إنهم لا يتعظون ولا يتعلمون ..أسقط الشعب الإخوان وأجهزة الشرطة تدفع الريف بأكمله فى طريقهم

مساعد يوسف والى فى وزارة الزراعة يسير على نفس الدرب

عينة من ممارسات الشرطة بعد ثورتين وقبلهما فى محافظتى البحيرة والدقهلية

،،،،،،،،،

تقديم :
أزاح الشعب الطاغية فى ثورة يناير 2011 ، وأطاح بجماعة الإخوان فى 30 يونيو 2013 وانتظر الحرية والأمان والازدهار لكنها لم تأت.
وكانت ممارسات الشرطة فى عدوانها على المواطنين مبررا قويا لدى الشعب الذى لا يمارس السياسة لدفع جماعة الإخوان للبرلمان ورئاسة الدولة ، وبعد اكتشافه لأهدافها ومراميها رفضها رفضا باتا .. ومنذ ذلك التاريخ لم تترك الجماعة سبيلا إلا وبرهنت به على دمويتها وأنانيتها وعدم احترامها لأمن الشعب واستقراره ومستقبله ؛ فألبت كل القوى المعادية لمصر عليها وليس ما يجرى فى سيناء خلال العشرين شهرا الماضية سوى برهان دامغ على ذلك كما نسفت أبراج الكهرباء وفخخت المدارس والمنشآت الرسمية بالمتفجرات وقتلت من أنهوا خدمتهم العسكرية الإجبارية ولم يصبحوا جنودا فى الجيش أو الشرطة باختصار تنتقم من الشعب وتكلف حلفاءها بالانتقام من الدولة . باختصار قطعت الجماعة الشك باليقين فى كونها عدو للشعب ولاستقراره ونهوضه.
إلا أن ذلك لم يعجب أجهزة الشرطة ووزارة الزراعة فسعى كل منهما لإقناع الشعب بالسير فى طريق الجماعة مرة أخرى خصوصا والمجتمع مقبل على انتخابات برلمانية لا نعرف كيف ستجرى وإلام ستنتهى ، وارتكب كل منهما من الحماقات والجرائم ما دفع أحد فلاحى الدقهلية للتصريح: ” إن إسرئيل احتلت قريتنا واغتصبت أرضنا ” تعليقا على طردهم من أرض الإصلاح الزراعى التى دفعوا ثمنها ويحملون حكمين قضائيين نهائيين لصالحهم. ودفع آخر للقول : ” كيف يطلبون منا زراعة القطن ويتركونا دون تسويقه أكثر من عام ونضطر لبيعه برخص التراب..؟ ؛ لو كان قمحا أو أرزا لتصرفنا فيه “.
ولأن ما تلا 30 يونيو 2013 كان مفترضا أن يكون للتطهير وللبناء والنظر إلى الأمام إلا أن واقع الحال يقطع بأن هناك من يسعوا لإعادة الوضع إلى الوراء.. لما كان عليه الحال قبل 25 يناير2011 فضلا عن الانتقام من الشعب لأنه أزاح الطاغية وهدد مصالحهم وفضح تاريخهم.
ولأن التاريخ علمنا أن عجلته مهما توقفت لا تعود إلى الوراء و برهن الشعب عليه فى 30 يونيو 2013عندما قال لا للقادمين من القرون الوسطى والعائدين إليها بإذن الله وأشباههم ، فلا يمكن لكثير من المواطنين والنخب الثقافية أن تبقى فى مواقع المشاهدة أكثر من ذلك ؛ ولا يمكن للشعب أن يتحمل أكثر مما تحمل لأن للصبر حدودا.
وفيما يلى نعرض عينة لممارسات تدفع بالشعب وخصوصا الفلاحين إلى العودة مرة أخرى لطريق أعداء الوطن من الجماعة وأشباهها:
أولا :
محافظة البحيرة :

قبل عام 2007اشترى أحد المواطنين أرضا من سيدة من عائلة البارودى بعقد ابتدائى بثمن بخس جدا ؛ بعدها ذهب متوجها لمكتب الشهر العقارى لتسجيلها ففوجئ بأنها من ممتلكات هيئة الإصلاح الزراعى وأنها مصادرة ضمن ممتلكات أحفاد محمود سامى البارودى بقانون الإصلاح . شاع الخبر وانتشر وعرف الجميع بتواطؤ مديرية الإصلاح الزراعى بالبحيرة مع السيدة المذكورة حيث كان زوجها واحدا من الضباط. وعلى الفور التقط الخبر اثنان من المنطقة أحدهما شيخ بلد قرية مجاورة ( محلة ثابت ) والآخر والد اثنين من ضباط مديرية أمن البحيرة ( بدر أبو خيار ) فقاما بشراء مساحتين أخريين من نفس السيدة واتخذ كل منهما طريقا غير الآخر فى طرد فلاحيها منها.
اعتمد الأول على الخديعة وطيبة الفلاحين بينما اعتمد الثانى على النفوذ فماذا فعلا :
وجد شيخ البلد أن الفلاحين ( فى عزبة البارودى ) حصلوا على الأرض من هيئة الإصلاح وأنهم فى حكم الممتلكين لها لكنهم لم يحصلوا بعد على عقود ملكيتها . لذلك اصطنع أختاما مزورة للفلاحين واحا واحدا وحرر فى الخفاء عقد إيجار باعتبارهم مستأجرين للأرض ورفع فى الخفاء أيضا دعاوى طرد ضدهم بمساعدة أحد المحضرين التابعين للمحكمة المختصة واستمرت المحكمة فى غيبة الفلاحين فى نظرها حتى صدر الحكم بطردهم من الأرض وهم لا يدرون ، إلا أنهم عرفوا بالموضوع فى محكمة الاستئناف لكن الأمر كان قد انتهى فلا وثائق تحت أيديهم ولا مديرية الإصلاح الزراعى بالبحيرة تتعاطف معهم ولا كانت على استعداد لمنحهم ما يثبت حقهم في الأرض وهكذا وصل الحكم النهائى لإدارة التنفيذ بمديرية أمن البحيرة.
أما الثانى أبو خيارفرفع قضية على الإصلاح الزراعى واستنكف الإصلاح عن الخصومة فى الدعوى وتقاعس ولم يدافع عن حقيقة امتلاكه للأرض وتوزيعها بالتمليك على الفلاحين وبذلك حصل على حكم نهائى ضد الإصلاح المتواطئ ، لكن لأن الفلاحين ( فى عزبة محرم المجاورة لعزبة البارودى ) لم يكونوا طرفا فى الدعوى بين الإصلاح الزراعى وأبو خيار فلا يمكن أخذ الأرض منهم ، وبالتالى كان الحل هو خلق علاقة بين الفلاحين وأبو خيار . لكن محاولاته الودية معهم باءت بالفشل ولم يصبح أمامه سبيل سوى استخدام العنف.
اتفق أبو خيار مع عمدة عزبة محرم على استدراج أربعة منهم من المسنين إلى مديرية الأمن لحل الموضوع وديا. وبلع الفلاحون الطعم وهناك تمكن من إكراههم على تحرير عقود إيجار معهم باعتبارهم مستأجرين وبعد أن أرجئت عملية التنفيذ عدة مرات شرعت إدارة التنفيذ بمديرية الأمن فى الاستعداد لطرد الفلاحين الأربعة وبمجرد وصول القوات إلى منطقة التنفيذ تم الاستيلاء على كل الأرض ولم يقتصر التنفيذ على الأربعة الذين أكرهوا على توقيع عقود الإيجار.
أما عن كيف تم ذلك فى الحالتين الأولى والثانية فهو كما يلى :

1- عزبة البارودى مركز الرحمانية :

تسللت مساء 3 يونيو 2008 سبعة سيارات ميكروباص محملة بالبلطجية وانتشروا فى القرية ونشروا حالة من الترويع ووضعا أشبه بحظر التجول وفى الصباح الباكر انضمت لهم عدة شاحنات من جنود الشرطة والبوكسات وداهموا البيوت وأمسكوا بالسيدات والفتيات والشباب واعتدوا عليهم فى مخادعهم وجروهم من أماكن النوم إلى الشوارع إلى سيارات الشرطة دفعة واحدة وألقوا بهم فيها . واستمر ذلك عدة ساعات حتى تم القبض على بعض الفلاحين المستهدفين ( 13 فردا ) ونقلوهم لمركز شرطة الرحمانية لتلفيق التهم لهم بمقاومة السلطات . هذا وقد أصيب العشرات وأغلبهم من الطالبات والفتيات والسيدات بكسور وجروح قطعية وكدمات ورضوض وسحجات سجلها مركز النديم لعلاج ضحايا التعذيب فى تقرير خاص شمل 17 حالة) كما تناقلت وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية أخبار التجريدة بالتفصيل.

2- عزبة محرم :
تمت مداهمة منازل الفلاحين فى الصباح للقبض على من لم يحرر عقد إيجار لأبو خيار؛ وغادر الفلاحون العزبة تجنبا لاعتداء الشرطة التى اعتدت على أعداد منهم وأصابت بعضهم بكسور وقبضت على صحفى شاب بجريدة الفجر حضر لتغطية الأحداث( كمال مراد ) ونكلت به ضربا وسبا ووجهت له تهم مقاومة السلطات والاعتداء على قوات الأمن ولم تفرج عنه من مركز شرطة الرحمانية إلا بعد يومين.

نموذج آخر للترويع بقرى مركز أبو المطامير:

3- فى 25 مايو 2008 قامت شرطة البحيرة بحملة ترويع قبضت فيها على 1230 مواطنا ( ما بين مستأجر وعامل زراعى وخفير ومالك ) ، وتكرر الأمر فى ( 2- 10رمضان ) سبتمبر 2008 بالقبض على 2500 مواطن بدعوى تأخرهم فى دفع ضريبة الأطيان عن عام 2007 هذا واستغرقت الحملة الواحدة 9 أيام .
ورغم أن ضريبة الأطيان لا تتقرر إلا على ملاك الأرض دون غيرهم إلا أن الحملة بسبب عشوائيتها شملت فئات أخرى لا علاقة لها بموضوع ضريبة الأطيان ، المدهش أن المتابعين عرفوا أن 95 % من المتأخرات تراوحت بين ( 20 – 50 ) جنيها للفرد وأن التكلفة المبدئية لمثل هذه الحملات تتراوح بين 150 – 200 جنيها للفرد وهو ما يصم الحملة بتبديد المال العام ويؤكد أن جباية متأخرات الضرائب لم تكن أكثر من مبرر تسوقه الشرطة لترويع الفلاحين فما جدوى الحصول على 50 جنيها بتكلفة تتجاوز ثلاثة أمثالها على الأقل..؟
علما بأن الحملة تمت دون إجراءات قانونية تسبقها فلم يمر الصرافون ( جباة الضريبة ) على منازل الفلاحين المتأخرين فى السداد لمطالبتهم بها وإلا اتخذت ضدهم الإجراءات القانونية بل ما حدث هو تدبيج إجراءات حجز وهمية و عمليات تبديد مزيفة ورفع دعاوى من خلف ظهور ملاك الأرض وأحكام غيابية وفوجئ المقبوض عليهم بها فى مركز الشرطة.

وإذا كانت الشرطة ومن تدعمهم من العمد وذوى النفوذ قد بحثوا عن مبرر قانونى شكلى – حتى ولو كان ملفقا ومزورا – مثل الحالات التى عرضناها فى عزبة البارودى وعزبة محرم مركز الرحمانية ، وقرى مركز أبو المطامير فهناك من الممارسات ما انعدم فيه ذلك المبرر- قانونيا كان او منطقيا – بل كان بلطجة صريحة متفقا عليها بين الشرطة ومن تدعمهم . والمثال الأنصع لذلك هو أحداث سراندو فى مارس 2005 .
فقد اتفق كل من فؤاد الجزار ومحمد عمار الضابطين بمديرية أمن البحيرة مع الإقطاعى السابق صلاح نوار الذى لم كان يحوز مئات الأفدنة فى قرية سراندو بينما لا يحمل مستندا قضائيا واحدا لما يريد استرداده من أرض وكل ما كان لديه هو مستند ملكية بسبعة فدادين وسبعة قراريط فى القرية ولذلك لجأ للعنف باستحضار بلطجية من مطاريد أبو تيج بأسيوط واستضافهم بقصره بقرية نديبة القريبة من سراندو ليدرسوا موقع المعركة ويضعوا خططهم وأعد عدته (خيام جرارات ، شاحنات ، أسلاك شائكة ، بلط ، سيوف ، أسلحة نارية ، مأكولات جافة إلخ )واتفق مع الجزار وعمار على مداهمة القرية فى الثالثة فجر يوم المعركة للقبض على العناصر القيادية من الفلاحين لإضعاف المقاومة .
وفى السابعة صباحا هجم جيش المطاريد على الأرض وأتلف المحاصيل بها وغير معالم الأرض إلا أن السماء انشقت عن مئات الفلاحين الذين تصدوا للمطاريد وطاردون حتى فروا كالفئران المذعورة وقبضوا على بعضهم وأفشلوا الخطة .
وتوجه صلاح نوار لقسم الشرطة متهما الفلاحين بإتلاف زراعته واغتصاب أرضه وإلقاء جراراته فى المصارف وسياراته فى الترع وإصابة أقاربه ونقلهم لغرف الإنعاش.
وبعد 5 ساعات من بدء المعركة داهمت قوات ضخمة من الشرطة بقيادة الجزار وعمار القرية وعاثوا فيها فسادا وقبضوا على عشرات الفلاحين والفلاحات والفتيات وهجر من تبقى منهم القرية بمتاعهم وحيواناتهم لقرى أخرى لمدة ثلاثة شهور متصلة حتى خلت من كل مظاهر الحياة باستثناء الكلاب والقطط ، وجمعوا السيدات فى شاحنة وربطوا شعورهن ببعضها وظلت الشاحنة تتنقل بهن من مركز شرطة إلى آخر حتى لا تتوصل البلاغات بالقبض عليهن إلى مكانهن ولا يجرى التحقيق فى اختفائهن.
ودارت عجلة الشرطة كالمعتاد فدبجت الاتهامات للفلاحين ومحاميهم ولفقت القضايا بمقاومة السلطات والاعتداء على القوات واغتصاب حيازة الإقطاعى وإتلاف مزروعاته وحرق شاحناته وسياراته وإلقائها فى المصارف وانتهت القضايا الثلاث ببراءة الفلاحين جميعا ولذلك تمت إحالتهم فى قضية رابعة إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ وأعلنت أحكامها لسبعة فقط من الفلاحين والفلاحات بالسجن ما بين 3 – 7 سنوات وبراءة الباقين فاعترض نائب الحاكم العسكرى (رئيس الوزراء ) وأعيدت المحاكمة وانتهت برفع العقوبات إلى 15 سنة وتم تنفيذها لمن لم يختف من المحكوم عليهم.
من جانب آخر نما لعلم الاتحاد الأوربى ما جرى لفلاحى سراندو ووفاة إحدى الفلاحات المقبوض عليهن ( نفيسة المراكبى ) فأرسل للحكومة المصرية يطالب بإعادة التحقيق فى ملابسات وفاة الفلاحة المذكورة إلا أن الشرطة ضغطت على أهلها وأفهمتهم أن تشريح الجثث مكروه حسب التعاليم الإسلامية وهو ما جعلهم يوافقون على عدم الاستجابة لطلب الاتحاد الأوربى بإعادة التحقيق ، وأقفل الموضوع.

4- وفى قرية العمرية مركز دمنهور استولى رئيس مباحث أمن الدولة بالبحيرة طارق هيكل ( باسم والدته ) على 21 فدانا تخص عائلات عبد الله والخويلدى وشهاب على مدار 6 سنوات ( من 2005 – 2010 ) بطريق التهديد .
كانت آخر الوقائع تخص عائلة شهاب وفيها هدد هيكل رجال العائلة وطالبهم بالتنازل عن الأرض فرفضوا ولذا طاردهم حتى غادروا القرية هربا من بطشه وانفرد بسيدات العائلة وأرسل تجريدة صغيرة اعتدت عليهن بالضرب والسب فى الثانية من فجر 7 يونيو 2010 وقد عاين مركز النديم حالات الإصابة جراء الاعتداءات ، وفى نفس الموعد من اليوم التالى أرسل حملة أخرى لتغيير معالم الأرض فتصدت لها النساء ونلن بسببها علقة أخرى ، وهكذا حتى انفضح أمره ( قبيل الانتخابات البرلمانية الشهيرة فى نوفمبر2010 ) واضطر لمساومة الفلاحين لاقتسام الأرض ، وما هى إلا شهور معدودة حتى اندلعت الثورة ، وبسبب عنجهيته هاجم القرية بمجموعة من المسلحين حاملى بنادق الكلاشنكوف جابت القرية يحيطها وابل من الطلقات فى الهواء فى مهمة ترويع تعلن أن النظام ما زال قويا، ونظرا لإصابتهم واحدا من الفلاحين اندفعوا فى مهاجمة المسلحين الذين لم يجدوا سبيلا للتراجع سوى إضرام النار فى قصر هيكل والانسحاب تحت ساتر دخانه وطلقات الرصاص التى لم تنقطع ، ووجد الفلاحون أنهم لم يستطيعوا الإمساك بالمعتدين فتوجهوا للأرض التى اغتصبها هيكل واستردوا ما ضاع منهم عام 2005 ، 2007 ، 2010 .
بعد شهر هاجمت الشرطة العسكرية فى 22 مارس 2011 القرية وقبضت عشوائيا على خمسة من الفلاحين وفى بحر 48 ساعة عوقبوا بالحبس 5 سنوات لأربعة منهم وسنة مع إيقاف التنفيذ لفلاح مسن.

وهكذا لم يقتصر الأمر على محافظة البحيرة بل تجاوزه إلى محافظة الدقهلية :

5- ففى الثلاثاء قبل الماضى ( 17 فبراير 2015 ) قامت قوات أمن الدقهلية بطرد فلاحى عدد من قرى مركزى طلخا ونبروه من أراضيهم ( 43 فدانا ) . وكانت الدولة قد منحتهم الأرض لكونهم مجندين بالجيش المصرى فى اليمن عام 1963حيث خيرتهم بين الحصول على الأرض وشغل إحدى الوظائف فاختاروا الأرض وظلوا يزرعونها لسنين طويلة دفعوا خلالها كامل ثمنها ولما قام الإقطاعى السابق بشكايتهم حصلوا على حكمين قضائيين نهائيين لصالحهم فى عامى 1986 ، 2007 علاوة على رفض القضاء للطعن الذى قدمه الإقطاعى فى الحكمين ، وهنا لجأ الإقطاعى للنيابة التى أمرت ببقاء الأمر على ماهو عليه لكن المحامى العام أمر بتمكين الإقطاعى من الأرض وطيلة الفترة من صدور قرار التمكين وحتى عملية الطرد لم تتوقف عمليات القبض على الفلاحين وتلفيق القضايا لهم ومطاردتهم فى حقولهم ومنازلهم لدفعهم دفعا لترك الأرض.
وهكذا تتكرر مأساة كل الفلاحين فى أراضى الإصلاح الزراعى فقد أتلفت الشرطة ما زرعوه من محاصيل وغيرت معالم الأرض وأزالت قنوات الرى ومعداته وحولتها إلى أرض جرداء لا يمكن زراعتها إلا بجهد جهيد. وقد تناولنا الموضوع بالتفصيل من أسبوعين على صفحات هذا الموقع (الحوار المتمدن ) بعنوان:
أجهزة الشرطة بالدقهلية :
هل مهمتها التصدى لمن يمارسون القتل ويزرعون القنابل المفخخة
أم العدوان على الفلاحين الذين يزرعون القمح ويطعمون الشعب ..؟!!
على الرابط التالى :
www.ahewar.org/m.asp?i=1625

6- وعلى بعد 7 كيلومترات من الأرض السابقة وفى عام 2008 شنت قوات الشرطة حملة وحشية على فلاحى قرية بهوت أحد أشهر مراكز الإقطاع فى مصر والدقهلية لطرد فلاحيها من أراضيهم لصالح عائلة البدراوى وكالعادة لفقت للفلاحين عددا من القضايا واندلعت الحرائق وتصاعدت عمليات القبض إلا أن ذلك كله باء بالفشل لأن فلاحى بهوت مدربون على مثل هذه المواجهات منذ زمن طويل.

7- وفى عام 2006 شن أمن الدقهلية حملة ضخمة على فلاحى عزبة مرشاق مركز دكرنس لطرد فلاحى الإصلاح الزراعى من أراضيهم لصالح أسرة الإتربى واعتدت عليهم وقبضت على 22 فلاحا ليس من بينهم فلاح واحد ممن كان مطلوبا طردهم من الأرض علاوة على القبض على 6 صحفيين ( 2 من فرنسا، بلجيكى ، سويسرى ، 2 من مصر ) هذا وقد تحركت البعثات الديبلوماسية لدول الصحفيين الأجانب الذين قبضت الشرطة عليهم ، فضلا عن قيام ممثلى منظمات الفلاحين الدولية بمسيرة احتجاج فى باريس ضد ممارسات الشرطة فى أحداث عزبة مرشاق بدكرنس، وقد انتهت الحملة الأمنية والقضايا التى لفقتها إلى فشل ذريع واسترد الفلاحون معظم الأرض التى اغتصبت منهم قبل خمسة أعوام من تلك الأحداث.
ثانيا :
أما عن وزارة الزراعة :
فيقبع بها أحد مساعدى يوسف والى الذى يقف وراء كل الجرائم والكوارث والمكاره التى ألمت بالفلاحين منذ ظهر على الساحة السياسية ، فبعد يأس الفلاحين من غياب وعدم انتظام وانخفاض جودة وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعية وعلى رأسها الأسمدة والتقاوى والمبيدات جرى الآتى :
1-تم رفع أسعار الأسمدة 30 % .
2- تنصل الوزارة من تسويق محصول القطن أو تحديد سعره .
3- فتح الباب للشخصيات الاعتبارية من رجال الأعمال والمستثمرين للشروع فى الاستيلاء على الجمعيات الزراعية- كما حدث مع القطاع العام الصناعى- بتعديل المادة 8 من قانون التعاون الزراعى.
4- الصمت عن رفع أسعار الإيجارات الزراعية لأراضى الأوقاف من ألف جنيه / فدان / سنة إلى 3000 جنيه.
5- وقوف الوزارة – باعتبارها الرئيس الأعلى لهيئة الإصلاح الزراعى – وراء كل مشاكل أراضى الإصلاح الزراعى بتواطئها على عدم تحرير عقود ملكية الأرض للمنتفعين الذين دفعوا كامل ثمنها، وموقفها المخزى من الأراضى التى أعيدت لهيئة الأوقاف عام 1973 وبشكل خاص أراضى فلاحى عزب المعمورة وتخاذلها عن مواجهة استيلاء هيئة الأوقاف على أراضى الإصلاح الزراعى وصلاحيات هيئة الإصلاح فى بيع أراضى المعمورة لعدد من جمعيات إسكان الوزارات السيادية وخصوصا الشرطة .
6- عدم مواجهتها ادعاءات من خضعوا لقانون الإصلاح الزراعى فى القضايا المرفوعة منهم ضد الهيئة كما حدث فى الدعوى ( 2357 /46 ق.إ )الخاصة بفلاحى عزبة مرشاق بدكرنس بالدقهلية.

خلاصة الأمر أن وزارة الزراعة استأنفت سياسة يوسف والى فى المضى قدما فى القضاء على الفلاحين الصغار والفقراء وتدمير الزراعة . كما أن الشرطة استأنفت دورها السابق على ثورة 25 يناير 2011 وهى تتصرف الآن بمنطق المنتقم وللأسف فهى لا تجد ” حيطة واطية ” سوى الفلاحين الذين لم يشاركوا فى الثورة أو لم يشاركوا مثل بقية فئات الشعب من الشباب وأبناء المدن والعمال وغيرهم .
ولا يمكن إزاء ما يجرى خلال الأسابيع الأخيرة من قوات الشرطة فى البحيرة والدقهلية إلا أن نقول : لم تحدث ثورة .. ولم يتغير شئ .. بل إن الأمور تسير نحو الأسوأ .
شئ واحد نجحت فيه الشرطة بكفاءة هى دفع الشعب مرة أخرى فى اتجاه الإخوان ؛ فكل تجريدة تقوم بها ضد الفلاحين تصب فى حصالة الإخوان .. لسبب بسيط هو أن هؤلاء لا يتعظون ولا يتعلمون.. بل ولا يريدون ذلك.

الجمعة 27 فبراير 2015 لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر

بيان اللجنة عن طرد فلاحى الإصلاح الزراعى بسرسو .. أو بلاغ لمن يهمه الأمر.. ضد مديرية أمن الدقهلية

قامت قوات أمن الدقهلية صباح الثلاثاء 17 فبراير 2015 بقيادة مدير الأمن ومدير المباحث الجنائية بشن تجريدة مسلحة والاعتداء على أراضى عدد من فلاحى الإصلاح الزراعى بمركز نبروه وطلخا الذين يقطنون قرى ( سرسو ، كفر الجنينة ، كفر الخوازم ، ميت الغرقا، ميت الكرما، منشاة البدوى، وجوجر ) وقاموا بتجريف زراعاتهم فى مساحة 43 فدانا كائنة بقرية سرسو مركز طلخا والقبض على عدد منهم وتلفيق عدد من التهم لهم منها مقاومة السلطات واستولت على أراضيهم.

هذا وتشكلت التجريدة الأمنية من مدير الأمن ومدير المباحث الجنائية وعدد آخر من قيادات المديرية و ضابط مباحث طلخا وضباط آخرين يستقلون10 بوكسات ، و 6 سيارات تحمل أرقاما مدنية وأسراب من المخبرين الراجلين والراكبين دراجات بخارية فضلا عن 10 شاحنات مليئة بقوات الأمن المركزى بضباطها ، و13 حفارا ، 5 لوادر ، 10 جرارات ، ومدرعة ، وسيارة إطفاء وأخرى للإسعاف.

وقد بدأت التجريدة بحصار القرية والمنطقة التى بها الأرض والملاصقة لمصنع جرافينا الذى يملكه ورثة الإقطاعى فريد المصرى الذى طبقت عليه قوانين الإصلاح الزراعى فى الستينات حيث أن التجريدة تتم لصالحهم بعد أن انتهت من اغتصاب الأرض بقيت القوات لحراستها ليل نهار وحتى هذه اللحظة.

هذا وقد أفاد أهالى المقبوض عليهم بأنه تم القبض على كل من الآتى أسماؤهم :
1- الهلالى سيد الأنور 72 سنة من قرية سرسو.
2- عاطف إبراهيم شاهين 71 سنة من قرية جوجر
3- حسن عبد الجليل يونس 73 سنة من قرية ميت الكرما
4- حسن أبو عرابى 74 سنة ,, ،، ،، ،،
5- سند محمد إبراهيم 33 سنة من قرية سرسو
6- هانى إبراهيم راجح من قرية جوجر
7- إبراهيم عمر 45 سنة من منشاة البدوى
8- السيد محمد عبد الغنى 30 سنة ،، ،، كفر الجنينة
9- ماهر محمد عبد الغنى 33 سنة ،، ،، ،، ،،
10-شعبان رزق صالح 45سنة ،، ،، ،، ،،
11-عبد اللطيف حسن رضوان 30 سنة ،، ،، ،، ،،
12-إبن أخت أحمد العطافى 22 سنة مجند بالقوات المسلحة

هذا وقد تم الإفراج المقبوض عليهم من الثامن حتى الثانى عشر بينما ظل الباقون تحت التحفظ فى مديرية أمن الدقهلية.

كما أفاد الفلاحون بقيام أجهزة الأمن بممارسة ضغوط شديدة على أهالى المقبوض عليهم للتوقيع على تنازلات عن الأرض مقابل الإفراج عنهم دون تقديمهم لمحاكمة وتعرضت والدة سند محمد إبراهيم لتلك الضغوط ولا يعرف عن ماذا أسفرت تلك الضغوط.

هذا وكان الأربعة الأول من المقبوض عليهم ضمن 19 مجندا بالجيش المصرى من مركزى نبروه وطلخا قد حصلوا على هذه الأرض من الإصلاح الزراعى عندما كانوا يحاربون فى اليمن عام 1963بعد أن خيرتهم الدولة بين الوظيفة والأرض ، أما بقيت المقبوض عليهم فمن أبنائهم أو أحفادهم.

1-وبدأ الفلاحون – الذي استشهد بعضهم وأُسِر بعضٌ آخر- فى دفع أقساط الأرض وزرعوها منذ ذلك التاريخ .

2-حاول الإقطاعى محمد فريد المصرى – وورثته من بعده – استرداد الأرض بكل الوسائل بما فيها القضاء ففشلوا بل وصدر ضدهم حكمان قضائيان لصالح الفلاحين عامى 1986 و 2007.، علاوة على رفض الطعن الذى قدموه ضد الأحكام.

3-لجأ الورثة للشكوى لنيابة طلخا فقررت رفض شكواهم وإبقاء الحال على ما هو عليه لحين الفصل فى النزاع القضائى ؛ إلا أن المحامى العام بالدقهلية غير رأى النيابة وقرر تمكينهم من الأرض.

ولما كانت الأرض تحت يد الفلاحين ويساندهم القضاء بأحكامه فكيف ينحاز الأمن لورثة الإقطاعى ضد الفلاحين والقضاء وضد وفائهم بثمن الأرض وقانون الإصلاح الزراعى ودم الفلاحين فى ميدان القتال وتضحياتهم فى سجون الأعداء .

وكيف يستهين ضابط كبير برتبة لواء (رئيس مباحث المحافظة) ويسخر من الفلاحين قائلا ” الأحكام إللى معاكم إبقوا استخدموها فى دورة المياة ”

لا يمكن لهذا الانحياز إلا أن تنعكس آثاره على موقف مواطنى المحافظة وكل من يعرف بالخبر فى الانتخابات القادمة على أقل تقدير وربما يتجاوز الأمر ذلك .

وتطالب اللجنة بعودة الفلاحين لأراضيهم ، والإفراج عمن تم القبض عليهم وإسقاط كل التهم الملفقة لهم، وتعويضهم عما أتلفته الشرطة من مزروعات ، وإجراء تحقيق من جهة محايدة فى الأمر لتوضيح كيف تنحاز الأجهزة التنفيذية ضد أصحاب الأرض وتضرب عرض الحائط بالقانون والأحكام القضائية وتساهم فى تبديد شعارات الثورة وإلقائها فى سلة المهملات ، واللجنة على ثقة بأن هذه الأرض ستعود للفلاحين إن آجلا أو عاجلا وإن غدا لناظره قريب.

20 فبراير 2015

راجع الموضوع على الرابط التالى :

www.ahewar.org/m.asp?i=1625

أو على موقع لجنة التضامن الفلاحى – مصر

tadamon.katib.org

حملة تضامن مع صغار وفقراء الفلاحين فى مصر

حملة تضامن مع صغار وفقراء الفلاحين فى مصر
ضد
إزاحتهم خارج جمعياتهم التعاونية الزراعية
و تجريدهم من لقب فلاح
وفتح الباب لاستيلاء رجال الأعمال عليها
بانقلاب المادة 8 فى قانون التعاون الزراعى 122 / 1980

رفعت الدولة فى سنوات سابقة دعمها عن مستلزمات الإنتاج الزراعى وفى مقدمتها التقاوى والأسمدة والمبيدات ، واحتكرت مع التجار شراء الحاصلات والمنتجات الزراعية فعجز الفلاحون عن تسويقها لتدنى أسعارها ، وحولت بنك التسليف الزراعى من بنك تعاونى لبنك تجارى ونقلت أموال الجمعيات الزراعية لبنوك التنمية ورفعت أسعار فائدتها ، وتعثر الفلاحون فى تسديد ما اقترضوه – من أموالهم – للبنوك فأودعتهم السجون ، ورفعت ضرائب الأطيان وإيجارات الأراضى فهجر آلاف المستأجرين حرفة الزراعة إلى عشوائيات المدن وجيوش البطالة وجماعات العنف ، وحرَمت محافظات كاملة من زراعة الأرز ليغتنى المستوردون على حساب الفقراء وعمال المضارب وزراع الأرز ، ومؤخرا رفعت أسعار الأسمدة 30 % فضلا عن أسعار الوقود والكهرباء ، وتنصلت من محصول القطن ( زراعة وتسويقا وتصديرا) فتراكم فى منازل الفلاحين.. وانهارت الصناعات المرتبطة به.

ولم يتوقف التعنت عند هذا الحد فبدأت منذ عام 1997 فى إزاحتهم بعيدا عن الجمعيات التعاونية الزراعية بإجراءين متلازمين :

1- بمخالفة قانون الزراعة ( مادة 90 ) ومنعها الجمعيات التعاونية من تسجيل حيازاتهم من الأرض- رغم عضويتهم بها – إلا باسم ملاكها الغائبين عن القرية وعن الزراعة وبالتالى حرمانهم من الحصول على مستلزمات الزراعة من أسمدة وبذور وقروض .. والحصول عليها من السوق السوداء بأضعاف أسعارها.
2- وتجريدهم من هويتهم بمنع الجمعيات من تسجيل لقب فلاح فى بطاقات تحقيق الشخصية الخاصة بمن يملك منهم ثلاثة أفدنة فأقل ؛ ودفعتهم دفعا لنقابة عمال الزراعة لتسجيل هويتهم كعمال زراعيين ؛ رغم أنهم يشكلون 75 % من عضوية الجمعيات الزراعية والفلاحين فى مصر.. وبذلك تصبح الجمعيات فريسة لكبار الملاك والزراع.

مع ملاحظة أن القانون رقم 46 لسنة 2014 قد نص على تعريف الفلاح ” بأنه من يملك عشرة أفدنة ” وليس ثلاثة ، وكذلك القانون السابق.

هذا ولم يكتف وزير الزراعة الحالى برفع أسعار الأسمدة مؤخرا 30 % .. بل قام منذ أسابيع معدودة باتخاذ قرار لم يجرؤ عليه مسئول طيلة ثلاثة وستين عاما وهو إعطاء القطاع الخاص والمستثمرين الضوء الأخضر لغزو الجمعيات الزراعية والتهامها بعد أن تم تمهيد الطريق لهم بالإجراءات السابقة ، فأفتى بتعديل المادة الثامنة من قانون التعاون الحالى 122( لسنة 1980) لتفيد بالآتى:

[ يجوز للأشخاص الاعتبارية المساهمة في رأس مال المشروعات التي تُنشئها الجمعيات التعاونية وفقًا لأحكام القانون بغرض تنمية الإنتاج الزراعي ، وبما لا يزيد على 25% من رأس مال تلك المشروعات ……
…. كما يجوز للجمعيات التعاونية ، أن تؤسس شركات مساهمة فيما بينها، وإقامة مشروعات استثمارية وتجارية تعود بالربح على الجمعية التعاونية. ]

مع العلم بأن الدستور الحالى ( مادة 33 ) قد نص على وجود ثلاثة أنواع مستقلة للملكية ( العامة ، والخاصة والتعاونية ) ولم يخلط بينها ، وكذلك الدساتير السابقة .

لقد أسهمت صياغة المادة فى كشف نفسها بنفسها ، ففى جزئها الأول سمحت (أجازت) مساهمة الأشخاص الاعتبارية ( أى رجال الأعمال والمستثمرين) فى المشروعات التى تنشئها الجمعيات التعاونية ، وفى جزئها الثانى أجازت للجمعيات التعاونية أن تؤسس شركات ومشروعات استثمارية وتجارية . فإذا كانت الدولة قد نقلت رءوس أموال الجمعيات فى وقت سابق لبنوك التنمية فكيف للجمعيات أن تؤسس مشروعات جديدة ، وإذا كانت بالفعل قد أسست مشروعات فما هو السبب فى إضافة نصف المادة الثانى التى تجيز للجمعيات إقامة المشروعات ..؟ ولماذا تستميت فى إقحام رجال الأعمال عليها ..؟

لا نعتقد أن السبب هو أن رجال الأعمال سيمولون الجمعيات كما يدعون ، بل نجزم بأن العكس هو الذى سيحدث وهو استيلاء رجال الأعمال على أموال الجمعيات الزراعية وممتلكاتها كما حدث قبل ذلك فى حالة بنوك التنمية التى لم تصُن هذه الأموال وإنما بددتها واستدانت من البنوك المحلية بل والأجنبية ما مقداره 1,7 مليار جنيه ولم تسددها حتى الآن؛ بل ولم تقم بواجبها فى دعم الزراعة وإنما أودعت الفلاحين السجون؛ وفى الحالتين كان ذلك بمبادرة من الدولة.

وإذا كان لرجال الأعمال رغبة فى الإصلاح ” وفعل الخير ” فليموّلوا آلاف المصانع المغلقة التى تعشش فيها العناكب ويتركوا الجمعيات التعاونية الزراعية لتعمل بطريقتها العرجاء لتغنى فلاحيها عن حق السؤال.

السبت 17 يناير 2015 لجنة التضامن الفلاحى – مصر

Email : basheersakr2012@gmail.com
Links & web site :
www.ahewar.org/m.asp?i=1625
www.ahewar.org/m.asp?i=2451
www.ahewar.org/m.asp?i=6420
www.tadamon.katib.org
قراء لجنة التضامن الفلاحى Face book :

إنقلاب المادة 8 على الجمعيات الزراعية .. فى تعديلات قانون التعاون الزراعى المصرى الأخيرة

بشير صقر
الحوار المتمدن-العدد: 4683 – 2015 / 1 / 5 – 02:33
المحور: الحركة العمالية والنقابية

تناقلت وسائل الإعلام فى الأيام الأخيرة تعديلات تجرى على قانون التعاون الزراعى رقم 122 الصادر عام 1980 يتضمن بعضها تصريحات لرئيس الاتحاد التعاونى المركزى وبعضها لوزير الزراعة بشأن الموضوع.

وقبل التعرض للتعديل بالنقد نتناول بسرعة فحوى القانون الذى جرى تعديله ولمادتين هامتين فيه هما الثانية والثالثة والثمانين .

*بعد تولى السادات مقاليد الحكم شرع فى إقرار وتنفيذ سياسة جديدة معاكسة تماما للسياسات السارية فى عهد سلفه عبد الناصر كانت محط رضى الكثير من قطاعات الشعب برغم ما اكتنف بعضها من مشاكل ليس هنا مجال تناولها، ونظراً لخوف السادات من غضب الشعب اتبع تاكتيكا ملتويا وغير مباشر فى الارتداد عنها يتمثل فى تقويض كثير من القوانين والمواد القانونية فى المنظومة التشريعية الزراعية ليس من بينها القانون الذى يستهدفه إلى هدفة بالتدريج ؛ أو العمل على تقويضها من الناحية العملية دون المساس بالنص القانونى الذى يحميها.

*وعلى سبيل المثال فهو لكى يرفع إيجارات الأرض الزراعية لا يلجأ لذلك مباشرة بل يرفع ضريبة الأطيان ومن ثم يرتفع الإيجار تلقائيا ( لأن الإيجار كان يتحدد آنذاك بسبعة أمثال الضريبة ) ، ولأنه كان يستهدف قانون الإصلاح الزراعى فلا يقوم بتعديله مباشرة بل يلجأ لتعديل قانون الأراضى الصحراوية ويرفع الحد الأقصى لملكية الأرض الصحراوية ( الذى لن يشعر به أحد ممن يملكون الأرض الزراعية ) وهو ما يعنى عمليا الاعتداء على الحد الأقصى لملكية الأرض التى حددها قانون الإصلاح الزراعى والذى يسوى فى هذا الأمر بين الأراض الزراعية والبور والصحراوية . أو يلجأ – كما حدث فعلا – للإفراج عن أراضى الحراسة للإقطاعيين – وهى غير أرض” الاستيلاء ” التى صادرها قانون الإصلاح – وعند استلام الإقطاعيين للأرض تتواطأ هيئة الإصلاح وفروعها فى الأقاليم وتسلم الإقطاعى ليس أرض الحراسة بل أرض الاستيلاء ؛ ليعود الإقطاعى بعد سنوات مطالبا باستلام أرض الحراسة وتتم الاستجابة له .. وهكذا .

*المهم أن السادات الذى كان معروفا عنه عداءه للفلاحين اتخذ من الإجراءات وأصدر من القرارات والقوانين ما يقصم ظهر الفلاحين فقد أغلق الاتحاد التعاونى، وأنشأ بنوك التنمية فارتفعت أسعار فوائد السلف الزراعية ، وفتح الباب مواربا لتجارالسوق السوداء فى الأسمدة للنشاط ، وأغمض العين عنهم ، وضيّق الخناق على زراعة القطن وقام بتصديره ببذوره على غير ما كان ينص القانون لتتدهور زراعته بعد سنوات ويفقد أسواقه العالمية وتنهار أسعاره ومعها تنهار جملة الصناعات المرتبطة به.

ولم يقترب من قانون التعاون طيلة عشر سنوات من حكمه ؛ لكنه عندما تأكد من توافر مقومات التغيير شرع مباشرة فى استبدال قانون التعاون الناصرى (51 / 1969) بقانون معاكس تماما ( 122 لسنة 1980) ؛ ولو أنه لجأ لعكس هذه الطريقة لثار عليه الفلاحون.

ملاحظات على قانون التعاون 122 / 1980:

أولا :

*برغم أية مآخذ على القانون السابق له ( 51 / 1969 ) إلا أن وفر للفلاحين كل مستلزمات الإنتاج من تقاوى وأسمدة ومبيدات وأعلاف وآلات زراعية وأمصال ولقاحات بيطرية بالكميات والجودة وفى التوقيت المناسب وبسعر مدعوم وبالأجل.

وقصَر توظيف رءوس أموال الجمعيات على الزراعة ، وسجل حيازة الأرض فى الجمعية الزراعية باسم الزارع لا المالك.

كما وفر لهم المرشدين الفنيين الأكفاء والسلالات النباتية الجيدة وساعد فى وقاية وعلاج الماشية من الأمراض البيطرية ، وأمدهم بالسلف منخفضة الفائدة ، ولم يحصّل منهم إلا ضرائب محدودة على أطيانهم ، وفى لحظات التعثر لم يكن استيفاء الدين إلا من المحصول وليس بالحجز على الأرض.

فضلا عن توفير إيجار مناسب للأرض وضمان استمرارية الفلاح فيها مما هيأ له الاستقرار.

واشترط لعضوية الجمعية ألا تزيد حيازة العضوعن عشرة أفدنة ( ملكا أو إيجارا) ، واشترط فى عضو مجلس إدارة الجمعية الإلمام بالقراءة والكتابة وليس إجادتها.

تلك كانت الخلفية فى الريف التى باشر فيها السادات عمله. لكنه فعل ما فعل وزرع كل البذور المرّة التى تجرع الفلاحون نتائجها على مدى العقود الفائتة ، بعدها أصدر قانونه للتعاون 122/ 1980 الذى تخلى فيه عن مصالح هؤلاء الفقراء وأحكم قبضة الدولة ممثلة فى وزارة الزراعة على الجمعيات ، فتضمن القانون الذى لا يتجاوز خمسا وثمانين مادة ما يزيد عن 10 % من مواده تبيح تدخل الجهة الإدارية فى أعمالها ؛ لذلك فمناقشة ذلك القانون يمكن تلخيصها باطمئنان فى الفقرة السابقة.

ثانيا :

المادتان 2 ، 83 من القانون 122 / 1980 :

تنص المادة الثانية من القانون على :

[ تعتبر جمعية تعاونية تشهر طبقا ………………………………………………………..
…………………………………………………………………………………………….
ولا يجوز لغير الجمعيات المنشأة طبقا لأحكام هذا القانون أو لأى قانون تعاونى آخر أن تُضمِّن اسمها كلمة ” تعاون زراعى ” أو مشتقاتها.
……………………………………………………………………………………………
………………………………………………………………………………….. ]
وتنص المادة الثالثة والثمانين من القانون على :
[ يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين وغرامة 500 ( خمسمائة جنيه ) أو بإحداهما ، كل شخص أطلق بغير حق فى مكاتباته التجارية أو لوحات محاله أو أى إعلان مما يُنشَر على الجمهور بأن هذا العمل لمشروع ( تعاونى زراعى ) ؛ أو استعمل فى عمله أو مشروعه تسمية أخرى يُفهم منها أن ذلك العمل أو المشروع هو ( جمعية تعاونية زراعية ) ، ويُحكم فضلا عن ذلك بإطالة اسمه ونشر الحكم على نفقة المحكوم عليه فى إحدى الصحف اليومية .]
ونظرا لأن الجمعيات التعاونية الزراعية آنذاك ليست من الإغراء بالدرجة التى تجذب بعض الناس لانتحال اسمها ووضعه على إعلاناتها أو محلاتها التجارية أو نشاطها.. إذن فهناك سبب آخر لتجريم ذلك السلوك وتوقيع هذه العقوبة الشديدة على مرتكبها .
وتقديرنا – الذى نتمسك به ولا يتسرب لنا أدنى شك بشأنه – هو أن الهلع الذى انتاب المادتين المذكورتين لا يخرج عن الخشية الشديدة من جانب الدولة ووزارة الزراعة من قيام الفلاحين بتأسيس جمعيات تعاونية مستقلة بعيدا عنها وعن المتنفذين فى جمعياتها الزراعية ؛ بالذات وأن المعاناة من الغلاء ومصادرة الحريات ومن تدنى دخول الفقراء قد تعالت وسبقها انفجار انتفاضة الجوعي فى 18 ، 19 يناير 1977 الذى هز أركان المجتمع ، ثم رد الفعل الواسع بخصوص عقد اتفاقية كامب ديفيد الذى أفقد السادات صوابه .. وبات يحس بصعوبة استمراره فى الحكم ؛ ولأنه لم يكن يمل من وصف نظامه بالديمقراطي فقد أسس – قبل وفاته – الحزب الوطنى الديمقراطى ؛ فضلا عن انتشار كثير من التقديرات السياسية الدولية تتناول قضية الديمقراطية والطريقة التى تُحكم بها بلدانُ العالم الثالث آنذاك والتى باتت مستحيلة ويجب تغييرها.
وهذا ما وضع السادات فى حالة من العصبية الدائمة والتوجس من الشعب وبشكل خاص من الطبقة التى يكرهها ويناصبها العداء .. الفلاحين ، وكان بمثابة الخلفية التى أملت عليه إصدار هذا القانون وصياغة المادتين 2 و 83 منه بهذه الكيفية.
يضاف لكل ذلك أن الفلاحين هم الفئة الوحيدة فى المجتمع المحرومة قانونا من تأسيس النقابات.

ثالثا :

تعديل القانون 122 / 1980 :

فى الأسبوع الثانى من شهر ديسمبر جرى الإعلان عن التعديل الذى تضمن ثمانية مواد هى [ 8 ، 19 أولا ، 21 بند 5 ، 39 فقرة 1 ،46 بنود 1 ، 2 ، 10 ، 12 ، 52 ، وإضافة 4 بنود ( 9 ، 10 ، 11 ،12 ) للمادة 71 ، فضلا عن بعض الإضافات غير الجوهرية لبعض المواد لتقويم الصياغة ] لقد كان أهمها على الإطلاق تعديل المادة 8 الذى لا يمكن تسميته تعديلا بل انقلابا على المادة المعدلة لأنه حذف كلمة ( لا ) من عبارة ( لا يجوز) وأبقى مضمون المادة ثابتا .

هذا ونصت المادة بعد التعديل على : [ يجوز للأشخاص الاعتبارية المساهمة فى رأسمال المشروعات التى تنشئها الجمعيات التعاونية – المنشأة وفقا لأحكام هذا القانون- بغرض تنمية الإنتاج وبما لا يزيد عن 25 % من رأسمال هذه المشروعات دون أن يترتب على ذلك أى حقوق للمساهمين أعضاء الجمعية العمومية ، ويكون للسهم حق فى الفائض يوزع بنسبة المساهمة فى رأس المال.

ويجوز للجمعية التعاونية – بعد موافقة جمعيتها العمومية – وبعد أخذ رأى الجمعية العامة أن تؤسس شركات مساهمة فيما بينها وإقامة مشروعات استثمارية وتجارية تعود بالربح على الجمعية التعاونية بغرض تنمية المجالات المنصوص عليها فى المادة 3 وفقا للقواعد التى تحددها اللائحة التنفيذية. ]

ويمكن القول باطمئنان أن ساعة الصفر قد حانت ؛ للانقضاض على الجمعيات التعاونية الزراعية من جانب شركات القطاع الخاص ( الشخصيات الاعتبارية ) لتلقى مصير القطاع العام الصناعى ، ذلك القطاع الذى يضم ألوف المصانع والشركات عاطلة عن العمل تنتظر البيع أو إعادة التشغيل ؛ وما حَكَمَ القضاءُ بإعادته لم ينفذ بعد ؛ وحصيلة ما تم بيعه منها لا يعرف مصيره أحد حتى الجهاز المركزى للمحاسبات ، ومئات الألوف من العمال والفنيين والعاملين تم تسريحهم بالمعاش المبكر وأصبحوا من مرتادى المقاهى الدائمين.

*وما يُدبّر للجمعيات الزراعية يختلف عما جرى للقطاع العام من حيث الوسيلة والأساليب ؛ رغم أن الهدف واحد وهو السطو جهود فلاحيها وعلى الإمكانيات الهائلة التى تمتلكها الجمعيات الزراعية من مقار، وشون ، ومخازن ، وورش ، وآلات ، ومراكز تدريب ، ورءوس أموال، وأراضى فضاء ، وجراجات ، وإعفاءات وتخفيضات فى الرسوم والتمغات واستيراد الآلات الزراعية وبعض مستلزمات الزراعة وأسعار المشتريات والنقل ، وتسهيلات فى التعامل مع أجهزة الدولة ، ومع المؤسسات الخدمية والنوادى وغيرها ) وزيادة أرباحهم ، وإزاحة معظم أعضائها من الفلاحين الفقراء خارجها والاستئثار بما كانوا يحصلون عليه من خدمات ومستلزمات للإنتاج.

*فبين يوم وليلة وبعد أن كانت شركات القطاع الخاص ( الشخصيات الاعتبارية ) ممنوعة من الاقتراب من الجمعيات بحكم كل قوانين التعاون التى صدرت طيلة أكثر من ستين عاما حتى اليوم ؛ أو من المشاركة فى أنشطتها أو المساهمة فى رءوس أموالها .. أصبح مُرحّبا بها ، وتم تعديل القانون لفتح الباب لمساهمتها – فى المشروعات التى تملكها الجمعيات الزراعية أو التى سيتم تأسيسها خصيصا لهذا الغرض – بـ 25 % من رأسمال تلك المشروعات وذلك كخطوة أولى وكوسيلة لدخول الجمعيات من بابها الخلفى ( باب المشروعات) .
*وفى وقت لاحق وبعد أن تزداد سطوتها ووزنها فى هذه الشراكة ترتفع مساهمتها كخطوة ثانية إلى50 % ثم إلى 75 % من رأس المال ، وهكذا يمكن أن يتكرر تعديل القانون لتساهم تلك الشركات ( الشخصيات الاعتبارية ) فى هذه المرة فى رأسمال الجمعيات الزراعية نفسها بدلا من رأسمال شركاتها أو مشروعاتها.

*وبعيدا عما ستؤول إليه أوضاع الجمعيات التعاونية بسبب تلك الشراكة .. نتوقع لأعضاء الجمعيات الزراعية من الفلاحين مالكى ثلاثة أفدنة فأقل أن تتم إزاحتهم خارج الجمعيات التعاونية الزراعية بالتدريج حيث أن الخطوة الأولى فى هذا المسار كانت قد اتُخذت فى يونيو 2007 عندما عممت وزارة الزراعة – من خلال الإدارة المركزية للتعاون – منشورا لكل مديريات الزراعة فى المحافظات ووصل كل الجمعيات الزراعية بوقف تسجيل صفة فلاح – لهذه الفئة من أعضاء الجمعيات – فى بطاقات تحقيق الشخصية ، ودفعهم لتسجيل صفتهم أو هويتهم كعمال فى نقابة عمال الزراعة .. وهو ما سبق أن حذرنا منه فى المقال المنشور بموقع الحوار المتمدن ( العدد 2170 بتاريخ 24 / 1 / 2008
على الرابط http://www.ahewar.org/m.asp?i=1625 )

*وبمرور الوقت ( من 2007 – 2014 ) وبتزايد أعداد الفلاحين الذين أجبروا على تغيير هويتهم (من فلاح إلى عامل زراعى) يبدأ العد التنازلى فى عملية التسريح من الجمعيات :

أولا : بحرمانهم من العائد الذى توزعه الجمعيات على أعضائها من المساهمين من فائض الأرباح التى حققتها فى نهاية الموسم الزراعى.

ثانيا : ثم يتصاعد الأمر بحرمانهم من خدمات الجمعية ثم من مستلزمات الإنتاج ( بذور – أسمدة ..إلخ ) باعتبارهم ليسوا فلاحين كما هو مدون فى بطاقات تحقيق الشخصية.

ثالثا : وبتنفيذ الخطوتين السابقتين يجرى توثيق ذلك بالقانون وفصلهم من الجمعيات التعاونية. وبخروجهم منها تتحول الجمعيات التعاونية فى وجود كبار الزراع وأغنياء الفلاحين إلى كرة يتلاعبون بها.

*وهنا يجئ دور شركات القطاع الخاص ( الشخصيات الاعتبارية ) التى سمح لها تعديل المادة الثامنة من قانون التعاون الزراعى 122 / 1980 للدخول إلى الجمعيات من بابها الخلفى – من خلال المساهمة فى رأسمال المشروعات أو الشركات التى تملكها الجمعيات التعاونية – للهيمنة عليها .. وفرض شروطها.

*وبعد أن كانت الجمعيات ملاذاً .. لفقراء وصغار الفلاحين .. تصبح عزبة لشركات القطاع الخاص ( الشخصيات الاعتبارية ) تنفرد بها أو تتقاسمها مع كبار الزراع وأغنياء الفلاحين والبقية معروفة .. هى استشراء وتوسع هذه الشركات مع كبار الزراع فى تضييق الخناق على من تبقى من فلاحى الجمعيات ودفعهم لبيع أراضيهم .. واستخدام الفقراء منهم كعمال فى مزارعهم الواسعة مترامية الأطراف .. تماما كما جرى مع عمال القطاع العام الصناعى.

ولا يفوتنا فى النهاية إلا التذكير بأن رجال الأعمال من الرأسماليين عندما يحددون هدفا يتفننون فى الوصول إليه بكل الوسائل حتى لو أراقوا ماء وجوههم ، ويبتدعون أدوات لا تخطر على بال ، ويتخذون أشكالا لا تعبر عن حقيقتهم ولا تصرح بما فى صدورهم .. كل هذا وهم لم يتمكنوا بعد من ملامسته ، أما عندما يصيرون جزءا – ولو هامشيا – منه تتغير لهجتهم وهيأتهم وأساليبهم وملامحهم ويسفرون عن كائن مختلف تماما عما ظهر لنا فى البداية ويفصحون عن هويتهم وأغراضهم الحقيقية بعيون جامدة ودون أدنى خجل.

فهل من مصلحة فقراء الفلاحين وصغارهم الموافقة على هذا التعديل ..؟

وهل من مصلحة عمال الزراعة المعدمين أن يبيع صغار الملاك أراضيهم أو يتحولوا إلى معدمين لتتضاعف أعداد العمال الزراعيين وتنخفض أجورهم لأكثر من ذلك ..؟!

هذا هو السؤال الذى ينتظر الإجابة ..

الأحد 4 يناير 2015 بشير صقر
لجنة التضامن الفلاحى – مصر

عن منظمة الفاو والبنك الدولى ومنتدى الأرض الخامس بتونس .. الحلقة الثالثة

موجز لما سبق نشره :

عرضت لجنة التضامن الفلاحى – مصر فى الحلقتين السابقتين وجهة نظرها بشأن :

• دور منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة FAO)) والبنك الدولى (IMF) فى الموقف من الزراعة والفلاحين فى مصر وعلى الأخص مشاركتهما فى فرض وإقرار وتنفيذ ” سياسة تحرير الزراعة ” فى المؤتمر الذى عقد فى القاهرة فى فبراير 1992 بحضور العديد من المنظمات الدولية وفى مقدمتها منظمة الفاو والبنك الدولى وصندوق النقد الدولى ومنظمة التجارة العالمية وعدد من الهيئات والمسئولين المصريين .. وأفضى إلى فصم كامل لعلاقة الدولة عن مجمل النشاط الزراعى التنفيذى عدا ” التخطيط ” ورفع الدعم عن مستلزمات الزراعة ( بذور ، أسمدة ..إلخ ) وعن فوائد القروض الزراعية مما رفع تكلفة الزراعة فضلا عن ترك الحاصلات الزراعية أسيرة لقوى السوق وأدى لخفض أسعارها أو ثباتها فى أحسن الأحوال وهو ما أسفر عن هبوط شديد فى دخول الفلاحين وتدهور بالغ فى مستوى معيشتهم.
ونشير فى هذا الصدد لما أعقب ذلك المؤتمر من استصدار القانون 96 / 1992 المعروف بقانون العلاقة بين المالك والمستأجر فى الأرض الزراعية وأدى تنفيذه عام 1997 إلى فوضى عارمة فى مجال الزراعة والفلاحين أهمها ارتفاع أسعار الإيجارات الزراعية وطرد مئات الألوف من الفلاحين من الأرض وهجر الكثيرين منهم لحرفة الزراعة وشروع الملاك الصغار فى بيع أراضيهم فضلا عن نتائج أخرى كارثية تتعلق باتساع رقعة الأرض الملوثة بالكيماويات وكذا انتشار أوبئة السرطان والكبد والكلى فى الريف.

• كما تعرضت اللجنة فى الحلقة الثانية لتصريحات الممثل الإقليمى للفاو فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والتى أعلن فيها : ” أن الفاو تغيرت وستتغير ” ؛ وطالب منظمات المجتمع المدنى العربية المشاركة فى المنتدى بأن ” يؤدوا دورهم .. وأن صوتهم مسموع ” ، وأفاد بعقد المنظمة لاتفاقات ثنائية لمشاريع زراعية مستقلة مع البنك الدولى ، وحثهم على إبداء آرائهم فى التوجهات الاستراتيجية لعمل الفاو بشأن ( المياه والفلاحين والأمن الغذائى ) وذلك بغرض تنظيم برنامج زمنى بين الفاو ووزارات الزراعة العربية. كما تضمنت الحلقة الثانية تقديرنا بشأن فحوى التغير الذى يراه الممثل الإقليمى للفاو وتساءلنا هل هو فى السياسات أم يقتصر على طرق العمل ..؟!
كما تضمنت ما قاله منسق شبكة الأرض والسكن ( هابيتات ) بمصر عن أن البنك الدولى لا يملك معايير قانونية لأنشطته.
وبالرغم مما أبداه ممثل الفاو من رغبة فى الاستماع إلى آراء المشاركين فى استراتيجية منظمته إلا أنه أحجم عن الحوار أو حتى الرد بشأن الأسس والمعايير التى تحكم علاقة الفاو بمنظمات المجتمع المدنى .. بل حتى مجرد إبداء رأيه الشخصى فى الأمر ، ومن جانب آخر تناولت فحوى الشراكة المقترحة بين هذه الهيئات الدولية والمؤسسات ” العامة والخاصة والشعبية ” فى الإقليم من واقع كونها طرفا محتملا فى العلاقة مع الفاو متسائلة عن النسب التى تحظى بها كل من هذه المؤسسات داخل إطار الشراكة المقترح

• وفى هذه الحلقة ” الثالثة ” تتعرض اللجنة لعدد من الآراء والتقديرات والأفكار التى طرحها المشاركون فى المنتدى منها : دور الحكومات فى تأسيس منظمات مجتمع مدنى تلعب دور الطابور الخامس داخل هذه المنظومة وتساهم فى تشظية ( التحويل إلى شظايا ) وتجزئ القضايا الكبرى والمصيرية التى تشكل هموم المجتمعات النامية والفقيرة ، فضلا عما أثاره بعض المشاركين من أفكار مشابهة لتفعيل منظمات المجتمع المدنى.
وهنا تعرض تصورها للسياسة المزدوجة التى تتبعها منظمة الفاو بشأن ما تعلنه عن أفكارها ومبادئها وتوجيهاتها .. وما تمارسه فى الواقع وأسبابهما ؛ من خلال عرض بعض أفكارها التى تضمنها كتيب ” الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسئولة لحيازة الأراضى ومصايد الأسماك والغابات فى سياق الأمن الغذائى الوطنى ” ومن خلال عدد من الوقائع الفجة الماثلة فى الريف المصرى.
،،،،،،،،،،،،،،،،،

تمهيد :

فى البداية يهمنا التأكيد على وجود منطقين يحكمان السياسات التى يتم الإعلان عنها فى أى مكان وأى زمان فى هذا العالم استنادا إلى البواعث والدوافع التى تقف خلفها.
ففى المجتمعات الرأسمالية التابعة أو غير المستقلة تعلن الدول عن سياسة محددة بينما فى الممارسة تتحول تلك السياسة – من خلال الإجراءات والقوانين المنفذة لها – إلى مسار مختلف عن مسار تلك السياسة ؛ ويتوقف ذلك المسار – فى اقترابه أو ابتعاده عن مضمون السياسة المعلنة – على قوى المعارضة الحية والمؤثرة فى المجتمع شرعية كانت أو غير شرعية علنية كانت أو تحت الأرض. بمعنى أن الانحراف الشديد فى مسار الممارسة عن السياسة المعلنة يغلب على المجتمعات الرأسمالية التابعة المحرومة من حقوقها وحرياتها الأساسية .. بينما لا يكون الأمر بنفس المستوى فى المجتمعات الرأسمالية ” المستقلة ” التى تتمتع مجتمعاتها بمعارضة قوية مؤثرة.

*هذا ويختلف الأمر فى الهيئات السياسية التى تتمتع بدرجة عالية من التماسك وتعبر عن طموحات قطاعات شعبية واسعة ( أغلبها فقيرة ) حيث يكون المسار العملى والإجرائى لها قريبا أو متوازيا مع السياسة المعلنة. وهذان المنطقان ( سياسة فى اتجاه وممارسة فى اتجاه مغاير ) و ( سياسة وممارسة فى اتجاه واحد متقارب أو متوازٍ ) هما اللذان يحكمان السياسة المعلنة وتطبيقها العملى فى مجتمعات العالم جميعا.
*وعلى ضوء ما عايشناه وعرفناه عن سياسات كثير من الدول والهيئات السياسية ذات الوزن فى مجتمعات شتى .. يمكن الاستنتاج بأن منظمة الفاو والبنك الدولى وصندوق النقد ومنظمة التجارة العالمية وكثير من المؤسسات المالية والاقتصادية النيولبرالية المعبرة عن توجهات كثير من الدول فى أوربا وأمريكا واليابان تستخدم المنطق الأول ويتبعها فى هذا المسار عشرات الدول الحليفة والتابعة أو الدائرة فى فلكها ( سياسة فى اتجاه وممارسة فى اتجاه مغاير )، علما بأن تطبيق تلك السياسة يختلف جزئيا من دولة صناعية متطورة إلى دولة متخلفة تابعة ، ويختلف الأمر كذلك داخل الدول الصناعية المتطورة فى تطبيق تلك السياسة فى الخارج وبين تطبيقها داخل الحدود.

المجتمع المدنى والقضايا الكبرى :

ولأن نشأة المجتمع المدنى بدأت فى الغرب أساسا بغرض تنظيم الشعب فى مواجهة الحكومات إلا أن مساره تحول – فيما بعد – بعيدا عن أهدافه الأساسية ليتم استخدامه كأداة للتعمية عن القضايا الكبرى للمجتمعات و لتشظيتها وتجزيئها إلى قطع ( قضايا ) صغيرة .. تُغرِق المتأمل لها فى تفاصيلها الدقيقة وتحرمه من رؤية القضايا الكلية فى مساراتها وتطورها ونتائجها ، و التى بدونها يتوهم المتابع أن ما يحل بالمجتمع من كوارث ليس وليد تلك المسارات ولا من فعل فاعل بل هبط على المجتمع قضاء وقدرا. وبدلا من إدراك فحوى القضايا الكلية ينكفئ المتأمل على التفاصيل باحثا عن الأسباب التى هى فى الحقيقة خارج دائرة بحثه وتأمله .. مختفية فى القضايا الكلية . وهو ما يشمل الأغلبية الساحقة من الناشطين فى المجتمع المدنى خصوصا فى مجتمعاتنا المتخلفة بكل أسف.

1-ولأن النشاط العملى فى القضايا الكبرى والمصيرية يتطلب رؤية شاملة و تاكتيكات وخططا محكمة لتنفيذها .. يربط بين منطلقاتها و بواعثها وبين المسار الذى يتخذه النشاط العملى وبين المآل الذى تنتهى إليه ؛ فإن تجزئ وتشظية تلك القضايا يفقد القائمين على العمل والجماهير بالتالى تلك الرؤية ومن ثم لا يجمعها نفس المسار فلا تصل إلى المآل والهدف الذى حددته الرؤية الشاملة.

2- فقضية مثل قضية الزراعة المصرية تتحول بفعل التشظية إلى قضية المطرودين من الأرض وقضية الغذاء وقضية الإسكان الريفى وقضية الثروة الحيوانية وقضية التعليم الزراعى والتدريب وقضية المياه وقضية مستلزمات الزراعة وقضية التعاونيات الزراعية وقضية الائتمان الزراعى وفى كل منها تعمل منظمة مستقلة من منظمات المجتمع المدنى وتتجسد تلك التشظية فى المجتمعات المدنية الأوربية والآسيوية والأمريكية بشكل أوضح منه فى مجتمعاتنا و بنفس المنوال يمكن تشظية أية قضايا كبرى سواء فى مجال العمال أو القضايا القومية الأخرى ، فضلا عما يمكن أن يسقط من تلك القضايا الصغيرة فى مجرى النشاط ولا يجرى التطرق إليه بالمرة استنادا إلى ميول وخبرات ومهارات القائمين على العمل بالمجتمع المدنى.

3- ولأن القضايا الكبرى تتطلب مشاركة جموع الشعب فإن تحديد الهدف والمسار واختيار أدوات وأشكال الكفاح يكون شرطا حاسما لصواب النتائج المنشودة حيث أن كثيرا من القضايا الجزئية أو الصغيرة الناتجة عن عملية التشظية والتجزئ لن تمتلك تقديرا موحدا للهدف والمسار ولا اختيارا واحدا للأدوات وأشكال العمل ومن ثم تصل إلى مآلات ونهايات مختلفة وربما متعارضة – هذا إن وصلت – فتتبدد الجهود ومعها النتائج المرجوة والآمال المعقودة.

4-ولقد تنبه كثير من الدول والحكومات فى الغرب لتلك الفكرة مبكرا وآثر الكثيرُ منها دفعَ منظمات المجتمع المدنى لهذا التوجه وبذل الجهد وأنفَق الأموال لتحويل ذلك ” الشئ الحسن إلى شئ سئ ” وتحول الكفاح الشامل فى القضايا الكبرى إلى نشاط مبعثر فى أمور صغرى لا يمكن أن يكون حاصلُ جمعها مساويا فى الممارسة لآثار ونتائج الكفاح الشامل فى القضايا الكبرى وبمنطق يختلف عما يحدث فى أنشطة المجتمع المدنى ” المتنوعة ” والمتناثرة .

5-ومن خلال التشاور وتبادل الخبرة بين الحكومات فى كثير من دول العالم المتطورة صناعيا والمتخلفة تأسست هيئات شتى للعمل والهيمنة على هذا المجال ومنظماته فى الشمال والجنوب.

6-يأتى بعد ذلك دور التمويل- الذى يدفع بعض منظمات المجتمع المدنى للأمام ويرفس بعضها للخلف- ليلعب دوره فى ظل فقر شديد وبطالة متوحشة فى المجتمعات المتخلفة وتمسّك بارتباطات التعاقد مُحوّلا تلك المنظمات من هيئات ناشطة فى العمل العام إلى مؤسسات تقليدية ووظائف ورتب وانحيازات ومصالح ليخلق أرضا ومناخا جديدا مواتيا لتدجين العديد منها واختراقها من قبل الحكومات وتوجيهها للمسار الذى تراه .. بل واستخدامها.

7- ومع التسليم بحسن النية الكامل لا يعنى ذلك أن فكرة تنظيم المدنيين – فى المجتمع المدنى – خاطئة أو أن معظم العاملين فى هذا المجال مرتزقة أو أن كل المؤسسات التى أنشأتها ونقلتها لبلادنا مشبوهة وتحيطها الغيوم.

مقترح بشأن استخدام جامعة الدول العربية لتفعيل منظمات المجتمع المدنى :

اقترح التونسى عبد الله الغربى – فى المنتدى- إمكانية الاستعانة بالجامعة العربية لتفعيل دور المجتمع المدنى فى الأقطار العربية . وفى الحقيقة لم نتبين على وجه الدقة مقصده .. هل يعنى بمقترحه هذا حرصا على المجتمع المدنى فى دوره المنشود أم ” العشم ” فى جامعة الدول العربية..؟

*ولأن هذه الهيئة الإقليمية ” الجامعة ” لا تعدو أن تكون تجميعا لإرادات الحكومات العربية ( وزراء الخارجية ) ؛ ورغم ما يثيره ذلك من مواجع ومن استرجاع للممارسات والسياسات المعادية للجماهير فى دولها ؛ فجامعة الدول لم تتفق يوما على إجراء إيجابى واحد يخدم شعوبها حتى فى توحيد يوم عيد الفطر باستثناء ما جرى إبان حرب 1973 بين مصر وإسرائيل. ولأنها من زاوية أخرى تشبه – مع الفارق – فى بنيانها منظمة الفاو التى يشكل وزراءُ الزراعة الجانبَ الأعظم من أعضائها الرسميين ؛ وتمثل سياستها محصلة سياسة الدول الأعضاء .. فإن توَهّم البعض إمكانية أن تساهم بشكل إيجابى فى تفعيل منظمات المجتمع المدنى لا يتجاوز إمكانية قدرتها على فصم العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

*فالحكومات والأنظمة العربية مستمرة فى الحكم بفضل مصادرتها الحريات والحقوق الأساسية للشعوب ، ولذا فالأمل فى قيامها بتحريك منظمات شعبية مستقلة عنها تتضمن أهدافُها انتزاعَ تلك الحقوق والحريات ضربٌ من الوهم .. إلا إن كان السعى المقصود يستهدف تحويل تلك المنظمات إلى أدوات تعمل لصالح سياسة جامعة الدول العربية.

منظمة الفاو والمجتمع المدنى بين السياسة المعلنة والممارسة المغايرة :

ظلت الفاو – وهى إحدى منظمات الأمم المتحدة الكبرى – طيلة عمرها المديد تلعب دورها بالتعاون الكامل مع حكومات البلدان الأعضاء ضد شعوبها ، وأيا كان ما تعلنه من سياسات ضد الجوع .. وحث على إنتاج الغذاء ونصح بتضييق فجوته على المستوى الوطنى برفع شعار الأمن الغذائى (Food Security) ؛ وأيا كان ما تصدره من منشورات لتطوير مهنة الزراعة ومفرداتها المتعددة واستحداث لقضايا جديدة بشأن الحيازة الآمنة وحوكمة الحيازة وغيرها ؛ بات من الضرورى مواجهة جملة ما تتحدث عنه من سياسات ونصائح وتوجيهات بما تقوم به وتمارسه عمليا من ناحية وبما ينفذه أعضاؤها الرسميون – وزراء الزراعة – فى الواقع العيانى داخل مجتمعاتهم من ناحية أخرى ؛ ومقارنة تلك السياسات بما هو معلوم وشائع فى ريف المجتمعات الفقيرة من ممارسات وإجراءات مناقضة للمنطق قبل أن تتناقض مع العديد من سياسات الفاو المعلنة.

فما سمعناه فى المنتدى عما تقوم به بعض المؤسسات الغربية وحكومات البلدان المتخلفة من تأسيس وتوظيف لبعض منظمات المجتمع المدنى يجرى ما هو أسوأ منه فى مجال الزراعة والغذاء والتنظيمات الفلاحية النقابية.

• ففى مجال الزراعة : تجرى تصفية السلالات والأصناف النباتية المحلية لصالح البذور المهندسة وراثيا كما حدث ويحدث فى عدد من الولايات الهندية ؛ بل وهناك من شهود العيان ما يقطع بأن قوات الغزو الأمريكية فى العراق فى الفترة ( 2003 – 2006 ) كانت – وهى تفتش عن المقاتلين العراقيين – تبحث عن بذور الأقماح العراقية لتقوم بإعدامها على الملأ لدفع الفلاحين لزراعة القمح الأمريكى مكانها. كذلك يجرى اجتثاث الغابات والمساحات الخضراء فى ريف أمريكا اللاتينية لصالح إنتاج الوقود الحيوى وزراعة فول الصويا وهو ما يفضى لاختلالات خطيرة فى التنوع البيولوجى والتوازن البيئى.

• وفى مجال الغذاء : ” يزخر العالم بغذاء يكفى 12 مليار نسمة بينما يموت مئات الآلاف سنويا من الجوع فى عالم يضم مالا يزيد عن 6،3 مليار نسمة ” على حد ما صرح به جون زيجلر رئيس برنامج الغذاء بهيئة الأمم المتحدة عام 2005 فى الوقت الذى يتم إلقاء فوائض القمح الأمريكى فى مياه المحيط حفاظا على أرباح الشركات المنتجة له. ويتحول تصريح زيجلر ” وراء كل إنسان يموت جوعا .. مجرم تجب محاكمته ” إلى قرار اتهام لأهم مؤسسة للغذاء فى العالم ( الفاو).

• وفى مجال تنظيم الفلاحين : تنفرد طبقة الفلاحين فى مصر بحرمانها من حق التنظيم النقابى دون طبقات المجتمع ؛ بينما تزين صور الفلاح المصرى- كأول فلاح عرف الزراعة فى العالم – جدران المنظمة فى روما.

*وفى أعقاب ثورة 25 يناير 2011 قام أحد وزراء الزراعة – دون أن يظهر فى الصورة – بتأسيس نقابة للفلاحين المصريين – ليس حبا لهم – بل لتكون داعما لسياسات الوزارة المعادية للفلاحين ؛ والأهم أنه كان عضوا بها ومسئولا عن لجنة العلاقات الخارجية هو ومساعده وسكرتيرته لكى لا يتحدث أحد باسم الفلاحين المصريين مع الهيئات الدولية سواه .

*ومن جانب آخر تقوم وزارة الزراعة المصرية منذ 2006 باعتبار أعضاء التعاونيات الزراعية – ممن يملكون أقل من ثلاثة أفدنة – ليسوا فلاحين وتجبرهم على تسجيل أسمائهم كعمال زراعيين حتى تحرمهم- فيما بعد – من مستلزمات الزراعة و خدمات التعاونيات ؛ علما بأن متوسط نصيب المواطن فى مصر من الأرض الزراعية أقل من عُشر فدان ومتوسط نصيب الفلاح لا يتجاوز 2/5 فدان.

*ليس هذا فحسب بل وتخرق قانون الزراعة ( 53 / 1966 ) فى المادة 90 التى تنص على ( تسجيل حيازة الأرض فى التعاونيات باسم زارعها ) ؛ بينما تؤكد كل القرارات الوزارية والتعليمات الشفهية منذ عام 1997على منع تسجيل حيازة الأرض بالتعاونيات إلا لمالكها حتى لو لم يكن فلاحا .. وبذلك تحرم الأرض ومستأجرها من مستلزمات الزراعة ( تقاوى ، أسمدة .. إلخ).

*إن جملة المآخذ التى سجلناها أعلاه على منظمة الفاو فى الريف المصرى تعتبر من المعلومات العامة المتداولة ؛ ولا يمكن لمنظمة دولية مترامية الأطراف تهتم بأوضاع الزراعة والغذاء فى العالم ويقيم ممثلها الإقليمى فى مدينة القاهرة منذ عشر سنوات ويتحدث اللغة العربية ؛ لا يمكن أن تتجاهل مثل هذه المعلومات الهامة أو تتعامى عنها. ولذلك فكل ما تعلنه الفاو من سياسات يبقى حبيس الأوراق فى وجود مثل هذه التجاوزات الفجة من أعضائها.

قراءة سريعة لوثيقة الفاو ” حوكمة الحيازة ” وتعليقات مختصرة عليها :

تتكون الوثيقة من 7 أبواب نتعرض فيها للخمسة أبواب الأولى باختصار شديد وهى:

1- الأحكام الأولية. 2- المسائل العامة. 3- الاعتراف القانونى بحقوق وواجبات الحيازة
4- نقل حقوق وواجبات الحيازة . 5- إدارة الحيازة .

وقبل أن نتطرق للتفاصيل يهمنا الإشارة إلى أن النصوص التى اخترناها تقتصر فقط على حيازة الأرض دون مصايد الأسماك والغابات ؛ هذا و سنعرض الأبواب الخمسة التى اخترناها من الوثيقة وتعليقنا عليها بالطريقة التالية :

1- أولا نقدم تعريفا لتعبير الحوكمة ليكون القارئ على بينة منها.
2- يعقبه فكرة الوثيقة وملابسات إصدارها .
3- ثم تعليقنا على فكرة الوثيقة.
4- ثم موجزا للباب الأول بعناصره بين قوسين [ ] ؛ يليه تعليقنا على النص إضافة إلى استشهادات لما هو موجود أو غائب منها فى مصر وتأخذ بقية الأبواب أرقام من 5- 8

1-تعريف الحوكمة :

هى الإدارة بمجموعة من النظم والقوانين والقرارات تهدف إلى تحقيق الجودة والتميز فى الأداء عن طريق انتقاء الأساليب المناسبة والفعالة لتحقيق الأهداف المرجوة.. باختصار الحوكمة هى الإدارة وآلياتها.

2-فكرة الوثيقة:

تنص الوثيقة الصادرة فى مايو 2012 / روما على غلافها الخلفى بأنها [ أول صك عالمى شامل خاص بالحيازات وإدارتها .. يُعد من خلال مفاوضات حكومية دولية ، وتضع مبادئ ومعايير مقبولة دوليا للممارسات المسئولة لاستخدام الأراضى ومصايد الأسماك والغابات وللتحكم بها .
وتدرجُ هذه الخطوطُ التوجيهية إدارة َ الحيازة ضمن السياق الوطنى للأمن الغذائى.. وهى تسعى للمساهمة فى الإعمال المطرد للحق فى غذاء كاف والقضاء على الفقر.]

3- التعليق على فكرة الوثيقة :

*الوثيقة معدة بواسطة الحكومات الأعضاء فى الفاو .
* ما أسمته الوثيقة بـ ” السياق الوطنى للأمن الغذائى (Food Security ) الذى أُدرِجت إدارة الحيازة فى سياقه للمساهمة فى إعمال الحق ( توفير ) فى الغذاء بشكل مطرد ” .. لا يمكن تحقيقه ضمن كل مجتمع على حدة أى ضمن السياق الوطنى للأمن الغذائى فى ظل الظروف الدولية الراهنة ؛ لأن هناك مجتمعات لا تنتج الحبوب ( الغذاء ) أو تنتجه بشكل محدود لا يكفى الاحتياجات المحلية ، بينما هناك مجتمعات أخرى تنتج ما يزيد عن حاجتها ؛ ومن ثم تلقى بفوائضه فى المحيط لاعتبارات ربحية بحته ليس من بينها بالطبع إنقاذ ملايين البشر من الموت جوعا ؛ وعليه فهناك شبه استحالة عملية لتحقيق ذلك الاكتفاء فى كل مجتمع على حدة وبمعزل عن الآخرين ( أى على المستوى الوطنى ) فرغم أن الغذاء الموجود فى العالم يكفى ضعف سكانه إلا أن المشكلة الحقيقية العملية تكمن فى طريقة توزيعه على قارات العالم وداخل كل قارة على دولها ، وفى كل دولة على فئاتها وطبقاتها الاجتماعية.

4- مختصر الباب الأول : الأحكام الأولية
ينقسم لعنصرين :الأهداف ، طبيعة القضية ونطاقها

الأهداف :

[ هى تحسين حوكمة الحيازة ( للأراضى ، ومصايد الأسماك ، والغابات ) لصالح الأمن الغذائى ( Food Security) – القضاء على الفقر – تحقيق أمن المسكن – التنمية المستدامة اقتصاديا ، واجتماعيا ، وريفيا ، وبيئيا.]
طبيعة القضية ونطاقها :
[يتم تفسير القضية وتطبيقها وفقا للنظم القانونية الوطنية ، وتستخدم من جانب الدول والحكومات والقضاء ومنظمات المزارعين ، وهى عالمية فى نطاقها مع مراعاة السياق الوطنى.]

التعليق :

• الأهداف : لا تعليق عليها إلا بأن الوصول إلى الأهداف يواجه عقبة تتمثل فى مفهوم الأمن الغذائى الوطنى ( Food Security) الذى يحصر إشكالية نقص الغذاء وأسبابها فى الإطار الوطنى بينما لا يمكن حل المشكلة حلا جذريا إلا ضمن حدود أوسع عالمية أو إقليمية ، كذلك يواجه حل مشكلة الفقر عقبات مشابهة.
• طبيعة القضية ونطاقها : نوافق على أنها عالمية فى نطاقها بسبب تقسيم العمل الدولى الذى صنف العالم إلى دول قائدة فى مجال الإنتاج والتوزيع والاستهلاك .. ودول تابعة تسير فى فلكها . أما عن استخدام هذه الخطوط التوجيهية من جانب الدولة والحكومة والقضاء ومنظمات المزارعين فيجب أن ينص فيه على ألا تنفرد الدولة ( الحكومة ) بتفسيرها الخاص فى عملية التطبيق.

5-مختصر الباب الثانى : المسائل العامة :

ينقسم لـ 3 عناصر : المبادئ العامة ، المبادئ التنفيذية ، الحقوق المتعلقة بالحيازة.

المبادئ العامة :

[ الاعتراف بحقوق الحيازة وأصحابها ، وعدم التعدى عليها ، والوفاء بالواجبات المصاحبة لحقوق الحيازة ، وصونها من الانتهاك ، وحمايتها من الإجراءات التعسفية والإخلاء القسرى ، وتعزيز التمتع بها ، وتوفير الوصول للعدالة لعلاج التعدى ، والوقاية من المنازعات والفساد.]

المبادئ التنفيذية :

[ الإقرار بالكرامة لأصحاب الحيازة ، منع التمييز بموجب السياسات والقوانين والممارسات ، العمل المشترك مع أصحاب الحيازة قبل اتخاذ إجراءات بشأنها ، نشر السياسات والقوانين باللغة المستخدمة على نطاق واسع ، قيام الحكومة بتحسين المراقبة وتحليلها.]
الحقوق المتعلقة بالحيازة :
[الاعتراف بأنه لا توجد حقوق حيازة مطلقة بما فى ذلك الملكية الخاصة ،الاعتراف القانونى بالحيازة غير المتمتعة بحماية القانون ، ألا يكون هناك تمييز ، ضمان عدم الإخلاء القسرى وعدم التهديد.]

التعليق :

• المبادئ العامة : لا خلاف عليها لكن تعتريها إشكالية تتمثل فى أدوات التطبيق .
وفى الحالة المصرية نفتقر تماما لهذه المبادئ العامة ؛ لدرجة أننا لا نجد بندا واحدا مطبقا تطبيقا عادلا وشاملا ، فمصر تزخر بعشرات بل بمئات التعديات على أراضى فلاحى الإصلاح الزراعى والأوقاف و(القطاع الخاص) والبدو وحواف الوادى والأرض المستصلحة بل وأراضى الدولة، وتمثل الدولة وشرطتها القاسم المشترك فى تلك التعديات أو فى دعم المعتدين.

• المبادئ التنفيذية : هى مبادئ إيجابية جدا بدءا من الإقرار بالكرامة (لأصحاب الحيازة ) إلى منع التمييز سواء فى السياسات أو القوانين والإجراءات إلى الإقرار بمبدأ المشاركة مع أصحاب الحيازات فى حل المشكلة قبل اتخاذ أية إجراءات بشأنها .. إلخ.
إلا أنه فى الحالة المصرية لا يتحقق أى من هذه المبادئ، فإهدار الكرامة هو السائد ومنها ما يحدث فى بعض قرى شبراخيت / بحيرة وطلخا ونبروه / دقهلية حاليا ومنذ سنوات ؛ علاوة على أن مبدأ المشاركة مع أصحاب الحيازات ( الفلاحين ) فى حل مشاكلها قبل اتخاذ أية إجراءات بشأنها يحدث عكسه تماما كما جرى فى ميت شهالة / منوفية 2004 و دكرنس / دقهلية 2006 و عزبة محرم وعزبة البارودى / بحيرة 2008 . أما عن مبدأ عدم التمييز فلا وجود له لأن التمييز بين أصحاب الحيازة والمعتدين هو السائد علاوة على الفساد اللذان يمثلان السمات الرئيسية لانتهاك الحيازة .

• الحقوق المتعلقة بالحيازة : هى شئ إيجابى حقا وأهمها هو الاعتراف بأنه لا توجد حقوق حيازة مطلقة حتى فى الملكية الخاصة ، وهو ما يعنى أن للأرض وظيفة اجتماعية بالأساس يجب تحقيقها أولا وهى إنتاج الغذاء لإطعام الشعب ؛ و يجب النص عليها بهذه الصيغة فى الوثيقة.. وعلى كل أشكال الملكية الاستجابة لهذه الوظيفة ، أما الاعتراف القانونى بالحيازة التى لا تتمتع بحماية القانون فما يجرى فى الحالة المصرية عكسه تماما ، فالدولة لا تعترف بملكية منتفعى الإصلاح الزراعى لأراضيهم التى وزعتها الدولة عليهم فى عصر سابق ودفعوا كامل ثمنها ، وهى تنتزع منهم منذ 18 عام وحتى الآن، لأن مخالفة القانون والتمييز ركنان أساسيان فى العدوان على الحيازات القانونية كما يحدث حاليا بقرى المعمورة / الإسكندرية ونبروه وطلخا / دقهلية.

6-مختصرالباب الثالث: الاعتراف القانونى بحقوق وواجبات الحيازة:
وتمثل الضمانات أهم بنود هذا الباب :
[عندما تعترف الدولة بحقوق الحيازة يجب عليها أن :
تقوم بتخصيصها ، ووضع الضمانات ضد انتهاكها حتى للتى لا تحظى بحماية القانون ، تحديد الحقوق وأصحابها (مسجلين أو غيرهم) وإخطارهم بذلك ، وفى حالة تعذر الاعتراف القانونى تمنع الدولة الإخلاء القسرى، وفى حالة الحيازة غير الرسمية تقر الدولة بوجودها وتدعم المتضررين ، منع الاستيلاء والإخلاء القسرى. ]

التعليق :

الضمانات : تمثل الضمانات شيئا إيجابيا جدا ، لكنها وبكل أسف لا تجد أى صدى داخل وزارة الزراعة المصرية وهيئة الإصلاح الزراعى التابعة لها .. حيث تمت الاستدارة من سنوات لقانون الإصلاح الزراعى ولا زال ذلك قائما .

7- مختصرالباب الرابع : نقل حقوق وواجبات الحيازة :

يمثل عنصر الاستثمارات أهم عناصره ويتضمن :
[ لأن المنتجين أصحاب الحيازات الصغيرة يمثلون حصة كبيرة من الاستثمارات الزراعية فى البلدان النامية بما يساهم فى الأمن الغذائى والتغذية والقضاء على الفقر ينبغى:
دعمهم ، وألا تصاب حيازاتهم بأى أذى ضد الانتهاك والعدوان ، ضرورة احترام حقوق الإنسان ، وتوفير الحماية لهذه الحيازات من الاستثمارات الخاصة ، إعادة الحقوق للمتضررين من فقدها أو لورثتهم أوالتعويض الفورى العادل عينا أو نقدا بما ينصفهم ، وضع قوانين واضحة وشفافة لذلك ، لا يتعين على الدول القيام بالمصادرة إلا حين تكون الحقوق مطلوبة للمنفعة العامة وفق قوانين واضحة ومفهومة .]

التعليق :

الاستثمارات :
ما ذكر عن أصحاب الحيازات الصغيرة كاف وتؤكده جملة التوصيات اللاحقة التى توجب تدعيمهم ، وحماية حيازاتهم ووقايتها من العدوان عليها بالذات من الاستثمارات الخاصة ..إلخ؛ كذلك فالتأكيد على مبدأ إعادة الحقوق للمتضررين أو تعويضهم عينا أو نقدا وفورا ، والنصح بعدم إجراء المصادرة إلا للمنفعة العامة .. كلها مبادئ جيدة لكن الأهم هو تفعيلها.
والجدير بالذكر أن ما يحدث فى مصر عكس ذلك تماما فالدعم تم إلغاؤه سواء لمستلزمات الإنتاج أو للقروض الزراعية ، والعدوان على الأراضى يجرى على قدم وساق فى كل أنواع الأراضى خصوصا أراضى الإصلاح الزراعى والأوقاف ، والحماية تتم للمعتدين وليس للمجنى عليهم من فقراء وصغار الفلاحين والدولة تدعم ذلك بل إن هناك حالات تعتدى فيها أجهزة الأمن على الأراضى لاغتصابها لصالح قيادات كبيرة أبرزها عام 2010 فى قرية العمرية / بحيرة.. وعام 2008 بقرية عزبة محرم / بحيرة .. وهكذا.

8- مختصر الباب الخامس : إدارة الحيازة :
ويتكون من عدة عناصر أهمها .. حل المنازعات حول حقوق الحيازة ويتضمن :
[ أن حل نزاعات حقوق الحيازة من خلال هيئات قضائية وإدارية حيادية ومختصة توفر سبل الحصول على وسائل حسنة ومناسبة التوقيت وميسورة وفعالة ، كذلك توفير سبل إنصاف فعالة ، وإتاحة الحق فى الاستئناف مع السعى لحل النزاعات فى مراحلها الأولى وتيسير ذلك.]

التعليق :

إدارة حقوق الحيازة :العنصر الأخير فيها ( حل النزاعات ) يشوبه فى مصر تجاوزات هائلة منها أن بعضا من الهيئات القضائية المكلفة بنظر حل هذه النزاعات هى فى حقيقة الأمر محاكم استثنائية وتسمى محاكم القيم وفيها يتم تعيين نصف قضاتها من خارج الجهاز القضائى ويتم انتقاؤهم قصديا من المعادين للفلاحين وللإصلاح الزراعى وهذه المحاكم تصدر نصف أحكام طرد الفلاحين المصريين من أراضيهم .
أما بشأن العمل على حل المنازعات فى مراحلها الأولى فهناك مثال صارخ فى مصر يدلل على عكس ذلك تماما فى عزبة الهلالية بالمعمورة شرق الإسكندرية ؛ وفيه تم اغتيال أحد قادة الفلاحين الذين شاركوا فى المفاوضات مع أجهزة الأمن التى انتزع بعضُها حيازاتِ الفلاحين فى منطقته عن طريق التهديد والمطاردة وهدم المنازل.

الملاحظة الأهم :

تبقى لنا كلمة أخيرة تتعلق بالإطار الذى تطرح فيه منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ( FAO) جملة إجراءاتها وأفكارها وتوجيهاتها وهو الحديث الدائم عن تحسين الحياة والسعى للقضاء على الفقر وتحقيق الأمن الغذائى فى السياق أو فى الإطار الوطنى ..إلخ ، ومع أننا وصّفنا العديد من الأفكار والإجراءات التى تضمنها كتيب (حوكمة الحيازة ) بأنه إيجابى .. لأنه فى حد ذاته إيجابى فعلا ؛ إلا أننا نشير إلى أن الإطار الذى يضم أفكار الفاو وإجراءاتها يُديم ويؤبد هذه الحالة بعيدا عن التخلص التام منها بمعنى أن تحسين حياة الفلاحين وتحقيق الأمن الغذائى والسعى للقضاء على الفقر هى نمط حياة لن يسفر – فى أفضل الأحوال – إلا عن تحسنات محدودة تؤكدها ديمومة هذه الحالة – تحت إشراف الفاو- لعشرات السنين وبل – والحق يقال – تدهورت أحوال الفلاحين عما كانت عليه قبل عشر أو عشرين سنة والسبب يرجع إلى أن شعار تحسين الحياة الذى ترفعه الفاو ليس إلا هدفا فى حد ذاته وليس وسيلة لتحسين شروط المقاومة وانتزاع الحقوق .. باختصار هذا هو الفارق .

خاتمة :

وبينما نرى منظمة الفاو تعلن عن سياسة محددة وتمارس شيئا مختلفا ويتضح ذلك جليا من خلال التناقض الصارخ بين ما أعلنته فى مايو 2012 فى كتيبها عن حوكمة الحيازة وبين ما يجرى على الأرض فى مجتمعات كثيرة ( فى جنوب العالم ) وهى على علم به أو على أقل تقدير على علم بالأحداث الكبرى والسياسات الأساسية التى تطبق أو يتم تنفيذها .. من واقع ما تضمنته تعليقاتنا على الأبواب الخمسة لحوكمة الحيازة [ ذلك الصك العالمى الذى تم إعداده خلال عامين من العمل المتواصل ] .
إلا أن هناك من الآراء ما يرى أن دعوة الفاو لمنظمات المجتمع المدنى فى المنطقة والعالم وما تصرح به “بأنها تغيرت بل وتتغير ” لا يمكن أن يكون إلا انعكاسا لتغيرات دولية أو لتحديات حقيقية جدت على الساحة العالمية وعلى الأخص ما نشر بشأن قيام كل من الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا بتأسيس بنك جديد (بريكس BRICS) تحت إسم بنك التنمية Development Bank) ) برأسمال مبدئى قدره 50 مليار دولار كبديل لصندوق النقد الدولى ؛ وذلك للتغلب على مشكلات السيولة المرتبطة بتدفقات التمويل الدولى فضلا عن صندوق احتياطى الطوارئ (Emergency Reserve Fund) برأسمال قدره مائة مليار دولار وذلك لمواجهة التطورات السلبية فى النظام المالى العالمى ؛ خصوصا وأن الاجتماع الأخير له (BRICS) عقد فى مدينة فورتاليزا البرازيلية فى 19 يوليو 2014 . هذا ونص البيان الصادر عنه على عدد من الإجراءات العملية بشأن تشكيل هيئاته المختلفة ، وعلى أن المشاورات بين دول البنك الخمسة التى جرت طيلة السنوات الأخيرة كانت بسبب تنامى استيائها من الهيكل الإدارى لكل من البنك الدولى وصندوق النقد ومن رفض تعديل هيكل البنك الدولى استنادا إلى طلب كل من روسيا والصين.
عموما أيا كان السبب وراء ما أثاره ممثلو الفاو فى منتدى الأرض الدولى الخامس بتونس فى الفترة من 5-7 ديسمبر 2014 عن تغيرات داخل المنظمة وعن رغبة فى العمل المشترك مع منظمات المجتمع المدنى العربية لا يمكن التكهن به استنادا إلى التصريحات الإعلامية قدر ما تظهره الممارسة ويؤكده التشابه – وليس التطابق – بين ما تعلنه الفاو وما تطبقه على الأرض.

الجمعة 26 ديسمبر 2014 بشير صقر
لجنة التضامن الفلاحى – مصر

عن منظمة الفاو والبنك الدولى ومنتدى الأرض بتونس .. الحلقة الثانية

فى اليوم الثانى للمنتدى وبعد أن عرضت ُ كلمة لجنة التضامن الفلاحى – مصر التى سبق نشرها على الموقع ، تحدث إلينا باللغة العربية السيد / كيان جاف الممثل الإقليمى لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ( فاو ) فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقية ؛ وكان يحضر الجلسة ممثلة الفاو فى روما وأحد أعضاء المنظمات الشعبية الإيطالية ومسئولى شبكة الأرض والسكن الدولية فى إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقية وعدد من الضيوف التوانسة فضلا عن أعضاء المنتدى . وتناول حديثه أوضاع منظمة الفاو وتوجهاتها القديمة والجديدة .. وطرق عملها .. ومشروعاتها .. ومؤتمرها الإقليمى القادم .. قال كلاما كثيرا كان مفاده ما يلى:
1-أنه المسئول عن أوضاع الزراعة والغذاء فى المنظمة من إيران إلى موريتانيا.
2-وأن توجهات المنظمة الاستراتيجية تتضمن المياه ، وصغار الفلاحين، والأمن الغذائى.
3-وأن هناك اتفاقيات معقودة بين الفاو والبنك الدولى عن مشاريع مستقلة فى مجالات الزراعة والغابات والثروة السمكية.
4-وأن هناك 3 شبكات للفاو فى المنطقة منها شبكة للمشرق وأخرى للمغرب وثالثة لدول الخليج + اليمن.
5-وطالب الحضور بـ ” فهمكم .. لكيف نفكر “.. وبالتالى كيف نفكر معا .
6-وأضاف بأن الفاو تغيرت عن ذى قبل ، وطالب بتجهيز برنامج زمنى بين الفاو وبين المجتعات العربية .. مبديا اهتمامه بأهمية دور المجتمع المدنى فى ذلك البرنامج.
7-وأكد على أهمية المعلومات ( Data Base ) عن المجتمع المدنى فى البلاد العربية فى عملية التنسيق بين الفاو والمنظمات المحلية وعن ضرورة وجود برنامج زمنى لذلك حيث أن ميزانية المنظمة فى الإقليم تتوفر كل سنتين.
8-وأن المطلوب من ممثلى المجتمع المدنى فى المنطقة هو ” تأدية دورهم ، وأن يكون صوتهم مسموعا ، وأن يكونوا واقعيين فى المؤتمرات الإقليمية .. القادمة فى ( فبراير 2016 ) ”
9-وذكر أن المملكة السعودية قدمت 500 مليون دولار بناء على طلب الأمم المتحدة لحل مشكلة النازحين السوريين لم تستهلك منهم الفاو سوى 15 مليون بسبب ضيق الوقت ، وأفاد بأن الفاو وزعت على النازحين السوريين فى كردستان بذورا لزراعاتهم تكفى موسمين ، وشارك المجتمع المدنى فى ذلك.
10-كما ذكر أنه يمكن تخصيص يوم فى المنتدى الاجتماعى القادم ( 2015 ) بتونس للحوار فى هذا الشأن ” نعرف فيه تصوراتكم وأهدافكم وتحفظاتكم ، ونعرف منها الأولويات المطلوبة “.
11-وذكر كذلك أنهم سوف يسألون السوق الأوربية المشتركة عن رأيهم فى تدخل المجتمع المدنى فيها ، وأن لبنان هو أول الدول العربية التى كان لها مع الفاو ) (C.P.Fأى إطارا للمشاركة الوطنية بينما هناك 3 دول لم تشارك بعد على الإطلاق هى الكويت ، وقطر ، والسعودية ).
• من ناحية أخرى ذكر السيد ماورو( عضو إحدى المنظمات الشعبية الإيطالية) :
يجب علينا أن نتخذ قرارا الآن لتحديد الأولويات التى ندافع عنها فى روما من خلال فريق العمل. فهناك مسئولون يتحدثون عن المجتمع المدنى وخططه ، وفى هذا الاجتماع المفترض أن يسبق اجتماع فبراير 2016 بأسبوع سيكون هناك حضور من أوربا ويجب أن نركز على خلق ” منبر عالمى للشرق الأوسط وشمال إفريقية ” .
• وانتهى الحوار بعبارة ممثل الفاو الإقليمى [ تعالوا إلى لقاء القاهرة ؛ وشوفوا الوثيقة الجاهزة ، وقولوا رأيكم ]
• وكان الحضور قد انقسموا إلى قسمين أحدهما يناقش موضوع الفاو والآخر يناقش موضوع البنك الدولى .
• وشارك فى الأول الممثل الإقليمى للفاو ، وممثلة المنظمة فى روما ، والسيد / ماورو ، بالإضافة لممثلين عن فلسطين والجزائر وشعب الصحراء الغربية ومصر وممثلة عن شبكة الأرض والسكن.
• وشارك فى الثانى ممثل عن فلسطين والأردن واليمن ولبنان ومصر واثنين عن شبكة الأرض والسكن .
• وفى الحوار الأول أصر السيد الممثل الإقليمى للفاو على عدم مناقشة الأسس التى يمكن أن يقوم عليها أى عمل بين الفاو وأى من منظمات المجتمع المدنى العربية ؛ رغم أن ممثلة الشبكة الدولية للأرض والسكن ( إميلى ) طرحت فى البداية أهمية الحديث حول الأولويات.
• إلا أن ممثل الفاو فتح باب الحديث فى التفاصيل عن التدريب والخطط والآليات فتحدث ممثل الجزائر عن مجالات التعاون وكيف يمكن للفلاحين استصلاح الأراضى التى تساعدهم على العمل والحياة ، وكذا ممثل شعب الصحراء الغربية الذى استفسر عن امكانية تطوير الزراعة فى المناطق شرق الجدار العازل وذلك ضمن سياق مشروعات الموارد المائية ؛ بينما تساءل ممثل فلسطين عن إمكانية تسكين 20 ألف أسرة غزاوية تعيش فى العراء وتحتاج لمنازل جديدة ، وتساءل عن إمكانية تصريف مياه الأمطار ، ومشروعات مياه الشرب ، وإعادة تأهيل التربة الفلسطينية ( بغزة) التى تلوثت كيماويا بفعل كثافة القنابل التى ألقيت عليها.
• وباستئناف الحوار فاجأنا منسق الشبكة الدولية للأرض والسكن بالقاهرة بقنبلة من العيار الثقيل حين قال : [ أننا فوجئنا بعدم وجود معايير قانونية لدى البنك الدولى .]
• علاوة على ما ذكره آخرون عن أن الدعم الموجه لعدد من بلدان المنطقة مركز فى الخدمات الاجتماعية أى ليس تنمية اقتصادية حقيقية تعود فائدتها على الفقراء ؛ وهو ما يعود بنا لمنطق الإحسان والزكاة الذى كان سائدا فى القرون الوسطى.
• كذلك كان رفض ممثل الفاو الإقليمى الدخول فى حوار حول – ما طرحتُه على المجموعة – بشأن تحديد الأسس والمعايير الخاصة بالتعامل بين الفاو والمجتمع المدنى هو ما يدفعنا للقول أن [ القصة كلها تدور حول إدماج أنشطة المجتمع المدنى أو أية أنشطة شعبية أخرى مستقلة مع عمل هذه المنظمات الدولية ويضعها تحت الميكروسكوب.]
• فضلا عما تم الحديث بشأنه عن ” الشراكة العامة والخاصة والشعبية ” ذلك الحديث الذى لا يضع حدودا أو تخوما أو نسبا لتلك الشراكة لأن النسب هى التى تحدد من الذى يقود فى هذه الشراكة..؟ هل المنظمات الدولية أم المحلية الخاصة أم الشعبية أم العامة ..؟
• وقد اتضح من خلال ما قاله الممثل الإقليمى للفاو ومن رفضه الحديث عن تحديد الأسس والمعايير التى تحكم عمل الفاو مع المجتمع المدنى فى المجتمعات العربية ومن حديثه المتكرر عن الـ ” Data Base “وضرورتها أنهم يودون دمج الأنشطة المستقلة لبعض منظمات المجتمع المدنى فى نشاط الفاو .. ليس إلا .وأن ما قاله جوزيف شكلا عن مفاجأته [ان مؤسسة عملاقة كالبنك الدولى لا تملك معايير قانونية ] .. يؤكد أن هذه المنظمات الأخطبوطية .. لا تريد التقيد بقيود تعوق حركتها ؛ وتتيح للأطراف المتعاملة معها – من منظمات المجتمع المدنى أو غيرها – أن تطالبها بتطبيق المعايير والأسس التى تحكم علاقتهما معا – على ممارساتها اللاحقة.
• كما أن جملة الدعوم التى توجهها هذه المنظمات الدولية أيا كانت ضخامتها لا تعدو أن تكون كجوائز مسابقات التليفزيون لا تتجاوز الحدود المرسومة لها إلى تنمية اقتصادية حقيقية بل ولا يراد لها أن تعود على الفقراء بالفائدة.
• كذلك فالحديث عن توسيع نطاق الشراكة بين المجتمع المدنى والهيئات الدولية باستخدام تعبيرات الشراكة هى تمييع لمعالم الشراكة ذاتها التى يجب أن تكون واضحة قبل الدخول فيها وحتى تكون إمكانية الحساب على أسسها أيضا واضحة .
• والسؤال الأساسى الذى نطرحه انطلاقا من تصريح الممثل الإقليمى لمنظمة الفاو والذى كرره مرات فى المنتدى [ بأن المنظمة تغيرت] هو :
كيف كانت المنظمة تعمل قبل ذلك فى الإقليم الممتد من إيران وحتى موريتانيا ..؟ وما هى التغيرات التى طرأت على عملها..؟
هل شمل التغيير سياستها أم اقتصر على بعض أساليبها ولماذا ..؟
هل يتصور ممثل الفاو أن تصريحه بأن الفاو تغيرت كاف للتدليل على ذلك أم أنه يجب أن يشمل جملة توجهاتها وسياساتها..؟ وما هو الدليل العملى على ذلك..؟
أيضا .. ما هو الموقف إذا ما اكتشفنا مستقبلا أن السياسة ثابتة وأن التغيرات المدعاة اقتصرت على الأمور الثانوية..؟
• خلاصة القول : غياب المعايير القانونية ؛ ورفض تحديد الأسس والأولويات الحاكمة للعلاقة بين المنظمات الدولية والمجتمع المدنى؛ وتمييع حدود الشراكة المفترضة ونسبها .. كلها تفضى إلى السباحة فى المجهول وإلى نهايات غير سعيدة بدلا من الخطو الحثيث البطئ إلى مستقبل مضمون محدد الملامح مسبقا.

السبت 13 ديسمبر 2014 بشير صقر
لجنة التضامن الفلاحى – مصر

عن منظمة الفاو والبنك الدولى ومنتدى الأرض الخامس بتونس ديسمبر 2014

دعيت لحضور منتدى الأرض الخامس لإقليم الشرق الأوسط / شمال إفريقيا الذى عقد بتونس فى الفترة من 5- 7 ديسمبر 2014 والذى نظمته شبكة الأرض والسكن الدولية ( هابيتات ) تحت عنوان ( صلة قضايا الأرض والسكن بالفعاليات الدولية ).
ولما استفسرت عن المقصود بالفعاليات الدولية عرفت أنها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة FAO)) والبنك الدولى.
ولأن الكثيرين فى المجال الفلاحى المصرى يعلمون جيدا دور منظمة الـ ( Fao ) والبنك الدولى فى فرض وإقرار وتنفيذ سياسة ( تحرير الزراعة المصرية ) التى تتخذ أحيانا أسماء أخرى مثل ( سياسة التثبيت وإعادة الهيكلة ) والتى تسببت فى التدهور البالغ الذى أصاب الزراعة المصرية منذ عقود ، ولأن كلاهما ( الفاو والبنك ) معروف بتبنيه لأفكار وتقديرات مناوئة لمصالح الفلاحين الفقراء والصغار وبانحيازه لسياسات الدولة وإجراءاتها فيما يتصل بمحاصرة وخنق نمط الإنتاج الفلاحى الصغير الذى يشغل 75 % من الأرض الزراعية فى مصر و 85 % من الفلاحين ، ومناصرتهما لنمط الزراعة الكثيفة والمزارع الواسعة الذى يتبناه كبار الزراع والملاك والمستثمرين .. فقد تراجعت عن المشاركة فى المنتدى لكننى قلت ولماذا أرفض طالما لن يجبرنى أحد على ” التعاون ” معهما وما دام الأمر لن يتجاوز حدود المناقشة والتعرف على كيف تفكر مثل تلك المنظمات الدولية العملاقة .. وأستمع لإجابات عما أطرحه من أسئلة وآراء وانتقادات تتعلق بسياساتهما وممارساتهما فى المجال الزراعى..؟
وبالفعل أعددت نفسى لتلك المهمة وحررت كلمة [ لجنة التضامن الفلاحى – مصر ] تتاول الملاحظات الأولية عليهما وأبرزها المشاركة فى فرض وإقرار وتنفيذ سياسة تحرير الزراعة منذ فبراير 1992 وهو العام الذى صدر فيه قانون الإيجارات الجديد ( 96 / 1992 ) الذى أغرق فلاحى مصر فى كل أنواع الفوضى والمشكلات التى لا تنتهى ( من ارتفاع جنونى لأسعار الإيجارات الزراعية ، إلى رفع الدعم عن مستلزمات الزراعة والقروض إلى زيادة للضرائب وسجن للمتعثرين من الفلاحين فى تسديد قروض بنوك التسليف والقرى ، إلى رفع لتكلفة الزراعة وخفض لأسعار حاصلاتها ، إلى هجرة للأرض الزراعية وهروب من مهنة الزراعة وتخلص بالبيع من ملكيات الأرض الصغيرة ) وهو ما أضعف قدرة الفلاحين على التنظيم ورغبتهم فيه الذى كان موضوع الكلمة فى المنتدى .
هذا وأرفقت بالكلمة الرئيسية المترجمة للإنجليزية موضوعين آخرين ( مترجمين ) وثيقى الصلة بالتنظيم الفلاحى هما ( لماذا ننحاز لفقراء وصغار الفلاحين .. ولماذا نقابة لهم ..؟ ) ، ( التنظيمات الفلاحية فى زمن الثورة بين تجاوزات التأسيس وأوهام الحصاد ).
هذا وقد حضر المنتدى ممثلون عن فلسطين والجزائر وتونس واليمن ولبنان وشعب الصحراء الغربية ومصر علاوة على ممثلى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة .. (فاو) فى الإقليم وفى روما .
وفى بداية اليوم الثانى عرضتُ كلمة ( لجنة التضامن الفلاحى – مصر) التى أشارت إلى عديد من المآخذ على سياسات الفاو والبنك الدولى وتساءلت : ألا تعرف المنظمتان شيئا عما يدور فى مصر جراء تلك السياسة .. وما هو رأيهما..؟
كذلك قدم الزميلان باهر شوقى وربيع وهبة من مصر ورقتين عن ( البنك الدولى وقضايا الحيازة والأرض) , ( الميزانية العامة وقضايا الأرض ) على الترتيب فى اليوم الأول.
كذلك حصلنا على كتيب من الفاو يتضمن وجهة نظرها فى قضايا الآرض بعنوان ( الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسئولة لحيازة الأرض ومصايد الأسماك والغابات فى سياق الأمن الغذائى الوطنى) .
وفيما يلى نعرض كلمة لجنة التضامن الفلاحى – مصر فى المنتدى ، يتلوها فى حلقة أخرى ما دار من نقاشات بشأن منظمة الأغذية والزراعة ( FAO ) والبنك الدولى وننتهى فى حلقة ثالثة بموجز لكتيب الفاو وملاحظاتنا عليه :

نص الكلمة :

منتدى الأرض الخامس لإقليم الشرق الأوسط / شمال إفريقية..
تونس 5 – 7 نوفمبر 2014
كلمة لجنة التضامن الفلاحى – مصر
تدهور الزراعة المصرية وتجاهل تنظيم الفلاحين
والصلة بسياسات البنك الدولى .. وتوجهات منظمة الفاو
بداية نود الإشارة إلى أن تقدم الزراعة فى أى مجتمع لا يقتصر على وضع البذور فى الأرض ورعايتها حتى تنضج ويتم حصادها.لأن دور الفلاحين بل ومستقبلهم لا يتوقف عند وظيفتهم المهنية بل يتخطاها لأدوار أخرى أهمها تحولهم إلى قوة اجتماعية متماسكة غير مبعثرة تشارك فى وضع السياسة الزراعية و تستطيع التأثير فى القرار السياسى الوطنى من خلال نقابات مستقلة قوية تمثل القوة المحركة للزراعة المتطورة فضلا عن انخراطهم فى تعاونيات حقيقية غير حكومية . باختصار يجب أن يلعبوا دورهم فى المجتمع كقوة حية ذات وزن وتأثير.
ونظرا لأن الفلاحين هم الفئة الوحيدة فى المجتمع المصرى المحرومة قانونا من تشكيل نقاباتها المستقلة ، وبسبب التدخلات الحكومية المستمرة فى تأسيس وتشكيل وعمل التعاونيات الإنتاجية ظلت الأخيرة مطبوعة بطابع التبعية وانعدام الاستقلال ؛ واستمر ذلك التدخل قائما لدرجة الإصرار على تفريغ التعاونيات من الأغلبية الساحقة (75 %) من أعضائها (فقراء وصغار الفلاحين ) بإجراءات غير ديمقراطية ،ولذا صار هؤلاء فئة مغلوبة على أمرها.. عزلاء لا تملك سلاحا للدفاع عن عملها وحياتها.
لقد فرضت الدولة سياسات وسنت ونفذت العديد من القوانين والقرارات الوزارية والإجراءات المعادية لهم على رأسها ( سياسات تحرير الزراعة وإعادة هيكلتها ) كانت جزءا من سياسة الانفتاح الاقتصادى التى وجهت الاقتصاد والسياسة المصرية فى عهد السادات بدءا من عام 1974 وحتى الآن.. ومنها :
1- صدور قانون رفع الحراسة عن أراضى الإقطاعيين السابقين.
2- وطرد أعداد هائلة من الفلاحين من كل أنواع الأراضى بقانون الإيجارات الجديد 96 / 1992 الذى رفع أسعار الإيجارات الزراعية.
3- وإنشاء محاكم استثنائية ( محاكم القيم ) لطرد بقية الفلاحين من الأرض.
4- واعتبار الأغلبية الساحقة منهم ( ملاك 3 أفدنة فأقل ) غير فلاحين تمهيدا لطردهم من عضوية التعاونيات وحرمانهم من خدماتها .. وهو ما ينزع عنهم هويتهم الاجتماعية.
5- وإلغاء قوانين كانت لصالح الزراعة وصغار الفلاحين أو تعديلها لغير صالحهم مثل ( الدورة الزراعية والإصلاح الزراعى والتعاون والائتمان والإرشاد والتسويق )
6- ورفع الدعم عن كل مستلزمات الإنتاج الزراعى والوقود وأسعار فوائد القروض؛ وزيادة الضرائب.
7- وترك أسعار كل المحاصيل فريسة لقوى السوق.
وهو ما رفع تكلفة الزراعة وخفّض عائد الإنتاج فهجر المستأجرون وغيرهم الأرض وباع الكثيرون أراضيهم وهو ما يعنى تدمير نمط الإنتاج الفلاحى الصغير- الذى يشكل 85 % من مساحة الأرض ، 75% من الفلاحين- لصالح الزراعة الكثيفة والمزارع الواسعة وكبار الزراع والملاك والمستثمرين.
لقد أشرف البنك الدولى على إرساء تلك السياسة ( تحريرالزراعة وإعادة هيكلتها ) وذلك فى المؤتمر الدولى الخاص بـ ” استراتيجية الزراعة المصرية فى التسعينات ” الذى عقد فى 16 – 18 فبراير 1992 بالمركز الدولى للزراعة بالقاهرة بالمشاركة مع كل من صندوق النقد ومنظمة الفاو ومنظمة التجارة العالمية ، ووكالة التنمية الدولية الأمريكية ، والسوق الأوربية المشتركة ، والبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة ، ومؤسسة فورد ، ومجلس القمح الأمريكى ، والوكالة الكندية للتنمية الدولية ، ومشروع ” سيمارب ” الكندى ، وبرنامج المعونة الألمانى وكثير من الهيئات السياسية والزراعية المصرية وأسفر عن عدة قرارات منها :
• تخلى الدولة تماما عن دورها التنفيذى فى الإنتاج الزراعى واقتصاره على التخطيط .
• وتخليها عن توفير مستلزمات الإنتاج وتوزيعها وتسعيرها ودعمها.
• وإطلاق حرية القطاع الخاص فى تجارة مستلزمات الإنتاج .
• وإلغاء الدعم بكل أنواعه حتى عن القروض الزراعية .
• وترك تداول الحاصلات الزراعية لقوى السوق .
باختصار أصبح فقراء وصغار الفلاحين فريسة للاحتكار و التجار وقوى السوق مما أسفر عن ارتفاع مذهل فى تكلفة الزراعة لم يرافقه ارتفاع مناسب فى أسعار المحاصيل والمنتجات الزراعية مما دفع قطاعات واسعة منهم لهجرة الزراعة و أجبر كثيرا من صغار الملاك على بيع أراضيهم ؛ علاوة على تدهور الإنتاج والإنتاجية واتساع فجوة الغذاء .. خصوصا بعد طرد فلاحى الإصلاح الزراعى والأوقاف والمستأجرين من الأرض. ومن لم يغادر منهم القرية صار ضيفا على السجون بسبب تعثره فى سداد مديونيته لبنوك القرى التى تضاعفت فوائدها 4 أمثال ما كانت عليه قبل ذلك.
علاوة على انتشار فوضى الزراعة واستخدام مياة الرى فى المنتجعات وملاعب الجولف وحمامات السباحة للأغنياء مقابل رى الفلاحين لأراضيهم بمياة الصرف الصحى مما أفضى لانتشار مرض الفشل الكلوى ، علاوة على استخدام المبيدات المحرمة دوليا التى لوثت الأرض والمحاصيل بالكيماويات المسرطنة ؛ فانتشر مرض الالتهاب الكبدى والسرطان حيث لا تخلو منها قرية فى مصر.
والجدير بالذكر هو مخالفة وزارة الزراعة لقانون الزراعة فيما يختص بمنح مستلزمات الإنتاج للملاك حتى لو كانوا لا يعملون بالزراعة وحرمان من يزرعون الأرض منها.
هذا وكان تنصل الدولة من تسويق المحاصيل ضربة موجعة للفلاحين فانخفضت أسعار بعضها أو أحجم التجار عن شرائها ؛ ولأنهم لا يستطيعون تصديرها لافتقارهم لنقابة تدعمهم ولأن التعاونيات الحكومية تمتنع عن القيام بتلك المهمة ؛ ظلت المحاصيل فى المخازن عشرين شهرا ، واتضح ذلك بجلاء شديد فى محصول الذرة وكذلك القطن الذى انهارت أسعاره وزراعته و الصناعات المرتبطة به وهو ما ألقى بعشرات الألوف من العمال إلى البطالة .
من ناحية أخرى شرع وزراء الزراعة منذ تنفيذ قانون الإيجارات الجديد ( عام 1997 ) فى تفريغ التعاونيات من الفلاحين الفقراء والصغار رغم عضويتهم فيها وترحيلهم لنقابة عمال الزراعة حتى لا يحصلوا على مستلزمات الزراعة ، وحتى تقتصر التعاونيات على الفلاحين الأغنياء ولتضييق الخناق على نمط الإنتاج الفلاحى الصغير لصالح الزراعة الكثيفة والمزارع الواسعة .
وكان السادات قبلها ( عام 1976) قد ألغى الاتحاد التعاونى المركزى ووزع ممتلكاته ومقاره ؛ وألغى الهيئة العامة للتعاون الزراعى ، وحول بنك التسليف الزراعى التعاونى لبنك تجارى وضاعف أسعار فائدة القروض الزراعية أكثر من مرة ، وغيّر الحد الأقصى للملكية فى قانون الأرض الصحراوية ( المستصلحة ) من 300 فدان للأسرة إلى 3000 فدان ، ووزع الأراضى على كبار الزراع وليس على الصغار منهم .
هكذا كانت السياسة الزراعية المصرية منذ عام 1974 وحتى الآن .. ولا يخفى علينا جميعا أن وزراء الزراعة هم الأعضاء المعتمدون الممثلون لدولهم فى منظمة الفاو ، ولا نعرف على وجه الدقة هل يعملون فى بلادهم بسياسة .. ويعرضون فى اجتماعات المنظمة سياسة أخرى أم أن الفاو على علم كامل وتفصيلى بالانتهاكات التى تمارس ضد الفلاحين المصريين وبكل ما يحدث لهم من كوارث ..؟!
من جانب آخر فالبنك الدولى وصندوق النقد وكثير من الهيئات الدولية المالية والزراعية كان لها دور إشرافى فى فرض وتنفيذ سياسة تحرير الزراعة المصرية التى قضت على جانب هام منها وعلى الغالبية الساحقة من الفلاحين .
خلاصة القول عندما يُستهلَك الفلاحون فى صراع يومى مع الدولة وبنوك الإقراض وتجار القطاع الخاص وكبار الزراع ومشاكل الزراعة والمعيشة لا تتاح لهم فرصة للتفكير أبعد من أنوفهم ، وفلاحون بلا نقابات ولا تعاونيات مستقلة ويجرى حرمانهم من مستلزمات الزراعة ونزع هويتهم .. هم فلاحون على الورق وليس فى الحقول.
وحيث نقرأ كثيرا ودائما أخبار خرق كثير من حكام الدول النامية لمواثيق وعهود حقوق الإنسان فكيف يمكن أن نصدق أن كثيرا من تلك المؤسسات الأخطبوطية غافلة عما يجرى من خرق لها فى الزراعة المصرية فى المجال النقابى والتعاونى..؟
فهل يمكن أن نذكر لهذه الهيئات الدولية .. الفاو والبنك الدولى وصندوق النقد وغيرها اقتراحا إيجابيا واحدا قدموه للفلاحين فى مصر..؟ أو بمعنى أدق هل يمكن أن تكون هناك كارثة تداهم الزراعة والفلاحين المصريين لا تقف خلفها واحدة من تلك الهيئات ..؟! .. أشك كثيرا.

ديسمبر 2014 بشير صقر

لجنة التضامن الفلاحى – مصر

رسالة إلى الفقراء فى مصر ..حتى لا تسقط التمنيات فى الأوهام

مقدمة :

كان المجتع المصرى قبل قيام حركة الجيش فى يولية 1952 يعانى من عدد من المعضلات والقضايا الشائكة المتنوعة ( سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ) منها:

1- وجود الاحتلال البريطانى فى منطقة قناة السويس .
2- وشمول التخلف و الفقر والجهل الأغلبية الساحقة من المصريين .
3- وسيطرة كبار ملاك الأرض الزراعية ( الإقطاعيين ) وكبار أصحاب الشركات ورجال الأعمال على جهاز الدولة.

وهو ما يعنى تضافر هذا الثالوث فى توجيه مصادر الثروة والدخل القومى بعيدا عن تطوير المجتمع ومصالح أغلبية الشعب.
فوجود الاحتلال يعنى نهبا لجانب من الثروات والدخل كما يعنى تدخلا فى الحياة السياسية وانتقاصا من استقلالية القرار السياسى .. ووصاية على المصريين فى غير محلها.

وشمول التخلف يعنى تفسخ المجتمع فى عصر تقفز فيه كثير من المجتمعات للأمام ويعنى خضوعا للخرافة وللمحتل والحاكم والإقطاعى و للمتنفذين فى جهاز الدولة كما يعنى الحرمان من كثير من الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بل والثقافية التى تتمتع بها الشعوب فى دول أخرى.

وحيازة الإقطاعيين لـ 90 % من الأرض الزراعية يعنى بقاء ملايين الفلاحين – الذين يعمل الكثير منهم فيها بالسخرة – أسرى للفقر والمرض والجهل وتأبيد التخلف ، ويعنى تبديد عائد الأرض فى الترف واقتناء التحف وتشييد القصور بعيدا عن تطوير المجتمع ونشر التعليم والاعتناء بالصحة العامة وإنهاض الصناعة وتشكيل جيش قوى يحمى البلاد واستنهاض الثقافة وبعث التنوير والتخلص من المحتل ومعاونيه.

وبقيام حركة الجيش فى 23 يوليو 1952 جرى الآتى:

1- إعادة توزيع الثروة فى مجال الأرض الزراعية بقانون الإصلاح الزراعى فى 9/9/1952 .
2- تمصير الشركات الأجنبية .. باستيلاء الدولة عليها فى 1953 .
3- حل الأحزاب السياسية باستثناء جماعة الإخوان المسلمين ووقف الأنشطة السياسية منذ عام 1953 وعزل عديد من القوى السياسية خصوصا المعادية للإجراءات الجديدة.
4- إبرام اتفاقية الجلاء مع المحتل وإجلاء قوات الاحتلال عن مصر 1954.
5- إعادة تسليح ومن ثم بناء القوات المسلحة بصفقة السلاح التشيكوسلوفاكية عام 1955.
6- الشروع فى استعادة بعض مصادر الثروة للدولة بتأميم قناة السويس فى 1956.
7- مقاومة المحاولات الغربية الاستعمارية لاستعادة السيطرة على مصر ، والدفاع عن استقلالية القرار السياسى المصرى ( بمواجهة العدوان الثلاثى على مصر ) عام 1956 .
8- بدء تشكيل نواة للصناعة الوطنية (بتأسيس المؤسسة المصرية العامة للإنتاج القومى) عام 1957 التى صارت نواة القطاع العام الصناعى ، ودعمها تدريجيا ببعض الصناعات كالحديد والصلب و الألومنيوم .
9- محاولات لتقليل التفاوت الطبقى وفى الدخول والمرتبات فى المجال العمالى بتحديد حد أدنى للأجور.
10-شروع فى حماية المستهلك من فوضى الأسعار ( بتطبيق التسعيرة الجبرية على كثير السلع الضرورية).
11-نشر التعليم وإنهاضه والتوسع في إنشاء المدارس والجامعات ومراكز البحوث والبعثات للجامعات الأجنبية وتطوير المواد التعليمية ودعم الثقافة والفنون ( مجانية التعليم حتى الجامعى)…
12-التوسع فى الإجراءات الصحية والعلاج وتأسيس شركات الأدوية . ( مجانية العلاج)
13- دعم المنتجين المباشرين ( الزراعة والصناعة ) بتوفير وسائل الإنتاج الإنتاج الزراعى و الصناعى؛ ومنع طرد المستأجرين للأرض الزراعية والتوسع فى استصلاح الأراضى القابلة للزراعة ( مديرية التحرير)، ومنع فصل العمال من شركاتهم وأعمالهم .
14- التوسع فى الإسكان الشعبى ودعمه ومنع طرد المستأجرين من مساكنهم طالما يدفعون إيجارها.
15- توفير فرص العمل للخريجين ( فى الشركات والمصانع ودواوين الحكومة) ومنع فصلهم.
16- زيادة مصادر الدخل القومى بتأسيس صناعات جديدة .. والتوسع فى النشاط السياحى.

وبعد حرب 1967 ووفاة عبد الناصر ، وفى عهد السادات (1971 – 1981) تمت الاستدارة تماما لهذا المسار فى السياسة والاقتصاد والحقوق الاجتماعية كالتعليم والثقافة والصحة والإسكان ..إلخ ، والقضاء على معظم هذه الإنجازات والمكاسب ، وتم إطلاق يد جماعات الإسلام السياسى فى النشاط والعمل والتضييق على بقية القوى السياسية فاستشرى الاستبداد والفساد ؛ وأعيد توزيع الثروة تدريجيا فى عكس الاتجاه السابق ، وكذلك ربط مصر بسياسة الولايات المتحدة وإسرائيل بعد حرب 1973 وعقد اتفاقية السلام مع إسرائيل وإخلاء سيناء تقريبا من القوات العسكرية والأسلحة الثقيلة والطيران ، ثم تطور الأمر بمشاركة مصر فى الحروب ضد بعض الدول العربية.

هذا وتعمق هذا الاتجاه فى عهد مبارك (1981 – 2011) فتدهور التعليم والصحة واستفحل الفقر وانتشرت وعمت البلطجة وزادت البطالة وهجر الفلاحون أراضيهم أو طردوا منها ، وغادر العمال مصانعهم بالمعاش المبكر وبيعت الشركات الصناعية بأسعار رمزية وزادت العنوسة وتوقفت عمليات استصلاح الأراضى وتأسيس الصناعات الجديدة والبحث العلمى وبناء مساكن الفقراء ، ولقى الشباب الباحث عن عمل حتفه فى مياه البحر الأحمر والأبيض وفى أقسام الشرطة وعم اليأس والأمراض النفسية والعضوية كالكبد والكلى والسرطان ، وفقد الكثيرون ولاءهم للوطن .. وهكذا حتى هب الشعب فى 25 يناير مطالبا بتغيير النظام الحاكم لكنه لم يجد سوى تغيير شخص الرئيس ومعاونيه .. وخلال ستة عشر شهرا من تولى المؤسسة العسكرية زمام الحكم زادت الأوضاع سوءا أكملها و فاقمها استيلاء تيار الإسلام السياسى على الحكم فى يونيو 2012 فضج الشعب فى كل أركان المجتمع ، وتبدد الجزء الأعظم من الدخل القومى ومن احتياطى الخزانة العامة من العملات الأجنبية .. فهبط سعر الجنيه إلى مستوى غير مسبوق وتدهورت الأوضاع الأمنية فلم ينتظر الشعب أكثر من عام وهب مرة أخرى مسقطا حكم الإخوان.

وإزاء الحالة الراهنة التى يبحث فيها الشعب عن مَخْرج تعددت الاجتهادات فى صفوفه وتنوعت ووضعت آمالها فى رئيس قادم ينتشلها مما تعانيه ، وإسهاما فى ذلك الحوار الدائر فى المجتمع نقدم هذه السطور آملين أن تكون ذات فائدة:

• لأن التفاوت فى توزيع الثروة القومية ما زال شاسعا بين فئات الشعب وأفراده بل ويزداد اتساعا وكذلك الدخول والأجور فلا بد من إعادة توزيع الثروة القومية واتخاذ الإجراءات التى تضيّق وتضبط ذلك التفاوت إلى أقصى درجة ممكنة ؛ علاوة على حتمية إعادة النظر فى مستوى الدخول والأجور ووضع حد أدنى وأقصى لها يشمل جميع المواطنين بلا استثناء .. ويراعى الاحتياجات الضرورية للأغلبية الفقيرة.

• ولأن الاستبداد والفساد والتضييق على الحريات السياسية والاحتجاجات الشعبية السلمية مازال قائما .. ولأنها تلعب دورا حاسما فى خلق هذه التفاوتات الهائلة فى توزيع الثروة والدخول بين فئات الشعب فيجب أن يكون معلوما أن القضاء عليهما وحدهما لن يغير الوضع الراهن .. رغم أنه سيوقف نسبيا استمرار الاتساع إلا أنه لن يلغى التفاوتات المشار إليها.

• ولأن انخفاض قيمة الجنيه المصرى مقارنا بباقى العملات الأجنبية يسوق الفقراء نحو الموت جوعا ويدفع قطاعات واسعة من الطبقة الوسطى و” المستورين ” إلى ما تحت خط الفقر ، ويرفع أسعار السلع الضرورية واحتياجات المعيشة .. فلا محل لرفع المرتبات أو الحد الأدنى لها دون وضع حد أقصى مناسب ودون علاج مسألة انخفاض الجنيه. وحيث أن محاولات تثبيت قيمة الجنيه تستنزف رصيد الدولة من العملة الصعبة ؛ فضلا عن أنه علاج مؤقت فلا مفر من تثبيته بزيادة الإنتاج ، وزيادة فرص العمل للشباب ، وإنشاء المشروعات الإنتاجية ( زراعية وصناعية و استخراجية ) ، ولذا فإن انعدام فرص العمل والبطالة المتفشية وندرة تأسيس المشروعات تسهم – أردنا أو لم نرد – فى انخفاض قيمة الجنيه وإضعاف قوته الشرائية ؛ وهو ما ينعكس أثره على مستوى المعيشة.

• وإذا كانت التوسع فى تأسيس الشركات والمصانع يحتاج إلى رءوس أموال يرى البعض اقتراضها من الخارج ، ولأن ذلك الاقتراض محفوف بالمخاطر .. فسنجد أنفسنا أمام هذا السؤال :كيف نحصل من خلال إنتاجنا القومى على فائض لتأسيس تلك المصانع وتوفير فرص عمل متزايدة ؟ إن البطالة تغطى المجتمع بكامله و الدولة اكتفت بالحديث عنهما دون إجراءات عملية ودون أن تفكر فى استئناف تشغيل المصانع المغلقة عمدا ومع سبق الإصرار وهو ما يضع المجتمع فى مأزق يصعب الخروج منه ما لم تتوفر الشروط لإدارة عجلة الإنتاج.

• إن الأوضاع الراهنة لامتلاك الثروة لا يمكن إلا أن تفرز إما حاكما مستبدا- إذا ما بقى الحال على ما هو عليه – أو حاكما يسير على هوى من يمتلكون هذه الثروة أو الجزء الأعظم منها ؛ والنتيجة فى الحالتين واحدة. إذن فلا بد من تغيير الأساس الذى ينتج الاستبداد والفساد .. وهو التفاوت الشديد فى امتلاك الثروة ، وفى دخول الأفراد.

• ولا يمكن أن ينتج كل ما سبق آثاره الفعالة دون إجراءات تقشفية من الجهة الأخرى بضغط المصروفات العامة الخاصة بأجهزة الدولة وخصوصا ما يتصل منها بالاحتفالات وكثير من الإنفاقات الإدارية التى يمكن التوفير فيها إلى أقصى مستوى ممكن.

• ولأن المجتمع المصرى مقبل على انتخابات رئاسية وشيكة .. كان طبيعيا أن يتداول الشعب وجهات النظر المختلفة حول الشروط التى يجب توافرها لتجنب الاستبداد ودرء الفساد وآثارهما المتوقعة.

فى البداية نود التأكيد على أن الشروع فى إعادة توزيع الثروة القومية ومن ثم علاج التفاوت الشاسع فى الدخول لابد لهما من ثلاثة قرارات رئيسية تواكبها ثلاثة قرارات أخرى تمثل مدخلا ضروريا لتفكيك الأزمة الراهنة وليس القضاء عليها .. وتلك القرارات كفيلة بإشعار غالبية الشعب بجدية العمل للشروع فى الاستجابة لمطالب الثورة وعلى العزم على اختيار الطريق الوحيد الصحيح لعلاج جذور جملة الأزمات التى بُلىَ بها الشعب خلال العقود الأخيرة ، وعلى وجه الخصوص الأوضاع المعيشية للفقراء أكثر المصريين حاجة لها وأشدهم دعما وتأييدا لمن يشرع فى تحقيقها .. وتتلخص تلك القرارات فى:
1- قرار للعمال :

عودة كل من يرغب من العمال الذين غادروا شركاتهم بالمعاش المبكر إليها شرط إعادة ما تقاضوه من مقابل ، واستعادة الشركات والمصانع التى بيعت وتشغيلها والبدء بما صدرت بشأنها أحكام قضائية ، مع إعادة النظر فى الأجور على ضوء دراسة علمية توضح احتياجات الفرد المعيشية وتساهم فى تحديد حد أقصى وأدنى لها مع استخدام المتوفر من إجمالى أجور الحد الأقصى لرفع المرتبات الدنيا .. وسد النقص بشأنها مما يتم تحصيله من الضرائب التصاعدية.
2- قرار للفلاحين :

-إعادة أراضى الإصلاح الزراعى بنوعيها ( حراسة ، استيلاء) التى اغتصبت من الفلاحين بحيل قانونية أو بالعنف والتهديد ، وكذا أراضى الأوقاف التى خضعت للقانونين 152 لسنة 1957 ، 44 / 1962( الأوقاف العامة والأهلية ) – إعادتها إلى الذين انتفعوا بها فى وقت سابق استنادا لاستمارات البحث الاجتماعى التى حررتها هيئة الإصلاح الزراعى.. فى أعقاب صدور القانون.

-وتوفير مستلزمات الزراعة ( أسمدة ، تقاوى ، مبيدات ، أعلاف ، آلات زراعية ، أمصال و لقاحات بيطرية ) بأسعار لا تتجاوز 125 % من تكلفتها.
-وخفض سعر فوائد القروض الزراعية إلى 8 % وإلغاء الديون الزراعية للفلاحين المتعثرين لمن لا يزيد أصل مديونيتهم عن 5000 جنيه ، وكذا خفض ضرائب الأطيان إلى 50 %.
-ورفع أسعار الحاصلات الزراعية إلى مستوى يتوسط سعرها المحلى والعالمى.

3- قرار للمهنيين و الحرفيين وأرباب المعاشات وعمال القطاع الخاص والتعاونى:

على ضوء دراسة علمية باحتياجات المعيشة الفعلية وكذا الحد الأدنى والأقصى للأجور يتم رفع المرتبات الدنيا بالفائض من إجمالى المتوفر من الحد الأقصى ، وسد النقص فيها مما يتم تحصيله من تطبيق القرار التالى.
4- قرار بضرائب تصاعدية على جميع الملاك ورجال الأعمال ومن فى مرتبتهم:
5-
يتناسب مع قرار تحديد الحد الأقصى للأجور .. وتستخدم حصيلته فى سد العجز فى المرتبات الدنيا للفئات السابقة ، وما يتوفر منها يستخدم فى إنهاض الصناعة.

6- قرار خاص بالأسعار ، والتأمين الصحى ، والدروس الخصوصية:

– باستثناء السلع المدعومة يتوخى الجزء الأول من القرار التكلفة الفعلية للسلع الضرورية ، وهامش ربح مناسب ، وتطبيقه وضبطه بلجان شعبية فى كل حى وقرية ، مع استبعاد الزيادات فى أسعار الاستهلاك المنزلى للوقود والكهرباء والغاز ومياة الشرب التى استجدت فى السنوات الثلاث الأخيرة.

– ويتعلق الجزء الثانى من القرار بتطبيقه على الفقراء وأرباب المعاشات ، ورفع كفاءة المستشفيات والأطباء وتوفير الأدوية.

– أما الجزء الثالث – الذى يكلف الشعب ما لا يقل عن خمسة مليارات جنيه يتم إنفاقها سنويا فى الدروس الخصوصية تماما مثل ما يتم تبديد مبلغ مساو على شراء واستخدام التليفونات المحمولة – فتكون الأولوية فيه لانتقاء وإعداد وتأهيل المعلمين ورفع كفاءتهم من ناحية ، مع تجريم عملية التدريس خارج المدرسة من ناحية أخرى.

ولا يخفى علينا أن الأمر يحتاج إلى درجة من التدبير والتوفير والتحمل منا جميعا بل والتخلى عن كل ما هو غير ضرورى لتسيير الحياة حتى يتم الخروج من عنق الزجاجة .. الذى يحاصرنا.

6- قرار خاص بالأمن :
نظرا لأن البلطجة هى الثمرة المباشرة لإفساد التعليم وانعدام فرص العمل معا فإن القضاء عليها يتحقق بإجراءين متلازمين :
أ‌- إجراء إدارى : باحتجاز جميع المسجلين والخارجين على القانون والخطرين والهاربين من أحكام جنائية وفى مقدمتهم من نشطوا فى عهدى مبارك ومرسى وإعادة تأهيلهم وذلك تمهيدا للاستعانة بهم فيما بعد فى أعمال تناسبهم.
ب‌- إجراء سياسى: إصلاح التعليم وتعديل المادة التعليمية الخاصة بالمواطنة ، وبدء حملة تنوير شاملة للمواطنين ، والشروع فى توفير فرص عمل وتأسيس مشروعات ذات عمالة كثيفة.
ت‌-
إن اتخاذ هذه القرارات وإعلانها على الشعب نرجح أن يكون كفيلا بخلق مناخ مغاير لما هو قائم ، وإشاعة حالة نفسية مختلفة عن حالة الإحباط المخيمة على المجتمع ، تساعد الملايين فى الاستجابة لها ودعمها بل والدفاع عنها.

وهذه الحالة على وجه التحديد هى الكفيلة – فيما بعد الشروع فى تنفيذ القرارات – بسحب البساط من تحت أقدام القوى المعادية للثورة خصوصا أعضاء ومناصرى تيار الإسلام السياسى وتساهم فى فرز الداعمين لها عن المعادين وعن الممسكين بالعصا من المنتصف وتنهى حالة الضبابية والريبة الراهنة.

ولا ننسى أن القرارات التى اتخذها مجلس قيادة حركة الضبط الأحرار منذ يوليو 1952 التى اتسمت بمضمون اجتماعى يميل ناحية الفقراء والمعدمين من الفلاحين والعمال و مهمشى المدن هى التى دفعت الشعب للالتفاف حوله وساهمت فى توصيفها بثورة يوليو ؛ وصنعت لعبد الناصر شعبيته .. برغم كل المآخذ على قرارات وإجراءات أخرى صفى بها الحياة السياسية أو تسببت فى منع بروز ( أو خلق وتربية ) قيادات حقيقية مؤمنة بالانحياز للفقراء .. تحميها وتدعمها وتطورها بعد وفاته.

وحيث أن الانفراد بالحكم يمكن أن يتحقق بفرد أو بجناح من النظام أو بمؤسسة من مؤسساته أو بحزب أو جماعة أو بائتلاف من بعض هؤلاء فإنه يصبح من المهم تحديد المحتوى الاجتماعى ومن ثم السياسى لما يتخذ من قرارات ، وفى حالتنا هذه تساهم القرارات التى ذكرناها فى فرز القوى الاجتماعية والسياسية المختلفة فإما أن تخلق حالة من الحوار المجتمعى الذى يمهد الأرض تدريجيا لتبنيها واتخاذ الديمقراطية وسيلة للحكم أو معارضتها ورفضها وهو ما يخلق حالة معاكسة هى الانفراد بالحكم او يظل الحوار والصراع بشأنها ممتدا إلى أن تميل الكفة لواحد من الاتجاهين.

الإثنين 10 مارس 2014

المقال منشور يوم 16 مارس 2014 على الموقع التالى : www.ahewar.org/m.asp?i=1625

طالع الشجرة ..عضو لجنة سياسات مبارك .. يٌكلف بتحقيق مطالب الثورة المصرية رغم صدور حكم قضائى بحرمانه من بعض حقوقه الدستورية

تمهيد :
يا طالع الشجرة // هات لى معاك بقرة
تحلب وتسقينى // بالملعقة الصينى
ومنين حليبها يفيض // لما تبات صايمة ..؟
والجلد كاسى العضم // والعين تبكّينى ..؟
سيبنى و خللينى // أردم على سنينى
من يوم ما جانى الحيض // رحتم .. وجِهْ شينى
واسأَل على السكة // أعتر .. ف ميت نُقْرة
ما تقوللى إيه غرضك ..؟ // يا طالع الشجرة …؟

لا أعرف لماذا تذكرت هذه المقطوعة – من تراثنا الشعبى التى كان ينشدها الأطفال فى زماننا البعيد – عندما تكرر تكليف إبراهيم محلب برئاسة مجلس الوزراء فى أعقاب تنصيب الرئيس الجديد ولم أتذكرها فى المرة الأولى لتكليفه .. ؟

وظل السؤال يلح علىّ حتى اهتديت إلى الصورة التالية فربما تكون تفسيرا .. :

لا تدرّ البقرة حليبها قبل تهيئتها لذلك .. بملامسة ضرعها برقة وحنان ؛ بل ولا تقف فى مكانها هادئة مسترخية دون أن تأنس لمن يحلبها وتطمئن له وتشعر من أنامله – مهما كانت خشنة – بذلك الإحساس ؛ وساعتها تجود بحليبها ، أما لو عصته فإنها تتململ وربما ترفسه – إن أصر – وتعلن عن رفضها له.

ولأن إدرار اللبن غريزة أنثوية تعقب الولادة لإرضاع الصغار ؛ فقد أصبحت – فيما بعد – صيغة تربط إناث الحيوانات المجترة بالبشر عند ما استأنس الإنسانُ الحيوانَ فى المراحل الأولى لاستقراره على ضفاف الأنهار حيث الماء والزراعة.

تلك الصيغة هى القبول بحلب الإنسان لها مقابل معاملة حانية رقيقة ودافئة قبيل عملية الحلب.

وإذا كانت تلك طبائع الحيوانات .. فمن المنطقى أن تكون خصال البشر أرقى وأكثر حساسية وتعقلا إزاء من يسوسونهم ويتحكمون فى مصائرهم .. سواء كانت ردود أفعالهم بالاستجابة أو بالرفض أو بالرفس.

تكليف محلب برئاسة الوزارة وإجراءات أخرى مقلقة :

لقد أثار انتباهَ الكثيرين مؤخرا إجراءان غريبان أحدهما مباشر يمس جيوب ملايين المصريين لأنه يتعلق بسلعة مستخدمة بشكل يومى وأشبه بالترمومتر وهى الغاز التى رُفعت أسعارُها بما يقارب الضعف ، والآخر سياسى يدركه المصريون جميعا لأنه يتعلق بثانى شخصية سياسية فى الدولة ( رئيس الوزراء ) ، وكلا الإجراءان حدثا بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعقد عليه ملايين المصريين الأمل فى إنقاذهم من المحن التى داهمتهم فى أعقاب قيامهم بثورتين عظيمتين.

-وللحقيقة لم نجد لأى منهما تفسيرا منطقيا خصوصا مع مطالبة رئيس الجمهورية الجديد للشعب بضرورة مشاركته فى تحمل المسئولية وحمل التركة الثقيلة التى تركتها لنا عهود الفساد والنهب والاستبداد السابقة.

-فالمنطقى – والحال كذلك – أن تكون أولى قرارات الرئيس مؤشرا على الطريق الذى سيسلكه لرفع المعاناة أو تخفيفها عن كاهل الفقراء ، واجتثاث جذور الفساد والاستبداد ؛ لكن الإجراءين أشارا إلى طريق مغاير .. فرفع أسعار الغاز زيادة لأعباء الفقراء ، وإعادة تعيين رئيس الوزراء السابق الذى لا يتمتع بكامل حقوقه السياسية – مثلما يتمتع بها أى مواطن فى أى مدينة أو قرية مصرية – دون الإعلان عن سياسة جديدة يُكلّفُ بها .. هو استئناف للسياسة القديمة فضلا عن كونه مُحبِط لآمال الكثير من المواطنين .

-والجدير بالملاحظة أن كثيرا من المطلعين توقعوا من رئيس الوزراء الجديد القديم ( السيد / محلب) أن يقدم استقالته من منصبه يوم الأربعاء 7 مايو 2014 بسبب إدانته فى حكم قضائى نهائى أصدرته محكمة القاهرة للأمور المستعجلة فى اليوم السابق ضمن إدانة أكثر من سبعمائة عضو بالحزب ” الوطنى الديموقراطى ” المنحل .. فهكذا جرى العرف فى أى بلد متحضر وبين أى أشخاص نالوا قسطا من التعليم يميزهم عن عامة الناس.

-لكن ما جرى فى المحكمة لم يكن له صدى عند من رفعوا لواء شموخ القضاء واستقلاليته .. وطالبوا الدنيا بحمايته من هجمات بدو القرون الوسطى الهمجية فى جمعة الشرعية وسبت الشريعة أواخر عام 2012 .. وحاصروا وقتها مقر المحكمة الدستورية العليا بالمعادى.

-وعلى ما يبدو أن ” قفشة ” أحد الظرفاء فى أعقاب الحكم المشار إليه [ بأن القضاء حر فى إصدار أحكامه ، ونحن أحرار فى سرقة مسودات هذه الأحكام ] قد أكملت شعار احترام أحكام القضاء .

-لقد نقلت المواقع الإلكترونية موجزا عن الحكم المذكور ؛ وتفصيلا بأسماء المدانين فيه ومنهم رئيس الوزراء محلب , ورئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة الحالى؛ فضلا عن مئات من قيادات الحزب ورؤساء لجانه فى البرلمان وأمناء المحافظات وهيئة مكتبه ..إلخ

-وقد تمثلت الحيثيات فى: [ للابتعاد عن أى خطر يُحدق بالبلاد ] ، كما تمثلت الأسباب فى :

1- لعب دور سياسى فى اختيار الحكومات الفاسدة .
2-تمرير القوانين المتناقضة مع الدستور.
3-تعطيل تنفيذ الأحكام القضائية.

وسبب واحد من الأسباب التى ذكرتها حيثيات الحكم كفيل بتنحية أى مدير عام فى أية وزارة عن منصبه ، فما بالنا إذا ما كان وزيرا أو رئيسا للوزراء ، علما بأن عقوبة تعطيل تنفيذ الأحكام القضائية هى الحبس والعزل من المنصب .

والأهم من كل ذلك أن أحد بواعث إصدار الحكم هو تحصين المجتمع من الأخطار ونصه يقول : [ للابتعاد عن أى خطر يحدق بالبلاد ] ؛ ونعتقد أن ورود عبارة كهذه فى صميم الحكم كفيل بدفع من صدرت فى حقه بمغادرة منصبه فورا حتى لو كانت الأسباب الثلاثة الأخرى واهية.

-عموما لا يتصور أى منصف أن يتولى منصب الرجل الثانى فى الدولة – وهو منصب سياسى بالأساس – شخصية لا تحظى بكامل حقوقها السياسية جراء عقوبة أصدرها القضاء فى حقها.

-إن الإصرار على تولية السيد محلب منصب رئيس الوزراء – بعد انتخاب الرئيس الجديد – وخصوصا بعد أن فشل فى آخر وزارات الفترة الانتقالية الثانية وبعد صدور حكم قضائى فى حقه.. يعنى عدم احترام القضاء وأحكامه .. بل ورفض الانصياع لروحها ومضمونها ، كما يعنى الإصرار على إشراك رجال ورموز مرحلة رفضها الشعب وثورتا 25 يناير و 30 يونيو ، ويعنى قبل هذا وذاك مؤشرا على ما ينتظرنا فى قادم الأيام .. وتناقضا مع مقولة [ مشاركة الشعب فى حمل التركة الثقيلة .. وفى مسئولية إعادة البناء ]

فليست هذه المرحلة حقلا للتجارب .. فالشعب يريد الحسم ويرغب فى الشروع فى إعادة البناء ، فإما أن تكون النية معقودة على مغادرة العهود القديمة بأحداثها وسياساتها ورجالاتها وقيمها ؛ وإما أن يتم التصريح بالحقيقة.

خاتمة :

وعودة إلى التمهيد .. يبدو أن السيد محلب لم يسمع عن عملية الحلب اليدوى.. ولا عن عملية الإعداد التى تسبقها وكل فكرته تقتصر على الحلب بالآلات الحديثة.

18 يونيو 2014 بشير صقر

رفع جديد لأسعار الاستهلاك المنزلى للغاز .. يعرقل مشاركة الشعب فى إعادة البناء، عن بناء الثقة بين جموع الفقراء والرئيس الجديد واستعادتها مع النخب السياسية

مقدمة :
اطلعنا على بعض فواتير الاستهلاك المنزلى للغاز عن شهر يونيو 2014 بمحافظة المنوفية التى أصدرتها إحدى شركات الهيئة العامة للبترول ” بتروتريد ” ؛ وهالنا مضاعفة سعرها تقريبا منسوبا لسعر الشهور الخمسة الماضية ، ولما كانت مثل هذه القرارات تسير فى الاتجاه المعاكس لبناء الثقة بين القطاعات الدنيا من الجمهور وبين الرئيس الجديد ، فقد رأينا أن نلفت النظر لمخاطرها خصوصا وقد تحدثنا سابقا عن ضرورة إلغاء الزيادات التى تقررت على الاستهلاك المنزلى فى الثلاث سنوات الأخيرة ( 2011 / 2013 ) فيما يخص الغاز والكهرباء ومياة الشرب والوقود فى سياق الحديث عن مشاركة الشعب للرئيس الجديد فى عملية البناء التى لا مناص منها إذا ما أردنا استعادة الوطن لمواطنيه .
حديث سابق حول بناء الثقة :
هذا وقد نشرنا على الموقع الإلكترونى [الحوار المتمدن] فى السادس عشر من مارس 2014 – العدد 4395 مقالا بعنوان “رسالة إلى الفقراء فى مصر .. حتى لا تسقط التمنيات فى الأوهام ” ضمناه الأفكار التالية :
-لا يمكن لأى رئيس قادم أيا كانت عدالته وعظمته أن يحل معضلات التركة الثقيلة التى ورثناها دون أن يشاركه الشعب فى حملها والتعاون معه فى تفكيكها ثم حلها.
-وأن استئصال الفساد والاستبداد مرهون باجتثاث أسبابهما المتوطنة فى المجتمع من عشرات السنين والمتمثلة فى الفوارق الرهيبة فى الدخول والخلل فى توزيع الثروة القومية.
– ولا يمكن البدء فى ذلك دون مناخ صحى يشعر الشعب فيه برغبة الرئيس القادم فى استئصال الفساد والاستبداد من جذورهما .. وفى اتخاذه إجراءات عملية تشرك الشعب والفقراء خصوصا .. فى تفكيك الحالة الراهنة ومن ثم الشروع فى حل معضلاتها.
-وذكرنا أن ذلك المناخ لكى يتخلّق وينتشر لا بد من اتخاذ عدة قرارات رئيسية أحدها يخص العمال والآخر يخص الفلاحين والثالث يخص المهنيين والحرفيين وأرباب المعاشات .. ويكملها بثلاثة قرارات أخرى أحدها يتعلق بالتعليم والصحة وأسعار السلع والخدمات الأساسية ؛ والآخر يخص الأجور بحديها الأدنى والأقصى وبالضرائب التصاعدية ؛ والثالث يخص الأمن.
– وأهمية القرارات الستة تتلخص فى كون القرارات الثلاثة الأولى منها تطمئن الفقراء وتشدهم إلى العملية السياسية للمساهمة بدور إجرائى فى دعم القرارات الستة واستثمار المناخ الذى تخلقه للعمل على تنفيذها.
– علاوة على عامل ثالث هو الاستغناء عن أي تمويل دولى مشروط وعن مساومات رجال أعمال الثورة المضادة وألاعيبهم ؛ وضرورة الاعتماد على التمويل الشعبى وإدارة عجلة النشاط الاقتصادى المتوقف تقريبا ؛ وهم ما يوقف تدهور الجنيه المصرى .. ويشجع على البدء فى عملية بناء الفرد والمجتمع.
– وتلك الحالة التى يتم الشروع فى تخليقها ستلقى بآثارها المعنوية أولا والمادية بالتالى على الانصراف العملى لكثير من القطاعات الشعبية عن ممثلى الثورة المضادة خصوصا جناحها ” الدينى ” الذى لن يجد له ملاذا سوى شرنقة العزلة ويخسر العديد من أدواته الفكرية والعملية التى سطا بها على عقول البسطاء وأصواتهم فى أوقات سابقة خصوصا فى الريف.
– كما ذكرنا أيضا ضرورة إلغاء الزيادات التى تقررت على أسعار الغاز والكهرباء والوقود و مياه الشرب فى الثلاث سنوات الأخيرة . وهذا الموضوع يتصل بمسألتين الأولى هى حقيقة هذه الزيادات ؛ وكونها تشكل إنهاكا حقيقيا لوضع الفقراء بينما إلغاؤها يمثل ” عربون ثقة ” بينهم وبين الرئيس القادم.
– أما المسألة الأخرى فتتصل بمسئولية المجموعات السياسية التى تبحث عن مدخل يربطها بهؤلاء الفقراء فى المدن والريف معا.. والتى لا يمكن أن ينحصر نشاطها فى الأحاديث السياسية المجردة وفى الأنشطة الإعلامية عن الثورة والفقراء
ماذا تعنى زيادة جديدة لأسعار استهلاك المنازل للغاز..؟
ونعرض فيما يلى قراءة مبسطة لما قررته إحدى شركات الهيئة العامة للبترول ” بتروتريد ” من واقع عدد من إيصالات وفواتير استهلاك الغاز إضافة لقراءة أخرى لفواتير الكهرباء و مياة الشرب .. بمحافظة المنوفية :

أولا :استهلاك أسرة من الغاز فى شهر وتكلفتها فى الفترة من يناير 2010 إلى يونيو 2014 :
استنادا إلى فواتير الهيئة المصرية العامة للبترول ( بتروتريد ) للحالة محل الدراسة [ قطاع 4، يومية 4 ،منطقة 1، محافظة 10 ] الموقعة من رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب السابق المهندس ممدوح الشال الذى حلت محله المهندسة أمل العليمى اعتبارا من شهر مايو 2014 ، باعتبار سنة 2010 هى سنة الأساس .
حيث أنه بقسمة قيمة الفاتورة على حجم الاستهلاك الشهرى خلال شهور السنة يتضح الآتى:
ارتفاع ثمن المتر المكعب من الغاز بمصاريفه الإدارية من 28 قرشا عام 2010 إلى 32,5 قرشا عامى 2011 و 2012 بنسبة 16 % ؛ ثم إلى 34,5 قرشا عام 2013 بنسبة 23 % ؛ ثم قفز إلى 51,6 قرشا اعتبارا من أول يونيو 2014 بنسبة 84 % .. وهو ما يرفع قيمة الاستهلاك من 22 جنيها عام 2010 إلى 55 جنيها عام 2014 .
ثانيا :استهلاك الكهرباء فى نفس الفترة لنفس الأسرة ( يناير 2010 – يونيو 2014 ):
السنة الشهر قيمة الاستهلاك الشهرى بالجنيه
2011 يناير 29،05
فبراير 60،45
مارس 39،25
أكتوبر 63،60
2012 فبراير 81،00
إبريل 29،80
مايو 30,75
يوليو 43،10
أكتوبر 82،55
2013 فبراير 30،30
إبريل 36،05
مايو 30،35
أغسطس 70،45
أكتوبر 75،05
2014 يناير 29،10
فبراير 35،00
إبريل 31،50
مايو 32،50 وهو آخر الإيصالات الصادرة من الشركة.
استنادا إلى إيصالات السداد الصادرة من شركة توزيع الكهرباء المختصة ( رقم العداد 2389؛ هندسة 21 ؛ منطقة 13 ؛ يومية 2 ؛ حساب رئيسى 350 ) ، وبقراءة أرقام شهرى يناير وديسمبر وأحد شهور وسط العام خلال الفترة 2010 – يونيو 2014 يتبين الآتى :
-أن الزيادات فى أسعار الاستهلاك المنزلى تتضح بشكل جلى من خلال أرقام الاستهلاك الشهرى أكثر منها بارتفاع سعر الوحدة ( كيلووات ) بمعنى أن الزيادة لا تتضح من خلال ارتفاع سعر الكيلووات من الكهرباء بقدر ما تتضح من إجمالى قيمة فواتير الاستهلاك عن عام كامل ، بمعنى أن شريحة الاستهلاك التى يُصنف تحتها مستهلك التيار الكهربى هى الأهم فى زيادة ما يدفعه مقابل استهلاكه السنوى .. ولنضرب لذلك مثلا : بافتراض أن شرائح الاستهلاك المنزلى للكهرباء التى يحاسب المواطن عليها مقسمة إلى خمس شرائح هى : (100 كيلووات & 200 ك.و &300 ك.و & 400 ك.و & أكثر من 400 ك.و) ولكل منها سعر يرتفع بارتفاع الشريحة ؛ فإن ” قراءة العداد ” فى يوم محدد أو فى مدى زمنى محدد (5 أيام متتالية ثابتة من الشهر مثلا ) سوف تضبط القراءة وتحقق العدالة ، أما ترك القراءة للصدف فيتسبب فى خفض أو رفع الاستهلاك تبعا للمدة التى تنقضى بين كل قراءتين والتى قد تزيد عن 30 يوم أو تقل عنها وهو ما يخل بالاستهلاك الفعلى للأسرة ، فلو كان المتوسط العام لاستهلاكها الفعلى يتراوح بين 80 – 100 كيلووات شهريا ؛ فإن القراءة المبكرة قد تجعلها 60 كيلو ( مثلا ) والقراءة المتأخرة قد تجعلها 120 كيلو .. وفى الحالة الثانية ينتقل الاستهلاك إلى شريحة أعلى بتكلفة أعلى .. كما هو واضح فى شهور فبراير وأكتوبر 2011 ، وفبراير وأكتوبر 2012 , أغسطس وأكتوبر 2013.
-كذلك فلو تم ترحيل جزء من استهلاك عدة أشهر وإضافته إلى أحد الشهور التالية فقد يرتفع الاستهلاك إلى شريحة ثالثة أعلى من الثانية وأكثر تكلفة .. وهكذا .
-وعندما يتبرم المستهلك أو يشكو من ارتفاع قيمة الفاتورة يكون المبرر الذى يسمعه من مسئولى مرفق الكهرباء هو ( أن الاستهلاك يختلف باختلاف شهور السنة من فصل إلى آخر .. صيف .. شتاء .. إلخ ) ولذلك فالزيادة فى أسعار الكيلو وات من الكهرباء – والتى حدثت بالفعل – قد لا تكون السبب الأكبر فى زيادة التكلفة ، ولا يعنى ذلك أنها لا تساهم فى الارتفاع المستمر لها .. لكن الزيادة الأهم تنجم عن الطريقة التى يتم بها حساب الاستهلاك الشهرى والسنوى.
ثالثا : استهلاك مياة الشرب وتكلفة الصرف الصحى :
من واقع الفواتير التى تصدرها الشركة القابضة لمياة الشرب عن (الاشتراك رقم 2869 /100 / 348 )عن الفترة (يناير 2010 – يونيو 2014 ) كانت تكلفة الشهر 10،50 ( عشرة جنيهات ونصف ) عام 2010 & 11 جنيه عام 2011 و 2012 & لكنها قفزت عام 2013 إلى 23,25 جنيها .
وباعتبار سنة 2008 هى سنة الأساس حيث بلغت التكلفة الشهرية 8 جنيهات فإن الزيادة فى قيمة استهلاك المياة وتكلفة الصرف الصحى تكون كالآتى:
34 % عام 2010 & 37,5 % عام 2011 ، 2012 & 190 % عام 2013 .
هذا وقد تعرضت أسعار استهلاك مياه الشرب وتكلفة الصرف الصحى لطفرة منذ تحويل مرفقى مياة الشرب والصرف الصحى من الإدارة الحكومية إلى نظام الشركات القابضة .. حيث زادت التعقيدات ووضع الكثير من العراقيل أمام المستهلكين مثل تكلفة مد خطوط المياه والصرف وأسعار العدادات وتركيبها ورسومها إلى الأحياء السكنية الجديدة وإلى المنازل فى الأحياء القديمة ..إلخ.
وطالما يتم إلقاء هذه الأعباء على كاهل المواطنين المنتفعين بالمرفق فالإنفاق على هذه التكلفة يتم التوسع فيه ولا يجرى ضبطه كما كان الأمر فى وقت أسبق عندما كانت التكلفة يتحملها المرفق والدولة.
انعكاس الزيادة فى أسعار هذه الخدمات على أوضاع الفقراء وعملية البناء:
لا يمكن أن يتقبل الجمهور عموما والفقراء بشكل خاص أن تكون نتائج القيام بثورتين فى 3 سنوات متجسدة فى تدهور أوضاعهم المعيشية ؛ فالثورة كانت تعنى رفضهم لاستمرار هذه الأوضاع .. لكن ما أسفرت عنه من نتائج لم يُفهَم منه سوى أنه عقاب على القيام بها أو المشاركة فيها ، وهو ما قد يدفع الجمهور لفقد الثقة نهائيا بأى أمل فى تحسن أوضاعه وتأمين مستقبل أبنائه ، وهو نفس المتوقع عندما يتم رفع الحد الأدنى للأجور ليتكفل ارتفاعُ أسعار السلع والخدمات الأساسية بالتهام الزيادة فى الأجور .. وبالتالى تكون انعكاساته السلبية على المشاركة الشعبية فى إعادة البناء مُحبِطة ولا يمكن التهوين من شأنها أو الاكتفاء بمشاهدتها .
ويأتى هذا المثال الذى عرضناه – فى سياق إصرارنا على ضرورة تحقيق الثورة لشعاراتها التى تطالب بالخبز والحرية – فرصة للحديث عن العزلة التى يعانى منها كثير من القوى السياسية والأفراد المهمومين بإنهاض المجتمع المصرى (على أسس حقيقية من العلم والإنتاج والثقافة والمساواة والمنعة والتقدم ) لأنها فى الحقيقة عزلة اختيارية سببها الاعتياد على نمط محدد من النشاط أثبتت الأحداث والزمن عقمه وطرحت ضرورة البحث عن غيره ؛ وألحّت أحداث الثورتين على أن الشروط الموضوعية للنشاط والفعالية مواتية تماما .
فرص مواتية لاستعادة الثقة لا تفريط فيها:
إن السعى لتحقيق العدالة فى مثل هذه المرافق يمكن أن يخلق تضامنا بين المواطنين فى المطالبة بواحد من حقوقهم المشروعة ؛ ويكون بداية لرقابة شعبية علي تلك المرافق طالما افتقدناها ؛ وإلزام معنوى للمسئولين بها على التعامل مع الجمهور كندٍ لا ككمّ مهمل يمكن صرفه بإشارة أو مراوغته بكذبة أو إلهاؤه بمسلسل تليفزيونى أو مباراة كرة تحقيقا لشعار الثورة ” كرامة إنسانية “، وإدراكُ أهمية مشاركته فى تسيير العمل بمثل تلك المرافق وممارسة الضغوط على كثير من المسئولين الذين يميلون لإقرار مثل تلك السياسات ( الزيادة فى أسعار الخدمات) فى مرافق أخرى بل وتشجيع غيرهم من الذين يحسون بمعاناة الجمهور ، وربط هذه ” الأمور الصغيرة ” بالسياسات والقضايا الكبرى. وما يمكن أن يحدث فى أحد المرافق يمكن نقل عدواه لمرفق آخر أو هيئة أخرى أو مؤسسة مختلفة .. وهكذا .
إن هذا السعى هو فرصة ثمينة ومدخل حقيقى مناسب تماما ومتلائم مع احتياجات وقدرة ووعى قطاعات واسعة من الجمهور فى مختلف أرجاء المجتمع.
هذا مجرد مثال من الأمثلة المتعددة التى فى متناول اليد ولا تحتاج من الكثيرين لجهود مضنية ، ونتائجه مباشِرة وفعالة فى استعادة احساس الجمهور بمن يشاركونهم آلامهم المتعددة التى يجب أن يلمسها منهم بشكل عملى فهى أول الطريق لكسب ثقته وعادة ما يكون أول الغيث قطْرُ.
المطلوب فقط هو عقد العزم وعلو الهمة.

الجمعة 13 يونيو 2014 بشير صقر

Featuring WPMU Bloglist Widget by YD WordPress Developer