بعد مهزلة وزارة الزراعة فى 9 سبتمبر باستاد القاهرة: طريقة مختلفة للاحتفال بعيد الفلاح فى قرى البحيرة

 


بشير صقر
الحوار المتمدن – العدد: 3487 – 2011 / 9 / 15
المحور: الحركة العمالية والنقابية
راسلوا الكاتب-ة  مباشرة حول الموضوع     

 

عندما حل أول عيد للعمال بعد ثورة يناير 2011 آثرت الدولة الابتعاد عن مجرد الحديث عنه وسط إصرار العمال فى كثير من المدن المصرية على رفض قانون تجريم التظاهر السلمى الأخير؛ وعلى تطبيق الحكم القضائى الخاص بالحد الأدنى للأجور؛ونداءات بحل اتحاد العمال الحكومى؛ ومطالبات بإطلاق الحريات النقابية ؛وإعادة النظر فى سياسة الخصخصة والبحث عن مصير حصيلة بيع مصانع وشركات القطاع العام والعمل على استئناف تشغيل ماتم إغلاقها منه ؛ وإعادة المفصولين من العمال إلى مصانعهم وشركاتهم وتثبيت المؤقتين فيها؛ علاوة على تهديدات جدية باستخدام سلاح الإضراب عن العمل لانتزاع كثير من الحقوق المشروعة الأخرى.
لم تحرك الدولة ساكنا فى هذه المناسبة نظرا لأنه ليس لديها ما تقوله أو تعد به أو يستجيب لمطامح العمال وتطلعاتهم ؛ إلا أن العكس حدث فى 9 سبتمبر 2011 حيث قرر النظام الحاكم ( ممثلا فى وزارة الزراعة) دخول المعترك الجماهيرى من باب الفئة الوحيدة التى لم تشارك فى الثورة ( الفلاحين ) لأنها فى نظره أكثر ليونة من العمال..لذلك عزم على ضرب عدة عصافير بحجر واحد: الاحتفال بعيد الفلاح أى المشاركة فى النشاط السياسى الجماهيرى لأول مرةمنذ اندلاع الثورة .. والابتعاد عن ميدان التحرير وعن الريف.. ومحاولة إفساد ” جمعة تعديل المسار ” التى شاركت فيها قطاعات شعبية وقوى سياسية متنوعة.
لقد قام بالإعداد لحشد مصطنع قوامه موظفو الجمعيات الزراعية ( التعاونيات ) وأعضاء مجالس إدارتها وقدم لهم نفحة من النفحات الحكومية المعتادة فى هذه المناسبات ( 50 جنيها وكيس طعام وزجاجتى ماء ومشروب بارد )
لم يدرك النظام حتى الآن – شأنه شأن العهود والحكومات السابقة – أن الاحتفال لا يتم بإصدار الأوامر وتعبئة السيارات والشاحنات و ظهور الجرارات الزراعية بموظفى الجمعيات الزراعية وأعضاء مجالس إداراتها من الفلاحين- كما كان يحدث فى الانتخابات المتنوعة- بل يجرى بحشد طوعى أساسه الاختيار و الرضى والرغبة فى الاحتفال بالعيد ويكتمل ويتألق بالحديث عن مكتسبات جديدة أو باسترداد حقوق قديمة جارت عليها الدولة فى وقت سابق بواسطة رجالاتها والمتنفذين من حلفائها فى الريف ؛ لأن الرشاوى والعطايا والنفحات يزول أثرها فى دقائق فضلا عن أنها لا تغنى عن استرداد الحقوق الضائعة والأراضى المسلوبة.
لقد وجه بعض الفلاحين فى استاد القاهرة لوزير الزراعة عددا من من الأسئلة والمطالب تهرب منها ولم يجب عنها فثاروا عليه وهاجموه وغادروا الاستاد- بعد أن هرب الوزير محاطا برجال الشرطة العسكرية- متوجهين إلى ميدان التحرير حيث جمعة ” تعديل مسار الثورة “.
حدث هذا من بعض أعضاء مجلس إدارة الجمعيات الزراعية فى استاد القاهرة وهم فلاحون ، لكن الغالبية العظمى من الفلاحين ظلت قابعة بالقرى تنتظر كالعادة ما سيسفر عنه لقاء ” قادتهم ” فى الجمعيات بالوزير وما سيحدث فى تجمع آخر منهم ذهب لميدان التحرير.
أما فلاحو قرية الأشراك وعزبة الأشراك بمحافظة البحيرة فى مركز شبراخيت الذين عانوا لسنوات من غياب مياة الرى العذبة ومن استيلاء الفاسدين على حصصهم المقررة من سماد الزراعات الصيفية فقد قرروا الاحتفال بعيد الفلاح بطريقة مختلفة؛ فتوجهوا يوم السبت الماضى فى حشد يتجاوز الألفين إلى مقر الجمعية الزراعية بقرية الأشراك مطالبين بنصيبهم من الأسمدة المتأخرة من سماد نترات الأمونيوم فرفض مدير الجمعية متعللا بعدم ورودها من مصانع الأسمدة ؛ ولأن الفلاحين يعرفون أنه لا يقول الحقيقة فقد تطور الحديث إلى مشادة ثم إلى معركة أصروا بعدها على استمرار حصار الجمعية ولم يغادروا أماكنهم لمدة أربعة أيام متصلة حتى حصلوا على الأسمدة ( 200 كجم / فلاح ) – على عكس ما كان يحدث فى مرات سابقة – ذهبوابعدها لحقولهم ليسمَدوا زراعاتهم ثم عادوا إلى منازلهم ؛ لقد أدرك فلاحو الأشراك أخيرا أن الحقوق تنتزع طالما لم تسفر المطالبة عن نتائج .
والجدير بالذكر أن مدير الجمعية الزراعية ومساعديه بل ورؤسائه لم يبلغوا الشرطة – أو أبلغوها ولكن الشرطة لم تحضر- وهذا هو مربط الفرس.. وهو ما يعنى أن الاحتجاج الذى قام به الفلاحون كان على حق وأن حضور الشرطة – لوتم – لم يكن سيسفر عن شئ حتى ولو قبضت على بعض الفلاحين لأن التحقيقات كانت ستنتهى لصالحهم وسيتم الإفراج عنهم ولأن الاعتصام حول الجمعية هو حق أصيل لهم- طالما كان اعتصاما سلميا – تقره كل المواثيق والعهود الدولية لحقوق الإنسان التى وقعت عليها الدولة المصرية من سنوات.
هؤلاء الفلاحون لم يستجيبوا لدعوة وزارة الزراعة بالذهاب لاستاد القاهرة ولم ينخدعوا ولم يقبلوا نفحتها بل ولم يذهبوا لميدان التحرير رغم تعاطفهم مع ” جمعة تعديل مسار الثورة “..
فهل يمكن أن نفهم الدرس؟! ونكف عن قصة النضالات الاحتفالية بالأعياد والمناسبات وغيرها التى تم ترويجها فى أوساط الفلاحين سنوات طويلة لأنها لا تسمن ولا تغنى من جوع ؟ وهى سياسة ابتدعها النظام الحاكم منذ منتصف القرن الماضى وطبع بها كل معارضيه قبل مؤيديه خصوصا فى المجال الفلاحى و ثبت فشلها وأهدرت الجزء الأعظم من الجهود التى بذلها المناضلون والشهداء فى المجال الفلاحى؛ وهل يمكن أن ندعم انتفاضتنا الثورية بمدها بجموع الفلاحين الذين تعرضوا طيلة تاريخهم لأفظع أشكال الظلم والقهر والاستبعاد ؛ فالنظام الحاكم يسعى لخنقها بأية وسيلة ويتلمظ الكثيرون ممن لم يشاركوا فى صنعها على الاستيلاء عليها ؟
إن الانخراط فى صفوف الفلاحين والتبنى العملى المباشر لمطالبهم وانتزاع الحقوق ه
ما السياسة الأولى بالدعم والرعاية – من جانب الذين يدعون أنهم قادة الفلاحين- لأنها الأكثر فعالية وأثرا والأقدر على تثقيف الفلاحين وتدريبهم على الجسارة وهى تلخص منطق المقاومة المباشرة ببساطة ودون لف أو دوران بديلا عن سياسة الاحتفال بالأعياد والمناسبات وفضحا لها ؛ تلك الاحتفالات التى يختلط فيها الحابل بالنابل والمناضل بمحترف الأضواء والمنصات؛  والمقاتل بالبهلوان؛ والجمل الثورية والشعارالت المهترئة والعبارات حمالة الأوجه بالآراء السديدة واضحة المعالم قاطعة النصل، لقد أوجز فلاحو عزبة الأشراك وقريتها الحكمة القديمة ” إننا لسنا ما نقول إننا ما نفعل” وفى نفس الوقت قضوا يوم 9 سبتمبر فى فرحة وبهجة حقيقية تتجاوز فرحة كل أعيادهم خلال السنواتالماضية دون أن تعكر صفوها نفحات وزارة الزراعة واستاداتها .. فهل نقتدى بهم؟!

الثلاثاء 13 سبتمبر 2011                                           بشير صقر

                                                       لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى- مصر

جماعة الإخوان .. وأردوغان : من صلاح الدين.. إلى فساد الدين والدولة


بشير صقر
الحوار المتمدن – العدد: 3488 – 2011 / 9 / 16
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان

تمهيد:
أسهمت الثورة المصرية فى الكشف عن كثير من الدلائل والقيم والمؤشرات التى تحكم طبيعة وسلوك عدد من الهيئات السياسية التى عاصرت أو عايشت اندلاع الثورة فى 25 يناير 2011 .
ولأن تلك الهيئات جزء من نسيج المجتمع المصرى ويتشكل قوامها من أفراده؛ ولأن المجتمع اختلف عما كان منذ خمسين عاما.. خضع خلالها لكثير من عوامل التغيير والتعرية.. فازداد تعداده ونسبة شبابه لبقية سكانه وتغيرت ثقافته وكثير من قيمه وخصاله استنادا لما أصاب شروط الحياة كالعمل والتعليم والصحة من تراجعات.
ولأن المجتع ليس هو المجموع الحسابى لأفراده ؛ فإن التغيرات التى ألمت به لم تنعكس على أى من أفراده أو هيئاته السياسية بنفس القدر.

وحيث تختار الجماعات السياسية أعضاءها من أفراد المجتمع استنادا إلى أهدافها وفلسفتها؛ فإنها تعيد صياغتهم بأساليب تربيتها السياسية ليعتنقوا فلسفتها ويحققوا أهدافها ويصيروا مؤهلين للانخراط فى النشاط بكفاءة وفعالية.
لكن من ناحية أخرى تتأثر الهيئات المشار إليها بكل الخصال التى تميز أعضاءها القادمين لها من منابع اجتماعية أو عرقية أو دينية مختلفة؛ كما تتوقف قدرتها على النشاط وجنى النتائج المفترضة على كفاءتها فى تنمية تلك الخصال وتأجيجها إن كانت تتسق مع فلسفتها ؛ أوفى محاصرتها وتذويبها إن اختلفت معها.
وعلى سبيل المثال : فالجماعة السياسية التى تتخذ فلسفتها من العلوم الحديثة (الطبيعية والإنسانية ) تختلف عن جماعة سياسية أخرى لا تلقى بالا لتلك العلوم ولا تتخذ فلسفتها منها أو كانت تعاديها.. حتى لو كانت تستفيد من إنجازاتها.. وهو ما ينسحب أيضا على الأفراد ؛ فلو تشكل قوام الجماعة الأولى من أفراد نالوا قسطا مناسبا من تلك العلوم وتحلوا بخصال تتسق مع ما تعلموه فإن قدرة جماعتهم السياسية على الاستفادة من خصالهم وتنميتها وتطويرها تكون أعلى منها فى حالة ما لو كان هؤلاء الأفراد لا يحظون سوى بقسط محدود منها أو يفتقدوه.. وهكذا.
من جانب آخر فإن الثقافة العامة للمجتمع ونسيجه وحضارته وتماسكه وتاريخه وجغرافيته ودوره فى محيطه الإقليمى وديموجرافيته تلعب أدوارا مساعدة أو مناوئة فى قدرة الجماعة السياسية على الاستفادة من خصال أفرادها فى تنمية المجتمع ودفعه للأمام أو جرَه وإعادته للخلف.

خبرة الجماهير وملاحظات المفكرين على أداء الجماعات السياسية :

ولعل الملاحظات التى أبداها عدد غير قليل من الكتاب والمفكرين على مسلك الجماعات السياسية المصرية المختلفة التى كانت ترفع راية الليبرالية أو اليسارية أو الإسلام السياسى فى الثورة تؤكد ما استخلصته الكتل الجماهيرية التى شاركت وعايشت ثورة 25 يناير بمقدماتها وتابعت عن قرب مسلك هذه الجماعات من أول لحظة تم الإعلان فيها عن الشروع فى الاحتجاج فى ميدان التحرير فى عيد الشرطة. فالتجربة العملية التى خاضتها جماهير الشباب والعمال وغيرها علمتها الكثير خلال الشهور الثمانية التى انقضت منذ اندلاع الثورة ودربتها ورفعت وعيها .. وهو ما يدفعنا لتثمين جسارتها وتقديراتها لمسلك الجماعات السياسية المتعددة – التى تدعى ليس مشاركتها فى الثورة فحسب بل وأبوّتها لها- سواء كانت موجودة قبل 25 يناير أو ظهرت بعده.

رد فعل جماعة الإخوان على زيارة أردوغان وتصريحاته:

لعل أحد الأحداث الهامة التى أفصحت – بأثر رجعى- عن الدور الحقيقى لبعض جماعات الإسلام السياسى فى الثورة المصرية هى زيارة الرئيس التركى رجب الطيب أردوغان لمصرفى سبتمبر 2011 وما أظهرته أقدم هذه الفصائل ( جماعة الإخوان المسلمين ) على وجه التحديد من مواقف متعارضة – تثير الشفقة عليها – خلال ثلاثة أيام من بدء الزيارة ..

فمنذ الإعلان عن قدوم الرئيس التركى شرع إعلام الجماعة فى التهليل لمقدمه وخلق هالة من التبجيل والإجلال حول الزائر أشبه بما يحدث إزاء زيارة البابا لإحدى الدول المشمولة برعايته وبركته ؛ وتشير من طرف خفى إلى سلاطين الأتراك فى إطلالة أحفادهم على إحدى مستعمراتهم القديمة ذات الحظوة والعبق التاريخى .. باختصار سعى إعلام الجماعة للتلميح ” للذكريات البعيدة التى تعيد الزيارة بعضا منها إلى الوجدان “.
كما أبرزكذلك الموقفَ التركى الأخير المناوئ للكيان الصهيونى والمتمثل فى طرد السفير الإسرائيلى فى أنقرة وتجميد عدد من الاتفاقيات العسكرية والتجارية معه ، فضلا عن الحديث المسطح المكرور عن التجربة التركية التى يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامى دون الحديث طبعا عن الطبيعة االعلمانية للدولة التركية؛ كما ارتفعت أصوات فصائل إسلامية أخرى بأحاديث مجتزأة عن السياحة الإسلامية فى تركيا المفترض أن تكون بديلا عن السياحة التقليدية المحرمة شرعا.. إلخ
لكن ما سعى الإعلام الإخوانى لبثه والإشارة إليه والتلميح عنه قبل حضورأردوغان هو ما تجلى ساطعا فى استقبال الجماعة له فى مطار القاهرة فقد كان استقبالا حارا فائق الفرحة ؛ فأردوغان مسلم وسنى وزعيم حزب إسلامى متقلد للسلطة دون حلفاء.. وهو رئيس لأكبر دولة تزعمت الخلافة الإسلامية عدة قرون؛ وسبقت زيارتَه مواقف عملية ضد الكيان الصهيونى رفعت أسهمه بين معظم الشعوب العربية، إذن فكل الأجواء مهيأة لاستقباله والمناخ العام فى مصر المعادى لإسرائيل مناخ موات لتوقيت الزيارة ؛ وخسائر الإسلام السياسى فى مصر من مقاطعة ” جمعة تصحيح مسار الثورة ” يمكن تعويضها باستثمارزيارة رئيس دولة إقليمية على خلاف طازج مع إسرائيل اتخذ موقفا إيجابيا ضدها على عكس ما حدث فى مصر إبّان اغتيال جنودنا فى رفح.
لقد كانت هتافات المستقبلين السنيين لأردوغان هى (أردوغان .. أردوغان / ألف تحية م الإخوان ، مصر وتركيا إيد واحدة ، عاوزينها خلافة إسلامية، ، إفرحى إفرحى يا فلسطين / أردوغان دا صلاح الدين ) وهكذا حتى غادر الركب المطار.

وما أن أطلق أردوغان فى أحد لقاءاته تصريحه الشهير:بأن أحد أسباب نهوض المجتمع التركى هو تطبيقه للتجربة العلمانية؛ وهو ما يعنى فصل الدين عن الدولة وإتاحة فرص كاملة ومتساوية لمعتنقى الأديان المختلفة ولكل الشعب التركى فى المواطنة وممارسة الشعائر الدينية؛ ما أن صدر هذا التصريح – الذى يخالف كثيرا من معتقدات الإخوان- حتى انقلب الفرح مأتما بالنسبة لكل التيارات السنية الإسلامية ؛ وتحول التهليل لأردوغان إلى رفض له وهجوم عليه وإحساس مرير بأن الضيف التركى السنى قد خذلهم؛ وتطورالأمر إلى هجوم عليه واتهام له بتدخله فى الشئون الداخلية للدولة المصرية؛ وهكذا تحول أردوغان من صلاح الدين إلى فساد للدين والدنيا.
وإذا ما أردنا تشبيه موقف جماعة الإخوان من أردوغان بمسلك مشابه .. لن نجد أقرب من مسلك (المواد الكيماوية المترددة ) التى تسلك سلوك الأحماض فى تفاعلها مع المواد القلوية فى نفس الوقت الذى تسلك فيه سلوك القلوياتفى تفاعلها مع الأحماض .. ذلك السلوك الذى يحمل الشئ ونقيضه فى آن واحد ؛ وهو بلغة الطب أشبه بمرض انفصام الشخصية ( الشيزوفرانيا ) فى الأمراض النفسية أى وجود شخصيتين متجاورتين بمسلكين متعارضين فى جسم الشخص الواحد؛ وبلغة الفلسفة والسياسة ( الميكيافيللية ) أى.. الغاية تبرر الوسيلة.
وإذا ماعدنا للماضى قليلا لأدركنا أن جزءا كبيرا من قوام الجماعة من أهل الريف و فلسفتها تتمحور حول إقامة خلافة إسلامية أساسها المذهب السنى ذو البصمات الوهابية؛ والمبدأ الحاكم لبنائها التنظيمى هو( الأمر / والسمع والطاعة ).
ولذلك فالديموقراطية عندهم مُرَحّب بها من قِبل الجماعة إذا ما أتاحت لهم الفرصة للحكم ؛ وهى كفر وإلحاد إذا ما تسببت فى إزاحتهم عن السلطة بمعنى أن الديموقراطية طريق ينتهى بكراسى السلطة ثم يتم تدميره.
وهذا السلوك ليس جديدا على جماعة الإخوان فتاريخها كله يشهد بذلك:
* فمحمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء فى 1949 كان فى نظرهم عدو للإسلام واغتياله واجب شرعا ويقرّب من يقوم به من الجنة ، وبعد اغتياله ومعرفة الشعب بهوية قاتله ( عضو بجماعة الإخوان ) إذا بمرشدهم حسن البنا يعلن فى اعتراف مكتوب بخط يده – بعد أن تم تضييق الخناق عليه – بأن : ” من قتلوا النقراشى ليسوا إخوانا .. وليسوا مسلمين “.
* وهم – شكلا – مع قانون الإصلاح الزراعى فى الحقبة الناصرية ؛ وفى عهد السادات هم ضد القانون؛ وفى عهد مبارك هم مع إعادة الأرض التى صادرها قانون الإصلاح الزراعى إلى الإقطاعيين بدعوى أنه القانون ضد الإسلام وإلقاء الفلاحين فى عرض الشارع بعد أن رتبوا حياتهم لسنوات طويلة على زراعة الأرض ؛ بل وأيدوا قانون الإيجارات الزراعية الجديد ( 96 / 1992 ) الذى طرد مئات الآلاف من الفلاحين المستأجرين للأرض الزراعية و رفع إيجارها أربعة أضعاف .
* وبعد أن كانت الجماعة فى بداية تأسيسها دعوة دينية بحتة أقرب إلى الصوفية إذا بها – بعد حوارات ممتدة بين مرشدها الأول حسن البنا ومحمد رشيد رضا منظر الوهابية الأول فى مصر فى الثلاثينات من القرن الماضى ؛ تتحول إلى جماعة سياسية وتتلقى دعما ماليا هائلا من المستعمر البريطانى لتعادى الحركة الوطنية المصرية وحزب الوفد الذى رفع راية الكفاح الوطنى منذ عام 1919 ؛ وتنحاز لأعداء الشعب من الساسة أمثال الملك فاروق ومحمد محمود باشا وإسماعيل صدقى.. أسوأ رئيس وزراء شهدته مصر.
* إن الازدواجية ( الشيزوفرانيا ) السياسية مرض ملازم لجماعة الإخوان منذ نشأتها حتى اليوم .. فهى مع الموقف ونقيضه؛ ومع الديموقراطية وضدها ، ومع الدولة المدنية ومع الخلافة الإسلامية فى آن واحد .. ومع أردوغان وضده.. وهكذا.
* لم توافق على المشاركة فى انتفاضة 25 يناير ، ولما تجاوزت الانتفاضة أزمة الأيام الأولى ومرت من عنق الزجاجة.. دفعت الجماعة بعديد من أعضائها لميدان التحرير ؛ وعندما أظهر عمر سليمان لها العين الحمراء.. جلسوا معه ليساوموه من خلف ظهر الجميع وفى نفس الوقت انسحب نصف المجودين منهم من التحرير؛ وعندما تم خلع مبارك هرعوا للميدان بكثافة.

* ولذلك فليس غريبا ترحيبهم بأردوغان إن كان سيساعدهم فى إقامة الخلافة الإسلامية ويدعمهم فى القفز على مقاليد الحكم فى مصر؛ ولا كان غريبا رفضهم له بعد أن خذلهم وأعلن أن سبب نهضة تركيا هو تبنيها للعلمانية ، وهو مرحب به إن كان داعما لهم مؤيدا لسياستهم وأفكارهم ؛وملعون ومتهم بالتدخل فى شئون مصر الداخلية إن خذلهم وأعلن عن الهوية العلمانية لتركيا .
فهل يمكن الثقة فى جماعة سياسية احترفت المراوغة والتلون واتسم سلوكها الدائم بالزئبقية منذ نعومة أظفارها ؛ تقول عكس ما تفعل ويدها ملطخة بالدماء منذ أكثر من نصف قرن؛ وأثبتت الأيام وأداؤها السياسى فى مجلس الشعب طيلة خمس سنوات خواءها وهشاشتها وفقرها الفكرى وضحالتها السياسية وعداءها لفقراء الشعب ونسائه ومسيحييه واستعدادها لتقديم أية تنازلات فى سبيل الوصول إلى كراسى الحكم؟!.

الجمعة 16 سبتمبر 2011                                                    بشير صقر

 

9 سبتمبر.. الفلاحون وعيدهم .. والمتحدثون باسمهم .. عن القط وخنّاقُه .. أو السفاح والضحية..

 

 


بشير صقر
الحوار المتمدن – العدد: 3480 – 2011 / 9 / 8
المحور: الارشيف الماركسي
راسلوا الكاتب-ة  مباشرة حول الموضوع     

مقتطف:

إن الاحتفال بعيد الفلاح يعنى الاحتفال بالإصلاح الزراعى الذى تبخر ويعنى العمل الجاد على استعادته وأن تكون حرفة الزراعة مجدية إقتصاديا لمن يحترفونها.. وليس حشد الفلاحين- كما حدث من نظام مبارك وجماعة الإخوان المسلمين – فى الاستادات الرياضية قبيل العدوان الهمجى على شعب العراق فى عام 2003 ؛ وقبل هذا كله يعنى الإفراج الفورى عمن تم سجنهم من الفلاحين لتعثرهم فى تسديد القروض.. لأنه لا يمكن سجن فلاحين تعثروا فى سداد قروض زراعية اقترضوها من أموالهم المسلوبة والمودعة فى بنوك القرى، كما يعنى الإفراج عن كل الفلاحين الذين تمت محاكمتهم أو سجنهم أو القبض عليهم مؤخرا من جانب قوات الشرطة العسكرية فى الأمور المتصلة بأراضيهم الزراعية أو إعادة محاكمتهم أمام قاضيهم الطبيعى.
هكذا يمكن الاحتفال بالفلاحين فى يوم كان يوما عيدهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ

اعتادت النخب السياسية فى مصر ووزارة الزراعة الاحتفال بعيد الفلاح فى 9 سبتمبر من كل عام شأنها شأن المسلمين فى الاحتفال بعيدى الفطر والأضحى والمسيحيين فى الاحتفال بعيدى القيامة وميلاد المسيح.
وإذا كان هذا الاعتياد واردا فيما يتعلق بالأعياد والمناسبات الدينية التى تعارف الناس على الاحتفال بها منذ آلاف السنين فالأمر مختلف بالنسبة للأعياد والمناسبات السياسية؛ خصوصا إذا ما كانت تلك الأعياد قد فقدت مدلولها السياسى الذى يتكرر الاحتفال به .. فقد جرت فى النهرمياة كثيرة غيرت من موقف ووجدان الناس ( الفلاحين ) من المناسبة التى يحتفلون بها.. وهى هنا عيد الفلاح.

فعندما صدر قانون الإصلاح الزراعى فى 9 سبتمبر 1952 وصادر نظام الحكم الجديد آنذاك بعض أراضى الإقطاعيين المصريين وأعلن عن عزمه على توزيعها على الفلاحين المعدمين الذين عاشوا تحت وطأة نظام السخرة ( عبيد الأرض ) جيلا بعد جيل يفلحون الأرض أو يصلحونها ويعمرونها ولا يستفيدون من خيراتها ؛ كان احتفال هؤلاء الفلاحين بهذه المناسبة يروى ظمأهم لامتلاك الأرض الزراعية – التى ظلت ملك الحاكم حتى قرب نهاية القرن الـ 19 – لأنه احتفال باستعادة الكرامة التى أهدرتها سنوات السخرة ؛ واسترداد لسيادتهم على الأرض التى كانوا عبيدا لها والتى لم تكن لتزرع لولا عرقهم ؛وامتلاك لحقهم فى التعليم والعلاج ؛ ومكتسبات أخرى لم يكن ليحصلوا عليها لولا صدور قانون الإصلاح الزراعى.

وظلت هذه المناسبة عيدا يتم الاحتفال به وتُذكرُ أحداثه بتفاصيلها وحلاوتها كلما مرعام وذلك طيلة الثمانية عشر سنة الأولى منذ عام 1952 .. إلى أن تولى السادات وبدأ مسيرة الردة الكبرى ودشنها بإصدار أول قانون لرفع الحراسة ( 69 لسنة 1974 ) عن الأراضى التى تم التحفظ عليها بسبب المشاكل والصعوبات التى خلقها أصحابها من الإقطاعيين إبان تطبيق قانون الإصلاح الزراعى وهى أراض تختلف من الناحية القانونية عن الأراضى التى صودرت بقانون الإصلاح الزراعى؛ فأراضى الحراسة – على عكس الثانية – ظلت ملكيتها للإقطاعيين واقتصر دور الدولة بشأنها على إدارتها أى تأجيرها للفلاحين وتحصيل إيجارها منهم وإعادته للإقطاعيين.
كان رفع الحراسة – أوالتحفظ – عن هذه الأراضى ( بالقانونين 69/ 1974، 141 /1981 ) هو المقدمة العملية لانقلابة كبرى فى مجال الزراعة أطلق عليها اسم هيكلة الزراعة لم تقتصر على المجال الزراعى بل شملت جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فى مصر خطط لها وبدأها السادات وسار شوطا فى إرساء دعائمها وتنفيذها ودعمته فيها جماعة الإخوان المسلمين التى رأت فى مبدأ الإصلاح الزراعى مخالفة للدين الإسلامى منذ لحظة صدوره ؛ واستأنف خليفته السير على دربه وتعهدها بالرعاية حتى أينعت ونضجت وشرع فى قطف ثمارها .. وكان أبرز تلك السياسات صدور قانون الإيجارات الزراعية الجديد ( 96 / 1992 ) الذى ألقى بمئات الألوف من المستأجرين خارج الأرض الزراعية وأيده بشدة جماعة الإخوان المسلمين، كما أسهمت تلك السياسات فى سيطرة كبار الزراع ورجال الأعمال فى الاستيلاء على مئات ألوف الأفدنة من الأراضى المستصلحة والقابلة للزراعة عن طريق هيئة التنمية والمشروعات الزراعية ؛ فضلا عن إطلاق يد ورثة الإقطاعيين السابقين فى استرداد كثير من الأراضى التى صادرها قانون الإصلاح الزراعى باستخدام شتى الحيل والألاعيب لطرد الفلاحين منها حتى لو كانوا قد دفعوا كامل ثمنها وسواء تم ذلك بأساليب عنيفة أو غير عنيفة ( برفع تكلفة الزراعة وخفض أو تثبيت أسعار المحاصيل التى ينتجها الفلاحون) وتحويل الزراعة إلى حرفة تنخفض جدواها الاقتصادية بمرور الوقت.. وقد دفع هذا عديدا من الملاك الصغار لبيع أراضيهم ؛ فهاجرت ملايين الفلاحين من الريف إلى المدن الكبرى وبلاد الخليج وعشوائيات المدن الأوروبية ومياة البحر المتوسط؛ وتفشت أمراض الكبد والكلى والسرطان فى أجسادهم .
وهكذا انتهى عمليا قانون الإصلاح الزراعى.. وتبددت نتائجه وتدهورت الزراعة والتعليم والصحة وجملة الأوضاع الاجتماعية فى الريف؛ وأصبح يوم 9 سبتمبر يوما عاديا من أيام السنة لا عيد فيه ولا فرح ولا ذكريات بل ولا طعم له ولا لون ولا رائحة، ورغم كل ذلك ظلت النخب السياسية تحتفل به كعيد للفلاح رغم تطاير كل معانيه أدراج الرياح.
ولأن الأنظمة الحاكمة فى البلاد النامية عادة ما تخلق – أو تسمح بتأسيس – مؤسسات نقابية أوأحزابا كرتونية مستأنسة وديكورية توحى للشعب وللعالم الخارجى بأنها نقابات حقيقية وأحزاب معارضة؛ فقد طبع النظام المصرى هذه النخب السياسية ” المعارضة ” بطابعه لتقوم بتحويل كفاح الشعب المصرى إلى احتفالات تسبح بحمد النظام أحيانا وتنتقده فى الأمور الهامشية أحيانا أخرى وتبعد أنظاره عن القضايا الرئيسية الحيوية التى تمس أهم جوانب حياته.
حتى بعد ثورة يناير 2011 ظلت الاحتفالات هى الشكل الوحيد للنضال النخبوى الفلاحى بديلا عن الصلات المباشرة والحية مع الفلاحين ؛ واندرج مؤخرا المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة فى نفس الزفة ليشاركا النخب المذكورة فى الاحتفال بعيد الفلاح.
إن الاحتفال بعيد الفلاح يعنى الاحتفال بالإصلاح الزراعى الذى تبخر ويعنى العمل على أن تكون حرفة الزراعة مجدية إقتصاديا لمن يحترفونها؛ وليس حشد الفلاحين – كما حدث من نظام مبارك وجماعة الإخوان المسلمين- فى الاستادات الرياضية قبيل العدوان الهمجى على شعب العراق فى عام 2003 وذلك :
– بوقف عمليات السطو على أراضى الفلاحين (كأراضى الإصلاح الزراعى والأوقاف والأراضى المستصلحة وأراضى البدو فى سينا وجنوب الإسكندرية وحواف الوادى فى الصعيد)
– وخفض تكلفة الزراعة عن طريق خفض أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعى ( كالتقاوى والأسمدة والمبيدات والأعلاف والآلات والأمصال واللقاحات).
– وخفض ضريبة الأطيان .
– ووضع حد أقصى لإيجارات الأراضى الزراعية وحد أدنى مناسبلا يقل عن 5 سنوات لمدة عقدالإيجار.
– وخفض فوائد القروض الزراعية ؛ وإعفاء الفقراء منهم من ديونهم لبنوك التنمية والتسليف الزراعية.
– ويعنى إطلاق حق الفلاحين فى وضع قوانين جديدة للدورة الزراعية والإرشاد والتعاون والتسويق الزراعى، والنقابات الفلاحية.
– وإلغاء محاكم القيم والقوانين المنشئة لها لكونها محاكم استثنائية مخالفة للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
– وقبل هذا كله الإفراج الفورى عمن تم سجنهم من الفلاحين لتعثرهم فى تسديد القروض.. لأنه لا يمكن سجن فلاحين تعثروا فى سداد قروض زراعية اقترضوها من أموالهم المسلوبة والمودعة فى بنوك القرى، والإفراج عن كل الفلاحين الذين تمت محاكمتهم أو سجنهم أو القبض عليهم مؤخرا من جانب قوات الشرطة العسكرية فى الأمور المتصلة بأراضيهم الزراعية أو إعادة محاكمتهم أمام قاضيهم الطبيعى.
هكذا يمكن الاحتفال بالفلاحين فى يوم كان يوما عيدهم.
لقد امتلأت الساحة الفلاحية بالعشرات من الوجوه الغريبة تتجاور مع الوجوه النخبوية ممن عينوا أنفسهم – أو دفعتهم فلول النظام وحكامنا الجدد لتعيين أنفسهم – مناضلين ونقباء لمجموعات من الفلاحين سموها نقابات واتحادات فلاحية مستقلة.. دون فعل كفاحى واحد اللهم إلا إقامة الاحتفالات وعقد المؤتمرات.
ولأن دور الفلاحين فى الثورة الأخيرة اقتصر على مشاهدتها عبرشاشات الفضائيات ، فقد بات من الضرورى أن يبذل المناضلون الحقيقيون جهودهم فى تبنى قضايا الفلاحين الحيوية المتنوعة وفى خلق الصلات الكفاحية بين القرى وبث الوعى بها و بأهمية دورهم الاقتصادى والسياسى لبناء ريف جديد ودولة ديمقراطية مدنية حديثة؛ وتنظيمهم فى نقابات محلية حقيقية ذات مهمات حية واضحة ومحددة فى العزب والكفور والنجوع والقرى لتصير- بالتدريج – نقابة عامة تضم معظم فلاحى مصر الفقراء والصغار؛ وتتبوأ دورها فى تحويلهم لقوة فاعلة ذات وزن وتأثير بدلا من موقف المتفرج والمفعول به الذى لازمهم طيلة القرون الماضية.
باختصار.. لابد من التخلص من العقدة النفسية المتوطنة التى تحكم العلاقة بين هذه النخب الهشة والفلاحين من جانب وبين النظام الحاكم من جانب آخر وهى نفس العقدة التى تربط بين السفاح والضحية أو على حد المثل الشعبى بين القط وخناقه.

الخميس 8 سبتمبر   2011                                                        بشير صقر  
                                                                  عضو لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر

About the Egyptian Revolution..The Current Impasse and the Possible Resolution

 

 

 

 

A Statement

From The Committee of Solidarity with Egyptian Farmers – Egypt

____________

 

After the removal of Mubarak’s rule on February, 11th 2011, the people of Egypt continued their uprising to achieve their goals that they expressed during the 18 day protest.

The Egyptian Revolution took place in many Egyptian cities, but major protests were centered in Cairo, Suez, Alexandria and El Mansouria. These cities represented the core of the uprising. Outside of the big cities, the strength of the revolution faded away gradually. The country side didn’t participate considerably in the revolution, especially in small villages and remote communities.

There was actually a need to include the country side in the uprising in order to reach the same level of strength witnessed in cities. Also the country side needed the practical, political and tactical support of those who started and managed the revolution, especially after some of those who didn’t even participate in the revolution started reaping its benefits in the country side.

The summary of this diagnosis is: The revolution started in the center and the margins had to support it at the same increasing level of strength and expertise.

The political forces that really believed in the goals of the revolution had to realize that the continuation and the success of the revolution will not take place without reviving the margins and protecting the center and that the death of revolution is when it is left alone –without political and practical support- facing the counter-revolution led by the forces of the former regime and the new anti-revolution forces.

In fact, the historical background of most of the political forces in Egypt prevents them from going in this direction (supporting the revolution). These forces have been copted by the former regime and their political activism was reduced to delivering speeches in conferences and participation in ceremonial carnivals . They have been disconnected from their organic ties with the struggles of the underprivileged, the oppressed and the unorganized masses.

The Committee of Solidarity with Egyptian Farmers has been aware of all of what has been stated above since the downfall of the regime’s head and its action isn’t limited to issuing this statement. The committee is taking action in the field in which it operates..

The committee has simplified its vision to many farmers, and it participated in what it called the second phase of the Egyptian revolution that started on the 14th of February 2011. This phase witnessed the retrieval of farmers’ land in many towns in Bahira Province. Subsequently, famers retrieved their land in Maamoura and also in Dahqiliya. Moreover, the committee participated in protests in Cairo that focused on specific demands of famers from a number of Egyptian provinces. Also it launched an initiative to remove the ban on growing rice in Fayyoum Province based on a court’s decision against the ban.

 

Finally, the Committee of Solidarity with Egyptian Farmers calls on all political forces- the ones concerned about maintaining the revolution and making sure that it achieves its goals- to immediately start working with famers and workers and the marginalized in the provinces in order to build a real defense line that protects the revolution and also to provide the center of the revolution with expertise, ideas and practical tactics to resolve the current impasse and keep the revolution safe from the counter-revolution forces.

Sunday, July 31st

 

 

 

 

 

 

 

عن شهداء رفح … واتفاقية الصلح مع إسرائيل

بشير صقر
الحوار المتمدن – العدد: 3469 – 2011 / 8 / 27
المحور: الحركة العمالية والنقابية
راسلوا الكاتب-ة  مباشرة حول الموضوع     

 

والد أحد الشهداء :
” لو مش عارفين تحموا ولادنا.. لا ترسلوهم إلى الحدود ”

تمهيد:

أثار اغتيال الجنود المصريين الثلاثة على حدود مصر وغزة ردود فعل شعبية هائلة ضد الكيان الصهيونى . كان ذلك الاغتيال هو الأول بعد ثورة يناير 2011 رغم أنه تكررمن قبل عدة مرات منذ إبرام اتفاقية الصلح بين مصر وإسرائيل عام 1979 فى عهدى السادات ومبارك.
وقد غطت مظاهرات الغضب عددامن المدن المصرية خصوصا فى القاهرة والجيزة حيث تقبع سفارة الكيان الصهيونى.. ورغم الحشود العسكرية التى هرعت لحمايتها والحيلولة دون وصول الغضب إليها إلا أن الجماهير تمكنت من أن تطول علمها وتنزله من على ساريته وترفع محله العلم الفلسطينى؛ وهو ما شكل أبلغ الردود على اغتيال رجال الشرطة المصرية الثلاثة على الحدود فى رفح.
بعدها توالت ردود الفعل فى الصحافة والإعلام مطالبة بإعادة النظر فى اتفاقية السلام المزعوم وخلو سينا من السلاح وضرورة التصدى لمثل هذه الاستفزازات بالطريقة والحجم وفى التوقيت المناسب على الأقل حفاظا على السيادة والكرامة الوطنية ؛ علاوة على التعرض للأسباب الحقيقية الكامنة وراء عملية الاغتيال على الجانبين المصرى والصهيونى.. إلخ
* لم تستهدف الاغتيالات الإسرائيلية للجنود المصريين على الحدود قبل 25 ينلير 2011 إبراز النظام الحاكم فى مصر بمظهر الضعف والعجز عن الرد إلا فى السنوات القليلة التى تلت توقيع اتفاقية الصلح.. وذلك لاختبار مصداقية النظام المصرى فى استسلامه من الناحية العملية؛ وفى غض البصر عن تلك التجاوزات الإسرائيلية باعتباره امتدادا لغض بصر مماثل أثناء تدبيج كثير من نصوص اتفاقية الصلح وملاحقها..
لكن وبعد أن شاركت مصر فى حربين ضد العراق وانحازت ضد النضال الوطنى الفلسطينى وضدالأشقاء اللبنانيين مؤخرا فى حربهم ضد الكيان الصهيونى اطمأنت لتحالف النظام معها ومع الولايات المتحدة الأمريكية.. أصبحت- الاغتيالات- تستهدف شعب مصر والقوى المعارضة للنظام الحاكم؛ أما بعد 25 يناير 2011 فهى موجهة لثورة الشعب وللنظام الحاكم معا.
*وبينما تذهب بعض التقديرات- فى تفسير أسباب ما حدث- لأنه بالونة لاختبار رد فعل المجلس العسكرى الحاكم ولثورة الشعب معا؛ فإن تقديرات أخرى ترجعه إلى محاولة التغلب على المشكلات الاقتصادية والسياسية الداخلية فى المجتمع الإسرائيلى التى يكتنف حلها صعوبات جمة خصوصا بعد ارتفاع حرارتها إثراندلاع الانتفاضات الشعبية فى تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين؛ وبعد تصاعد معنويات الفلسطينيين وشروعهم فى التحضير لعرض قضية إعلان دولتهم على هيئة الأمم المتحدة.. وباتت الدولة الصهيونية فى حاجة ماسة لحدث قومى يحشد المجتمع الإسرائيلى حولها ويعفيها من حلول حقيقية لتلك المشكلات الداخلية المتفاقمة ويدفع بها إلى الخلف بعيدا عن المشهد العام خصوصا بعد العزلة الدولية التى ألمت بها فى أعقاب عدوانها على سفينة الحرية التركية وقافلة دعم وإغاثة الشعب الفلسطينى فى العام الماضى.
* بينما ترى تقديرات ثالثة أن الأمر مختلف تماما عما تطرحه الآراء السابقة؛ فإسرائيل بعد غياب حليفها الأهم فى المنطقة – حسنى مبارك- تمهد للاستعاضة عنه باحتلال جزء من سيناء اعتمادا على انشغال المجلس العسكرى الحاكم فى مصر بالشئون الداخلية .. وإمعانا فى إظهار مصر بمظهر غير القادر على نشر الأمن أو فرضه خصوصا فى شمال سيناء وعلى حماية حدودها الشمالية الشرقية بعد حادث التسلل لمنطقة النقب وقتل عدد من الإسرائيليين هناك؛ فضلا عن تفجير أنبوب تصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل والأردن عدة مرات فى الشهور الأخيرة .. وإرجاع ذلك إلى نشاط عدد من الخلايا النائمة لتنظيم القاعدة فى شمال سيناء .. وهو مايشير من طرف خفى إلى محاولة كسب تأييد شعوب وحكام الدول الغربية .

الانتفاضة الفلسطينية الثانية ( سبتمبر 2000 ) والدعم الشعبى المصرى:

إثر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية فى أواخر سبتمبر 2000 بعد أحداث اقتحام شارون للمسجد الأقصى .. تفجرت فى مصر غضبة شعبية هائلة لم تحدث منذ انتفاضة الخبز فى يناير 1977 شملت قطاعات واسعة وأفضت إلى تأسيس اللجنة الشعبية المصرية لدعم الانتفاضة الفلسطينية وغطت حوالى 15 محافظة أشعلت حماس الشعب وضمت أعدادا واسعة من المصريين بالذات الشباب وأمدت الشعب الفلسطينى بكميات كبيرة من الأغذية الجافة والمستلزمات الطبية علاوة على دعم سياسى وشعبى غير مسبوق تمثل فى عديد من المؤتمرات السياسية الضخمة وألوان من الاحتجاجات والمعارض والتأييد الإعلامى للانتفاضة.

* كانت قوافل الدعم المادى تبدأ من القاهرة – أو من محافظات الوجه البحرى بعد عقد مؤتمرات سياسية حاشدة – متوجهة إلى مدينة العريش لتسليمها إلى الفلسطينيين المقيمين هناك الذين يقومون بدورهم بتخزينها ثم نقلها إلى قطاع غزة ، ثم تطور الأمر إلى توجه القوافل مباشرة إلى مدينة رفح لإدخالها عبر المنفذ البرى إلى الأرض الفلسطينية.
المهم كان الإسرائيليون يتفننون فى وضع العراقيل أمام القوافل لمنعها من الدخول لكن القائمين على اللجنة كانوا مصرين على إبطال محاولاتهم وفلها بالاستعداد لكل الاحتمالات المتوقعة فضلا عن التحلى بطول النفس والصبر وهو ما مكنهم من المساهمة فى إدخال 26 قافلة حتى عام 2004.
* وفى صباح 26 نوفمبر 2000 كانت أولى القوافل تعبر قناة السويس إلى سيناء حيث احتجزتها قوان الأمن على مشارف العريش عدة ساعات كانت كفيلة بحشد الآلاف من أهالى العريش فى استقبال جماهيرى كبير؛ وما أن وصلت أخبار القافلة إلى مدينة غزة عبر أجهزة التيليفونات المحمولة حتى انفجر رد فعل شعبى متجاوزا كل التوقعات.. وفى دقائق كانت المظاهرات تعم أرجاء غزة؛ وكان ذلك الفرح العارم أهم الأسباب التى كان الإسرائيليون مصرين على التصدى لها وكبتها لوقف تيار التضامن الشعبى المصرى الفلسطينى ، وفى حالة فشلهم فى ذلك كان رد الفعل يتمثل فى عمليات الاغتيال عبر الحدود لجنود الحراسة المصريين فى منطقة رفح.
* ففى إحدى القوافل الضخمة ( 29 يونيو 2001 ) التى ضمت 48 شاحنة تحمل 650 طنا من الأغذية الجافة وكميات ضخمة من الأدوية والمستلزمات الطبية ويصحبها وفد شعبى من 815 ناشط سياسى ؛ جرى عقد مؤتمر سياسى بقصر ثقافة العريش أحدث دويا هائلا بالمدينة ؛ كان شكل القافلة وحجمها – الذى بلغ طولها 1600 مترا وشكل عبئا على حركة المرور على الطريق – يوحى بالفخر والثقة والأمل وتولد ذلك الإحساس فى قلوب أهالى العريش وانتقلت آثاره لكل الدوائر الرسمية التى بدت مستسلمة للأمر الواقع ومسلمة بما يحدث .
ولم يكن أمام العدو الصهيونى إزاء هذه الحالة وذلك الدعم والتضامن المادى والسياسى سوى اغتيال أحد جنود الحراسة المصريين فى رفح على بعد 45 كيلو متر من مدينة العريش التى كانت تستقبل قافلة الدعم.
* وقبلها فى 20 نوفمبر عام 2000 اندلعت المظاهرات فى مدينة العريش تضامنا مع الانتفاضة الفلسطينية وتقدت إحداها على طريق العريش / رفح الرئيسى لمسافة 17 كيلومترا لتلحق بها قوات الشرطة وتفضها بالقوة وتحول دون وصولها إلى رفح ، وتقبض على قادتها من النشطاء السياسيين وتقدمهم للنيابة العامة بالتهم التالية :
قطع الطريق الدولى بين القاهرة ورفح – التجمهر – تكدير الأمن العام- الإساءة إلى علاقات مصر بدولة مجاورة ( إسرائيل)- توزيع منشورات تحض على كراهية النظام الحاكم- الاعتداء على قوات الأمن….إلخ.
هذا وقد تبين المحامون الذين حضروا التحقيقات مع المتهمين أن وزارة الخارجية الإسرائيلية قد تقدمت باحتجاج شديد اللهجة للخارجية المصرية يفيد بأن تظاهرة العريش تعد خرقا لا تفاقية السلام بين مصر وإسرائيل بقطعها لهذا الطريق الدولى؛ وقد أحيل الاحتجاج إلى وزارة الداخلية التى أخطرت به مديرية أمن شمال سيناء وأصدرت أوامرها بالتصدى للتظاهرة والقبض على قادتها وتقديمهم لجهات التحقيق بالتهم السالفة. وبسبب ثورة المتظاهرين أفرجت النيابة- التى بدا تعاطف أعضائها واضحا – عن المتهمين فور انتهاء التحقيق بضمان محال إقامتهم.

* هذا وقد تكررت عمليات إطلاق الرصاص على الجنود المصريين الذين يحرسون الحدود بين رفح وقطاع غزة مما أدى إلى مصرع العديد منهم دون أن تحرك السلطات المصرية ساكنا ولو بالاحتجاج التقليدى أو بعرض الأمر على هيئة الأمم المتحدة لاتخاذ موقف فى مواجهة عمليات الانتهاك الإسرائيلية المتكررة والمتصاعدة لاتفاقية السلام التى أبرمتها مع الكيان الصهيونى.

* لقد نصت اتفاقية الصلح بين مصر وإسرائيل عام 1979 على تقسيم سيناء إلى 3 قطاعات هى : القطاع ( أ ) المتاخم لقناة السويس ، والقطاع ( ب ) وسط سيناء ، والقطاع ( ج ) المتاخم للأراضى الفلسطينية بحيث يتناقص تسليحها كما ونوعا وأفرادا كلما اتجهنا شرقا وشمالا لينتهى عند الحدود المصرية / الفلسطينية-الإسرائيلية بقوات شرطة محدودة العدد خفيفة التسليح وهو ما يسهل مهمة خرق اتفاقيىة الصلح من جانب إسرائيل – إذا ما أرادت ذلك – والوصول إلى قناة السويس بشكل أسرع من قدرة القوات المصرية على الوصول إلى حدودها مع إسرائيل.

* علاوة على أن الاتفاقية المذكورة تتم مراقبتها من جانب طرف ثالث هو الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من دول حلف الناتو ( الأطلنطى ) وتسمى القوات الدولية للتفتيش ومراقبة تنفيذ اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وهى ليست قوات تابعة للأمم المتحدة كما يروج البعض عنها خلافا للحقيقة ، وتحتفظ هذه القوات بعدد من محطات الإنذار المبكر الإلكترونية فى منطقة الممرات على بعد 40 كيلومترا شرق قناة السويس، وأخرى قرب مدينة رفح ووظيفتها مراقبة وتسجيل أية خروقات للاتفاقية من جانب الطرفين.

وعليه فتجريدالجزء الأعظم من سيناء من جنود القوات المسلحة ومن الأسلحة الثقيلة والمدفعية والطائرات والأجهزة الإلكترونية يساهم مع محطات الأنذار المبكر الأمريكية فى تقييد يد مصر عن حماية أراضيها وحدودها اعتبارا من نهاية المنطقة ( أ ) المتاحمة لقناة السويس وحتى مدينة رفح ؛ وكل عمليات الاغتيال التى جرت على الحدود المصرية / الفلسطينية – الإسرائيلية تمت بواسطة قناصة من الجانب الإسرائيلى أو بقصف مدفعى أو بالطائرات التى تعبر الحدود إلى الأجواء المصرية.

هــــل..
ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ؟
أم أن حرب أكتوبر 1973 هى آخر الحروب مع إسرائيل؟
وهل خيارنا الاستراتيجى مع إسرائيل ما زال هو السلام ؟

المقولات الثلاث السابقة صدرت عن ثلاثة رؤساء مصريين (عبد الناصر و السادات ومبارك ) أداروا الصراع مع العدو الإسرائيلى خلال الستين عاما التى مثلت حكم العسكر لمصروهى تعكس توجه النظام الحاكم فى مرحلة صعوده ولحظات هبوطه فيما يتصل بالصلة مع الولايات المتحدة الأمريكية والعدو الصهيونى؛ وسوف نطرح فيما يلى عددا من الأسئلة كانت اللجنة الشعبية لدعم الانتفاضة الفلسطينية تطرحها فى معظم المؤتمرات السياسية التى تتصل بقوافل دعم للانتفاضة لإبراز المسار المطلوب لامتلاك الإرادة ومواجهة الأعداء التاريخيين للشعب المصرى والشعوب العربية :

– لماذا تتم مراقبة اتفاقية الصلح بين مصر وإسرائيل من طرف ثالث منحاز لإسرئيل؟

– بافتراض قيام القوات المسلحة المصرية بالتحرك من غرب قناة السويس باتجاه الحدود (رفح) وقيام القوات الإسرائيلية بالتحرك فى نفس التوقيت من رفح فى اتجاه قناة السويس .. فمن يصل إلى حدود الآخر أولا؟
وإذا التقيا فى وسط سيناء فمن منهما يأسر جزءا من شعب الآخر وثرواته؟

– هل ظلت القوات المسلحة المصرية على الأقل بنفس كفاءتها وتعدادها اللذين كانت عليهما إبان حرب 1973؟
– ماهى الحروب الحقيقية التى اشتركت فيها كل من القوات المسلحة المصرية والإسرائيلية ضد أطراف أخرى منذ آخر حرب كانت بينهما؟
أو هل شارك الجيشان فى حروب ترفع من الكفاءة القتالية لهما مقارنة بكفاءتهما فى حرب 73 ؟

– لو نشبت الحرب بين مصر وإسرائيل .. هل الأفضل أن يشارك فيها أهالى سيناء ؟ أم الأفضل أن ينتظروا عملية أسرهم المحتملة على أيدى قوات العدو الصهيونى .. أسوة بجملة الفنادق والمنتجعات والمرافق والمنشآت المصرية فى سيناء ؟

– هل المشاركة فى الحرب تتطلب أن تظل سيناء بهذا العدد المحدود من السكان ؟ أم بزيادة سكانها وتعميرها وتصنيعها واستزراع أراضيها وبتدريب سكانها على القتال والمقاومة وبتسليحهم ليكونوا حائط الصد الأول ضد أى هجوم معادى؟

– بعد إبرام اتفاقية الصلح مع إسرائيل .. هل أزال الصهاينة خريطة ” إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل “المعلقة على جدران الكنيسيت؟ أم أن أحلامهم فى التوسع مازالت حية وقائمة؟

– هل استجاب الصهاينة لقرار واحد من قرارات الأمم المتحدة- التى صدرت فيما سبق- لصالح استرداد الشعب الفلسطينى لحقوقه المشروعة ؟
– هل تنص اتفاقية الصلح مع الكيان الصهيونى على ” عدم تدخل مصر فى أى حرب تنشب فى المنطقة بين إسرائيل وأية دولة أخرى”.. ولم؟ ، وهل تنص كذلك على ” إلزام مصر بمد إسرائيل بكميات ضخمة من البترول والغاز الطبيعى بأسعار تقل كثيرا عن الأسعار العالمية ” آنذاك ؟

-هل يمارس الشعب الفلسطينى العنف ضد الصهاينة أم أنه يقاوم محتلا لأرضه وغاصبا لحقوقه؟
– هل تبيح القوانين الدولية له هذه المقاومة بل وتقننها له .. ولكل الشعوب الواقعة تحت الاحتلال أم لا تبيحه ؟

-هل دفاع الشعب الفلسطينى عن حقوقه وأراضيه تقتصر فائدته عليه فقط؟ أم تشمل أيضا كثيرا من الشعوب العربية خصوصا المحيطة به مباشرة؟

– لو تم كسر مقاومة الشعب الفلسطينى .. ما هو المصير المتوقع لهضبة الجولان السورية المحتلة ولسيناء الخالية من السلاح؟ وهل سيكون فى الإمكان آنذاك استعادة الجولان واسترداد السيادة الكاملة على سيناء؟ أم أن الخطوة الثانية للعدو الصهيونى فى هذه الحالة ستكون التقدم خطوة جديدة نحو إسرائيل الكبرى؟

– بعد أن أبرم الفلسطينيون اتفاقية أوسلو مع العدو الصهيونى فى عام 1992 وتأسست دويلة فلسطينية معدومة السيادة فى غزة ورام الله ( على مساحة 13 % من الأراض الفلسطينية ) من هو المسيطر على المنفذ الوحيد لهذه الدويلة مع الجار العربى الوحيد ( مصر ) ؟

– هل تحكم السلطة الفلسطينية المجتمع الفلسطينى فى الدويلة الجديدة أرضا وبشرا؟ أم أن حكمها يقتصر على البشر دون الأرض؟ ومن الذى يحكم أو يتحكم إذن فى الأرض الفلسطينية برا وبحرا وجوا ؟ هل السلطة الفلسطينية أم العدو الإسرائيلى؟ ومن يسيطر على جميع المنافذ المحيطة والتى تشكل صلة الدويلة الفلسطينية بالعالم الخارجى؟

– لو تم سد المنفذ الوحيد لهذه الدويلة على العالم الخارجى .. كيف نفرق بين هذه الدويلة وبين زنازين التأديب فى السجون؟

– هل ما زالت عبارة السادات الشهيرة ” حرب أكتوبر 1973 هى آخر الحروب مع إسرائيل ” تعبر عن واقع الحال أم تعبر عن قصر نظر سياسى أم عن تواطؤ مع العدو أم عنهما معا ؟

– هل ما زال” السلام ” بوضعه الحالى هو خيارنا الاستراتيجى مع إسرائيل كما ردد مبارك ؟ أم أن للشعب المصرى رأيا آخر فى مثل هذه الصيغة من السلام ؟

قنص الجنود المصريين من على الحدود هل مازال سياسة معتمدة
لدى الدولة الصهيونية أم أنه يخضع للتقديرات السياسية فى كل لحظة
?

لم يكن اغتيال الجنود المصريين مؤخرا على الحدود فى رفح مجرد حادث عابر بل كان امتدادا لما اقترفه الكيان الصهيونى طيلة الفترة التى انقضت منذ إبرام اتفاقية كامب ديفيد فى نهاية السبعينيات من القرن الماضى وهو تكريس لاتفاقية لا تترجم ولا تعبر عن ميزان القوى مع العدو الصهيونى وقت توقيع المعاهدة التى تعد تفريطا واضحا فى الحقوق المصرية حيث اعتاد العدو بعدها على استخدام البلطجة وإرهاب الجمهور الأعزل سواء على الحدود المصرية أو داخل الأراضى الفلسطينية وسط حالة من العجز أو التواطؤ أو كليهما معا.
وبعد تفجر الثورة المصرية فى يناير 2011 صار هناك وضع مختلف داخل مصر ومزاج مغاير ومناخ معاكس لما كان قائما فى عهد السادات ومبارك.. فجدار الخوف قد تصدع وبدأ فى الانهيار ؛ والإحساس بالكرامة قد استعيد‘ والشعور بالثقة والقدرة على فرض الإرادة الشعبية و الأمل فى المستقبل قد ولدا من جديد.. وهو ما يضع علاقة الشعب المصرى بالكيان الصهيونى وبالمعاهدات المعقودة معه فى وضع جديد؛ بدءا من اتفاقية الصلح ومرورا بتصدير البترول والغاز الطبيعى واتفاقية الكويز وانتهاء بعمليات التطبيع المتنوعة ؛ وتبقى إعادة النظر فى تلك المعاهدات هى الحل الوحيد لإعادة التوازن استنادا إلى ميزان القوة الآخذ فى التغير.
باختصار ليس المطلوب إلغاء المعاهدة فى المدى المباشر أو شن حرب فورية لتعديلها أو التصرف إزاء هذه الاستفزازات بعصبية؛ بل المطلوب هو الاستعداد والتحضير لإدارة صراع طويل المدى ليس لاستعادة سيناء قوية كاملة السيادة فحسب .. بل والمشاركة فى دعم المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها ليسترد الفلسطينيون وحدتهم وإرادتهم وأرضهم وحقوقهم التاريخية المشروعة.
ليس المطلوب إذن هو التلويح بالحرب بل بإعداد الأرض لمعركة طويلة هى معركة بناء المستقبل واستعادة الكرامة و القيم الوطنية والإنسانية النبيلة فى مسار واحد ؛ تلك المعركة التى لن تتوفر مقوماتها دون تماسك الشعب المصرى وتوحده على قيم معادية للتمييز والقهر والاحتلال والاستبداد وعلى سياسات وإجراءات عملية تترجمها والشروع فى خلق نهضة علمية زراعية وصناعية على أسس ديمقراطية.

الفلاحون ودورهم المرتقب فى سيناء:

وفيما يتعلق بسيناء لا بد من تحويلها من مجرد صحراء جرداء عزلاء مرصعة بعدد من المنتجعات والفنادق والمحميات الطبيعية المهيأة للوقوع فى الأسر لدى أول مواجهة حقيقية مع العدو إلى مجتمع ديمقراطى يموج بالحيوية ويكتظ بالعمال والزراع والسكان من كل المهن والحرف والأشغال وبكثافة سكانية تستعصى على الهزيمة .. تعيد كل الألسنة المتلمظة عليها إلى حلوقها؛ وتشحذ نصل سكانها بالعلم والثقافة والتدريب على السلاح لتشكل قوة رادعة وحائط صد منيع وواقيا من أية مباغتات يقوم بها تتار العصر الحديث.
ولن يتم ذلك دون توزيع الأرض القابلة للزراعة فى سيناء على فلاحى مصر الفقراء وفى مقدمتهم فلاحى سيناء ودعمهم بكل العون والمساندة.
إن الوصول إلى هذا المستوى من القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية هو بمثابة قطع نصف الطريق الذى ننشده ؛ وهو كفيل بإحداث تصدعات هائلة فى بنيان المجتمع الإسرائيلى المصطنع تمكن من تقليص ما تبقى من هذا الطريق لاسترداد الحقوق الفلسطينية والعربية المشروعة.
وبرغم أن العدو الصهيونى – كما يقول بعض المفكرين- ينتقل خلال المائة عام الماضية من إنجاز إلى إنجاز .. فإن أزماته تتصاعد بشكل ملفت للنظر وهو ما يؤكد أن كل ما حققه من انجازات سابقة لم يكن بسبب تماسك بنيانه الداخلى بقدر ما كان بسبب الطريقة والمنطق اللذين كان يستخدمهما معه كل من تولوا مهمة مواجهته فضلا عما كان يلقاه من دعم قوى ومتنوع ومتواصل من المعسكر
الغربى.

26 أغسطس 1201                                           بشير صقر
                                      عضو لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر

 

أسمع كلامك أصدقك .. أشوف أمورك أستعجب ..! عن المجلس العسكرى والفلاحين وثورة 25 يناير:

 

تمهيد:

عندما اندلعت انتفاضة الشعب المصرى فى 25 يناير 2011 لم يتوقع أكثر المتفائلين أن تفضى إلى جزء محدود من النتائج التى انتهت إليها حتى الآن؛ فقد انكسر جدار الخوف الذى بناه النظام الحاكم طيلة ستين عاما إلى غير رجعة وبات مؤكدا أن أسوأ النتائج المحتملة للإنتفاضة لن تعيد ترميم هذا الجدار مرة ثانية.

لقد أدرك الشعب المصرى الآن أن ما كان يحلم به لن يحققه سواه .. وأن بيت الشعر المعروف ” ما حك جلدك مثل ظفرك .. / .. فتولّ أنت جميع أمرك ” هو الحقيقة الساطعة وأهم الدروس التى خرج بها من هذه الانتفاضة.

لقد تعددت التحليلات التى تناولت أحداثها الدرامية سواء فى أيامها الأولى أو فيما تخللها من وقائع طيلة الشهور الستة المنصرمة.. وتمثلت القواسم المشتركة لتلك التحليلات فى الحقائق التالية :

*أن النظام الحاكم لم يزُل بكامله وأن أركانه الأساسية  وسياساته باقية كما هى.

* وأن الإجراءات المتخذة لتحقيق مطالب الثورة لا تنتهى إلى غاياتها المفترضة أو المتوقعة .

* وأن الوجوه التى تطل على الجماهير من كثير من النوافذ هى ذاتها الوجوه القديمة أو وجوه جديدة قديمة . *وأن المنطق والروح السائدين فى أجواء مصر هما ذات المنطق والروح القديمة.

* وأن المتلمظين على اختطاف الثورة و ثمارها أكثر ممن تم إلقاؤهم خلف قضبان السجون من رموز النظام الحاكم .

* وأن الوصول إلى غايات الثورة بات مرهونا بمدى الاستمرار فى الحفاظ على وهج الانتفاضة والحرص واليقظة من جملة المتسللين إلى دفّتها ؛ والتعلم من كل التجارب التى خاضتها الشعوب فى ثوراتها القديمة والحديثة وبعد النظر والمثابرة على التزود بالخبرات العملية اليومية.

وحيث شاعت فى أوساط الثورة تقديرات شتى خلط بعضها بين التمنيات وبين قراءة أحداث الانتفاضة قراءة دقيقة بالنسبة لموقف المجلس العسكرى منها ؛ ولأن التداعيات اللاحقة لممارسات المجلس  العسكرى مع كثير من فئات الشعب ورموز النظام قد أوضحت حقيقة لا تقبل الشك وهى أنه يكيل مكيالين وأن هويته  كجزء من النظام – الذى رفعت الانتفاضة شعار إسقاطه-  كانت غلابة .

كان من أبرزهذه الممارسات على سبيل المثال القبض على عدة آلاف من عامة الشعب وتقديم الكثيرين منهم لمحاكمات عسكرية صورية ومعاقبتهم بأحكام قاسية لا تفرق بين الثائرين والجوعى من ناحية وبين المأجورين أدوات النظام المهزوم من ناحية أخرى؛ فضلا عن التحقيقات التى أفضت للإفراج – رهن المحاكمة – عن قتلة الثوار .. والتلكؤ والمماطلة الواضحة فى محاكمة و تقييد حركة رءوس النظام ورموزه وحلفائه وتركهم أحرارا مما يتيح لهم ترتيب أمورهم وأوضاعهم القانونية وتهريب ثرواتهم.

لقد كانت الشواهد كثيرة على دحض مقولة دفاع المجلس العسكرى عن الثورة منها ما شاهدناه بعيوننا عصر الأربعاء 2 فبراير 2011 إبان ما اشتهر بموقعة الجمل ؛حيث كان بإمكان قوات المجلس العسكرى الحيلولة دون وقوع هذه المجزرة لكنها لم تفعل.. وهو ما يدفع بقوة تلك المقولة إلى الوراء ويُحل محلها- فى الصدارة – مقولة أخرى أدق هى أن المجلس العسكرى لم يتصد ّ للانتفاضة ولم يهاجمها .. وأيضا لم يدافع عنها ؛ لأن الدفاع عنها يكون بمنع دخول المناوئين القادمين من شارع جامعة الدول العربية إلى ميدان التحرير أى الفصل بين الفريقين وهو ما يعنى الحيلولة دون مهاجمتها والنيل منها.

وهذا يقودنا مباشرة إلى ما يشاع عن تبنيه لأهداف الثورة التى لم يتخذ مبادرة واحدة لتحقيق واحد منها .. تتراوح بين حدين : أحدهما تجاهل تلك المطالب .. والآخر هو التراجع أمام الضغوط التى يمارسها الثائرون فى الشوارع والميادين. وهذا ما يفسر من جهة أخرى انفراده بتشكيل الهيئة التى صاغت المواد المعدلة من الدستور الملغى وإصراره على إجراء استفتاء حولها ثم عودته  لإصدار إعلان دستورى-  من 65 مادة رغم أن الاستفتاء كان يقتصر على 9 مواد – كان من الممكن إصداره دون إجراء الاستفتاء المذكور.

كما يفسر موقفه من إصدار قانون الأحزاب الجديد وتجريم التظاهر والاحتجاج وعدم الموافقة على الميزانية العامة فى يونيو 2011 وعدم الأخذ بمقترح الضرائب التصاعدية على رجال الأعمال ورفضه رفع الحد الأدنى للمعاشات.. كما كان معروضا عليه إلخ.

الموقف الفعلى للمجلس العسكرى من أهداف الثورة :

يخطئ من يتصور أن المجلس العسكرى كان مجرد متفرج على وقائع عملية توريث الحكم التى جرت خلال السنوات الأخيرة أوأن موقفه كان يقتصر على مجرد الامتعاض ؛ فالحقيقة أنه كان مناوئا ورافضا للتوريث  بشدة ؛ وكان الصراع بينه كجناح عسكرى فى النظام الحاكم وبين جناج رجال الأعمال ولجنة السياسات فى الحزب الحاكم محتدما ومكتوما.. وجاءت انتفاضة الشعب فى 25 يناير  2011 لتعفى الجناح العسكرى من مهمة إخراج هذا الصراع إلى العلن.. خصوصا بعد انحياز رأس النظام لعملية التوريث؛ علاوة على أن الانتفاضة جنبته مهمة- كان يتشوق إليها لأنها البديل الأفضل من الصدام – وهى فضح هذا الجناح الذى شارك بفعالية فى نشر الفساد والاستبداد وفى إفقار الشعب.

لقد حسمت الثورة- دون أن تقصد – ذلك الصراع المكتوم بين جناحى النظام الحاكم لصالح الجناح  العسكرى ومن ثم فإن صمته وعدم تصديه لها لم يتم إلا لأنها جنبته هذه المهمة الثقيلة من ناحية .. ولأن سخط الشعب وانفجاره كانت له أسبابه الحقيقية القوية التى لا يمكن تجاهلها أو الوقوف بشكل صريح ضدها من ناحية أخرى.

كما أن تدفق عشرات الملايين إلى الشوارع وانضمام بعض ضباط الجيش من الرتب المتوسطة إليها كان نذيرا بأن مواجهة المجلس العسكرى- المتصورة – للانتفاضة سيكون ثمنها فادحا خصوصا على وحدة وتماسك القوات المسلحة.

 والمجلس العسكرى كجزء هام من النظام لا يوافق على إسقاطه وإنما يرى تشذيبه واستبعاد أكثر مسببات الثورة الشعبية تأثيرا وأبرز مظاهر استفزاز الشعب ، ولن نستدل على ذلك باستعراض حالات الأنظمة التى تفجرت فيها ثورات شعبية واستأثر بها العسكر ؛ بل سنتتبع عددا من الممارسات التى جرت فى مواجهة الشعب الثائر وعلى وجه التحديد فى أوساط الفلاحين لندلل على تقديرنا فى هذا الأمر.

الفلاحون والثورة والمجلس العسكرى:

بمجرد أن فجرها الشباب شارك كثير من قطاعات الشعب المصرى فى هذه الثورة كالعمال والمهنيين والعاطلين والمهمشين باستثناء الفلاحين الذين شاهدوها على شاشات الفضائيات ولم يشرع بعضهم فى المشاركة إلا منذ 14 فبراير عقب سقوط رأس النظام؛ ومعظم من شاركوا تركزت مشاركتهم فى استرداد أراض كانوا يزرعونها واغتصبت منهم بوسائل متنوعة على مدى الخمسة عشر عاما الأخيرة وخصوصا منذ تطبيق قانون الإيجارات الزراعية الجديد  ( 96 / 1992 ) فى أواخر عام 1997 .

وفيما يلى نعرض ثلاثة نماذج متنوعة فى ثلاثة محافظات توضح دور الفلاحين من جانب وموقف المجلس العسكرى فضلا عن موقف الشرطة من جانب آخر:

أولا : محافظة البحيرة :

فى قرية العمرية مركز دمنهور

*احتال رئيس مباحث أمن الدولة بالبحيرة على ثلاث عائلات بالقرية منذ عام 2005 وحتى 2010 واغتصب منهم 21 فدانا بنى فى جزء منها قصرا ومخزنا لأنابيب الغاز بالمخالفة للقانون وسجلها باسم والدته فى الجمعية الزراعية استعدادا لبيعها كأراض للبناء؛ ورغم تصدى بعض الفلاحين له  إلا أنه أجبر معظمهم على الخضوع وساوم البقية.

*وإبان الثورة وبعد انكسار أجهزة الشرطة وهروبها أراد جنرال أمن الدولة أن يتخذ ضد الفلاحين إجراءا استباقيا لترويعهم وإشعارهم باستمرار جبروته فأرسل لهم تجريدة مسلحة من بعض رجاله والخارجين على القانون فى 14 فبراير 2011 داهمت القرية وأطلقت النار فى كل اتجاه إلا أن تجمهر الفلاحين من القرية والقرى المجاورة ألقى الرعب فى قلوبهم ودفعهم لتوجيه الرصاص للفلاحين فأصابوا بعضهم وهنا هاجمهم الفلاحون فلم يجدوا مهربا سوى إشعال النار فى القصر والانسحاب خلف ساتر الدخان وطلقات الرصاص ووجدها الفلاحون فرصة لاستعادة الأرض التى اغتُصبت منهم .

*فى اليوم التالى أرسل الجيش أحد ضباطه للمعينة فاستقبله الفلاحون بترحاب وأطلعوه على ماحدث وودعوه وداعا حارا.

*فى 7 مارس 2011 تقدم والد جنرال أمن الدولة ( وكان هو الآخر جنرالا فى القوات البحرية) بشكوى لرئيس أركان القوات البحرية يدعى فيها قيام البلطجية باغتصاب أرض زوجته وحرق قصرها وسرقة مخزن أنابيب الغاز وحصل منه على خطاب توصية لأحد أعضاء المجلس العسكرى للاستجابة لمطالبه .

*فى 22 مارس 2011 قامت قوة من ” سرية إعداد الدولة للحرب ” التابعة للمنطقة العسكرية الشمالية بالإسكندرية باصطحاب الشاكى ومعها بعض السيارات العسكرية وعدد من مساعدى إبنه فى أمن الدولة وبعض أقاربه يعرفهم الفلاحون وداهموا قرية العمرية مطلقين الرصاص فى كل اتجاه وشرعوا فى القبض العشوائى على الفلاحين الذين  أيقنوا أن هؤلاء جميعا من رجال ضابط أمن الدولة – أتوا هذه المرة متنكرين – وليسوا من قوات الجيش التى سبق أن عاينت موقع الأحداث؛ لذلك تصدوا لها بالتجمهر والهتاف.

*قدمت النيابة العسكرية خمسة فلاحين للتحقيق والمحاكمة ؛ وفى بحر 48 ساعة عاقبت أربعة منهم بالسجن 5 سنوات والخامس بالحبس سنة؛ ولم يتمكن دفاع الفلاحين من الدخول لمقر التحقيق ولا من قراءة محضر التحقيق ولا المرافعة عنهم فى المحاكمة ، بسبب الألاعيب التى جرت معهم من النيابة العسكرية.

ويجدر بالذكر أن أحد الفلاحين الأربعة كان موجودا فى ليبيا من عام 2008 حتى 21 فبراير 2011 أى أنه كان خارج مصر فى تاريخ  الواقعة التى حوكم بسببها ( 14/2/2011 )؛ أما الثانى فهو خفير نظامى يتبع وزارة الداخلية وكان فى نوبة عمل فى توقيت الأحداث ولا يصح قانونا محاكمته أمام  محاكم القوات المسلحة؛ والثالث كان فى نوبة عمل فى أحد الأفران بمدينة دمنهور، بينما الرابع كان مصاحبا لأحد الفلاحين المصابين برصاص المعتدين ( رجال ضابط أمن الدولة ) فى المستشفى ومركز الشرطة ، أما الخامس فهو كهل مريض بالكبد والسكر والقلب.

*الأهم من كل ذلك أن التحقيقات لا تتضمن أقوال شاهد واحد تدين الفلاحين باستثناء أقوال الشاكى الذى لم يكن حاضرا فى معركة 14 فبراير 2011 علاوة على أن المعركة كان بها عدة آلاف من الفلاحين ومضت عليها خمسة أسابيع .                                                                                                

*كذلك فقد تجاهلت النيابة العسكرية محضرا للشرطة يخص أحداث 14 فبراير قدمه الفلاحون لها واستبعدته عمدا من ملف التحقيقات، والمحضر يثبت أن للموضوع مقدمات كثيرة منظورة أمام القضاء المدنى- ويضم تحقيقات لتعديات سابقة ضد الفلاحين ونسائهم وترويعهم بالبلطجية وإصابة بعضهم بالرصاص- ولا يصح قانونا تدخل القضاء العسكرى فيها.                                                                                

 لقد تم القبض على هؤلاء الفلاحين البسطاء دون جريرة ارتكبوها بسبب توصية رئيس أركان القوات     البحرية مجاملة لزميل سابق له ؛ بينما كان رموز النظام أمثال زكريا عزمى وصفوت الشريف وفتحى سرور طلقاء ولم يتم تقييد حريتهم ومحاكمتهم بعد.                                                             

ثانيا : محافظة الإسكندرية :

فى عزبة حوض 13 بمنطقة المعمورة

* فى عام 1963 تسلم سبعون فلاحا بالعزبة المذكورة مساحة 186 فدانا بنظام التمليك المقسط من الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بعد بحث حالتهم الاجتماعية . ومنذ أوائل السبعينات بدأ أحد أعضاء مجلس الشعب عن الدائرة التى تقع ضمنها العزبة المذكورة فى تنفيذ خطة شيطانية بمشاركة بعض موظفى الجمعية الزراعية للإصلاح الزراعى بالمنطقة وعدد من ضباط شرطة  قسم ثانى المنتزة أسفرت عن طرد 36 فلاحا من الأرض واحدا بعد الآخر.. رغم أنه قام بالتوقيع على استمارات بحث حالتهم الاجتماعية التى تسلموا الأرض بموجبها .                                                                                          

*ويفيد الفلاحون أن عضو مجلس الشعب كان يبيع الأرض المذكورة  قطعة قطعة بعقود بيع عرفية لآخرين بعضهم من المنطقة.

*وفى عام 2008 وبالمصادفة اكتشفوا أن البرلمانى المذكور- بعد طردهم من الأرض- كان يدفع أقساط تملّك الأرض لهيئة الإصلاح الزراعى يأسمائهم وهو ما يعنى أنه طردهم منها وحل محلهم فى دفع الأقساط فقاموا بشكايته، وكالعادة لم تسفر شكاواهم عن نتيجة فى ظل نظام حكم يعادى الفقراء.

*بعد ثورة يناير 2011 واستنادا لما اكتشفوه – ولكون الأرض مازالت فى سجلات الإصلاح الزراعى بأسمائهم – استردوا جزءا من هذه الأرض ( حوالى 40 فدانا ) وقاموا بإخطار الجيش بما حدث فى السابق قبل استردادهم للأرض فاتخذ الجيش قرارا بمنع كل من الفلاحين أصحاب الأرض الأصليين وكذلك الذين اشتروها من عضو مجلس الشعب من النزول إليها إلى حين.

* بعدها مباشرة وفى 21 مارس 2011 دارت معركة – دبرها عضو مجلس الشعب- بين الطرفين أصيب فيها واحد من الفلاحين وسارع الطرف الآخر بإخطار الشرطة التى تولت التحقيق .                        

* ولحظة مغادرة الفلاحين لقسم الشرطة فوجئوا بمدرعة عسكرية وقوة من الشرطة العسكرية تقبض علي ثلاثة منهم – إضافة إلى محمود محمد مصطفى الذى كان قادما لتوه من مقرعمله فى مكان آخر – وتقتادهم للمنطقةالعسكريةالشمالية.
*تم تحويلهم للنيابة العسكرية مساء 22 مارس 2011 التى وجهت للمتهمين الأربعة تهمة غصب حيازة آخرين وفى بحر يومين كانت المحكمة العسكرية قد أصدرت حكمها بمعاقبتهم بالسجن ثلاث سنوات.       

وتفيد هذه القصة بأن :

* تدبير خطة طرد الفلاحين من الأرض لا يمكن تنفيذها بهذه الدقة وإخفاؤها لمدة تتجاوز 30 عاما إلا  بتكاتف عدد من الأجهزة منها هيئة الإصلاح الزراعى والجمعية الزراعية المختصة وقسم الشرطة وعدد   

من المقيمين بالمنطقة المحيطين بعضو مجلس الشعب (الذى كان نائبا للدائرة لمدة 5 دورات متتالية.)        

* أن الحاكم العسكرى للإسكندرية لم يهتم بمثل هذه الخطة الشيطانية وبطرد الفلاحين من أراضيهم بواسطة نائبهم فى البرلمان بالتعاون مع أجهزة الدولة المختلفة بقدر ما اهتم بقصة رواها عضو مجلس الشعب – أو أحد رجاله- الذى استولى على الأرض  وسعى للتخلص من المأزق الذى وقع فيه بالإيقاع بين الفلاحين أصحاب الحق فى الأرض وبين الذين باع لهم الأرض بعقود عرفية .                                          

* بل وأقحم المواطن محمود محمد مصطفى فى الاتهام الموجه للفلاحين الثلاثة رغم أنه لم يشارك فى المعركة ولم يُحَقق معه بقسم الشرطة لا لشئ إلا لأن الخطة كانت تتطلب إقحامه بسبب ما يمتع به المذكور من سمعة طيبة بين أهالى العزبة باعتباره أحد القادة المناوئين للظلم ولما يمارسه عضو مجلس الشعب المدرب على قهر الفقراء وقمعهم.                                                                                 

وهو نفس ما حدث مع فلاحى قرية العمرية بحيرة من إجراء محاكمة شكلية ليس فيها دفاع أو مستندات أو شهود بل فيها خطابات توصية ومجاملات تتجاوز القانون والأعراف وحق الحياة للفقراء والمعدمين.

ثالثا: محافظة الفيوم :

فى قرى منشية ربيع وقلهانة مركز إطسا

رغم الخصوصية التى تطبع تربة الفيوم الزراعية مقارنة ببقية أرض الوادى وانخفاضها عنها؛ وتأثرها بما يترسب فيها بالتالى من أملاح ؛ واحتياجها إلى عملية غسيل مستمرة للتخلص من معظمها؛ واهتداء فلاحيها لزراعة لنبات الأرز – ونبات السمار قبل ذلك – لتحسين خواصها الكيماوية والفيزيائية حيث ساهمت زراعته – مع عملية الغسيل- فى تواصل زراعة الأرض واستمرار حياة أهلها.. رغم كل ذلك فقد اتخذ محافظ الفيوم الأسبق بالاتفاق مع وزير الزراعة آنذاك قرارا بمنع زراعة الأرز بالمحافظة اعتبارا من الموسم الزراعى2008 – 2009 بدعوى توفير مياة الرى للأراضى العطشى فى نهايات البحور .                   

*ورغم الحزم الشديد الذى لازم تنفيذ القرار إلا أنه لم يحقق هدفه لأنه كان هدفا وهميا بينما كانت الحقيقة هى توفير المياة لبعض كبار الزراع المعروفين والحفاظ على مصالح مستوردى الأرز من الكبار..          

*لقد أسفرت النتائج عن: تدهور شديد فى الأوضاع الاقتصادية للفلاحين وكبار الزراع وأصحاب مضارب الأرز وعمالها وارتفاع ثمن الأرز بالنسبة للمستهلكين ؛ وتدهورمتسارع لخواص التربة وصفاتها أسفرا عن انخفاض كبير فى إنتاجية الأرض المزروعة بالمحصول البديل للأرز وهو الذرة – الذى تحول إلى محصول علف لعدم إنتاجه الحبوب- بل وفى إنتاجية الأرض المزروعة بالمحاصيل التى تلى الأرز فى الزراعة كالفول والبرسيم .                                                                                                    

* لذلك توصل بعض الزراع لرفع دعوى قضائية ضد القرار وحصلوا على أحكام نهائية باتة.               

* و كان عام 2003 قد شهد ميلاد طريقة حديثة فى زراعة الأرزبالفيوم ترفع إنتاجه؛ وتوفر 60 % من احتياجاته المائية أشرف عليها معهد بحوث المياة ووثقها؛ وقام فلاحو الفيوم بتطبيقها لعدة سنوات أثبتت نجاحا مذهلا وعمّموها على الفلاحين فى عدة قرى محدودة؛ وشرعوا فى التعريف بها فى مناطق أخرى بالمحافظة ؛ وطالبوا مصدرى القرار المذكور بتعميمها فى المحافظة لتوفير المياة بدلا من حظر الزراعة والإبقاء على حصتهم من مياة الرى ثابتة إلا أن نداءاتهم ذهبت أدراج الرياح .                                

* وعلى مدى 3 سنوات عجاف أصر رجال الإدارة على الاستمرار فى تنفيذ القرار بينما أهل الفيوم جميعا يجأرون بالشكوى.. حتى اندلعت ثورة يناير فاجتمع عدد من هؤلاء وناقشوا الأمر ووجدوا أن العلم والقضاء والتجربة والمصلحة العامة كلها تدفع فى اتجاه ممارسة حقهم فى استئناف زراعة الأرز بل وتوفير مياهه *وشرع الكثيرون فى الزراعة برغم الحظر إلا أن رجال الإدارة رأوا غير ذلك:                             

1- ففى صباح 15 مايو 2011 توجه عدد من رجال الجيش بمصفحة وشاحنتين من الجنود وعدد من رجال الزراعة والرى والحكم المحلى  إلى قرية منشية ربيع وقبضوا على أحد الفلاحين المخالفين للقرار ( عاطف محمد فيصل ) وأحالوه للنيابة العامة وبعد التحقيق أفرجت عنه بلا ضمان أو كفالة.                           

2- وتكرر ذلك صباح 23 مايو بنفس الكيفية ونفس التجريدة حيث أعادوا القبض عليه وقدموه للنيابة العامة التى حققت معه وأفرجت عنه بكفالة هذه المرة.                                                                   

3- وفى الخامسة من صباح 25 مايو توجهت القوة المذكورة بقيادة الحاكم العسكرى للفيوم ونائب مدير الأمن وأعداد أكبر من رجال الجيش والشرطة والمسطحات المائية وممثلى الزراعة والرى والحكم المحلى  والجمعية الزراعية وقاموا بتجريف أربعة أفدنة باللوادر و الحفارات وتركوا عاطف دون القبض عليه.                                                             

4- ثم كرروا العملية عصر6 يونيو2011  فى أربعة فدادين أخرى لنفس الفلاح بقرية ملاصقة ( قلهانة ).

وهكذا أجهزوا على زراعة الأرز لفلاح اقترض مبلغ مائة ألف جنيه من الدولة لإنشاء مضرب لتبييض الأرز غير عابئين بإمكانية تسديده للقرض من عدمه .                                                           

*ومن المنطقى أن يتكرر هذا الأمر فى نفس القرية وقرى أخرى خرقت القرار الإدارى استنادا إلى حكم قضائى نهائى يلغى القرار المذكورمما يضع الفلاحين فى صدام مباشر مع قوات الجيش والشرطة التى أصبحت وظيفتها مع زراع الأرز فى الفيوم هو مخالفة القانون وتجريف الأرض وتدمير مستقبل الفلاحين الذين لجأوا للقضاء لوقف تلك الممارسات غير المسئولة والحصول على تعويض يمكنهم من الاستمرار فى الزراعة.                                                                                                              

*لقد تعددت مداهمات الجيش للفلاحين فى مناطق أخرى لم يكن من بينها إزالة التعديات على الأرض الزراعية  وأراضى الدولة وإنما تدخلا فى نزاعات منظورة أمام القضاء المدنى وترجيحا لكفة متنفذين يخالفون القانون بالبناء على الأرض الزراعية ويغتصبون أراضى الفلاحين (فى عز الظهيرة ) أو تنفيذا لقرارات إدارية أدانها القضاء وكشف الواقع عورتها وتجاوز العلم مبرراتها  أو محاباة لزميل سلاح سابق أو لمتنفذ معروف وهو ما يؤكد أن المنطق القديم لازال هوالسائد وهو الموجه لتحركات المجلس العسكرى ليس فى مواجهة كثير من الفلاحين فقط بل وكثير من الفقراء.

وإزاء جملة التطورات التى تجرى فى مصر وتدشن بداية تشكل استقطابات سياسية واجتماعية بعينها فإن أعدادا متزايدة من المجتمع قد بدأت تشارك فى أحاديث السياسة دون أن تنخرط بنفس القدر فى الحياة السياسية ولا يمكن القطع بما تضمره الأيام القادمة لكن يبقى أمامنا سؤال ينبغى الإجابة عنه بصراحة هو : أين ومتى كان لحكم العسكر شعبية حقيقية؟

28 يوليو 2011                                                  بشير صقر

                                         عضو لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر

بيــان من لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى- مصر … عن الثورة المصرية .. المأزق الراهن .. والمخرج المحتمل..

بعد إزاحة مبارك من الحكم فى 11 فبراير 2011 واصل الشعب المصرى انتفاضته لتحقيق أهدافها التى لخصتها الشعارات التى رفعتها خلال الثمانية عشر يوما الأولى.                                            

ورغم أن الانتفاضة شملت عديدا من المدن المصرية وتركزت فى بعض المدن الكبرى كالقاهرة والسويس والإسكندرية والمنصورة التى كانت بمثابة بؤرة الثورة ومركزها ؛ فقد تخافض زخمها وقوتها بشكل متدرج فى بقية عواصم المحافظات ؛ ولم يشهد الريف مشاركة حقيقية فى الثورة خصوصا فى القرى والعزب والنجوع  التى شكلت المحيط الأكثر سكونا وبرودة فى المجتمع.                                                

لذا كان الحفاظ على  قوة اندفاع الانتفاضة يتطلب عدم اقتصارها على مركزها فى المدن الكبرى بل كان يحتاج إلى رفع محيطها الريفى بشكل مستمر إلى مستوى زخمها وقوتها فى المركز.

كما كان يحتاج من ناحية أخرى إلى دعم المجموعات التى فجرتها – وشاركت فى إدارتها – بالعديد من الخبرات العملية  السياسية والتاكتيكية التى تفتقر إليها  خصوصا بعد تلمظ  الكثيرين ممن لم يشاركوا فيها على الاستئثار بثمارها.

وإيجازذلك التشخيص هو: أن الثورة بدأت فى المركز  وبات على المحيط أن يدعمها بمستوى متصاعد من القوة والزخم والخبرة.

وكان على من يرون  أنفسهم مؤهلين لذلك الدور من القوى السياسية المؤمنة حقا بأهداف الثورة كاملة وليست المستخدمة لها أن يدركوا أن استمرار الثورة ونجاحها لن يتحقق دون  إحياء محيطها الساكن ودون حماية مركزها ؛ وأن مقتلها هو فى تركه وحيدا فى مواجهة قوى الثورة المضادة القديم منها والمستحدث ودون مدد متنوع من الخبرات السياسية والعملية .

لكن الجزء الأعظم من التراث المدخَر لكثير من هذه القوى السياسية لا يدفع فى هذا الاتجاه حيث طبعها النظام الحاكم فى عهوده المتتالية بطابعه الذى قصر النضال السياسى على المؤتمرات الخطابية والكرنفالات الاحتفالية بعيدا عن الصلات العضوية الكفاحية بفئات الشعب المطحونة والمقهورة والمبعثرة.

لقد كان على لجنة التضامن مع الفلاحين التى ترى ذلك منذ إسقاط رأس النظام ألا تكتفى بنشر تقديرها هذا بل أن تشرع فى تنفيذه  فى المجال الذى تنشط فيه.

لذلك أسهمت فى تبسيط تلك الرؤية لكثير من الفلاحين .. حيث شاركت فيما أسمته الفصل الثانى من الثورة المصرية الذى بدأ فى 14 فبراير 2011 فى عدد من قرى محافظة البحيرة باسترداد  فلاحيها لأراضيهم المغتصبة وكانت باكورتها فى قرية العمرية مركز دمنهور؛ وتلاه استرداد آخر فى عزبة الهلالية بالمعمورة ؛ وثالث بالدقهلية ؛ علاوة على احتجاجات محسوبة ومحكمة ومحددة المطالب فى القاهرة لعدد آخر من فلاحى المحافظات ؛ ومبادرة لاستعادة زراعة الأرز فى محافظة الفيوم بعد الاستناد على حكم قضائى ضد وقف زراعته.

وعليه تهيب لجنة التضامن مع الفلاحين بهذه القوى السياسية الحريصة على استمرار مسيرة الثورة وعلى تحقيق كامل أهدافها وعلى شمول ثمارها لكل فئات الشعب المصرى دون تمييز أن تشرع فورا فى العمل بين صفوف الفلاحين والعمال والفئات المهمشة فى الأقاليم لتشكل خط دفاع حقيقى عنها وأن تمد مركزها بكل ما تستطيع من خبرات وأفكار وتاكتيكات عملية لتخرجها من المأزق الراهن وتبعدها عن مرمى نيران قوى الثورة المضادة بكل تلاوينها.

 الأحد 31 يوليو 2011

 

 

 

 

بعد أن حسمت ثورة يناير 2011 الصراع بين جناحى نظام الحكم فى مصر.. هل ينجح الشعب فى استعادة المبادرة لاستكمال ثورته السياسية؟أم يتمكن المجلس العسكرى من الحفاظ على النظام القائم ؟!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

عندما ثار الشعب المصرى فى يناير 1977 لجأ النظام الحاكم للجيش لحمايته من السقوط ؛ وبالتراجع عن قرار رفع أسعار بعض السلع زال سبب تفجير الثورة ؛ وأعادت أصوات جنازير الدبابات الثائرين فى الشوارع إلى بيوتهم.

_ لكن الأسباب التى أفضت لاندلاع ثورة يناير 2011  ظلت باقية وشديدة التأثير .. بل واستجدت أسباب أخرى برغم بقاء الدبابات متجولة فى شوارع معظم المدن المصرية.

–    وفى الحالتين 1977 و 2011 كان  لجوء النظام لقواته المسلحة لحماية أركانه من الانهيار ؛ فنجح تماما فى الأولى وتمكن- بعد التضحية برأس النظام- من حفظ أعمدته ثابتة الأركان فى الثانية.

–    ولأن النظام الحاكم ليس مجرد شخص رئيسه فحسب بل هو أيضا رموزه وأجهزته ودستوره وقوانينه ومؤسساته السياسية والتشريعية والفكرية؛ ولأن ثورة الشعب فى 2011 رفعت شعار إسقاط النظام لجأ المجلس العسكرى ممثل الجناح العسكرى فى النظام القائم للصمت حتى قوضت الثورة السمعة السياسية لجناح رجال الأعمال ولجنة السياسات فى الحزب الحاكم فى النظام، وضحى برئيس عسكرى انحاز فى السنوات الأخيرة لجناح رجال الأعمال الذى كان يستعد لوراثة الحكم.

–    باختصار فتح المجلس العسكرى  الطريق بحساب وتحفظ  للإطاحة بعدد من رموز النظام من رجال الأعمال ووزراء لجنة السياسات وخضع جزئيا للضغوط بشأن بعضها الآخر؛ كما استبدل عددا من الأجهزة بأجهزة أخرى شبيهة بها أو مواصلة لمهمتِها؛ وعدل فى الدستور القائم تعديلا محدودا ؛ وسمح بإزاحة عدد من المؤسسات كالحزب الوطنى والبرلمان والمجالس المحلية ؛ وأصر على ترتيب محدد وتوقيت مضغوط أو مخنوق لانتخابات – على الأرجح – لن تُحدِث فارقا واضحا فى ميزان القوى الاجتماعية والسياسية اللذين كانا قائمين ؛ وقيد الممارسة السياسية المنظمة للقوى الاجتماعية المحرومة دوما من النشاط بتجريم حقوق الاحتجاج والتظاهر ؛ واستخدم العين الحمراء والمحاكمات العسكرية ضد العمال والفلاحين وكثير من الفقراء لوقف الاحتجاجات المشروعة بل وسوّى بين الأخيرة وبين البلطجة فى التجريم والتصدى والمواجهة، وعلى العكس من ذلك كان لينا ورحيما وشديد البطء فى محاكمة رجال الأعمال ورموز النظام وقتلة الثوار بمحاكم مدنية.

–         وقبل هذا وذاك لم يضع يده- وهذا هو الأهم- على منابع الأسرار والصناديق السوداء لرموز النظام ولم يقيد حركتهم فى التعامل مع ثرواتهم فور رحيل رأس النظام فى 11 فبراير 2011؛ ولم يكن حاسما كعادة العسكريين فى الإمساك بأرشيف أمن الدولة ووزارة الداخلية والحزب الوطنى الحاكم ورئاسة الجمهورية وكانت قبضته عليها أهون مما توقع الشعب.

–         خلاصة القول حسمت ثورة الشعب فى 2011 الصراع بين جناحى النظام الحاكم لصالح العسكريين وأعفتهم من مهمة كانت تبدو ثقيلة الوزن والظل محرجة وملغومة لكنها لم تقطع من الطريق  لتحقيق أهدافها  الرئيسية إلا النذر اليسير.

–         كذلك فأسباب الثورة ما زالت قائمة  بل ويتأكد كل يوم أن النوايا الحسنة أقصر الطرق إلى الفشل وإلى جهنم ؛ فأوضاع الشعب لم تتغير كثيرا خصوصا من الناحية الاقتصادية فلا زالت  الكرامة مهدرة والأمن مفتقدا والأمعاء خاوية والجوع يدفع أصحابها للبحث عن حلول ناجعة بالخروج للشارع.

–         ورجال الجناح المهزوم من النظام ناشطون يخلقون من الفتن ويسدون من الطرق ويشعلون من الحرائق ويطلقون من الشائعات  ما يوجب إسكاتهم فورا.

–         وجيوش البلطجة التى تعيث فسادا بدعمهم مرة وبسليقتها مرات تروع الشعب وتفقده الأمان.

–         وكوادر الداخلية وكثير من قادتها وضباطها يدعمون هذا الوضع بحرفية شديدة وحنكة بالغة ؛ بينما عناصر ما كانت تسمى بالمعارضة مازالت فى نضالاتها الاحتفالية ومماحكاتها المعهودة غارقة حتى آذانها فى الطرقات  تاركة الميدان لبديل  من القرون الوسطى يعد ويخطط ويتلون ويحشد ويتجمل ويتحفز ويتلمظ.

فهل يتنبه من فجروا الثورة ومن شاركوا فيها لهذه الصورة ؟ ويشرعون فى انتزاع واستعادة مسارها الحقيقى.

                                                                                                                     لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى – مصر

 

كتب هذا المقال فى 5 يوليو 2011

After the revolution of January 2011 has settled the conflict between the wings of the ruling regime in Egypt will the people be able to restore the initiative to complete their political revolution or the Security Council maintain the existing regime

 

When the people rose in January 2011, the ruling regime resorted to the army in order to protect itself from falling. Reversing the decision of raising the prices of some commodities, the cause beyond the revolution vanished. Whereas the sounds of tank treads forced the revolutionists in the streets to back home.

But the reasons led to the outbreak of the January revolution remained with high influence, in addition new reasons emerged in spite the tanks remained roaming in the streets in most of the cities in Egypt.

In 1977 and 2011, the regime resorted to the armed forces to save its pillars from collapsing; it succeeded in the first case and was able, after sacrificing with the regime’s head, to maintain its pillars steady in the second one.

As the ruling regime was not the president only, but also the regime’s symbols, organs, constitution, laws and institutions whether political, legislative or intellectual; in addition the people’s revolution raised the slogan of toppling the regime; the military council – representing the military wing in the existing regime- adopted as a result silence till the revolution undermined the political reputation of the wing of businessmen and Policy Committees in the ruling party and it scarified with a military president who sided in the recent years with  businessmen wing and who was preparing in the recent years to inherit the rule.

Briefly, the military council conservatively opened the way to overthrow a number of regime’s symbols including businessmen and ministers of policy committee; it also yielded to pressure over each other. The military council replaced some organs by other similar ones or that can continue their missions, introduced limited amendments to the existing constitution, allowed to overthrow a number of institutions such as the National Party , parliament, local councils, insisted on specific order and compressed time for the elections which likely would not make a clear difference in the balance of social and political forces, restricted the political exercise organizing the social forces usually deprived from exercising by criminalizing the rights of protesting and demonstrating, resorted to compulsion and military trials against workers, peasants and a lot of the poor as a way to prevent legitimate protests ; moreover, it equaled between the latter and the thugs. On contrary, the military council was soft, merciful and very slowly towards the trial of regime’s symbols and businessmen and revolutionists’ killers who are all tried in the civil courts.

What is more worthy mentioning firstly is that it has not revealed the secrets or controlled the black boxes of regime’s men or even restricted their moves in dealing with their assets upon the departure of regime’s head on February11,2011. Besides, it has not been decisive, as used to be, in keeping the archives of State Security, the Ministry of Interior, the ruling National Party, and the Presidency of the Republic. Its grip was weaker than the people expected.

In summary, people’s revolution in 2011 settled the conflict between the wings of the regime in favor of the military and it exempted the latter from the mission which seemed to be embarrassing. However; it did not cut off from the way to achieve the main objectives so little.

Additionally, the causes beyond the revolution are still in existence. Day after another we make sure that “good intentions” is the shortest path to failure and to hell, particularly because the people’s status has not changed a lot economically in particular; the dignity still lacked, the security missed and the intestines still empty. And hunger drives the people to search for effective solutions by getting out to the streets.

Men belonging to the defeated regime are actively creating seditions, undermining the reclaiming policies, setting fire, launching rumors; such actions that have to be prevented immediately.

Armies of thugs that act corruptly and make mischief; whether guided by other people or by their nature, spreading horror among people.

Cadres, many leaders and police officers belonging to the ministry of interior are supporting such situation in a very professionally and wisely way. On the other hand, others ,used to be called opposition, are still in their folkloric struggle, usual altercation, drowning up to their ears in the streets, leaving the Quarter for an alternative dating back to the Middle Ages; planning, coloring, mobilizing, beautifying, motivating and licking lips.

Will the people who launched and participated in the revolution pay attention to this image and attempt to grap and restore the real track of the revolution?

 

Bsheer Sakr

Agrarian Reform Peasants Solidarity Committee – Egypt

Written in July 5, 2011 

موظفوهيئة الإصلاح بالبحيرة يزورون قرارات الإفراج عن الأرض المصادرة بقانون الإصلاح الزراعى .. ورجل قانون يشتريها منهم رغم معرفته بأنهم لا يملكونها..والشرطة تقبض علي الفلاحين بدعوى اغتصاب الأرض وتبديد المحصول

فى عزبة سلامة ولصالح ورثة عائلة نوار الإقطاعية:

موظفو هيئة الإصلاح بالبحيرة يزورون قرارات الإفراج عن الأرض المصادرة بقانون الإصلاح الزراعى

و مديرية الزراعة تدعمهم  بتسجيل حيازتها فى الجمعية الزراعية

ورجل قانون يشتريها منهم رغم معرفته بأنهم لا يملكونها

ويستصدر من المحامى العام قرار تمكين بانتزاعها من الفلاحين الذين يزرعونها من الستينات

والشرطة تقبض عليهم بدعوى اغتصاب الأرض وتبديد المحصول

والنيابة العسكرية تحقق معهم رغم أن وقائعها منظورة أمام القضاء المدنى

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

 

صادرت الدولة فى عام 1961  مساحة 300 فدان من عائلة نوار الإقطاعية  فى عزبة سلامة بالبحيرة بقانون الإصلاح الزراعى رقم 127 / 1961 وسجلتها فى الشهر العقارى فى 3  ديسمبر 1962 برقم 5371 ،وقد تم توزيعها على حوالى 200 فلاح بنظام الإيجار.                                                                                              

*وحيث مر على الأرض أكثر من 15 سنة  والفلاحون يزرعونها بالإيجار وأصبح من حقهم تملكها- أسوة بكثير من الفلاحين استنادا لنص القانون 3 لسنة 1986- سارع ورثة العائلة الإقطاعية باستصدار قرار       مزوربالإفراج عن كثير من هذه الأراضى عن طريق عدد من موظفى الإصلاح الزراعى بالبحيرة.         

* كان من ضمن هذه الأرض مساحة 18 سهم 9 قيراط 13 فدان بأحواض المشاق قسم  1،2  بالقطع 67 ، 19 وغيرها بزمام عزبة سلامة التابعة للوحدة المحلية بنديبة / دمنهور صودرت من زهرة محمد إمام الابيارى زوجة محمد عيسى نوار.                                                                               

 *تمكن ورثة زهرة من استصدار قرار مزور بالإفراج عن هذه المساحة من مديرية الإصلاح الزراعى       بالبحيرة وتمكنوا من إيقاف توزيعها على الفلاحين.                                                             

*فى عام 1997 وبموجب قانون الإيجارات الزراعية الجديد ( 96 / 1992 ) تمكن الورثة من إبرام عقود إيجار بمبلغ 2000 جنيه إيجار سنوى للفدان بعد أن كان 75 جنيها قبل تطبيق القانون + إيصال أمانة على الفلاح يستخدم وقت اللزوم.

*فى عام 2008 قام ورثة زهرة ببيع أجزاء من الأرض لآخرين منها 7,5 فدان لرجل قانون يدعى المستشار محمد سمير إبراهيم نوار رغم أن المساحة المذكورة  مسجلة بالشهر العقارى باسم الهيئة العامة للإصلاح الزراعى برقم 5371 / 1988 .

* كما قام برفع دعوى تمكين ضد بعض الفلاحين منهم أحمد سالم عوض فى عام 2010 ثم دعوى أخرى بشيك الأمانة ضد جمال أحمد سالم علاوة على عدد من القضايا الأخرى .

* فى عام 2011 قام المستشار ياستصدار قرار تمكين برقم 7  فى 13 إبريل 2011  متهما الفلاحين باغتصاب الأرض وسرقة ما بها من مزروعات ، وبعد التحقيق معهم والإفراج عنهم  قام بشكايتهم للنيابة العسكرية لذات الموضوع وأعاد القبض على جمال وهانى أحمد سالم بواسطة قوات الأمن التى لم تتمكن من القبض على أحمد سالم وأولاده الثلاثة وجيه وفكيه ومحمود .

ويتساءل فلاحو قرية عزبة سلامة :

1-كيف تسنى لورثة زهرة الابيارى الإفراج عن  المساحة المذكورة من مديرية الإصلاح الزراعى بالبحيرة برعم أنها مسجلة برقم 5371 / 1988 فى الشهر العقارى باسم هيئة الإصلاح الزراعى؟

2-وكيف تمكنوا من تحييزها فى الجمعية الزراعية رغم عدم وجود مستند يثبت ملكيتهم لها؟ وهل قرارات الإفراج تعد من الوجهة القانونية سندا للملكية؟

3- وكيف جرؤ رجل القانون محمد سمير نوار على شراء أرض يعرف مقدما أن بائعيها ليسوا ملاكها.؟

4-كيف يقوم مسئولو الأمن بالقبض على فلاحين استنادا إلى مستندات يعلمون قبل غيرهم أنها مزورة؟

5-كيف يقوم المحامى العام باصدار قرار تمكين من الأرض برقم 7 فى 13 إبريل 2011 لصالح المستشار المذكور رغم أن الأخير لا يملك مستندات ملكيتها؟

6-كيف تحقق النيابة العسكرية موضوعات منظورة أمام القضاء المدنى ولها تاريخ معقد ومتشعب لا تعرف عنه شيئا؟

يقول الفلاحون: نحن لم نشعر بأى تغيير أو تحسن فى أوضاعنا وما زلنا مطاردين ومضطهدين بسبب مخالفة الدولة وهيئة الإصلاح الزراعى وبعض رجال القانون للقانون الذى يحمينا ويحفظ لنا حقوقنا.

الخميس 28 يوليو 2011

 

                             

Featuring WPMU Bloglist Widget by YD WordPress Developer