نقلا عن الأهرام المسائى:طلخا .. صنعاء .. العريش .. وبالعكس ،مجموعة الـ19 من مقاتلى حرب اليمن .. على رصيف محطة الإقطاع .. من جديد ..!

قاتل فلاحو طلخا فى اليمن وسيناء

فخيرتهم الدولة بين الوظيفة وتملك الأرض

اختاروا الأرض فطردتهم منها الشرطة بعد 50 عاما

،،،

لتهريب الأرض من قانون الإصلاح

 لفق الإقطاعى القديم عقد بيعها لأبنائه

فكشفه الطب الشرعى وخذلته المحكمة

،،،

حصل الفلاحون على حكمين قضائيين وتأييد من النيابة

فطردهم المحامى العام والشرطة من الأرض

 

،،،،،،،،،،،،،،،،،،

 

وهم متوجهون لميدان القتال فى حرب اليمن عام 1963 كانت  تملأ المنطقة وقائع تنفيذ قانون الإصلاح الزراعى على عدد من عتاولة الأسرالإقطاعية فى مركز طلخا بالدقهلية مثل آل البدراوى عاشور فى بهوت وآل المصرى فى ميت الغرقا وكفر الجنينة وميت الكرماء وجوجر ومنشاة البدوى وكفر الخوازم وغيرها.

ولأن مجموعة الـ 19 من شباب تلك القرى وعلى رأسها العم رزق محمد صالح ابن قرية سرسو كانت تقاتل ببسالة ولأنهم مع بقية القوات المصرية حموا الدولة اليمنية الوليدة ؛ فقد كافأتهم الدولة وخيرتهم بين الوظيفة وبين الحصول على فدانين من الأرض التى صادرتها من الإقطاع.

ولأنهم كانوا فلاحين معدمين وأميين فضلوا الأرض ورقصوا من الفرحة وسط النار على جبال اليمن ومنوا النفس بانتصار فى الحرب يرفع رءوسهم ويختصر فترة بقائهم فى اليمن وتعشموا   فى عودة سالمة للوطن تريح بالهم .. فقلوب أمهاتهم وأرض الإصلاح الزراعى تنتظرهم على أحر من الجمر.

– كان الراديو الترانزستورالمحمول على ظهر الحمارواحدا من أمانيهم بل ومؤشرا على وطنيتهم ودليلا على قدرتهم المالية على الزواج .. هكذا كانت حال مجموعة الـ 19 الدقهلاوية.. جنود طلخا فى اليمن خلال سنوات من الغربة: حالة من الزهو والتفاؤل بالمستقبل والثقة بالنفس والوطن.

عادوا لمصر مفعمين بالأمانى.. لكن إلى حرب جديدة مع الصهاينة هذه المرة.

– وعادت مجموعة الـ 19 من حرب 1967 ستة عشر جنديا فقد استشهد منها حمودة عبد الجليل يونس ومحمد عبد الحى فتح الله ؛ وأسِر إبراهيم يوسف العطافى؛ وأصيب عزمى رزق زكى وعبد المقصود إبراهيم الباز فى العمليات العسكرية.. لكن الأرض الزراعية التى حصلوا عليها لم تطفئ أحزانهم على نكسة حرب 67 وعلى شهدائهم الذين ملكت الدولة أبناءهم نصيبهم فى أرض الإصلاح الزراعى .

– وهكذا حصل فلاحو القرى الستة على الأرض بعد تطبيق قانون الإصلاح الزراعى فى 9سبتمبر 1961 على الإقطاعى فريد المصرى وبعد تقديمهم طلبات شرائها وبحث حالتهم الاجتماعية وأصبحوا أعضاء فى الجمعية الزراعية واستفادوا من خدماتها ومعهم بطاقات الحيازة وانتظموا فى تسديد أقساط  ثمن الأرض.

– رحل عبد الناصر وبتولى السادات وصدور قانون رفع الحراسة استيقظت كل الأحلام  القديمة و انتعشت الآمال الضائعة لورثة الإقطاعيين.

– ورغم أن أرض آل المصرى لم تكن خاضعة للحراسة بل مصادرة بقانونى الإصلاح الزراعى  178/ 52 ، 127/ 61 وموزعة بنظام التمليك المقسط على الفلاحين؛ وسعيا لاستعادتها تفتقت قريحة ورثة فريد حامد المصرى عن تلفيق عقد بيع عرفى ( منه لأبنائه ) بمساحة 94,5 فدانا  و الحصول من الشهر العقارى على إثبات تاريخ قديم 6/7/1959 يسبق تاريخ تطبيق قوانين الإصلاح على أرضه لإخراجها من مصيدة القانون وبالفعل نفذوا ذلك بطريقتهم.

– ثم تقدموا باعتراض ( 737 / 1977 ) ضد هيئة الإصلاح وقدموا العقد الملفق بمساحة 49,5 فدان ( 42 منها يزرعها الفلاحون و 52،5  منها تحت يد قوات الدفاع الجوى) وحصلوا من هيئة الإصلاح الزراعى على قرارإفراج مؤقت عن الأرض .

– طعنت هيئة الإصلاح الزراعى أمام المحكمة الإدارية العليا بالقاهرة ضد قرار الاعتداد بصحة عقد البيع العرفى المؤرخ 18 مارس 1959 واستند دفعها على أن اللجنة القضائية التى أصدرت القرارخالفت القانون وأخطأت فى تطبيقه للأسباب التالية:

عدم وجود طلب مقدم للشهر العقارى بطلخا بشأن عقد البيع العرفى فى 6 / 7 / 1959 ؛ عدم ثبوت دفع الرسوم ؛إهدار تقرير الطبيب الشرعى ( الفنى المختص ) والاعتمادعلى تقارير خبراء استشاريين؛ تقرير الطب الشرعى أثبت أن توقيع أحد الشهود على عقد البيع مزور؛ تأكيد لجنة الخبراء الثلاثية المنتدبة للبت فى صحة العقد  على صحة تقرير الطب الشرعى.

وجود سابقة تهريب للأرض ارتكبها فريد المصرى فى الإقرار الذى قدمه للدولة عن ملكيته من الأرض.

هذا وقد صدر لصالح الهيئة حكم نهائى برقم ( 2143 / 29ق ) عام 1986  نص على أن عقد البيع الملفق لايحمل تاريخا فى سجلات الشهر العقارى ولم تدفع له رسوم .

– فى 1987 تقدم ورثة المصرى باعتراض جديد أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعى وحصلوا عام 1994 على قرار بصحة عقد البيع العرفى.

– بعدها مباشرة أصدر وزير الزراعة قرارا برقم 1091 / 1994يجيز تصالح هيئة الإصلاح مع الخاضعين لقانون الإصلاح الزراعى  وذلك ببيع الأرض لهم.. وهو ما يعنى أنه  قد أوجد مخرجا لآل المصرى من مأزقهم.حيث لم يكن التصالح واردا قبل عام 1994.

– وبسرعة غير مسبوقة  تصالحت الهيئة مع آل المصرى فى نفس السنة  وباعت لهم الأرض المتنازع عليها ” بسعر التراب ” ( 22 ألف جنيه للفدان ) وتسلموها بعد طرد الفلاحين منها عام 1997 عقب صدور قانون الإيجارات الزراعية الجديد بدعم قوات الشرطة.

– عاد الفلاحون للقضاء مرة أخرى وحصلوا على حكم بات ونهائى من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة ( 3238 / 25 ق) ببطلان عقد البيع الملفق وبطلان عملية التصالح بين ورثة المصرى وهيئة الإصلاح ، لكن الهيئة تواطأت وقد تضمن الحكم نصا  بتواطئها الواضح.

– يذكر الحكم فى سطوره الأخيرة بالآتى:

” وإذ ينهار أساس التصالح فإن قرار مجلس إدارة هيئة الإصلاح الزراعى رقم 27 بجلسة 195 فى 15 فبراير 1995 بالموافقة على التصالح لورثة فريد المصرى مخالف لأحكام القانون مما يقتضى الحكم بإلغائه مع ما يترتب علي ذلك من آثار أخصها بطلان تسليم الأرض لورثة فريد المصرى “

– مر الوقت ولم تنفذ الهيئة أو الجهات المسئولة الحكم القضائى الصادر لصالح الفلاحين إلى أن تقدم آل المصرى مرة أخرى ببلاغ للمحامى العام بالدقهلية باستيلاء الفلاحين على الأرض بعد اندلاع أحداث ثورة يناير 2011 وأسفرت التحقيقات عن الآتى:

– صدور مذكرة النيابة العامة المؤرخة 16 مايو 2011 ( فى المحضر 1483/ 2011 إدارى طلخا ) موقعة من أحمد المسلمى وكيل النيابة وتنص على ” الموافقة على استمرار الفلاحين فى الأرض محل النزاع ، ومنع تعرض آل المصرى لهم لحين الفصل فى القضية المرفوعة منهم أمام المحكمة الإدارية العليا ” والمحدد لها جلسة 25 يوليو2011.

– إلا أن المحامى العام لنيابات جنوب المنصورة تجاهل ذلك بتاريخ 31 مايو 2011 وأمر بتمكين ورثة فريد المصرى  من الأرض محل النزاع والصادر بشأنها حكمين نهائيين فى عام 1986 ، 2007 لصالح الفلاحين.

لقد سبق لفريد المصرى أن ضبط متلبسا بإسقاط مساحة من أرضه من الإقرار الذى كتبه  بخط يده عن ممتلكاته من الأرض فى الخمسينات تمهيدا  لتطبيق قانون الإصلاح الزراعى عليه ويكرر ورثته  اليوم ما فعله من حوالى 60 عاما .

وهكذا تحول الوضع فى القرى الستة إلى وضع حربى شديد التوتر فالأرض- التى دفع الفلاحون معظم ثمنها وحصلوا على حكمين قضائيين بحقهم فيها- تحت يدهم؛ وينتظرون بين يوم وآخر صدور حكم ثالث من  المحكمة بشأنها؛ ويخشون مباغتة قوات الشرطة أو الجيش لهم لطردهم منها قبل صدور الحكم.

لقد كلفتهم تلك الأرض عرقهم  ودماء بعضهم منذ حرب اليمن وحتى ثورة يناير 2011 وما يجب التحذير منه  بشدة هو أن تلك المنطقة سوف تشتعل إذا ما تجاهلت السلطات والمحامى العام وقاضى التنفيذ بالدقهلية أحكام القضاء الباتة والنهائية فى قضية يعرف تفاصيلها القاصى والدانى من شعب الدقهلية.

 

 

                                           بشير صقر