بعد أن حسمت ثورة يناير 2011 الصراع بين جناحى نظام الحكم فى مصر.. هل ينجح الشعب فى استعادة المبادرة لاستكمال ثورته السياسية؟أم يتمكن المجلس العسكرى من الحفاظ على النظام القائم ؟!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

عندما ثار الشعب المصرى فى يناير 1977 لجأ النظام الحاكم للجيش لحمايته من السقوط ؛ وبالتراجع عن قرار رفع أسعار بعض السلع زال سبب تفجير الثورة ؛ وأعادت أصوات جنازير الدبابات الثائرين فى الشوارع إلى بيوتهم.

_ لكن الأسباب التى أفضت لاندلاع ثورة يناير 2011  ظلت باقية وشديدة التأثير .. بل واستجدت أسباب أخرى برغم بقاء الدبابات متجولة فى شوارع معظم المدن المصرية.

–    وفى الحالتين 1977 و 2011 كان  لجوء النظام لقواته المسلحة لحماية أركانه من الانهيار ؛ فنجح تماما فى الأولى وتمكن- بعد التضحية برأس النظام- من حفظ أعمدته ثابتة الأركان فى الثانية.

–    ولأن النظام الحاكم ليس مجرد شخص رئيسه فحسب بل هو أيضا رموزه وأجهزته ودستوره وقوانينه ومؤسساته السياسية والتشريعية والفكرية؛ ولأن ثورة الشعب فى 2011 رفعت شعار إسقاط النظام لجأ المجلس العسكرى ممثل الجناح العسكرى فى النظام القائم للصمت حتى قوضت الثورة السمعة السياسية لجناح رجال الأعمال ولجنة السياسات فى الحزب الحاكم فى النظام، وضحى برئيس عسكرى انحاز فى السنوات الأخيرة لجناح رجال الأعمال الذى كان يستعد لوراثة الحكم.

–    باختصار فتح المجلس العسكرى  الطريق بحساب وتحفظ  للإطاحة بعدد من رموز النظام من رجال الأعمال ووزراء لجنة السياسات وخضع جزئيا للضغوط بشأن بعضها الآخر؛ كما استبدل عددا من الأجهزة بأجهزة أخرى شبيهة بها أو مواصلة لمهمتِها؛ وعدل فى الدستور القائم تعديلا محدودا ؛ وسمح بإزاحة عدد من المؤسسات كالحزب الوطنى والبرلمان والمجالس المحلية ؛ وأصر على ترتيب محدد وتوقيت مضغوط أو مخنوق لانتخابات – على الأرجح – لن تُحدِث فارقا واضحا فى ميزان القوى الاجتماعية والسياسية اللذين كانا قائمين ؛ وقيد الممارسة السياسية المنظمة للقوى الاجتماعية المحرومة دوما من النشاط بتجريم حقوق الاحتجاج والتظاهر ؛ واستخدم العين الحمراء والمحاكمات العسكرية ضد العمال والفلاحين وكثير من الفقراء لوقف الاحتجاجات المشروعة بل وسوّى بين الأخيرة وبين البلطجة فى التجريم والتصدى والمواجهة، وعلى العكس من ذلك كان لينا ورحيما وشديد البطء فى محاكمة رجال الأعمال ورموز النظام وقتلة الثوار بمحاكم مدنية.

–         وقبل هذا وذاك لم يضع يده- وهذا هو الأهم- على منابع الأسرار والصناديق السوداء لرموز النظام ولم يقيد حركتهم فى التعامل مع ثرواتهم فور رحيل رأس النظام فى 11 فبراير 2011؛ ولم يكن حاسما كعادة العسكريين فى الإمساك بأرشيف أمن الدولة ووزارة الداخلية والحزب الوطنى الحاكم ورئاسة الجمهورية وكانت قبضته عليها أهون مما توقع الشعب.

–         خلاصة القول حسمت ثورة الشعب فى 2011 الصراع بين جناحى النظام الحاكم لصالح العسكريين وأعفتهم من مهمة كانت تبدو ثقيلة الوزن والظل محرجة وملغومة لكنها لم تقطع من الطريق  لتحقيق أهدافها  الرئيسية إلا النذر اليسير.

–         كذلك فأسباب الثورة ما زالت قائمة  بل ويتأكد كل يوم أن النوايا الحسنة أقصر الطرق إلى الفشل وإلى جهنم ؛ فأوضاع الشعب لم تتغير كثيرا خصوصا من الناحية الاقتصادية فلا زالت  الكرامة مهدرة والأمن مفتقدا والأمعاء خاوية والجوع يدفع أصحابها للبحث عن حلول ناجعة بالخروج للشارع.

–         ورجال الجناح المهزوم من النظام ناشطون يخلقون من الفتن ويسدون من الطرق ويشعلون من الحرائق ويطلقون من الشائعات  ما يوجب إسكاتهم فورا.

–         وجيوش البلطجة التى تعيث فسادا بدعمهم مرة وبسليقتها مرات تروع الشعب وتفقده الأمان.

–         وكوادر الداخلية وكثير من قادتها وضباطها يدعمون هذا الوضع بحرفية شديدة وحنكة بالغة ؛ بينما عناصر ما كانت تسمى بالمعارضة مازالت فى نضالاتها الاحتفالية ومماحكاتها المعهودة غارقة حتى آذانها فى الطرقات  تاركة الميدان لبديل  من القرون الوسطى يعد ويخطط ويتلون ويحشد ويتجمل ويتحفز ويتلمظ.

فهل يتنبه من فجروا الثورة ومن شاركوا فيها لهذه الصورة ؟ ويشرعون فى انتزاع واستعادة مسارها الحقيقى.

                                                                                                                     لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر

 

كتب هذا المقال فى 5 يوليو 2011