فلاحو قرية تيتل يحبطون تجريدة لقوات أمن البحيرة لطردهم من أراضى الإصلاح الزراعى ..فشل تجريف زراعات القطن فانسحبت الشرطة ودارت معركة بين الفلاحين و بلطجية الإقطاعيين

 

المحامى العام يصدر قرارا بتمكين عائلة إقطاعية من أرض لا تملك سند ملكيتها

هيئة الإصلاح وزعت الأرض على الفلاحين فى الستينات وموظفوها بالبحيرة أعادوها للإقطاع فى التسعينات

مديرية الإصلاح بالبحيرة تزور قرارات إفراج بـ 133 فدانا والإقطاع يستولى بها على أكثر من 300

 

 

قامت صباح الأربعاء 6 يوليو 2011  قوة من حوالى مائة جندى وضابط من مديرية أمن البحيرة تصحبها سيارة إطفاء بمداهمة قرية تيتل مركز دمنهور لتنفيذ قرار تمكين من مساحة من مساحة 5 أفدنة أصدره المحامى العام بالبحيرة لصالح ورثة أحد الإقطاعيين ” محمد على نوار ” ضد اثنين من فلاحى القرية .

وقد احتشد فلاحو القرية والقرى المجاورة احتجاجا على محاولة تنفيذ قرار التمكين باعتباره إجرا تعسفيا يصدر وينفذ بعد ثورة الشعب على الظلم والاستبداد والفساد؛ واستناد القرار على إجراءات مزورة أهمها: – 1- أن الأرض كانت مصادرة بقانون الإصلاح الزراعى 178 /1952 ؛ 127 / 1961 وموزعة على الفلاحين .

2- وأن الإفراج عن المساحة المذكورة قد تم ضمن الإفراج عن مساحة أوسع بطريق التحايل والتلاعب فى سجلات مديرية الإصلاح الزراعى بالبحيرة.

3- علاوة على أنه من الناحية القانونية فإن قرارات الإفراج  من جانب الدولة عن الأراضى لا يعتد بها كسند لملكيتها.

4- أن قرار الإفراج الذى صدر لصالح عائلة نوار كان بـ  133 فدانا بينما استردت العائلة أكثر من 300 فدان فى قرى عزبة الناموس والكومبانية وكوم الصنافير وتيتل والبرنوجى وغيرها؛ وهو ما يعنى تواطؤ هيئة الإصلاح الزراعى ومديريتها بالبحيرة فضلا عن قوات الشرطة التى كانت تؤمن عملية التسليم آنذاك.

هذا وقد حشد ورثة الإقطاعى عددا من البلطجية ( أحد عشر فردا ) لدعم قوات الشرطة فى مهمتها إلا أن  انسحاب الأخيرة بعد تصدى الفلاحين لعملية تجريف الأرض وفشلها فى التوصل إلى حل وسط بين إجبار الفلاحين على مغادرة الأرض.. وعدم موافقة ورثة الإقطاعى على تأجير الأرض للفلاحين بعقد غير محدد المدة.. قد أدى لاندلاع معركة بين الفلاحين والبلطجية لم تكن فى صالح الأخيرين .

هذا وكان الفلاحون قد استعادوا كثيرا من الأراضى التى طردوا منها بقرارات الإفراج المزورة التى صدرت قبل يناير 2011 ودعمتها قرارات التمكين التى يصدرها المحامون العامون فى المحافظة .

من زاوية أخرى فقد أيقن الفلاحون أن الأوضاع السياسية التى استجدت بعد الثورة لم تسفر جديد فيما يتعلق بموقف الدولة من أراضى الإصلاح الزراعى وأراضى الأوقاف حتى الآن ومن ثم بات الحفاظ على استمرارهم فى الحياة يتطلب استمرارهم فى زراعة الأرض وهو ما أدركوا أنهم وحدهم المطالبون بالدفاع عنه طالما أرادوا الحفاظ على حياة أسرهم ومستقبل أطفالهم.

الخميس 28 يوليو 2011

 

نقلا عن الأهرام المسائى:طلخا .. صنعاء .. العريش .. وبالعكس ،مجموعة الـ19 من مقاتلى حرب اليمن .. على رصيف محطة الإقطاع .. من جديد ..!

قاتل فلاحو طلخا فى اليمن وسيناء

فخيرتهم الدولة بين الوظيفة وتملك الأرض

اختاروا الأرض فطردتهم منها الشرطة بعد 50 عاما

،،،

لتهريب الأرض من قانون الإصلاح

 لفق الإقطاعى القديم عقد بيعها لأبنائه

فكشفه الطب الشرعى وخذلته المحكمة

،،،

حصل الفلاحون على حكمين قضائيين وتأييد من النيابة

فطردهم المحامى العام والشرطة من الأرض

 

،،،،،،،،،،،،،،،،،،

 

وهم متوجهون لميدان القتال فى حرب اليمن عام 1963 كانت  تملأ المنطقة وقائع تنفيذ قانون الإصلاح الزراعى على عدد من عتاولة الأسرالإقطاعية فى مركز طلخا بالدقهلية مثل آل البدراوى عاشور فى بهوت وآل المصرى فى ميت الغرقا وكفر الجنينة وميت الكرماء وجوجر ومنشاة البدوى وكفر الخوازم وغيرها.

ولأن مجموعة الـ 19 من شباب تلك القرى وعلى رأسها العم رزق محمد صالح ابن قرية سرسو كانت تقاتل ببسالة ولأنهم مع بقية القوات المصرية حموا الدولة اليمنية الوليدة ؛ فقد كافأتهم الدولة وخيرتهم بين الوظيفة وبين الحصول على فدانين من الأرض التى صادرتها من الإقطاع.

ولأنهم كانوا فلاحين معدمين وأميين فضلوا الأرض ورقصوا من الفرحة وسط النار على جبال اليمن ومنوا النفس بانتصار فى الحرب يرفع رءوسهم ويختصر فترة بقائهم فى اليمن وتعشموا   فى عودة سالمة للوطن تريح بالهم .. فقلوب أمهاتهم وأرض الإصلاح الزراعى تنتظرهم على أحر من الجمر.

– كان الراديو الترانزستورالمحمول على ظهر الحمارواحدا من أمانيهم بل ومؤشرا على وطنيتهم ودليلا على قدرتهم المالية على الزواج .. هكذا كانت حال مجموعة الـ 19 الدقهلاوية.. جنود طلخا فى اليمن خلال سنوات من الغربة: حالة من الزهو والتفاؤل بالمستقبل والثقة بالنفس والوطن.

عادوا لمصر مفعمين بالأمانى.. لكن إلى حرب جديدة مع الصهاينة هذه المرة.

– وعادت مجموعة الـ 19 من حرب 1967 ستة عشر جنديا فقد استشهد منها حمودة عبد الجليل يونس ومحمد عبد الحى فتح الله ؛ وأسِر إبراهيم يوسف العطافى؛ وأصيب عزمى رزق زكى وعبد المقصود إبراهيم الباز فى العمليات العسكرية.. لكن الأرض الزراعية التى حصلوا عليها لم تطفئ أحزانهم على نكسة حرب 67 وعلى شهدائهم الذين ملكت الدولة أبناءهم نصيبهم فى أرض الإصلاح الزراعى .

– وهكذا حصل فلاحو القرى الستة على الأرض بعد تطبيق قانون الإصلاح الزراعى فى 9سبتمبر 1961 على الإقطاعى فريد المصرى وبعد تقديمهم طلبات شرائها وبحث حالتهم الاجتماعية وأصبحوا أعضاء فى الجمعية الزراعية واستفادوا من خدماتها ومعهم بطاقات الحيازة وانتظموا فى تسديد أقساط  ثمن الأرض.

– رحل عبد الناصر وبتولى السادات وصدور قانون رفع الحراسة استيقظت كل الأحلام  القديمة و انتعشت الآمال الضائعة لورثة الإقطاعيين.

– ورغم أن أرض آل المصرى لم تكن خاضعة للحراسة بل مصادرة بقانونى الإصلاح الزراعى  178/ 52 ، 127/ 61 وموزعة بنظام التمليك المقسط على الفلاحين؛ وسعيا لاستعادتها تفتقت قريحة ورثة فريد حامد المصرى عن تلفيق عقد بيع عرفى ( منه لأبنائه ) بمساحة 94,5 فدانا  و الحصول من الشهر العقارى على إثبات تاريخ قديم 6/7/1959 يسبق تاريخ تطبيق قوانين الإصلاح على أرضه لإخراجها من مصيدة القانون وبالفعل نفذوا ذلك بطريقتهم.

– ثم تقدموا باعتراض ( 737 / 1977 ) ضد هيئة الإصلاح وقدموا العقد الملفق بمساحة 49,5 فدان ( 42 منها يزرعها الفلاحون و 52،5  منها تحت يد قوات الدفاع الجوى) وحصلوا من هيئة الإصلاح الزراعى على قرارإفراج مؤقت عن الأرض .

– طعنت هيئة الإصلاح الزراعى أمام المحكمة الإدارية العليا بالقاهرة ضد قرار الاعتداد بصحة عقد البيع العرفى المؤرخ 18 مارس 1959 واستند دفعها على أن اللجنة القضائية التى أصدرت القرارخالفت القانون وأخطأت فى تطبيقه للأسباب التالية:

عدم وجود طلب مقدم للشهر العقارى بطلخا بشأن عقد البيع العرفى فى 6 / 7 / 1959 ؛ عدم ثبوت دفع الرسوم ؛إهدار تقرير الطبيب الشرعى ( الفنى المختص ) والاعتمادعلى تقارير خبراء استشاريين؛ تقرير الطب الشرعى أثبت أن توقيع أحد الشهود على عقد البيع مزور؛ تأكيد لجنة الخبراء الثلاثية المنتدبة للبت فى صحة العقد  على صحة تقرير الطب الشرعى.

وجود سابقة تهريب للأرض ارتكبها فريد المصرى فى الإقرار الذى قدمه للدولة عن ملكيته من الأرض.

هذا وقد صدر لصالح الهيئة حكم نهائى برقم ( 2143 / 29ق ) عام 1986  نص على أن عقد البيع الملفق لايحمل تاريخا فى سجلات الشهر العقارى ولم تدفع له رسوم .

– فى 1987 تقدم ورثة المصرى باعتراض جديد أمام اللجان القضائية للإصلاح الزراعى وحصلوا عام 1994 على قرار بصحة عقد البيع العرفى.

– بعدها مباشرة أصدر وزير الزراعة قرارا برقم 1091 / 1994يجيز تصالح هيئة الإصلاح مع الخاضعين لقانون الإصلاح الزراعى  وذلك ببيع الأرض لهم.. وهو ما يعنى أنه  قد أوجد مخرجا لآل المصرى من مأزقهم.حيث لم يكن التصالح واردا قبل عام 1994.

– وبسرعة غير مسبوقة  تصالحت الهيئة مع آل المصرى فى نفس السنة  وباعت لهم الأرض المتنازع عليها ” بسعر التراب ” ( 22 ألف جنيه للفدان ) وتسلموها بعد طرد الفلاحين منها عام 1997 عقب صدور قانون الإيجارات الزراعية الجديد بدعم قوات الشرطة.

– عاد الفلاحون للقضاء مرة أخرى وحصلوا على حكم بات ونهائى من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة ( 3238 / 25 ق) ببطلان عقد البيع الملفق وبطلان عملية التصالح بين ورثة المصرى وهيئة الإصلاح ، لكن الهيئة تواطأت وقد تضمن الحكم نصا  بتواطئها الواضح.

– يذكر الحكم فى سطوره الأخيرة بالآتى:

” وإذ ينهار أساس التصالح فإن قرار مجلس إدارة هيئة الإصلاح الزراعى رقم 27 بجلسة 195 فى 15 فبراير 1995 بالموافقة على التصالح لورثة فريد المصرى مخالف لأحكام القانون مما يقتضى الحكم بإلغائه مع ما يترتب علي ذلك من آثار أخصها بطلان تسليم الأرض لورثة فريد المصرى “

– مر الوقت ولم تنفذ الهيئة أو الجهات المسئولة الحكم القضائى الصادر لصالح الفلاحين إلى أن تقدم آل المصرى مرة أخرى ببلاغ للمحامى العام بالدقهلية باستيلاء الفلاحين على الأرض بعد اندلاع أحداث ثورة يناير 2011 وأسفرت التحقيقات عن الآتى:

– صدور مذكرة النيابة العامة المؤرخة 16 مايو 2011 ( فى المحضر 1483/ 2011 إدارى طلخا ) موقعة من أحمد المسلمى وكيل النيابة وتنص على ” الموافقة على استمرار الفلاحين فى الأرض محل النزاع ، ومنع تعرض آل المصرى لهم لحين الفصل فى القضية المرفوعة منهم أمام المحكمة الإدارية العليا ” والمحدد لها جلسة 25 يوليو2011.

– إلا أن المحامى العام لنيابات جنوب المنصورة تجاهل ذلك بتاريخ 31 مايو 2011 وأمر بتمكين ورثة فريد المصرى  من الأرض محل النزاع والصادر بشأنها حكمين نهائيين فى عام 1986 ، 2007 لصالح الفلاحين.

لقد سبق لفريد المصرى أن ضبط متلبسا بإسقاط مساحة من أرضه من الإقرار الذى كتبه  بخط يده عن ممتلكاته من الأرض فى الخمسينات تمهيدا  لتطبيق قانون الإصلاح الزراعى عليه ويكرر ورثته  اليوم ما فعله من حوالى 60 عاما .

وهكذا تحول الوضع فى القرى الستة إلى وضع حربى شديد التوتر فالأرض- التى دفع الفلاحون معظم ثمنها وحصلوا على حكمين قضائيين بحقهم فيها- تحت يدهم؛ وينتظرون بين يوم وآخر صدور حكم ثالث من  المحكمة بشأنها؛ ويخشون مباغتة قوات الشرطة أو الجيش لهم لطردهم منها قبل صدور الحكم.

لقد كلفتهم تلك الأرض عرقهم  ودماء بعضهم منذ حرب اليمن وحتى ثورة يناير 2011 وما يجب التحذير منه  بشدة هو أن تلك المنطقة سوف تشتعل إذا ما تجاهلت السلطات والمحامى العام وقاضى التنفيذ بالدقهلية أحكام القضاء الباتة والنهائية فى قضية يعرف تفاصيلها القاصى والدانى من شعب الدقهلية.

 

 

                                           بشير صقر

 

نقلا عن جريدة الأهرام المسائى 20 يونيو 2011 : فلاحو العمرية ينذرون محافظ البحيرة وعدداً من المسئولين

رئيس مباحث أمن الدولة السابق يغتصب أرض الفلاحين ويبنى عليها قصرا ومخزنا للبوتاجاز

ووالدته تحصل على تصريح بإنشاء ثلاجة تجميد خضر بالمخالفة للقانون

 

تقدم فلاحو قرية العمرية مركز دمنهور فى 11 إبريل 2011 بإنذار قانونى لمحافظ البحيرة ومدير الزراعة وعدد من المسئولين بالمحافظة  لتجميد العمل بالترخيص الممنوح من اللجنة المختصة بالمحافظة لزينب مصطفى علام  والدة اللواء طار ق هيكل رئيس فرع أمن الدولة السابق بالبحيرة ببناء ثلاجة حفظ وتجميد خضر بقريتهم  والصادر موافقته فى 1 سبتمبر 2010 ويسرى اعتبارا من  23 مارس 2011 .

وتعامل الفلاحون مع الترخيص المذكور باعتباره صادرا بالمخالفة للقانون وللتعليمات السارية فى هذا الشأن حيث يفتقد لسند ملكية الأرض المرخص بإنشاء الثلاجة عليها وأرجعوا ذلك إلى أن طارق هيكل متهم باغتصاب 21 فدانا من عائلات شهاب والخويلدى وعبد اللاه بالقرية فى الفترة من 2005 إلى 2010 وهناك دعاوى قضائية بينه وبين الفلاحين بشأنها.

كما أفاد الفلاحون أن إدارة حماية الأراضى بمديرية زراعة دمنهور سبق لها وخالفت القانون فى نفس القرية بالتصريح لوالدته ببناء قصر على مساحة عدة قراريط ومستودع لأنابيب البوتاجاز على ذات الأرض الدائر عليها النزاع ويتهمه الفلاحون باغتصابها علما بأنه ووالدته يقيم كل منهما بمدينة الإسكندرية من سنوات.

 

فلاحو عزبة سلامة بحيرة يتساءلون: كيف تم بيع أرض مصادرة بقانون الإصلاح الزراعى لرجل قانون؟!

نقلا عن جريدة الأهرام المسائى ( 20 يونيو 2011 )

وكيف اشتراها رجل القانون دون سند ملكية ولماذا ؟!

وكيف سجلت حيازتها  بجمعية الائتمان الزراعية باسم ورثة إحدى نساء عائلة نوار الإقطاعية ؟!

يدور حاليا فى عزبة سلامة مركز دمنهورنزاع  متعدد الوجوه بين فلاحى العزبة ومنهم أحمد سالم عوض وبين محمد سمير إبراهيم نوار حول مساحة أرض بحوض المشاق نمـ 1 قطعة 67 كانت قد صودرت بقانون الإصلاح الزراعى عام 1962 .

ويدعى سمير نوار شراءها من مالكتها السابقة زهرة الابيارى؛ بينما يؤكد الفلاحون أن الأرض المذكورة جزء من مساحة أكبر صادرتها الدولة بقانون الإصلاح الزراعى عام1962 من السيدة المذكورة وقد أطلعونا على مستند رسمى يجزم بأنها مسجلة ومشهرة باسم الهيئة العامة للإصلاح الزراعى تحت رقم 5371 بتاريخ 3 يوليو1988 ، وأضافوا أن الأرض المشار إليها مهربة بطريق التحايل بواسطة بعض الموظفين فى الإصلاح الزراعى بدمنهور حيث تم ” سلخها ”  من المساحة الأصلية المصادرة فى غفلة من جميع المسئولين.

ويتساءل الفلاحزن الذين يزرعونها منذ سبعين عاما : من الذى أفرج عن الأرض؟ وهى مملوكة للدولة؟!

ومن الذى ” حيزها ” فى جمعية الائتمان الزراعية باسم ورثة السيدة زهرة الابيارى؟! وكيف باعوها دون سند ملكية  إلى رجل القانون محمد سمير إبراهيم نوار ؟ وكيف قبل المشترى شراءها وهو يعرف القانون جيدا؟!

صدام آخر بالبحيرة بين عائلة نوار الإقطاعية وفلاحي قرية البرنوجى

نقلا عن جريدة الأهرام المسائى ( 20 / 6 / 2011 )

بقرية البرنوجى مركز دمنهور نشبت معركة بين عدد من فلاحى القرية ومجموعة من عائلة نوار يتزعمها محمد أشرف أبو الفتوح نوار عقب هجوم  الأخيرين بالجرارات  على أرض مزروعة بالقطن تخص الفلاحين مستهدفة إتلافها.

سارع الفلاحون بصد الاعتداء على زراعتهم الذى وقع وقت صلاة الجمعة  فأطلق المهاجمون عليهم الرصاص وأصابوا جمعة صلاح حبيب؛ هرع المئات من فلاحى القرية وبعض القرى المجاورة نحو مصدر الرصاص وحاصروا المعتدين واشتبكوا معهم ثم أمسكوا بهم ومنعوهم من استكمال مهمتهم وانتزعوا  السلاح المستخدم فى الاعتداء.

حضرت قوات المباحث لموقع الأحداث واستدعت الإسعاف لنقل مصاب الفلاحين للمستشفى العام بينما اصطحبت معها محمد أشرف نوارالذى أصيب أثناء الاشتباكات.

هذا وقد أصر الفلاح على حسن حبيب على عدم  تسليم السلاح المستخدم إلا بمحضر رسمى فى مركز الشرطة لإثبات عملية الاعتداء من جانب أسرة نوار.

و تضاربت أقوال محمد أشرف نوار فى التحقيقات  حيث أفاد أمام الشرطة باعتداء الفلاحين عليه فى الأرض وعاد أمام النيابة ليذكر أن الفلاحين اقتحموا بيته واعتدوا عليه.

هذا ويفيد الفلاحون الخمسة المتهمون أن المعتدين من آل نوار لم يحتجزوا فى مركز الشرطة كما حدث معهم  حيث احتجزوا ليلة أو ليلتين بمن فيهم المصاب جمعة حبيب حتى تم عرضهم على النيابة.

هذا و أفرجت النيابة العامةعن أربعة من الفلاحين( إبراهيم وجمال محمود حبيب وعلى حسن وحبيب عبده) من سراى النيابة وعن ( المصاب بالرصاص)  جمعة جبيب بكفالة 200 جنيه؛ أما محمد أشرف نوار( المعتدى) فأفرجت عنه بكفالة 500 جنيه ؛ وحدد تقرير المستشفى العام علاجا لكل منهما يقل عن 21 يوما..

ويسود القرية حاليا حالة من التوتر الشديد بسبب الأحداث ولعدم ثقة الفلاحين فى عدالة الشرطة فى موقفها من الصراع الدائر بين عائلة نوار التى سبق وخضعت لقانون الإصلاح الزراعى وبين الفلاحين الذين حصلوا على الأرض منذ 45 عاما ولا زالت تحت أيديهم يزرعونها أبا عن جد خصوصا بعد موقفها المنحاز ضد فلاحى عزبة سراندو المجاورة عام 2005 وعزبة العمرية فى يونيو 2010 .

فى مصرنا .. الأهم هو صوت الحشود..وليس فعلها! هل يُحيى المجلس العسكرى السمات المشتركة بين كينز وعبد الناصر؟!

مثلما توهّم الكثيرون فى عصره أن العالم الاقتصادى كينز قد ثار وانقلب على قواعد الرأسمالية التقليدية ، وأن جمال عبد الناصر قد أسس نظاما اشتراكيا من بداية الستينات فى القرن الماضى، توهم أمثالهم – ومعظمنا منهم – أن النظام الذى يحكم مصر منذ بداية السبعينات قد انهار وأن الشباب المصرى المنتفض فى 25 يناير 2011 الذى أشعل الشرارة لثورة سياسية هائلة ستطلق الديموقراطية وتستأصل الفساد والاستبداد وتفجر طاقات الشعب.

– لم يفطن معاصرو كينز آنذاك أنه لم يغادر أرض الرأسمالية وأنها منذ تفجرت أزمتها الأولى- فى بداية الثلاثينات- تحتاج إلى إعادة صياغة وإلى عمليات تحديث وترقيع تشذب من نتوءاتها المدببة وتسد بعضا من ثغراتها وتضيف إليها من الرتوش ما قد يطيل عمرها – ويؤجل أو يرحَل أزماتها الدورية – دون أن يمس أسسها.

– ولم يدرك كثير من معاصرى العهد الناصرى وقتها أن تصفية الحياة السياسية ومصادرة الحريات الديموقراطية لا بد وأن تصيب أعمدة البناء الناصري بداء هشاشة العظام مهما كانت مصنوعة من الخرسانة.. ليتهاوى ذلك البناء بمجرد وفاة بانيه، وتؤكد بأن البناء الاشتراكى الحقيقى لا يقتصر على مجرد الإجراءات الاقتصادية بل يتطلب ثقافة وسلوكا اشتراكيين وتصونه وتحميه دروع بشرية على نفس الشاكلة؛ وأن استمراره ليس مرهونا بدوام حياة بانيه بل مشروط باستمرار حماته من أفراد الشعب.

ولم يصدق الكثيرون منا حتى الآن أن نظام ( وليس شخص ) مبارك الذى هو امتداد لنظام السادات لا زال موجودا وتراوده الأحلام  فى استعادة كامل سلطانه السابق أن  ركائزه قائمة بل وكثير من رموزه ورجالاته ومعظم سياساته، وأن ما حدث فى 25 يناير هو نصف ثورة سياسية لم تقترب من أن تكون ذات طابع اجتماعى، وأنها أتاحت متنفسا محدودا من الحرية وبددت بعضا من الجوالخانق القديم.

باختصار ما تم ويتم  فى مصرأقرب إلى الترقيع الكينزى للرأسمالية الذى لا يقتصر على تجميلها بل يستهدف إطالة عمرها ويتحرى توسيع المسافات التى تفصل بين دورات أزمتها.

فقد اختلفت نسبيا  المفردات  التى يتحدث بها ممثلوا النظام القائم لكن اللغة كما هى؛ وتغيرت أو اختفت بعض الوجوه لكن الروح القديمة مازالت تحيا، وصُفيت مباحث أمن الدولة وحل محلها الأمن الوطنى لكن منطق العسس يربط بين الخلف والسلف ؛ وتفكك الحزب الوطنى فتحفزت جماعات السلفيين والإخوان  والبلطجة لتتبوأ مكانه؛ وزال الخوف من أجهزة الشرطة  وتولد الهلع من حالة الفوضى التى تحركها جماعات المصالح ، وتجمدت محاكمات أمن الدولة لتفيض علينا المحاكمات العسكرية

واختفت قبضة الشرطة السرية وظهرت قبضة الشرطة العسكرية على المواطنين الشرفاء أشباه المعدمين بينما كان زكريا عزمى والشريف وسرور مازالوا طلقاء.

ورغم هذه الصورة .. ورغم ضيق الوقت المتاح للنشاط وأهمية مضاعفة الجهد ومسابقة الزمن وضرورة تكاتف المتقاربين سياسيا ممن يرون شعبية الثورة ومدنية الدولة  وبرلمانية النظام فلا زالت النخب تتعامل فى ممارساتها السياسية باعتبارها فى واحة ديموقراطية أو على الأقل باعتبار الحالة الراهنة ستستمر طويلا ؛ علاوة على أن معظمها يتخذ – موضوعيا – من قرار  المجلس العسكرى بوصلة له ويصبح التنافس المحموم والرخيص لضم 5000 مواطن هدفا للحصول على حزب سياسى لتشتعل من جديد مشاعر العصبوية والحلقية المدمرة.

كذلك فما زال الطابع الاحتفالى هو السمة الأبرز لنشاطها السياسى مع إهمال الأسس المعروفة  لهذا النشاط المنشود  ومنها قراءة ميزانى القوى السياسية والطبقية قراءة صحيحة خصوصا فى ظل الانحيازات  والاستقطابات السياسية الواضحة هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى مازال الإرث التاريخى القديم فى طريقة تكوين الأحزاب السياسية والنقابات والروابط والاتحادات هو الأبرز؛ ذلك الإرث الذى لا يهتم بالصلات العضوية بالجماهير والارتباط  بثناياها وتفاصيلها الدقيقة بديلا عن تحزيمها  بالجملة لدفعها بالشاحنات التى تحملهما إلى الاحتفالات السياسية  أولجان الاقتراع الانتخابية دون فهم أو إدراك أو وعى بمصالحها وبالوسائل المناسبة للوصول إليها .. تطبيقا  للحكمة الرديئة الشهيرة ” الوعى لا يهم لأنه سيتولد فى مسار الكفاح ” وتمر الأيام  ولا تتضح معالم هذا المسار أو يتولد ذلك الوعى المزعوم .. ويصبح الشعار الجامع لتلك النخب ” الحشد.. الحشد.. الحشد ” متمتعا بحصانة ” لا صوت يعلو.. ” فليس مهما أن تفضى تلك الحشود  إلى تكوين ( إتحاد اشتراكى آخر.. أو اتحاد عمال “مجاورى” أوتدبيج اتحاد فلاحين تجمعى الطبع والطابع ومكرور ) تلك الاتحادات التى لا تتجاوز كونها حاوية لتخزين الجمهور مثلما كانت فى وقت سابق وتحولت بمضى الوقت إلى مرتع للمخبرين ومدارس لتخريج النقابيين الصفر أو ” نقاشين ” يجملون وجه النظام إمعانا فى تضليل الشعب ، ولا ننسى أن بعضا من تلك المؤسسات والاتحادات كان فى بداية تكوينه يسبح باسم الثورة والبعض الآخر كان يرفع راية الإشتراكية لأن الطريقة التى بنيت بها كان معيارها ” الولاء .. الولاء .. الولاء” بدلا من ” الوعى .. الوعى .. الوعى ” وهى التى قادتها لتتحول فى

” مسار الكفاح ” إلى مؤسسات معادية للشعب.

إن الفوضى الراهنة فى تشكيل الأحزاب والنقابات و الروابط والاتحادات – رغم أنها  رد فعل لحالة الاستبداد السابقة- تتضمن سلبيات عديدة ستعرضها لمخاطر جمة فى المستقبل القريب إن لم يتم ضبطها من العناصر الواعية التى تدعو لتشكيلها لأنها تشترك مع منطق النظام الحاكم فى عهوده الثلاث السابقة فى الاهتمام بالشكل دون المضمون وبالكم دون الكيف وتتجاهل أن بناءها يجب أن يراعى ويستجيب لأية تغيرات جدية فى المستقبل وما أكثر احتمالاتها؛ علاوة على ما يكتنف منطقها من تنافسية رخيصة وحلقية وعصبوية مقيتة برغم ما نسمعه بين الحين والآخر من دعوات لتحالفات وائتلافات أو جبهات تضم عددا من تلك المؤسسات السياسية والنقابية الجديدة أو تلك.

فالأحزاب السياسية على سبيل المثال تمثل وحدةُ الفكر والإرادة  أهمَ أسس بنائها لأنهما معا يحددان  الوجهة والطريق والتأثير الفعال لبرامجها وتلعبان دورا حاسما بالتبعية فى حشد الجمهور واستقطابه وتفجير طاقاته وتوظيفها ومالم تتوفران فإن باب الانفراط  سيكون مفتوحا على مصراعيه.

أما النقابات والروابط  والاتحادات فهى تبنى من أسفل لا من أعلى وهى لا تنشأ مركزية – كما هو الحال الآن وعلى الدوام- بل محلية ؛ ولا تتشكل كتنظيم واحد بل كنويّات صغيرة فى الورش والمصانع والأحياء والقرى والعزب والنجوع؛ وتستهدف مهمة  محددة أو مهمات محدودة ؛ وتتسع وتكبر فى الكفاح العملى الحى لا فى الاحتفالات والتجمعات الإعلامية والمظهرية ؛ وبإنجازها لعدد من المهمات التى تضطلع بها تتلاقى دوائرها لتشكل دوائر أكبر وتنظيمات  أرقى على نطاق يتسع باستمرار ؛ واستنادا إلى احتدام الكفاح ودرجة تماسك هذه التنظيمات القاعدية المحلية وحجم إنجازاتها وانتصاراتها ومقدرتها على علاج أخطائها وتطويرها والانتقال بها من المعارك الصغرى والنضالات الاقتصادية المحدودة إلى النضالات الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية يمكن ساعتها توحيدها فى تنظيم مركزى واحد  وهكذا..

والتنبيه لهذه المخاطر ضرورة ماسة لأن البناء يستدعى جهودا مضنية فى العمل المحلى وإلماما بكثير من الخبرات والتفاصيل ويستلزم درجة من الوعى والخبرة والصبر والحنكة؛ وقراءة أسباب فشل ماتم بناؤه منها فى السابق من أحزاب ونقابات واتحادات بشكل موضوعى لا يلقى بالتبعة فقط على استبداد النظام الحاكم وديكتاتوريته؛ مع الإصرار على التخلص من روح التنافس والعصبوية والحلقية الرديئة ؛ وألا يرقص على أنغام بعض القرارات العسكرية .. ويجتهد فى قراءة حقيقية مستمرة لميزان القوى المتغير فى المجتمع مدركا أن كل الاحتمالات فى المستقبل واردة وممكنة سواء ما يتعلق بتغير الوضع السياسى بعد الانتخابات القادمة أو بصدام مع تيار الإسلام السياسى أو أحد أجنحته أو انفراد الجيش بالحكم أو أية صيغة مقيدة للديموقراطية أو حتى توازن نسبى بين هذه القوى فى المجتمع.

لذلك يلزم التصدى للإرث السلبى فى بناء الأحزاب والنقابات والروابط والاتحادات بحزم وعزم لأن بناء مجتمع مختلف  عما كان فى السابق يتطلب رؤية أخرى ومنطقا آخر ومعايير مختلفة ويشترط تخوما فاصلة بين ما كان قائما وبين مايجب أن يكون.

لقد كسرت الثورة فى مصر جدار الخوف و فتحت الباب واسعا أمام قوى التغيير وليس من المحتم أن يكون التغيير إلى الأمام لأن ذلك مرهون بالقوى الأكثر جدية والأرفع وعيا والأحكم تنظيما والأعلى خبرة والأوفر إصرارا على الكفاح.

الأربعاء  10 يونيو 2011                            بشير صقر

لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى- مصر

الفلاحون المصريون والبحث عن ميلاد جديد

بشير صقر

الحوار المتمدن – العدد: 3397 – 2011 / 6 / 15

المحور: الحركة العمالية والنقابية

راسلوا الكاتب-ة  مباشرة حول الموضوع

تمهيد :

جدل الطبيعة هو ما يؤسس قوانين الحياة، ومهما كانت تدخلات الإنسان فى نظامها لا تتذكر الطبيعة منها سوى ما يتناغم معها .. فتحتفظ به وتدمجه فى مسارها ، وتنحى ما يتعارض معها وتستبعده.

والتنوع والتوازن آليتان تحكمان الطبيعة منذ بداياتها الأولى .. حيث لا مجال فيها للون واحد أو لميل واحد.. تماما كألوان الطيف تتنوع وتتباين لكنها تتوازن وتتحد وتعطى الضوء الأبيض .

الألوان المبهجة تخلق للنفس متعتها .. وللعين وظيفتها ، وعندما تتوحد وتضئ تنير للعقل آفاقا بعيدة .. وتثير مراكز التفكير والحس فيه ليدرك حقيقة هذه الطبيعة وقوانين الحياة .. وينعم بها.

ورغم ما يكتنفها من تناقض يبدو للبعض غريبا إلا أننا سرعان ما ندرك أنه مفتاح نشاطها وسر استمرارها.

ولأنها ابتدعت لكل كائن فيها – حيا أوجمادا –وظيفة ودورا يتجلى فيه تنوعها وتكاملها واتزانها – بدءا من الحشرات والنباتات والأنهار والبحار وحتى الجبال والهواء- إلا أنها منحت الإنسان –دورا مميزا حتى صار بإعمال عقله وفهم قوانينها سيدا لها ومتحكما نسبيا فيها.

فمن ناحية حين تزمجر الجبال والبحار والزلازل والبراكين والعواصف .. يسرع العلم لنجدة الأحياء ويعيد التوازن ويرمم آثار التمرد الذى أحدثته مفرداتها الصامتة.

ومن ناحية أخرى حين تمنح الطبيعة للبشر – بدعم العلم وإعمال العقل- موارد غذائية تكفى إطعام ضعف أعدادهم الحالية، يسعى البعض لاحتكار تلك الموارد ويحرمون ثلث البشر من حياة مشبعة آمنة ومستقرة وهو ما يدفع الأخيرين للثورة – إن عاجلا أو آجلا – لإعادة توزيع الموارد وتحقيق التوازن للمجتمع البشرى.

ولذلك يكره بعض البشر إعمال العقل والاحتكام للعلم لأنهما يصطدمان برغباتهم الجامحة التى تستبد برغبات بقية البشر وتجنح بعيدا عنها وتعارض قوانين الطبيعة.. وهؤلاء لا يستخدمون العلم إلا فى تدمير الطبيعة والبشر والخصوم .. وربما أنفسهم ، ولا يعملون العقل إلا بما يخدم تلك الأهداف ويسعون لمنعه من بسط سلطانه على العالم ؛ ورغم نجاحاتهم النسبية وهيمنتهم على مساحات ليست قليلة من البشر والطبيعة وإحساسهم المتصاعد بأنهم باتوا أقرب لانتصار نهائى على قوانينها وعلى خصومهم إلا أنهم يفاجأون – فى لحظة لا يتوقعونها – بضربة قاصمة يدركون بعدها أنهم كانوا فى حلم استفاقوا منه الآن.

وهذا ماحدث فى عام 2008 إبان الأزمة المالية العالمية وهو ما يحدث حاليا فى المنطقة العربية بدءا من تونس ومصر مرورا بالبحرين وليبيا وسوريا .. وحتى اليمن.

مصر ومقدمات الميلاد:

وفى مصر تولى الجيش حكمها منذ ستين عاما وحرمها من أبسط الحقوق الديمقراطية ؛ وأبقى على أهلها مفتتين مشتتين دون تنظيمات نقابية أو أحزاب سياسية حقيقية طيلة هذه المدة ، فتبددت موارد المجتمع الطبيعية والبشرية وثرواته وصناعته التى بناها منذ عام 1952 وسقط 40 % من مواطنيه تحت خط الفقر.

– ففى الصناعة وجهت ضربات قاصمة لكثير من الصناعات الرئيسية كالحديد والصلب والألومنيوم والغزل والنسيج والمواد الغذائية ؛ فبيعت شركات صناعية كثيرة للقطاع الخاص المحلى والأجنبى بعشر ثمنها ، وتم تسريح مئات الألوف من العمال ( بالمعاش المبكر وإغلاق المصانع أو تغيير نشاطها.)

– علاوة على عدم تعيين الخريجين فانتشرت البطالة وفاقم من آثارها تعويم الجنيه المصرى الذى انخفضت قيمته إلى النصف وساهم ذلك فى ارتفاع تكاليف المعيشة .

– من جانب آخر تقلصت مخصصات التعليم والصحة والثقافة والبحث العلمى فانهارت المنظومة التعليمية وتدهورت الثقافة وسادت القيم الاستهلاكية والرجعية التى عمقها تواطؤ نظام الحكم على نشاط جماعات الإسلام السياسى ، وانتشرت أوبئة الكلى والكبد والسرطان بشكل واسع.

– أما فى الزراعة فقد جرى تقويض المكاسب الفلاحية المحدودة التى تحققت فى الحقبة الناصرية ( 1952 – 1970 ) كما تم تدمير زراعة القطن وفقد أسواقه والصناعات المرتبطة به ؛ وأعيدت هيكلة الزراعة:

1- برفع الدعم عن مستلزمات الإنتاج الزراعى ( أسمدة ، بذور، مبيدات.. إلخ )

2- ورفع أسعار إيجارات الأراضى الزراعية إلى أكثر من خمسة أمثالها ( بوضع قانون جديد لها ).

3- وكذلك رفع أسعار فوائد القروض الزراعية ، وضرائب الأطيان .

مما أدى لارتفاعات هائلة فى تكلفة الزراعة وتدنى بشدة دخل الفلاحين الصغار والفقراء خصوصا بعد احتكار القطاع الخاص والدولة لتجارة الحاصلات الزراعية ؛ فترك المستأجرون أراضيهم وبدأ الملاك الصغار فى بيع ما يمتلكونه منها.

– ليس هذا فحسب بل وقادت الدولة طرد الفلاحين من أراضى الإصلاح الزراعى وأراضى الأوقاف و الأراضى التى كانت موضوعة تحت الحراسة منذ الحقبة الناصرية لصالح ورثة الإقطاعيين السابقين وعصابات السطو المنظمة على الأراضى والحكام المحليين وأصحاب النفوذ ، واستخدمت فى ذلك أجهزة الشرطة وأحكام القضاء الاستثنائى ( محاكم القيم ) وغيره، ومن قاوم من الفلاحين تم قتله أو التنكيل به وبأهله ؛ فغادرت الريف أعداد هائلة من الفلاحين إلى المناطق العشوائية بالمدن الكبرى.. وبذلك تحولت قطاعات واسعة من الشعب من منتجين للسلع الصناعية والحاصلات الزراعية والخدمات الحيوية إلى عاطلين ومشردين وباعة جائلين أو مروجى سلع استهلاكية تافهة أو مستوردة وإلى خدم وحراس منشآت قيد البناء وأفراد أمن فى شركات الحراسة.. إلخ.

– وفى عام 2007 تم تعديل الدستور – تمهيدا لتوريث الحكم – بإضافة شروط تقطع الطريق على ترشح آخرين لمنصب رئاسة الجمهورية.

– من جانب آخر تهاوت سمعة مصر السياسية إلى أدنى مستوياتها إقليميا ودوليا واشتهرت فى المنطقة العربية بدعمها للكيان الصهيونى وعدائها لحركات التحرر خصوصا الفلسطسينية والعراقية واللبنانية ؛ وانحيازها للولايات المتحدة الأمريكية وسياساتها التى أغمضت العين عن كل دعاوى الديموقراطية التى ترفعها لصالح استقرار أهم حلفائها العرب فى المنطقة.

– هذا وقد شهدت السنوات الست الأخيرة تمرد واحتجاج قطاعات واسعة من الشعب ؛ ونظرا لضعف المعارضة السياسية .. وبعد أن كانت الاحتجاجات قاصرة على النخب السياسية والأحدث السياسية تغير الوضع وانخرط الفقراء والبسطاء فى احتجاجات اقتصادية مهنية الطابع؛ واتسمت تلك الاحتجاجات بالعفوية وضعف التنظيم.. ويمكن القول بأنها لم تكن حركة احتجاجية متصلة ومتصاعدة ومستمرة بالمعنى المعروف بقدر ما كانت تفجرات متناثرة هنا وهناك تركزت فى المطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية ولم ترق لمستوى المطالب السياسية سواء فى أوساط عمال الصناعة والخدمات أو المهنيين .. بينما كانت أدنى مستوى فى صفوف الفلاحين نظرا لضعف الوعى والافتقاد للتنظيم النقابى الذى يجمعهم ويوحد كلمتهم.. إلا أن ذلك السياق قد تخللته ثلاث حالات مختلفة:

الأولى : توصلت احتجاجات العاملين فى الضرائب العقارية إلى انتزاع نقابة عامة مستقلة هى الأولى من نوعها فى مصر خارج النقابات الحكومية علاوة على إحرازها عددا من المكاسب النقابية الهامة التى يمكن اعتبارها انتصارات قيمة.. ومن ثم مثلت أملا لكثير من قطاعات المجتمع.

والثانية : ظهور لجنة الحق فى الصحة التى ضمت عددا من الأطباء المخضرمين ذوى الخبرة المهنية والسياسية تمكنت هى الأخرى من شن حملات واسعة ومؤثرة ضد محاولات النظام الحاكم سن قانون جديد لخصخصة العلاج الصحى وحرمان قطاعات واسعة من الشعب فى التمتع بخدمات هيئة التأمين الصحى الحكومية.. وخلقت رأيا عاما مناوئا للقانون الذى أصدر القضاء حكما بوقف العمل به.

والثالثة: تشكيل اتحاد لأصحاب المعاشات نشط فى أوساط موظفي أجهزة الدولة السابقين كانت أبرز مطالبه إيداع أموال التأمين والمعاشات فى أوعية ادخارية مأمونة كماهو العرف فى كل بلاد العالم ووقف وصاية الدولة عليها أو تحرشها بها.

– وهكذا كانت الاحتجاجات الشعبية المطالبة برفع مستوى المعيشة وزيادة الأجور فى مختلف قطاعات العاملين بأجر تتسع أفقيا .. وليس رأسيا باستثناء حالتى الضرائب العقارية والحق فى الصحة .. وهو ما يعنى أن عوامل السخط والتمرد والشعور بالقهر والمهانة قد تجاورت – جنبا إلى جنب – مع عوامل ضعف الوعى والتنظيم فى صفوف الشعب فى الوقت الذى كانت فيه أحزاب المعارضة الرسمية ” كالتجمع والوفد والناصرى ” فى حالة يرثى لها من الضعف والتفكك والتخاذل بل والتواطؤ .. بينما تعاملت جماعة الإخوان المسلمين مع هذه المعطيات بطريقة انتهازية ميكيافيللية ومفتقرة للهمة والمبادرة، وتجلى ذلك فى امتناعها عن المشاركة فى كثير من الاحتجاجات الهامة ( كإضراب 6 إبريل 2008 ) وإعلانها ذلك فضلا عن عقد الصفقات الانتخابية مع النظام الحاكم ( كما حدث فى انتخابات برلمان 2005 ) كما أكد مرشدها العام السابق؛ ورغم صوتها العالى فقد اختارت فتحى سرور عضو الحزب الحاكم رئيسا للبرلمان – استكمالا لبنود الصفقة- ولم تعترض عليه أو حتى تمتنع عن التصويت .. فضلا عن هزال أدائها البرلمانى الذى كان مخزيا وهابطا طيلة خمس سنوات.

– ولأن فجاجة النظام الحاكم وتبجحه كانا طافحين واستبداده كان طاغيا فقد أسفرت الانتخابات البرلمانية الأخيرة- عام 2010 – عن تفصيل برلمان كامل العدد من أعضاء الحزب الحاكم ” مرصعا ” بعدد محدود من ” المعارضين ” المبرمجين الذين لا يختلفون كثيرا عن بقية أعضائه .. وهكذا صار الوضع مهيأ لتوريث الحكم بتنصيب جمال مبارك رئيسا قادما لمصر.

الشباب مفجر الثورة :

وحيث كان الشباب بين الثامنة عشرة والثلاثين من العمر فى حالة بالغة اليأس والإحباط بسبب البطالة وغلاء المعيشة وضبابية المستقبل وانعدام الرؤية وضعف الوعى ولأن هذه الشريحة من الشعب لم تتمكن من العثور على مخرج لأزمتها أو حتى ثغرة للتعبير عن غضبها .. فقد ضاعف ذلك من حالة السخط والشعور بالاختناق .. التى سرعان ما تفجرت فى مسار الثورة عندما رأى عدد من هؤلاء الشباب ممن يستخدمون شبكة المعلومات الدولية – ويتمتعون بدرجة أعلى من أقرانهم من المعرفة – الاستجابة لانتفاضة الشعب التونسى واستثمار الرياح الساخنة الآتية من ناحية الغرب.. فبادروا بالاعتصام فى ميدان التحرير بقلب القاهرة فى محاولة لانتزاع بعض الحقوق والحريات التى حُرموا منها.

لقد أمسك هؤلاء الشباب بأول الخيط الذى سرعان ما امتد واستطال كلمت تدحرجت البكرة التى يلتف عليها بفعل تزايد المشاركين فى الاعتصام وتنوعهم حيث تكاثرت أعدادهم وتدعمت بمشاركة قطاعات أخرى من الشعب ؛ وتكفل غباء وعجرفة النظام واستعلاء ودموية أجهزة أمنه برفع سقف الشعارات المنادى بها ودرجة سخونتها.. ومن ثم تصاعدت المطالب حتى أصبح مطلب ” الشعب يرد إسقاط النظام ” هو الشعار الأعلى صوتا والأكثر جاذبية للالتفاف حوله.. وهكذا دارت عجلة الثورة .. حتى توصلت لتنحية رأس النظام الحاكم بعد ثمانبة عشر يوما من حرب الشوارع فى عدد من محافظات مصر وعلى رأسها القاهرة والسويس والإسكندرية .

الثورة فجرها الشباب وأصروا على أن يكونوا وقودها ؛ وانضم لها وأججها العديد من قطاعات الشعب، وأعلن حزب التجمع وجماعة الإخوان مقاطعتها منذ البداية .. ثم انضم لها الإخوان بعد يومين تأكدوا خلالهما بأن شيئا جديدا يحدث فى مصر .. وعندما التقوا مع نائب رئيس الجمهورية للتفاوض انسحب نصفهم خارج ميدان التحرير؛ ثم تضاعفت أعدادهم بعد تنحى رأس النظام.

ومن ناحية أخرى شاهدها الفلاحون على شاشات الفضائيات .. وحج إليها المئات من اليساريين المبعثرين ، وحاول الكثيرون ركوبها خصوصا جماعة الإخوان ، وتحدث الجميع باسمها أو ادعوا الانتساب إليها.

الفلاحون والثورة :

يمكن القطع بأن الفلاحين هم أكثر المصريين تضررا ومعاناة من استبداد وفساد أنظمة الحكم التى تعاقبت عليهم طوال تاريخهم وبالذات خلال الأربعين سنة الأخيرة:

• فقد تحالف عليهم نظام الحكم فى عهدى مبارك والسادات مع الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات العاملة فى مجال إنتاج وتسويق مستلزمات الزراعة ( بذور ، أسمدة ..إلخ )؛ حيث أدار مكاتب تلك الشركات فى مصر كثير من أبناء رجال الأعمال والمتنفذين وشخصيات وثيقة الصلة بكبار المسئولين فى الدولة، وكان القضاء على نمط الإنتاج الفلاحى الصغير هو هدف تلك الشركات للسيطرة المطلقة على أسواقها المحلية.

• وشارك فى التحالف كبار الزراع الذين سقطت وتسقط فى أيديهم كثير من الأراضى التى تغتصب من الفلاحين أو يتركها ملاكها الصغار لانخفاض جدواها الاقتصادية ؛ وكان الهدف هو تأسيس المزارع الواسعة المستخدمة للبذور المهندسة وراثيا والهرمونات فيما يعرف بنمط الزراعة الكثيفة.

• فضلا عن كبار المستثمرين فى مجال التصنيع الزراعى .

وقد استخدمت الدولة مع الفلاحين كل الأساليب العنيفة ؛ وغير العنيفة لتحاصرهم وتشعرهم بانعدام الجدوى الاقتصادية لحرفة الزراعة لتجريدهم من الأرض ، بل ولم تخجل من مخالفة القوانين السارية لإزاحة 75 % من الفلاحين ( ملاك أقل من 3 أفدنة ) بعيدا عن الجمعيات التعاونية الزراعية إلى نقابة عمال الزراعة بتغيير صفتهم القانونية من فلاحين إلى عمال مستهدفة حرمانهم من الخدمات التى تقدمها التعاونيات إمعانا فى إبعادهم عن الأرض والزراعة [ القانون المصرى يعرّف الفلاح بأنه : من يعمل بيديه فى حرفة الزراعة ولا يزيد ما يملكه هو وأسرته عن عشرة أفدنة ].

لم تكن تلك المعاناة قاصرة على فلاحى أراضى الإصلاح الزراعى بل شملت كذلك فلاحى أراضى الأوقاف؛ والأراضى المستصلحة القديمة والحديثة ؛ وأراضى الائتمان ( العادية ) ؛ وأراضى وضع اليد ؛ وأراضى البدو .. وكان وعى الفلاحين المتدنى وافتقارهم لتنظيمات نقابية تدافع عنهم ( فالقانون يجرّم تأسيسها ) هو العقبة التى منعتهم من المشاركة فى ثورة 25 يناير 2011 بل وأثرت – فيما سبق – على قدرتهم على صد الهجمات التى يتعرضون لها يوميا لتجريدهم من الأرض وحرمانهم من الزراعة.

لكن واعتبارا من يوم إسقاط رأس النظام السابق بدأ كثير منهم فى السير فى طريق مختلف :

– فشرع بعضهم فى استرداد ما اغتصب منه من أراض .

– وثار آخرون واحتجوا على تعنت الدولة معهم بشأن نقص المياة ومستلزمات الزراعة.

– بينما قام بعض ثالث بالتظاهر ضد هيئات رسمية بعينها أو أشخاص اغتصبوا أراضيهم أوهدموا منازلهم.

هذا وقد فجر بعض المواطنين ( بمنطقة طوسون ) بحى المنتزة / شرق الإسكندرية أولى هذه الأعمال صباح الجمعة 28 يناير 2011 وبعدها تتالت حركات الفلاحين واحدة تلو أخرى:

– كانت الدولة فى مايو 2008 قد قامت بهدم المنازل – التى بناها وسكنها منذ عشر سنوات أهالى منطقة طوسون- فوق رؤوسهم وأزالتها حتى سطح الأرض؛ كانت مساحة الأرض 160 ألف متر مربع يملكها الأهالى بعقود شراء قانونية ، وبرغم حصولهم على حكم قضائى يدين الدولة ويطالبها بإزالة الآثار الناجمة عن هدم بيوتهم و تشريدهم ؛ بل وتعويضهم.. إلا أنهم – ورغم قيامهم بثلاثة وخمسين احتجاجا – لم يتمكنوا من تنفيذ الحكم بسبب مماطلة محافظ الإسكندرية ووزير الزراعة السابقين.

وفى صباح 28 يناير 2011 توجه عدد منهم للمنطقة التى كانوا يسكنونها وأنذروا الحراس بمغادرتها فورا فانصاعوا لهم ، وفى اليوم التالى شرعوا فى تخطيط المنطقة وإعادة بناء منازلهم واقترضوا من بعضهم البعض وسهل لهم تجار مواد البناء شراء ما يلزمهم منها بالأجل.. حيث أتم بعضهم البناء فى 3 أسابيع واستقر فى مسكنه الجديد .. بينما يستكمل الآخرون البناء واستعادة الأمل الذى بدا فى لحظات سابقة بعيد المنال.

– أما فى غرب النيل وفى قرية العمرية بمحافظة البحيرة فقد تصدى الفلاحون مساء 14 فبراير 2011 لهجوم مسلح ببنادق الكلاشنكوف لمجموعة تابعة لرئيس مباحث أمن الدولة بالمحافظة كان قد اغتصب منهم 21 فدانا على ثلاث مرات خلال 5 سنوات؛ وبينما أصابت طلقات الرصاص بعضا من فلاحى القرية فقد استدعت – فى نفس اللحظة – آلاف الفلاحين من القرى المجاورة هبوا لنجدة جيرانهم.. وتفرق المعتدون كالفئران المذعورة- بعد أن أشعلوا النار فى قصر بناه ضابط الشرطة السياسية على الأرض المغتصبة- ليتمكنوا من الهرب خلف ساتر دخانه ، وعلى التو شرع الفلاحون فى استرداد الأرض التى اغتصبها الضابط الكبير وقاموا بزراعتها.

– بعدها مباشرة وعلى بعد 5 كيلومترات من العمرية قام فلاحو قرية البرنوجى باسترداد خمسين فدانا كانت قد اغتصبتها منهم الأسرة الإقطاعية فى أواسط ثمانينات القرن الماضى ، وهو نفس ماحدث فى قرية عزبة عاكف على مسافة كيلومتر واحد من العمرية.

لقد كانت هذه الأيام فى تلك القرى أشبه بأيام الأعراس الحقيقية التى لم يشهدها الريف منذ سنوات طويلة .. وكنت تقابل الفلاحين فى الشوارع مبتسمين والفرحة تعلو وجوههم.

– أما فى منطقة المعمورة بشرق الإسكندرية فقد قام الفلاحون باسترداد سبعة وثلاثين فدانا كانت هيئة الأوقاف ( إحدى مؤسسات الدولة ) قد باعتها – رغم أنها لا تملكها – لجمعيات إسكان ضباط أمن الدولة ؛ وشرطة الإسكندرية وشرطة كفر الشيخ ، وقضاة وزارة العدل ومحكمة النقض وهيئات أخرى.

وكان أحد قادة الفلاحين ( حسن شندى ) قد تعرض للإغتيال فى وقت سابق ( سبتمبر 2009 بسبب مقاومته لاغتصاب الأرض ورفضه التنازل عنها وفضحه لبطلان عمليات بيع الأرض مستندا على وثائق رسمية قدمها للقضاء.

– كما قام بعض فلاحى قرية البقلية بمحافظة الدقهلية- شرق دلتا النيل – باسترداد أجزاء (40فدانا ) من الأرض التى اغتصبت منهم فى منتصف ثمانيات القرن الماضى وقاموا بزراعتها.

– وفى نفس المنطقة قام فلاحو سبعة قرى بمظاهرتين حاشدتين فى مدينة المنصورة عاصمة الدقهلية ضد هيئة الأوقاف التى ترفع إيجار الأرض- التى يستأجرونها ويزرعونها منذ عقود – بشكل متواصل وبمستوى يتجاوز قدراتهم المالية ؛ كما أنها تتعسف فى بيع أرض الكتلة السكنية لهم بأثمان مبالغ فيها مخالفة بذلك القوانين والقرارات الرسمية الصادرة فى هذا الشأن.. رغم أن مساكنهم بنيت عليها منذ عشرات السنين.

هذا وقد تراوحت أعداد المشاركين فى المظاهرات بين 3- 9 آلاف فلاح حاصروا مبنى الأوقاف بالمدينة الذى هرب موظفوه.. بعدها تحول الحصار إلى ديوان المحافظة ، وقد احتك بهم الجيش لكن سرعان ما انتهى ذلك بعد دقائق قليلة.

– وفى محافظتى الشرقية والاسماعيلية تكرر نفس الاحتجاج مرتين فى كل منهما وقد تجاوزت أعداد المشاركين الثلاثة آلاف متظاهر.

– كما نظم فلاحو أراضى الأوقاف مظاهرة أخرى بالقاهرة أمام مبنى مجلس الوزراء ضمت مشاركين من محافظات الدقهلية والغربية والإسكندرية حيث أخطروا رئيس الوزراء وممثل القوات المسلحة بمطالبهم كاملة.

عموما كان أداء الفلاحين فى معظم هذه الاحتجاجات أداء قويا وواثقا وينم عن بأس شديد وعزيمة وحكمة واضحة.

– لقد بدأ الفلاحون فى التحرك بعد 11 فبراير 2011 وبطريقتهم الخاصة فمن كانت لهم أرض مغتصبة استردوها أو استعادوا المتاح منها؛ ومن هوجموا بالسلاح فى أراضيهم ردوا بعنف ، ومن عوملوا بخشونة أثناء احتجاجهم أوقفوا الخشونة بندية واضحة ؛ ومن أرادوا إخطار الجميع بعدالة قضيتهم كان زئيرهم مرعبا يخلع القلوب؛ وفى كل الحالات أعلنوا مطالبهم بجسارة .

– لقد ظل منحنى الاحتجاجات صاعدا وقويا حتى أوقفه المجلس العسكرى ووزارة شرف الحالية بقرار يجرم الاحتجاجات الفئوية.

– كذلك فقد داهم الجيش قريتين فى الثلث الأخير من مارس 2011 واحدة فى محافظة البحيرة ( العمرية ) والأخرى فى شرق الإسكندرية ( حوض 13 بالمعمورة ) وقبض بشكل عشوائى على 9 مواطنين وقدمهم لمحاكمات عسكرية عاجلة انتهت بمعاقبة ثمانية منهم بالسجن 5 سنوات وتذمر الفلاحون لأنهم المعتدى عليهم أصلا بل و دائما ، ولم يتح لمحامييهم مهمة الدفاع أو حتى دخول قاعة المحاكمة التى كانت تعقد فى سجن الحضرة بالإسكندرية ؛ باختصار لم يخضعوا لمحاكمة طبيعية عادلة يقدمون فيها دفوعهم ؛ لقد كان بعضهم قادما لتوه من عمله ولم يشارك فى أية مواجهات أو احتجاجات ، وكان البعض خارج مصر كلها فى توقيت الواقعة ، والثالث فى دوام عمل ، والرابع يعمل خفيرا نظاميا ولا يخضع قانونا لمثل هذا النوع من المحاكمات، وقد حوسب الجميع على مخالفات لم يرتكبوها ووقائع لم يكونوا موجودين فيها بل ولا يوجد شاهد واحد يمكنه التأكيد على وجودهم خصوصا وأن الآلاف من الفلاحين هرعوا من كل القرى المجاورة إلى مكان الواقعة التى حدثت وقت مغيب الشمس.

– خلاصة القول أن هذه المداهمات تركت شعورا مغايرا لدى الفلاحين عن القوات المسلحة غير ما تراكم لديهم عنها طيلة أيام الثورة وأصبحوا فى حيرة من أمرهم .. كيف يستردون حقوقهم من ناحية ؟ وكيف يردون العدوان عن أبنائهم من ناحية أخرى؟!

ما العمل؟!

– الفلاحون يترقبون بريبة وحذر.. فالآمال عريضة والمطالب شتى والشكوك التى تمور فى الصدور كثيرة.. ورغم أن يقينا غيبيا يساورهم بأن الغلبة فى النهاية ستكون للحق ..أى لهم ؛ ويسعى البعض لأن يصير هذا اليقين الغيبى شيئا ملموسا ومرئيا تجرى صناعته بأيديهم شيئا فشيئا.. إلا أنهم – فى نفس الوقت – يعتقدون أن الطريق إليه لم يمهد بالشكل الكافى.

– ولذا يعكف بعض النشطاء على مساندتهم فى تمهيد هذا الطريق؛ ويرون أن تأسيس الروابط والنقابات فى القرى والعزب والنجوع تشكل بداية مناسبة لذلك – بعيدا عن رموز الأحزاب الرسمية التى فقدت مصداقيتها ؛ وبقايا النظام القديم الذى لا زالت لأفكاره السيادة فى المجتمع ؛ وجماعات الإسلام السياسى التى لاترى فى الجماهير هدفا للنشاط السياسى بل أداة يقتصر استخدامها على صندوق الانتخابات ؛ وأساليب النخب السياسية التى منيت بالفشل مرات عديدة- فالفلاحون هم الفئة الوحيدة فى المجتمع التى لا تنتظم فى نقابة ؛ والقانون يجرم إنشاءها ومخاوف الحكام من وجودها هائلة ..

– لقد دلف إلى ميدان النشاط كثيرون واختلطوا.. اختلط من يرون فيه وسيلة للتواجد الإعلامى أو الحزبى الشكلى .. بمن يرونه وسيلة لاستعادة تاريخ ضائع أومجد انطفأ .. بمن يحاولون إلحاقه بالدولة ..بمن يبذلون الجهود الصادقة لبث الوعى وبناء نقابات حقيقية.. لكن القطع بنتيجة محددة سلفا للوضع الراهن يعد ضربا من التنجيم .. الأسهل منه القطع بأن الأوضاع فى مصر تحتاج لانتفاضة أخرى وربما انتفاضتين.

الجمعة 14 إبريل 2011                                  بشير صقر

عضو لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر

بيان بشأن الدعوة لوضع حد أدنى لعقد إيجار الأرض الزراعية الذى تنادى به وزارة التضامن الاحتماعى

 

طرحت لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى فى وقت سابق ( 2009 ) عددا من المطالب العاجلة للفلاحين المصريين التى ترى تطبيق عدد من الإجراءات  الضرورية لدعم الإنتاج الزراعى بشكل عام وتساعد الغالبية العظمى من الفلاحين المنتجين للحبوب ومحاصيل السكر والألياف على الاستمرار فى الزراعة ووقف مغادرتهم للأرض وتشجع ملاك الأرض الصغار على الامتناع عن بيع أراضيهم ؛ وعلى رفع إنتاجية الأرض والعناية بها والحفاظ على خصوبتها واستمراريتها فى الإنتاج بمستوى ثابت من الكفاءة.

وكان وضع حد أدنى لمدة عقد إيجار الأرض الزراعية واحدا من هذه الإجراءات الملحة والضرورية التى تساهم فى رفع كفاءة الأرض وتعظيم إنتاجها –وهذا الإجراء  ضمن إجراءات أخرى مثل وضع سقف لأسعار الإيجارات الزراعية؛ وخفض أسعار فوائد القروض ؛ ودعم وسائل الإنتاج الزراعى ( تقاوى ، أسمدة ، .. إلخ ) وتفعيل عدد من القوانين المعطلة عن العمل(مثل ق 51/ 1973 الخاص بإعفاء ملاك 3 أفدنة فأقل من ضريبة الأطيان )، والتوقف عن مخالفة قانون الزراعة رقم 33 لسنة 1966 الذى تنص المادة 90 منه بإلزام الجمعيات الزراعية بتسجيل حيازة الأرض باسم زارعها وليس مالكها- يساهم فى تخفيض تكلفة الزراعة وزيادو دخل الفلاحين.

ويهم اللجنة الإشارة إلى أن سعى وزارة التضامن والعدالة الاحتماعية للتأكيد على هذا التوجه بغرض توفير الحد الأدنى لغذاء المجتمع المصرى من الحبوب والسكر والسلع الضرورية يأتى متوازيا ومكملا  لمطالب اللجنة لكنه وحده ليس كافيا للنهوض بالإنتاج الزراعى بشقيه النباتى والحيوانى عموما ووبإنتاج الحبوب ومحاصيل السكر على وجه الخصوص لكنه يمثل خطوة هامة إلى الأمام.
باختصار نقترح كخطوة أولى خمس سنوات حدا ً أدنى لمدة عقد الإيجار الذى يجب أن يكون موثقا لسد الثغرة التى تنشأ عن زيادة الطلب على الأرض الزراعية عن المعروض منها ويمكن أن تؤدى إلى سوق سوداء فى الإيجارات الزراعية؛ وهذه المدة كفيلة بخلق حالة استقرار نسبى فى العلاقة الإيجارية وتتيح للمستأجر العناية بالأرض وبذل الجهد فيها وإضافة الأسمدة بأنواعها وتتيح له فرصة الحصول على عائدها من الأرض حيث يمثل استقرار العلاقة الإيجارية وعدالة الإيجار عاملين هامين فى رفع الإنتاج ورضى الفلاحين المستأجرين للأرض .

وتشير اللجنة إلى أن رفع أسعار المنتجات والحاصلات الزراعية تمثل عاملا حاسما على نفس الطريق لرفع دخول الفلاحين وإعادة الاعتبارلهم و للزراعة و الإنتاج الزراعى .. على ألا ينعكس ذلك على أسعار غذاء الشعب بما يعنى ضرورة تحمل الدولة لعبء دعم المنتجين الزراعيين الصغار والحفاظ على  أسعار الغذاء فى متناول الفقراء.

هذا وتنوه اللجنة إلى توجه خطير ستنعكس آثاره على آمال وزارة التضامن وعلى غذاء الشعب ومستقبل الزراعة المصرية وهو ضرورة أن تطبق وزارة الزراعة سياسة جديدة وتتخذ مسلكا مغايرا لسياستها ومسلكها فى العهود السابقة وتمتنع عن مخالفة القانون بإصرارها على اعتبار أعضاء الجمعيات الزراعية المالكين لأقل من 3 أفدنة ( حوالى 70 % من الفلاحين ) عمالا زراعيين وذلك تمهيدا لإزاحتهم خارج الجمعيات وحرمانهم من خدماتها  تمهيدا لقصر خدماتها على كبار الزراع .

باختصار توفير غذاء الشعب يتطلب إجراءات عملية محددة وتشريعات تحميها وتعاون بين الوزارات ذات الصلة ومناخ يساعدها على التنفيذ ولايقتصر فقط على النوايا الحسنة.

لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر

موقع اللجنة:www.tadamon.katib.org

إيميل اللجنة:egyptianpeasantsolidarity@ gawab.com

 

ندوة علمية بقصر الثقافة تفتح الطريق لاستئناف زراعة الأرز بالفيوم

رغم تهرب مسئولى الرى من المشاركة ومناقشة الفلاحين:

ندوة علمية بقصر الثقافة تفتح الطريق لاستئناف زراعة الأرز بالفيوم

عميدة زراع الأرز والفلاحون وأصحاب المضارب يُجمعون على :

أن وقف زراعته لم يوفر الماء .. بل أدى لتملح التربة

طريقة جديدة فى الزراعة وسلالات مبتكرة توفران 60 % من مياة الرى

حكم قضائى ضد قرار قرار المحافظ السابق بوقف الزراعة..

يفتح الطريق لاستئناف زراعة الأرز بالمحافظة وينقذ التربة من البوار

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

نظم مركز دعم التنمية بالقاهرة وجمعية تنمية المشاركة المجتمعية بالفيوم ندوة علمية عن “زراعة  الأرز ومياة الرى بالفيوم ” فى السادسة من مساء الجمعة 22 إبريل 2011 بقصر ثقافة الفيوم ضمت عددا من فلاحى المحافظة ومن أصحاب مضارب الأرزوشباب ثورة يناير، وشارك فيه د. سعيد سليمان أستاذ الوراثة بكلية الزراعة بالزقازيق وفلاحة الفيوم الحائزة على جوائز الإنتاج الزراعى منذ 1967 – 2009 وصاحبة طريقة زراعة الأرز على شرائح السيدة نوال خميس؛ وأداره د. حسن أبو بكر أستاذ المقاومة الحيوية بكلية الزراعة جامعة القاهرة .. وغطاه من جريدة المصرى اليوم كل من ملك عبد العظيم  ونمير أحمد.

هذا وقد تغيب عنه رغم دعوته السيد وكيل وزارة الرى بالفيوم.

بدأت الندوة بالتعرف على آراء وتقديرات عدد من الفلاحين والزراع الذين كانوا ينتجون الأرزقبل وقف زراعته منذ عام  2008 وأصحاب المضارب .. وتلخصت وجهات نظرهم فى:

الفلاحون والمزارعون:

1-  وقف زراعة الأرز منذ 3 سنوات أضرّ بتربة الفيوم المنخفضة عن مستوى أراضى وادى النيل وراكم فيها الأملاح عاما بعد عام.

2-    كما أضر ضررا بليغا بدخل الفلاحين ومستواهم الاقتصادى.

3-    وأثر على إنتاج المحاصيل البديلة للأرز كالذرة الشامية.

4-    بل وأثر على كل المحاصيل التى كانت تزرع فى أعقاب حصاد الأرز كالفول.

5-  ولم يوفر المياة التى قيل أن وقف زراعة الأرز سيوفرها .. حيث ظل الفلاحون الزارعون للأراضى الموجودة فى نهايات البحور يعانون بنفس المستوى حتى بعد وقف زراعة الأرز .. فتصحرت الأرض من غياب المياة .. وانهارت زراعاتهم.

6-  بسبب تدهور إنتاجية الأرض وتدنى إنتاج المحاصيل البديلة .. اضطررنا  لتأجير الأرض أو تركها دون زراعة فى حالة عزوف الفلاحين عن تأجيرها.

7-    فضلا عما يعانيه أهالى المحافظة المستهلكين للأرز من ارتفاع أسعاره حيث بلغ سعر الكيلو أربعة جنيهات.

وأضاف أصحاب مضارب الأرز:

1-  لقد أغلقت المضارب أبوابها .. وتم تسريح عمالها فتضررنا بشدة وفقد العمال عملهم وساءت أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.

2-  انخفضت أعداد الدواجن والطيور التى كان الأهالى يقومون بتربيتها اعتمادا على تغذيتها بفضلات المضارب من السرس والحت والكسر.

3-    لم تفلح محاولاتنا فى استجلاب أرز من خارج المحافظة لتشغيل المضارب.

هذا وقد طالب الفلاحون والمزارعون وأصحاب المضارب بإعادة زراعة الأرز لعلاج جملة الآثار الكيماوية والفيزيائية والزراعية والاقتصادية والاجتماعية التى نجمت عن وقف زراعته .. حيث أن الأسباب الحقيقية لوقف الزراعة لا علاقة لها بما يتم إعلانه عن توفير مياة الرى للأرض الموجودة فى نهايات البحور.

ثم تحدثت السيدة نوال خميس وأكدت على الآتى:

1-  رفضتُ وعارضتُ وقف زراعة الأرز بالفيوم .. واختلفت فى ذلك مع وزير الزراعة ومحافظ الفيوم آنذاك ( عام 2008 )؛ وأكدت لحظتها على أن القرار سيضر بتربة الفيوم أولا وبدخل الفلاحين ثانيا وبمضارب الأرز وأصحابها والعاملين فيها ثالثا ، وقد تحقق ما حذرت منه بالحرف.

2-  أن وقف زراعة الأرز لا توفر أية مياة فى العروة الصيفى حيث أن المحصول البديل ( الذرة ) يحتاج للرى كل سبعة أيام تماما مثل الأرز، والفارق الوحيد هو رية الشراقى فى زراعة الأرز التى تزيد مياهها قليلا عن مثيلتها فى الذرة.

3-  خسارة الفلاحين لعرش الأرز الذى يستخدم ( بإضافته إلى مكونات أخرى ) فى تغذية الماشية وهو لا يقل عن 6,5 طن من كل فدان ويباع بسعر ألف جنيه للطن.

4-  اقترحت على المسئولين فى مديرية الزراعة والمحافظة الإبقاء على زراعة الأرز مع تغيير طريقة زراعته لتصير بطريقة الشرائح ( المساطب ) بدلا من طريقة الغمر .. وأطلعتهم على التجربة التى قمت بها فى أرضى وأشرفَتْ عليها أهم مؤسسة مائية فى الشرق الأوسط ( معهد بحوث المياة بالقناطر الخيرية ) وتابعتْها من أول يوم  حتى موعد الحصاد.. وأسفرت عن توفير 60 % من مياة الرى مقارنة بالطريقة التقليدية ( طريقة الغمر )؛ أى أن فدان الأرز سوف يستهلك بهذه الطريقة الجديدة 3500 متر مكعب بدلا من 9000 متر مكعب ، وأوضحت لهم أن الرية الأولى فقط هى التى ستكون غمرا لغسل التربة وتخليصها من الأملاح.

كذلك أفهمتهم أن ماذكرته لهم  تجاوز حدود التجربة..  حيث قمت بزراعته فى مساحات كبيرة من  الأرض واستخدمها فلاحو قريتى ( بياهمو ) وزاد الإنتاج بمعدل 6 % مقارنا بالطريقة العادية.. لكن ماقلته لم يلق قبولا ولم يجد أذنا صاغية.

هذا وقد تطرقتْ السيدة نوال  لشرح مفصل لكيفية إعداد الأرض للزراعة وتسويتها بهذه الطريقة سواء فى تخطيطها أو إعداد المشتل أو طريقة الشتل وموعده وموضع غرس الشتلات وكيفية الرى والتسميد وإضافة مبيد الحشائش حتى الحصاد ..

بعدها تعرض أستاذ الوراثة د.سعيد سليمان لدوره فى استنباط أصناف جديدة من الأرز تقل احتياجاتها المائية عن الأصناف الأخرى المتداولة فى الزراعة ( مثل عرابى 1 ، عرابى 2 ) وكيف أن ذلك عرّضه لمتاعب جمة حيث تلقى تهديدات بالقضاء على مستقبله وبالرغم من ذلك لم يعبأ بها وأوضح :

1- أن الأصناف التى استنبطها  لا تحتاج لكميات مياة تزيد عما يحتاجه محصول آخر كالذرة ومن هنا فهو يوفر مياة الرى.

2- أن نبات الأرز ليس نباتا محبا للغمر بل هو نبات يتحمل الغمر .. وهناك فارق كبير بين الحالتين.

3- أن الطبيعة منحت الآسيويين محصولا للحبوب يتناسب مع طبيعة أراضيهم ومناخهم هو الأرز ؛ ومنحتنا محصولا آخر للحبوب يتفق مع أرضنا ومناخنا هو القمح ؛ رغم أن مناخنا وأرضنا صالحان لزراعة الأرز أيضا.

4- أنه يُجْرى تجارب تستهدف استنباط سلالات من الأرز يمكن زراعتها فى الأرض الرملية ( الصحراوية ) وتروى بالرش أو بالتنقيط واحتياجاتها المائية قليلة مقارنة بالأصناف التى عرفها المصريون.

5- أن استخدام طريقة الشرائح التى عرضتها السيدة نوال خميس هى الطريقة المثلى فى توفير مياة رى الأرز وهذه الطريقة مع استخدام السلالات التى أشرت إليها تحققان هدف تقليل مياة الرى عما هو مستخدم فى الزراعة  بالطريقة التقليدية ( الغمر ).

6- واختتم حديثه بالقول أن زراعة هذه السلالات  بطريقة الشرائح ستمكننا من الحصول على محصول من الأرز يساوى ضعف ما كنا نحصل عليه باستخدام ضعف كمية مياة  الرى وضعف المساحة.

وأبدى استعداده لمد الفلاحين بالكميات التى يطلبونها من التقاوى من الأصناف الموفرة لمياة الرى على أن يكون ذلك اعتبارا من الموسم الزراعى القادم 2012 .

هذا وفى الكلمة الختامية فى الندوة ذكر ممثل لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى مايلى :

1-  السبب فى وقف زراعة الأرز بالفيوم ليس توفير مياة الرى للأرض الكائنة فى نهايات البحور ؛ بدليل أنها لا زالت عطشى حتى بعد وقف زراعة الأرز اعتبارا من الموسم الزراعى 8 200 / 2009 وحتى الآن.. لكن السبب فى بطن من أصدر قرار المنع .

2-  الجميع يعرف أن المحصول الصيفى البديل للأرز وهو الذرة يتم ريه كل 7 أيام ويحتاج لنفس المخصصات المائية للأرز وهو ما يبطل حجة توفير ماء الرى.

3-  أن المشاكل الخاصة بزراعة ورى الأرز وبتربة الفيوم وبمنع زراعته تتوفر حلولها جميعا داخل محافظة الفيوم وبأفكار أبنائها.

4-  وحيث أن قرار وقف زراعة الأرز الذى أصدره المحافظ السابق قرار إدارى ويخالف القانون فقد تنبه له المستشار  سعيد السيد إبن قلمشاه مركز إطسا وحصل على حكم قضائى بوقفه وأبطله وهذا الحكم ما زال ساريا حتى الآن.

5-  والطريقة المبتكرة لزراعة الأرز بالشرائح التى استوردتها السيدة نوال خميس  فى رحلتها لإندونسيا توفر أكثر من نصف مياة الرى التى يتعلل بها كثير ممن لا يريدون للفلاحين زراعة الأرز ؛ علاوة على أن استخدام السلالات الجديدة التى ابتكرها د. سعيد سليمان  سيوفران معا جزءا كبيرا من مياة الرى.

6-  ان المشاكل التى تراكمت فى سنوات  لا يمكن حلها فى أيام .. والمشاكل التى تشمل أعدادا كبيرة من المواطنين  لا يمكن حلها بشكل فردى .. بل يتحتم حلها بشكل جماعى . والمتربصون بالشعب كثيرون ويجب أن نفوت  الفرصة عليهم حتى لا يستثمروا  أية أخطاء يرتكبها من يتصرفون بشكل فردى من الفلاحين.

ولذلك على الجميع استخدام طريقة الشرائح والسلالات الجديدة ذات الاحتياجات المائية القليلة التى ذكرها  د. سعيد وذلك إذا ما قرروا زراعة الأرز ، ويمكن الاتصال بالسيدة نوال خميس ؛ د. سعيد سليمان لمزيد من التفاصيل والإرشادات.

وأريد التأكيد على أن الأرض الموجودة فى نهايات البحور وفلاحوها لهم نفس الحقوق التى للأرض وللفلاحين الموجودين فى بدايات البحور وهذا يعنى ( أنه لا يصح أن يكون لفلاح الحق فى أن يبلبط فى الماء بينما الآخر يحتاج لنقطة ماء أو لشربة ميّة )

7-  أن المحاذير الأخيرة يلزم التنبه لها جيدا .. لأن الخطوة القادمة  لمن لا يريدون للفلاحين زراعة الأرز هى بيع مياة الرى للفلاحين .. وهو ما سيضع الزراعة والفلاحين فى موقف صعب .

ويهم لجنة التضامن مع  فلاحى الإصلاح الزراعى أن تشير إلى مايلى :

لقد قال العلم كلمته وقالت التجربة والخبرة العملية كلمتها ؛ وقال القانون كلمته وصار الطريق ممهدا لاستئناف زراعة الأرز فى الفيوم .. لكن على جانبى هذا الطريق ما زال هناك من يتربصون بالفلاحين ، فلا يجب أن نعطيهم الفرصة ولا يجب أن نعود لطريقة الزراعة القديمة ( الغمر ) ولا للسلالات التى اعتدنا على زراعتها فالسلالات الجديدة توفر الماء  الذى يجب أن نحرص عليه وعلى من يستخدمونه معنا تماما كحرصنا على حدقات عيوننا.

السبت 23 إبريل 2011      لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر

فلاحة الفيوم .. عاشقة الأرض والزراعة .. ومحطة البحوث المتنقلة

لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى مصر

الحوار المتمدن العدد: 3343 – 2011 / 4 / 21

نوال خميس

بنت قرية بياهْمو.. بالفيوم

عاشقة الأرض والزراعة .. ومحطة البحوث المتنقلة

،،،،،

على امتداد نصف قرن من النشاط والإبداع والكدّ والاطلاع :

حولت أرضها إلى مركز للبحوث الزراعية

ومنزلها إلى ملتقى للبحاثة

وخبرتها إلى مستشارية .. لكل من يطلب العون

فى زراعة الأرض .. وتدبير المياة .. ومكافحة الآفات الزراعية

،،،،،،،،،،،،،،،،

لم تتقلد وظيفة .. ولم تتطلع لمنصب ..ولم تجْر وراء مسئول

فأصبحت محط أنظار الجميع وقبلتهم .. فلاحين وباحثين .. مزارعين ومسئولين

اعتمدت على القراءة والاطلاع ..

فتجاوزت حصيلتها النظرية ذخيرة حاصلين على درجات علمية

مارست التجريب والمشاهدة..

فتعلمت من أبسط الفلاحين فى قريتها

زرعت أرضها بيدها

فاكتشفت العلاقة العميقة بين العلم والعمل

والصلة بين الأرض والنبات والإنسان

وصارت قدوة لفلاحى المنطقة

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

أجرت تجارب حقلية لزراعة الأرز وفرت بـها 60 % من ماء الرى فى 2003

بإشراف معهد بحوث المياة وطبقتها فى أرضها وعممتها على فلاحى قريتها

قراروقف زراعة الأرزبالفيوم بدواعى قلة مياة الرى

أوقف غسل الأرض بماء الرى وأدى لتدهورالتربة الزراعية

قبل أن يقضى على دخول الفلاحين ويغلق مضارب الأرز

الاستمرار فى زراعة الأرز بالفيوم ممكنة بحصتها السابقة من ماء الرى

مع الحفاظ على مستوى إنتاجية الأرض وخصوبتها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نموذج نادر للفلاحين المصريين، وطراز فريد لامرأة فرعونية ..لا تقابل مثله إلا كل عدة عقود من السنين وربما كل قرن ، يعيدك أو يرد ذاكرتك إلى بداية الحضارة.. حيث استقر الإنسان على شواطئ الأنهار واكتشف الزراعة .. وعمّر الأرض المحيطة .. ونشر التآزر والتعاضد والمحبةوأوصلته خطواته إلى ما بعد حدود النظر.

إنه الفلاحة العظيمة البسيطة بنت قرية بياهْمو مركز الفيوم نوال خميس .. كريمة العمّ إبراهيم محمد خميس ووحيدته .

أطلت على الدنيا فى خريف عام 1936 وبالتحديد فى 11 نوفمبر، ومنذ جلوسها على مقاعد الدراسة فى المرحلة الابتدائية أمدها أبوها بفيض من الحب والنصائح والكتب.. وأثار فضولها ونهمها لممارسة الزراعة .. وبث فيها جماع خبرته بالحياة والأرض وكل آماله .. فأينعت ونمت وصارت باسقة ومثمرة وكانت خير معين له فى زراعة الأرض ومحطا للافتخار بما كانت تغله من إنتاج وبما حققته لأبيها من سمعة ناصعة متألقة على المستويين المهنى والاجتماعى ..

لقد أطالت نوال خميس عنق والدها كزرافة تبلغ – بيُسرأبعد مما يحققه بعناءأكثر الأبناء موهبة وفطنة وعلما ليس فى قريتها فقط بل فى محافظة الفيوم بكاملها، فأصبحت الفتاة اليانعة فلاحة مقتدرة، وصارت البنت الوحيدة عمودا ثابتا يقيم خيمة العم إبراهيم خميس ويشد أركانها بقوة واتزان

تزوجت نوال وانتقلت لمنزل زوجها بمدينة الفيوم .. ومعها حملت ذكرياتها فى القرية وتاريخها القصير فى حرفة الزراعة .. وآمالها وطموحها فى معشوقتها الأثيرة .. الأرض الزراعية لمدة لا تتجاوز سنتين؛ عادت بعدها بصحبة أسرتها الجديدة إلى كنف قريتها بياهْمو حيث دفء مهدها القديم؛ عادت بكل آمالها وما استجدّ عليها .. إلى أحضان أرضها وزراعتها مثلما تعود السمكة إلى الماء لتستأنف نشاطها فى تربية النباتات وتنشئة الأبناء.

وإزاء المسئوليات الأسرية الجديدة كنت تضبط الساعة على حركتها:

تستيقظ فى السادسة والربع صباحا وتعد الإفطار لأسرتها.

فى السابعة والربع تنتهى الأسرة من الإفطار، ويخرج الزوج والأبناء إلى عمله ومدارسهم.

فى السابعة والنصف تكون فى الأرض .. تمارس عملها أو تشرف عليه حتى الثانية عشرة ظهرا.

فى الثانية عشرة والنصف تعود للمنزل لإعداد الغداء واستكمال الأعمال المنزلية.

فى الثانية والنصف مساء تجتمع الأسرة على مائدة الغداء، وبعده يخلد الزوج للنوم بينما يبدأ الأبناء مذاكرة دروسهم بمساعدتها فى سنوات الدراسة الأولى.

فى المساء تعد لأعمال الزراعة لليوم التالى، وتمارس حياتها مع أسرتها الصغيرة ومع والديها ، وأحيانا تقوم ببعض الزيارات العائلية فى عطلة نهاية الأسبوع .. وهكذا.

ولا يختلف هذا النظام إلا فى مواسم الإعداد للزراعة ؛ ومواسم الجنى والحصاد ؛ ومقاومة الآفات الزراعية ولفترة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع.

فى أى مجالات الزراعة نشطت ؟ :

لأن فلاحتنا نشأت فى إحدى قرى محافظة الفيوم فقد كانت زراعة الأرز هى إحدى مجالات نشاطها .. ناهيك عن كونها إحدى شواغلها.

فأرض الفيوم نشأت منذ القدم بعيدة عن الوادى ، ووصلتها مياه النيل بسبب انخفاضها عن أرضه ؛ حيث تسمى هذه المنطقة بمنخفض الفيوم.. وهناك تتجمع المياة فى بحيرة قارون، ولأن الطبقات الصخرية فى تلك المنطقة قريبة من التربة الزراعية.. وبسبب انخفاض المنطقة منسوبة لوادى النيل كما ذكرنا .. فقد ساهم كل ذلك فى ظهور آثار تلك الطبقات الصخرية وما تحملة من أملاح على التربة الزراعية ؛ ومن ثم كان الاحتياج لغسيلها يمثل أحد الشروط التى تضمن نجاح عملية الزراعة لكثير من المحاصيل فيها.

فى وقت سابق كان فلاحو الفيوم يزرعون نبات السماريصنع منه الحصيرالذى يحتاج لكميات كبيرة من المياة مثل الأرز مما كان يساعد فى غسل التربة التى تتم زراعته فيها؛ ولأنه كان محصولا اقتصاديا فى ذلك الوقت حيث يصنع منه الحصيرالذى يغطى أرضيات منازل الأغلبية الساحقة من الفقراء وكذا أرضيات المساجد وغيرها كما كان يستخدم فى الأعياد والموالد والمناسبات والاحتفالات الدينيةفقد ساهم ذلك فى استمرار غسل التربة بماء رى محصول السمار.

وهكذا بانخفاض القيمة الاقتصادية للسمار لتناقص استخداماته السابقة فقد استبدله الفلاحون بنبات الأرز ؛ وبسبب وفرة مياة نهرالنيل .. لم تظهر مشكلة تملح تربة الفيوم الزراعية إلا فى العقود الأخيرة نظرا لتزايد استخدامات المياة فى أغراض غير زراعية وغير اقتصادية.

ومنذ الموسم الزراعى 2008 / 2009 واستنادا لصدور قرارات إدارية بوقف زراعة محصول الأرز فى 5 محافظات منها الفيوم ؛ عادت مشكلة تملح التربة الزراعية أكثر تفاقما من أى وقت سابق، حيث أن وقف زراعته فى محافظات الوادى التى يختلف تكوين تربتها عما هو الحال فى الفيوم ولا تعانى من مشكلة التملح لا يمثل مشكلة للأرض الزراعية فيها بصرف النظر عما يسببه من مشاكل أخرى لزراع الأرز أو لأصحاب المضارب أو للجمهور المستهلك له. وعليه لم تعانى تربة المحافظات الأخرى التى أوقفت فيها زراعة الأرز كما عانت تربة محافظة الفيوم استنادا إلى افتقار تربتها لعملية الغسيل المشار إليها.

لذلك كانت زراعة الأرز إحدى شواغل فلاحتنا القديرة .. وكانت مياه ريه تشكل هاجسا آخر من هواجسها .. فماذا فعلت فى الأمر؟!

أولا.. لمحاصرة إهدار المياة فى رى الأرض المستديمة التى يزرع فيها الأرز بما يسمى رية الغمر قبل الزراعة.

وثانيا .. لتقليص ما يتم تبديده من مياه فى الريات الاعتيادية والتى تتم كل 3 أيام بعد الشتل.. وهكذا.

لقد قامت بزراعة الأرز على مصاطب بالشكل الآتى:

1-قسمت الأرض إلى مصاطب( شرائح ) بعرض 85 سم أ وأقامت خطا على المصطبة بعرض 35 سم ؛ وتركت بقية المصطبة خالية.

2-بعد رية الغمر الأولى ( للتخلص من الأملاح الضارة والزائدة ) نقلت الشتلات إلى الأرض المستديمة على جانبى الخط فقط .

3-روت الأرض كل 7 أيام وذلك بتمرير الماء فى وسط الخط فقط بعيدا عن بقية المصطبة.

4-ولأنها واثقة مما تفعل فقد أشركت معهد بحوث المياة فى القناطر الخيرية فى التجربة التى أشرف عليها د. يسرى عطا الله.. حيث وضع جهاز لقياس معدل تصرف ( مرور ) الماء المستخدم فى الرى فى مدخل قناة الرى عند نقطة التقائها بالحقل.

هذا وقد اسفرت التجربة عن النتائج التالية:

استهلاك الأرز المزروع بهذه الطريقة من ماء الرى لا يتجاوز 40 % من كمية الماء المستخدمة فى الطرق التقليدية فى الزراعة والرى.

الأرز الناتج لم يتعرض للرقاد (الميل على جانبه) عند الحصاد.

كما لم يتعرض للعرق ومن ثم لا يحتاج لعملية تقليب كما هو متبع مع الأرز المزروع بالطرق الأخرى.

زيادة المحصول بنسبة 4 % فى السنة الأولى ، 6 % فى الثانية.

المساحة المغطاة بالشتلات عند الزراعة = مساحة الخط ÷ مساحة المصطبة =

35 سم ÷ 85 سم = 41 % من مساحة الأرض ..

وهو مايعنى عدم ارهاق كل مساحة الأرض من ناحية، والحفاظ على الجزء الأكبر من خصوبة التربة من ناحية أخرى.

كما قامت بنقل تجربة استثنائية (تعلمتها فى زيارة تدريبية سريعة إلى إندونيسيا فى عام 2003 )

وتسمى زراعة الأرز بدون ماء ، ولتوضيح ماقامت به نوال خميس نذكّر أن الطرقة التقليدية المتبعة فى زراعة الأرز فى مصر تتم كالآتى:

1-إعداد الأرض للزراعة ، بعمل أحواض فى الأرض المستديمة التى تروى غمراللتخلص من الأملاح الزائدة والضارةقبل نقل الشتلات إليها.

2-تروى الأرض بعد ذلك بشكل منتظم كل 3 أيام حتى قبيل الحصاد، وهذا يعد مبالغة فى استخدام المياة.. إلى حد تسميته بهدر مياه الرى.

ولذلك يتضح من الطريقة التى استخدمتها نوال خميس فى زراعة الأرز مدى الفارق الشديد مع الطرق التقليدية:

1-أعدت الأرض المستديمة وروتها غمرا مرة واحدة للتخلص من الأملاح الزائدة والضارة وتركتها 15 يوما .. ثم تخلصتبعزق الأرض من الحشائش التى ظهرت.

2-قسمت الأرض إلى مربعات طول ضلعها 25 سم ؛ ونقلت الشتلات إليهافى عمر عشرة أيام وبطول يتراوح بين ( 1- 2 سم ) – مزروعة على رؤوس المربعات.

3-روتها مرتين كل 7 أيام ؛ ثم بانتظام كل 15 يوما حتى طرد ( ظهور ) السنابل، ثم كل 7 أيام حتى قبيل الحصاد نظرا لاحتياج السنابل للماء حتى تمتلئ، وإلا تعرضت الحبوب للضمور بسبب قلة الماء.

وهذه الطريقة تحتاج لحرص شديد ودقة بالغة ومتابعة مباشرة فى الأيام الأولى لعملية الزراعة وهى توفر الماء وتبكر موعد نقل الشتلات

وبسبب صلاتها الوثيقة والمستمرة بالبحاثة الزراعيين وبمراكز البحوث .. حصلت على إحدى سلالات الأرز المهجنة من د. فوزى نعيم مدير مركز بحوث سخا بكفر الشيخ والمستشار بمعهد بحوث الأرزوأسفرت زراعتها فى أرضها عن:

1-وزن التقاوى المستخدمة للفدان 6 كجم أى لا تزيد عن 10 % من وزن تقاوى السلالات الأخرى 60 – 70 كجم لكنها تزيد فى الثمن بـ 15 جنيها.

2- ينتج النبات فى السلالة الهجين ما بين 75 – 86 خلفة ، بينما لا يتجاوز عددها 50 – 60 خلفة فى طرق الزراعة والسلالات الأخرى.

3-يحمل العود الواحد حوالى 160 حبة ولا يتجاوز العدد فى الطرق والسلالات الأخرى 95 – 105 حبة.

4-ينتج الفدان 6,5 طن من المحصول بينما فى السلالات الأخرى والطرق التقليدية لا يزيد عن 3 – 3,5 طن.

الأهم من كل ذلك أن نوال خميس لم تستأثر لنفسها بتلك النتائج التى حصلت عليها فى كل التجارب المتنوعة التى أجرتها بل أعلنتها على الملأ .. وروّجت لها بين فلاحى قريتها وفلاحى مراكز الفيوم الستة فقامت بإلقاء العديد من المحاضرات لتحفيز الفلاحين لزراعتها ، وسعت لدى المسئولين بالمحافظة لتبنيها.. فهى تدرك أن ما وفقها الله فيه من نتائج علمية ومحاصيل وفيرة يجب أن تعم خيراته كل الناس الذين يمتهنون نفس المهنة .. لسبب بسيط أنها تتبنى قناعة منذ صغرها مفادها من جد وجد ؛ ومن وهبه الله ..لابد أن يفيض بخيره على المحيطين به.. لأن الله سخره لتلك المهمة فى خدمة البشر.. حسبما أشارت كلماتها.

ســـــــر التفــــــوق

لقد رشفت فلاحتنا القديرة من الأرض بعضا من سمرتها ميزت لون بشرتها.. وأدركت منذ طفولتها كثيرا من خصال الأرض التى لا يعرفها الكثيرون فتشربتها بالمعايشة شيئا فشيئا.. وكانت بمثابة ختم الاعتماد .. أوالوثيقة التى تربطها بها على الدوام.

فالأرض ترى وتحس وتتأثر مثل أى كائن حى : تعطى من يعطيها ؛ وتفيض على من يغدق عليها الجهد الوفير والدأب والمثابرة، تبتسم لمن يعايشها ويعتنى بها ليل نهار؛ وتعبس فى وجه من يهملها ويدير لها ظهره ويتركها عرضة للغرباء من الحشائش والطفيليات والكائنات والآفات الفتاكة، تُقبل على من يضع فى أحشائها البذور والأجنة فتعطيه الخلف والنسل والمحصول ؛ وتُعْرض عمن لا يحافظ على خصوبتها ولا يستثمرها .. فتبقيه وحيدا بلا عائد ولا وفرة ، وتسعد بمن يحميها و يرعى ما تطرحه من ثمر؛ وتبتئس ممن يتجاهلها أو يقصّر فى واجباته نحو زرعها.

من هنا اختارت نوال أنسب الطرق والأساليب للتعامل معها .. فلم يكن الأمر قاصرا على العلم وحده بل كانت المعايشة والعمل اليومى؛ والتجريب والمشاهدة ؛ والجسارة والثقة بالنفس وقبل هذا كله صلة العشق التى تربطها بالأرض .. كانت جانبا هاما وربما مساويا للعلم عندها ولا نبالغ إن قلنا أنها أى صلة العشقكانت المفتاح الذى فك لها رموز لغة الأرض فأصبحت تجيد التخاطب معها؛ إنها لغة خاصة أدركت بها كثيرا من أسرارها ، وبذلك تجاوزت حشدا هائلا من الدرجات العلمية الرفيعة فى الزراعة.

لقد امتلكت نوال خميس بعضا من أسرار العلاقة بين الأرض والنبات والإنسان .. فتفوقت وأنجزت:

1- عندما اقترح أحد الأساتذة المشاركين لها فى إحدى التجارب أن يقوم بتسميد الزرعة فى مرحلة من مراحلها .. لم يكن هذا رأى فلاحتنا القديرة ..ولكى تجعل برهانها عمليا اقترحت عليه تسميد جزء من أرض التجربة وإبقاء جزئها الآخر دون تسميد.. ووافق الأستاذ ، وبعد شهور أفصحت النتائج عن دقة تقديرها .. فقد رأت أن إضافة السماد فى تلك المرحلة وهذه الحالة سوف يفضى إلى زيادة النمو الخضرى على حساب عملية التزهير والعقد ( الإثمار) وهو ما قطعت به نتائج التجربة.

2- وفى حالة أخرى رأت أن ترك مساحة من أرض المصطبة خالية [ إبان زراعة الأرز بطريقة الشرائح ( المصاطب ) ] يعنى ترك مخزون غذائى للنبات يستعمله فيما هو قادم من عمره ويتيح له الفرصة ليتمدد ويتفرع ومن ثم ينتج كماّ من الأوراق يساهم فى إمداد الثمار بالغذاء اللازم؛ ويساعدها فى زيادة حجمها بما تختزنه من عناصر ومواد غذائية ترفع جودتها وقيمتها الغذائية، ومن هنا رفضت شغْل الجزء الخالى من الأرض بتحميل محصول آخر على نبات الأرز.

3- ومن ناحية ثالثة فإن تجربتها فى زراعة الأرز بدون مياة بنقل شتلاته فى عمر 10 أيام للأرض المستديمة بدت كنوع من المغامرة .. وبدا استخدامها رية غمر واحدة طوال الزرعة نوعا من التقتير على نبات الأرز فى الرى .. وبدا ابتداعها لنظام رى مغايرلما اعتاد عليه الآخرون ( كل 7 أيام – ثم كل 15 يوم حتى ظهور السنابل – ثم كل 7 أيام ) بدا نوعا من الحذلقة .. لكن النتائج التى أسفرت عنها التجربة أكدت صحة تقديراتها ؛ وأكدت أن نقل الشتلات وهى بطول 1- 2 سم للأرض المستديمة ليس مغامرة طالما روعيت بدقة كل الشروط الأخرى التى اقترحتها فى الزراعة بهذه الطريقة.

4- من هنا رأت نوال خميس أن زراعة الأرز بمحافظة الفيوم هو علاج لتربتها الزراعية ذات الأساس الصخرى من عمليات التملح التى تصيبها إذا لم يتم غسلها بماء رى الأرز.. على الأقل رية واحدة غمرا خلال مدة الزرعة ، وذلك بخلاف أنه محصول ذو جدوى اقتصادية عالية بالنسبة للفلاحين، ومنع زراعته يضر بهم ضررا بليغا كما أنه يعرض مضارب الأرز للكساد والتوقف عن العمل.. ويرفع أسعاره على مستهلكيه.

5- أما التداعيات الأخرى فأشد خطورة ..حيث أن المحاصيل البديلة للأرز كالذرة والبوص الشامى تتأثر بتدهور صفات التربة وينعدم إنتاجها للحبوب وتصبح زراعتها قاصرة على كونها علفا للحيوان لا تلبث أسعاره أن تتهاوى بفعل زيادة المعروض منه عن الطلب عليه من ناحية وفى نفس الوقت لا تنتج للسكان مايسد الفجوة التى خلقها وقف زراعة الأرز بالمحافظة من ناحية أخرى.. ناهيك عن ارتفاع الأسعار.

6- وهذا ما أكدتْ عليه مع كل المسئولين فى المحافظة وغيرها وطالبتهم مرارا بإعادة النظر فى قرار وقف زراعة الأرز .. الذى لا تقتصر أضراره على الجوانب الاقتصادية للفلاحين والمستهلكين وأصحاب مضارب الأرز بل تتجاوزها إلى دهورة صفات التربة الفيزيائية والكيماوية.

7- لقد قدمت بتجاربها المتعددة فى زراعة الأرزوالتى عرضنا موجزا لبعضها فى الصفحات السابقةدليلا عمليا وعلميا هاما على إمكانية زراعة الأرز بنفس مناسيب وكميات المياه المخصصة لمحافظة الفيوم قبل وقف زراعته وبالتالى تجنب تدهور صفات التربة ودرء الأضرار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن وقف الزراعة ، والأهم من كل ذلك هو تدبير مياة الرى التى كانت تهدرها طرق الزراعة والرى التقليدية فى زراعة الأرز.

لقد أفصحت تجربة زراعة الأرز التى أجرتها فلاحتنا القديرة تحت الإشراف المباشر لمعهد بحوث المياة عن استخدام طريقة فى الزراعة ونظام للرى يوفر مابين 50 % – 60 % من المياة ويحافظ على نفس المستوى من إنتاجية الأرض وخصوبتها.. وذلك يعنى انتفاء السبب الذى صدر بموجبه قرار وقف زراعة الأرز فى 5 محافظات تدبيراً للمستهلك فى ريه من مياة النيل ؛ وبذلك تصبح الكرة فى ملعب الجهات المسئولة المصدرة للقرار خصوصا وأن عددا من فلاحى الفيوم قد استخدموا هذه الطريقة لسنتين متتاليتين في زراعة الأرز قبل وقف زراعته.

تقول نوال خميس.. تفسيرا لعدم الإنصات لتجربتها العملية التي نفذتها ونقلها الفلاحون إلى حقولهم : ” المسئولين مش عاوزين وجع دماغ ” .. وهي عبارة ديبلوماسية يمكن قراءتها بأكثر من طريقة، وبسؤالها عن: لماذا لا يريدون وجع الدماغ؟ تجيب: كلنا بشر.. وكلنا نخطئ.. وإمكانية علاج الأخطاء ممكنة.. ويمكن تداركها.

8- هذا وقد زرعت فلاحتنا القديرة القطن.. وحصلت على أعلى إنتاجية له في محافظة الفيوم.

9-كما زرعت الزهور بالذات زهور ستاتيز ( statize) بمشاركة وتعاون خبراء هولنديين.. وصدرتها للأسواق الأوروبية في فترة ديسمبر ويناير التي تتوقف فيها زراعة وتصدير الزهور الهولندية لأوربا، إلا أن التجربة التي استمرت عامين أوقفتها منافسة الزهور الإسرائيلية التي أغرقت الأسواق الأوروبية آنذاك.

10-وفي عهد د. محمود داود محافظ الفيوم أجرت نوال خميس عام 1972 تجربة أخرى لزراعة القطن والبطيخ والشمام مبكرة شهرين عن مواعيدها المعتادة.

حيث أعدت المشتل للمحاصيل الثلاثة في شهر ديسمبر ووضعت البذور (2- 3 بذور) في أكياس بلاستيك مختلطة بعينة من التربة.. ووالتها بالرش بالماء حتى الربع الأخير من فبراير.

أعدت الأرض المستديمة للزراعة (12 خط،/ 2 قصبة للقطن)، (6 مصاطب/ 2 قصبة للبطيخ والشمام).

نقلت إليها الشتلات بأكياسها بعد شق الأخيرة من قاعها دون التخلص منها.. ورصتها مرتبة على الخطوط أو المصاطب، ثم روتها.. وهكذا.. وقد أسفرت التجربة عن نجاح واضح كانت نتائجه.. توفير شهرين تظل الأرض فيهما مشغولة بالبرسيم ، ارتفاع نسبة الانبات ، حجم الثمار ( لوز القطن، ثمارالبطيخ الشمام ) أكبر من المعتاد، وزيادة في الإنتاج بين 25 % – 30 % ، التبكير فى حصاد المحصول وتسويقه بما ينعكس على أسعاره في السوق..

لكن الملاحظ أن التجربة تحتاج إلى جهد كبير ودقة متناهية، ويصعب تعميمها في ظل المستوى الراهن من الوعي الزراعي.. لكنها بالقطع ليست مستحيلة التطبيق على نطاق واسع.

11-لم تقتصر جهودها على الزراعة.. والتجريب.. واستحداث طرق جديدة في الري والزراعة وخدمة المحصول.. بل تجاوزتها إلى إجراء تجارب تتعلق بمقاومة الآفات:

فعلى مدى سبع سنوات متصلة في نهاية السبعينات.. وبشكل يومي إبان وصول نبات القطن إلى عمر أربعة شهور وحتى قبيل النضج.. قامت شركة إنجليزية (I.C.I) متخصصة في مكافحة الآفات بإجراء تجربة علمية لمقاومة دودة ورق القطن.. في مساحة 10 أفدنة بأرضها بالقرية ، وبينما كانت دودة الورق تقاوَم في المساحات المجاورة بطريقة يدوية (تنقية اللطع) ثم بالطريقة الكيماية (الرش) فيما بعد.. قامت الشركة بمقاومتها بفيروس تمت تربيته في معامل خاصة بأحد مراكز البحوث الزراعية بالقاهرة.. تحت إشراف د. جلال معوض أستاذ مقاومة الآفات بوزارة الزراعة.. كان فريق البحث برئاسة د. Tober يترك دود الورق ينمو بحرية حتى يصل حجمه إلى ثلاثة سنتيمترات ليتم رشة بالمبيد الحيوي (الفيروس) برشاشات خاصة اعتبارا من الساعة السادسة والنصف صباحا.. وبالكشف على حشرات القطن في اليوم التالي يتضح قيام الفيروس بنهش أحشاء الدودة وتحويلها إلى كيس من السوائل.. يتم تحليله في معامل وزارة الزراعة بالقاهرة.

12- هذا وقد ساهمت فلاحتنا القديرة في التعاون مع أساتذة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في أوائل الثمانينات في إجراء تجربة لمدة سنتين تتعلق بأسلوب الري المناسب لنبات القطن وبعدد الشجيرات الأمثل في الجورة أسفرت عن أن 15- 20 يوم هي الأنسب بين كل ريتين وأن خف القطن إلى شجيرتين في الجورة هو الأنسب للنمو والإزهار والإثمار.

وهكذا أجابت فلاحتنا القديرة بالتجارب والوقائع عن جملة الأسئلة التي طرحناها عليها فيما يتعلق بعلاقتها بالأرض والزراعة، وقرار وقف زراعة الأرز بخمس محافظات منها الفيوم وتقديرها لإمكانية تجنب الأسباب التي أدت لإتخاذ هذا القرار وآثاره الإقتصادية والاجتماعية.. على زراع الأرز ومضاربه ومستهلكيه، والآثار الفسيولوجية والكيماوية على بدائل الأرز الأخرى وعلى الأراضي ذات الأساس الصخري التي تغسل تربتها بمياه ري الأرز.. وعلى إمكانية تعميم طرق جديدة للزراعة والري ومقاومة الآفات، وكانت صراحتها في الرد قاطعة حيث ذكرت أن ري الأرز وزراعته بالطرق القديمة تمثل نوعا من هدر مياه النيل لكن استخدام الطرق الحديثة التي تناولتها في تجاربها يعالج كل هذه المشاكل بشكل جذري، وفرقت بين الطرق سهلة التعميم وبين الطرق صعبة التعميم على مجمل الفلاحين.. وفي عبارة عارضة وردا على سؤال وزير الزراعة الحالي لها بشأن: ما الذي يستطيع أن يقدمه للفلاحين؟ أجابت نوال خميس قائلة : أترك الفلاحين يزرعون ما يشاءون واتفق معهم على ضوابط محددة.. ومن يخالفها طبق عليه القانون. وهي بهذا الرد.. قالت كل شئ في كلمات موجزة نفسرها كما يلي:

1-يجب أن يكون الفلاح حرا فيما يريد زراعته.

2-يجب أن يتم التنسيق بين الفلاحين والدولة فيما يتعلق بما ستتم زراعته وبضوابطه التي لا يجب أن تتم من جانب واحد وهو الدولة.. بل بحوار مع من يقومون بالزراعة.

3-المخالف من الزراع والفلاحين يتم حسابه.

لكن الواضح هو: وإذا ما خالفت الدولة ما يتم الاتفاق عليه أو أخلت بوعودها كيف تتم محاسبتها؟ هذا مالم يتضمنه بشكل صريح رد فلاحتنا القديرة.. و ربما كانت تعني أن المخالف من الطرفين ( الدولة والفلاحين ).. يتم محاسبته.

لقد ذكرت لنا – فى جملة سريعةأنها لا تحب السياسة مع أن تاريخ نشاطها كله برغم ابتعاده عن الممارسة المباشرة للسياسة إلا أنه يصب فى تطوير الزراعة وزيادة الإنتاج وتوفير مياة الرى وحماية الفلاحين من تدهور أحوالهم الاقتصادية والاجتماعية وتدعيم وضع مصر الاقتصادى وسد الفجوة الغذائية إلخ وهى كلها أمور فى صميم السياسة.

سألنا نوال خميس عن الجوائز التي حصلت عليها.. فذكرت أنها ابتداء من عام 1967 توالت عليها الجوائز من وزراء الزراعة والري بدءا من سيد مرعي ومرورا بالدكتور مصطفى الجبلي وحتى محمود داود ومحمود أبو زيد وزير الري.. ومن محافظي الفيوم بدءا د. محمود عبد الأخر عام 1972 وعبد الرحيم شحاته ورأفت محمود.. ولم تقتصر تلك الجوائز على أعلى انتاجية فقط بل شملت زراعات كثيرة كالأرز والقطن والقمح، ومجالات مختلفة لترشيد الري ومقاومة الآفات وتصدير الزهور.

مما أسهم في ترشيحها للمشاركة في عشرات المؤتمرات العلمية في مصر والخارج ومنها مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة (F.A.O)، والزيارات التدريبية كما حدث في زيارتها لإندونيسيا عام 2003، ومشاركتها في العديد من التجارب المتعلقة بطرق الزراعة والري ومقاومة الآفات.. وغيرها.

لكن الأهم من كل ذلك هو المثل الذي ضربته لنا جميعا فلاحين وزراع وأكاديميين وبحاثة في مجالات الزراعة والري ومقاومة الآفات الزراعية.. والذي وضعها في منزلة يصعب على الكثيرين بلوغها رغم امتلاكهم لإمكانيات وأدوات أعلى مما توفر لها ؛ وتتضاءل كل الجوائز التي حصلت عليها أمام إنجازاتها المتعددة والمتنوعة وأمام نجاحاتها التي أحرزتها سواء على المستوى المهني ( الزراعي ) أو الأسري أو الشعبي في قريتها بياهمو.

لقد أدركتُ من محاوراتي لها أن الجائزة التي تعتز بها وتقدرها حق قدرها وتتجاوز كل ماحصلت عليه من جوائز هي الثقة بالنفس والاعتزاز بما قدمته لمن يمتهنون حرفة الزراعة من إنجازات.. تراها هي مجرد مساعدات؛ ويتوج هذا كله شعورها الذي لا يمكنها إخفاءه من رضى بما حققته من طموحات.. زرعها فيها معلمها و صديقها ورفيقها وأبوها المرحوم إبراهيم خميس.. لدرجة تجاوزت كل ما كان يحلم بأن يراها عليه.. لقد وضع أمله وثقته فيها .. فحققت له ما أراد وأكثر.. ولم تخذله.

ماذا عن رأى الملاصقين لها.. ؟

لقد أكد لنا من قابلناهم من أبنائها وأحفادها على كونها قيمة إنسانية واجتماعية ذات وزن.. فصوتها بالدور الأرضى من منزلها بقرية بياهمو يصعد لسكانه من الأحفاد والأبناء يزودهم بالسكينة ؛ وابتسامها ينشر فى نفوسهم البهجة ؛ وانشغالها يسرّب لهم القلق ؛ وعبوسها ينذر بالخطر.. لقد صارت ترمومتر المشاعر فى شجرة عائلة العم إبراهيم خميس. إن ثقتهم المفرطة فى تقديراتها وانصياعهم لما تقدمه لهم ببعد نظرها من نصائح منذ أن كانوا صغارا قد حدد حجم منزلتها فى عقولهم وقلوبهم.. تلك المنزلة التى بنتها الأيام والأحداث يوما بعد يوم ؛ حيث أصبحت تشكل لبعضهم مثلا أعلى وتحظى بتقدير أهل القرية من ناحية أخرى.

أما من التصقوا بها من الفلاحين فيؤكدون على خبراتها الهائلة فى مختلف جوانب العمل الزراعى التى تشربوا منها ؛ وميزتها عن كثير من الفلاحين البارزين .. بل وعدد من خبراء الزراعة وجعلتها محطا لأنظار الكثيرين منهم ومن المسئولين الجادين لتشاركهم المشورة والنصح ، كما يرون أنها شخصية جادة ومحددة وحاسمة وذات عزم شديد وإرادة قوية وطموح لا ينتهى وتواضع جم ؛ تعترف بالأخطاء ولا تكابر ، قادرة على القيادة خصوصا لمن يشاركونها زراعة الأرض .. وتنشغل بمشاكل الكثيرين منهم وتسعى لحلها.

وقد أفاد أقربهم لها ( العم حسين ) بقوله: لم أكن أتصور – عقب وفاة والدها – أنها قادرة على القيام بأعباء الأسرة والأرض لكنها فاجأتنا جميعا .

نوال خميس هي خليط استثنائى من العلم.. والإرادة.. والعمل.. والطموح..والثقة بالنفس لامرأة مصرية.. يشرفها أن تطلق على نفسها فلاحة قرية بياهمو بالفيوم..

ألا يجب أن ننحنى لها تقديرا ..؟!

الإثنين 2 أغسطس 2010                                                                               بشير صقر

عضو لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى مصر

Featuring WPMU Bloglist Widget by YD WordPress Developer