قبل ساعات معدودة من صدور قرار النيابة العامة فى أحداث العمرية : لماذا أصبحت اللحظات الأخيرة صعبة على رئيس مباحث أمن الدولة بالبحيرة ..؟

تصور العميد طارق هيكل رئيس فرع أمن الدولة بالبحيرة أن الطريق سيكون سهلا  فى استيلائه على أرض أسرة شهاب بالعمرية مركز دمنهور نظرا لاقتناصه 15 فدانا قبل أعوام قليلة من أسرتين بنفس القرية فى مدة قياسية وبجهد بسيط ، لكنه لم يتوقع  ان يفشل مخططه هذه المرة ولم يضع مقاومة الفلاحات له فى الحسبان، كذلك لم يضع فى اعتباره أن يتولى القضية رجال نيابة من هذا الطراز ولا بهذا الدأب ولا بتلك الدقة.

 كما أنه لم يتخيل أن يتدخل بعض مراكز حقوق الإنسان  فى متابعة الأحداث ، ولا كان يدرك أن أطرافا كثيرة ستضع رأسها فى الموضوع وتكشف كل مخالفاته القانونية و تجاوزاته فى استخدام سلطاته وبهذه السرعة.

باختصار فإن ما تصوره إضافة لما سبق أن اقتنصه  اتضح أنه مطروح مما سبق أن بناه  كضابط شرطة فى حقل البوليس السياسى.

فالتحقيقات التى أجرتها النيابة انتهت تقريبا منذ 16 يونيو 2010 ، ونعتقد أنها فى صالح الفلاحين استنادا إلى تقديرات هيئة الدفاع عنهم من ناحية وأقوال بعض الشهود  من ناحية أخرى ، وما عرفناه عن المعاينات التى تمت للأرض لاستيضاح  ما ادعاه الفلاحون عن إتلاف مزروعاتهم ومحاولة تغيير معالم الأرض والتيقن ممن يحوزها  من الطرفين .. إلخ ، فضلا عن انتشار أخبار هذه الأحداث فى المناطق المحيطة ومدينة دمنهور.

ونعتقد أن السيد هيكل يعانى من وضعين أحلاهما مر:

الأول : أن يستسلم للأمر ويقبل بقرار النيابة العامة المتوقع بإبقاء الحال على ما هو عليه .. ومن ثم يلجأ للقضاء إن كان يرى نفسه متضررا ، وهو اختيار غاية فى الصعوبة لشخص مثله يستطيع بسلطانه أن أن يبث الرعب فى أوصال مدينة بكاملها ويدفعها لملازمة المنازل ناهيك عن قرية صغيرة وفلاحين بسطاء لا يملكون مالا ولا سلطانا ولا وعيا .

والثانى : هو شن حملة ترويع وتفتيش واسعة على قرى المنطقة التى يتوقع أن يختفى فيها أصحاب الأرض من الفلاحين  لتضييق الخناق عليهم  وعلى من يأوونهم للقبض عليهم  وإجبارهم على التوقيع  على تنازلات عن الأرض ، لكنه يعرف أن ذلك  سوف يصطدم بعدة عقبات هى :

1-  ما ستتسبب فيه تلك الحملة من ردود فعل شعبية وإعلامية ضده وهو ما لا يتحمله  وضعه الراهن و يمكن أن يقلل فرصته فى الاستمرار فى محافظة البحيرة ناهيك عن الاستمرار فى جهاز أمن الدولة نظرا  لما  يتمتع به من مصاعب فى مديرية الأمن  و داخل فرع الجهاز فى البحيرة.. علاوة على  أن  استثماراته  قد تتعرض لخسائر ذات وزن فيما لو غادر البحيرة.

2-  أن فشل هذه الحملة – لو تم تنفيذها – سيضاعف من تدهور وضعه فى المديرية والجهاز معا وسيسفر عن ارتفاع معنويات فلاحى القرية بما يدعمهم فى أية مواجهات قادمة.

3-  أن المسار السابق لتحقيقات النيابة سيكون هو المسار اللاحق لها فيما لو تم تنفيذ الحملة وهو ما سيزيد  من تدهور موقفه القانونى فى القضية الذى لا يمكن التحكم فى انعكاساته على بقية أوضاعه الأخرى.

4-  أن رؤساءه  لن يطول صبرهم عليه فى دعم حملة قد لا تسفر عن نتيجة ولا تهدف إلا إلى دعم ضابط يتجاوز فى استخدام سلطاته لا عتبارات شخصية وليس لاعتبارات أمنية أو سياسية بل ومن المرجح أن تكون لها عواقب سياسية غير مستحبة فى وقت تعانى  فيه الداخلية من انتقادات شديدة بشأن مصرع  الشاب خالد صلاح فى الإسكندرية، علاوة على ان كثيرا من معارضى النظام الحاكم  سيستثمرون نتائج الحملة فى كسب جمهور المحافظة لصفهم .. وليست أحداث انتخابات  مجلس الشعب  بمدينة دمنهورعام 2005 بغائبة عن الأذهان.

لكل ذلك فهو محاصر – كما قلنا – بين اختيارين  أحلاهما مر ، فإما الاستسلام للأمر الواقع ولقرار النيابة العامة المتوقع صدوره لصالح خصومه من الفلاحين .. وإما شن حملة ترويع وتفتيش تصب نتائجها ضد الدولة ولصالح معارضيها .. وهو ما لن يوافقه عليه رؤساؤه  فى المديرية والجهاز معا.

وحتى لو فكر فى شن حملة بواسطة أفراد فرع أمن الدولة بالبحيرة فقط  فإن فشلها  قد يقضى على استمراره بوزارة الداخلية.

لذلك نعتقد أنه يعمل فى سرية تامة وبإصرار شديد للقبض على خصومه من الفلاحين لإجبارهم على التنازل عن الأرض بالقوة .. رغم أنه لا يضمن- فى حالة العثور عليهم – أن يتنازلوا عن الأرض فربما يصمدون للعنف .. ولا يقبلون الانصياع لإرادته.

وربما يكون بحثه عنهم بغرض إجبارهم على حل وسط كالذى عرضه على الفلاحين وفد عُمدْ الدلنجات ( الشويلحى ورسلان والشنديدى ) بتنازلهم عن مائة قيراط مقابل الاحتفاظ بأربعين قيراطا  فقط .

عموما الكرة الآن فى ملعب النيابة العامة .. التى ينتظر الفلاحون قرارها  بينما  يهيم بعضهم على وجهه فى انتظار الفرج.

 

الأحد 20 يونيو 2010                

لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر

 

موقع اللجنة الإلكترونى :   www.tadamon.katib.org