لماذا لا يقاومون طردهم من الأرض.. بالشدة اللازمة ؟!الفلاحون.. بين جبروت النظام الحاكم.. وطراوة اليسار. (5)*

        ثالثــــا : الفلاحـــون.

 تطرقنا فى الجزئين السابقين لوضع اليسار المصرى فى علاقته بالنظام الحاكم بدءا من عام 52 من ناحية وبالفلاحين من ناحية أخرى ، وأوضحنا أن اليسار والفلاحين كانوا فى مواقع المشاهدين إبان تطبيق قانون الإصلاح الزراعى الذى تهرب من تطبيقه كثير من الإقطاعيين وعددنا أسباب ذلك.وأشرنا لضعف التواجد والتأثير اليسارى فى صفوف الفلاحين عموما وذكرنا مثال كمشيش كاستثناء لذلك، وأوضحنا أن عصر السادات قد أغرق الجميع فى طوفان الردة مستندا إلى النتائج السياسية الهزيلة لحرب 73 ،كما تعرضنا لمخطط النظام لتصفية النشاط اليسارى وإنشاء الأحزاب الشرعية كأداة لذلك.وتناولنا اتحاد الفلاحين الذى أسسه حزب التجمع  وكيف أن العلاقة بينهما قد أسفرت عن سقوطه فى أول اختبار جدى وتصفيته، وكيف قصر اليساريون العمل السياسى على الإحتفالات السياسية والخطابة وإصدار البيانات والولع بالأضواء دون كفاح حقيقى فى صفوف الفقراء وانفراط أغلبهم وتحولهم إلى شراذم.. لأن خطابهم السياسى كان إما موجها إلى النخب السياسية وإما لمغازلة النظام الحاكم.،،،،،،،،،،،،،،،،،الحديث عن الفلاحين هذه المرة لا يقتصر عليهم ككتل واسعة فقط بل يشمل القيادات التلقائية وكذا العناصر الأبرز منهم التى نعتبرها قيادات سياسية سواء انخرطت فى التنظيمات اليسارية أو لم تنخرط.

§        وقد نبتت هذه القيادات فى الريف أو بالقرب منه فى ظل تخلف إقتصادى وسياسى وفكرى شامل حيث كانت وسائل الإنتاج بدائية وكذا طرق الزراعة وأنماط الإنتاج ،وحيث تنتشر الأفكار الغيبية والخزعبلات والخرافات، ويغيب الوعى بحاجتهم للتنظيم النقابى والسياسى، علاوة على أن وطأة الإقطاع كانت ثقيلة قبل 1952 وجبروت النظام الحاكم كان شديدا ومستمرا بعدها رغم ما أجراه من تغييرات وأصدره من قوانين تتعلق بالأرض وبغيرها.

§        وقد أدى هذا الوضع الخاص بالفلاحين والنظام معا إلى إضعاف القدرة على العمل الجماعى فى الريف خصوصا بعد قيام ثورة يوليو ، ولم يتغير ذلك الحال كثيرا فى العهود الثلاثة التى انقضت منذ ذلك التاريخ.

§        ففى عهد عبد الناصر ورغم المكاسب التى حققها الإصلاح الزراعى إلا أن الفلاحين لم يشاركوا فى تنفيذ أى من الإجراءات الجديدة، علاوة على أن الدولة كانت تتحكم فى كل شىء يتعلق بالإنتاج الزراعى( خطة الإنتاج ،الأصناف التى تزرع ومساحاتها ، تسويق الحاصلات الزراعية وتصديرها وأسعارها، توريد المحاصيل الإجبارى للدولة، عمليات التسميد والمقاومة وأسعارها الخ.. )

§        أما فى عهد السادات فقد تم العصف بكل المكاسب التى تحققت، وفُتِح الباب واسعا لهيمنة الأغنياء والكبار على مقاليد الريف والإنتاج الزراعى، وأرسيت الأسس التى تقضى قضاء مبرما على إمكانية الاستفادة مما أسسته الناصرية أو تعديل بعض أسسها لزيادة فائدتها.

§        وفى العهد الحالى نمت سياسات السادات وازدهرت، حيث تعهدها مبارك بالرعاية حتى أثمرت وأضاف لها الكثير.

§        لقد ضاقت الخيّة حول رقاب الفلاحين منذ صدور قانون رفع الحراسات69 الأول عام 1974، فكلما تدهورت سبل الحياة و تعثرت إمكانية الزراعة كلما غادرت الريف قطاعات جديدة من الفلاحين والعاطلين ثم من خريجى المعاهد التعليمية والجامعات للإلتحاق بدوائر وحلقات رجال الأعمال والحكام المحليين وبعض رجال