مصالحة .. أم محاصصة جديدة برعاية الجيش المصرى
بشير صقر
الحوار المتمدن-العدد: 4151 – 2013 / 7 / 12 – 02:50
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
” مصالحة وطنية ” أم اقتسام جديد للسلطة
بين الإسلام السياسى والفلول والشباب والنخب السياسية
بإشراف الجيش المصرى
حسمت الجماهير المصرية مساء الأحد 30 يونيو 2013 أمرها وأسقطت جماعة الإخوان المسلمين سياسياومعنويا وأكدت رفضها المبرم لها بعد عام من المعاناة.
ولأن الجماعة المذكورة فى كل ممارساتها وسياساتها قد قدمت مسوغات الإطاحة بها متمثلة فى كراهية شعبية عميقة غير مسبوقة ؛ وتفريط فى أبسط حقوق الفقراء وفى التراب الوطنى؛ وتحالف مع الأعداء التاريخيين للشعب ؛ واستقواء بالولايات المتحدة الأمريكية .. فلم يبق أمام الشعب وشبابه الثورى للشروع فى بناء دولته ومجتمعه ومستقبله سوى الإجهاز عليها تنظيميا وماديا بتفكيك أجهزتها وأوصالها ؛ وتجفيف منابع تمويلها ؛ وأسر ومطاردة فلولها وداعميها فى سيناء ومصادرة مخازن أسلحتها وعتادها واستئصال عناصرها فى القوات المسلحة والكليات العسكرية؛ ومحاكمة زعمائها وقادة حلفائها .
وبالمقارنة بثورة 25 يناير 2011 فإن الثورة الراهنة قد أفرزت عددا من المعطيات الجديدة والنتائج بالغة الأهمية نوجزها فيما يلى :
أولا:استعادة روح الثورة واسترداد شبابها لدوره :
ولأن الأرض صارت ممهدة – بعد عام أسود شديد الوطأة – لإزاحة حكم الإخوان المسلمين ؛ فقد شكلت الدعوة التى دشنها الشباب الثورى لجمع عشرات الملايين من التوقيعات المعارضة لحكم الجماعة مفجرا جديدا دفع بقطاعات أوسع من الشعب فى جميع المحافظات للتمرد والثورة.
وكان من الطبيعى للشباب أن يتلافوا الخطأ الفادح الذى ارتُكِب فى ثورة يناير 2011 والذى تمثل فى ترك الميادين منذ 12 فبراير2011 لبقايا النظام الحاكم ليستولى عليها تيار الإسلام السياسى ؛ وكان من الواجب على شباب 30 يونيو 2013 عدم الانزلاق لخطأ جديد شديد الخطراسمه ” دعوة للمصالحة الوطنية ” وأن يصروا على أن يتم الحوار بشأن خارطة المستقبل بين القوى التى شاركت وقامت بالثورة الجديدة فقط حيث لا مكان لأعدائها ولا للمتهادنين والمتقاعسين أومن أمسكوا العصا من المنتصف ولا لمن اتخذوا مواقف مزدوجة ولا للجبناء والمتحجرين؛ وأن يعملوا على تطبيق أجندتهم بل وتطويرها لخلق بدايات صحيحة لتمهيد طريق البناء وتطهيره وتنظيفه وبالتالى الشروع فيها.
ثانيا: النخب السياسية :
كما أبرزت ثورة 30 يونيوعدم قدرة النخب السياسية المبعثرة – أو المتجمعة فى تنظيمات وأحزاب- على المبادرة والالتحام بالشعب وخصوصا الشباب، وبددت وقتها فى نضالات احتفالية بائسة المردود؛ ولم تتمكن من التوحد أو التآلف أو التماسك أو تطهير صفوفها من العازفين عن العمل أو المتأرجحين بين معسكر الثورة ومعسكر أعدائها.
ثالثا : الوعى الشعبى:
وأكدت الثورة على ارتفاع الوعى النسبى لقطاعات من الجماهير فى عواصم الأقاليم والمدن الصغيرة وبين نخب الريف بل وأقسام من الحرفيين والفلاحين ، ويرجع الفضل الأكبر فى ذلك بالأساس لتدهور أحوالهم المعيشية وللإعلام المرئى والورقى أكثر منه للنخب السياسية .
رابعا: موقف الإدارة الأمريكية:
هذا وقد انفضح موقف الإدارة الأمريكية من الثورة بشكل عملى أمام الجماهير وذلك عندما كذبت ورفضت الاعتراف بما أقرت به شعوب العالم ووسائل الإعلام الدولية من رفض عشرات الملايين من المصريين لحكم جماعة الإخوان والثورة عليه. وبدلا من التمادى فى مراوغاتها ومماطلاتها قامت الإدارة الأمريكية بدعم سياسى وإعلامى للجماعة ضد الثورة .. على عكس ماحدث فى ثورة 25 يناير 2011 التى أفضت فى النهاية إلى استيلاء الجماعة على حكم مصر.
خامسا: انكشاف وتعرى موقف جماعة الإخوان المسلمين والإسلام السياسى :
أ- جماعة الإخوان وحلفاؤها ( الجماعة الإسلامية وحزب الوسط ) :
لقد مارست الجماعة حكما استبداديا فى مصرودعمتها بقوة الجماعة الإسلامية وحزب الوسط إضافة إلى كتل كبيرة من السلفيين سواء فى خرق الدستور والقانون وحصار للقضاء والإعلام بل واستخدام واسع للعنف المسلح وسفك الدماء وتفريط فى التراب الوطنى وتواطؤ على قتل واختطاف الجنود المصريين فى سيناء وشباب الثورة والشيعة و تبديد للموارد الوطنية وانتهاك لحقوق الشعب الأساسية فضلا عن تدهور شديد للأمن وإهمال واستهانة باحتياجات الشعب المعيشية وتنصل من كل الوعود التى تم القطع بها للشعب.
ب- السلفيون :كذلك رفضت قطاعات واسعة من السلفيين المشاركة فى ثورة 30 يونيو2013 واتخذت قواعدها وبعض قادتها موقفا معاديا للثورة بانضمامهم لاعتصام جماعة الإخوان وحزب الوسط والجماعة الإسلامية فى رابعة العدوية، وإمعانا فى المراوغة واللعب على الحبال شارك بعض منهم فى تلبية دعوة الجيش فى الحوار حول خارطة المستقبل مع شباب الثورة وجبهة الإنقاذ وممثلى الأزهر والكنيسة والمرأة وأبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية والتفاوض بشأن ترشيح رئيس مجلس الوزراء القادم .. ثم الانسحاب من الحوار يوم 8 يوليو فى أعقاب أحداث دار الحرس الجمهورى. وأغلبية السلفيين هم أصحاب شعار ( غزوة الصناديق) فى مارس 2011 إبان الاستفتاء على الإعلان الدستورى الأول وكانت مقولات مثل ( الخروج على الحاكم المسلم حرام حتى ولو كان ظالما ) , و( ظلم يوم خير من فتنة تدوم ) هى أهم شعاراتهم . وقد ناصروا جماعة الإخوان التى اختطفت الثورة الأولى ولم يختلفوا معها فى قضايا جوهرية بل فى أمور ثانوية معظمها يتعلق بنصيبهم فى غنائم ثورة 25 يناير وأبرزها الحقائب الوزارية؛ وظلت قواعدهم قابعة تناصر جماعة الإخوان فى رابعة العدوية منذ 28 يونيو. فهل بعد كل ذلك يمكن اعتبارهم حلفاء للثورة ؟ وهل يفصح ذلك التاريخ عن قربهم من الشعب أم أنهم أقرب لجماعة الإخوان ذات الماضى والحاضر الدموى؟ وبالتالى فأى مصالحة يمكن إبرامها معهم ..؟
ج- رئيس حزب مصر القوية : ومن ناحية أخرى أمسك رئيس حزب مصر القوية العصا من المنتصف فى ثورة 30 يونيو فرفض الانضمام إليها بينما عارضته أعداد كبيرة من شباب حزبه وشاركت؛ فضمن بذلك أن يرضى شباب الثورة وأن يتملق الإخوان بامتناعه شخصيا عن المشاركة وهوموقف يتطابق مع موقف جماعة الإخوان قبيل ثورة 25 يناير2011 عندما أعلنت عدم مشاركتها فى الثورة بينما ذهبت لوزير الداخلية الأسبق ( العادلى ) لتستأذنه فى مشاركة بعض شبابها فيها بشكل رمزى للحفاظ على شكل الجماعة بين أحزاب المعارضة؛ لكنه- أى أبو الفتوح – عاد وانسحب من حوار خارطة المستقبل إثر أحداث دار الحرس الجمهورى . ونذكر بأنه كان أول من هرول إلى مكتب إرشاد الجماعة فى أعقاب خروجه من الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة مصطحبا أحد المرشحين فيها للحصول على اتفاق يضمن له نصيبا فى الغنائم لكنه عاد خائب الرجاء.
وللحقيقة فهو لا زال متشبثا بالوقوف على أرضية الإخوان فكريا وسياسيا لكن أوهامه عن نفسه وتطلعاته الشديدة دفعتة للخروج من الجماعة ليشكل بعدها حزبا إسلاميا مستقلا يواصل من خلاله ألعابه البهلوانية المزدوجة فى مجال السياسة.
ويبقى السؤال : هل يمكن لأمثال هؤلاء أن يؤتمنوا على مصير الشعب وبالتالى أن تتم دعوتهم لمناقشة خارطة المستقبل أو لاستخدامهم كوسطاء فى عملية المصالحة المزعومة..؟
سادسا : الدعوة لـ “مصالحة وطنية “:
قبيل الجلسة الأولى لمناقشة خارطة المستقبل برعاية القوات المسلحة انطلقت نداءات على شاشات الفضائيات بل وتكررت داخل هذا اللقاء بالدعوة لما يسمى بالمصالحة الوطنية ، ولأن تلك الدعوة ليست واضحة المعالم ولا مفهومة الهدف ؛ ولأن الساحة الوطنية تحتاج الآن لتعبيد طريق البناء الوعروتمهيده؛ ولأن أمامنا تجربة مريرة سابقة فى ثورة يناير 2011 تركت جهاز الدولة فى أيدى فلول مبارك ومنحت برلمانها لتيار الإسلام السياسى وقيادتها لجماعة الإخوان فأسفرت عن تدهور شديد فى أوضاع المجتمع لم يسبق له مثيل وتردت سمعة الوطن فلا مناص أمامنا من الاتعاظ بتلك التجربة خصوصا وأن المصالحة الحقيقية لا يصح ولا يجب أن تبرم بين المشاركين فى الثورة وبين أعدائها.
* فمعظم فصائل الإسلام السياسى داعمة لجماعة الإخوان حتى ولو اختلفت معها لبعض الوقت أو فى بعض القضايا. كذلك فمن الطبيعى أن يشجع فلول مبارك ثورة 30 يونيو 2013 ضد جماعة الإخوان وذلك التشجيع لا يشكل اعترافا ولا جوازا لمرورهم إلى معسكر الثورة .. فتاريخ الحزب الوطنى تاريخ أسود ومعروف للكافة سواء فى إفقار الشعب وقتل الثوار فى يناير 2011 أو قبل ذلك فى نهب ثروات الوطن أو مصادرة الحريات ونشر الفساد أوالتعاون والتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل فى إبادة الشعبين الفلسطينى والعراقى أو فى عقد الصفقات مع جماعة الإخوان المسلمين أو فى استمرار وجودها.
* ولأن الثورات تندلع ضد الحكام المستبدين الذين يبددون الثروة الوطنية أو ينهبونها أو يتاجرون بسمعة الوطن وترابه لذلك تزيحهم الثورات وتنظف طريقها منهم ومن أنصارهم ومعاونيهم وأتباعهم حتى لا يعرقلوا عملية إعادة البناء ولكى يتم تعويض النهب واسترداد الكرامة الوطنية والحقوق الأساسية للشعب ؛ ومن هنا فالتصالح لا يتم بين من كانوا ينهبون الشعب ويبعون الوطن ويغيرون هوية المجتمع المصرى التى ميزته بين شعوب الدنيا ويجرونه للخلف عشرات القرون ليمحوا حضارته ويوقفوا تقدمه وبين من يطالبون بالعدل والحياة الكريمة والتقدم ويحاولون تحقيقها وقبل ذلك بإزاحة هؤلاء المعوِّقين من طريقها.. وبعد ذلك ليشرعوا فى تحقيق الحياة التى يرتضونها.
* ودعوة المصالحة يمكن أن تُدفع كعربون للتسامح وحسن النية بين فصائل فى نفس المعسكر لا بين معسكرين متعارضين ، فهى فى الحالة الأولى دعوة لتقوية معسكر الثورة بينما فى الحالة الثانية دعوة لوقف تقدمها وتقديم تنازلات لمن استبدوا وأفسدوا وتاجروا بدماء الثوار وبتراب الوطن مع أعدائه والتراخى مع أعوانهم الذين دعموهم أو ناصروهم أوانحازوا لهم.
المصالحة تتم – من الناحية المنهجية – بين مجموعات تشترك فى عدد من القواسم والقيم الواحدة والأهداف والمصالح المشتركة وليس بين كيانات تتعارض وتختلف فى القواسم والقيم والمصالح والأهداف، لاتتم بين من يبغى التقدم وبين من يريد العودة بالمجتمع إلى القرون الوسطى ؛ ولا بين من ينشد الحرية وبين من يستهدفون الاستبداد ويمارسونه ، ولا بين من يحلمون بالأمان والاستقرار وبين من يستخدمون الحرب والعنف إزاء أى معضلة تصادفهم فى الحياة وينضح تاريخهم بالمذابح والقتل، ولا بين من يهدفون إلى تعايش العروق والأجناس والديانات والمتحدثين بلغات مختلفة وبين من يرفعون شعار من ليس معى فهو ضدى أو عدوى خصوصا لو كان من ديانة مختلفة ، ولابين من ينكرون الدولة ويتبنون فكرة الخلافة وبين من يقرون بمبدأ المواطنة ؛ ولابين من يقْصون جميع الآخرين ويضيقون عليهم الخناق أويحرمونهم من الحياة وبين من يؤمنون بمبدأ التعايش لكل من يستوطن مصر، ولا بين من يكذبون وينافقون ويغدرون ويحنثون بالوعود وبين من يتسمون بصفات معاكسة ، ولا بين من يتلقوا السلاح والمال من الأعداء والأجانب والمحتلين ليستخدموه ضد شعبهم وبين من يضحون ويعتمدون على عملهم وعرقهم لتحرير وطنهم من المحتلين والمعتدين والطغاة.
* ومن زاوية أخرى يمكن لدعوة “المصالحة” أن تكون مخرجا للإسلاميين من المأزق الراهن- الذى يعيشونه – لاستئناف النشاط واستعادة التماسك ثم معاودة الهجوم على الثورة فى الوقت الذى تتصور فيه الثورة أنها قد أمنت شرهم بإبرام تلك المصالحة وساعتها ستتبين مدى خطورة الفخ الذى تم نصبه لها وصار عليها أن تواجهه وربما فى أوقات لا تناسبها.
* كما يمكن لدعوة المصالحة أن تستر أهدافا أخرى مثل إعادة المحاصصة بإعادة تقسيم السلطة بين هؤلاء الفرقاء ( الإسلاميين – فلول مبارك – شباب الثورة – النخب السياسية ) تحت إشراف الجيش؛ لكننا نقطع أن هذه الأهداف وتلك الخطة لن تلبث- حتى لو تم تنفيذها- أن تنهار وتعوق عملية البناء وتبدد الوقت وتعيدنا إلى المربع رقم واحد.
* ونؤكد أن تلك المصالحة سيتم تنفيذها بسرعة بالغة داخل معسكر الإسلاميين وبين فصائلهم وربما مع آخرين من القوى المضادة للثورة لكنها لا يجب أن تتم بين معسكر الثورة ومعسكر أعدائها.
لذلك لابد من توضيح ذلك المفهوم ( المصالحة ) والغرض منه فى هذه اللحظات وأطرافه وكيفية تنفيذه ونتائجه المحتملة والسيناريو المتوقع فى حالة فشله .
لذا نطرح السؤال التالى بصراحة ودون حرج : هل كانت تلك الدعوة تعنى من طرف بعيد إشراك فلول الحزب الوطنى فى الحكم حتى ولو بعد حين..؟ أم أنها تقتصر على السلفيين ؟
فإن كانت تعنى السلفيين فقد أجبنا وإن كانت تقصد فلول الحزب الوطنى التى مازالت تملك دعائم موجودة بقوة فى جهاز الدولة فسوف تشكل عراقيل هائلة فى طريق إعادة البناء وربما تعيد إنتاج مرحلة انتقالية ؛ قريبة الشبه بالأولى التى أعقبت ثورة 25 يناير.
موجزأخير:
• منافسون على الحكم .. لا معارضون.
* لقد ارتكبت جماعة الإخوان المسلمين من الجرائم ما أقنع الشعب المصرى بأنه قد أخطأ خطأً فادحا عندما منح الجماعة تأييده فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، فسقطت عنه كل الأوهام التى عاش فيها زمنا طويلا بشأن الجماعة ؛ وبرهن بالدليل العملى القاطع أن ” بتوع ربنا ” لم يكونوا صادقين أو عادلين ولم يعملوا بما وعدوا به ودفعوه للثورة عليهم وإزاحتهم من طريقه وهو – أى الشعب – ليس نادما على ما فعل .
* كما أدرك أن السجون والمعتقلات التى دخلها أعضاء الجماعة لم تكن إلا بسبب صراعهم على السلطة واستخدامهم للسلاح للاستيلاء على الحكم فقط مع كل الأنظمة والحكام الذين تولوا حكم مصر منذ عام 1928 وليست لدفاعهم عن الشعب وحريته وحقه فى حياة كريمة ؛ وهم بذلك لم يكونوا أكثر من منافسين على كراسى الحكم ليس أكثر ولم يكونوا يوما من الأيام معارضين حقيقيين للظلم والفساد والاستبداد ولا مدافعين عن استقلال الوطن ، فالمعارض هو من يضع مصلحة الشعب والوطن فى حدقات عينيه.
• مصالحة .. أم فرصة جديدة لوأد الثورة ..؟
إن دعوة المصالحة الوطنية لا يجب أن تُوجه لمن يعادى الثورة ولا لمن يتحالف مع أعدائها أو يجبن أو يستنكف عن المشاركة فيها .. والفيصل فى ذلك هو الموقف العملى- خصوصا فى اللحظات الحرجة – وليس التصريحات والادعاءات .
ولذلك فإن الدعوة المناسبة للمرحلة الراهنة هى التطهير .. تطهير المجتمع ممن يبثون السموم فى عقول البسطاء ويؤسسون التنظيمات المسلحة لفرض وجودهم وآرائهم بالقوة والإكراه ويستعْدون أمثالهم من غير المصريين على مواطنيهم من شعب مصر ، الدعوة المناسبة الآن هى التخلص من قادة هؤلاء الأعداء وحلفائهم ومناصريهم واجتثاث أفكارهم من عقول البسطاء ووجدان المضللين من أعضاء تنظيماتهم ولذا وجب البدء فى حملات تنوير وتثقيف واسعة تشمل كل فئات الشعب خصوصا البسطاء والفلاحين وذلك لإخلاء طريق الثورة منهم لإعادة البناء دون عراقيل ؛ ولا خوف من ذلك طالما كانت النية خالصة ومنعقدة على البناء والتقدم إلى الأمام .. فساعتها ستشارك فئات كل الشعب فى عملية البناء ، وسينعزل كل المعارضين والمناوئين ويطويهم النسيان ، أما لو كانت النية مضمرة فستكشفها الأيام وعندها يكون لكل حادث حديث.
إن المصالحة المنشودة ليست هى المصالحة التى تملأ شاشات الفضائيات فالأخيرة ستفضى إلى إعادة إنتاج النظام السابق أو الأسبق ولو بطبعة منقحة وغلاف براق؛ حتى لو تم إقصاء عدد من قادة جماعة الإخوان والحزب الوطنى بمحاكمات مدنية؛ ولا يمكن أن يتم ذلك دون إعادة تربية قواعد تلك الأحزاب والفصائل من العهدين السابقين ودون التيقن العملى من اقتناعها بخطأ مسارها وتصوراتها وأفكارها السابقة؛ ودون الرغبة الأكيدة فى المشاركة الشريفة.. فالوضع الاقتصادى والأمنى والسياسى لا يحتمل التجريب ولا إبداء حسن النية فى غير موضعه ولا السذاجة خصوصا وأن الأوضاع المعيشية لن تتحسن إلا ببطء وليس كما تتصور الجماهير علاوة على أن المتربصين بمصر وشعبها قابعون حولها بقواعدهم العسكرية وجيوشهم وأموالهم .. يتحينون الفرص…….