة خمس سنوات بعد محاكمة صورية ( الجزء الثانى )
ملاحظات سريعة على المستندات والتحقيقات
والقضايا التى سبقت القبض على الفلاحين
فى 22 مارس 2011 بين الفلاحين وضابط أمن الدولة السابق طارق هيكل
أطراف المشكلة:
– الفلاحون من عائلات شهاب والخويلدى وعبداللاه (من قرية العمرية مركز دمنهور – محافظة البحيرة) الذين يزرعون الأرض محل النزاع ( 21 فدانا ) منذ عشرات السنين باعتبارهم منتفعي إصلاح زراعى.
– طارق هيكل الرئيس السابق لفرع أمن الدولة بمحافظة البحيرة باعتباره داعما لوالدته زينب مصطفى علام باعتبارها ” مشترية ” بعقد ابتدائى للأرض محل النزاع .
– نازك عبد الجواد نوار ، وإبراهيم أحمد إبراهيم نوار باعتبارهم ” بائعين ” للأرض محل النزاع ” للمشترية “، وهما من عائلة نوار الإقطاعية.
مِفصَل المشكلة:
الأرض المذكورة محل نزاع بين طرفين أساسيين هما الفلاحين.. وضابط أمن الدولة ووالدته، كانت هذه الأرض مصادرة ضمن مساحات أكبر من عائلة نوار بقانون الإصلاح الزراعى ، وبطريقة ما تم سلخها من قرار المصادرة بمساعدة بعض الفاسدين فى مديرية الإصلاح الزراعى بالبحيرة باعتبارها أرضا كانت موضوعة تحت الحراسة وتم الإفراج عنها.
ملحوظة:
– الأرض المصادرة بقوانين الإصلاح الزراعى الثلاثة ( 178 / 1952 ، 21 / 1961 ، 50 / 1969 ) تنتقل ملكيتها إلى الدولة بمجرد صدور قرار الاستيلاء عليها.. ولذلك اشتهرت بأراضى الاستيلاء .
– أما الأرض الموضوعة تحت الحراسة بقانون الطوارئ أو- فيما بعد – بالقانون 150 / 1964 فظلت ملكيتها للإقطاعيين وانتقلت إدارتها لهيئة الإصلاح الزراعى التى كانت تؤجرها للفلاحين وتحصل إيجارها منهم وتعيده لأصحاب الأرض الإقطاعيين.
– لكون عائلة نوار مكونة من 41 أسرة منذ القرن الماضى ، ونظرا لأن كثيرا من الأراضى التى صودرت منها بقوانين الإصلاح الزراعى أو وضعت تحت التحفظ ” الحراسة ” لم يكن معظمها مسجلا بالشهر العقارى وبالتالى ليست لديهم مستندات تثبت ملكيتهم لها لأنها إما كانت مغتصبة أو بوضع اليد أو مستبدلة بأراضى آخرين؛ ولذا أصبحت السيطرة عليها من جانبهم بالوسائل القانونية شيئا شديد الصعوبة ومن ثم كانت الأساليب الملتوية والعنف هما وسيلتهم فى السيطرة والحفاظ عليها.
– بعد أن صدر القانون رقم 69 لسنة 1974 الخاص برفع الحراسة وصدور عدد من قرارات الإفراج عن الجزء المتحفظ عليه من الأرض تزايد معدل استخدام هذه الأساليب والعنف فى استعادتهم لها ؛ كما تفتق ذهن الكثير من الإقطاعيين السابقين وورثتهم عن استخدام قرارات الإفراج عن أراضى الحراسة لاسترداد بعض الأراضى المصادرة بقوانين الإصلاح الزراعى ( الاستيلاء ) ؛ وبذلك اتسعت دائرة المتواطئين والفاسدين من موظفى هيئة الإصلاح الزراعى للاستفادة من هذه الأساليب وتمكين الإقطاعيين فى نفس الوقت من سحب كثير من أراضى الحراسة التى لم تكن لها مستندات دالة على ملكية الإقطاعيين لها واستعادة كثير من الأراضى المصادرة بقوانين الإصلاح الزراعى ، بل وجذبت هذه الأساليب عددا متزايدا من موظفى الشهر العقارى ومصلحة المساحة ثم الضرائب العقارية والسجل العينى فيما بعد للمشاركة فى هذه الوليمة.
– بازدياد عدد أفراد أسر عائلة نوار جيلا بعد جيل أصبح التنافس بينهم على هذه الأراضى شديدا خصوصا بين من لم يشغلوا مناصب كبيرة وجارعليهم الزمن ؛ ولجأوا لتقسيم هذه الأراضى المهربة من قانون الإصلاح الزراعى فيما بينهم بشكل عرفى حتى وهى تحت يد زراعها من الفلاحين ؛ حيث كان كثير من الفلاحين- منذ عهد السادات – قد استسلموا للمؤامرات والألاعيب والحيل التى استعادت أراضى استيلاء بقرارات إفراج مزورة ( باعتبارها أراضى حراسة ) وبذلك صاروا مستأجرين لها بعد أن كانوا ملاكا؛ فالأرض ستبقى تحت أيديهم يزرعونها .
كما كان ورثة نوار كلما جدّ بينهم خلاف يعيدون تقسيم الأرض فيما بينهم، ولذلك كان من الأمور الطبيعية أن تجد أحدهم يحصل على إيجار حصته فى الأرض من أحد الفلاحين لعدة سنوات ويحصل عليه من فلاح آخر فى سنوات أخرى، والفلاحون فى كل الأحوال كانوا ثابتين فى أراضيهم.. يتغير عليهم كل عدة أعوام ” قابض للمعلوم ” أى متسلّم الإيجار، وهذه حالة فريدة فى الريف .. حيث المتعارف عليه هو أن يكون المؤجر ثابتا بينما المستأجرون يتغيرون، لكن فى الأرض المصادرة من عائلة نوار تبرز هذه الظاهرة بشكل واضح.
– لم تكن هذه الصورة غائبة عن رجال الأمن والعمدة أحدهم ؛ ولذلك كان بعضهم – سواء كان مأمورا أوضابط مباحث جنائية أو أمن دولة – يتلمظ على هذه الأراضى بعد أن أدركوا أنها بلا مستندات ملكية لمن يدعون ملكيتها من عائلة نوار؛ ومن ناحية أخرى لأن إعادتها للعائلة الإقطاعية تم بأساليب وطرق ملتوية ومخالفة للقانون.. بل وكثيرا ما ما كان يحدث ذلك بدعمهم المباشر للإيحاء للفلاحين بأن الدولة هى التى قررت إعادة الأرض لعائلة نوار.
وهذا يعنى من جانب آخر أن استحواذ أحد رجال الشرطة عليها يتطلب المغامرة باستخدام خلطة متوازنة من التهديد و الترغيب وقدرمن العنف والترويع لفترة من الزمن ضد كلا الطرفين ( من يدعون ملكيتها من أفراد العائلة الإقطاعية، أو الفلاحين الذين يزرعونها منذ عشرات السنين وحتى الآن ) حتى وإن كان العنف والتهديد مع مدعى الملكية مصحوبا بمبلغ مالى كثمن صورى للأرض لا يساوى عُشر قيمتها الحقيقية؛ ولذلك كان يتم إبرام أو تدبيج عقد بيع ابتدائى بين رجل الأمن ” المشترى ” وبين مدعى الملكية ” البائع “.
– ونلفت النظر إلى أن مثل هذه الأراضى .. يعتبر الإقطاعيون أنهم أحق بها بصرف النظر عن الطريقة التى حصلوا بها عليها ، وأن الفلاحين ليسوا سوى مجموعة من الجراد أتت بهم قوانين الإصلاح الزراعى والحراسة ليحلوا محلهم ويصبحوا أنصارا للدولة فى مواجهتهم.. ومن الطبيعى بعد تولى السادات – الذى كان معاديا لمبدأ الإصلاح الزراعى ورافضا للحراسة – أن يستردوا أرض أجدادهم.
– بينما يرى الفلاحون أنهم من زرعوها وأنتجوا الخير منها وأطعموا كل فئات الشعب من قمحها وأرزها وذراها وكسوهم من قطنها وتيلها وملأوا خزانة الدولة بالعملة الصعبة من عائد تصدير القطن والأرز والفاكهة والخضر لذلك فهم أحق من أى شخص بها تبعا للمبدأ الذى أقره العالم وكل شعوب الدنيا ” الأرض لمن يزرعها “.
– بينما يرى العديد من ضباط الشرطة وغيرهم من المتنفذين وأصحاب السلطان أنهم باعتبارهم ( أسيادا لهذا البلد على حد قول مدير أمن البحيرة السابق ) وحكاما لها.. أحق من أبناء الإقطاعيين وورثتهم الذين لا يعرف أحد كيف حصلوا على هذه الأرض، وأحق من الجراد الذى انتشر فيها بقيام ثورة 23 يوليو 1952 وصدور قانون الإصلاح الزراعى.. وأنه بقليل من العنف والتهديد وبعض من الخنق والحصار سوف يحصلون على هذا الصيد الثمين ( الأرض ).
من هنا قام الرئيس السابق لفرع مباحث أمن الدولة بالبحيرة طارق هيكل ومأمور أحد مراكز الشرطة بمحافظة البحيرة ( العميد عبد الرحمن العكازى ) بتنفيذ هذا المخطط ليحصل هيكل على 21 فدانا على مرتين والعكازى على 14 فدانا ؛ والفارق الوحيد بينهما أن الأول بجبروته تسلم الأرض بينما الثانى لم يتسلمها حتى الآن .
وليس مهما ألا يستطيعوا تسجيل الأرض فى الشهر العقارى لأن العبرة بوضع اليد التى يحميها منصبه الشرطى ومركزه الاجتماعى؛ علاوة على أن موظفى الجمعية الزراعية فى اشتياق بالغ لإشارة من هؤلاء السادة لتحرير حيازة بالأرض لاستخدامها فى عمليات التقاضى وتحرير محاضر الشرطة وتحقيقات النيابة .
لـــــــــــــــذلك
قامت هيئة الدفاع عن فلاحى العمرية ( الأساتذة يحيى نور الدين وإكرام الحلفاوى ومحمد عبد الراضى ) بالبحث والتنقيب فى جذور ملكية نازك عبد الجواد نوار ، وإبراهيم أحمد إبراهيم نوار اللذين يدعيان ملكية الأرض محل النزاع وخضعا لابتزاز وتهديد ضابط أمن الدولة السابق وباعا الأرض المشار إليها لوالدته زينب مصطفى علام ( وهو نفس ما فعله العميد عبد الرحمن العكازى الذى اشترى الأرض باسم زوجته ) وقد توصلت الهيئة للآتى:
– أولا : العقود الرسمية فى زمامات العمرية والبرنوجى وحفص ونديبة مركز دمنهورمحافظة البحيرة ..
تم استخراج صور رسمية لأربعة عقود مسجلة تثبت بما لايدع مجالا للشك خلو الزمامات الأربعة من أية ملكية للمذكورين ( نازك وإبراهيم ) وهى:
- العقد رقم 361 المؤرخ 19 يناير 1926 .
- العقد رقم 967 المؤرخ 7 فبراير 1928 .
- العقد رقم 1928 المؤرخ 21 لإبريل 1931 .
- العقد رقم 381 المؤرخ 19 يناير 1932 .
– ثانيا : الشهادات السلبية وشهادات القيود والمطابقة فى زمام العمرية مركز دمنهور بحيرة.
* تم استخراج شهادتين سلبيتين بأرقام 2970 ، 2971 لسنة 2010 بتاريخ 29 سبتمبر 2010 تتعلقان بالمذكورين ( نازك وإبراهيم ) وتثبتان أن كلا منهما ليست له ملكية بزمام قرية العمرية/ دمنهور وهو الزمام الذى يضم الأرض محل الصراع بين فلاحى العمرية وخصوصا عائلات عبد اللاه والخويلدى وشهاب من ناحية وبين عدد من ضباط الشرطة ومنهم طارق هيكل ووالدته من ناحية أخرى.
* استخراج شهادة بالقيود الواردة بالسجل العينى بدمنهور بصحيفة الوحدة العقارية ( أى القطعة ) رقم 770 / من 133 بحوض مزيد قسم ثان خيرى تضمنت عددا من المالكين ليس منهم اسم أى من المذكورين ( نازك وإبراهيم ) وهى بتاريخ 9 نوفمبر 2009.
* وتأيدت شهادة القيود السالفة بشهادة مطابقة من ذات السجل العينى بدمنهورعن ذات الوحدة العقارية ( القطعة ) 770 / من 133 بحوض مزيد قسم ثان خيرى بنفس الزمام وقيدت برقم 20605 بتاريخ 20 أكتوبر 2009. وهو ما يؤكد خلو زمام قرية العمرية / دمنهور / البحيرة من أية أملاك زراعية للمذكورين نازك وإبراهيم نوار اللذين يدعيان أنهما باعا المساحات محل النزاع إلى زينب مصطفى علام والدة طارق هيكل الرئيس السابق لفرع أمن الدولة بمحافظة البحيرة وزوجة اللواء متقاعد محمد رشدى هيكل بالقوات البحرية المصرية.
* وبخلاف القضايا المنظورة حاليا أمام القضاء بأرقام 51 ، 70 ، 71 لسنة 2011 مدنى كلى دمنهور ، فإن الفلاحين قد حصلوا على حكم قضائى فى 28 مارس 2010 ضد أحد أفراد عائلة نوار ( عباس عبد الجواد نوار) فى الدعوى 107 / 2010 م.ك. مركز دمنهور.
وهناك المحضر المجمع رقم 873 / 2011 نيابة مركز دمنهور الذى يضم كل التحقيقات فى البلاغات التى قدمها الفلاحون ضد طارق هيكل ووالدته بشأن الأرض محل النزاع وكذا العدوان المتكرر عليهم والبلاغات الكيدية التى استهدفت مطاردتهم وإجبارهم على التخلى عن أراضيهم.
كذلك فقد تقدم الفلاحون للنائب العام بالشكوى رقم 2997 فى 23 /2 /2011 وللنيابة الإدارية بأرقام 910 ، 911 فى 14 / 3/ 2011 .
* علاوة على المحضرين رقمى 4350 ، 4885 لسنة 2010 إدارى مركز شرطة دمنهور .
– ثالثا: أحداث 14 فبراير 2011 :
- حيث داهمت العمرية قوة من البلطجية مسلحة ببنادق الكلاشنكوف عصر 14 فبراير 2011 وروعت الفلاحين بالرصاص واحتمت بقصر والدة الضابط هيكل ولما فوجئت بحشود الفلاحين أحرقت القصر لتتمكن من الانسحاب الآمن وأصابت أحد الفلاحين برصاصة فى رأسه وحرر الفلاحون المعتدى عليهم المحضرين 25 ، 26 أحوال 2011 مركزشرطة دمنهور حيث أدلى الشهود ( على عبد الحميد السايس ، وسعيد اسماعيل أحمد ) بأقوالهما التى أكدت أن حريق القصر لم يكن من صنع الفلاحين بل هو عملية مدبرة لأن طارق هيكل ومناصروه يعرفون أن الأرض التى يدعون شراءها ليست مملوكة للبائعين، وأن الجمعية الزراعية المختصة قد جاملت ضابط أمن الدولة وحررت لوالدته حيازة بالأرض وهو ما يعنى أن ذلك تم بالإكراه.، وللإيقلع بالفلاحين عند اتهامهم بإشعال الحريق.
علاوة على المحضر رقم 5 أحوال مركز دمنهور الذى تحرر فى مستشفى دمنهور العام بسبب إصابة أحد الفلاحين بطلق نارى فى رأسه من المعتدين إبان أحداث 14 فبراير 2011.
– رابعا : القبض العشوائى على خمسة من الفلاحين فى 22 مارس2011 ومحاكمتهم عسكريا :
حيث داهم القرية عدد من أقارب طارق هيكل ومعاونيه على رأسهم والده اللواء السابق بالقوات البحرية ومعه مجموعة من ضباط وجنود الشرطة العسكرية ( من سرية إعداد الدولة للحرب – بالمنطقة الشمالية العسكرية) تصورهم الفلاحون ( من رجال طارق هيكل جاؤوا متنكرين فى أزياء عسكرية ) لأنهم أعلنوا عن حضورهم للقرية بعدة مجموعات من طلقات الرصاص عكس ما حدث تماما فى المرة السابقة ( 15 فبراير 2011) إبان معاينة مندوب الحاكم العسكرى لمحافظة البحيرة لمنطقة أحداث اليوم السابق؛ ولذلك تعامل معهم الفلاحون بخشونة تتفق مع الطريقة التى دخلوا بها القرية.
هذا وقد أمسكوا بخمسة فلاحين واقتادوهم إلى دمنهور فالإسكندرية وقاموا بمحاكمتهم عسكريا فى 48ساعة دون الاستماع لدفاعهم و لم يستطع محاموهم من القيام بواجبهم القانونى رغم وجودهم على أبواب سجن الحضرة الذى تتم فيه المحاكمة ، وحتى يُستكمل الشكل القانونى انتدبوا لهم محاميا لا صلة له بهم ولا يعلم شيئا عن خلفية المحاكمة وأسبابها.
وانتهى المحاكمة بمعاقبة أربعة منهم بالسجن 5 سنوات ومعاقبة الخامس بسنة مع إيقاف التنفيذ.
ولا تبقى سوى استفسارات الفلاحين معلقة فى الهواء دون رد: هل حقا قامت الثورة؟ وإذا كانت قد قامت فعلا فما الفائدة التى عادت علينا منها سوى إيداع أربعة من شبابنا فى السجون وإصابة واحد من أبنائنا بطلق نارى فى رأسه أثنا مداهمة رجال هيكل للفلاحين مساء الأحد 14 فبراير 2010 .
السبت 9 إبريل 2011 لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر