ما حك جلدَك مثلُ ظفرِك.. يا جماهير مصر

عن الثورة المصرية .. والاحتشاد الشعبى.. والطريق الثالث…

” ماحك جلدَك مثلُ ظفرك… فتول أنت جميع أمرك” كلمات واضحة محددة يتحتم أن تكون شعار الشعب المصرى فى استرداد حقوقه وحرياته ودحر أعدائه.. وإخراس خصومه.. وإفحام منافقيه واستكمال ثورته ؛ أى لابديل عن إمساك جماهيره بزمام المبادرة والفعل..ومنع انفلاته من قبضتها أو التعويل على استجابة العدو أو على “حكمة” الخائفين والمرتعشين أو على انتظار رد فعل النظام.. فكل دقيقة تمر دون فعل أو مبادرة من جانبه.. تنقلب استعدادا أو تحضيرا.. وشروعا فى التصفية من الجانب الآخر.

 وأيا ما كان الرئيس القادم ” ممثل العسكر أو ممثل الاسلام السياسى” فالموقف لا يتغير.. فكلاهما يعادى الثورة ويضلل الشعب.. ولا يستهدف الإفراج له عن حقوقه وحرياته.. لذا لابد من إفهامه وإشهاد شعوب العالم أن الشعب المصرى لم يلوث يديه بالتصويت له.. بل ويرفضه وسيعمل على الاطاحة به.

وأيا كان الصراع الدائر بينهما محتدما أو حتى داميا.. فلن ينحاز الشعب لأحدهما.

خطة العسكر فى تصفية الثورة:

كانت خطة العسكر لإجهاض الثورة متمثلة فى :

1-وقف الاحتجاجات الشعبية بتجريم التظاهر، وملاحقتها بالمحاكمات العسكرية، والعنف.

2-القضاء على العناصر القيادية من شباب الثورة:

أ- بالقتل والاعتقال والاختطاف والمطاردة والمحاكمات العسكرية، وبالعنف الذى تكرر من موقعه بماسبيرو وحتى العباسية 2 .. مرورا بمجزرة بورسعيد.

ب- وباستدارجهم للبرامج الاعلامية ومنتديات الحوار لإفقادهم التركيز وتبديد وقتهم واستنفار غرورهم لبث الفرقة بينهم..

ج- باستهداف عدد من تنظيماتهم ورموزهم مثل 6 إبريل، وروابط مشجعى كرة القدم (الاولتراس ) وتشويه سمعتها أمام الرأى العام.. واستخدام العنف المفرط معها.

3- بتقويض منظومة المجتمع المدنى التى تلعب دورا هاما فى جمع المعلومات وتقصى الحقائق ومراقبة الانتخابات وذلك بتقديم بعضها للمحاكمة بتهم تلقى تمويل وتدريب من جهات أجنبية.. وإطلاق الشائعات على عدد من الهيئات السياسية للإيحاء بوجود أيادى خارجية تعبث باستقرار الوطن.

4- محاولة سحب البساط من تحت أرجلها.. وذلك بإيجاد مبررات تبدو “منطقية” للرأى العام بعدم جدوى الاحتجاجات فضلا عن تعويقها لحياة ومصالح المواطنين واعتبار البرلمان الحالى بديلا عن الشعب والثوار بعد أن تم اختياره بحرية مطلقة.

5- وبالموازاة لكل ماسبق.. خلق حالة دائمة من الترويع والفوضى وافتقاد الأمن تشمل المجتمع بكل فئاته ؛ واصطناع الفتن والصدامات الطائفية والأزمات فى السلع الضرورية والوقود وعدم ضبط الأسعار كنوع من العقاب الجماعى للشعب والضغط عليه.. لجعل العودة ” لاستتباب الأمن” لوضع ما قبل 25 يناير 2011 نوعا من التمنيات صعبة التحقيق.. بهدف تمهيد الطريق لاختيار أحد رجال النظام فى الانتخابات الرئاسية أو على أقل تقدير (عدم الممانعة فى توليه الرئاسة ).

لكن الخطة باءت بالفشل بفعل عوامل ثلاثة:

1-                إصرار الشعب والثوار على التمسك بأهداف الثورة و تحقيقها وعدم التراجع بشأنها برغم قانون تجريم التظاهر والمحاكمات العسكرية وعنف العسكر الوحشى.

2-                الأخطاء التى اكتنفت تاكيتك العسكر سواء فى سوء تقدير رد الفعل الشعبى من نتائج الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة أو فى أحكام القضاء ضد رموز النظام فى 2 يونيه 2012  وتوقيتها.

3-                الصراع الدائر بين العسكر وفصائل الاسلام السياسى.. وامتعاض الأخير من منطق إصدار الأوامر الذى يستخدمه العسكر وعدم تجاوبهم مع مطامعه بالمستوى المطلوب؛ فضلا عن الاسترابة المتبادلة بينهما والتى وصلت ذروتها  باستبعاد بعض ممثلى فصائل الإسلام السياسى من الانتخابات الرئاسية وصدام العباسية 2 الأخير.

لقد بات على شباب الثورة وجماهير الشعب البحث عن انطلاقة جديدة للثورة تتلافى الأخطاء التى شابتها.. فماذا حدث؟!

الثورة.. والاحتشاد الجماهيرى.. والحصيلة :

-ولأن الثورة ليست مجرد احتشاد الجماهير بالملايين فى الميادين والشوارع .. بل هى القدرة على مواجهة النظام وإجباره على التراجع؛ وإشعاره بعدم قدرته على الاستمراربنفس المنطق القديم؛ وأنه الآن أمام شعب يعرف كيف يوقف عدوانه وجبروته وصلفه ؛ وهز ثقته بنفسه.. ومن ثم تغييره ( بإسقاط رموزه وأجهزته ومؤسساته ودستوره وقوانينه وأحزابه وسياساته) ببديل شعبى يحقق الأهداف الجديدة للشعب، فإن ما حدث فى 25 يناير 2011 وحتى الآن لا ينطبق على ذلك؛ بل ويؤكد أن بقاء الملايين المحتجة فى الميادين دون إجراء عملى حقيقى يخفض حرارتها ويهبط بمنحناها ويفسح الطريق إما لانفضاض هذا الاحتشاد من تلقاء نفسه أو بفضه بتنازلات شكلية من العسكر تساعد فى انفراطه.. ثم القضاء على ما تبقى من الحشود بالعنف.

-وبقاء الجماهير محتشدة لمجرد رفع الشعارات الثورية يعنى أنها تنتظر أن يتخلى أعداؤها عن السلطة والحكم طواعية وهو ما لن يحدث إلا إن أدركوا أن الاستمرار أصبح يشكل مخاطر حقيقية على حياتهم.

– ولذلك فمواجهة النظام يجب أن تتجاوز الاحتجاج الثابت المتمركز.. وأن تتسع لتشمل جبهات عديدة لا يمكن له تغطيتها والتواجد فيها فى وقت واحد، وذلك لن يحدث من جماهير مبعثرة منفرطة مهما كان مستوى احتجاجها.. وهو ما يعنى ضرورة انخراطها فى أحزاب ونقابات واتحادات وروابط وجمعيات تغطى مساحة الوطن؛ ويمكن استدعاؤها فى لحظات وتحريكها بسهولة.. لفتح جبهات جديدة على النظام بما يشل قدرته على رد الفعل أو يفتت ويبعثر جهوده فى أية مواجهات محتملة.

-علاوة على أن تنظيم الشعب يجب أن تكون له أمثلة عملية وبناؤون يبدأون.. لتقتدى الجماهير بها وبهم ؛ وتصبح عملية التشييد هذه عادة سلسة لا شيئا غامضا غير مفهوم أوعبئا ثقيلا تنوء به الجماهير إن تُركت دون بوصلة.

-خلاصة الأمر الجماهير مستعدة والريف متعطش والأقاليم تشكو البطالة الثورية بينما ميادين المدن الكبرى متخمة بالكثيرين ممن يستطيعون الدعم والمساعدة.

– لذلك فالتنظيم هو عصب المقاومة والثورة، ومحرك حشودها، وداعم قوة دفعها، وباعث نهوضها لحظة التراجع، وهو حاميها وراعى انجازاتها وقت الانتصار، بل ومُلمْلِم المبعثرِ من أفرادها ساعة الهزائم.. لمعاودة الصمود.

خبرة التنظيم.. ومصادرها:

ولأن أغلب شباب الثورة يفتقد خبرة التنظيم التى لا يتم تحصيلها بمجرد القراءة لأن الخبرة العملية عنصر حاسم فيها، وبسبب انعدام ثقتهم فى القوى السياسة التقليدية لأسباب منطقية- ليس هنا مجال الحديث عنها- لم يتمكنوا من تحصيل تلك الخبرة، وللأسف لم ينقبوا عنها بعيدا عن تلك القوى.. وظلوا مترفعين عن ذلك.. معتبرين أن تفجير الثورة وإسقاط الطاغية كاف للسير بها حتى الانتصار النهائى.. وهو ما تأكد لهم خطؤه  بعد مرور عام على اندلاعها.

ولأن الخبرة العملية فى بناء التنظيمات السياسية والنقابية وغيرها.. لا تقتصر على مجرد ضم الثوار والمناصرين والمؤيدين فى هيئات أو أشكال متعددة؛ وتقسيم للعمل المراد إنجازه عليهم ؛ بل تحتاج إلى معايير متنوعة سياسية و تنظيمية وجماهيرية وكفاحية لا علم لمعظمهم بها ؛ علاوة على عنصر بالغ الأهمية والخطورة وهو تشكيل قيادة جماعية متسقة ومتماسكة .. حتى لا تتعرض مستقبلا للتفكك والانفراط.

الطريق الثالث واستئناف الثورة :

بعد انتهاء الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية عمت حالة من الغضب والإحباط جموع الشعب ؛ وجاءت أحكام الثانى من يونيو التى وقعها القضاء على الطاغية ومساعديه وأبنائه مخيبة للآمال لتتفجر موجة ثورية جديدة فى كثير من المدن.

وفى ميدان التحرير بالقاهرة رُفِع شعار فى غاية الأهمية عن ” الطريق الثالث ” – المختلف عن طريق العسكر وعن طريق الإسلام السياسى- لشق مسار جديد لاستئناف الثورة التى لم يحقق العسكر وبرلمان الإسلاميين شيئا من أهدافها.

وبرغم ما ازدحمت به الميادين الثائرة بألوف مؤلفة من الجماهير وشباب الثورة ومرشحى الرئاسة وقادة الأحزاب والهيئات السياسية وتعددت الحلقات النقاشية واتسعت وتنوعت فقد خلت من توضيح كيفية شق هذا الطريق وتحديد ملامحه و مهامه المباشرة والبعيدة ؛ ومن كيفية تشكيل هيئته القيادية.. وهو ما دعا الكثيرين لتصور الشعار كلٌ بطريقته؛ كذلك لم تطرح مليونية الخامس من يونيو 2012 أية آراء لتطبيقه.

وعلى ضوء ما ذكرناه فى الصفحات السابقة يهمنا الإشارة  إلى احتياج الثورة لحل معضلة التنظيم حلا يتجاوز الموقف السابق لشباب الثورة ؛ ويتناسب مع الأزمة الراهنة ويجمع المقومات الفعلية لتمييزه عن طريق العسكر وطريق الإسلام السياسى  ليصبح اسما على مسمى.

وأول هذه المقومات: المهمات المطروحة عليه ، وثانيها: ميادين النشاط المقترحة وأدواته، وثالثها:  قيادته، ورابعها : الموقف الفورى من انتخابات الرئاسة فى جولتها الحاسمة.

وحيث سبق لنا التعرض للمهمات المنوطة بهذا الشعار فى مقال سابق ؛ ولميادين النشاط الأوجب بالتوجه إليها؛ وللموقف المفترض اتخاذه من انتخابات الرئاسة.. وهى تتلخص بكلمات محدودة فيما يلى:

المهمات: الإصرار على دولة مدنية خالية من التمييز عموما والدينى على وجه التحديد، وجمهورية ديموقراطية برلمانية يخضع لها العسكر ولا يديرونها بأى شكل من الأشكال؛ ولا يتمتع فيها الرئيس بصلاحيات مطلقة؛ ولا البرلمان بامتيازات خاصة، ودولة العدالة الاجتماعية التى يكون الشعب فيها صاحب السلطة الفعلية.

ميادين النشاط : الريف والأقاليم وعشوائيات المدن وأحيائها الفقيرة إضافة لما هو موجود.

جولة الانتخابات الرئاسية الحاسمة : تنفيذ المقاطعة أو إبطال الصوت الانتخابى.. مع الاعتصام خلال يومى الانتخابات فى الميادين؛ وهو ما يجعل لشعار الطريق الثالث معنى مطابق له على الأرض.

ومن ثم لا يتبقى من مقومات ذلك الطريق الثالث  سوى تناول قيادته وكيفية تشكيلها.

فرغم أنها ليست أهم مقومات الطريق الثالث إلا أنها أخطرها:

–         فقيادة هيئة بهذه الأهمية فى لحظة أزمة ثورية لشعب غير منظم لم يمارس العمل السياسى ولا معظم حرياته ؛ ولم ينتزع من حقوقه الكثير.. هى العنصر الرئيسى فى توجيه كل عمليات التنظيم والبناء المرتقبة.

–         ولأن ما تم تأسيسه من أحزاب ونقابات واتحادات مستقلة بعد الثورة تكتنفه مشاكل كثيرة ولم نشعر بدوره المفترض منذ الإعلان عنها.

–         ولأن معايير تشكيلها لم تتحدد بعد ويبدو أنها – استنادا إلى المعطيات القائمة- لن تتحدد فى المستقبل القريب.

وما يدعونا لهذا القول هو أنه برغم تواجد عدد من مرشحى الرئاسة فى الميدان فى مليونية 5 يونيو وفيما سبقها من أيام؛ ومشاركة حزب الدستور فى المليونية ومن الطبيعى أن يكون وكيل مؤسسيه أحد عناصر القيادة فى الطريق الثالث ؛ وحسبما فهمنا فالمرشحون الثلاثة – كما بدا لكثير من المراقبين- مطروحون للمشاركة فى هذه القيادة.

وما نتخوف منه هو أن غياب معايير القيادة سوف يشكل مبررا أو يفتح مجالا واسعا لتفسيرات متباعدة وربما متناقضة للإجراءات والمسارات والشعارات المطروحة أو المقترحة أو المطبقة وهو أول المخاطر المتوقّعَة.

وتفسير ذلك؛ أنه باعتبار تشكيل القيادة من الأربعة التالية أسماؤهم ( حسب الترتيب الأبجدى ): 1- حمدين صباحى ( ناصرى )؛ 2- خالد على ( يسارى )؛ 3- عبد المنعم أبو الفتوح ( إسلامى) ؛ 4- محمد البرادعى  ( ليبرالى) فلا ضرر من كونهم متنوعي الانتماءات السياسية طالما اتفقوا مع شباب الثورة ومع الجمهور المرابط فى الميدان على معايير محددة وصحيحة يرتضونها ؛ وعلى مهمات بعينها يتم تنفيذها وتمنح الطريق الثالث ملامحه الكفاحية ؛ وعلى مسار واضح المعالم ؛ وآليات وأدوات تتناسب مع أهداف الثورة.

ويُرَجح البعض أن الانتماءات السياسية للثلاثة الأًوَل ربما كانت السبب فى عدم اتفاقهم على مرشح واحد يمثل الثورة فى انتخابات الرئاسة  تمهيدا لالتفاف الشعب حوله؛ فضلا عن حسابات خاصة لكل منهم فى استمراره فى السباق الرئاسى.. وربما يدفعنا ذلك السلوك للتوجس من تكراره فى وقت لاحق.

ونظرا لمعرفتنا بمواقف الأول والثانى المتقاربة.. والمنحازة للمطالب الاجتماعية للفقراء نجهل موقف الرابع تماما وهو شئ مثير للقلق خصوصا وقد كان فى إمكانه طرح ذلك فى مناسبات عديدة ؛ وندرك أن موقف  الثالث هو موقف جماعة الإخوان المسلمين منهم ( أى من الفقراء )؛ وهو ليس  فى جانبهم مهما ذكر فى دعايته الانتخابية شيئا مخالفا.

كما أن انحياز الثانى والرابع للدولة المدنية واضح يليه موقف الأول ؛ والموقفان بالقطع مغايران لموقف الثالث الإسلامى الهوى والهوية برغم ما يعلنه.

وبينما يُجمع الأول والثانى والرابع على ضرورة خضوع الجيش ومجلس قيادته لسلطة الدولة والرئيس ومساءلته فيما يُكال له من اتهامات بشأن موقفه وممارساته ضد الثورة والثوار .. يرى الثالث إمكانية الاستعانة برئيس مجلس العسكر .. لو وُفّق فى الانتخابات وتولى الرئاسة.. بما يعنى موقفا مختلفا.

ومن الناحية العملية فإننا نستبين المواقف الحقيقية مما أطلق عليه ” وثيقة العهد” “والمجلس الرئاسى”.. حيث قبلها الأول والثانى والرابع بينما الثالث رفضها بعد أن كان متحمسا لها ومبادرا بشأنها.. ولم ينقلب على موقفه المؤيد إلا بعد أن رفضها حزب الاخوان المسلمين.

وبناء على ذلك.. فهذه القيادة لايجمعها الحد الأدنى من المواقف السياسية التى يفترض أن تجمع مسئولين عن شعار شديد الأهمية والخطورة لاستئناف الثورة وتحقيق أهدافها.. وهو ما سينعكس بالقطع على الجمهور الواسع الذى سينضوى تحت لافتة الطريق الثالث.

هذا فقط عن عدد محدد من التقديرات التى ستحكم توجه الطريق الثالث، أما لوتطرقنا للموقف من الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل وعدد من دول الخليج فستتسع الفوارق أكثر بين الأربعة.

ولأننا ندرك أنه بالنسبة للفرد المشتغل بالعمل العام .. فلا يوجد موقف سياسى دائم أو ثابت.. طالما الواقع يتغير ويتبدل؛ ولا توجد كذلك مواقف وطنية أبدية.. لكننا ندرك كذلك أن هناك ثوابت وطنية فى مصر لا يمكن التزحزح عنها أوالاختلاف معها .. ومن هنا لا يجب أن  تتعارض قناعات قادة الطريق الثالث مع تلك الأهداف أو أن يكون بعضها متطابقا مع أفكار أحد الطريقين الآخرين .. صحيح أنه لا يمكن لذلك الطريق أن يضم أناسا كلهم متطابقى الأفكار؛ لكن وجود حد أدنى يجمعهم  يُعدّ شرطا مسبقا للعمل المشترك ..على الأقل لتجنّب الافتراق فيما بعد.

وإذا كان هذا الطرح الذى يستهدف شق طريق مغاير لطريق العسكر وطريق الإسلام السياسى قد بادر به رجل مثل حمدين صباحى.. كان لابد له من عرض مُقترَح  بملامحه المبدئية والدعوة لها من أول لحظة.. وكان عليه-  تبعا لذلك – أن يتجنب فى حركته ما يمكن أن يلتبس تفسيره.. بمعنى أنه طالما حدد طريقا مغايرا كان مطلوبا منه ألا يدخل فى حوار مع رموز الطريقين اللذين رفضهما.. ورفض التصويت لمرشحيْهما ؛ لأن كل حركة له أصبحت محسوبة عليه خصوصا ممن صوتوا له فى الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية.. وهم بالملايين.

-نخلص مما سبق لأن شعار الطريق الثالث رغم وضوح وتَحَدُد منطوقه بشكل لافت إلا أن المعايير التى تحكم مسيرته وتشكيل قيادته وآلياته يكتنفها الغموض؛ فهل سيضم قادة وجموعا أم سيضم تنظيمات وهيئات سياسية؟.. أم أنه سيكون شيئا أقرب إلى التنسيق الانتخابى منه لجبهة سياسية واضحة المعالم ؟.

– ولاشك أن ما طرحناه -عن تنظيم شباب الثورة وعن الاحتشاد الجماهيرى ومهماته؛ وأخَصُّها المبادرة وعدم انتظار الآخرين أيا كانوا ليتولوا تحقيق أهداف الثورة –  لا تجمعه صلة حقيقية بالطريقة التى تتم بها الاستجابة لشعار الطريق الثالث.. ورغم اتساع المسافة بينهما ( بين ما طرحناه وبين ماهو قائم ) إلا أننا يلزم أن نتحلى بطول النفس والدأب لمعاودة الحوار ونحن نقاطع الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة التى أوضحت الأخبار أن تقرير المفوضين- فى القضية المرفوعة بشأنه- لن يقف عائقا دون استكمالها.. إلا إذا كان للجموع التى تحتشد فى الميادين منذ مساء الثانى من يونيو 2012 رأى آخر؟!

السبت 9 يونيو 2012                                               بشير صقر