الأزمة تمسك بتلابيب أطراف العملية السياسية فى مصر
الأزمة تمسك بتلابيب أطراف العملية السياسية فى مصر
تمهيد :
لا شك أن نتائج الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية فى مصر قد وضعت جميع أطراف العملية السياسية فى أزمة حقيقية .. نظامَ العسكر وتيارَ الإسلام السياسى والشعب؛ لكن إمساكها بتلابيبهم قد اختلف من طرف لآخر؛ فنظام العسكر قد استنفد أهدافه ومبررات وجوده فى إدارة الحكم ويبحث عن مبررات جديدة ؛ و الإسلام السياسى انكشفت أغراضه ومراميه وأدواته ومصداقيته فى الهيمنة على المجتمع ، أما الشعب فلا زالت أقدامه – رغم ما أنجزه فى انتفاضة يناير 2011 – لا تقوى على حمل رأسه المتخمة بالآمال والإمكانات والمواهب ؛ وبالتالى عرقلت قدرته على تحويل ما فيها إلى عمل حقيقى يزرع ويرعى ويحصد ويحمى آماله أو ما تحقق فى اتفاضته.
أطراف الأزمة:
1- نظام العسكر:
– وأزمة نظام العسكر الحاكم تتمثل فى أنه مواجه بثورة أطاحت برئيسه وعرّت مجلس جنرالاته الذى تولى الحكم فى 28 يناير 2011 فرفضه الشعب ؛ وما زال صدى أحد أقوى الشعارات التى دوّت فى أرجاء البلاد ” يسقط حكم العسكر” يؤرقه بشدة ؛ بعد أن أصم أذنيه شعار أهم ” الشعب يريد إسقاط النظام ” .
وفضلا عن استقبال الجماهير لممثله فى انتخابات الرئاسة بالأحذية أينما ذهب؛ اكتشف الشعب زيف الإجراءات التى استخدمها ذلك المجلس فى الانتخابات وتواطأت عليها لجنته العليا محتمية بالمادة 28 من الإعلان الدستورى سئ الذكر. وكان تناقض أعداد الناخبين فى كشوف انتخابات 2011 مع أعدادهم فى كشوف 2012 ؛ والبلاغات المقدمة للنائب العام من ضباط شرطة باستحداث ما يقارب المليون بطاقة هوية وانتخابية لطلاب وجنود شرطة وجيش لا يحق لهم التصويت؛ وتصريحات عدد من المراقبين المحايدين حول التشكك فى نزاهة الرصد فى عمليات التصويت والزيادة فى أعداد المقترعين فى مايو 2012 عنه فى مارس 2011 .. بمثابة غارات إعلامية متربة نالت من سمعة المجلس وعفّرت تأكيداته المسبقة عن نزاهة الانتخابات قُبيل أسابيع من موعد حدده بنفسه لمغادرة المسرح.
– من ناحية أخرى فرصيد الكراهية الشعبية للنظام فى مرحلة ما قبل 25 يناير 2011 مازال قائما بل وتزايد بحصيلة أخرى للخمسة عشر شهرا الماضية؛ بالذات فيما يتعلق بعمليات البلطجة و القتل والبطش والاعتقال ضد الثوار والاحتجاجات الشعبية المشروعة.
وهذا كله يخلق استحالات متصاعدة فى قدرته على الحكم فى المرحلة المقبلة بطريقة تغاير الطريقة القديمة ؛ و يفاقم أزمته ؛ ويصمه بعناد البغال وربما بالخَبَل لإصراره على استرداد هيمنته بنفس المنطق والوجوه التى استخدمها قبل ذلك وأزاحها الثوار جانبا وألقوا بها على الأرض .. لكنه الغباء الذى يُملى عليه اتّباع – ليس فقط – نفس الأساليب العتيقة بل و الوجوه المحروقة.
2- تيار الإسلام السياسى :
أما تيار الإسلام السياسى فأزمته أشد وإن كانت من زاوية مغايرة لأن :
أ – مواهبه وكفاءاته تجلت بأقصى طاقتها فى زمن سابق هو زمن كونه ” معارضا للنظام ” .. وبتعبيراتنا نحن [ زمن كونه (منافسا ) للسلطة الحاكمة ] ، فهو يتطابق معها فى برنامجها السياسى والاقتصادى وأغلب برنامجها الاجتماعى لكنه يزيد عنها فى رصيد آخر بالغ الأهمية هو عداؤه الصريح للمخالفين له فى الدين والعقيدة وفى موقفه من المرأة ومن الثقافة؛ فضلا عن تاريخه الدموى الذى يتجاوز الثمانين عاما فى اعتماد العنف والدم والتكفير وسيلة وحيدة فى الحوار مع كل من يخالفونه الرأى.
ب- ولأنه – على طول تاريخ أقدم فصائله .. جماعة الإخوان- اعتاد أن يميل فى اتجاه الكفة الراجحة ومهادنة الحاكم ومراءاته حتى يتمكن من دق أوتاده قريبا منه.. ليحالفه؛ وعندما يتمكن .. يشرع فى منافسة ندية معه أو فى إزاحته ، لكنه وبسبب قلة خبرته السياسية وحالة النشوة التى انتابته بعد إسقاط رأس النظام واحتلاله لأغلب مقاعد البرلمان وشعوره بقوة خفية تدفعه نحو تحقيق أحلامه التاريخية.. فقد اتزانه وارتكب عددا من الأخطاء أكدت لكثيرمن المراقبين وللعسكر أنه ليس قانعا – ولن يكتفى- بدور الشريك الأصغر فى اقتسام السلطة مع العسكر وشرع فى المناورة والضغط على المجلس العسكرى فى ( لجنة كتابة الدستور؛ وتنحية وزارة الجنزورى؛ والتعجيل بإجراء الانتخابات الرئاسية والدفع بممثل له فيها عكس ما تعهد وأعلن؛ وتعليق انعقاد البرلمان وأخيرا اللجوء لميدان التحرير) .
-باختصار عندما غادر مقاعد المعارضة.. وظهر على السطح انفضح فى خمسة عشر شهرا بقدر انفضاحه فى خمسين سنة سابقة بل وسَهُلت قراءته لكثير من قطاعات الشعب.. وتلك هى إحدى إيجابيات الثورة التى لا يتنبه لها الكثيرون.
ولذلك فإن الجهد المطلوب بذله فى المرحلة القادمة لتعريته تماما مما كان يستره فيما مضى سيتضاءل مقارنا بمثيله الذى بُذِل فى فضح النظام الحاكم.
– ورغم المآخذ التى ذكرناها فهو يتميز– مقارنا ببقية أطراف الصراع السياسى- بامتلاكه لتنظيمات جماهيرية منتشرة فى الأقاليم والريف ، ويُعتبَر التصدى له فيها .. هو مربط الفرس فى حسم الأمر معه.
– ورغم أن هناك من الأفكار الأدوات والوسائل ما يُمَكّن من مواجهته بفعالية فى الريف مثل إبراز مواقفه القديمة من رفضه القاطع – ليس فقط – لقانون الإصلاح الزراعى بل ولمبدأ الإصلاح الزراعى باعتباره ضد الإسلام .. ومواقفه الحديثة – عام 1997 – فى تأييد الحزب الوطنى الحاكم فى طرد مئات الآلاف من مستأجرى الأرض الزراعية بقانون الإيجارات الجديد وإلقائهم على قارعة الطريق فريسة للتشرد والجريمة والبلطجة وجماعات العنف المسلح .. إلا أن اندلاع الثورة وتركزها فى المدن الكبرى قد أبقى على وضعه فى الريف والأقاليم متماسكا ؛ ولم يتأثر بضربات الثورة الموجعة التى وجهتها جماهير المدن للنظام .
وعليه فجملة المعارك التى يتم خوضها ضد تيار الإسلام السياسى تدور فى غير ميدانها الأنسب وتجرى فى المدن بينما الأجدر أن تتركز فى الريف والأقاليم.
-والإسلام السياسى ضد الجموع ..ضد الجماهير.. وليس فى منطقه فى الحياة .. طرفان متكافئان.. بل طرف واحد يتحدّث ويأمر .. بينما الآخرون .. كل الآخرين مستمعون متلقون طائعون .. ويقومون بالتنفيذ حتى داخل تنظيماتهم.
– وهو ضد الأحزاب ( أحد شعاراتهم القديمة : لاحزبية ) : لأنه لا يرى ضرورة لأن يتحول البشرمن كائنات وحيدة متباعدة ومنعزلة إلى قوى إجتماعية متماسكة لها حقوق وحريات وأهداف ومطالب .. تمارس دوراً وتتمتع بوزن وحيثية ؛ فقط يرى أن يستخدم جزءا من هذه الجماهير ( أعضاء تنظيماته) فى قمع وإسكات وإرهاب الآخرين بل وقتلهم باعتبارهم يشكلون خطرا عليه إن تطلب الأمر ذلك.
-وهو ضد الآخر ( أحد شعاراتهم: لا شرقية ولا غربية) أى ضد الاتجاه للشرق الذى كان اشتراكيا ، وضد الغرب الذى يأخذ بأسباب الحياة الحديثة لا لسبب إلا لاهتزاز ثقته بنفسه يفضل الانكفاء على الذات ويخشى التواصل مع الآخرين ويتجنبه ؛ وهو لهذا السبب مع الانغلاق ويتأكد ذلك بالدليل العملى باستعراض التاريخ الاجتماعى للدول التى ترفع راية الأسلمة كالسعودية وأفغانستان وباكستان وهى نفس الدول التى يرتادها ويفضلها ذلك التيار.
– وهو من حيث الثقافة والأفكار والإيديولوجيا أقرب إلى المجتمعات الإقطاعية ؛ فهو اقتصاديا مع الإقطاع وضد الفلاحين خصوصا فى مصر ، وثقافيا ضد المرأة وضد عملها وتوليها المناصب السياسية والقضائية ؛ وضد الفنون والآداب والإبداع ، وسياسيا مع عقد الصلات القوية بالدول الديكتاتورية والرجعية والمعادية لشعوبها خصوصا ممن على شاكلته أو التى تتبنى أيديولوجية دينية ، ويمثل المذهب الميكيافيلى ( الغاية تبرر الوسيلة ) أهم أفكاره الفلسفية والسياسية وممارساته العملية.
– لكل هذه الأسباب مجتمعة عانى تيار الإسلام السياسى وتحديدا جماعة الإخوان منذ نشأته وحتى نهاية الأربعينات من العزلة وضعف الثقة فيه من الدوائر المحيطة ذات المصداقية العالية والاستنارة ولذا كان يركز نشاطه فى أوساط البسطاء ومعدومى الثقافة ويسعى دائما لعزلهم عن الاختلاط بالجمهور السياسى فى المجتمع ويحرم عليهم الحوار معه أو حتى النقاش داخل الجماعة التى يحكمها مبدأ السمع والطاعة والمبايعة؛ ويتخذ مواقف غاية فى التشدد ممن يشعرون من أعضائه بأنهم اختاروا الطريق الخطأ.
– من ناحية أخرى ساهمت مصادرة الحريات السياسية منذ عام 1952 فى انخراط مزيد من الجمهور فى عضويته بالذات فى عهد السادات الذى سمح له بهامش من الحركة والنشاط لمواجهة الحركة الوطنية المطالبة بتحرير الأرض؛ كما لعب الفساد فى عهد مبارك دورا إضافيا مساعدا فى ذلك؛ بل وأسهم وضعه ” المعارض ” وكذا سياسات قمع النظام للمعارضين – فى ظل مناخ يجرم العمل السياسى- فى صعوبة اكتشاف الأجيال الجديدة لمكامن الخطر فى مساره وأفكاره وممارساته التى لا يمكن اكتشافها إلا فى جو من الحرية والعلنية..وهو ما ظهر واضحا بعد انتفاضة يناير 2011 ..حيث توالت الانشقاقات والتصدعات والخلافات من مجموعات من الشباب والعناصر القيادية.
– لكن أزمة نوعية جديدة فاجأت ذلك التيار بعد الانتفاضة ودفعت بعض فصائله لاستخدام خطاب يبدو مختلفا ويُظهِرُهم – من حيث الشكل وليس المضمون – كبشر متحضرين يسايرون العالم ولا يتناقضون معه ، ومع ذلك كانوا يتهمون كل من يكشف حقيقتهم وتخلفهم بأبشع التهم .
– وهذا التيار رغم الحمّى التى انتابته فى سعيه للقبض على منصب الرئيس – حتى لا يترك ثغرة ينفذ منها أعداؤه – يخشى من إدارة الدولة والمجتمع بمفرده ولذلك يلوح بإمكانية الائتلاف مع قوى أخرى .. ويسعى لتقديم الرشاوى لمرشحى الرئاسة متوهما أن جميع البشر من طينته .. وهذا الفهم راجع لأسباب متنوعة منها كونه فقير فى الثقافة .. مسطح وجاهل ومتعصب .
3- الشعب:
أما أزمة الشعب فهى أزمة مركبة .. تتمثل فى كونه مبعثرا منفرطا لا تضمه تنظيمات حقيقية فعالة ومؤثرة تحدد أهدافه ومطالبه وأدوات كفاحه ؛ ولا تربطه إرادة واحدة ؛ ولا تجمعه وسائل اتصال سريعة وبعيدة عن عيون المتلصصين، وعليه فالفارق شاسع فيما يحدث بين أفراده المشتتين وما يحدث فى صفوف أعدائه (النظام الحاكم.. وتيار الإسلام السياسى ).
-فالنظام الحاكم له منظماته وأجهزته المتنوعة ( الجيش ، الشرطة ، الإعلام ، البلطجة، وغيرها ) وتصل تعليماته فى أوقات الطوارئ إلى قيادات وقواعد تلك الأجهزة والمنظمات بسرعة بالغة ، ولا يستغرق الحوار بشأنها أكثر من دقائق ليبدأ بعدها التنفيذ .
-ونفس الشئ فيما يتعلق بالغريم الآخر ( تيار الإسلام السياسى) الذى يتشكل من عدة فصائل ( الإخوان ، والسلفيين ، والجماعة الإسلامية ، والجمعيات الأهلية وغيرها التى تمثل واجهتها العلنية ، والمؤسسات الاقتصادية الممولة ، ونوبتجية المساجد والزوايا) وكل فصيل منها يضم هيئات أخرى أدنى ، فالإخوان لهم مكتب للإرشاد وآخر للشورى وأجهزة مستقلة لفرق الكشافة والاتصال ، والدعوة ، والتنظيم وغيرها بخلاف أهم الأجهزة وأعمقها سرية وهو الجهاز السرى المسلح الذى كان يسمى الجهاز الخاص.
وفى لحظات الأزمة لا يستغرق اتخاذ القرار أكثر من دقائق بعده يتحول إلى تعليمات وأوامر تنتقل إلى أقصى مكان فى مصر .
-أما الشعب فهو مجرد أفراد متناثرين لا رابط بينهم وما يجمع بعضهم هو علاقات شخصية فى معظم الحالات ، ولا تمثل الأحزاب والائتلافات والنقابات والاتحادات الجديدة أكثر من مئات أوآلاف معدودة أغلبها متنافر وشكلى ولا تجمعها إرادة واحدة ( جبهة أو تحالف أو حتى هيئة تنسيق )علاوة على كونها جميعا فقيرة ليست لها أية موارد تمويلية ، فضلا عن أنها وهو الأهم تمارس نشاطات طابعها الأبرز فى أغلب الأحوال طابع إحتفالي .
-ولتأكيد ذلك التبعثر نُذكّر بمحاولة قام بها عدد من المثقفين لحث مرشحى الثورة الأربعة فى انتخابات الرئاسة على اختيار أحدهم ليصطف الشعب حوله .. إلا أن المحاولة تعثرت سريعا ولم تسفر حتى عن التقاء المرشحين.. وتم رفض العرض من حيث المبدأ.
وما يدفعنا للقول أن الشعب فى مأزق حقيقى هو أن العسكر قد أجبروه على اختيار رئيس من مرشحين أحدهما ممثل للنظام السابق البائد .. والثانى ممثل للنظام القادم العائد بالمجتمع إلى القرون الوسطى.
-ولعل تجربة الشعب المصرى الذى رفع شعار ( الجيش والشعب إيد واحدة ) وما تلاه من إعطاء تيار الإسلام السياسى 70 % من مقاعد البرلمان ؛ لعل هذه التجربة تفسر لنا أن أسباب الأزمة التى يعيشها الآن هى من صنع يديه .. صحيح أنه ليس مسئولا عنها بالكامل- لأنه عاش ستين عاما متصلة محروما من الحريات السياسية ولا يتناقش إلا فى كرة القدم ومسلسلات التليفزيون حتى بلغ عزوفه عن النشاط السياسى وعزلته وإحباطه حدّ الاستهانة بتزييف إرادته فى كل الانتخابات والاستفتاءات التى جرت على مدى هذه الفترة- لكن الأمانة توجب علينا أن نعترف بها.
الاحتمال الأبعد.. والحل الأكيد :
-وفيما يتعلق بالخيارالصعب الذى يواجهه فى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية ؛ لا يوجد حل ناجع فورى يمكن اقتراحه .. اللهم إلا تأجيلها لأجل غير مسمى أو محدد إذا ما بارحت جماهير الشعب منازلها إلى الشوارع فى انتفاضة جديدة وهو أمر شبه مستبعد فى ظل المعطيات الموجودة على الأرض التى منها تعليق الأمل على حكم المحكمة الدستورية بشأن البت فى القانون المسمى بقانون العزل السياسى وما يمكن أن يسفر عنه من استبعاد مرشح العسكر وحلول مرشح الثورة مكانه، وما عدا هذا فسيظل الخيار الصعب هو الأمر الواقع الذى لافكاك منه .. وهو أن تجرى جولة الإعادة بين مرشحين كلاهما مرفوض.
ولذا يجب أن يهيئ الشعب نفسه لمعركة طويلة فى مواجهة النظام القادم سواء كان رئيسه من رموز العهد البائد أو من مشايخ العهد العائد بنا إلى القرون الوسطى.. فأحدهما كان ضالعا فى قتل الثوار والآخر كان يشارك فى إجهاض الثورة ويتواطؤ على قتل الشعب وحرمانه من الاحتجاج والتظاهر المشروع مطالبا بحقه فى الحياة.
وحجر الزاوية فى ذلك هو أن يتحول شعبنا من مجموعة من الأفراد المبعثرين المشتتين الذين لا تربطهم رابطة إلى جيوش وكتائب وسرايا منظمة تنظيما مدنيا جيدا فى كل مدينة وشارع وكل قرية ومصنع وكل مؤسسة ونجع وكل جامعة وحقل ، وهذا هو الحل ” شعب منظم وواع .. وبرنامج يحدد للرئيس ما نطلبه نحن وليس ما يراه هو “
هل كان مسموحا برئيس من معسكر الثورة ؟
-إن محاولة تولّى رئاسةَ البلاد مرشحٌ من معسكر الثورة لم تكن لتمر بسهولة ولا كان العسكر وتيار الإسلام السياسى سيسمحان به أصلا ، وحتى لو أن ذلك حدث فى الجولة الأولى.. لشن عليه مجلس العسكر والمتأسلمون حربا ضارية منعدمة الأخلاق مستخدمين فيها كل الأساليب والوسائل والأدوات التى لا يتصورها عقل.. فالعسكر يدافعون عن وجودهم ومصالحهم وعن مصالح كل المستحوذين على ثروات الوطن ؛ وتيار الإسلام السياسى يظن أنه أصبح قاب قوسين أو أدنى من اقتناص الصيد الثمين الذى يحلم به منذ ثمانين عاما لذا لن يتركه يفلت من بين أصابعه .
– وبافتراض نجاح مرشح الثورة فى تولى المنصب فإن الحرب ضده وضد الشعب والثورة ستكون أشد ضراوة من كل ما شهدته شهور الثورة .. بالذات وهذا المرشح سيكون مرفوضا من اللاعبين من خلف الستار ( الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وعدد من دول الرجعية العربية فى الخليج ).
التمرين .. والمباراة :
وعليه فما جرى من أحداث الثورة خلال الخمسة شهرا المنقضية – فى رأينا – لا يعدو أن يكون بروفة للثورة القادمة ولا يزيد عن كونه مرحلة ( فرقة ) تدريب للشعب على فرز أصدقائه من أعدائه ومناصريه من منافقيه وحلفائه من خصومه ؛ ليس هذا فحسب بل والوعى أيضا بأن الجيش لم يصمت على الشعب فى انتفاضته العظيمة إلا ليتخلص من توريث الحكم ؛ ولم يصبر عليه عدة أسابيع بعدها إلا لتلطيخ سمعة المخلوع وأسرته فى الوحل حتى يتم التأكد من أن التوريث قد ولّى إلى غير رجعة ؛ وعليه فالجيش والشعب لم يكونا يدا واحدة وهو ما يجب أن يدركه الشعب ومن يروجون الأوهام عن حماية الجيش للثورة.
-من جانب آخر يجب أن يعى الشعب أن التصويت لتيار الإسلام السياسى فى انتخابات البرلمان كان خطأ فادحا أسهم فى الكثير مما نعانيه الآن؛ وأن يعى كذلك أن ” أحمد .. زى الحاج أحمد .. زى الشيخ أحمد .. زى الشاويش أحمد ” كلهم ضد حقوق الشعب واستقلاله وكرامته وحرياته الأساسية وضد انخراطه فى العملية السياسية كعنصر فاعل ومحدد للكثير من أبعادها.
فهيا نستعد بجدية للمباراة القادمة مع أعداء الشعب من العسكر والمتأسلمين ؛ ولْتكن البداية مقاطعة الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية .. والاعتصام فى الميادين يومى 16 ، 17 يونيو 2012 احتجاجا على ما يجرى .. ليشهد العالم جميعه أننا لم نلوث أيدينا باختيار مجرم أو خائن يحكمنا باسم الثورة.
الثلاثاء 29 مايو 2012 بشير صقر