لكى تعودَ مصر.. ونعودَ فراعنة مرة أخرى : جففوا منابع التمويل والسلاح لمن مارسوا الاستبداد والفساد ؛ واستأنفوا حملات التنوير ؛ وكفوا عن إمساك العصا من المنتصف
اتخذت جماعة الإخوان المسلمين موقفا معاديا من الحركة الوطنية المصرية طوال تاريخها ؛ ولأنها لا تعترف بالوطن فلا مبرر عندها للدفاع عن الشعب ، ولأنها لا تعترف بالمواطنة فلا سبب يدعوها للحفاظ على صلات ودية تربط أهلها بعضهم ببعض خصوصا إذا كانوا من طوائف أو أديان أو عروق مختلفة. لذا سجدَتْ لله شكرا لهزيمة مصر فى حرب 1967 وغمرت الفرحة أعضاء الجماعة ومناصريها فى الوقت الذى كان الحزن يخيم على كل منزل فى مصر.
*ويذكر التاريخ انحيازها للملك ولأحزاب الأقلية المعادية مثلها للحركة الوطنية ؛ وصلتها الحميمة بالاحتلال البريطانى منذ أن أغدق عليها أولى مِنَحِه المالية ( 500 جنيه ) فى عام 1928 التى أسست بها مئات المقرات والشٌّعب والمكاتب فى كثير من محافظات مصر آنذاك.
*كما سجل التاريخ صلة الإخوان بالسفارة الأمريكية قبل عام 1952 ومطالبة مرشدهم الأول حسن البنا لها بتشكيل لجنة مشتركة ( إخوانية – أمريكية ) لمكافحة الشيوعية فى مصر فى زمن كان الاحتلال البريطانى يشكل أهم القضايا التى تستحوذ على مشاعر واهتمام الشعب ؛ فقد كانت بريطانيا وأمريكا تريان فى جماعة الإخوان الوسيلة الوحيدة الفعالة لوقف مقاومة الشعب المصرى للاحتلال البريطانى والتصدى لحزب الوفد المتزعم للكفاح الوطنى ومواجهة النشاط الطلابى فى الجامعة وأوساط العمال الذى أزعج بشدة الوجود العسكرى للاحتلال ودفعه دفعا للانكماش فى منطقة قناة السويس بعد أن كان منتشرا فى أرجاء مصر وخصوصا بمدينتى القاهرة والإسكندرية.
* هذا وقد أدركت الجماعة – على يد مؤسسها حسن البنا – أهمية الارتباط بذوى النفوذ السياسى من الحكام ؛ والمادى من الأغنياء.. لتتخذ منهم ساترا للحماية والنمو والانتشار الذى تركز فى أوساط البسطاء ومحدودى التعليم والثقافة.
* كما أدركت أهمية الحصول على السلاح وتخزينه والتدريب على استخدامه فاستغلت حملات التبرع ” والاستعداد ” لحرب فلسطين وتواجُدْ مفتى فلسطين بمصر لشراء السلاح واستولت على كميات هائلة منه ، وكذا أهمية وجود مليشيات سرية مسلحة تقوم باغتيال خصومها السياسيين – فلم ينج واحد منهم من محاولة اغتيال وعلى رأسهم مصطفى النحاس وجمال عبد الناصر فيما بعد وبعدها تشرع فى الاستيلاء على الحكم . ولذلك قامت بتشكيل تلك المليشيات من بين فرق الكشافة التى كانت أحد السواتر التى تتخفى وراءها المليشيات وتضلل معظم السياسيين بشأنها.
* أيضا كانت السرية إحدى الأدوات التى أبعدت كثيرا من الأنظار عن حقيقة جيشها السرى ” التنظيم الخاص ” وعن أهداف الجماعة علاوة على سياسة الإنكار التام لكل ما قامت به من اغتيالات شملت أحمد ماهر ( 1945 ) والنقراشى (ديسمبر 1948 ) رئيسى الوزراء؛ والمستشار الخازندار( مارس 1948 ) ؛ وحكمدار بوليس القاهرة سليم زكى ( ديسمبر 1948 ) ؛ وعدد من الطلاب الوطنيين فى القاهرة وبور سعيد وميت غمر وشبين الكوم بخلاف اغتيال سيد فايز مسئول الجهاز السرى المسلح فى نوفمبر1953 بعد تنحية رئيسه السابق، وتجلى ذلك فى تكذيبها لعلاقتها بالاغتيالات وإنكار صلتها بها وإمعان البنا فى ذلك الإنكار قائلا : ” من قتلوا النقراشى ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين ” رغم ضبط المتهمين متلبسين واعترافهم بانتسابهم للجماعة .
وكانت قدرة الجماعة على إخفاء أعضاء التنظيم المسلح مبتكرة ومتنوعة حيث اعترف كل من عبد العزيز كامل وحسن الباقورى القياديين بالجماعة والمفكر الإسلامى الكبير خالد محمد خالد فى مذكراتهم بأن قاتل أحمد ماهر ( محمود العيسوى ) عضو بالجماعة على عكس ما ادعاه البنا وأعضاء مكتب الإرشاد بعضويته فى حزب مصر الفتاة.
باختصار كان الارتباط بمصادر النفوذ السياسى والنفوذ المالى وبالسرية وفنون التخفى والتمويه سواء فى التصريحات السياسية أو السلوك العملى ، وبمصادر التسليح على رأس أولوياتها، وهو ما تؤكده كثير من المراجع التاريخية والوثائق المحفوظة فى المتحف البريطانى بلندن ومكتبة الكونجرس الأمريكى ؛ علاوة على سجلات وزارة الداخلية؛ وقبل ذلك تاريخها المدون فى الصحافة المصرية ومذكرات كثير من قادتها.
تكشّف حقيقة الجماعة وأهدافها بعد توليها الحكم:
ونظرا لاكتشاف الشعب المصرى لحقيقة الجماعة وحلفائها ولأهدافهم وسقوط كثير من الأوهام التى بثتها فى عقول قطاعات واسعة منه أدرك الشعب المصرى ضرورة استبعادها من المشهد السياسى ؛ وبات من الضرورى نزع بقية مصادر القوة التى تمكنها من العمل والنشاط كى لا تعرقل عملية إعادة البناء وتحقيق أهداف الثورة.. وأهم تلك المصادر هو التمويل لوقف:
1-عمليات شراء الأسلحة والعتاد العسكرى .
2-شراء المقرات والمكاتب العلنية والشقق السرية المعدة لاستضافة وإيواء المسلحين الأجانب والمصريين والهاربين والمتخفين والمطلوبين للعدالة.
3- دفع رواتب كل العاملين فى الأجهزة السرية والعلنية ؛ والمنح المصروفة للأعضاء ومنها شراء السيارات والشقق.
4- العقود والاتفاقات المبرمة لنقل الأعضاء والمناصرين بين المحافظات خلال المؤتمرات و التظاهرات والاعتصامات وإيوائهم وإعاشتهم وتعويضهم عن غيابهم عن أعمالهم.
5- الرشاوى النقدية والعينية ( بطاطين وأغذية وتيليفونات محمولة ) المستخدمة فى كل الانتخابات المحلية والقومية.
مع الوضع فى الاعتبار أن عمليات التمويل تعتمد على أكثر من مصدر منها :
أ-الدعوم المالية والعينية ذات الطابع السياسي من بعض الهيئات والدول الأجنبية كتنظيم القاعدة وقطر والسعودية والولايات المتحدة وتركيا.
2- التبرعات التى يتلقاها التنظيم الدولى للإخوان المسلمين ويوزع جانبا منها على التنظيمات القُطْرية.
3- الاشتراكات من أعضاء التنظيم.
4- الشركات والمصانع والمؤسسات التى يديرها بعض قادة وأعضاء التنظيم للجماعة والمسجلة بأسمائهم توقيا لمصادرتها .
5- البنوك والمؤسسات المالية التى تمتلكها أو تشارك فى رأسمالها عن طريق أعضائها ومجالس إدارتها مثل :
أولا : فى الولايات المتحدة الأمريكية : مؤسسة ماس ، مؤسسة الشباب المسلم.
ثانيا : فى جزر البهاماز : بنك التقوى ، بنك العقيدة الدولى ، مجموعة الصفا الدولية .
مع العلم بأن اختيار جزر البهاماز مقرا لها لم يكن عفو الخاطر حيث لا يحتاج تأسيسها لتراخيص أو ضوابط كالتى تحتاجها البنوك فى بقية دول العالم ، وكثيرٌ من مؤسسات غسيل الأموال والمافيا وتجارة المخدرات والسلاح والرقيق الأبيض والأعضاء البشرية تتخذها مقرا لها.
*هذا وقد قام بالدور الرئيسى فى تجميع الأموال كمال السنانيرى – زوج شقيقة سيد قطب- وسعيد رمضان زوج بنت حسن البنا تحت إشراف عدد من مسئولى التنظيم الدولى ومنهم مصطفى مشهور ومهدى عاكف بينما تولى يوسف ندا مهمة تحريكها وتوظيفها واستثمارها ولعب دور الواجهة الإعلامية الشيخ الشعراوى والقرضاوى وعمر عبد الرحمن وغيرهم.
وقد أسهمت تلك الأموال فى دعم إخوان الجزائر ( جبهة الإنقاذ ) ، والقرن الأفريقى ، والنهضة التونسية ، وإخوان سوريا ( الجيش الحر حاليا ) ، والجماعة فى مصر.
مصادر تمويل جماعة الإخوان فى مصر :
1- بريطانيا إبان احتلالها لمصر حيث قدمت للبنا 500 جنيه فى الشهور الأولى لتأسيس الجماعة عن طريق شركة قناة السويس.
2- القصرالملكى فى عهدى الملك فؤاد وابنه فاروق، ومن أحزاب الأقلية ( حزب الشعب ورئيسه إسماعيل صدقى ؛ وحزب الأحرار الدستوريين، وحزب السعديين برئاسة محمود فهمى النقراشى الذى اغتالته الجماعة فيما بعد.)
3- ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية وقد نقل الكاتب الصحفى محسن محمد فى كتابه ( من قتل حسن البنا ؟ صـ 88 ) تقريرا رسميا بريطانيا جاء فيه أن : ” وكيل وزارة الداخلية حسن باشا رفعت صرح لوالتر سميث مستشار السفارة البريطانية بأن حسن البنا تلقى إعانات مالية من الإيطاليين والألمان والقصر الملكى”
وفى وثيقتين من المخابرات البريطانية ذكرت الأولى ( مؤرخة 22 أكتوبر 1939 – مكتب الأمن العسكرى – مصر – O.F – 23342 / 371 ) أن:
” الهر ويلهلم ستلبوجن مدير مكتب الدعاية النازية بمصر والملحق الصحفى لألمانيا وهو لا يتمتع بالصفة الدبلوماسية عثر عنده عند تفتيشه على مذكرة مؤرخة فى ١٨ أغسطس وتقول «لقد أرسلت البعثة إلى حسن البنا مرة أخرى ذات المبلغ بذات الطريقة، لكنه طلب المزيد» وعلى ورقة أخرى مكتوبة بالآلة الكاتبة الألمانية جاء فيها «أن دفعة جديدة من الأموال لجماعة الإخوان المسلمين قد أصبحت ضرورية جداً«.
بينما تحدثت الثانية عن تمويل بريطانى وهذا جزء منها ” مكتب الأمن العسكرى – مصر – O.F – 23343 / 371 ) أن:
0البعثة أرسلت إلى حسن البنا ذات المبلغ بذات الطريقة- هؤلاء الناس يمكنهم فعل أشياء كثيرة ويمهد حسن البنا أو يبرر تلقيه أموالا من دول المحور ( ألمانيا وإيطاليا ) التى كانت تستعد لقتال الحلفاء ( بريطانيا وفرنسا وغيرها .. ) قائلا فى مجلة النذير فى ذى القعدة 1357: ” أن ألمانيا وإيطاليا تفكران فى اعتناق الإسلام”.
هذا ويؤكد الصحفى البريطانى مارك كيتس فى كتابه الشهير ( العلاقات السرية : التحالف البريطانى مع الإسلام السلفى ) قائلا : ” هذه الجماعات طالما تلقت ولا تزال تمويلا أمريكيا منذ نهاية الخمسينات ، وعشرات الملايين ذهبت إلى سعيد رمضان صهر البنا صاحب العلاقات الوطيدة بالمخابرات الإنجليزية ”
كذلك فقد أكد عمدة لندن السابق ( كى لفنجستون ) فى تصريح له عام 2008 بأن” جماعة الإخوان تتلقى تمويلا من المخابرات الإنجليزية.. منها رواتب لاجئيها السياسيين فى لندن “.
العمالة هى الوجه الآخر للاستقواء بالخارج ضد الشعب:
واستقواء الجماعة بالخارج لم يبدأ فى ثورة 30 يونيو 2013 فقط؛ بل كان مطلبة لرد الدين:
ففى كتابه لعبة الشيطان ذكر مؤلفه روبرت دريفوس ما يلى :
*يقول روبرت ماير مدير العمليات الخارجية السابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية : “قررت الوكالة الانضمام إلى المخابرات البريطانية فى اللجوء لفكرة استخدام جماعة الإخوان المسلمين فى مواجهة عبد الناصر ”
ويضيف دريفوس : ” كان البيت الأبيض على علم أولا بأول بما يجرى واعتبر الإخوان حليفا صامتا وسلاحا سريا يمكن استخدامه ضد الشيوعية وتقرر أن تلعب السعودية دورا فى تمويل الإخوان للانقلاب ضد عبد الناصر.”
ويستكمل : ” تعاملت الولايات المتحدة مع عبد الناصر بعجرفة شديدة وانخرطت فى عمليات سرية ضده من أجل اغتياله وذبحه مستخدمة فى ذلك عناصر اليمين الإسلامى وبدعم مالى من السعودية .”
ويؤكد :” حرّكت الولايات المتحدة مارد الأصولية والتطرف الإسلامى ضد الزعماء الوطنيين ليس فى مصر فقط بل فى إيران وإندونيسيا وأفغانستان وغيرها حتى انقلب عليها ذلك المارد “. وهذا ماتم فعلا فيما بعد ؛ ضد عبد الناصر فى ميدان المنشية بالإسكندرية حيث محاولة اغتياله الأولى ؛ كما طالبت السعودية بفتح حدودها أمام الطيران الإسرائيلى ودفعت بمقاتلى الإخوان المسلمين والمرتزقة لضرب القوات المصرية فى اليمن منذ عام 1962، كذلك دعمت انقلابا فى إيران ضد رئيس الوزراء الوطنى محمد مصدق الذى أمم البترول عام 1951 ، و انقلابا عسكريا دمويا ضد الرئيس أحمد سوكارنو فى إندونيسيا راح ضحيته عشرات الآلاف من الوطنيين والشيوعيين ، وبعدها انقلب المارد الأصولى ضد الولايات المتحدة فى 11 سبتمبر 2001 بتفجير برجى التجارة العالمى.
*يقول الصحفى الأمريكى المعروف ديفيد إجناثيوس فى مقاله المعنون ” رجلنا فى القاهرة ” أن ( مساعدى مرسى يؤكدون أن متانة العلاقات بينه وبين أوباما كانت السبب فى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين قطاع غزة وإسرائيل وأن ذلك الدور الذى لعبه مرسى قد أكد نجاح سياسة الإدارة الأمريكية فى الرهان على جماعة الإخوان وإبقاء كافة القنوات مفتوحة معها خلال السنة التى تلت ثورة 25 يناير 2011.)
ويضيف: ( ” السلطة المطلقة مفسدة مطلقة ” مثال ينطبق على جماعة الإخوان وعلى ما تقوم به حيث وجدت نفسها فى موقع القيادة بعد عقود من العزلة ؛ وأن مرسى أصدر إعلانه الدستورى فى 22 نوفمبر 2012 ظنا منه أنه يتمتع بدعم أمريكى الأمر الذى أدى لاندلاع المظاهرات ).
وينهى مقاله : ( إن تحالف الولايات المتحدة مع من يريدون تطبيق الشريعة فى مواجهة من يريدون الحفاظ على مصر ليبرالية متسامحة .. هو ضرب من الجنون.)
*لكن ما الذى دفع مرسى للتحول إلى ديكتاتور ..؟ هل مكتب الإرشاد ؟ أم إمساكه بسلطة مطلقة كما قال إجناثيوس ؟ أم شئ آخر ..؟
ونسوق للإجابة على السؤال القصتين التاليتين :
القصة الأولى :
التقطت العيون الفاحصة فى الولايات المتحدة الأمريكية عالما مصريا فى مجال الدفع الصاروخى اسمه د. عبد القادر حلمى وألحقته بالعمل فى وكالة ناسا .
وقد استطاع العالم المصرى تعديل نظام الدفع الصاروخى باستخدام الوقود الصلب بمكوك الفضاء ديسكفرى حتى لا يتعرض للإنفجار كما حدث للمكوك تشالنجر عام 1982 .
وفيا بعد تصادف أن تعرف د. حلمى بمحمد مرسى الذى التحق بالعمل بنفس الوكالة وكان يسكن معه نفس الولاية.
من ناحية أخرى ونظرا لاحتياج القوات المسلحة المصرية لتطوير بعض أنظمة صواريخها فقد تم الاتفاق بين حلمى و أحد ضباط المخابرات المصرية والمشير عبد الحليم أبو غزالة وزير الدفاع على تهريب بعض ألواح الكربون الأسود وبعض تصاميم الصواريخ الأمريكية التى تستخدم الدفع الغازى ونجح فى ذلك لفترة إلا أنه فوجئ بضبطه متلبسا فحوكم وعوقب بالسجن لمدة 25 سنة واختفت أسرته من أمريكا وترك أبو غزالة وزارة الدفاع.
ولأن الوكالة الأمريكية من الهيئات شديدة الأهمية والسرية ولا يدخلها سوى الموثوق بهم أمنيا ومنهم عبد القادر حلمى ومحمد مرسى ؛ فقد اتجهت كل الشكوك نحو الأخير باعتباره كان الأداة التى كشفت سر العالم المصرى.
وما يهمنا فى الموضوع ليس ما قام به عبد القادر حلمى بل ما قام به مرسى وما تشير إليه جملة هذه الوقائع والشكوك فى صلته بوطنه وبالوكالة التى عمل بها.
أما القصة الثانية فتتعلق بمفاعل ديمونة الذرى الإسرائيلى :
ففى إحدى ورش العمل العلمية المعقودة فى الإسكندرية مؤخرا أفادت الباحثة السويدية أيان أنتونى بأن مفاعل ديمونة يواجه حاليا مشكلة علمية وأمنية كبيرة تتعلق باقتراب موعد انتهاء صلاحيته وهو ما يهدد عملية تخصيب البلوتونيوم بالتوقف ويثير كثيرا من التساؤلات حول الحلول المطروحة بشأنه خصوصا وأنه بوضعه الراهن يشكل خطرا على السكان القريبين منه وتتطلب دواعى الأمن نقله من مكانه الحالى لمكان أبعد وأكثر أمانا هذا من ناحية .
ومن ناحية ثانية تتحدث بعض الدوائر السياسية فى مصر عن شائعات قوية حول اتفاق بين إسرائيل وجماعة الإخوان المسلمين يجرى الشروع فى التحضير له ويتعلق بتحويل سيناء إلى مأوى للفلسطينيين سواء المقيمين فى غزة أو القادمين من سوريا وتشرف علية منظمة حماس فى مقابل تخليهم عن العودة لفلسطين ، وكذا نقل مفاعل ديمونة الإسرائيلى من صحراء النقب إلى منطقة بوسط سيناء لتجنيب الإسرائيليين مخاطره المحتملة ، وإطلاق يد الجهاديين العرب فى بقية سيناء وما يستتبعه ذلك من هز هيبة القوات المسلحة المصرية واحتمال دخول قوات دولية أو إسرائيلية إلى سيناء فى مقابل دعم دولى سياسى ومالى لجماعة الإخوان ومحمد مرسى .
هذا وتشير الدوائر المذكورة لوجود بعض الأدلة والقرائن والوثائق فى هذا الأمر ، وهو مارفع معدلات الغضب ضد مرسى وجماعته فى تلك الدوائر إلى عنان السماء.
وماذا بعد ؟
وإزاء ما سبق عرضه من تاريخ جماعة الإخوان المسلمين المعادى للحركة الوطنية والمفرّط فى التراب الوطنى والمستهين بأمن الشعب المصرى ومستقبله؛ والداعم لقوى الاستعمار البريطانى والإدارة الأمريكية والمستفيد منهما والمتعاون مع العدو الصهيونى ضد الشعب الفلسطينى؛ والباحث عن مصلحة الجماعة وبقائها فى الحكم حتى لو أدى ذلك لتمزيق مصر وضياع فلسطين بالكامل وتشريد شعبها؛ واستخدام للعنف والأساليب الدموية للتخلص من خصومها السياسيين بل ومن كل المعارضين والمحتجين على ممارساتها وسلوكها، إزاء كل هذا لا يمكن الثقة فى أية تصريحات أو وعود تصدر منها أو عنها أو أية توَجّهات أو نصائح تسعى للتصالح معها كما علّمَنا التاريخ وأكدته الثلاثون شهرا الماضية ؛ فالمصالحة فى عرف المعادين للشعوب تعنى محاصصة الحكم واقتسامه ويستتبعها- وإن بعد حين- تزحزحٌ عن الحدود ثم انقلاب عليها واسترداد لما تم فقده وضاع ولو بثورة شعبية.
*وعليه فلا مفر من التصدى لتلك النداءات المريبة – بأننا جميعا مصريون – وكشْف ذلك التظاهر المموه بحسن النية الذى يستهدف تقاسم الحكم بين الثورة والثورة المضادة التى تبحث عن موطئ قدم أو مسمار جحا للإطاحة بالثوار قليلى الخبرة وحديثى العهد بإدارة الدولة وقبل ذلك بالتآمر والالتواء ، فلا شئ نتقاسمه مع الحزب الوطنى الذى يعتبر مسئولا هو وسياسات السادات معا عما آل إليه حال الشعب على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية؛ فالثانى هو من أخرج الإخوان من السجون وأفسح لهم الطريق واسعا للنشاط والتوحش وهو من أخلى سيناء من قواتها المسلحة وترك أرضها تعانى الجراد وانعدام التعمير ، وهو من نثر بذور الفساد وأقر سياسة الانفتاح لينتشر الجوع فى عموم مصر ومد خط الاستبداد على استقامته ليخرس الشعب ويمهد الأرض لانتشار سموم جماعات الإسلام السياسى والأول ( الحزب الوطنى ) هو من رعى كل البذور- التى سبقت زراعتها- ورواها حتى أثمرت كل المرارة التى يتجرعها الشعب طيلة ثلاثين عاما عجافا فانتفض الأخير محتجا فى ثورته الأولى وصححها فى ثورته الثانية .
* لذلك لامفر من اجتثاث كل العفن الذى ورثناه من جذوره ولابد من استهداف كل السياسات القديمة وكل مقوماتها و أصحابها :
لامفر من استئصال مصادر تمويلهم أو تجميدها ووقف فعاليتها فورا ودون هوادة والبحث عن مخازن أسلحتهم السرية واستكمال ذلك بحملات تنويرية وتثقيفية تعقم كلما علق بالعقول من خزعبلات ومفاسد وأوهام وسموم لأن إمساك العصا من المنتصف واللعب على الحبال والاستهانة بخطر فصائل الإسلام السياسى أو فلول الحزب الوطنى لن يمكن الشعب من عملية إعادة البناء التى ستكون شاقة وعالية التكلفة ولن تغسل عقول البسطاء مما علق بها طيلة أربعة عقود .
22 يوليو 2013 بشير صقر
المصادر: مقالات على موقع الحوار المتمدن لكل من:
أ. حمدى السعيد سالم
أ.. ..السموأل راجى
د. رفعت السعيد