بيان حول أحداث قصر الرئاسة ومحاولة فرض الدستور المصرى

بيان حول أحداث قصر الرئاسة ومحاولة فرض الدستور المصرى

لجنة التضامن الفلاحى – مصر
الحوار المتمدن-العدد: 3936 – 2012 / 12 / 9 – 10:26
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية

تتابع ” لجنة التضامن الفلاحى – مصر” بقلق بالغ .. الأحداث والتطورات الهامة فى مصر فى أعقاب الانقلاب الدستورى والسياسى الذى نفذه رئيس الجمهورية ممثل جماعة الإخوان المسلمين بالإعلان الدستورى الصادر فى 22 نوفمبر 2012 ويستهدف ” طبخ ” وإقرار دستور يزيف إرادة الأمة؛ ويصيغ المجتمع على هوى تيار الإسلام السياسى ساعيا لتأسيس خلافة إسلامية ؛ ويخوله صلاحية الانفراد بالحكم والتشريع والقضاء ضاربا عرض الحائط بكل الاحتجاجات والتحذيرات من مخاطر هذا المسار على أمن البلاد ومطالب الشعب ومصير الثورة.
لقد أفصحت جماعة الإخوان وممثلها على كرسى الرئاسة عن الوجه القبيح لهما وعن موقفهما الحقيقى من الشعب والثورة ومستقبل الوطن باعتباره امتداد لموقف الجماعة التاريخى وسلوكها السياسى منذ تأسيسها عام 1928 ؛ وعدائها القديم لتقدم مصر وشعبها وللحركة الوطنية وانحيازها الدائم للاحتلال الأجنبى وللقصر الملكى ولأعداء الوطن.
وتشير لجنة التضامن إلى موقف الجماعة المخزى المعارض لقانون الإصلاح الزراعى الصادر عام 1952 ؛ والمعادى للمعدمين وفقراء الفلاحين.. وكذلك موقفها المؤيد للحزب الوطنى بشأن قانون الإيجارات الزراعية عام 1992 , 1997 الذى ألقى بمئات الألوف من مستأجرى الأرض الزراعية إلى الشوارع دون مورد رزق؛ وهو ما تأكد بشكل قاطع فى صياغتها لمطالب الفلاحين فى مشروع الدستور الجديد الذى ” طبخته ” اللجنة التأسيسية وأهمل تماما تلك المطالب .
ورغم قيام لجنة التضامن بإرسال تصورها فى هذا الموضوع لكل أعضاء التأسيسية قبل سبعين يوما من انتهائها من طبخه؛ إلا أنها تجاهلته تماما ولم تكن الاستجابة سوى عدد من الاتصالات التليفونية محدودة الجدوى.
من جانب آخر فإن الأزمة السياسية الراهنة وما أسفرت عنه من أحداث دموية هى بنْتٌ الانقلاب الدستورى والسياسى الذى قام به رئيس الجمهورية وجماعته، ولأنهما لم يتوقعا حجم الرد الجماهيرى الرافض لذلك الإعلان ولأحداث ” جمعة الشرعية والشريعة ” و ” سبت الدستورية ” فى أوائل ديسمبر 2012 .. فقد كان رد فعلهما عصبيا ودمويا ؛ وهو ما دفع المزيد من قطاعات الشعب للانخراط فى الاحتجاجات وازداد غضبها بالهجوم على مقرات الجماعة فى كل المحافظات بل والإصرار على رحيل الرئيس.
ومن جانب ثالث أدى رفض الرئيس فى خطابه ( الخميس 6 ديسمبر ) لمطالب الشعب والنخب السياسية – المتمثلة فى إلغاء الإعلان والاستفتاء والإعداد لتشكيل لجنة تأسيسية جديدة لوضع دستور توافقى – أدى رفضه هذا لمزيد من الغضب الشعبى واقتحام الدائرة المحيطة والمتاخمة للقصر الرئاسى لتأكيد رفضها لعناد الرئيس ودموية جماعته.
وترى لجنة التضامن :
1- أن جماعة الإخوان تحارب معركتها الأخيرة ؛ فالتنازل عن الإعلان الدستورى والتراجع عن إتمام الاستفتاء حول الدستور يعنى هزيمة سياسية ويتجاوز كل هزائمهم الأخيرة كما يعنى خسارتهم المؤكدة لأبة انتخابات قريبة قادمة.
2- أن العقلية الإخوانية ترى أن استيلاءها الراهن على الحكم هو فرصتها الوحيدة التى قد لا تتكرر لإقامة خلافة إسلامية .. وبالتالى لا يمكن التفريط فيها مهما كانت الخسائر .
3- أن تصلبها إزاء مطالب النخب السياسية ورفضها للحوار ثم قبولها به بعد ذلك .. وإعلان تأجيل عمليات الاقتراع على مشروع الدستور فى الخارج لمدة يوم واحد هو نوع من المراوغة وكسب الوقت وإنهاك الجماهير المرابطة منذ أيام فى الميادين ؛ والشروع فى شق صفوف المعارضة ( نخب وجماهير ) ليسهل التعامل معها كأجزاء بدلا من كتلة وإرادة واحدة.
4- ولأن ما يحدث فى الميادين والمحافظات وحول القصر الرئاسى وينقله الإعلام شئ.. وما تُعِده الجماعة وبعض حلفائها فى الخفاء شئ آخر ، فالمتوقع هو استهلاك الأسبوع الحالى فى المناورات والمداورات والمراوغات لاستنفاذ طاقة النخب والمعتصمين بينما هم يعدون العدة للآتى :
أولا : إعداد وتنظيم وتدريب مجموعات من الأعضاء والمندوبين والحراس لطبخ عملية الاستفتاء فى جميع المحافظات.
ثانيا :تجهيز مجموعات عسكرية من أعضاء التنظيم السرى المسلح المتواجدين فى سيناء للقيام بغارات خاطفة على التجمعات الجماهيرية الغاضبة بعد الاستفتاء لإخراس أية مقاومة أو احتجاج على نتيجته وفرض حالة من الطوارئ غير معلنة قبيل أو بعد الاستفتاء حسب مقتضى الحال .
ثالثا : اللجوء لمزيد من تقييد الإعلام خصوصا المرئى؛ ولحملة اعتقالات لعديد من النشطاء والمناضلين والسياسيين والإعلاميين لشل فعالية التحركات الجماهيرية خصوصا بعد الاستفتاء ، وبهذا التدبير تتم السيطرة على الاحتجاجات الشعبية وتمرير الدستور الإخوانى.
وتناشد لجنة التضامن الجماهير المصرية والنخب والمناضلين :
– الإصرار على تنفيذ المطالب الثلاثة (إلغاء الإعلان و الاستفتاء ، ولجنة تأسيسية متوافقة جديدة ).
– بقاء الجماهير فى الميادين بأعداد كافية ؛ مع تبادل نوبات الراحة والحراسة – لتجنب إنهاكها أو العدوان عليها- واستمرارها فى حالة استعداد.
– الالتزام بأقصى درجات الحذر ومراقبة مداخل تجمعاتها الاحتجاجية والطرق المؤدية لها خصوصا فى محافظات القناة ؛ وكذا مراقبة أماكن التجمعات المتوقع شغلها من جانب تيار الإسلام السياسى.
– إن الحالة المزاجية لتيار الإسلام السياسى خصوصا جماعة الإخوان فى هذه الآونة هى حالة حربية نظرا لشعورهم بقوة الرفض الشعبى المتصاعدة .. ويقينهم من اقتراب الحصار من أعناقهم برغم ما يُبدونه من مظاهر معاكسة .. واستنادا إلى انكشاف حقيقتهم وأهدافهم أمام قطاعات هائلة من الشعب وهو ما يدفعهم دفعا للاستعداد لكل الاحتمالات خصوصا أسوئها ، ولأن من يحارب معركته الأخيرة يغدو فى منتهى الوحشية والشراسة حتى لا يفقد كل ما استولى عليه طيلة حياته.
– ولنتذكر أن مخططهم الذى لن يحيدون عنه هو : إنهاك المعتصمين والمحتجين – شق صفوف المعارضين – طبخ الاستفتاء وتمريره بالحشد والرشاوى والتزوير والعنف بلا حدود – والقيام بضربات استباقية لإجهاض رد الفعل إزاء التزوير- وأخيرا بغارات وحشية خاطفة على أهم مراكز التجمعات الجماهيرية الاحتجاجية.. وما قامت به ميليشيات الجماعة يوم الأربعاء 8 ديسمبر 2012 أمام القصر الرئاسى مجرد عينة مما هو قادم الذى سيكون أشد فاشية وبشاعة.

السبت 12 ديسمبر 2012 basheersakr2012@gmail.com
www.tadamon.katib.org

نهايتهم تلوح فى الأفق .. فاستعدوا .. لكن لا تتعجلوها

ملاحظة عاجلة :
بلغنا من دقائق قيام مجموعات كبيرة من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بمهاجمة المعتصمين حول قصر الاعتمادية بالخرطوش والأسلحة البيضاء وعبوات المولوتوف والعصى فى محاولة لفض اعتصامهم ؛ وتفيد الأنباء بسقوط قتلى من المعتصمين لم يتأكد عددهم ؛ كما أصيبت أعداد كبيرة منهم بإصابات متنوعة بعضها خطير ولا زالت الاشتبكات مستمرة .
يذكر أن الهجوم تم فى وقت احتجبت فيه القنوات الفضائية ومن ثم تعذر وصول تفاصيل دقيقة عن ملابسات الصدام .. ( بدايته وأعداد المهاجمين والمصابين والشهداء ).
وتهمنا الإشارة إلى أن تيار الإسلام السياسى بقيادة جماعة الإخوان بعد أن تأكد من انكشاف مخططه وأساليبه فى الاستيلاء على الحكم والانفراد به وبعد رد الفعل الشعبى الغاضب -على جملة إجراءاته الأخيرة- والتى كان آخرها اندلاع المظاهرات والاعتصامات فى معظم المحافظات وحول القصر الرئاسى يمكن القطع بأن ذلك التيار يحارب الآن معركته الأخيرة ؛ واستنادا إلى تاريخه السابق .. نتوقع أن يبدأ الصدام مع جماهير الثورة بشكل دموى وعلى الأرجح سوف يسبق كل صدام نوع من التهدئة الوهمية والمراوغة ليتمكن من تحقيق انتصار أو انتصارات سريعة حاسمة تفرق صفوف الثوار وتكسر المنحنى المتصاعد لرد الفعل الشعبى ، وتأكيدا لهذا صدرت أمس على عدد من المواقع الإلكترونية أخبار للتمويه بقيام الرئيس مرسى بإلقاء خطاب يتراجع فيه عن الإعلان الدستورى وبدء حوار مع القوى السياسية حول الدستور واللجنة التأسيسية وهو ما لم نصدقه فور قراءته.
لذلك يتحتم على قوى الثورة وشبابها الاستعداد لأسوا الاحتمالات فى كل الفعاليات والتحركات التى يقومون بها والتنبه لأن شعارهم سلمية سلمية لن يكون ذا جدوى أمام تنظيمات فاشية تصر على تقييد الوطن والشعب.. و لم تعرف طوال تاريخها إلا إصدار الأوامر والسمع والطاعة أو الإكراه والإرغام .
بشير صقر
الساعة السابعة والنصف مساء الأربعاء 5 ديسمبر 2012
مقدمة :
عندما أوصل المجلس العسكرى مرشحه الجنرال أحمد شفيق ومرشح تيارالإسلام السياسى الشيخ محمد مرسى إلى الجولة الأخيرة للانتخابات الرئاسية اقترحت مقاطعة هذه الجولة الحاسمة والقيام باعتصام شامل فى الميادين خصوصا ميدان التحرير احتجاجا على ما صنعه العسكر فى توجيه الانتخابات ورفضا لاختيار أحدهما لكرسى الرئاسة .
و فسرت ذلك بأننا يجب ألا نؤيد أيا من المرشحين.. الجنرال والشيخ – اللذين يمثلان جناحى الثورة المضادة – ليحكم مصر فأحدهما امتداد مباشر لنظام حكم مبارك والآخر ممثل لأسوأ القوى الرجعية فى المنطقة العربية التى تسعى لإعادة مصر للقرون الوسطى.
وحيث انقسمت الجماهير المصرية لأقسام ثلاثة: ما بين كاره لأحدهما ومضطر لاختيار الآخر؛ أو رافض لكليهما فيقاطع الانتخابات أو يبطل صوته ؛ كان من المنطقى أن يتحمل من صوّت لأحدهما تبعة اختياره فهو – أى الناخب – مسئول عما يرتكبه الرئيس الذى اختاره من جرائم بعد أن يجلس على كرسى الحكم بل ومسئول ضمنيا عن ماضى ذلك الرئيس ومسلكه السياسى .. بينما من قاطع أو أبطل صوته فلا مسئولية يتحملها إزاء من يأتى منهما رئيسا للدولة.
وفى مقالات نشرت على الحوار المتمدن مابين27 مايو و20 يونيو 2012 .. أوضحتُ فى مقارنة سريعة مواقف القوى السياسية والجماهير من كلا المرشحين إذا ما تمكن من تولى السلطة عرضت فيها الآتى :
1-أن فوز شفيق سيشعر الشعب أن واحدا من رجال مبارك قد حل محله رغم كل ما بذلته الثورة من عناء ودماء؛ وفى نفس الوقت ستتفجر الأوضاع مرة أخرى بينه وبين الرئيس الجديد . ولأن موقع الإخوان من هذه التفجرات سيكون – أرادوا أم أبوا ، وأردنا أم أبينا – ضمن معسكر المعارضة برغم العزلة المقصودة التى لجأوا إليها بعد إسقاط الطاغية فى 11 فبراير فى محاولة للتقرّب والتحالف مع المجلس العسكرى .. وبرغم كل تخاذلهم وامتناعهم عن المشاركة في الثورة فى أيامها الأولى (بين 25 – 28 يناير) ؛ ورغم انحيازهم للعسكر ضدها فيما بعد ؛ ورغم وصفهم للثوار بالبلطجية والعيال والمخربين والغوغائيين ؛ ورغم إصدارهم أول قانون يجرّم التظاهر بعد اندلاع الثورة ويرفض احتجاجات الفقراء المطالبين بتعديل أوضاعهم المعيشية والوظيفية بعد سيطرتهم على البرلمان.
وفى هذه الحالة – نجاح الجنرال وتفجر الأوضاع – ولأن تيار الإسلام السياسى أكثر القوى السياسية تنظيما وأكبرها عددا فسوف ينخرط فى تلك المواجهات بين الشعب والجنرال وهو ما سيضفى عليه مسحة ثورية بوجوده فى صفوف المعارضين وسيساهم نسبيا فى فك طوق العزلة عنه وهو ماسيعود عليه بمعظم ثمارها إن تم إسقاط الجنرال؛ وهو الشئ الأكثر خطرا فى جملة الاحتمالات المطروحة لنتائج الانتخابات وما بعدها.
إن إزاحة الجنرال من الحكم – فى حالة نجاحه- ستكون أسهل من إزاحة الشيخ – لو تولى الرئاسة- لأنه لا يستند إلى حزب سياسى له جماهير فى كثير من المحافظات ولأنه امتداد مباشر ورمز معروف لنظام مبارك
2- أما فى حالة نجاح الشيخ فلن يجد نفس المقاومة التى سيجدها الجنرال على الأقل فى الفترة الأولى لحكمه نظرا لحداثة عهده بالحكم ولكونه شخصية مغمورة ولأنه ينتمى لجماعة نجحت فى تضليل الشعب بتعرضها للتنكيل بها طيلة عشرات السنين بسبب دفاعها عن حقوق الشعب وحرياته المغتصبة. لكن ما أن يتم اكتشاف حقيقته وأهداف جماعته حتى يصبح هدفا مباشرا لجماهير الثورة التى تم خداعها. وعموما سيحتاج الأمر لبعض الوقت – طال أو قصر – لتصل جماهير الثورة لهذا الموقف .. علاوة على أن مقاومة رئيس لا سند له سوى جهاز الدولة – كما فى حالة الجنرال – تختلف عن مقاومة رئيس ينتمى لجماعة سياسية واسعة الانتشار دموية الأساليب فاشية الطراز.
ومع ذلك- ولأن الشيخ وجماعته- لن يستطيعا خداع الجماهير طويلا وليس عندهما ما يقدمانه لها سوى وعود فارغة وأحاديث كاذبة وعبارات معسولة .. فسيحتاج الأمر إلى مقاومة أشد منها فى الحالة الأخرى.
3- ولأن الشعب خاض غمار معركة مع العسكر( أحد أجنحة الثورة المضادة ) ولم يخض مثلها مع تيار الإسلام السياسى ؛ ولأن الجنرال أحد هؤلاء العسكر بينما الشيخ ممثل لجناح الثورة المضادة الثانى ؛ فالأفضل فى تقديرنا هو هذا الاحتمال لأنه سيقضى على أوهام الشعب فى هذا الجناح أو سيمهد لهزيمة ساحقة لهذا النوع من الأحزاب الرجعية التى خادعت الشعب طويلا وصدّقها حتى أوصلها إلى تمثيله فى البرلمان وإلى رئاسة الدولة..
اكتشاف الخديعة .. واستئناف الثورة :
فى الفترة المحصورة بين 12 فبراير 2011 و 30 يونيو 2012 – أى بين رحيل الطاغية وتولى الإسلام السياسى رئاسة الدولة- وفى غمار صراع الإسلام السياسى بقيادة جماعة الإخوان مع العسكر ونظرا لاتخاذ الصراع أشكالا معقدة ؛ وبسبب وقوع قطاعات من الجماهير – خصوصا فى الريف والمدن الإقليمية –أسيرة لأكاذيب الجماعة وديماجوجيتها فقد التمس بعض تلك القطاعات عددا من التبريرات لمسلك الجماعة المزدوج المراوغ إزاء مجلس العسكر من ناحية وجماهير الثورة من ناحية أخرى وظلت – تلك القطاعات – محتفظة بأوهامها بشأن الجماعة ، لكن قطاعات أخرى فى مركز الثورة فى المدن الكبرى كانت قد تخلصت بالتدريج من تلك الأوهام ولم تنطل عليها أكاذيبها ونفاقها .. فشرعت فى اتخاذ مواقف معادية لها اتضحت بجلاء فى حشودالجماهير بميدان التحريرفى بداية يونيو 2012 فور صدور أحكام القضاء ضد الطاغية وأبنائه ومساعديه فى قضية مقتل متظاهري الثورة .
-ولأن المجلس العسكرى شأنه شأن كل قوى وتيارات وأحزاب الثورة المضادة لا يخشى جماعة الإخوان وفصائل الإسلام السياسى قدر ما يرتعب من جماهير الثورة وشبابها فقد تعمّد غض البصر عن تشكيل الجمعية التأسيسية المكلفة بكتابة وصياغة الدستور لتضم كل رجال التيارات الإسلامية واستبعدت العشرات من كبار المفكرين والفقهاء القانونيين والدستوريين والعلماء ورجال السياسة والثقافة والفنون والآداب وأساتذة الجامعات وخبراء الاجتماع والاقتصاد وغيرهم فى تواطؤ واضح المغزى خلاصته ” مبادلة الدستور بتأمين وضع القوات المسلحة ومجلسها العسكرى” وذلك بالإبقاء على امتيازاته وأمان أعضائه بل وعدم محاكمتهم دون المساس بها ” .. فدستور يضعه الإسلاميون مقتسمو السلطة مع العسكر فى ذلك الوقت.. أكثر أمانا ولا تمكن مقارنته بدستور يضعه الثوار ويكون سيفا مسلطا على رقاب كل رجال مبارك ومعاونيه وحلفائه.. بل وكل المعادين للثورة والرافضين لأهدافها.
– فقادة المجلس العسكرى السابق كانوا يديرون قطاعا اقتصاديا متنوع المجالات ( زراعة ، صناعة ، أراضى فضاء ، عقارات ، منشآت استجمام وترفيه ..إلخ ) قدّره الخبراء بنحو 35 % – 40 % من الاقتصاد المصرى ومن المنطقى أن ينعكس ذلك على دخولهم ووضعهم الاجتماعى وامتيازاتهم المتنوعة .
-أما قادة جماعة الإخوان والسلفيين فمعظمهم من كبار التجار ورجال الأعمال وقيامهم بدورهم السياسى ( فى وقت سابق وحاليا ) يؤبّد وضع الشعب المصرى فى دائرة التخلف والتبعية والفقرويحط من وزن مصر الدولى والإقليمى ويلقى ترحيبا شديدا من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وأيضا من المملكة السعودية ودولة قطر اللتان تخشيان انتزاع شعب مصر لحكم ديمقراطى تتطاير آثاره إلى شعوبهما ومنطقة الخليج وهو ما دعاهما لفتح خزائن الريالات والدراهم على مصاريعها لتمويل الحركتين ( الإخوان والسلفيين ) ودعمهما فى أنشطتهما الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فى مصر وفى كل الانتخابات التى تجرى فيها ( برلمانية ، رئاسية ، محليات ). هؤلاء القادة ( العسكر ، وتيار الإسلام السياسى ) مستفيدون من وضعهم القيادى داخل مؤسساتهم ومن الدور الذى يلعبونه لصالح الطبقات المالكة من الأغنياء ورجال الأعمال فى مصر ولصالح الولايات المتحدة وإسرائيل من جانب والدول الرجعية التى تُطْبق على أنفاس شعوبها فى الخليج وأبرزها السعودية وقطرمن جانب آخر.
-هذا وبعد تولى ممثل الإسلام السياسى رئاسة الدولة فى يوليو 2012 تساقطت وبالتدريج كثير من الأقنعة التى ضللت قطاعات واسعة من الجماهير من على وجه الجماعة كان أهمها تنحية أبرز أعضاء المجلس العسكرى الذى ارتكب من الجرائم فى 16 شهرا ما يكفى لتقديمه للمحكمة الجنائية والسياسية باطمئنان..
–وبدلا من ذلك قامت الجماعة بإبرام صفقة تأمن بها ردود فعل الجيش من ناحية ؛ وتُخْلى لها الطريق دون عوائق للانفراد بالحكم من جانب آخر.
– ومنها محاولة إعادة الحياة للبرلمان الإسلامى الذى قوضه حكم القضاء .
– وكذلك محاولة إزاحة النائب العام بنقله سفيرا لدى دولة الفاتيكان بطريقة استنفرت واستعْدَت مؤسسة القضاء بكل هيئاتها.
هذا وقد كشف تراجع الرئيس عن الإجراءين الأخيرين مدى ضحالة فهم الجماعة لقواعد اللعبة وقصورها الشديد فى إدارة شئون الدولة وقبل ذلك فضح ما تستهدفه من إزاحة كل المعوقات القائمة والمحتملة للانفراد بالحكم دون شريك أو رقيب والإطاحة بمطالب الثورة وبالثوار.. ليس هذا فحسب بل وتحويل النائب العام إبن النظام السابق وأحد المشتبه فى عدائهم للثورة إلى بطل يرفض الخضوع لقرار الرئيس .. لقد أدار ذلك المستشار معظم التحقيقات مع رجال الطاغية و انتهت أغلب تلك القضايا ببراءة المتهمين.
-لقد أفصحت الأحداث المأساوية التى جرت خلال سنتي2011 ، 2012 وبشكل خاص فى الشهور الأخيرة عن حقيقة الدور والأهداف التى يسعى تيار الإسلام السياسى لتنفيذها فى المنطقه ومنها مشاركة الولايات المتحدة فى مواجهة إيران التى تمثل خطرا حقيقيا على إسرائيل.
-فموقف الإسلاميين السابق من قضية فلسطين.. وإعادة النظر فى اتفاقية السلام مع إسرائيل ..ومن قروض البنك الدولى وصندوق النقد يكشف تلك الأهداف ويفسر ذلك الدور بسهولة ويُسْر:
1-فتحرير فلسطين تحول بعد رئاستهم للدولة إلى اتفاق مع الولايات المتحدة وإسرائيل على زرع مجسّات تصنت إسرائيلية على الحدود المصرية الإسرائيلية والمصرية الفلسطينية ؛ بل وعلى إمكانية دخول قوات أمريكية لمراقبة تلك الحدود وهو ما لم يجرؤ نظام مبارك على تنفيذه رغم كل خياناته ودعمه لهؤلاء الأعداء بالتطبيع والغاز والحديد والأسمنت وخنق الشعب الفلسطينى فى غزة.
2-كما أفصح هذا الموقف عن تحويل سيناء إلى مرتع لكل عناصر العنف والإرهاب القادمة من أفغانستان وباكستان أو الفارة من اليمن والعراق وغزة ؛ واستشرائها وتغولها فيها واعتدائها على كثير من مؤسسات الدولة وعلى الجيش والشرطة واغتيالها الجنود والضباط المصريين دون موقف حقيقى فعال من ممثل الإسلام السياسى الجالس على رأس الدولة.
3-أما قصة إعادة النظر فى اتفاقية السلام فهى للاستهلاك المحلى والإعلامى مثلما كانت مسرحية استدعاء السفير المصرى فى تل أبيب للتشاور فى أعقاب الهجوم الإسرائيلى الأخيرعلى غزة ؛ لأن المفاضلة بين شبه جزيرة سيناء المنزوعة السلاح أهم لدى الباحثين عن استعادة الخلافة الإسلامية من إدارة صراع مع الصهاينة بشأنها. ففى الحالة الأولى يكون استجلاب أفواج الإرهابيين إليها واستقبال أعضاء الجهاز السرى المسلح وفرق الكشافة بها لإخفائهم عن العيون والقيام بتدريبهم على الأسلحة الخفيفة وغير الخفيفة هو الوضع الأمثل لسيناء، أما إعادة النظر فى اتفاقية السلام فسيضعها – أى سيناء – تحت المنظار ويحول دون استخدامها فى التدريب والإيواء والإخفاء.. وهى نفس النتائج المتحصل عليها فى حالة القيام بتعميرها ورفع كثافتها السكانية بالمنتجين والكادحين وليس بالمستثمرين والسائحين.. وهذا يعنى أن قصة تعمير سيناء فى نظرهم لاتتحقق بملئها بالفلاحين بل باستخدامها فى الاستثمار السياحى الذى يبقيها فارغة لا تمكن حمايتها من أى هجوم إسرائيلى مباغت وهى نفس فكرة نظام مبارك بحذافيرها عن تعمير سيناء.. والتى تستجيب لشروط إسرائيل فى حسن الجوار وتنصاع لاتفاقية السلام معها من ناحية أخرى.
4-أما فوائد القروض من صندوق النقد والبنك الدولى فكانت قبل الثورة فى نظرهم ممارسة للربا الذى حرّمه الإسلام ؛ وتحولت بعد استيلائهم على الحكم إلى إقرار بتلك الفوائد لأنها مجرد “مصروفات إدارية ” أو فى أسوأ الأحوال ” ضرورات تبيح المحظورات “.
-من جانب ثالث كان برنامج الـ 100 يوم الذى طرحه الرئيس وأولوياته ونتائجه فضيحة بكل المقاييس لجماعة ملأت الدنيا صراخا فى زمن سابق عن فقر الشعب واستبداد حكامه وفسادهم ؛ وأن ” إسلامهم هو الحل ” ، وكان فشل البرنامج الذريع برهانا على انصرافهم الكامل عن مطالب الشعب قبل أن يكون بسبب انعدام قدراتهم الادارية وفهمهم المحدود لكيفية إدارة الدولة ، كذلك لم تكن أحداث مجزرة قطار منفلوط بمحافظة أسيوط وطريقة تعامل الحكومة معها إلا دليلا جديدا على استمرار كل السياسات القديمة وتجاهل أهداف الثورة .. وكأن ثورة لم تحدث فى مصر.
-أما الصمم الذى أصاب كلا من رئيس الوزراء والجمهورية بشأن مطالب القطاعات الفقيرة من الشعب رغم ارتفاع وتيرة الاحتجاجات بين العمال والفلاحين والمهنيين (كالأطباء والمعلمين والممرضات وغيرهم) فيؤكد أن الدولة فى عهد الإسلام السياسى هى نسخة مكررة منها فى عهد الطاغية بل وأسوأ .
-ولأن المطالب السابقة يتطلب حلها بعض الاعتمادات المالية فهناك من المطآلب الشعبية ما لا يحتاج لأكثر من قرار ولا يستهلك وقتا؛ فالمعتقلون من شباب الثورة – 8000 حالة – الذين أوقفهم المجلس العسكرى وحاكمهم .. قد أبقاهم رئيس الدولة بين جدران السجون ورفض الإفراج عنهم بينما أطلق سراح أعداد كبيرة من محترفى الإرهاب ممن نشروا الرعب فى صفوف الشعب واغتال بعضهم المفكر الشهيد فرج فودة وصرحوا بأنهم ليسوا نادمين على ذلك ولو عاد بهم الزمن للوراء لقاموا به مرة أخرى ؛ وذلك دليل آخر على أن أهدافهم تتخذ طريقا مغايرا تماما لطريق الثورة و أهدافها.
-وتتابع الوقائع مبرهنة على شروعهم الدائم فى تقسيم المجتمع لطوائف وأشلاء:
-فإنكارهم لمن يخالفونهم فى أفكارهم السياسية وفى تفسيرهم للدين ليس مجرد موقف فكرى وسياسى يمكن بالحوار أن يتغير بل هو طبيعة متأصلة أشبه بالعوامل الوراثية التى تذكيها عوامل اجتماعية متعددة كالنشأة والتربية والثقافة ومن ثم فـ ” سلق الدستور ورفض التوافق بشأن مواده ” رغم اعتراض ممثلى الكنيسة المصرية وكل ممثلى التيارات السياسية الأخرى كالليبراليين واليساريين والناصريين والمستقلين لا يشكل جهلا بمبدأ المواطنة الذى أقرته معظم دساتير المجتمعات الأخرى وتبنته المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان التى وقعت عليها مصر.. بل يمثل رفضا لكل من لا يتطابق مع أهدافهم بل و تاكتيكاتهم ؛ فقد سبقه منع سكان قرى مسيحية بأكملها فى صعيد مصر من التصويت فى الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة ؛ كما يؤكده تكرار رفع أعلام دول أخرى كالسعودية وتيارات فاشية كتنظيم القاعدة مثلما حدث فى جمعة قندهار فى عام 2011 وسبت الشرعية والشريعة ( ديسمبر 2012 ) رغم كل الإدانات والمآخذ التى أثارها و ندد بها الإعلام ، فضلا عما ارتكبته بعض فصائلهم من شماتة وقذف فى حق ( البابا شنودة )أهم رموز الدين المسيحى فور وفاته.
-من جانب آخر كان رفضهم للاستبداد والقهر الذى تعرض له الشعب فى عهود سابقة ليس مردُّه انحيازهم لذلك من حيث المبدأ بل اعتراضهم على ممارسة الاستبداد ضدهم فقط وهم بذلك يقطعون الشك باليقين بأنهم لم يكونوا معارضين حقيقيين- فالمعارض الحقيقى هو من يرفض الاستبداد والفساد ضد كل أفراد الشعب وليس ضده فقط- [ والمثال الأبرز لذلك موقف الأستاذ نبيل الهلالى المحامى اليسارى حينما كان يدافع عن كثير من الإسلاميين فى القضايا السياسية والعمالية ضد استبداد أنظمة الحكم السابقة ] ، وبالتالى تغدو الديمقراطية بالنسبة لهم مقتصرة على صندوق الانتخابات ولمرة واحدة فقط إلى أن يحصلوا بأية طريقة على مقاعد البرلمان أو الرئاسة لتتم بعدها الاستدارة الكاملة للديموقراطية ولصندوق الانتخابات.
ووقائع وقف البث لبعض الفضائيات ( دريم ) ورفض تنفيذ الأحكام القضائية بعودة رؤساء تحرير جرائد قومية تمت تنحيتهم عن مناصبهم بالمخالفة للقانون وللأعراف المتبعة فى مهنة الصحافة .. تؤكد زيف كل ما أعلنوه ويعلنوه عن تعديل أفكارهم ومواقفهم التاريخية بشأن مدنية الدولة والديموقراطية وحقوق التعبير والعمل والمواطنة والمرأة والأقليات وقبول الآخر.
العدوان الأخير على القضاء والانفراد بوضع الدستوروتحديد موعد الاستفتاء عليه :
لم يكن عدوانهم الأخير على القضاء المتمثل فى إصدار الإعلان الدستورى فى 22 نوفمبر 2012 مجرد جهل بإدارة الدولة أو بمبدأ الفصل بين السلطات ، ولا رغبة فى إزاحة واحد أو أكثر من رموز عهد الطاغية فحسب ؛ بل هو تخطيط مدبر وإصرار مسبق على التخلص من إحدى العقبات الهامة من طريقهم وهو مؤسسة القضاء وعلى وجه الخصوص المحكمة الدستورية العليا التى حلف الريئس اليمين أمامها بالحفاظ على الدستور والقانون؛ وأعملت نصوص القانون فى الحكم بعدم شرعية اللجنة التأسيسية الأولى ذات الأغلبية الإسلامية التى كانت مكلفة بكتابة الدستور القادم وحلت البرلمان الإسلامى على نفس الأسس؛ وكان مقررا أن تنظرفى 2 ديسمبر2012 قضيتين أخريين بشأن شرعية مجلس الشورى الإسلامى وتشكيل اللجنة التأسيسية الحالية التى ” فصّلت دستورا معيبا.. “على مقاس” تيار الإسلام السياسى وأهدرت مبدأ التوافق الذى يحكم وضع الدساتير فى بلاد العالم مما أدى لانسحاب غير الإسلامين منها ” لقد كان المخطط هو وقف نظر القضيتين ومنع القضاء من التعرض لمثل تلك لقضايا بقرارات رئاسية محصنة وذلك فى بحر تسعة أيام ” وهو ماتم بالفعل :
أ‌- بالإسراع فى” طبخ ” دستور عنصرى معيب بسبب اقتصار الهيئة التى تعده على تيار واحد .
ب‌- وبتقييد يد القضاء فى الحكم عليه بالقواعد الدستورية والقانونية المعمول بها حاليا ومنعه من نظر القضايا ذات الصلة بهذا الأمر المقرر البت فيها فى 2 ديسمبر 2012 .
ت‌- وبالإسراع فى عرض مشروع الدستور على الرئيس وقيام الأخير بتحديد موعد الاستفتاء عليه وإعلام الشعب به وذلك قبل قيام المحكمة بالبت فى القضيتين المشار إليهما باثنى عشرة ساعة أى مساء 1 ديسمبر 2012 .
ث‌- وأخيرا بمحاصرة مقر المحكمة الدستورية لإرهاب أعضائها ومنعهم من دخوله لممارسة أعمالهم بالذات فى القضيتين المذكورتين.
– لم يكترث تيار الإسلام السياسى بكل فصائله بزئير الشعب فى احتشاده يومى 27 و 30 نوفمبر ولا بحملات التنديد والتفنيد والشجب للإعلان الدستورى الصادر فى 22/ 11/ 2012 برغم انتهاء فترة الشرعية الثورية ( التى تسمح بإصدار مثل هذه الإعلانات الدستورية) فى 30 يونيو 2012 بمجرد تولى محمد مرسى رئاسة الدولة ، ولا بالانتقادات الحادة والمستمرة فى الصحافة والإعلام الغربى ولا بافتضاح أكاذيب قادة الفصائل الإسلامية أمام الرأى العام المحلى والعربى فقد اعتادوا على تكفير الجميع.
وماذا بعد..؟! :
لقد تعرت وجوه كل قادة الإسلام السياسى فى اثنين وعشرين شهرا بعد أن ظلت محتجبة عن الكثير من البسطاء طيلة ما يجاوز الثمانين عاما .. كانوا فيها معادين للحركة الوطنية ولاستقلال الشعب ومنحازين للاستعمارالبريطانى وبعده الأمريكى ومتواطئون مع العدو الصهيونى للبقاء على مقاعد الحكم على حساب القضية الفلسطينية؛ ويمهدون لتحويل سيناء لإمارة إسلامية بفتح الباب على مصراعيه لفلول الإرهابيين القادمين من كل حدب وصوب ويديرون الظهر لدعم الشعب الفلسطينى فى مواصلة كفاحه لاسترداد أرضه بهدف تهجير أهالى غزة إلى سيناء .
واستقووا بالولايات المتحدة فى تمويل حملاتهم الانتخابية عامى 2011 و 2012 ثم فى الحصول على مقعد رئاسة الدولة؛ وقبلها بثمانين عاما تلقوا الأموال من المحتل البريطانى ( من خلال شركة قناة السويس ) لافتتاح مئات المقرات والمكاتب لجماعتهم الفاشىية فى كل محافظات مصر ، واستعانوا بالريالات السعودية والدراهم القطرية وقنواتها الفضائية فى حشد أعضاء تنظيماتهم ومناصريهم ونقلهم إلى ميادين القاهرة فى تظاهرات ومسيرات مدفوعة الأجر.
ولم يكن هذا بغريب فقد سبق لهم الانحياز للملك ( عدو الشعب ) ولرئيس الوزراء إسماعيل صدقى ( جلاد الشعب ) فى الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضى .
فاغتال الإخوان كل من يخالفهم الرأى أيام تأجج الحركة الوطنية قبل ثورة يوليو و بعدها ، وأشاع الجهاديون – فى الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين- الرعب والدمار فى صفوف الشعب واغتالوا العشرات سواء كانوا مسئولين فى الدولة أو مفكرين أو أدباء أو طلاب او سائحين ، ودافع السلفيون عن نظام الطاغية مبارك مرددين ( لاخروج على الحاكم المسلم حتى لو كان ظالما ، فظلم يوم خير من فتنة تدوم ) لأنهم نشأوا وتربوا فى أحضان مباحث أمن الدولة .
ويقف كل هؤلاء الآن ضد الثورة ومطالبها باستماتة ، ولذلك أدركت جماهير الشعب وشباب الثورة كثيرا من أفكارهم وأهدافهم بالتجربة الملموسة فى أقل من سنتين وهتفت ” يسقط حكم المرشد “.
لم يكن أكثر المراقبين تفاؤلا يتصور أن يقوم الشعب – الذى أوصل رموز هذا التيار لمقاعد البرلمان والرئاسة فى نوفمبر 2011 ، يونيو 2012 – برفضهم والدعوة لإسقاطهم وإزاحتهم من طريقه فى نوفمبر 2012.
إن التجربة الحية المباشرة هى التى أنضجت هذا الموقف الشعبى الرافض لأفكار وسلوك وحكم الإسلام السياسى وكشفت أن ” إسلامهم ليس هو الحل ” ، هذا الموقف الذى يتنامى كل يوم ويتسع ويجتذب كثيرا من الفقراء والبسطاء البعيدين عن النشاط السياسى وعن مركز الأحداث فى المدن الكبرى.
فى الانتفاضة الراهنة وضحت الرؤية.. وبقى أن تنقشع الغمة :
ولأن التجربة العملية المباشرة هى ما علمت الجماهير ورفعت وعيها وأنضجت مواقفها وأسقطت أوهامها عن مجلس العسكر وتيار الإسلام السياسى فلم يكن ” الشعب والجيش إيد واحدة ” ولا كان ” الإسلام هو الحل ” باختصار لقد وضحت الرؤية وبقى أن تنقشع الغمة .
-وحتى لا يتكرر ما حدث فى الجولة الأولى من الثورة فى 25 يناير 2011 وجب علينا جميعا نخبا وجماهير أن ندرك :
1- أن الأفكار السياسية لا قوة لها ولا تأثير دون شرطين أولهما هو الارتباط الحى المنظم بإحكام بين النخب والشعب بفئاته وطبقاته ؛ والثانى هو التجربة المباشرة العملية فى مواجهة أعداء الثورة وخصومها والطابور الخامس فى صفوفها ومن ينبئ مساره بتوقفه فى منتصف الطريق.
فالنخب المصرية السياسية – التى يعرف الكثير من عناصرها تاريخ أقدم فصائل الإسلام السياسى وأحدثها ومواقفها ومنابعها الفكرية وأهدافها السياسية وسلوكها العملى قبل أن تندلع ثورة يناير بعشرات السنين- لم تنجز ما أنجزه الشعب المصرى ولا حصّلت خبرته برغم ما تعرض له ذلك الشعب من محو لذاكرته السياسية من حصار وخنق خلال عهود العسكر المتعاقبة حيث بقى حبيس المنازل أمام شاشات الفضائيات أو جليس مدرجات ملاعب الكرة لا تشغله سوى مسلسلات الدراما وأفلام السينما وأهداف نجوم الكرة.
فلا وزن للخطابة فى المؤتمرات ولا قيمة للكتابة فى أوراق الصحف وصفحات المواقع الإلكترونية دون صلة حقيقية عضوية بطبقات الشعب وبالذات بفئاته الفقيرة ودون سعى جاد للتعرف على قضاياه ومشاكله ودون خوض المعارك إلى جانبه ودون التجربة المباشرة مع الأعداء والخصوم.
ولذلك يمكن القطع [ان نجاح تيار الإسلام السياسى فى الوصول لمقاعد البرلمان ورئاسة الدولة كان أول الطريق لاكتشاف الشعب لألاعيبه وأكاذيبه وأهدافه البعيدة.. وأول المنحدر الذى ينزلق عليه الآن ذلك التيار مندفعا نحو نهايته بسرعة لا يمكن تصديقها ].
فكل ما اقترفوه من جرائم وما ارتكبوه من أخطاء فاحشة يتجمع ويصب فى ” حصالة الشعب “.. فى مجرى الثورة ، ويُعجّل من النهاية التى ستكون أكثرقوة وصخبا مما حدث فى ثورة يناير 2011 .
وقبل أن ننهى حديثنا نشير إلى أن طريق الثورة ليس مستقيما ولا مستويا ولا ممهدا بل ملئ بالتضاريس والعراقيل والمنحنيات والعثرات بل والمفاجآت وهو ما ننبه له خصوصا وأن المعركة التى تخوضها الثورة الآن تقاتل فيها جيشا واحدا من جيوش الثورة المضادة ( تيار الإسلام السياسى) وهناك جيوش أخرى تنتظر نهاية المعركة لتقرر بعدها ماذا تفعل ومتى وكيف؟ .. وأحد تلك الجيوش سبقت هزيمته فى الجولة الأولى للثورة لكن هزيمته لم تكن كاملة فلا زالت آماله حية وإمكاناته متوفرة.. أما الآخر فيراقب من بعيد ليحدد متى يتدخل . وهؤلاء جميعا ليسوا مع الثورة بل ضدها .. وإذا ما رجحت كفة الشعب وانتصر وأزاح الكابوس الجاثم على صدره فربما نجد الجيوش الثلاثة فى خندق واحد وهو ما سنتحدث عنه فى وقت لاحق
فما علينا إلا أن نضم صفوفنا وننكر ذواتنا ونُعمِل ذهننا ونستثمر جسارتنا ونتعلم من شعبنا وشبابنا فنهاية الفاشيين تلوح فى الأفق.

الأربعاء 5 ديسمبر 2012 بشير صقر

تيار الإسلام السياسى .. والعلل النفسية

من المتعارف عليه فى علم الاجتماع والعلوم النفسية أن الإنسان لكى يحيا فى مجتمعه متسقا ومتكيفا معه ومندمجا به ..لا بد من وشائج صحية وصلات حقيقية تربطه ببعض أفراد المجتمع الذى يعيش فيه حتى لا يشعر بالاغتراب والوحدة ، وأيا كانت عاداته ومعتقداته وميوله مختلفة مع البعض فى هذا المجتمع لا بد من توافر حد أدنى من الأفكار والخصال الشخصية المشتركة مع من يخالطهم لكى يبقى متسقا معهم ويظل متصالحا مع نفسه، لكنه عندما يفتقد هذا الحد الأدنى فإنه يغدو وحيدا مبتئسا مهموما شاعرا بالاغتراب.
هذا وتأتى النشأة والتربية والثقافة والتعليم فى مقدمة العوامل التى تساهم فى تشكيل شخصيته ووجدانه ومعتقداته الروحية ؛ وقد كان الكثير من المثقفين والعلماء الأجانب وحتى بعض الأوروبيين البسطاء ممن كانوا يترددون أو يزورون مصر فى أواسط القرن العشرين يتعجبون من دفء المصريين ومن مشاعرهم الفياضة ومن ذكائهم وخفة ظلهم وترحيبهم بضيوف مصرمن الغرباء أيا كانت جنسياتهم عرب أو أجانب حتى لو كانوا يقابلونهم للمرة الأولى.
-لم تكن مثل تلك الملاحظات من غرباء عنا جديدة أو غير متوقعة أو غيرمفهومة ؛ فإلقاء نظرة على نسيج المجتمع المصرى آنذاك يكشف انسجاما فريدا بين سكانه من المسلمين والمسيحيين واليهود والنوبيين وغيرهم من الأوروبيين والعرب الذين كانوا يقطنون مصر منذ نهايات القرن التاسع عشرمن يونانيين وفرنسيين وانجليز وإيطاليين ولبنانيين وسوريين وبقايا أتراك. لم يكن مرد ذلك إلا لجذور الحضارة المصرية القديمة التى لعب النيل فيها دورا محوريا حيث تألقت فيها العلوم والفنون والآداب والزراعة على وجه الخصوص.. ولعبت أهم الأدوار فى تشكيل وجدان سوىّ تبطنه السماحة والرحابة والود والرغبة فى الاستقرار والتواصل مع المحبين والمحيطين والجيران .. وتنبذ التعصب وتنفر من التمييز وتحبذ التقارب والألفة.. كما لعبت نفس الدور فى تشكيل عقل باحث دوما عن الحقيقة يقلّب فى كل الأشياء والأفكار ويختار منها ما يصلح ويقتبس من الاختراعات المادية ومن الفنون والآداب والعلوم الإنسانية ما يفيد ليهضمها ويضفى عليها طابعا ونكهة مصرية فتصير جزءا من تراثه المادى والروحى تتناقله الأجيال .
-ولم تكن عبارات شهيرة يتناقلها العالم كله مثل ” مصر سلة غلال العالم القديم ” مجرد معلومة تعنى وفرة الأراضى الزراعية ومهارة الفلاح المصرى ورغبة الحكام القدماء فى تصدير القمح بل كانت تشى إلى جانب ذلك بمسئولية ضمنية عن البشر فى مجتمعات أخرى يحتاجون لما تغله الأرض والفلاح من حبوب، وعبارة أخرى” الإسكندرية منارة العالم القديم ” والمنارة هنا هى مكتبة الإسكندرية التى كان يرتادها أبرز العلماء.. يفدون إليها من أقاصى الأرض للتزود بآخر ما وصلت إليه العلوم المتنوعة؛ كانت المكتبة عن حق جامعة ليس لعامة الناس بل للنجباء والعباقرة من المختصين فى العلوم والفلسفة والفنون والآداب وغيرها.
كانت حصيلة ذلك كله تمتزج وتختلط وتتفاعل لتنتج شيئا كالهواء يتنسمه المصريون وكلٌّ من توطن معهم على أرضها وتعطى خامة المصري التى يتحدث عنها الآخرون.
-لكن وكما هو معروف لا شئ يبقى على حاله طالما يتعرض لعوامل طبيعية وإنسانية مختلفة ومتنوعة طيلة وجوده؛ فكل الأشياء تتغير وكل الأشياء مترابطة كما يقول الجدل؛ فالضفدعة إذا ما انتقلت للصحارى تكتسب لونا الرمال وإذا ما تواجدت فى الحقول اتخذت لون الزرع وإذا ما عاشت بملاصقة البحار تلونت باللون الرمادى وهكذا.. وما يصدق على الحيوان يحدث للإنسان مع فارق هام هو دوره وإرادته العقلية فى قبول أو رفض ما يستجد عليه.. تلك الإرادة التى تلعب دورا فى تطبعه بطباع أو عادات أو خصال جديدة ..لكن يبقى معدنه الأصلى حاكما لكثير من تلك المستجدات والتغيرات.
وعليه فقد تواتر على الشعب المصرى خلال التاريخ غزاة ومستعمرون ومتوحشون ومماليك وزوار ومستوطنون لا حصر لهم ومع كل غزو أو استعمار أو توطن أو استيطان كان المصريون يتأثرون بما يستجد فيأخذون بعضا منه ويرفضون بعضا آخر ويخضعون لبعض ثالث.. لكنهم فى كل الأحوال يهضمون ما أخذوه ” ويطبخونه ” ويستولدون طبعته المصرية.
-وكثير من الغزاة والطغاة وربما كلهم لم يدركوا تلك الخاصية المصرية الفريدة وكان بعضهم يصر على إخضاع المصريين لما يرونه من نواميس ونظم ولم يتوقعوا أن القوة الناعمة – بالتعبيرات الحديثة – للمصريين لن تقبل إلا ما تراه خليقا بالقبول وترفض ما لاتراه صالحا حتى وإن اكتسب التكيف مع إرادة الغزاة أو الطغاة شكل الخضوع المؤقت .
لن نتعرض لأمثلة فى هذا الشأن لكننا نوضح أن الروح المصرية بنْت الحضارة المصرية لا زالت حاكمة لكل عمليات فرض الإرادة سواء صدرت من غزاة أجانب أو من طواغيت محليين خصوصا وأن الشعوب دائما تبقى بينما ينسحب الغزاة أو يُطردون و يذهب الطواغيت عادة إلى الجحيم .
-وما يخص مصر فى هذا الأمر ينطبق – وإن بدرجات مختلفة – على شعوب أخرى ذات حضارات قديمة؛ فالحضارات المعروفة فى التاريخ تنسخ الماضى وتتجاوزه وتتقدم دائما للأمام وتدفع الشعوب للتطور؛ ولتحديث بناء المجتمع ؛ وتوفير سبل الحياة وتحسينها؛ وتنظيم طرق الإدارة والحكم ، وحتى لو انهارت الحضارة لأية أسباب داخلية أو خارجية فقد كانت تستأنف البناء والتقدم من نقطة أعلى مما بدأت بها فى المرة السابقة.
-ولأن ” حضارة ” البدو عموما – وطبعتها الوهابية خصوصا – لا تسير إلى الأمام ولا تعمل من أجل المستقبل بل تسعى لصنعه على غرار الماضى الذى تجاوزه الزمن ولا تبقِ عليه إلا محنطا فى المتاحف والاستفادة منه فى التعرف على مسار التطورالإنسانى فى صلته بالحضارات المختلفة.
ولذلك ” فحضارة ” البدو التى تطارد مصر فى النصف قرن الأخير لن تصمد أمام أصالة ورسوخ المصريين و ثباتهم ومقاومتهم ؛ لأن الحضارة المصرية الفرعونية بكل ما استجمعته من إضافات فكرية وثقافية وعلمية وروحية من الحضارات الأخرى أكثر عمقا وقوة وأشد بأسا بل وأطول نفَسا من ” حضارة ” البدو المسطحة .. حتى وإن تمكنت الأخيرة من بعض المناصرين المصريين .
-ولأن البدو لا يرتبطون عادة بالأرض التى يعيشون عليها بل يتنقلون من مكان لآخر فقد أضعف ذلك من ارتباطهم بها لتصبح صلة الدم والقرابة؛ والحنين للماضى وتمثله؛ وللتقاليد والتشبث بها؛ هى التى تصنع صلاتهم ببعضهم وولاءهم؛ لأنها هى المعطى الثابت الذى تنشأوا عليه منذ نعومة أظفارهم وتوارثوه جيلا بعد جيل.. ليس هذا فحسب بل وهى ” القيم العليا ” التى تشكل أفكارهم ومعتنقاتهم على الدوام.. هذا من ناحية .
– ومن ناحية أخرى شكل فقر بيئتهم الصحراوية واعتمادهم على المطر فى الحصول على غذائهم حالة من الإحساس الدائم بالخطر وانعدام الثقة فى الطبيعة وهو ما انعكس على علاقاتهم بالتجمعات البشرية الأخرى الأكثر استقرارا فاتخذوا منها موقف المتربص .
ولأن العالم من حولهم يتحرك ويتقدم ويتطور من خلال الثورات العلمية والسياسية والاجتماعية بينما هم بمعزل عنه ، ولأن تلك الثورات تفرز عادة أفكارا وفلسفات جديدة وأشكالا مستحدثة لتنظيم المجتمع توسع المسافة بين مجتمعات ذلك العالم وبينهم .. وبمرور الزمن تصبح الفوارق فلكية ليس على الصعيد المادى فقط بل وعلى الأصعدة الفكرية والثقافية والعلمية وهو ما انعكس على رؤية كل منهما للآخر وبالتالى على مواقفهما من كل ما يحيط بهما فى هذا العالم.
-من ناحية أخرى لعب الاستعمار وأنظمة الحكم الغربية وعديد من الحكام المستبدين فى البلاد المتخلفة والنامية دورا فى دفع قطاعات واسعة من تلك الشعوب إلى حالة من البؤس والإفقار المتزايد ليصبح اليأس والإحباط والاغتراب والوحدة مناخا عاما خانقا أسفر عن إصابة الكثيرين بالأمراض النفسية والاجتماعية وبالتالى صاروا – أكثر من غيرهم – عرضة لتأثير التيارات الفكرية والسياسية الرجعية والفاشية وأرضا خصبة لتنامى فصائل وجماعات العنف وهو ما سعدت به قوى الغرب ذات التوجهات الرأسمالية والعنصرية لأنه يسهل لها السيطرة على مقدرات تلك الشعوب ويضعف – ولو مؤقتا – مقاومتها .
-وهكذا تمهدت الأرض لانتشار الكثير من التنظيمات الدينية والفاشية ( كالإخوان المسلمين والجهاديين والسلفيين وغيرها ) خصوصا فى منطقة الشرق الأوسط وبعض مناطق آسيا ؛ ووجدت الولايات المتحدة فرصتها فى دفع تلك التنظيمات إلى سدة الحكم فور اندلاع ثورات الشباب الأخيرة بديلا عن الأنظمة السابقة التى استنفدت عمرها الافتراضى ولفظتها شعوبها بل وقبل أن تتمكن قوى المعارضة الحقيقية الوليدة من فرض وجودها على مسرح الأحداث.. فوجود أنظمة حكم بديلة تعيد إنتاج الاستبداد والفساد والتبعية والتخلف هو ما يوافق هوى النظام الأمريكى وصبيانه من حكام الدول الرجعية فى المنطقة كالسعودية وقطر.. ناهيك عن اتساقه مع التوجهات الفكرية والثقافية والميول السياسية والاقتصادية للحكام الجدد من قادة التنظيمات الدينية الفاشية ؛ وهذا الخيار فى نظرهم أفضل كثيرا – ولا تمكن مقارنته – بأنظمة حكم مستقلة ديموقراطية تنشر العدل الاجتماعى وتستعيد كرامة الشعب والفقراء وتمثل نموذجا وأملا لشعوب المنطقة ؛ وتسترد وزن وهيبة الدولة المصرية ودورها على الصعيدين الإقليمى والعالمى.
-ولأن الأنظمة المتعاقبة على حكم مصر منذ منتصف القرن العشرين صفت الحياة السياسية وحاصرت القوى الديموقراطية واليسارية وحرمتها من كل ألوان النشاط الآجتماعى تقريبا بينما أتاحت هامشا للحركة – يضيق ويتسع حسب مقتضى الحال- للتنظيمات الدينية الفاشية.. فقد أضعف ذلك بشدة تلك القوى ولم تتمكن من التواجد الفعال فى مشهد ما بعد الثورات الأخيرة.
وإزاء وضع كهذا .. ضعف القوى الديموقراطية واليسارية ؛ واستشراء التنظيمات الدينية الفاشية ؛ ودعم النظام الأمريكى ودول الخليج لها .. انخرطت أعداد كبيرة من سكان الريف والعشوائيات والأقاليم – البعيدة نسبيا عن مركز الثورة- انخرطت فى تنظيمات الفاشيين الدينية .
– ولأن الحياة لا تسير فى خط مستقيم ولا تمضى على حال واحد ؛ ونظرا لسلوك تلك التنظيمات وانحيازها ضد آمال الشعب وفقرائه وضد مطالبهم فى حياة كريمة اكتشفت قطاعات متزايدة من الجماهير حقيقة الأهداف والشعارات الدينية والسياسية والاقتصادية التى يرفعها الفاشيون.. وبات الإحساس بالخديعة هو الشعور المسيطر عليها ومن ثم عزمت على تصحيح ذلك بأى وسيلة.
– لقد أدهش الكثيرين حالة الهوس والسعار التى انتابت أقساما متعددة من فصائل الإسلام السياسى وتنظيماتها الفاشية فى كثير من التجمعات الجماهيرية خلال السنتين الأخيرتين والتى لا تتناسب مع مستوى الأحداث التى أفضت لتلك التجمعات؛ فضلا عن حالة التعصب ضد مقولات لا يدركون معناها كالعلمانية أو مع عبارات يحفظونها ولا يملون من ترديدها دون إلمام بأبعادها أو قدرة على إقناع الناس بها ، ناهيك عن مزاج عدوانى يشمل معظمهم؛ وإحساس بالتميز عن الآخرين وميل إلى التعالى والعجرفة لا سند لها ، وإحساس أجوف بأنهم حماة الدين والفضيلة ، وادعاء ضمنى بكونهم وكلاء الله فى الأرض، وتظاهركاذب بمسئوليتهم عن البشر.
وبسؤال عدد من المفكرين عن التفسير العلمى لتلك الظواهر أفادوا بأن لها أسبابا متعددة منها ماهو اجتماعى وما هو تاريخى ومنها ما هو ثقافى وفكرى وما هو نفسى ، وأوضحوا :
– أن الأسباب الاجتماعية تتلخص فى الإحساس بالعزلة عن المجتمع وعدم التواؤم معه وافتقاد تحقيق الذات.
– بينما الأسباب التاريخية فتتمثل فى عمليات الفشل المستمرة فى التواجد كفصائل سياسية تستخدم قواعد العمل السياسى المتعارف عليها فى معظم بلاد العالم والانتقال من فشل إلى فشل طيلة ثمانين عاما سواء فى عهود الملكية أو بعد قيام ثورة يوليو 1952 خصوصا بعد محاولتهم اغتيال عبد الناصر بالإسكندرية ؛ أو فى عصر السادات الذى أتاح لهم فرصة النشاط السياسى وأضاء لهم الضوء الأخضر لمواجهة وتصفية القوى الديموقراطية واليسارية إبان اندلاع انتفاضة الطلاب عام 1972 حيث انهارت تصوراتهم بعد أن توهموا أنهم صاروا قاب قوسين أو أدنى من الاستيلاء على الحكم بعد اغتيال السادات واحتلالهم مديرية أمن أسيوط ؛ أو فى ظل حكم مبارك حيث نشروا الرعب بمحاولات واغتيالات لعدد من المسئولين والمفكرين وتفجير للمنشآت والمركبات السياحية ومحلات الصاغة الخاصة بالمسيحيين وحراس الكنائس وسيارات المدارس .. ولجوئهم لعقد الصفقات الانتخابية مع نظام مبارك فى محاولة للتمويه بأنهم أقلعوا عن العنف وأخيرا بمواقفهم المخزية فى العداء لثورة 25 يناير وتحالفهم مع المجلس العسكرى ضد الشعب .. إلخ.
– وتأتى محدودية ما تلقاه القطاع الأوسع منهم من تعليم وانعدام ثقافته وتبنيه للتفسير الوهابى للدين الإسلامى فى مقدمة الأسباب الفكرية والثقافية ؛ تضاف إليها أفكارهم ومواقفهم من معتنقى الديانات الأخرى ومن المرأة ومن الفن والعلم والآداب ومن نظم الحكم الحديثة ؛ ومن إجراءات ومبادئ اقتصادية معترف بها ومتعارف عليها عالميا تستهدف إعادة توزيع الثروة كمبدأ الإصلاح الزراعى. وحيث أن التنظيمات الفاشية لا تقوم بتربية أعضائها على الحوار والديمقراطية لأن القاعدة الأساسية فى العمل لديها هى الطاعة العمياء وتنفيذ التعليمات والانصياع للأوامر دون تردد.. تماما كالثكنات العسكرية ؛ لهذا لم تفرز تلك التربية والثقافة إلا خانعين يتم تسييرهم بالريموت كنترول ولا تخلق شخصيات مستقلة قادرة على الحوار والإقناع ومستعدة للاقتناع بالرأى الصحيح أيا كان مصدره وتعودهم على فضيلة الرجوع للحق إذا ما أخطأوا.
كما افضت تلك التربية والثقافة عن تصورات سياسية فائقة الخطورة تعتبر لُبّ القضية الفلسطينية هو الصراع الدينى بين الإسلام واليهودية وليس الصراع السياسى بين الصهيونية العالمية – التى تضم شخصيات وتيارات وقوى يهودية ومسيحية وإسلامية – من جانب وبين الشعب الفلسطينى والشعوب العربية من جانب آخر.
علاوة على اعتناقهم جميعا للمبدأ الفلسفى الميكيافيللى ” الغاية تبرر الوسيلة ” فى تسيير أمورهم الحياتية والسياسية..
– أما عن الأسباب النفسية فقد أفاد أحد المختصين بأن معتنقى الأفكار والقيم المشار إليها أعلاه تدفع أصحابها للاغتراب عن المجتمع المحيط وتفرز مشاعر معادية له ولا تقتصر تلك المشاعر على النظام الحاكم بل تشمل العديد من قطاعات السكان خصوصا إذا كان من بينها من يخالفهم فى الديانة أو فى الأفكار والثقافة أو فى نمط المعيشة ، وبسبب ما يتلقنوه فى تنظيماتهم من قيم وأفكار يصبحون على استعداد تام لمعاداة كل من يعتز بالحضارة المصرية الفرعونية حتى لو وصل ذلك لهدم أهرام الجيزة .. نظرا لاعتبارهم الفراعنة كفارا وليسوا أهلا للافتخار بهم .
وبسبب عدائهم التاريخى لعبد الناصر يسفهون- بعدوانية بالغة- مشروعات عملاقة كالسد العالى ويقفون – دون أن يدروا- فى خندق واحد يضمهم مع الوزير الصهيونى ليبرمان الذى هدد بضرب السد بالطيران؛ بل ويتحدث رئيسهم – محمد مرسى – بمرارة بالغة عن فترة حكم عبد الناصر- قائلا ” الستينات وما أدراك ما الستينات ” وهو الذى لم يدخل المدرسة ويرتدى البنطلون ويُقبل فى الجامعة ويخرج فى بعثة دراسية للخارج للحصول على الدكتوراة إلا لأن أباه حصل على عدة أفدنة من أراضى الإصلاح الزراعى زرعها وأنفق من محصولها علي أسرته؛ ومثل تلك المغالطات ليس مردها مجرد خلاف سياسى بل هى نموذج لحالات اختلال نفسى على استعداد لقلب الحقائق الساطعة سطوع الشمس.
كذلك فمثل هذه الحالات المرضية على استعداد لاغتيال من يشكل بثقافته وإنتاجه الأدبى والفنى نموذجا عالميا له قيمة أدبية ترفع من شأن وطنه كنجيب محفوظ – طالما كانوا يختلفون معه- لأنه كتب رواية من نصف قرن سمعوا أنها تتعرض للدين دون أن يقرأوها.
ولعلنا نذكر ما صرح به مؤخرا محمد حسنين هيكل لجريدة التحرير من أن التيار الإسلامى لم ينتج مبدعين لأن الإبداع يتطلب نوعا من التغير والتطور بينما هم ثابتون فى مكانهم لا يتحركون.
واختتم المختص حديثة قائلا : أن الهوس كأحد أمراض الذهان يتجلى بأشكال متنوعة منها الهوس الدينى ومنها شعور المريض أنه وصى على البشر ومنوط به إصلاح الكون وتعديل مساره حتى لا يظل مخالفا شرع الله بناء على تفسيره الخاص لتلك الشريعة.
إن كثيرا من التنظيمات الدينية والفاشية على مستوى العالم تزخر بالعيد من هؤلاء المرضى وهم كجماعات تختلف ردود أفعالهم بشكل انقلابى فى وقت قصيرجدا من حالة لحالة.. فتجدهم فى حالات بعينها منتفخين متعجرفين وأشبه بمرضى البارانويا ( جنون العظمة ) وهو ما ظهر فى يومى الجمعة 30 نوفمبر2012 أمام جامعة القاهرة بالجيزة والسبت أول ديسمبر 2012 حول مقر المحكمة الدستورية بالمعادى وفى حالات أخرى معاكسة تجدهم أشبه بالنعاج المذعورة تتوارى هلعا كما حدث مساء الثلاثاء 4 ديسمبر 2012 فى معظم محافظات مصر.

الثلاثاء 4 ديسمبر 2012 بشير صقر

حكم غيابى جديد بالسجن 5 سنوات ضد أحد أشقياء شبراخيت.. اعتدى على أحد فلاحى عزبة الأشراك أثناء سرقة مواشيه ..وأصابه بشلل نصفى وفقد للنطق فى أكتوبر 2011

فى الدعوى رقم 6754 / 2012 جنايات الرحمانية قضت محكمة جنايات دمنهور اليوم الخميس 13 /11/2012 بالسجن 5 سنواتغيابيا ضد أحمد سعيد إبراهيم سالم وشهرته شلبى لاعتدائه على المواطن محمود المكاوى وأحدث به عاهة مستديمة ( أصابته بشلل نصفى وفقد للنطق ) أثناء محاولته وآخرين سرقة مواشى المكاوى بعزبة الأشراك فى أكتوبر2011 .
هذا وقد سبق ذلك حكم غيابى آخر فلا الدعوى 724 / 2011 كلى شمال دمنهور ضد الشقى المذكور وشقيقه محمد وشهرته النص بالسجن 15 عاما بسبب شروعهما وآخرين فى سرقة ماشية المجنى عليه ووالده ، وبهذين الحكمين يضيق الخناق كثيرا على الشقيين الهاربين اللذين يشكلان خطرا على أهالى محافظة البحيرة .
وفى نفس الموضوع ذكر المستشار محمد المكاوى محامى المجنى عليه أن قضية التعويض عن إصابات المجنى عليه وما ترتب عليها من أضرار سوف يتم نظرها بمجرد القبض على الشقيين المذكورين أو تسليم أنفسهما للعدالة.

الجمعة 14 نوفمبر 2012 لجنة التضامن الفلاحى- مصر

الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية فى مصر.. لا تسمع .. لا ترى .. لا تتكلم ، وتشرع فى طرد فلاحين اشتروا من الدولة أرضا مستصلحة وسددوا ثمنها بالدلنجات بحيرة

“منطقة البستان وفرهاش” تحرر محاضر طرد الفلاحين من الأرض عام 1985 فى الخفاء ودون إخطارهم
وفى غيبتهم ودون استدعائهم.. لجنة التحقيق تحقق معهم عام 1990 وتحصل على اعترافاتهم وتفسخ عقودهم
وتقرر استرداد الأرض .. بينما تستمر فى تحصيل باقى ثمنها حتى 1997 وتزويدهم بمستلزمات الزراعة
رفع سعر فدان الأرض المستصلحة من 450 إلى 5000 جنيه وتجارة الأراضى يقفان وراء فساد الهيئة
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
تمهيد :
الفساد والاستبداد من أمراض مصر المتوطنة
صورة جديدة قديمة من صور الفساد والاستبداد فى آن واحد لما يجرى علنا وفى وضح النهار فى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية فى إحدى قرى مركز الدلنجات بمحافظة البحيرة؛ بدأت فصولها عام 1985 فى ” منطقة البستان وفرهاش” التابعة للمراقبة العامة للتعاونيات بشمال البحيرة .. وما زالت تداعياتها مستمرة حتى بعد قيام ثورة يناير فى دهاليز هيئة التعمير بالقاهرة رغم تنصيب 4 وزراء على كرسى وزارة الزراعة منذ تفجر الثورة وحتى الآن.
ذكّرتنا تلك الصورة بعبارة كان يرددها ثلاثى أضواء المسرح ( شالو ألدو .. جابو شاهين .. شاهين قال.. مانتوش لاعبين ) والتى تعنى ثبات الحال رغم تغيير الأشخاص والحكام.
هذا وقد سبق للجنة التضامن الفلاحى ( عام 2009 ) أن تعرضت لممارسات الهيئة المذكورة مع مجموعة من الأسر المتوسطة فى منطقة الرويسات مركز الحمام بمحافظة مطروح عندما انتزعت منها الهيئة أرضا مساحتها 170 فدانا رغم أنها مشتراة بعقود رسمية من إحدى جمعيات ضباط الشرطة ( واسمها رابطة المستقبل ) واستخرجت تصاريح لبناء حظائر ومسكن ومسجد وحصلت على بطاقات زراعية تمكنها من الاستفادة من خدمات الجمعية الزراعية ( تقاوى ، أسمدة ، مبيدات .. ) بل وزرعتها .
الجدير بالذكر أن انتزاعها من ملاكها تم بواسطة ممثلى هيئة التعمير والتنمية الزراعية وبقرار من وزير الزراعة برقم ( 1063 / فى عام 2007 ).
وبالرغم من حصول عدد من الزراع على حكم قضائى يلغى قرار الطرد ويلزم الهيئة التابعة لوزارة الزراعة برد الأرض لأصحابها وإزالة ما ترتب عليه من آثار ؛ إلا أن شرطة مطروح لم تتمكن أو لم تحاول تنفيذ الحكم وقالت للزراع : ما فائدة أن نسلمكم الأرض اليوم .. ويتم انتزاعها منكم غدا .. ألا تخشون على حياتكم..؟ وهكذا دفعت الأسر تحويشة العمر فى أرض تبخرت من بين أيديهم فى لمح البصر.
كما نشرت جريدة المصرى اليوم على حلقات بدءا من عددها الصادر 12 نوفمبر 2010 تقريرا للجهاز المركزى للمحاسبات يفضح تصرفات الهيئة المذكورة على مستوى الجمهورية ويُعريها ويفضح ممارسات عدد من المسئولين الكبار فيها وعلى رأسهم محمد جمعة ومحمد عبد الحليم ، ونشرت لجنة التضامن الفلاحى شرحا وتعقيبا مطولا للتقرير على موقعها الإلكترونى tadamon.katib.org وعلى موقع الحوار المتمدنahewar.org/m.asp?i=1625 فى نفس التوقيت.
والواضح لكل من طالته نار هيئة مشروعات التعمير والتنمية الزراعية فى عهد مبارك أن تلك النار لا زالت مشتعلة فى عهد مرسى ولم تنطفئ بعد ؛ وعلى ما يبدو أنها لن تنطفئ .. فما دام الفساد والاستبداد هما المسيطران عليها وظل المتنفذون فى قيادتها وقطاعاتها ومراقباتها ومناطقها مستمرين فى مراكزهم فلن يحصل الفلاحون والمزارعون وكل أصحاب الحقوق الضائعة على حقوقهم المغتصبة.
فما عاناه ويعانيه زراع الـ 170 فدانا المغتصبة – حتى اليوم – فى قرية الرويسات بمنطقة الحمام بمطروح ؛ يعانيه الآن فلاحو (منطقة البستان وفرهاش ) وبالذات فى قرية مؤسسة البستان مركز الدلنجات بحيرة .. وإليكم القصة من بدايتها:
• بموجب البحث الاجتماعى الذى أجرته الدولة حصل عدد من فلاحى المنطقة المعدمين على مساحات من الأرض التى استصلحها قطاع استصلاح الأراضى بوزارة الزراعة ومنهم الفلاح عبد الكريم مهدى ضو عام 1976 ؛ والذى كان يعول خمسة أبناء وتسع بنات.
• كانت المساحة التى خصصتها له الهيئة 8 أفدنة و 13 قيراط وسهمين برقم 36868 فى 29 مايو 1976 ؛ واتفقت معه ومع بقية المنتفعين على 450ج ( أربعمائة وخمسين جنيها ( ثمنا للفدان تُدفع على أقساط خلال 30 سنة.. و كدّ عبد الكريم وأبناؤه وبناته فى فلاحتها حتى حولوها لأرض خصبة منتجة ؛ وكما واظبوا على زراعتها والعناية بها؛ والتزم عبد الكريم بدفع أقساطها فى مواعيدها.
• توفى عبد الكريم فى بداية التسعينات؛ وفى عام 1997 قام ورثته فى 19 مايو بدفع مبلغ 2502 ( ألفين وخمسمائة واثنين جنيها) ( لمنطقة البستان وفرهاش ) بالإيصال رقم 6702 وهو( بقية ثمن الأرض ) كما نص الإيصال حرفيا ولأنه لم يبق لهم سوى الحصول على عقد شرائها من الهيئة فقد طالبهم المختص فى نفس اللحظة بدفع 75 جنيها قيمة رسوم تحرير عقد التمليك حيث استجابوا لطلبه فورا.
• انتظروا تحرير العقد وترددوا على إدارة المنطقة ومراقبة شمال البحيرة التى ترأسها وعلى الإدارة المركزية فى القاهرة سنة بعد أخرى فلم يسمعوا من كل من قابلوهم إلا التسويف الذى تصوروه – كالمعتاد – إحدى السمات المتوطنة للموظفين فى دواوين الحكومة المصرية.
• فى أكتوبر 2011 أى بعد الثورة علم الورثة بالمصادفة بصدور قرار بطرد والدهم من الأرض فى وقت سابق ؛ وبالبحث عرفوا أن مُصدر القرار هو لجنة تحقيق برئاسة المستشار محمود إبراهيم عطا الله بمجلس الدولة وعضوية 5 من كبار موظفى الهيئة بتاريخ 28 مارس 1990 .. وأن قرار الطرد المشار إليه ضم 13 منتفعا من نفس الجمعية الزراعية ( جمعية البستان ) ومنهم عبد الكريم ، وأن السبب الذى برروا به الطرد هو” تنازلهم عن جزء من الأراضى المخصصة لهم لصالح آخرين وتمكينهم من وضع يدهم عليها”. وبمزيد من البحث عرفوا أن هناك محاضر تحررت ضدهم بالمخالفة المنسوبة إليهم سُجّلت فى خطابين مؤرخين 18 فبراير ، 2 مارس 1985 أرسلهما مراقب التنمية إلى لجنة التحقيق.
• ذكر قرار الطرد أن وقائع الاتهام والتحقيق تتمثل فى:
1- تنازل الـ13 منتفعا عن أجزاء مما خصص لهم من مساحات وتمكين الغير من وضع يده عليها.
2- حضور المخالفين الـ 13 أمام لجنة التحقيق والإدلاء بأقوالهم.
3- وأنهم أقروا بالمخالفة المنسوبة إليهم .
– هذا وانتهى قرار لجنة التحقيق بالنتيجة الآتية :
” ثبت للجنة صحة ما نسب للمخالفين؛ مما ترتب عليه فسخ العقد وإنهاء العلاقة معهم ، واسترداد الأرض.
وصدر القرار بالصيغة الآتية ( موجزا ) :
$ إنهاء العلاقة بالمذكورين الـ 13 ؛ واسترداد الأرض منهم.
$ إخطار المخالفين بقرار اللجنة بالطريق الإدارى .
$ تصديق الوزير على القرار خلال الـ 30 يوما من إخطار المخالفين به.
$ اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحصيل مستحقات الإدارة من المخالفين (أى الإدارة المركزية للخدمات الاجتماعية والبيئية التى انبثقت منها لجنة التحقيق) .
$اتخاذ الإجراءات القانونية المحددة باللائحة التنفيذية للقانون 100 لسنة 1964 لاسترداد الأرض من المذكورين ، وإعادة توزيعها على آخرين.
أصيب الورثة بالذهول .. ولجأوا لطريق الشكاية لمسئولى هيئة التعمير بالقاهرة فهم من بيدهم الحل والعقد وبسبب إحدى الشكاوى التى قدمها الورثة تم التحقيق مع أحدهم وهو إسماعيل عبد الكريم مهدى حيث ذكر أن والده لم يتنازل له أو لغيره عن شبر من الأرض ؛ وأنه مجرد واحد من الورثة الشرعيين لا أكثر.
– لم يحصل الورثة على نتائج حاسمة فقرروا رفع دعوى أما القضاء الإدارى بدمنهور يتم نظرها الشهر القادم .
– وإزاء هذه الكارثة التى حلّت بهم لجأ الورثة للجنة التضامن الفلاحى :
– بمناقشتهم والاطلاع على المستندات والأوراق الموجودة معهم رأت اللجنة عددا من الملاحظات والمآخذ التالية:
• أن أبناء عبد الكريم مهدى وبناته كانوا يعملون مع أبيهم فى زراعة المساحة المخصصة له وأن والدهم كان منتظما فى دفع الأقساط المقررة على الأرض باعتبار ثمن الفدان 450ج ( أربعمائة وخمسين جنيها ) فى حياته و بعد وفاته استمر ورثته فى ذلك، وكانوا يحصلون على مستلزمات الزراعة من جمعية البستان الزراعية بموجب البطاقة الزراعية رقم387 والتى تم تعديل اسم صاحبها بعد وفاته إلى ورثة عبد الكريم مهدى ووُضع أمام اسمهم عبارة المُمَلّك وشُطِب على كلمة المستأجر.
• أن ابنه إسماعيل عبد الكريم كان قد حصل على مساحة أخرى قدرها أربعة أفدنة وأربعة عشر قيراطا وسبعة أسهم فى نفس التاريخ الذى حصل فيه والده على مساحته وبنفس السعر ( 450 ج / للفدان) ، وكان يعمل فيها ويواليها وينتظم فى دفع أقساطها وحصل على عقد تمليكها برقم 154 فى 10 أغسطس 2010 الصادر من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية.؛ ومن ثم فلا حاجة له لزراعة جزء من أرض أبيه بالمرة على غير ما شاع مؤخرا فى أعقاب اكتشاف إخوته لقرار فسخ عقد والدهم وتبريراً لفسخ عقده مع الهيئة.
• أن قرار لجنة التحقيق المشار إليه الصادر فى 28 مارس 1990 بشأن حضور عبد الكريم مهدى جلسة التحقيق وإدلائه بأقواله أمامها ليس صحيحا ؛ ومن ثم فالادعاء باعترافه بالمخالفة المنسوبة إليه لم يحدث لسبب بسيط هو أنه لم يُسْتَدع للمثول أمام تلك اللجنة ولم يسمع به.
• أن الهيئة لم تُخطر الفلاح عبد الكريم مهدى فى حياته أو ورثته بعد وفاته طيلة المدة من صدور قرار الطرد فى 1990 وحتى الآن بما يفيد بمخالفتهم أو بطردهم من الأرض.
• والدليل على ذلك هو استمرار الهيئة فى الحصول على أقساط التمليك بعد تاريخ 28 مارس 1990 حيث كان المذكور مازال حيا ؛ وحصولها على القسط الأخير وقدره 2502 جنيه فى 19 مايو 1997 ، بل وعلى رسوم تحرير عقد التمليك وهو دليل مادى على عدم المخالفة وعلى عدم فسخ العقد وعلى عدم الإخطار بذلك.
• أن قرار لجنة التحقيق تضمّن نصا ( باتخاذ الإجراءات القانونية المحددة فى لائحة القانون 100 / 1964 التنفيذية لاسترداد الأرض وإعادة توزيعها على آخرين.).. وهو ما لم يحدث منذ تاريخ صدور القرار عام 1990 وحتى الآن.. فلا الهيئة استردّت الأرض ولا قامت بتوزيعها على آخرين وهو ما يعنى أن القصة من بدايتها ” مفبركة ” وتم تلفيقها لغرض آخر، فلا الفلاح عبد الكريم خالف العقد ؛ ولا تم استدعاؤه للتحقيق؛ ولا حضر التحقيق المزعوم ؛ ولا أدلى بأقواله أمام اللجنة ؛ ولا اعترف بالتنازل عن جزء من أرضه لغيره .. ناهيك عن أن الأرض ظلت تحت يده بعد تاريخ صدور القرار حتى وفاته؛ وهى الآن تحت يد ورثته، وسبق ذلك وواكبه تلقّى الهيئة لأقساط تملك الأرض بالثمن القديم ( 450 ج / للفدان )، وكذلك قيمة رسوم تحرير عقد التمليك فى 19 مايو 1997 ، بل إن البطاقة الزراعية الصادرة من منطقة البستان وفرهاش ( المختصة بمد الفلاحين بمستلزمات الزراعة ، وتحصيل أقساط ثمن الأرض، وإصدار بطاقات الحيازة الزراعية) قد وضعت إسم ورثة عبد الكريم مهدى ضو على البطاقة الزراعية الموجودة طرفهم والتى يحصل بموجبها الورثة حتى الآن على الأسمدة والتقاوى وكتبت أمام الإسم عبارة الممُلّك ؛ وأمدتهم بالأسمدة والمبيدات والتقاوى وغيرها كما هو مدون بالبطاقة.
• ويقفز أمامنا سؤال هام هو: لماذا لم تقم المنطقة بسحب الأرض وتوزيعها على منتفعين جُدد كما نص قرار لجنة التحقيق ؟
هل لأنهم عادوا لرشدهم وأدركوا أن ما قاموا به ينافى القانون والعُرْف والأخلاق؟! أم لأن المنتفعين الجدد قد راجعوا أنفسهم وعدلوا عن المشاركة فى مؤامرة دنيئة لطرد فلاحين شرفاء لم يقترفوا ذنبا لكى يتم طردهم من الأرض التى أفنوا فيها عمرهم ليحلّوا محلهم ؟ أم لأن ورثة المرحوم عبد الكريم عزوة ضخمة ومن أهل المنطقة بينما هؤلاء الجدد غرباء عن المنطقة ويخشون على حياتهم إذا ما استمروا بينهم يزرعون الأرض ؟ أم لأن الشروط التى عرضها عليهم موظفو المنطقة ومن يختفون وراءهم لم تعجبهم ولم يكن فى مقدورهم تنفيذها ولذلك قرروا التراجع ؛ وبالتالى لم يجد موظفو المنطقة مفرا من ترك الأرض مع ورثة عبد الكريم مهدى وتحصيل ما تبقى من أقساطها؟!
فهل يمكن أن نسمع جوابا على هذا السؤال؟ أم سيظل من دبروا المؤامرة صامتين صمت القبور؟!
• خلاصة الأمر.. هو أن (موظفى منطقة البستان وفرهاش) قد استكثروا مساحة الأرض على الفلاح عبد الكريم وعلى جيرانه ” وفبركوا ” قصة مخالفته شروط العقد خصوصا وأن ابنه إسماعيل كان هو الآخر منتفعا بمساحة أربعة أفدنة وأربعة عشر قيراط وسبعة أسهم فى نفس المنطقة ويتبع نفس الجمعية الزراعية. وقد تم ذلك استنادا إلى جو الفساد السائد فى الكثير من مناطق وقطاعات ومراقبات هيئة التعمير بل وإداراتها المركزية ، وأن ادعاءهم بمخالفة عبد الكريم لشروط العقد سوف يرفع ثمن الفدان من 450 جنيه إلى الثمن الجديد 5000 خمسة آلاف جنيه وهو ما سيضعه فى مأزق يدفعه للتسليم بترك الأرض وبالتالى تقوم (منطقة البستان وفرهاش ) بإعادة توزيعها على آخرين تراهم أكثر قدرة على الدفع وأكثر استعدادا للإنصات لرغبات موظفيها فى زمن توقفت فيه الدولة عن القيام بواجبها فى استصلاح الأراضى هذا من ناحية ؛ ومن ناحية أخرى لأن المرحوم عبد الكريم كان رافضا للتعاملات غير المستقيمة وغير مستجيب للعبارات غير الواضحة التى تلتقطها أذنه فى المنطقة.. وأكثر شجاعة من كثيرين سلّموا برغبات موظفى هيئة التعمير ومنطقتها فى البستان وفرهاش وخضعوا لمطالبتهم برفع ثمن الأرض التى تحت أيديهم 11 ضعفا للاحتفاظ بها، وليست أحداث قرية الرويسات بمنطقة الحمام بمطروح ببعيدة.. فهى تعطى الدليل القاطع على صحة ملاحظاتنا ومآخذنا على هيئة زراعية هى النموذج الأوضح للفساد والاستبداد فى مصر.

الاثنين 12 نوفمبر 2012 بشير صقر
لجنة التضامن الفلاحى – مصر

براءة فلاح شبراخيت من تهمة سرقة والدة شقيين حاولا الاستيلاء على مواشيه .. الشقيان الهاربان محكوم عليهما بالسجن 15 سنة لاعتدائهما على الفلاح ..

محكمة التعويضات تنظر دعواه ضدهما الثلاثاء القادم

أصدرت محكمة إيتاى البارود بتاريخ 7 نوفمبر الجارى حكما فى الدعوى رقم ( 13808 / 2012 جنح شبراخيت ) ببراءة محمود المكاوى من التهمة المنسوبة إليه ( بسرقة والدة الشقيين أحمد سعيد إبراهيم سالم وشقيقه محمد) بعد أن اطلعت على الحكم الصادر ضدهما فى الجناية رقم 724 / 2011 ج. كلى دمنهور بالسجن 15 سنة جراء الاعتداء على محمود المكاوى وإصابته بشلل وفقد النطق أثناء مقاومته لهما فى محاولة سرقة مواشيه.
يذكر أن الشقيين يمتان بصلة قرابة لأحد الطيارين العاملين فى ديوان رئاسة الجمهورية قبل الثورة وينشطان فى الأعمال الإجرامية بمحافظة البحيرة حتى بعد صدور حكم محكمة الجنايات ضدهما وما زالا طليقين.. وقد سعى بعض ضباط المباحث بالمنطقة لإبرام الصلح بينهما وبين المكاوى إلا أن الأخير رفض.
من ناحية أخرى تنظر محكمة تعويضات دمنهوريوم الثلاثاء القادم 13 نوفمبر2012 الدعوى رقم 6754 / 2012 التى رفعها محمود المكاوى ضدهما بشأن الأضرار التى لحقت به أثنا معركة سرقة المواشى.
هذا وقد ذكروالده محمد المكاوى أن هناك تعاطفا شديدا من فلاحى القرى المحيطة مع ابنه (المجنى عليه ) وفرحة غامرة بالعقوبة التى وقعتها محكمة الجنايات على الشقيين أحمد ومحمد سعيد سالم ، وقد بدا ذلك واضحا أثناء قيام الفلاحين بتطهير ترع الرى التى يحاول بعض الطامعين فى الاستيلاء على أراضيهم سدها لمنعهم من رى الأرض.

الجمعة 9 نوفمبر 2012 لجنة التضامن الفلاحى – مصر

بسبب تقاوى القطن المضروبة فى مصر: كارثة جديدة تلحق بزراع القطن بقرى شبراخيت بحيرة

تقاوى الإدارة الزراعية تنتج ثمارا خالية من وبر القطن
يبيعها الفلاحون علفا لرعاة الأغنام بألف جنيه من الفدان
ومحصول العام السابق مكدس بمنازل الفلاحين 15 شهرا
بينما محصول العام الأسبق يغل 21 ألف جنيه من الفدان

أفاد فلاحوجمعية الأشراك الزراعية التابعة لمركز شبراخيت محافظة البحيرة بتعرضهم لكارثة جديدة هذا العام – بعد كارثة الفشل الكلوى عامى 2009 ، 2010 وأزمة ركود مخزون محصول القطن عام 2011 – تمثلت فى انهيار محصول القطن الذى زرعوه بتقاوى الإدارة الزراعية بالرحمانية التى يتبعونها ؛ وشملت الكارثة قرى الأشراك البلد وعزبة الأشراك وأبو خراش التابعة للجمعية الزراعية المذكورة.
يقول محمد المكاوى أحد المضارين من استخدام تقاوى الإدارة الزراعية: لم نفق من كارثة الفشل لكلوى عامى 009 و2010 التى راح ضحيتها أكثر من عشرين فلاحا وفلاحة وخلفت مئات المصابين بالمرض بسبب رى المزروعات بمياة الصرف الصحى حتى باغتتنا أزمة مخزون القطن فى العام الماضى 2011 الذى ظل بمنازلنا لمدة 15 شهرا دون تسويق .. وما أن تمكنا من بيعه بـ ( 1100 جنيه للقنطار ) بخسارة 40% مقارنا بسعره فى العام الأسبق ( 1800 جنيه للقنطار ) حتى وقعنا فى كارثة جديدة هذا العام ( 2012 ) بانهيار محصول القطن بسبب التقاوى المضروبة التى أرسلتها لنا الإدارة الزراعية المختصة.
وكانت الإدارة الزراعية بالرحمانية قد وزعت هذه التقاوى على الفلاحين فى القرى الثلاث فى بداية العام الحالى ؛وبعد زراعتها بعدة شهور اكتشف الفلاحون ضعفا فى نمو شجيراتها التى أنتجت لوزا ( ثمار) صغير الحجم لم يتفتح وخلا من وبر القطن.
وأضاف المكاوى :لم يفلت من هذا المصير سوى حوالى 30 فلاحا بالقرى الثلاث حالفهم الحظ بالحصول على كمية من تقاوى العام الماضى من صنف ( جيزة 88 ) كانت قد تبقت بالجمعية الزراعية.
وبعد أن بلغت إنتاجية الفدان فى العامين الماضيين 12 قنطارا من القطن تراجعت هذا العام إلى 2،5 – 3 قناطير فى أفضل الحالات.. بينما لم يحصل بقية الفلاحين الذين زرعوا التقاوى المضروبة إلا على كميات هائلة من اللوز غير المتفتح دون وبر.. مما دفعهم لبيعه علفا لرعاة الأغنام بسعر 1000 – 2000 جنيها لإنتاج الفدان.
ويهم لجنة التضامن الفلاحى – مصر أن تعرب عن أسفها البالغ لأوضاع الفلاحين التى تتوالى عليهم الكوارث واحدة تلو أخرى رغم كل ما يشاع عن دعمهم ورفع أسعار محاصيلهم وإسقاط ديون المتعثرين منهم .
هذا وقد أعلن عدد من فلاحى القرى عن إصرارهم على اللجوء للقضاء للحصول على تعويض عما لحقهم من خسائر .

الجمعة 26 أكتوبر 2012 لجنة التضامن الفلاحى – مصر

إصدار جديد مشترك للجنة التضامن الفلاحى ومركز دعم التنمية والتدريب بالقاهرة : مطالب الفلاحين فى الدستور القادم

لجنة التضامن الفلاحى – مصر
مركز دعم التنمية والتدريب – القاهرة

مقترح بمطالب الفلاحين فى الدستور القادم

بشير صقر

إبريل 2012

هذا الكراس..
تتقدم لجنة التضامن الفلاحى – مصر ومركز دعم التنمية للاستشارات والتدريب بالقاهرة بهذا الكراس تأكيدا لحق كل فئات الشعب المصرى ومنهم الفلاحين فى تضمين مطالبهم فى الدستور القادم ودعما لهذه المطالب التى تغطى حقوقهم وحرياتهم الأساسية وأولها الحق فى الحياة و العمل والتنظيم والكرامة الإنسانية.
-وحيث أن الفلاحين هم أكثر الفقراء فقرا وأقلهم حماية فى مصر.
– ولأنهم الفئة التى لا يدافع عنها أحد سواء فى قراهم ونجوعهم أو فى البرلمان أو فى المجالس المحلية.
– حتى الدستور السابق سمح للكثير ممن لا يعملون بالزراعة ولم تطأ أقدامهم حدود الريف أن يمثلوا الفلاحين فى كل الانتخابات التى تجرى منذ نصف قرن وحتى الآن ؛ وبالتالى لم يدافعوا عنهم أو يشاركوا فى إصدار قانون واحد يحفظ لهم حقوقهم وحرياتهم ؛ بل ساهموا فى خرق قوانين الإصلاح الزراعى و طردهم من الأرض التى يزرعونها منذ عهود الملكية.
– ولأنهم الفئة الوحيدة التى لا يتحدث باسمها أحد من أبنائها الحقيقيين ، وليست لهم نقابة تعبر عنهم أو تدافع عن حقهم فى الحياة.
– ولأنهم أعطوا لمصر اسمها ؛ وأطعموا شعبها بل وكثيرا من شعوب العالم حتى أطلق المؤرخون عليها ( مصر سلة غلال العالم القديم )؛ بل وحافظوا عليها ضد الغزاة والطامعين.
ولأنهم هم من بنوا الأهرامات وحفروا قناة السويس ومات منهم بسببها عشرات الألوف.
كان من الطبيعى أن نذكر لهم كل تلك التضحيات ؛ ونفخر بذلك التاريخ .. ونعترف لهم بالجميل الذى قدموه لمصر وشعبها برضى نفس نادر المثال.
-ولأن الاعتراف بالجميل لا يقتصر على مجرد الكلام عن الأمجاد بل يجب أن يتم الشروع فى تحقيقه عمليا فى الممارسة .. لذلك وجب على كل الشرفاء فى مصر أن يدعموهم فى نيل حقوقهم وانتزاع حرياتهم.
– ولأن وثيقة الدستور هى التى تحدد الطريق الذى يسير فيه المجتمع نحو نهضته المنشودة وتُلزِم الحكام بتنفيذ روحه وعدم الانحراف عنها.. كان من الضرورى أن تتضمن هذه الوثيقة تلك الحقوق والحريات الأساسية ؛ والتى هى جزء من حقوق الشعب وحرياته بكل فئاته وطوائفه.
لذلك نقدم هذا الكراس الذى يتضمن قسمين:
الأول : تصوراً لما يجب أن تكون عليه الزراعة المصرية ومطالب الفلاحين العاجلة.
الثانى : مقترحا لما يتحتم أن ينص عليه الدستور القادم ( 2012 ) من تلك المطالب والسياسات التى تخص الزراعة والفلاحين.
ولأننا ندرك – استنادا إلى التاريخ القريب- أن الاستجابة لتلك المطالب سبق ولقيت معارضة شديدة من كل المعادين للثورة وللفقراء، فإن تضمينها فى الدستور القادم سيكون أولى المعارك التى تفرض نفسها علينا ( نحن الفلاحين والمناصرين لهم والمتضامنين معهم ) وتحتاج لتضافر كل الجهود لتعود مصر كما كانت منارة للعالم وسلة غلاله.
المحرر

الجزء الأول:
فضلا عن المطالبة بدولة ديمقراطية برلمانية مدنية لا تقوم على أسس دينية يتمتع جميع سكانها بكامل المواطنة بشكل متساو ودون تمييز تعرض اللجنة تقديرها التالي :
تنويهات وتعريفات:
الدستور : هو المبادئ العامة الموجهة للمجتمع بكل فئاته وطوائفه ومواطنيه وكذا أجهزة الدولة وجميع مؤسساتها ، ويجب أن يستوفى شرح نفسه بنفسه دونما حاجة إلى الإحالة لأية جهة أو وثيقة أو قانون آخرإلا فى الحدود القهرية ، ويمكن تنفيذا لذلك تقسيمه لقسمين : الأول : مواده مصاغة بإيجاز . والثانى : تفصيل كل مادة بحيث تتسق مع موجزها ولا تحتاج إلى تفسير أو شرح أو إحالة.
أحكام عامة يتم النص عليها فى الدستور:
1- يضمن الدستور لكافة المواطنين على السواء الحقوق الأساسية التالية: الحق فى الحياة ؛ فى العمل ؛ فى السكن؛ فى التعليم والثقافة ؛ فى الصحة ( وقاية وعلاج )؛ فى الماء ؛ فى الأرض ؛ فى الثروات الطبيعية؛ فى إعانة البطالة الجبرية ؛ فى حفظ الكرامة الإنسانية؛ فى الحرية الشخصية ؛ فى الأمن ؛ فى الأمان الشخصى.
كما يضمن الحريات الأساسية التالية: الحق فى التنظيم ( سواء بالنسبة للجمعيات الأهلية والروابط والاتحادات والنقابات والتشكيلات التعاونية والأحزاب السياسية ذات الطابع السلمى التى لا تقوم على أسس عسكرية أو دينية أو طائفية ).
2- يضمن الدستورالنص على أن الأرض ( خصوصا الزراعية ) ذات وظيفة اجتماعية بالأساس وهذه الوظيفة توجه كل أشكال حيازة الأرض ( ملكية وانتفاعا واستئجارا ) ؛ وخصوصا الحد الأقصى لملكيتها بما يحفظ عدالة توزيعها واستغلالها ويصون الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى للسواد الأعظم ممن يفلحونها.
3- يضمن الدستور تقييد المشرع فىى إصدار قوانين تحد أو تنتقص من أو تمنع أو تصادر الحقوق والحريات الأساسية سالفة الذكر,على سبيل المثال منع ووقف خصخصة المياة العذبة ( للرى والشرب )؛ والمرافق العامة ,الثروات الطبيعية.
4- يضمن الدستور آليات وطرق حماية الحقوق والحريات الأساسية بشكل واضح وقاطع لا يقبل اللبس ومنها حق الإنصاف العاجل والتعويض المجزى عن الضرر. ؛ وبأثر رجعى فيما يتعلق بمن استشهدوا أو أصيبوا أو حبسوا دون وجه حق منذ 25 يناير 2011.

الزراعة : هى العمل المباشر فى الإنتاج النباتى والحيوانى والداجنى والسمكى ويشتغل بها مباشرة الفلاحون والصيادون.

المفردات المقترحة فى الدستور بشأن الزراعة والفلاحين
أولا: القضايا الأساسية :
1- النشاط الزراعى :
بجوانبه المتعددة ( نباتى ، حيوانى ، داجنى ، سمكى ) مكون أساسى من مكونات النشاط الاقتصادى فى المجتمع ويُعنى أساسا بتوفير حاجات السكان من الغذاء والكساء والمساهمة فى سد الفجوة الحضارية بين الريف والحضر؛ كما يُعنى بعنصرين على مستوى واحد من الأهمية والمساواة هما ( الزراعة.. والفلاحين والصيادين) حيث لا زراعة دون فلاحين ( زراع مباشرين ) ولا صيد دون صيادين ؛ وتهتم الزراعة إلى جانب سد احتياجات المجتمع الغذائية والكسائية ذاتيا .. بالفلاحين والصيادين كمنتجين ومواطنين باعتبارهم ليسوا مجرد عنصرمن عناصرالإنتاج بل هم أحد مستهدفات ذلك النشاط، مع ضرورة توفير كل الشروط والمقومات التى تُبقى عليه مستقلا غير تابع لأية جهة أجنبية.
2- السياسة الزراعية:
يجب أن تكون وطنية مستقلة غير تابعة ؛ وتقوم على خدمة النشاط الزراعى لتوفير :
أ‌- شروط إنسانية كريمة لمعيشة وعمل الفلاحين والصيادين ( المنتجين المباشرين )
ب‌- العناصر المشكلة لعصب عملية الزراعة والصيد من مستلزمات إنتاج وأنظمة وشروط عمل مناسبة وإرشاد وتعاون وائتمان وتسويق وتكنولوجيا ونقابات تراعى بديهيات العمل فى الحرفتين مع مساواة الفلاحين والصيادين فى الحقوق والواجبات مع بقية مواطنى المجتمع.
ت‌- الحفاظ على الأرض الزراعية والمسطحات المائية مستغَلة بالأساس فى الزراعة والصيد، والعمل على التوسع فيهما أفقيا قدر الإمكان لمواكبة احتياجات الزيادة السكانية.
3- التشريعات :
أ- مراجعة جميع التشريعات القائمة لتتواكب مع هذه التقديرات ومع سياسة الاكتفاء الذاتى فى الغذاء إما بتعديلها أو بإلغائها أوباستحداث تشريعات جديدة خصوصا للنشاط النقابى والحيازة الآمنة وتعريف الفلاح والعامل الزراعى و الصياد.
ب- إلغاء المحاكم الاستثنائية المسماة بمحاكم القيم بكل درجاتها وإلغاء قوانينها.
4- حيازة وملكية الأرض :
مع الوضع فى الاعتبار أن الأرض وبالذات الزراعية لها وظيفة اجتماعية واستغلالها يجب أن يخضع لهذا المبدأ، ونظرا للزيادة السكانية المضطردة وضيق الرقعة الزراعية وانخفاض معدلات الاستصلاح والاستزراع يتطلب الأمر:
أ- الإصرارعلى الحفاظ على أرض الوادى دون إهدار لاستخدامها فى الزراعة، مع اتخاذ الإجراءات السياسية والقانونية والاقتصادية والفنية لتعمير الجزءالقابل للزراعة فى الساحل الشمالى والصحراء الغربية وسيناء بوضع نظامين ..
أحدهما: يتعلق بتمليك الأرض أو حيازتها ( الانتفاع بها ) لفقراء الفلاحين فى هذه المناطق أولا ثم لفلاحى المناطق المتاخمة ثم لفلاحى المناطق الأبعد .
وثانيهما: بقيام الدولة باستزراعها ومن ثم توزيعها بالانتفاع أو التمليك على الفلاحين الفقراء.
أولا :الأرض القديمة:العودة لتفعيل قانون الإصلاح الزراعى رقم 50 / 1969 بحيث لا يزيد الحد الأقصى لملكية الفرد عن خمسين فدانا .
ثانيا: الأرض الجديدة : تكون الأولوية فى حيازتها وملكيتها للمعدمين والفقراء والصغار من الفلاحين خصوصا من أضيروا من تطبيق قانون 96 / 1992 ( قانون المالك والمستأجر ) والذين طردوا من أراضى الحراسة ( إصلاح زراعى ) والأوقاف على ألا تزيد حيازة / أو ملكية الفرد وأسرته عن 300 فدان ، مع دعمهم بمقومات المعيشة والعمل من مسكن وآلات وطرق ومواصلات وطاقة ومرافق وتمويل ومستلزمات إنتاج.
ب‌- مراجعة الحيازة والملكية الراهنة على قوانين الإصلاح الزراعى وعلى مستندات تخصيصها أو توزيعها فى جميع الأراضى ( إصلاح زراعى – أوقاف – أرض مستصلحة قديمة – أراضى بدو وحواف الوادى ) والإبقاء عليها أو نزعها استنادا لذلك.
ويطبق نفس المبدأ على ما تم شراؤه من أراضى حديثة من الدولة ( شركة التعمير والتنمية الزراعية ) ومطابقته بالمستندات وبالقيمة الفعلية للأرض وقت الشراء وبجدية استثمارها فى الزراعة ومن ثم اتخاذ قرار بشأن الإبقاء عليها مع مشتريها أو نزعها منه.
ج‌- وبخصوص عملية استئجار الأرض يتحدد الإيجار استنادا إلى التكلفة الفعلية للزراعة والعائد الحقيقى للفلاح بما يمكنه من معيشة كريمة هو وأسرته؛ ويمكن تحريكه كل 5 سنوات على نفس الأسس ، كذلك مراعاة وجود حد أدنى لمدة عقد الإيجار لا يقل عن 5 سنوات متصلة لتمكين الفلاح من العناية بالأرض والمحصول واستقراره فى العمل والمعيشة.

5- التعليم الزراعى والتدريب والبحث العلمى ومحو الأمية :
إيلاء أهمية قصوى لمحو أمية الكبار بجوانبها الثلاث ( أبجدية ووظيفية وثقافية ) وللتعليم والتدريب والبحث العلمى فى مجال الزراعة وخصوصا ما يتصل باستنباط سلالات جديدة- نباتية وحيوانية وسمكية وداجنية- عالية الإنتاج مقاومة للآفات والأمراض والظروف البيئية السيئة ، وتكنولوجيا مناسبة لنمط الزراعة الغالب ، والارتقاء بوعى سواد الفلاحين والصيادين المهنى والسياسى، والشروع فى دخول مجال التصنيع الزراعى وتوفير شروطه ومقوماته.
6- اتخاذ التدابيرالسياسية والقانونية والمهنية اللازمة :
أ- لتجنب المساهمة فى الاختلال البيولوجى والبيئى وعلى وجه الخصوص الاحتباس الحرارى وآثارهما الضارة.
ب-الحفاظ على تدفق مياة النيل عموما والعمل على زيادة حصة مصر منها فى تكامل مع دول حوض النهر وليس فى مواجهتها، واتخاذ التدابير التى تحول دون إهدار المياة سواء بالبخرأوبطرق الرى أولنوعية المحاصيل واحتياجاتها المائية أو باستهلاكها فى المنتجعات والمنشآت السياحية وحمامات السباحة وملاعب الجولف.
ج-توفير الطاقة المدعومة اللازمة لاستمرار وتطور النشاط الزراعى والعمل على تنويعها.
د-الحفاظ على المحميات الطبيعية والسلالات المحلية من الحيوان والنبات والدواجن وتجنب الآثار الضارة للهندسة الوراثية والتلوث البيئى فى عمليات الإنتاج والاستهلاك.، مع تأكيد خاص على الاهتمام بالثروة الحيوانية من زاوية الوقاية والعلاج والتحسين الوراثى.
ه‌- مقاومة السياسات الليبرالية الجديدة وإجراءات الشركات المنفذة لها الخاصة بإنتاج ونشر الوقود الحيوى على حساب التوازن البيئى.

7-الضرائب: يتم التعامل مع الفلاحين على قدم المساواة مع بقية الفئات الاجتماعية التي تتساوى معها فى الدخول.
كما يتم إعفاء المالكين لثلاثة أفدنة فأقل ( قانون رقم 51 لسنة 1973 ) من ضريبة الأطيان ليس على أساس المكلفات القديمة التى تخص أجداد الفلاحين الحاليين كما يُفهم من القانون المذكور بل استنادا لملكياتهم الفعلية بسجلات الجمعيات الزراعية .
ثانيا : أهم القضايا ذات الصلة :
إعادة النظر فى القوانين المعنية وإعادة صياغتها بما يتسق مع التقديرات التالية:
1- التعاون:
أ- إصدار قانون موحد لجميع أنواع العمل التعاوني على أن يراعى التفريق بين كل نوع منها .. ويحظر تحويل التعاونيات لشركات خاصة أو ارتباطها فى العمل بشركات خاصة إلا فى حدود المنفعة العامة.
ب- تأسيس تعاونيات فى الأرض الجديدة لفقراء وصغار الفلاحين تكون الحيازة فيها للزارع ( استنادا إلى المادة 90 من قانون الزراعة )- الذى خالفته كل وزارات الزراعة منذ عام 1997 وحتى الآن – ويُحظر تأجير الأرض لغير من خصصت لهم .
ج- تقوم التعاونية بتوفير مستلزمات الزراعة لزارع الأرض الفعلى ( تقاوى – أسمدة – مبيدات – أعلاف – آلات – أمصال ولقاحات ) إضافة إلى الوقود بأسعار لا تزيد عن ثمن تكلفتها بأكثر من 10 % وبالكميات والجودة و التوقيتات المناسبة.
د- تتولى التعاونيات الإشراف على التجميع الزراعى والدورة الزراعية وزراعة وخدمة ورعاية المزروعات وحصادها والإشراف علي تسويقها ويحق لها تصدير ما يتبقى بعد الاكتفاء الذاتى للسوق المصرية.
ه- اعتماد تعريف الفلاح استنادا لما ورد فى قانون مجلس الشعب : ” الفلاح من تكون الزراعة مهنته الأساسية ومصدر رزقه الرئيسى؛ ويقيم فى الريف ؛ ولا تزيد حيازته هو وزوجته وأولاده القصَر عن عشرة أفدنة “.
2- الإرشاد :
توفر الدولة ممثلة فى جهة الاختصاص كل الإمكانيات المادية والبشرية الكفأة ( ميزانية وكوادر وخبراء وصلات بمراكز البحوث المتنوعة وتدريب ومراجع وحقول إرشادية ووسائل إيضاح ومطبوعات وندوات وغيرها) لتفعيل عملية الإرشاد فى كل فروع الزراعة والصيد والتصنيع الزراعى إن وجد ، وتتولى التعاونية المحلية الإشراف عليه لسد ثغراته.
3- الائتمان :
حيث سبق أن قامت بنوك التسليف والقرى بالاستيلاء على رءوس أموال الجمعيات الزراعية فى فترات سابقة لذلك يجب النص على :
أ- الشروع فى التفاوض مع هذه البنوك على مشاركة التعاونيات الزراعية فى رءوس أموال هذه البنوك بنسبة ما أُخِذ منها من أموال.
ب- وإعادة العمل بنظام البنوك التعاونية وإلغاء طبيعتها التجارية.
ج- تخفيض سعر فائدة القروض لفلاحى الزراعة التقليدية والصيادين إلى 5 % وفلاحى الخضر إلى 8 % .
د- وقف جميع الدعاوى القضائية المرفوعة أو المزمع رفعها ضد فقراء وصغار الفلاحين المتعثرين ، وإعفائهم من جميع الغرامات والرسوم ومن 70 % من الفوائد الأصلية ومنع استيفاء أية قروض قادمة إلا من المحصول.
ه- تجريم من يشرع فى إقراض الفلاحين الفقراء والصغار من التجار والوسطاء بسعر فائدة يزيد عن 5 %.
4- التسويق :
اتخاذ الإجراءات اللازمة لسيطرة المنتجين الصغارعلى عمليات التسويق وصياغة قوانينها بما لايتيح لغير المنتجين الحصول على الجانب الأكبر من القيمة الفعلية لمنتجاتهم .
أ‌- المحلى : تتولاه تعاونيات التسويق إن وجدت أو تعاونيات الإنتاج إن لم توجد الأولى.
ب‌-الخارجى : يمكن تصدير ما يتبقى إلى السوق العالمية بعد التأكد من اكتفاء السوق المحلية.

5- التكنولوجيا :
مع الوضع فى الاعتبار تطبيق نظام التجميع الزراعى يتطلب الوضع:
أ- إعادة النظر فى قوانين استيرادها حتى لا تشكل عبئا اقتصاديا على الفلاحين الصغار.
ب- والعمل على استحداث تكنولوجيا تتناسب مع نمط الزراعة الغالب فى مصر سواء فى العمليات الزراعية و تصنيع المخلفات لإنتاج الأسمدة العضوية و الأعلاف و التصنيع الأولى للألبان و عمليات النقل والتخزين و مقاومة الآفات والحشائش.
6- العمل النقابى والتضامنى :
مع الوضع فى الاعتبار أن الفلاحين هم الفئة الوحيدة المحرومة من حق تأسيس نقابة يتطلب الأمر إعادة النظر فى جملة التشريعات الخاصة بالعمل النقابى عموما وبتعريف العامل والفلاح والصياد وتشريعات ممارسة الحياة السياسية.
لذلك يتوجب :
أ‌- إصدار قانون موحد للعمل النقابى فى مصر لكل فئات الشعب يشمل الفلاحين ويكفل حق التعددية النقابية ويستبعد أية شروط لتسجيلها باستثناء الإخطار.
ب‌-الإقرار بحق الفلاحين الذين يزرعون أرضهم بأيديهم وأعضاء الجمعيات التعاونية الزراعية ممن لا تزيد ملكيتهم عن عشرة أفدنة فى الانضواء ضمن نقابة مستقلة للفلاحين الصغار مع أحقيتهم فى عملية التعدد النقابى.
ت‌- السعى للمشاركة فى حركة الفلاحين الصغار الدولية لدعم التضامن الدولى للفلاحين واكتساب الخبرة ومقاومة الانبعاث الحرارى والكوارث الطبيعية ذات الآثار الضارة المتعددة ؛والحفاظ على مصادر المياة العذبة والسلالات المحلية للنبات والحيوان والمحميات الطبيعية والمشاركة فى مقاومة محاولات السيطرة والهيمنة على إنتاج وتسويق الحاصلات الزراعية ومستلزمات الزراعة ، والحفاظ على التوازن البيئى والتنوع البيولوجى وعلى المصادر الوراثية وأنماط الزراعة المحلية.
7- أخرى:
حماية الفلاحين والصيادين والمتضامنين معهم من النشطاء من المطاردة والاعتداء والتهجير القسرى والاغتيال والمحاكمات أمام المحاكم الاستثنائية والعسكرية مع :
أ‌- إعادة التحقيق فى اغتيال من تم اغتيالهم لأسباب تتعلق بمحاولات السطو على أراضيهم وعلى سبيل المثال ( نادية البيلى – صُرد /غربية 2004، نفيسة المراكبى – سراندو / بحيرة 2005 ، حسن شندى المعمورة / اسكندرية 2009 ) وغيرهم .
ب‌- والإفراج عن الفلاحين المحبوسين بأحكام عسكرية منذ عام 2011 لنفس السبب .
ت‌- والإفراج عن المحبوسين بأحكام مدنية من الفلاحين الصغار المتعثرين فى سداد الديون الزراعية فقط لبنوك القرى.
الجمعة 23 ديسمبر 2011

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجزء الثانى :

تصور أولى لما يجب أن تكون عليه الزراعة المصرية

حفاظا على الرقعة الزراعية من التآكل وعلى ماء النيل من الهدر وعلى التربة من التلوث والإنهاك، وتضييقا لفجوة الغذاء والقمح ، وحرصا على الثروة الحيوانية والداجنة من الانقراض ،واستعادة لمجد الزراعة المصرية .. وإطلاقا لطاقات الفلاحين المصريين المكبوتة والكامنة لتحقيق نهضة حقيقية فى الريف تبدأ بالدفاع عن حق الحياة وترتقى لاسترداد شعب مصر لقراره وحريته ومكانته التى يستحقها .. نضع الأهداف التالية كمفردات لتصورنا عن مستقبل الزراعة فى مصر:
1 – إعادة صياغة ملكية الأرض الزراعية استنادا إلى اعتبارات ثلاث هى:
مصدر الملكية ، مبدأ ” الأرض لمن يزرعها ” ، الأسس العامة التى وضعتها معظم شعوب العالم للأخذ بمبدأ الإصلاح الزراعى.
2 – تطبيق سقف للملكية فى الأرض القديمة لا يتجاوز نسبة 15 : 1.
3 – توفير مستلزمات الإنتاج الزراعى بثمن يزيد قليلا عما يتكلفه إنتاجها.. وصرفها فقط للفلاحين الذين يزرعون الأرض.
4 – وضع حد أدنى لمدة عقد الإيجار (5 سنوات ) وحد أقصى لأسعار الإيجار فى الأرض الزراعية. يتناسب مع تكلفة الزراعة وعائد الأرض.
5- توفير القروض الزراعية بأسعار فائدة تتناسب مع إمكانيات الفلاحين (5 % ) وتحصيلها من إنتاج الأرض.
6- وقف عمليات التقاضى الجارية والمحتملة بشأن تعثر فقراء الفلاحين وصغارهم فى تسديد القروض الزراعية فقط ، والإفراج عمن تم سجنهم ، وإسقاط 70 % من الديون لهاتين الفئتين .
7-العمل للعودة إلى استخدام الأسمدة العضوية واستحداث وسائل إنتاجها وتوسيع معدل استخدامها على حساب الأسمدة الكيماوية ، وكذا طرق مقاومة الآفات بالأساليب غير الكيماوية ، واستعادة التقاوى المحلية لوضعها السابق على حساب البذور المهندسة وراثيا والمستوردة من الشركات العالمية.
8- الحفاظ على الرقعة الزراعية ووقف كل أشكال العدوان عليها أو تجريفها ، وإعادة النظر فى قوانين التوريث لتقتصر على عائد زراعتها وليس على تقسيمها لمنع المزيد من تفتيتها.
9- أولوية مطلقة لفقراء الفلاحين الذين طردوا من الأرض المستأجرة وأراضى الحراسة والأوقاف إبان تطبيق قانون الإيجارات الجديد فى توزيع الأرض المستصلحة سواء تمليكا أو انتفاعا ، وتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى والمعيشة بتكلفة مناسبة.
10- الشروع فى إنشاء مجمعات زراعية صناعية فى الأرض المستصلحة الحديثة والتوسع فيها لحماية الأض القديمة من التناقص وتشغيلها برصيد العاطلين من الفلاحين والعمال الزراعيين وخريجى المدارس والمعاهد والكليات الزراعية.
11-استثمار كل ما يمكن الحصول عليه من نتائج البحث العلمى الزراعى فى مجال التقاوى،واستصلاح الأراضى، وتوفير مياة الرى، والرى بالمياة المالحة ، ومقاومة الآفات الزراعية بطرق غير كيماوية ،وطرق الزراعة ، و مجال الميكنة الزراعية المناسبة للبيئة والقليلة التكاليف ، وإنتاج السماد العضوى وطرق استخدامه..
12 – إيلاء اهتمام خاص للبحث العلمى والتعليم والتدريب فى المجال الزراعى وتوفير مكتبات متخصصة للعلوم والبحوث والإحصاءات الزراعية يتيسر التعامل معها.
13- إعادة العمل بنظامى الدورة الزراعية والتجميع الزراعى وتطويرهما ،وتطبيق دورة زراعية توفر الغذاء وعلى رأسه القمح لسد الفجوة الغذائية تطبيقا لمبدأ الاكتفاء الذاتى، واتخاذ السياسات والإجراءات اللازمة لاستعادة مكانة القطن المصرى فى الأسواق العالمية.
14- توفير الطاقة اللازمة للعمليات الزراعية (سولار ؛ زيوت ؛ شحوم ) بأسعار اقتصادية والسعى لتنويع مصادرها وبدائلها الطبيعية.
15- إعادة النظر فى استخدامات مياة الشرب فى أغراض غيرغذائية ووقف استخدامها فى رى ملاعب الجولف والرياضة وفى حمامات السباحة والمنتجعات مع رفع أسعارها فى المنشآت السياحية.
16- إعادة النظر فى توزيع حصص مياة الرى على المحافظات ومناسيب البحور بحيث تكون الأولوية للأرض القديمة ولذوى المساحات الصغيرة وحماية المياة من التلوث والهدر.
17- وضع نظم لتسويق المنتجات الزراعية تراعى المحددات الأربعة التالية ( الأسعار العالمية ؛ إمكانيات سواد المستهلكين ، عائد مناسب للفلاح ، وإمكانية إسهام الدولة فى دعم صغار المنتجين )
18- حماية الثروة الحيوانية والداجنة بنظام صارم للوقاية والعلاج وتطويرها ومنع ذبح الإناث الصغيرة وتنويع مصادرها الأكثر قدرة على تحمل الظروف البيئية.
19- انخراط الفلاحين فى منظمات نقابية وتعاونية حرة ومستقلة وديمقراطية بهدف الدفاع عن مصالحهم وتوحيد كلمتهم لتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعى والقروض وتسويق الحاصلات والمنتجات الزراعية بشكل جماعى .
20- استعادة الفلاحين لما سلبته منهم بنوك التسليف والقرى من رءوس أموال الجمعيات الزراعية والكثير من ممتلكاتها وأصولها؛ ولوضع خططهم فى الإنتاج والتسويق والتصدير والاستيراد موضع التنفيذ لتعظيم دخولهم وتمكينهم من لعب دوراقتصادى وسياسى يتناسب مع عددهم وحجم إنتاجهم فى المجتمع.
21- تأسيس هيئات فنية كفؤة مسئولة عن الإرشاد الزراعى تتصل وتتعاون مباشرة- للقيام بعملها – بمراكز البحوث الزراعية.
22- مساواة الفلاحين ضريبيا بأقرانهم فى مستوى الدخول فى الفئات الاحتماعية الأخرى، وتطبيق حد الإعفاء المقرر على ملاك ومستأجرى 3 أفدنة فأقل بناء على حيازاتهم فى الجمعيات الزراعية وليس بناء على المكلفات.
23- إعادة صياغة التشريعات العامة والزراعية لتستجيب لهذا التصور ولإجراءاته العملية.

المطالب العاجلة لفلاحى مصر:

1- وقف طرد الفلاحين من أراضى الإصلاح الزراعى بنوعيها (الاستيلاء ، والحراسة ) ، ومنع هيئة الأوقاف من التصرف (بالبيع ) فى جميع الأراضى الزراعية التى آلت منها إلى هيئة الإصلاح الزراعى بالقانونين 152 لسنة 1957 ، 44 لسنة 1962 لأن دورها القانونى هو إدارة تلك الأراضى وليس بيعها، ووقف طرد الفلاحين الزارعين لها.. واستعادة من تم طردهم لأراضيهم ، وحل مسالة أراضى الكتلة السكنية لمن لا يمتلكها من فلاحى الأوقاف استنادا إلى القرار الجمهورى رقم 113 لسنة 1993 ، وإعادة فتح باب التحقيق في جرائم اغتيال من رفضوا التنازل عن أراضيهم من الفلاحين مثل نادية البيلى فلاحة صرد / غربية ونفيسة المراكبى فلاحة سراندو / بحيرة وحسن شندى فلاح المعمورة/ الإسكندرية.
2-دعم مستلزمات الإنتاج الزراعى، والعودة لاستخدام التقاوى المحلية عالية الإنتاج بعيدا عن مخاطرالشركات العولمية السابق ذكرها والتى تمثل رأس الرمح لليبرالية العالمية الجديدة فى مجال الزراعة.
3- وضع سقف لإيجار الأرض الزراعية يراعى تكلفة الزراعة وأثمان المحاصيل وصافى عائد الأرض واحتياجات أسرة الفلاح، على ألا تقل مدة الإيجار عن (5 ) سنوات متصلة، فضلا عن إعفاء الفلاحين (ملاك 3 أفدنة فأقل ) من الأموال الأميرية (الضرائب) بناء على سجلات الحيازة فى الجمعيات الزراعية.
4- تعديل الوضع القانونى والمصرفى لبنوك الائتمان والقرى- لتعود كما كانت – بنوكا تعاونية لاتزيد أسعار الفائدة فيها عن 5 % فى السنة.. فضلا عن إعادة رءوس أموال الجمعيات الزراعية التى استولت عليها بنوك الائتمان والقرى إلى الجمعيات، وقصر استخدامها على الأنشطة الزراعية، مع وقف الدعاوى القضائية المرفوعة بسبب المديونية – أو المقرر رفعها – ضد الفلاحين الفقراء والصغار (زراع وملاك 3 أفدنة فأقل )، وإسقاط ديونهم الزراعية .. والإفراج عمن تم حبسهم بسببها فى السجن.
5- وضع حد أقصى لملكية الأرض الزراعية ( قديمة ومستصلحة ) والعودة إلى تفعيل مواد قانون الإصلاح الزراعى فى هذا الشأن، مع جعل أولوية توزيع الأراضى المستصلحة- جيدة الخصوبة وسهلة الرى – على الفلاحين الذين تم طردهم من الأراضى المستأجرة إبّان تطبيق قانون الإيجارات الجديد (96 / 1992 ) والذين أخلت الدولة بوعودها معهم.
6- تحرير عقود ملكية الأرض لفلاحى الإصلاح الزراعى الذين سددوا أقساط ثمنها كاملة ، وفضح تهرب هيئة الإصلاح الزراعى من القيام بواجبها القانونى فى هذا الصدد.
7- وقف جميع الإجراءات والقرارات غير القانونية الخاصة بتسجيل حيازة الأرض فى الجمعيات الزراعية باسم الملاك، وتفعيل المادة 90 من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 الخاصة بتسجيل الحيازة باسم زارع الأرض الفعلى.
8 – وقف الإجراءات والقرارات- غير القانونية- التى تغير هوية أعضاء الجمعيات الزراعية من فلاحين إلى عمال زراعيين ، وإعادة ما تم تغييره إلى وضعه السابق.
– 9إلغاء القوانين والقرارات المقيدة لحرية العمل النقابى الفلاحى وإطلاق حرية تأسيس النقابات، وكذلك التنظيمات الفلاحية التى تحمى وتدافع عن حقوق الفلاحين السياسية فى المجتمع.
10- إعادة النظر فى جملة القوانين التى تم إلغاؤها أو إفراغها من مضمونها أو استحداثها فى مجال الزراعة ليعود الفلاحون سادة لأراضيهم وتعود الزراعة رافعا قويا من روافع الاقتصاد المصرى وصمام أمان لغذاء الشعب وكسائه وكرامته.

• لجنة التضامن الفلاحى – مصر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهاتف : 01000922016

Sakr.basheer2@gmail.com email:

web site : www.tadamon.katib.org

• مركز دعم التنمية للاستشارات والتدريب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العنوان : 30شارع هارون- الدقى – القاهرة.
الهاتف :

Email:

Web site :

د. محمد غنيم يستهل نشاط صالون ابن لقمان بالمنصورة فى موسمه الجديد الجمعة الأخيرة من سبتمبر 2012

يستأنف صالون ابن لقمان الثقافى بالمنصورة نشاطه السنوى فى السادسة مساء الجمعة 28 سبتمبر 2012 بلقاء مع الدكتور محمد غنيم حول قضية مستقبل العلم فى ظل الأوضاع المصرية الراهنة.
وقد أفاد عماد الشهاوى منسق الصالون بأن نشاط الموسم الجديد 2012 – 2013 سيكون بالمقر الجديد فى دار كلمات أمام كلية الطب.
يذكر أن الصالون بدأ نشاطه منذ عام 2003 فى مدينة المنصورة متابعا لأدق القضايا الفكرية والسياسية التى تشكل هموم الوطن ؛ ويعقد لقاءاته يوم الجمعة الأخير من كل شهر عدا شهرى يوليو وأغسطس؛ وقد توقف نشاطه منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011 .
ويلعب الصالون فى محافظة الدقهلية دورا بالغ الأهمية فى عملية التنوير التى تحتاجها مصر اليوم والتى تمثل إحدى معضلات الوعى الشعبى والسياسى بدرجة تفوق فى أهميتها والاحتياج لها حركة التنوير المصرية التى قادها المثقف المصرى سلامة موسى.

لجنة التضامن الفلاحى – مصر
الجمعة 31 أغسطس 2012

عما نشر بشأن إسقاط ديون الفلاحين المصريين

هل يستهدف مصلحة الزراعة والفلاحين ..؟
أم يقصد وضع الفلاحين تحت رحمة مصدر القرار ..؟
أم أن طابعه دعائي .. كشماريخ الأعياد ..؟

تناقلت الصحافة الورقية والإلكترونية خبرا عن عزم الدولة الجديدة إسقاط ما يقارب 100 مليون جنيه من ديون الفلاحين بحد أقصى عشرة آلاف جنيه للفرد من الفلاحين المتعثرين، وقد بحثنا عن نص القرار الخاص بالموضوع فى الجريدة الرسمية على شبكة الإنترنت فلم نجد شيئا.
وحيث سبق أن انتشرت شائعة مشابهة عن ذات الموضوع فى عام 2008 لم تسفر فى التنفيذ العملى عن شئ ؛ وللأسف روجت لها بعض القيادات الفلاحية التى كانت على رأس أحد اتحادات الفلاحين التى انهارت فى أكتوبر عام 1997.. بل وشكرت الرئيس السابق على ذلك القرار أكثر من مرة على شاشات الفضائيات بالرغم من عدم استفادة فلاح واحد من قراهم من ذلك القرار المزعوم . ولهذا رأينا أن نطرح عددا من التوضيحات والاستفسارات فى قضية ديون الفلاحين سعيا من لجنة التضامن الفلاحى لاستكشاف حقيقة الخبر من ناحية وإبرازاً لجذور هذه المسألة وأسس علاجها الفعالة من ناحية أخرى.

أولا : ممن يستدين الفلاحون ولأى غرض؟ :

1- عند نشأة الجمعيات التعاونية الزراعية فى مصر من أكثر من نصف قرن ؛ اشترى كل فلاح من أعضائها المؤسسين سهما فى رأسمالها كما دفع اشتراكا سنويا تراكم عاما بعد عام ليشكل على مدى العقود الماضية رأسمال الجمعيات الزراعية ، وبمثل ما تم فى أراضى الائتمان تكررالأمر فى أراضى الإصلاح الزراعى وأراضى الأوقاف وتأسست جمعيات تعاونية زراعية أخرى كانت مهمتها هى:
أ- إمداد الفلاحين بمستلزمات الزراعة المدعومة من الدولة ( كالبذور والأسمدة والمبيدات والأعلاف والآلات الزراعية والأمصال واللقاحات) .
ب- وفيما بعد بتسويق ما تنتجه الأرض من المحاصيل خصوصا القطن والأرز وقصب السكر وأجزاء من محصول القمح.
2- وكان الفلاحون ينفقون على عمليات الزراعة وخدمة المحصول ومقاومة الآفات والحصاد مما يقتروضونه من تلك الجمعيات الزراعية و بنك التسليف الزراعى والتعاونى بفائدة سنوية لا تتجاوز 4 % ، و فى نهاية الموسم الزراعى يتم تحصيل قيمة القروض من ثمن بيع المحصول؛ واستمر ذلك حتى السنوات الأولى من عهد السادات.. بعدها ومع تطبيق سياسة هيكلة الزراعة اختلف الوضع بالتدريج وانتقلت رءوس أموال الجمعيات الزراعية التى هى أموال الفلاحين لتصير بقدرة قادر جزءا من رأسمال بنك التسليف الذى صدر بشأنه قرارساداتى ليصير بنكا تجاريا يقرض الفلاحين وغيرهم بفائدة تجارية – كبقية البنوك التجارية الأخرى- بلغت 12 % ارتفعت إلى 14%، وشيئا فشيئا تم رفع الدعم عن مستلزمات الزراعة لتتضاعف كل عدة سنوات أسعارها ؛ وهو ماحدث كذلك بالنسبة لضريبة الأطيان التى على أساسها كانت تتحدد إيجارات الأرض الزراعية وبذلك تضاعفت تكلفة الزراعة .
3- ولأن الدولة فيما قبل السادات كانت تحتكر تجارة الحاصلات الزراعية التقليدية وفى عهده أفسحت المجال جزئيا لصالح تجار القطاع الخاص وتعاونا سويا فى التضييق على رفع أسعارها مقارنا بما يتكلفه إنتاجها بل وبأسعارها فى السوق العالمية ، وهو ما أضر بالفلاحين الصغار والفقراء وبالمستأجرين ضررا بليغا. من جانب آخراتخذت الدولة بعض الإجراءات واستصدرت عددا من القوانين وألغت عددا آخر كان ساريا وفرغت عددا ثالثا من مضمونه لتتدهور الزراعة وتنهار دخول الفلاحين وتفقد زراعة القطن طويل التيلة أسواقها العالمية حتى تم القضاء عليها وعلى الصناعات التى ترتبط بها؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر تم إلغاء قانون الدورة الزراعية ( الذى يحظر زراعة الأرض بمحصول واحد سنتين متتاليتين ) لصالح سياسة فوضى الزراعة للدرجة التى بلغت بها المساحة المزروعة بلب التسالى سنويا 170 ألف فدان وهو ما كان يتجاوز ما تستصلحه الدولة من أراض جديدة فى كثير من السنوات.
4- هذا وقد تم تعديل القانون بما يتيح للبنوك تحصيل قيمة القروض بالحجز القضائى على الأرض وليس على المحصول كما كان متبعا قبل ذلك .. بما يعنى عدم الحرص على استمرار الفلاحين المقترضين فى الزراعة بقدر ما يعني تحصيل قيمة القروض ولو بتجريد الفلاحين المستدينين من أراضيهم.
5- ليس هذا وحسب بل واستحدثت البنوك دورا جديدا للقروض بتوظيفها فى اقتناء السلع المعمرة كالأجهزة الكهربائية والأثاث وأنابيب الغاز الطبيعى والدراجات البخارية وغيرها على حساب توظيفها فى الإنتاج الزراعى.

ثانيا: انهيار الزراعة بإجراءات جديدة موازية :

1- من جانب آخر فتحت الدولة الباب واسعا فى عهد السادات أمام الشركات الدولية الكبرى العاملة فى مجال إنتاج وتسويق مستلزمات الزراعة لتستحوذ على الجزء الأكبر من سوق التقاوى والأسمدة والمبيدات على حساب السلالات والأنواع المحلية منها ؛ وتم ذلك بالتعاون مع كبار الزراع والملاك والمستثمرين بل وعدد من أجهزة الدولة المختصة .
2- وقد واكب ذلك انهيار فى عدد من المرافق الزراعية كالصرف المغطى وجزئيا قنوات الرى التى أهملت العناية بها وتعثر تطهيرها وهو ما أثر على إنتاجية الأرض وصلاحيتها ومحاصرة وعلاج أمراضها وألقى بتكلفة إصلاحها الباهظة على عاتق الفلاحين.
3- وقد تفاقم هذا الوضع بشكل درامى فى عهد مبارك وبالذات بعد تولى يوسف والى وحاتم الجبلى مسئولية وزارة الزراعة:
أ‌- وزاد الطين بلة استيراد الدولة للمبيدات الضارة بالأرض وصحة الإنسان والحيوان والمستهلكين للمحاصيل الزراعية مما جعل الريف المصرى مرتعا لأوبئة الفشل الكلوى وفيروسات الكبد والسرطان .. التى انتشرت فيما بعد إلى المدن الريفية.
ب‌- وبسبب انتشار الفساد منحت الأراضى المستصلحة الجديدة للأجانب وللكبار من المستثمرين والملاك والزراع ورجالات الدولة وأُغلقت أبوابُها فى وجه المعدمين من عمال الزراعة و الفقراء والصغار من الفلاحين الذين ضاقت بهم أراضيهم واستحالت وظائف الدولة وقطاع الأعمال على أبنائهم وتدهورت دخولهم من الزراعة بسبب الارتفاع المستمر فى تكلفتها.
ت‌- وجراء الضربة القاصمة لقطاع كبير من فقراء الفلاحين والمستأجرين بصدور قانون العلاقة بين المالك والمستأجر فى الأرض الزراعية الذى ضاعف إيجارات الأراضى الزراعية فى أول ارتفاع له بعد تنفيذ هذا القانون إلى 400 % عام 1997 و تصاعد سنويا ليبلغ الآن فى بعض المحافظات إلى أكثر من 1200 % من إيجارها السابق.. ولأن استصلاح الأرض انحسر بشدة وذهب ما أنجز منه إلى الكبار فقد كان مصير المطرودين والفارين من الأرض المستأجرة هو الهروب إلى عشوائيات المدن والتشرد.
كانت تلك لمحات سريعة مما حاق بالزراعة والفلاحين من أضرار جسيمة بسبب سياسة هيكلة الزراعة ؛ ومما ارتكب من جرائم تتعلق بالسيولة المطلوبة للإنفاق على زراعة الأرض من القروض الزراعية.

ثالثا : هل المطلوب إنهاض الزراعة والفلاحين من الأزمة.. أم إبقاء الفلاحين تحت رحمة الحاكم أم إطلاق ” شماريخ ” للدعاية السياسية ؟

يتطلب إنهاض الزراعة والفلاحين من أزمتهم:

سياسة جديدة تستهدف استقلالها عن التبعية للخارج وتوفيرالاكتفاء الذاتى من الغذاء وبالذات الحبوب ؛ وتحافظ على الأرض واستمرارها فى الإنتاج وعلى علاقة الفلاحين بها ولا تجردهم منها وتحقق الوظيفة الاجتماعية الأولى لها كمصدر للغذاء والكساء بصرف النظر عن الشكل القانونى لملكيتها ؛ وتشرع فى تصنيع المنتجات والمحاصيل الزراعية محليا بدلا من تصديرها كمواد خام رخيصة الثمن فترفع من دخول الفلاحين والدولة .

ولايمكن تنفيذ ذلك دون:

1- وقف سياسة هيكلة الزراعة وإلحاقها بالتبعية للخارج عن طريق الشركات العولمية الكبرى العاملة فى مجال مستلزمات الزراعة وخضوعها لعمليات التطبيع الزراعى مع إسرائيل .
2- والتخلى عن سياسة القضاء على نمط الإنتاج الفلاحى الصغيرواستبداله بنمط المزارع الواسعة والزراعة الكثيفة.
3- وتغيير القوانين المنفذة لتلك السياسات ؛ ودون إعادة دعم مستلزمات الزراعة ( تقاوى ، أسمدة ، مبيدات .. إلخ ).
4- وخفض ضرائب الأطيان ، ووضع سقف لإيجارات الأراضى الزراعية تتناسب مع إنتاجها ومع التكلفة الفعلية للزراعة .. وحد أدنى لمدة عقد إيجارها لا يقل عن خمس سنوات متصلة ، ورفع أسعار الحاصلات الزراعية بما يعود على الفلاحين بدخل يكفل لهم حياة كريمة آمنة.. أوتمكينهم من تصديرها للخارج.

5- وفى مجال القروض الزراعية إبراز الحقائق التالية:

أ‌- أن أصل القرض الذى مقداره ( ألف جنيه ) وكفّ صاحبه عن تسديده لعدة سنوات متصلة يبلغ إجماليه عدة أضعاف ( ربما 4 – 5 آلاف جنيه ) بسبب تضاعف الفوائد وغرامات التأخير وعدم الالتزام بشروط القرض ، ولمعرفة حجم أصل القروض الزراعية يتطلب الأمر حصرها دون الفوائد والغرامات وغيرها ونشر موجزها فى وسائل الإعلام .
ب‌- أن الفوائد الحالية تصل بمصروفاتها الإدارية إلى حوالى ( 19 % – 20 % ) وهى تبلغ خمسة
أمثال الفائدة عام 1970 أى قبل عهد السادات ؛ بمعنى أن ما يتكبده الفلاح حاليا فى سنة من فوائد للقروض يعادل الفائدة القديمة فى خمس سنوات .
ت‌- أن قروض الإنتاج فى كل بلاد العالم وكل مجالات النشاط الإنتاجى الزراعى والصناعى تُمنح للمنتجين المباشرين بفوائد أقل كثيرا من فوائد القروض التجارية بما لايقل عن 50 % منها.
ث‌- أن من يقترض من رأسماله يكون بفائدة تقل كثيرا عن فائدة من يقترض من رأسمال غيره.
ج‌- أن الحفاظ على استمرار المقترضين فى ممارسة عملية الإنتاج وتواصلها يتطلب فى الأساس بقاء سعر الفائدة فى متناول طاقتهم؛ أى متناسبا مع تكلفة عملية الإنتاج ومع صافى دخولهم بعد خصم التكلفة من عائد بيع المنتج ( المحصول ).

وعليه فإن ما تم نشره عن إسقاط ديون الفلاحين يتطلب لتفهم دوافعه الإجابة عن الأسئلة التالية:

1- ماهو حجم أصل الدين المطلوب تسديده للفلاحين المستهدفين بالإعفاء عموما ولكل فلاح على حدة وليس حجم إجمالى الدين الحالى؟
2- هل يقتصر ما نشر عن إسقاط ديون الفلاحين على العمل الزراعى أم يتجاوزه إلى ديون أخرى غير زراعية ؟
3- هل هناك نية حقيقية لتخفيض سعر فائدة القروض الزراعية ؟ ومتى يحدث ذلك إن كانت الإجابة بنعم ؟ ، وما هى العوائق التى تحول دون البدء بتخفيضها من الآن .. إن كانت الإجابة بلا ؟ وبالتالى ما أهمية العمل بنفس السياسة القديمة التى أفضت إلى هذه التعثرات طالما ليست هناك نية لعلاج أسبابها الحقيقية ؟
4- هل ستتوقف بنوك القرى عن رفع الدعاوى القضائية على الفلاحين المتعثرين ؛ ولماذا لا يتم الإفراج عمن لا زالوا قيد الحبس منهم ؟ وما هو مصير من تم حبسهم وأنهوا مدة العقوبة؟ وهل سيكون من حقهم استئناف الحصول على قروض أخرى فيما بعد؟
5- هل ستعمل الدولة على إعادة ما استولت عليه بنوك التسليف وبنوك القرى من رءوس أموال الجمعيات التعاونية الزراعية فى وقت سابق أم لا ؟ وإذا كانت الإجابة بنعم هل سيتم ذلك بالفوائد المستحقة أم بدونها ؟، وإن كانت الإجابة بلا فما أهمية إسقاط الديون الحالية إن لم يتم إعادة الحق لأصحابه وما لم يتم توفير الشروط المناسبة لاستئناف الفلاحين للعمل بعيدا عن الاقتراض والتعثر وأحكام السجن ؟.. أم أن هناك سياسة جديدة تتمثل فى إقراض الفلاحين بنفس الشروط القديمة أو بشروط قريبة الشبه بها ثم تعثرهم وتوقفهم عن السداد وتعرضهم لأحكام السجن ولا يتبقى لهم مخرج سوى قرار جمهورى بإسقاط الدين أو جزء منه وقرار آخر بالإفراج عمن يقضى عقوبة السجن منهم أو تخفيفها ليظلوا تحت رحمة مصدر القرار بدلا من التفرغ للإنتاج؟
6- هل يمثل خبر إسقاط الديون المشار إليها مجدرد إجراء دعائى وإعلامى يخص الدولة الجديدة ؟ أم أن النية تتجه لتعديل السياسة الزراعية وفى القلب منها هيكلة الزراعة ووضع حد أقصى للملكية الزراعية حتى لا يُعاد إنتاج تركز الملكية الذى سبقت مواجهته بقوانين الإصلاح الزراعى وتحجيم دور الشركات العولمية الكبرى العاملة فى مجال تجارة مستلزمات الزراعة والحفاظ على حق الفلاحين فى العمل الزراعى وتوفير شروطه وحصولهم على مستلزمات زراعة مدعومة .
ولاشك أن حقيقة خبر إسقاط ديون الفلاحين ستتضح فور صدور القرار ومعرفة طريقة التنفيذ وحجم الديون المسقطة ، وما إذا كان الهدف منه دعائيا أم يتعمد وضع الفلاحين تحت رحمة مصدر القرار أم يستهدف مصلحة الزراعة والفلاحين التى تتطلب فى المقام الأول استئصال الداء من جذوره بتغيير السياسة التى أدت لتعثر الفلاحين وحولت الكثيرين منهم من منتجين للغذاء والكساء إلى مشردين بعشوائيات المدن الكبرى أو إلى نزلاء بسجون من وضعوا تلك السياسة وفاقدين للأمل فى حياة كريمة فى بلد هم أول من بنوه ووضعوا أسس استقراره واستمراره.

الخميس 16 أغسطس 2012 لجنة التضامن الفلاحى – مصر

Featuring WPMU Bloglist Widget by YD WordPress Developer