مسلسل إزاحة الفلاحين من أراضيهم يتفوق على عصر مبارك
لتحويلها إلى أراضى بناء ونوادى ومنتجعات وأسواق تجارية
فلاحو طلخا ونبروه طردوا من أراضيهم رغم إنصاف القضاء لهم
ومقبوض عليهم بتهم قطع الطرق واغتصاب أرض الغير
وفلاحو المعمورة يواجهون الطرد من منازلهم بعد طردهم من الأرض
وفلاحو كفر الدوار على صفيح ساخن لتنصل شركة الحرير الصناعى من وعودها لهم
وتوقف العمل بسوق الماشية بدمنهور بقرار أمنى
بعد إضرام النار فى حقول الفلاحين لإجبارهم على ترك الأرض
،،،،،،،،،،،،،
مقدمة :
لا نريد أن نعدد الأحداث المؤسفة فى الريف والصعيد التى جرت فى الشهور الأربعة الأخيرة ؛ بدءا من أحداث المراشدة بمحافظة قنا وعزب المعمورة بشرق الإسكندرية فى ديسمبر 2014 إلى طلخا ونبروه بالدقهلية و قرى شبراخيت بالبحيرة فى فبراير 2015، إلى أحداث سوق الماشية بدمنهور فى مارس 2015 ، ومعاودة اشتعالها مرة أخرى خلال الأيام الأخيرة.
فما يبرز من أغلب تلك الأحداث هو إصرار الشرطة على دفع الفلاحين فى الوجه البحرى والصعيد إلى طريق الإسلام السياسى ؛ وكما برهنت جماعة الإخوان على عدائها للشعب والحرية والعدل وكشفت فى شهور معدودة ما استطاعت أن تخفيه ثمانين عاما بشأن أهدافها ومراميها ؛ تقوم الشرطة المصرية بنفس منطق الجماعة بالعمل لصالح الإسلام السياسى وإقناع الفلاحين بأنه لا أمل فى تحسين أوضاعهم ولا رجاء.
فما الذى يدفع قيادة أمنية كبيرة فى الدقهلية (السعيد عمارة) لأن تقول للفلاحين [الأحكام القضائية إللى معاكم تستخدموها فى دورة المياه] بل ما الذى يجبر مستشارا أن يقبل بشراء أرض عليها نزاع قضائى أو محل صراع بينما القانون يمنعه من ذلك ، وما الذى يجبر وزيرا على إصدار قرار إدارى بالتصالح مع إقطاعى خاضع لقانون الإصلاح الزراعى يسفر عن إعادة الأرض المصادرة بقانون الإصلاح له ويزيح الفلاحين منها بينما القانون يجرم تصرفه ، و ما الذى يرغم محاميا عاما على إصدار قرار تمكين من الأرض لإقطاعى بينما يقدم الفلاحون له حكمين قضائيين بحقهم فيها..؟!
وهل يمكن أن نلوم فلاحا بسيطا لا مورد رزق له على الكفر بالدولة وبالوطن إذا ما تعرض لكل ذلك .. ووجد نفسه مشردا هو وعائلته .. ؟! وهل فى هذه الحالة هل يمكن له أن يرفض رشاوى جماعة الإخوان ليصوت لصالحهم أو ينضم لمظاهراتهم أو يعتصم يومين أو ثلاثة فى ميدان رابعة العدوية مقابل عدة مئات من الجنيهات أو كرتونة مواد غذائية..؟
إن ما تقوم به الشرطة ليس أكثر من سلوك ثأرى لما جرى لها فى ثورة يناير ؛ وللأسف يتم ذلك مع أقل الناس فى مصر مشاركة فى السياسة والثورة وأكثرهم إنتاجا للغذاء وسدا للأفواه الجائعة.
ولذلك فالوضع فى الريف أصبح فى غاية الحرج والخطورة وما لم يتم تداركه وبسرعة فسيعض الكثيرون أصابع الندم يوم لا يجدى الندم.
آخر الأخبار:
1- أفادنا فلاحو المعمورة أنه فى الرابعة من عصر اليوم الأحد 26 إبريل 2015 أبلغ مفتش مباحث المنتزة بالإسكندرية محاميهم بالتنبيه على الفلاحين الذين باعت هيئة الأوقاف أراضيهم لعدد من جمعيات الشرطة والقضاة بضرورة إخلاء المنازل التى يسكنونها منذ 20 – 30 عاما فى بحر 5-7 أيام من الآن وإلا سيتم إخلاؤها إداريا أى بقوات الشرطة.
*يذكر أن الأرض التى يزرعها هؤلاء الفلاحون والمقامة منازلهم بجوارها أو عليها مملوكة لهيئة الإصلاح الزراعى ومسجلة باسمها بثلاثة عقود مسجلة بأرقام 4664 فى 25 ديسمبر 1960 ، 667 و 668 فى 26 فبراير 1961 بمكتب توثيق ( الشهر العقارى ) بالإسكندرية وأنها قد تم توزيعها على الفلاحين بنظام التمليك التقسيطى على 40 سنة ويحملون إيصالات السداد.
وأن هيئة الأوقاف قامت بالتصرف في بعضها بالبيع ( الاستبدال ) بعُشر ثمنها وبالتقسيط المريح الذى يصل إلى 15 سنة فى بعضها لعدد من جمعيات إسكان الشرطة ومستشارى محكمة النقض ووزارة العدل وهى :
أ- جمعية ضباط مباحث أمن الدولة – 8 أفدنة بسعر المتر المربع 2500 جم .
ب- ،، ،، شرطة الإسكندرية – 8 أفدنة بسعر ،، ،، 2350 جم.
ت- ،، ،، ،، كفر الشيخ – 10 أفدنة ،، ،، ،، 2550 جم.
ث- ،، القضاء الشرطى – 5 أفدنة ،، ،، ،، 2700 جم.
ج- ،، قضاة محكمة النقض – 15 فدانا ،، ،، ،، 1990 جم.
ح- صندوق الخدمات لأعضاء الهيئات القضائية بوزارة العدل 15 فدانا – لم يحدد السعر.
*كما قامت هيئة الأوقاف التى لا تملك الأرض والتى سبق لها أن باعتها لهيئة الإصلاح الزراعى وقبضت ثمنها فى عامى 1957 ، 1962 بمنح محافظة الإسكندرية فى عهد محافظها عادل لبيب 100 فدان من ( أرض المثلث ) مقابل القيام بطرد الفلاحين منها ، ورصف الطرق إليها وداخلها ، ومدها بالمرافق ( كهرباء ، مياه ، غاز ، تيليفونات ) بموجب بروتوكول بينهما مؤرخ فى يناير2008 .
*رفض الشهر العقارى بالإسكندرية توثيق عقد البيع ( الاستبدال ) بين الأوقاف وجمعية ضباط كفر الشيخ فى منتصف عام 2008 لأن الأرض ليست مملوكة للأوقاف ( البائع ) بل لهيئة الإصلاح الزراعى ، وبالتالى لم يجرؤ بقية ” المشترين الستة ” على الاقتراب من مكتب الشهر العقارى لتوثيق عقود الشراء المزيفة .
* رفع الفلاحون دعاوى قضائية اعتبارا من إبريل 2008 ضد الأوقاف والإصلاح الزراعى ومحافظة الإسكندرية والجمعيات ” المشترية ” وحصلوا على مستندات تثبت حقهم وملكية الأرض لهيئة الإصلاح علاوة على إيصالات تسديد ثمن الأرض وبدأ القضاء فى نظر الدعاوى وهو ما قض مضاجع هذه الجهات جميعا وبدأ الضغط على الفلاحين الذى أثمر جزء منه حيث بات اقتراب البت فى القضايا وشيكا وإزاء رفض معظم الفلاحين لم يكن هناك مناص من حسم الأمر بأى شكل وبأقصى سرعة.
*فى صباح الثالث والعشرين من سبتمبر 2009 وجد الفلاحون جثة زعيمهم حسن شندى ملقاة فى حقله بعد استدراجه – للتفاوض فى موضوع الأرض – بتسع ساعات وعثروا على تهديد صريح مكتوب بالقلم الجاف على ظهر جلبابه ” الدور عليك يا سلامة كريم رميا بالرصاص يا زعماء الفلاحين .”
*بتشريح الجثة لم يصدر تقرير الطبيب الشرعى إلا بعد 97 يوما من تاريخ أمر النيابة بالتشريح بينما القانون ينص على ألا يتجاوز ذلك 21 يوما ، وكان ذلك لإفساد جملة الأدلة – ومنها سوائل الجثة – فيما لو طعن أهله فى تقرير الطبيب الشرعى .
* ولأن وضع ” المشترين” صار حرجا وصارت نظرات الاسترابة مصوبة إليهم من كل اتجاه فقد قام بعضهم مثل جمعية ضباط أمن الدولة ببيع الأرض لإحدى شركات البترول بسعر المتر المربع 7500 جم وهو ما يعنى أنها جمعية لتجارة الأراضى وليست للإسكان أو أمن الدولة.
* وبالمناسبة فالأرض ” المباعة ” تطل على طريق سكة حديد أبى قير ومن الجهة المقابلة للطريق يقع بلاج المعمورة حيث يباع متر الأرض فيه بستين ألف جنيه وبافتراض أن ثمن المتر فى أرض الفلاحين يبلغ نصف الثمن فإن ثمن الفدان يبلغ 126 مليون جنيه.
* ولم يبق فى الخطة المحكمة شئ سوى ضم هيئة الإصلاح الزراعى إلى حلف الفساد والبلطجة فقد كان فى إمكانها أن تتدخل فى الدعاوى القضائية بصفتها مالكة الأرض لكن الحلف كان أقوى والإغراءات أشد وفجأة قرأنا فى الجرائد السيارة إعلانا – عن مزاد علنى لبيع أجزاء جديدة من الأرض – تنشره هيئة الأوقاف ولم تعارضه هيئة الإصلاح تحدد له يوم 28 مايو 2014 وهو اليوم الثالث للانتخابات الرئاسية الأخيرة فى مقر المصرف المتحد بميدان رمسيس بالقاهرة.
* وهكذا تتحول الأرض الزراعية إلى أرض للبناء أو للتجارة والتربح ليثرى منها السادة المتنفذون وأصحاب السلطان ويطرد منها الفلاحون منتجو القمح والخضر والفاكهة ويتحولون إلى عاطلين لا عمل لهم ولا هوية لتتسابق عليهم جماعات الإسلام السياسى والجريمة والتشرد .
*وبعد طرد الفلاحين من أرضهم تشرع أجهزة الشرطة فى طردهم من منازلهم دون مأوى ودون عمل ولتذهب الأرض المستصلحة إلى أمثال الوليد بن طلال وأمثاله.. وليس مُهمّا قانون حماية الرقعة الزراعية الذى يطبق على من يبنى حظيرة لماشيته يقيها قيظ الصيف وصقيع الشتاء ولا يطبق على من يحولون الأرض الزراعية إلى مساكن ومنتجعات ونواد ومولات تجارية وتجرى التجارة فيها أمام أعين الجميع.
*لقد شرعت أجهزة الشرطة منذ بداية الأسبوع الماضى ( 17 إبريل 2015 ) فى عمل الدراسة الأمنية التى تسبق كل تجريدة شرطية لتحديد أسماء السكان وعددهم ومساحات منازلهم وذلك لاستكمال طرد الفلاحين مما تبقى من الأرض ” المباعة ” ممن لا يملك لمن لا يستحق.
* وقد سبق لأجهزة الشرطة المدعومة ببعض مجموعات الشرطة العسكرية فى صباح يوم 5 إبريل 2012 الباكر أن داهمت منازل إحدى عزب المعمورة ( النجارين ) واقتادت النساء والأطفال وأنابيب البوتاجاز ووضعتهم فى شاحناتها وهدمت منازلهم المقامة منذ 12 عاما على 16 فدانا ( 67 ألف متر مربع ) حتى سطح الأرض وبها كل أمتعتهم وأغراضهم دون أن يطرف لهم جفن.
*كما تكرر ذلك فى الأسبوع الأول من شهر ديسمبر 2014 فى عزبة أخرى من عزب المعمورة ( العرب ) حيث تمت إزالة عشرات المنازل دون سند قانونى ودون إنذار وبالمخالفة للمادة 97 من الدستور علما بأن من أزيلت منازلهم يحملون بطاقات الحيازة الزراعية ويقيمون بالمنطقة منذ العصر الملكى ورغم وجود قضايا بشأن الأرض منظورة أمام القضاء ولا يجوز اتخاذ إجراءات على هذه الشاكلة فى ظلها كما أوضح لنا محامى الفلاحين محمود الكبير الذى تقدم بـ 62 بلاغا ضد الشرطة بشأن عمليات الهدم الوحشية التى جرت ونشرته صحيفة فيتو فى عددها الصادر 14 ديسمبر 2014.
2- من جانب آخر تفاقمت أزمة فلاحى قرية أبو الخير التابعة لقرية قرطسا وطاموس مركز دمنهور بشأن الأرض المتاخمة لسوق الماشية بدمنهور والتى سبق أن تناولناها ( على موقع الحوار المتمدن – العدد 4767 بتاريخ 3 /4 / 2015 تحت عنوان ( قائمة ” شرف ” ضباط شرطة البحيرة ) حيث فوجئ الفلاحون أمس 25 إبريل 2015 بمن أشعل النار فى حقولهم المزروعة بالقمح الموشك على الحصاد وتمكنوا من إخماد النار قبل أن تلتهم المحصول كله وبإبلاغ الشرطة اتهم الفلاحون بالتحريض كلا من علاء الشرقاوى مستأجر السوق المتاخم للأرض والمستشار أحمد فايز الطنيخى ، وأشرف مسعود ضابط شرطة وهم من يسعون للحصول على الأرض كما وجهوا تهمة إشعال الحريق إلى كل من أحمد محمد الشرقاوى ( خفير بالسوق ) ومحمد كمال عبد النبى اللذين هربا فور إشعال الحريق حسبما ذكر الفلاحون.
لذلك قامت مديرية الأمن بإصدار قرار بوقف إقامة السوق اليوم الأحد إلى أن تتم تسوية النزاع الدائر حول الأرض .
3-وفى كفر الدوار تملك شركة الحرير الصناعى 40 فدانا تؤجرها للفلاحين منذ ستين عاما ، وكانت قد طالبت الفلاحين قبيل ثورة يناير 2011 بإخلاء الأرض نظير ( تعويض تم تحديده وكتابته بين الفلاحين وإدارة الشئون القانونية فى الشركة ) إلا أن الشركة بعد الثورة تنصلت من الاتفاق وتسعى لطرد الفلاحين دون تعويض ؛ وهو ما أثار حفيظة الفلاحين ورفع درجة الاحتقان مع الشركة وأصبح الوضع على صفيح ساخن وينذر بصدام وشيك إذا ما تم طرد الفلاحين إداريا وأصرت الشركة على التنصل من اتفاقها معهم.
4- وفى قرى طلخا ونبروه ارتفع عدد المقبوض عليهم أمس 25 إبريل 2015 إلى 23 فلاحا وفلاحة و ناشطا سياسيا وطفلا رضيعا.
والجديد هو القبض على اثنين من شباب حزب التحالف الاشتراكى الذين ذهبوا فور سماع الخبر لاستطلاع الأمر ، وعلى زوجة أحد المقبوض عليهم ( رضا الهلالى ) وطفلتها الرضيعة ، وسعدون محمد ، وشقيقة السيدة الهلالى ، وزوجة تامر مرزوق وإحدى جاراتها ، وفور انتشار الخبر سارعت بعض وسائل الإعلام والصحافة إلى قرية سرسو حيث توجد الأرض محل الصراع لتغطية الحدث.
كما بدأت النيابة العامة بطلخا التحقيقات حيث أفاد الفلاحون أن التهم التى وجهتها الشرطة للمقبوض عليهم هى قطع طريق المنصورة / نبروه ، والتعدى على مصنع جرافينا للسيراميك المتاخم للأرض ويملكه ورثة الإقطاعى محمد فريد المصرى الذين استولوا على الأرض ويأوون فيه عددا من المسلحين يتراوح عددهم بين 25 – 30 مسلحا لأنهم غرباء عن المنطقة والقرى ليست بها فنادق علاوة على أن الفلاحين عزل بينما الغرباء مسلحون ويقودهم اثنان من ضباط الشرطة السابقين أحدهما مصطفى نجاح والآخر سمير البنا.
هذا وقد أشاعت الشرطة فى القرية أن عمليات القبض التى جرت هدفها منع الصدام بين الفلاحين والمسلحين الذين استخدموا أسلحتهم وفى المساء تم توجيه التهم المشار إليها لهم.
فهل يمكن مواجهة الإرهاب المسلح بينما تستأنف الشرطة حربها ضد الشعب ويندفع الجيش فى حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل..؟ أم أن ما يجرى ضد الفلاحين يدعم الإرهاب المسلح شئنا أم أبينا ؟
الأحد 26 إبريل 2015 بشير صقر
لجنة التضامن الفلاحى – مصر