صحيفة اللوموند ديبلوماتيك باريس
السيد الأستاذ رئيس التحرير
بعد التحيــــــــــــــــــــة
مرفق نص التعقيب الذى اتفقنا عليه وهو حوالى 2100 كلمة.
بشير صقر
،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
نص التعقيب :
توضيحا وتصحيحا لبعض ما تم نشره فى صحيفة اللوموند ( العدد 22 ، صً20- 24 ) فى شهر أكتوبر 2007 تحت عنوان" نضالات الفلاحين الدائمة التجدد ..عودة إلى النظام البائد فى الأرياف المصرية" بتوقيعى وتوقيع الزميل بهانجوف تارسير، أود التأكيد على شكرى للصحيفة ولكل من ساهم فى إعداد المقال بلغاته المتعددة للنشر برغم ماشابه من اختلافات مع النص الأصلى الذى طلبته الصحيفة.
كانت الاختلافات مع النص الأصلى المكتوب بالعربية تتعلق :
* ببعض التعبيرات السياسية وعدد من المعلومات التى تضمنها النص المنشور .
* وبتميع (اختفاء ) الحدود بين نوعين من الأراضى التى انتزعها من الإقطاعيين نظام الحكم الجديد فى مصر بقانون الإصلاح الزراعى وقانون الطوارئ ( أراضى الاستيلاء، وأراضى الحراسة) وهى معلومة ضرورية وشارطة لفهم كل ما ينبنى عليها بعد ذلك من تقديرات.
* وبالصياغة التى تسببت فى إفقاد النص تدفقه وانسيابه وتماسكه وأحيانا تسلسله الزمنى. ولذلك سيتناول التعقيب التالى كل هذه الأمور فى سياقها.
· بداية .. أؤكد أن ريف مصر قبل ثورة الجيش التى قامت فى عام 1952 كانت تسوده تشكيلة إقتصادية إجتماعية تمزج بين النظامين الإقطاعى والرأسمالى فى نسيج واحد ، حيث كانت مساحات شاسعة من الأراضى (الوسايا) مملوكة لأعداد محدودة من الملاك العقاريين (الإقطاعيين) – ومنهم الملك – الذين يستغلونها بتسخير الفلاحين للعمل فيها نظير منحهم قطعا محدودة من الأرض يزرعونها – بحق الانتفاع فقط وليس التملك – ولا يكفى إنتاجها لمعيشة الفلاحين البائسة .. فى نفس الوقت الذى تتجاور معها أراض أخرى أقل منها كثيرا فى المساحة يملكها فلاحون صغار ومتوسطون وتتضح فيها معالم علاقات الإنتاج الرأسمالية بشكل أكبر مما هو الحال فى أراضى الملاك العقاريين الكبار (الإقطاعيين).
· وكانت الأرض جميعها تباع وتُشترى وترهن وتمنح بل وتغتصب كأى سلعة أخرى فى مجتمع رأسمالى، وكانت السيطرة السياسية كذلك لخليط من ملاك الأراضى والشركات الرأسمالية، وكان الوضع السياسى فى المجتمع يميل تارة لصالح ملاك الأرض إبان فترات المد الرجعى .. وتـارة أخرى لصالح الرأسماليين فى فترات النهوض الشعبى .
· وكانت ثورة الجيش عام 1952 تستهدف تنحية الملاك العقاريين وعلى رأسهم ملك مصر عن السلطة السياسية فى محاولة للتخلص من بقايا العلاقات الإقطاعية الموجودة فى الريف ، وفى هذا السياق صدر قانون الإصلاح الزراعى (178 ) فى سبتمبر 1952 مستهدفا القضاء على سلطة كبار الملاك وعلى النظام الملكى الخاضع للإحتلال البريطانى ، والتخلص من الأسس الاقتصادية لهم ومحاولا خلخلة نفوذهم الإدارى والاجتماعى المتغلغل فى أجهزة الدولة والمجتمع .
· شاب قانون الإصلاح الزراعى الأول كثيرا من العيوب منها سماحه للملاك العقاريين بالتصرف فيما زاد عن الحد الأقص للملكية الذى حدده القانون (200 فدان للفرد ،300 فدان للأسرة) فى بحر 5-7 سنوات ،وحقهم فى الحصول على تعويضات ذات فوائد مصرفية ،علاوة على تسرب أخبار القانون قبل صدوره من داخل مجلس قيادة الثورة مما أتاح لكثير من الإقطاعيين تهريب مساحات كبيرة من أراضيهم ، وتهرب كثير منهم من تطبيق القانون حتى صدور قانون الإصلاح الزراعى الثانى عام 1961 ، فضلا عما شاب تطبيق القانون من تواطؤ الأجهزة الإدارية مع الإقطاعيين .. بل وتواطؤ أجنحة داخل مجلس قيادة الثورة.
· وقد أدت هذه الأمور كلها إلى كثير من المشاكل للنظام الجديد مما دفعه لاتخاذ إجراءات جديدة لوقف نشاط كبار الملاك العقاريين الذين صودرت أراضيهم بينما أغلب ثرواتهم لم تمس وقد تمثلت هذه الإجراءات فى التالى:
1- انتزاع أجزاء أخرى من أراضيهم والتحفظ عليها بقانون الطوارئ و تأجيرها لفقراء الفلاحين وتحصيل إيجارها وإعادته للملاك العقاريين حيث ظلت هذه المساحات ملكا لهم لكن إدارتها تقوم بها الدولة ممثلة فى الهيئة العامة للإصلاح الزراعى.
2– عزل عدد منهم عن المناصب الإدارية فى الريف وإبعادهم خارجه تماما.
3- تطبيق العزل السياسى على العديد منهم. وبذلك أصبح الفلاحون المنتفعون بأراضى الإصلاح الزراعى نوعين:
الأول: هم المستفيدون بالأراضى المصادرة بقانون الإصلاح الزراعى 178 /1952 وهؤلاء يتملكون الأرض بعد أن يدفعوا ثمنها على 40 قسط سنوى يحصلون بعدها على وثائق الملكية ، وتعرف هذه الأراضى بأراضى الإستيلاء.
والثانى: هم الفلاحون المستأجرون للأرض المنتزعة من الملاك العقاريين بقانون الطوارئ رغم بقائها ملكا لهم من الناحية القانونية وتقوم الدولة بإدارتها وتأجيرها للفلاحين الذين يظلون منتفعين بها طالما يدفعون إيجارها للدولة فى مواعيده و تسلمه بدورها للملاك العقاريين ،وتعرف هذه الأراضى بأراضى الحراسة.. أى التى وضعت تحت الحراسة بقانون الطوارئ.
· هذا ولأن أراضى أسرة الفقى الإقطاعية بكمشيش بمحافظة المنوفية بوسط الدلتا قد تمت مصادرتها جميعا بسبب تهرب الأسرة من تطبيق قانون الإصلاح الزراعى طيلة المدة من 1952 وحتى 1961 فقد اشتعلت المعارك المسلحة بين الفلاحين والإقطاع سقط فيها القتلى والشهداء وعشرات الجرحى علاوة على إلقاء عشرات المقبوض عليهم من الفلاحين فى السجون حيث قام أنور السادات عضو مجلس قيادة ثورة الجيش الذى كان متواطئا مع الأسرة الإقطاعية باعتقال العديد من فلاحى القرية إبان ذلك الصراع المسلح مع الإقطاع .
· وقد أسهم صلاح حسين (الطالب الجامعى آنذاك) مع عدد من زملائه الطلاب والفلاحين فى تصعيد المقاومة وكشف تهرب الأسرة الإقطاعية من قانون الإصلاح الزراعى بتثقيفهم للفلاحين وقيادتهم فى كل المعارك المسلحة التى نشبت مع الإقطاع فتمكنوا من السيطرة على الجمعية التعاونية الزراعية فى القرية والتف حولهم كل الفلاحين وتم عزل الإقطاعى عن منصب العمودية ( الإدارة المحلية) ، بل وإبعاد رءوس الأسرة الإقطاعية عن المحافظة وعزلهم سياسيا.
· لكن ما حدث فى كمشيش كان استثناء لما حدث فى مصر كلها ، حيث أن ثورة الجيش هى التى صادرت أراضى الملاك العقاريين (الإقطاعيين) .. بينما الفلاحون فى موقع المتفرجين سواء بالنسبة لإجراءات مصادرة الأراضى أو إجراءات التحفظ عليها.
· وما حدث بالنسبة للإصلاح الزراعى الذى طبقه النظام الجديد فى الريف حدث فى الإجراءات الثورية عام 1961 فى المدن بالنسبة لتمصير الممتلكات الأجنبية أو تأميم الشركات الصناعية الكبرى للقطاع الخاص التى صارت نواة القطاع العام بعد ذلك وقد سماها النظام الجديد بالإجراءات الاشتراكية .. حيث تم كل ذلك بواسطة الدولة بعيدا عن مشاركة الجماهير.
· وبسبب عدم مشاركة الجماهير فى تقويض الأسس الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لكبار ملاك الأرض العقاريين وبسبب وقوفها موقف المتفرج من إجراءات 1961 الثورية .. كان من السهولة بمكان الإٌرتداد عنها وإعادة الأرض لملاكها الكبار السابقين ، وكذلك بيع القطاع العام فيما بعد للقطاع الخاص بعشر ثمنه.
· فبعد وفاة عبد الناصر قام أنور السادات بإصدار قانون رقم 69 عام 1974 الذى يرفع الحراسة عن الأراضى والممتلكات التى تحفظت عليها الدولة فى الحقبة الناصرية بقانون الطوارئ .. وهو الذى شكل الخطوة الأولى فى إعادة النوع الثانى من الأراضى (أراضى الحراسة) لملاكها الأصليين أو لورثتهم .
· أما الخطوة الثانية فكانت فى عهد مبارك حيث كان القانون فى عصر السادات لا يسمح بطرد المستأجرين من الأراضى المستأجرة طالما يقومون بدفع الإيجار فى مواعيده.. لذلك صدر القانون رقم 96 عام 1992 الذى ألغى – اعتبارا من 1997- كل عقود الإيجار غير محددة المدة واستبدلها بعقود إيجار محددة المدة ..وبذلك طرد مئات الآلاف من المستأجرين من الأراضى المستأجرة خصوصا أراضى الحراسة التى سبق للدولة أن تحفظت عليها بقانون الطوارئ فى عهد عبد الناصر والتى رفع السادات عنها الحراسة عام 1974، ليس هذا وفقط بل وصل الأمر إلى حد طرد الفلاحين الذين يزرعون الأرض التى صادرها قانون الإصلاح الزراعى ووزعها تمليكا عليهم ويدفعون (أو دفعوا) ثمنها للدولة على مدى 40 سنة بل وحصل ملاكها الكبار من الإقطاعيين على التعويض المقرر بعد مصادرتها.
· ونعود لقرية كمشيش لنشير أن أهم شخصيتين فى الأسرة الإقطاعية لم ترثا معا من والدهما عام 1947 أكثر من 52 هكتارا (116فدان) بينما وصلت أملاكهما فى عام 1952 حوالى 600 هكتارا (1445فدان) بما يعنى أن اغتصاب أراضى الفلاحين وتسخير فقرائهم للعمل فى أراضى الإقطاعيين دون مقابل تقريبا كانتا هما الوسيلتين المستخدمتين فى تضخيم ملكية الأسرة.
· لذلك اهتم صلاح حسين وزملاؤه بتثقيف الفلاحين وتوعيتهم بالأسس التى يقوم عليها النظام الإقطاعى فى كثير من بلدان العالم ، وكيف أنه لا يعمل على تنمية المجتمع الريفى الذى يسيطر عليه ويثرى منه بل يبدد ناتج جهد الفلاحين فى الأمور الترفية والمظهرية ويكتنز الأموال ويُبقى على تخلف الإنتاج وفى سبيل ذلك يرتبط بكل القوى الرجعية فى داخل المجتمع وخارجه .. ولذلك تتراكم أسباب الثورة عليه من الفلاحين المسخرين فى أرضه ومن كل القوى المتطلعة للتقدم والتنمية والمساواة والحرية، كما اهتم صلاح حسين فى تثقيفهم بتوضيح أن ملكية الأرض وتسخير الفلاحين هما اللذان يبنيان قوة الإقطاع الاقتصادية ونفوذه ومن ثم لابد للفلاحين أيضا من قوة اقتصادية ونفوذ مضادين للإنتصار عليه وإطلاق طاقات الجماهير فى إنهاض المجتمع وتمتعه بثمار عمله وبالعدل والحرية.لكل ذلك تمكن من لمّ شمل فلاحى القرية وتوحيد كلمتهم حتى أزاح الأسرة الإقطاعية من القرية. وهداه تفكيره لتثقيف الفلاحين بفكرة المزارع الواسعة التى يتعاون الفلاحون فى تجميعها من حيازاتهم الصغيرة وزراعتها معا واقتسام محصولها بنسبة ما يمتلكه كل فلاح فيها ليتمكن الفلاحون من خلق قوة اقتصادية خاصة بهم.
· وهنا أدركت أجنحة فى النظام الحاكم ممن تتعاطف مع الإقطاع والقوى الرجعية أن صلاح حسين تجاوز الخطوط الحمراء التى حددها النظام ، كما شعر الإقطاعيون أن كل استعداداتهم للعودة للريف بثورة مضادة تترافق مع غزو أجنبى ستبوء بالفشل إذا ما استمر هذا النشاط .. وانتشرت عدواه فى الريف .. فكان التخلص من صلاح حسين فى كمشيش والدسوقى أحمد فى المنيا هو الوسيلة الوحيدة لذلك.
· بعدها كانت حرب السويس – التى توقعها صلاح حسين – عام 1967 ولقى فيها النظام الحاكم هزيمة قاسية أسفرت عن تصاعد كثير من الميول والأصوات الرجعية التى كانت تعمل فى صمت قبل ذلك.وبدأت مرحلة جديدة فى حصار البؤر الناشطة فى المجتمع ومنها كمشيش ،فرفضت أجهزة الأمن إقامة احتفال ذكرى استشهاد صلاح حسين فى قرية كمشيش ولما احتج زملاؤه اعتقل النظام منهم 37 فردا لعدة شهور، كما انتهت محاكمة المتهمين باغتياله عام 1968 بتبرئة الأسرة الإقطاعية وإدانة اثنين من صغار المتهمين.
· وبعد تولي السادات مقاليد الحكم أصدر قرارا بإبعاد (21) من قادة القرية عن كمشيش وطردهم إلى محافظات بعيدة.. كما استهدف بعضهم بالإعتقال فيما بعد.وقام بإلغاء عدد من قوانين الزراعة لحصار صغار الفلاحين.. تتعلق برفع دعم الدولة عن مستلزمات الإنتاج الزراعي، وزيادة ضرائب الأطيان ومن ثم رفع الإيجارات الزراعية، ورفع فائدة القروض الزراعية، والتفريط في زراعة القطن المصري طويل التيلة، وتنفيذ توصيات الصندوق والبنك الدوليين في المجال الزراعي والغذائي حتى أصبحت مصر تستورد الجزء الأعظم من غذائها من الحبوب وغيرها، وازداد الحصارعلى فقراء الفلاحين وقاسوا من انخفاض العائد من زراعة الأرض.
· وكما ذكرنا جاء مبارك ليزيد الطين بلة.. ويصدر القانون 96 لسنة 92 الذي كان الخطوة الثانية لطرد المستأجرين من أراضي الحراسة، بل ومن بقية الأراضي.. ويرفع إيجارها من 5-6 أضعاف إيجارها السابق.. واستخدم ورثة الإقطاعيين نفس القانون في طرد الفلاحين من أراضي الإستيلاء التي تملكوها بعد مصادرة قانون الإصلاح الزراعي لها رغم قيام العديد منهم بدفع كامل ثمنها للدولة على40 قسط سنوي.وقد لعبت الدولة بواسطة أجهزة الأمن وأجهزة الحكم المحلي دورا هاما في إجبار الفلاحين على تسليم الأرض المستأجرة لملاكها.. وتسليم الأرض المملكة للفلاحين التي سبق ذكرها لورثة الإقطاعيين رغم تقاضيهم التعويض المقابل لمصادرتها. حدث هذا مؤخرافي قرية مرشاق بمنطقة دكرنس شمال شرق دلتا النيل.. وتواطأت الدولة ممثلة في هيئة الإصلاح الزراعي مع ورثة الإقطاعيين.. وشهدت المنطقة جيوشا من الشرطة تطرد الفلاح
ين بناء على أحكام قضائية مزورة وملفقة.. واعتدت ليس فقط على الفلاحين بل وعلى الصحفيين المصريين والأوروبيين الذين شهدوا بعض هذه الوقائع، وتناقلت أجهزة الأعلام أخبار العدوان على الفلاحين والصحفيين وأسهم التضامن الدولي لمنظمات الفلاحين الثورية في الإفراج عنهم جميعا وفضح تواطؤ وعدوان أجهزة الأمن المصري.
· من ناحية أخري.. استخدم ورثة الإقطاعيين القانون 69 الذي أصدره السادات عام 1974 في الإستيلاء على أراضي يزرعها الفلاحون في (قرية سراندو) في شمال غرب دلتا النيل.. وهذه الأراضي لا يملك الإقطاعيون السابقون أية وثائق تثبت ملكيتهم لها.. لذلك لجأوا لإستخدام الهاربين من القانون والبلطجية في الهجوم على الفلاحين بالأسلحة وبدعم من الشرطة وبتلفيق القضايا للفلاحين.. ومطاردتهم لعدة شهور حتى هجروا قريتهم إلى قري أخرى.. ودارت المعارك دامية التي انتهت ببقاء الفلاحين في أراضيهم وبأحكام بالسجن لتسعة من الفلاحين تترواح بين 7-15 عاما.. ومصرع إحدى الفلاحات جراء تعذيب الشرطة.
· من هنا تجتهد لجنة التضامن مع فلاحي الإصلاح الزراعي التي أتشرف بعضويتها والتي تأسست في 30 سبتمبر 2005 وتضم عديدا من الممثلين لقرى مصرية ناشطة في الكفاح الفلاحي منها كمشيش ودكرنس وميت شهالة وسراندو وغيرها في دعم الفلاحين لمقاومة طردهم من الأراضي التي يزرعونها وتحسين شرط عملهم وتعمل على توعيتهم وتنظيمهم وخلق أواصر التضامن فيما بينهم.. ومع المنظمات العالمية الثورية للفلاحين.ويهمنا أن نشير في إيجاز إلى الأسباب العميقة لعملية الإرتداد عن الإصلاحات الزراعية التي تمت اعتبارا من يوليو 1952 وللحالة التي باتت عليها المقاومة الفلاحية وهي:
· انعدام مشاركة الفلاحين (جمهورا وقيادات) وتنظيمات اليسار المصري في إجراءات مصادرة الأرض من الإقطاعيين بقانون الإصلاح الزراعي، أو التحفظ عليها بقانون الطوارئ.. وانفراد سلطة يوليو 52 بتنفيذ العملية كاملة.
· تهرب الإقطاعيين من تنفيذ قانون الإصلاح الزراعي وتسرب أخباره لهم قبل صدوره، ووجود عيوب متعددة بالقانون مثل فترة السماح في التصرف في الزيادة من الأرض عما حدده القانون وتعويض الإقطاعيين واشتراط تسديد كامل الثمن لحصول الفلاحين علي مستندات الملكية.. إلخ.
· حالة التخلف الشديد للفلاحين سواء على الصعيد المهني أو السياسي أو النقابي وافتقارهم لقيادات حقيقية تأخذ بيدهم وتنير لهم الطريق وتشاركهم في الكفاح.
· عدم تجريد الملاك العقاريين من مقومات القوة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية بشكل حقيقي والإكتفاء بانتزاع جزء من أراضيهم دون سائر مصادر الثروة والقوة.
· انعدام الحريات الديمقراطية ومصادرة الحياة السياسية بالدرجة التي أوقفت تطور وعي الفلاحين والشعب وحرمانهأ من بناء تنظيماتها السياسية والنقابية المدافعة عن حقوقها ووجودها الفاعل.
· ارتباط النظام الحاكم في عهد السادات ومبارك بالقوى النيوليبرالية المحافظة على الصعيد العالمي وضلوعه في مخططات ربط الإقتصاد المصرى بعجلته.. ومحاصرته لكل القوى السياسية الرامية لإنجاز استقلال مصرى حقيقي عن هذه القوى.