لماذا لايقاومون طردهم من الأرض بالشدة اللازمة ؟ الفلاحون بين جبروت النظام.. وطراوة اليسار. (4)*

       (2) اليســــــار والفلاحــــــون.

 بصدور قانون الإصلاح الزراعى فى 9 سبتمبر 1952 فى أعقاب الأحداث الدموية بكفر الدوار اعترضت عليه الأحزاب الرجعية وجماعة الإخوان المسلمين.. بينما أيدته بشكل عام التنظيمات اليسارية والفلاحون.

§        ونظرا لما شاب القانون من ثغرات تتعلق بالسماح للإقطاعيين بالتصرف فى المساحات الزائدة عن الحد الأقصى للملكية.. قامت السلطة الجديدة بمصادرة أراضى العائلة المالكة وبعض كبار العائلات الإقطاعية فور صدور القانون .. بينما لم يكن الأمر كذلك بالنسبة لبقية الإقطاعيين المقيمين فى الريف.

§        ولأن النظام الجديد كان يعتمد على الأجهزة القديمة فى تطبيق القانون مما سمح لكثير من الإقطاعيين بتهريب مساحات كبيرة من الأراضى والماشية والخيول والآلات والمحاصيل الزراعية والثروات  لدرجة أن عددا منهم ظل متهربا منه حتى صدور القانون الثانى عام 1961، وقد كان الفلاحون والتنظيمات اليسارية بعيدين عما يحدث ولم يشاركوا فيه.

§        هذا وقد اندلع العنف فى بعض القرى بين الفلاحين والإقطاع، وأسهم  فيه من ناحية شعور الفلاحين بأن تنفيذ القانون يتم بأجهزة معروفة بولائها ومناصرتها للإقطاع ومساعدته فى تهريب ممتلكاته وما أشيع عن تواطؤ البعض فى السلطة الجديدة مع الإقطاع .. ومن ناحية أخرى إدراك الإقطاعيين من أن هناك من يتعاطفون معهم ويسربون لهم الأخبار قبل صدورها لمناوأتهم للقانون  .

§        لقد كانت الصورة العامة آنذاك .. هو أنه رغم جو البهجة الذى عم الريف فور صدور القانون فإن النظام الجديد  قام بتطبيق القانون بأجهزة معادية أو تفتقد الإقتناع والإخلاص بينما تنظيمات اليسار والفلاحون لايشاركون فيما يحدث.

§        هذا واقتصر دورهما على الإبلاغ عن حالات التهرب من القانون بينما شهدت بعض القرى هبات عفوية ما لبثت أن همدت سريعا.

§        ونظرا لوضع التخلف الذى كان يخيم على الريف وتدنى الوعى السياسى للفلاحين حيث لاينخرطون فى تنظيمات سياسية أو حتى نقابية، وبسبب ضعف تواجد اليساريين بينهم وافتقارهم لخبرة العمل الفلاحي كانت تلك الهبات متسمة بالعفوية.

§        والحالة الوحيدة التى يمكن استثناؤها هى كمشيش حيث دخل الفلاحون فى مواجهات مسلحة واعية ومحسوبة امتدت لعدة سنوات مع الإقطاع أسفرت عن سقوط القتلى وعشرات الجرحى من الجانبين ومالت محصلتها لجانب الفلاحين الذين قادهم أحد اليساريين الحقيقيين وأفضت تلك المقاومة عن تطور وعى الفلاحين ورجحان كفتهم وكشف الأرض المهربة وتوزيعها على الفقراء منهم.

§        وحتى نتعرف على الدور المنوط باليساريين فى أوساط الفلاحين نشير إلى تجربة صلاح حسين فى قريته: حيث بذل جهودا دءوبة ومستمرة ليبيّن للفلاحين كيف أن الأرض لا تنتج دون عرقهم وأن مجرد امتلاكها لا يعنى قدر
ة ملاكها المباشرة على زراعتها، وكذلك توضيح كيفية حصول الإقطاعيين على ما يحوزونه من أرض ، وكيف أن ازدياد القوة الاقتصادية يفضى إلى امتلاك النفوذ والسلطان ، ومن ثم لا يمكن مواجهتهما إلا بقوة اقتصادية ونفوذ مضادين ولن يتأتى ذلك إلا باتحاد الفلاحين ليكونوا قوة مضادة ونفوذا مضادا. وهكذا تمكن من توحيد إرادتهم فخاضوا عدة معارك مسلحة ضد الإقطاعيين وانتصروا عليهم ، بل وتصدوا لمبعوث مجلس قيادة الثورة أنور السادات  ورفضوا اقتراحاته  الموالية للإقطاع ..

وكيف انتقل بعد ذلك لتوضيح كيفية تكوين قوة اقتصادية  للفلاحين بتجميع أراضيهم والتعاون فى زراعتها معا وتوزيع صافى عائدها عليهم  بنسبة ما يملكه كل منهم من أرض .

§        ولا نعتقد أن شيئا من هذا فعله اليساريون فى المواقع الريفية التى تواجدوا فيها ، وحتى لو كانوا قد فعلوا ذلك.. فلم يستطيعوا دفع الفلاحين لتبنيه ولم يلعبوا دور القدوة  الذى لعبه صلاح حسين عندما كان يتقدم الصفوف (فى المعارك المسلحة أو فى كتيبة فلاحى القرية التى شكلها للمشاركة فى المقاومة الشعبية إبان عدوان 56 فى بورسعيد وقبلها فى مدينة السويس عام 1951 حيث انخرط فى كتائب الفدائيين ضد الاحتلال البريطانى.) ذلك لأن قدرة القائد السياسى لا تقتصر على التوعية الفكرية والسياسية فقط بل على نجاحه فى دفع الجمهور لتبنى ما يبثه من أفكار.

§         لقد كان سلوك اليسار فى الريف – بافتراض صواب تقديراته السياسية- مجرد رد فعل ضعيف لبعض ممارسات الإقطاع وليس لمجملها فى أفضل الأحوال ، ولم يتحول لقدوة تثير نخوة الفلاحين وخيالهم وتدفعهم لتبنى أبسط الأمثلة الشائعة فى الريف مثل " ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة " علما بأن القوة هنا ليست مرادفة للعنف فى كل الأحوال.

§        لقد كان تفنيد المقولات السياسية والاقتصادية لأعداء الفلاحين وخصومهم غائبا فى معظم الأوقات عن ذهن اليسار الذى لم يكن بالجسارة اللازمة للقيام بتلك المهمات الثقيلة فى عهد عبد الناصر ، ولم يلتفت لذلك جزئيا سوى فى عهد السادات الذى أتى بالطوفان ليجتاح المجتمع.. وبالأعداء من كل اتجاه فأغرق الجميع، ورغم ذلك لم تكن فرصة القيام بذلك قد أفلتت .. بل كان من الممكن استئناف الارتباط الحقيقى بجماهير الفلاحين من خلال معارك رفع الحراسة ورفع الدعم عن مستلزمات الإنتاج الزراعى واستيلاء بنوك التنمية على مدخرات الفلاحين فى الجمعيات الزراعية وإلغاء قانون الدورة الزراعية وكثير من الإجراءات التى دهورت أوضاع الفلاحين بشدة – وأبّدت وضعهم فى موقف الدفاع بشكل دائم – وما أكثرها فى سياسات هيكلة الزراعة.

§         صحيح أن اليساريين كانوا محاصرين.. وشكّل تخلف الريف عقبة أخرى أمامهم لكن واجبهم  كان يقتضى القيام بذلك.

§        من ناحية أخرى تشتتت موجة جديدة من اليساريين بداية من منتصف السبعينات  بين مراكزالبحوث والأنشطة الصحفية والثقافية ومراكز حقوق الإنسان  وانحسرت بالتدريج أنشطتهم السياسية  وأصبحوا أمام خيارين إما الكف عن ممارسة العمل السياسى أو الإنخراط فى حزب اليسار الشرعى ( التجمع).

§         الذى أسس فى عام 1980 إتحادا للفلاحين جمع أعدادا لابأس بها من القيادات الفلاحية (316) من مختلف محافظات الجمهورية (15-18 محافظة)  وظل قائما حتى عام 1997، وتولى إدارته قياديون من حزب التجمع .

§        تمثلت أنشطة إتحاد الفلاحين حسبما نصت مطبوعاته فى:إقامة الندوات والمحاضرات والدورات التثقيفية والمؤتمرات السياسية فى كثير من القرى والمحافظات ، وفى إصدار النشرات والمشاركة فى المؤتمرات فى الدول العربية والأوربية.

§        وأصبح – كما ذكر قادته– "الممثل الوحيد للفلاحين والتعاونيين المصريين" ، ولأن الإتحاد عاصر الفترة التى شهدت  أغلب التغيرات السياسية فى المجال الزراعى والفلاحى من تفريغ قوانين ( التعاون والائتمان والإرشاد والإصلاح الزراعى) من مضامينها وإلغاء بعضها (الدورة الزراعية والإيجارات الزراعية) ،وإجراءات شتى مستجيبة لروشتة البنك والصندوق الدوليين تحت لافتة هيكلة الزراعة.وعمل بنشاط إبان صدور قانون الإيجارات الزراعية 96/1992 فجمع مائتين وخمسين ألف توقيع رافضة للقانون وعقد عشرات المؤتمرات السياسية وشكل وفودا لمقابلة المسئولين وقام بعدة حملات إعلامية.

§        وخلال العام السابق لتنفيذ القانون 96/92 تصاعدت أعمال العنف بين الفلاحين من ناحية وقوات الأمن وملاك الأراضى وورثة الإقطاعيين من ناحية أخرى ، وتساقط القتلى بالعشرات والجرحى بالمئات فضلا عن اعتقال عشرات الآلاف أثناء عمليات إكراه الفلاحين والحصول على تنازلهم عن الأراضى المستأجرة تحت لافتة التوفيق بينهم وبين الملاك.

§        وانتهى ذلك الوضع بزحف آلاف الفلاحين لمقر حزب التجمع بالقاهرة الذى هو مقر اتحاد الفلاحين فى محاولة لإيجاد مخرج من الأزمة .. إلا أن قيادة الحزب أفزعتها حشود الفلاحين التى اكتظ بها المقر وسط حصار بوليسى وتهديدات باستخدام العنف مع الفلاحين الذين لم يفلت منهم إلى داخل القاهرة سوى سبعة آلاف فى الوقت الذى احتجز الأمن أضعافهم خارجها .. فقامت إدارة الحزب بفض الحشد وإنهاء المؤتمر ومطالبة الفلاحين بالعودة إلى قراهم وإخلاء المقر فورا.

§        وبهذه النهاية الدرامية فاضت روح اتحاد الفلاحين وانكشف موقف قادة حزب اليسار الشرعى الذى أسسه أنور السادات وتضمنت برامجه دعم النضال الفلاحى.

§        وإذا ما قرأنا وثائق اتحاد الفلاحين لوجدنا أنها تنص على( أنه كان يعانى من عدد من السلبيات منها: "ضعف التواجد العضوى وسط الفلاحين، وعدم انتظام الصلة بين القيادة المركزية والقرى والمحافظات، واعتماد الحركة على عدد محدود من القيادات ، وعدم انتظام صدور نشرة الاتحاد أو استمراريتها، وعدم إقامة مشروعات تعاونية.")

§        وهو ما يعنى أن قيادة الاتحاد فى القاهرة كانت فى واد والفلاحون فى واد آخر.. بل وأن الصلة غير المباشرة المتمثلة فى صدور النشرة التى تتضمن التقارير القادمة من المحافظات والتوجيهات  المرسلة للمواقع الفلاحية غير منتظمة وغير مستمرة، وأن حركة الاتحاد مقتصرة على عدد معروف من قيادات حزب التجمع لا تزيد بل تتناقص ، وأن عضويته من الفلاحين شكلية. فماذا تبقى إذن من اتحاد الفلاحين بعد ذلك ؟!

         لقد سقط اتحاد الفلاحين بعد سبعة عشر عاما من تأسيسه عندما تعرض لأول اختبار جدى.

§        الأهم من ذلك أن اتحاد الفلاحين كان قد اقترح مشروعا لحل معضلة قانون الإيجارات 96/92 يتلخص مضمونه فى:                                                 

الموافقة الضمنية على القانون ،

لماذا لا يقاومون طردهم من الأرض.. بالشدة اللازمة ؟!الفلاحون.. بين جبروت النظام الحاكم.. وطراوة اليسار. (5)*

        ثالثــــا : الفلاحـــون.

 تطرقنا فى الجزئين السابقين لوضع اليسار المصرى فى علاقته بالنظام الحاكم بدءا من عام 52 من ناحية وبالفلاحين من ناحية أخرى ، وأوضحنا أن اليسار والفلاحين كانوا فى مواقع المشاهدين إبان تطبيق قانون الإصلاح الزراعى الذى تهرب من تطبيقه كثير من الإقطاعيين وعددنا أسباب ذلك.وأشرنا لضعف التواجد والتأثير اليسارى فى صفوف الفلاحين عموما وذكرنا مثال كمشيش كاستثناء لذلك، وأوضحنا أن عصر السادات قد أغرق الجميع فى طوفان الردة مستندا إلى النتائج السياسية الهزيلة لحرب 73 ،كما تعرضنا لمخطط النظام لتصفية النشاط اليسارى وإنشاء الأحزاب الشرعية كأداة لذلك.وتناولنا اتحاد الفلاحين الذى أسسه حزب التجمع  وكيف أن العلاقة بينهما قد أسفرت عن سقوطه فى أول اختبار جدى وتصفيته، وكيف قصر اليساريون العمل السياسى على الإحتفالات السياسية والخطابة وإصدار البيانات والولع بالأضواء دون كفاح حقيقى فى صفوف الفقراء وانفراط أغلبهم وتحولهم إلى شراذم.. لأن خطابهم السياسى كان إما موجها إلى النخب السياسية وإما لمغازلة النظام الحاكم.،،،،،،،،،،،،،،،،،الحديث عن الفلاحين هذه المرة لا يقتصر عليهم ككتل واسعة فقط بل يشمل القيادات التلقائية وكذا العناصر الأبرز منهم التى نعتبرها قيادات سياسية سواء انخرطت فى التنظيمات اليسارية أو لم تنخرط.

§        وقد نبتت هذه القيادات فى الريف أو بالقرب منه فى ظل تخلف إقتصادى وسياسى وفكرى شامل حيث كانت وسائل الإنتاج بدائية وكذا طرق الزراعة وأنماط الإنتاج ،وحيث تنتشر الأفكار الغيبية والخزعبلات والخرافات، ويغيب الوعى بحاجتهم للتنظيم النقابى والسياسى، علاوة على أن وطأة الإقطاع كانت ثقيلة قبل 1952 وجبروت النظام الحاكم كان شديدا ومستمرا بعدها رغم ما أجراه من تغييرات وأصدره من قوانين تتعلق بالأرض وبغيرها.

§        وقد أدى هذا الوضع الخاص بالفلاحين والنظام معا إلى إضعاف القدرة على العمل الجماعى فى الريف خصوصا بعد قيام ثورة يوليو ، ولم يتغير ذلك الحال كثيرا فى العهود الثلاثة التى انقضت منذ ذلك التاريخ.

§        ففى عهد عبد الناصر ورغم المكاسب التى حققها الإصلاح الزراعى إلا أن الفلاحين لم يشاركوا فى تنفيذ أى من الإجراءات الجديدة، علاوة على أن الدولة كانت تتحكم فى كل شىء يتعلق بالإنتاج الزراعى( خطة الإنتاج ،الأصناف التى تزرع ومساحاتها ، تسويق الحاصلات الزراعية وتصديرها وأسعارها، توريد المحاصيل الإجبارى للدولة، عمليات التسميد والمقاومة وأسعارها الخ.. )

§        أما فى عهد السادات فقد تم العصف بكل المكاسب التى تحققت، وفُتِح الباب واسعا لهيمنة الأغنياء والكبار على مقاليد الريف والإنتاج الزراعى، وأرسيت الأسس التى تقضى قضاء مبرما على إمكانية الاستفادة مما أسسته الناصرية أو تعديل بعض أسسها لزيادة فائدتها.

§        وفى العهد الحالى نمت سياسات السادات وازدهرت، حيث تعهدها مبارك بالرعاية حتى أثمرت وأضاف لها الكثير.

§        لقد ضاقت الخيّة حول رقاب الفلاحين منذ صدور قانون رفع الحراسات69 الأول عام 1974، فكلما تدهورت سبل الحياة و تعثرت إمكانية الزراعة كلما غادرت الريف قطاعات جديدة من الفلاحين والعاطلين ثم من خريجى المعاهد التعليمية والجامعات للإلتحاق بدوائر وحلقات رجال الأعمال والحكام المحليين وبعض رجال

حديث مع الصديق كمال خليل: لا يمكن استبدال السير وراء النظام الحاكم بالإمساك في ذيل جماعة الإخوان

على إحدى مقاهى القاهرة مع الصديق العزيز المهندس كمال خليل حول التظاهرات الجماهيرية الأخيرة التى شاركت فيها جماعة الإخوان بعد تعديل الحزب الوطنى للمادة 76 من الدستور المصرى والتى كانت إحدى الأسباب المباشرة لتلك التظاهرات التى اندلعت في عدد من المدن المصرية وبالذات مدينة القاهرة حدد فيه الصديق كمال تصوره لها وللأسباب التى دفعت جماعة الإخوان للظهور فيها بهذا الحجم وكذا المحاذير التى ينبه إليها على النحو التالى:

·    يثمن الصديق كمال عاليا نشاط الإخوان الجماهيرى في تلك التظاهرات، ويرجع ذلك إلى قوى الشباب الضاغطة داخل تنظيمهم مؤكدا على أن هناك تغييرا في النهج السياسى للجماعة.. خصوصا في الشعارات.·        ويحذر من تقديرات اليسار المهادن المناوئ للإخوان والمرتعب من بروز نشاطهم مؤخرا.·        ويحدد أن هدف الإخوان الحالى هو استغلال الظرف الراهن للحصول على مكسب سياسى.. بحزب علنى.·        ويدعو حركة كفاية إلى التحالف مع جماعة الإخوان.·        كما يدعو عموما للتحالف مع الإخوان ضد النظام.·        ويحذر من الإنعزال عن حركة الشارع (حيث الإخوان القطب الأبرز)·    ويرى أن الإبتعاد عن الإخوان في هذه الحركة من جانب القوى المعارضة للنظام الحاكم سوف يؤدى إلى العزلة.. ومن ثم إلى الموت.ولنا على حديث الصديق كمال الملاحظات السريعة الآتية:·    كان نزول الإخوان إلى الشارع مؤخرا.. استجابة واستثمارا  لتصريحات وزيرة خارجية الولايات المتحدةالأمريكية بعدم ممانعتها في إقامة حكم إسلامى معتدل في مصر، والإخوان شأنهم شأن النظام الحاكم يستقوون بالخارج وعلى وجه التحديد بالولايات المتحدة، وهناك سابقة لذلك.. وهى تصريحات أوبيان المرشد العام للإخوان صبيحة صدور مشروع الشرق الأوسط الكبير.. الذى كان صدى لذلك        المشروع فيما يتعلق بمصر.·    والإخوان شاركوا الحزب الوطنى في شحن الجماهير إلي الإستادات الرياضية بالقاهرة والأقاليم إبان الهجوم الوشيك على العراق في بدايات عام 2003، وقد كانت تلك المناسبة فرصة ذهبية لهم ليحتجوا على الحملة الأمريكية المسعورة على العراق.. والتى تحضر لعملية الغزو شأنهم في ذلك شأن الكثير من القى المعارضة لكنهم  لم ينزلوا الشارع.. ولم ( يشاءوا ) أن يستقلوا بموقف مميز يضع الفوارق بينهم وبين النظام من ناحية.. وبينهم وبين العديد من القوى السياسية الأخرى_ ولو من زاوية القدرة على الاحتجاج  من ناحية أخرى، لكنهم شاركوا النظام بكل أسف في تفريغ شحنة الغضب الجماهيرى من مضمونها وتعاونوا مع النظام الحاكم في مهزلة الإستادات الرياضية. ·    أما ما يتعلق  بالشعارات التى رفعوها في المظاهرات _ الخاصة باستعراض القوة بعد الصياغة النهائية لتعديل المادة 76 من الدستور_ والتى تختلف عن شعاراتهم التقليدية (والتى هى دائما شعارات لاتحمل مضمونا سياسيا برنامجيا أو مطلبيا.. خصوصا شعار الإسلام هو الحل) .. فأمرها يرتبط بتاكتيكاتهم الزئبقية.. فلا هى شعارات يمكن تسميتها بالشعارات المرحلية التى يتم تجاوزها بمجرد تحقيقها، ولا بأنها ترتبط بتحديث أو تفصيل لشعاراتهم العامة، ولا بأنها تطور كيفى لمعركة جديدة تتطلب هذه النقلة.. إنها محاولة لكسب المؤيدين من مختلف التيارات السياسية الوسطية.. أو المهادنة للنظام لاأكثر.. وكسب تأييد جماهير مختلف التنظيمات السياسية.. وقبل ذلك كله لكسب مزيد من الشعبية.·    وعن تفسير بواعث هذا النشاط الجماهيرى الجديد، والزعم بأنه بسبب ضغوط الشباب داخل الجماعة فهو لا يفسر نشاطهم بالتعاون مع الحزب الوطنى إبان حشود الإستادات الرياضية السابق الإشارة إليها.. فضغط الشباب إن صح كان قائما آنذاك بل وكان على أشده، لأن الاستنفار الجماهيرى في مصر لم يكن أقل منه في العديد من الدول الأوربية  .. عندما اندلعت مظاهرات الملايين في 700 مدينة أوربية وأمريكية وآسيوية في 15/2/2003 دفعة واحدة ..·    وبصرف النظر عن إحجام الجماهير عن نزول الشوراع في مصر عندما تدافعت حشود الطلاب والتلاميذ.. وغيرهم إلي الشوراع بعشرات الآلاف.. مما يدل على أن هناك بواعث أخرى بخلاف ادعاء ضغوط الشباب. ويمكن اعتبار" باعث الحصول على مكسب سياسى يتلخص في سعيهم لانتزاع حزب علنى لهم" هوالأقرب إلى الصحة، لكنه ليس باعثا مجردا.. قدر ما هو مرتبط بتصريحات وزيرة الخارجية  الأمريكية السابق الإشارة إليها.أما عن الاستنتاجات:1– فالتحذير من تقديرات يطلقها اليسار المهادن المرتعب من بروز النشاط الجديد للإخوان، تلك التقديرات لا تقتصر على هؤلاء المهادنين.. بل إنها تلتقى مع تقديرات عديدة لمجموعات ترتبط بالنظام الحاكم بشكل أو بآخر.. سواء بدافع المصلحة.. أو بدافع الحالة العقلية السياسية والفكرية لمن في حكمهم.. كما تتشابه مع آراء مجموعات أخرى .. تؤيد تصريحات النظام وأقطابه في رفضهم لفرض أجندة أمريكية للإصلاح السياسى على المجتمع المصرى، ومن ثم تلتقى مع النظام في تأييد ذلك الرفض ناسية أنه ليس من الضرورى لإبراز عدائهم لأمريكا تأييد النظام في ذلك الرفض .وذلك التحذير الذى ينسب هذا التقدير لليسار المهادن وحده يستهدف-دون أن يدرى- إبراز الفارق بينه وبين اليسار المهادن..أكثر من إبراز صحة الدعاوى التى تسعى لدفع كفاية للتحالف مع الإخوان.. وتسعى بشكل جدى لتحالف أصحاب ومطلقى ذلك التحذير مع الإخوان.. وذلك بافتراض صحة إمكانية التحالف معهم .خلاصة القول أننا نقر أن ينسب لليسار المهادن انحيازه الضمنى للنظام في مواجهة الإخوان لكن لا يمكن الموافقة على النصح بالتحالف معهم.. أو دفع كفاية.. والآخرين لذلك ، فكلا الإنحيازين وجه عملة للآخر.2-أما النصح بعدم الإنعزال عن الحركة الوليدة المطالبة بالديمقراطية.. فهو نصح في مكانه، لكن ربط عدم الانعزال عن هذه الحركة بالتحالف مع الإخوان هو مكمن الخطر الداهم. فالإخوان مع الديمقراطية.. حتى يحكموا.. وإذا تمكنوا.. فحدث ولا حرج عن تلك الديمقراطية وتلك بديهية يدعمها التاريخ.. وتؤكدها أدبياتهم.. المنتشرة في أكثر من بلد عربى.الإخوان  كانوا مع الملك ضد الشعب ومع الديكتاتور إسماعيل صدقى ضد الوفد والحريات ومع الرأسماليين ضد العمال، مع الإقطاع ضد الفلاحين، ومع المشانق والرصاص ضد المسيحيين والمعارضين. ولا يمكن تفسير ذلك النصح إلا بحالة ( إنعزالى يتحدث عن الجماهير في زمن السلم في حجرة مغلقة) وعندما يراها في الشوارع ينسى كل محاذيره عن اليمين وعن الانحياز للقوى الرجعية التى تعادى الثقافة والموسيقى والفن وحق المرأة في العمل وحق الآخرين في الاختلاف، وعن الإستقواء بالولايات المتحدة، والتحالف مع الإستعمار، وعن استقلالية الموقف.. وتكتيكات كثيرة صائبة كانت تطلقها مجموعات يسارية نشيطة في السبعينيات عن النظام الحاكم آنذاك مثل (الضرب معا.. والسير منفردين ..إلخ) وذلك إبان الحديث عن مواجهة مشتركة ضد الإستعمار.3- فهل يرىالصديق العزيز.. في التحالف مع الإخوان جبهة ضد النظام؟! وأى جبهة تلك؟ التى تضم غلاة اليساريين مع اليمين الفاشى؟ في أى تراث قرأ ذلك؟ وفى أى أدبيات ذكرت؟!4-إن الصديق العزيز لم يستخدم حتى عبارة التنسيق (الذى هو أخف وطأة   رغم أنه يزرع الأوهام ويقود إلى جهنم ) بدلا من التحالف.. التنسيق الذى يمكن اعتباره مرحلة مؤقتة.. و تنتهى ، أو فترة لجس النبض.. واختبارا للنوايا مع فصيل لم يطرح برنامجا سياسيا طوال أكثر من ثمانين عاما، بل طرح شعارات شديدة العمومية محتمية بدرقة سلحفاة حجرية( إسمها الإسلام هو الحل) ، وبتاكتيكات زئبيقة، وتصريحات من بعض قادتهم وأمرائهم على نفس الشاكلة.. إحداها تنفى الواقعة.. والأخرى تؤكدها.لكنه وللأسف لم يستخدم ذلك التعبير.. فهم – أى الإخوان _ إبان دعم الإنتفاضة الفلسطينية (2000-2003) كانوا مناوئين لنشاط اللجنة الشعبية المصرية لدعم الإنتفاضة.. محرضين عليها أجهزة الأمن .. مشككين في مصداقيتها.. مستهدفين إنفرادهم بعملية الدعم…لماذا ؟؟ ..لانفهم.·    لقد نزل الإخوان المسلمون إلى الشوارع مؤخرا.. في استعراض للقوة لأنهم جندوا آلاف الشباب بعضهم في حالة نشاط.. وأغلبهم في خلايا نائمة، ومن ثم فمجاراتهم تتطلب أنصارا.. وعاطفين.. وزملاء ليس من الضرورى أن يساووهم في العدد.. ومن هنا كيف يمكن لمئات أن يوازنوا في النشاط والثقل الآلاف؟ وبالتالى كيف يتسنى لهم التحالف معهم؟ هذا إذا كانت الأهداف متقاربة.. فما بالنا إذا كانت التوجهات متعاكسة، والأهداف متصادمة..؟؟·    إن الإخوان يسعون لجذب الجماهير.. وتهديد النظام.. والإستقواء عليه بقوى خارجية وأموال مجهولة المصدر.. والجماهير التى يسعون إليها تتضمن جماهير التنظيمات السياسية والدينية الأخرى.. ولن يكون لشعارات التحالف التى  يطلقونها أية مصداقية إلا في جر تلك الجماهير خلفهم.. والأيام القادمة ستضع هذا التنبؤ موضع الاختبار. أما عن الحلول:فلابد من التنبه لما ذكره تفسير الصديق العزيز.. لمظاهرات الإخوان الأخيرة والخاص بضغوط الشباب داخلهم.. حيث أن أعدادا ليست بقليلة من الجمهور المحيط بهم.. هم من سواد الشعب المطحون.. الباحث عن فرصة عمل.. الضائع بين الشعارات الإسلامية وبين ما تبثه بعض القنوات الفضائية. إن ذلك الجمهور.. يمكن أن ينصت لما يقوله اليساريون الحقيقيون غير المهادنين وغير المزايدين من ضرورة تحديد موقفهم فى الصراع بين الإستبداد والحريات، بين الفساد والعدل ، بين  أصحاب الأعمال والعمال، بين الفلاحين والإقطاع العائد..بين الفاشيين والديمقراطيين الخ.                     والجمهور عموما وليس جمهور الإخوان فقط سوف تجذبه الأفكار العملية  والتاكتيكات المحكمة النى تتعلق مباشرة بمصلحته.. ففى الريف هناك المعارك الدائرة بين فلاحى الإصلاح الزراعى وبين أحفاد الإقطاعيين السابقين وأبنائهم، ومثل هذه المعارك تجذب كثيرا من الفلاحين وليس فلاحى الإصلاح فقط بل تجذب أبناء الفلاحين من صغار الموظفين والمهنيين والعاطلين من الفقراء وخريجى المدارس المتوسطة والجامعات.. وهكذا يمكن السعى لعدم الإنعزال عن الجمهور.. فهناك بالقطع العديد من الأفكار والتقديرات في هذا الصدد  تيسر ذلك المسار لدى الكثير من المناضلين بعيدا عن عبارات النصح السميكة والغليظة عن التحالف مع جماعة الإخوان.. التى لا جدوى منها.إن من الأجدى البحث أولا عن رص صفوف اليسار غير المهادن وغير المزايد ومن في حكمه، والبحث عن صيغة أوسع لضم الديمقراطيين للمواجهة القادمة مع كتائب الفاشيين ومجموعات المصالح التى تقود النظام الحاكم ) وساعتها لن تقبع الجماهير في مقاعد المشاهدين كعادتها ولن تنخدع فى أو تتهيب من  تحذيرات صديقنا العزيز التى تستبدل السير في أعقاب النظام الحاكم بالإمساك في ذيل الإخوان المسلمين.     

    11/5/2005                                                              بشير صقر

بيان من لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى

بعد فلاحى سراندو:                      تقديم فلاحى بهوت للمحاكمة بتهمة مقاومة السلطات.  

 

 على غرار ما حدث فى سراندومركز دمنهور لكن فى طبعة كوميدية تم تقديم عشرة من فلاحى بهوت مركز نبروه دقهلية إلى المحاكمة بتهمة مقاومة السلطات وذلك إبان محاولة ورثة وفاء عبد المجيد البدراوى طرد أعداد من الفلاحين من أراضيهم فى القرية بدعم قوات أمن الدقهلية فى الشهر قبل الماضى. ·        يذكر أن الأرض المعنية تمت مصادرتها بقانون الإصلاح الزراعى (الأمر العسكرى رقم 140 عام 1961) من المرحوم عبد المجيد البدراوى والد المرحومة وفاء ووزعت على الفلاحين ليزرعوها منذ ذلك التاريخ.هذا وقد أصدر المحامى العام لنيابات المنصورة مؤخرا  قرارا ضد عشرة من أهالى بهوت بتنفيذ الطرد من الأرض ( المقدمون للمحاكمة) وهم: 

*عبد التواب شهاب الدين 86 سنة *عيد المغازى 45 سنة * أحمد محمد شريف 72 سنة* محمد محمود الطنطاوى* صلاح محمد قراقيش 54 سنة *المغازى سالم 56 سنة* محمد نبيه بدوى36 سنة*جميل سالم المغازى(موظف بمرفق المياة والصرف الصحى)* وحيد توفيق 50 سنة* سمير محمد فراج 54 سنة.

 علما بأن أحد الذين شملهم القرار مصاب بشلل نصفى وآخر مصاب بشلل أطفال وثالث مصاب بمرض خبيث أما الرابع فموظف ولا علاقة له بالأرض ولا بالزراعة.وتنظر محكمة طلخا القضية5531 يوم 18 يناير 2008. ·        هذا وقد تظلم الفلاحون من قرار المحامى العام لنيابات المنصورة بالدعوى رقم 781 /2007 وتحددت لنظرها جلسة 24/1/2008 . ·        والواضح أن ضغوط أقارب ورثة كبار الإقطاعيين السابقين من المسئولين والمتنفذين على بعض السلطات ذات الصلة بالموضوع قد فاقت كل التوقعات بل وفقدت اتزانها بدليل ما حدث مؤخرا بعزبة مرشاق بدكرنس حيث أصدر المحامى العام لنيابات المنصورة فى وقت سابق قرارا برقم 2101/2007  بتمكين ورثة زينب الإتربى وهم فى نفس الوقت أبناء عائلة البدراوى من استرداد  الأراضى التى صادرها قانون الإصلاح الزراعى ووزعها على الفلاحين بالتمليك وحصّل ثمنها منهم وتملص من إعطائهم صكوك ملكيتها بعد انتهاء السداد ، والغريب فى الأمر أن قرار التمكين المذكور حشد أعدادا من أهالى دكرنس بعضهم لا صلة له بالزراعة، وبعضهم متوفى منذ عشر سنوات، وبعضهم إستعان به ورثة الإقطاعيين للشهادة لصالحه فى التحقيقات منهم من توفى قبل بدء التحقيق بسنوات، وبعضهم شحصيات عامة. وقد استند القرار على تحقيقات الشرطة والنيابة التى تضمنت متوفيا كواحد من المشكو فى حقهم مما دعا  الأهالى لرفع دعوى تظلم ضد القرار. ·        من ناحية ثالثة شن ورثة الإقطاعى عزيز الفقى هجوما شديدا على مدير الشئون القانونية بوزارة الداخلية فى جريدة صوت الأمة فى 24 ديسمبر 2007 ـ  لامتناعه  على غير ما تعود الورثة وتوقعوا ـ  عن دعمهم فى تنفيذ أحكام قضائية بطرد فلاحى قرية ميت شهالة مركز الشهداء منوفية من أراضيهم بسبب مطالبته لهيئة الإصلاح الزراعى بأوراق الدعوى وكذا المستندات الخاصة بالموضوع .. علما بأن الأحكام المذكورة قد تم الحصول عليها بموجب صورة ضوئية لعقد ابتدائى مزورلفقته أسرة الفقى عام 1953 ووضعت له تاريخا قديما (10/8/1931) للتهرب من قانون الإصلاح الزراعى وضبطته الدولة ( الرقابة الإدارية) عام 1966 وصادرته كما صادرت الأرض المذكورة فيه ، لذلك اضطر فلاحو ميت شهالة – الذين اتهمهم المقال باغتصاب الأرض – لإرسال ردهم للجريدة التى وعدتهم بنشره فى الفترة القادمة 2007 .  ·        كذلك نظرت محكمة أشمون اليوم 31/12/2007  الاستشكال المقدم من فلاحى عزبة الإصلاح بسمادون فى تنفيذ الحكم الصادر لصالح أحد المحامين ( وهو واجهة لعدد من المتنفذين وعلية القوم ) بإخلاء 393 فدانا و7 قراريط وسهمين فى عزبة الإصلاح الزراعى بسمادون من زراعها الذين تملكوها من الإصلاح الزراعى إعتبارا من  الخمسينات بموجب القانون 178/1952 ودفعوا كامل ثم

الحالة المعرفية للفلاحين

  خطة بحث الحالة المعرفية للفلاحين في قريتين مصريتين

  

مقدمة من بشيرصقر .. فبراير 2005 

 

 تمت كتابة هذه الخطة في أوائل 2005 لمركز البحوث العربية والإفريقية ولكن إنجاز البحث تأخر إلى شهر أبريل 2007 وسوف نقوم بوضعه (أي البحث) على الموقع عقب قيام المركز بطبع الكتاب الخاص ببحث أكبر عن المسألة الفلاحية / الزراعية في مصر الذى يزمع المركز طباعته خلال الأسابيع القادمة ويقع بحثنا ضمن أوراقه، ولقد أمسكنا عن عرضه على الموقع لهذا السبب على وجه التحديد إلتزاما منا بحق المركز في نشره أولا.

وسيلاحظ القارئ أن خطة البحث تختلف في تصورها إلى حد ما عما توصل إليه البحث من نتائج.  

تمهيد: يسعى البحث الذي نقدم خطته للتكامل مع بقية البحوث المقدمة من الزملاء المشاركين في المشروع الذي نحن بصدد إنجازه (المسألة الفلاحية/ الزراعية في مصر: البدائل المطروحة).كما يسعى للإٍٍٍسهام في مواجهة العولمة والحد من تأثيراتها التي لا تقتصر على تهميش فقراء ما كنا نسميه العالم الثالث وعلى رأسهم الفلاحون.. بل إلى تهميش مجتمعات بأكملها.ولأن العلم وثورة تكنولوجيا الاتصالات- في ظل عالم أحادي القطب- يدفعه ويديره أكثر حكام العالم محافظة- يجبران شعوب العالم ودوله على اتخاذ مسارات بعيدة عن الاختيارات الديمقراطية ومتجاهلة لخصوصياتها وملبية لمتطلبات رأس المال العالمي والعابر للقارات، ومن ثم الدوران في فلك الدول المحافظة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.ولذلك فليس اللحاق بتلك الدول هدفا.. ولا الدوران في فلكها امتيازا، ولا مهادنتها حكمة متاحة.إن العلم الذي يعتبر أحد أهم الأدوات التي توسع الهوة بين فقراء العالم وأغنيائه، بين شماله وجنوبه قد أصبح سلاحا ماضيا في أيدي تلك الدول المحافظة وحكامها، ومن ثم فلابد من وسيلة فعالة لمواجهة هذا السلاح ألا وهي الوعي.. بمفهومه الواسع الذي هو منذ زمن طويل أداة التقدم وسبيله، وحيث أن العلم جوهر الوعي.. فلابد من البحث عن سبل ودروب ممكنة لامتلاكهما (العلم والوعي) لتلافي مصائب العولمة ودرئها.. وليتمكن فقراء العالم من وقف مسلسل التدهور والانهيار.. ومن ثم التقدم إلى الأمام ممسكين بزمام المبادرة نحو عالم أقل إظلاما وأكثر استنارة. موضوع البحث (الدراسة) ومفاهيمها: 

"هو الحالة المعرفية للفلاحين في قريتين مصريتين ومحدداتها" 

يتبادر للذهن أول ما يتبادر عند سماع عبارة الحالة المعرفية للفلاحين مدى إلمامهم بالقراءة والكتابة من عدمه، أو الحدود التي وصلوا إليها في المعاهد التعليمية خلال حياتهم سواء كانت شهادات دراسية أو إنجازات أخرى من خلال فصول محو الأمية أو توقف عن الدراسة عند سنوات بعينها.لكننا نرى أن تلك التقديرات الانطباعية لا تعني ما قصدناه.. ذلك لأن التعليم لا يقتصر في نظرنا على التعليم النظامي بل يتخطاه إلى التعليم غير النظامي خصوصا فيما يتعلق بالحديث عن الفلاحين.فضلا عن أن الشائع عن التعليم في الدراسات الاجتماعية عنهم لا يتطرق لأكثر من الإلمام بالقراءة والكتابة في حده الأدنى.. أو الحصول على شهادة دراسية في حده الأقصى هذا من ناحية.ومن ناحية أخرى فإن المستوى التعليمي شئ  والحالة المعرفية شئ آخر خصوصا إذا ما كانت الأخيرة تتجاوز المستوى التعليمي إلى مجالات أوسع تتعلق بالجانب الوظيفي والجانب الثقافي والسياسي للفلاحين.فالمتعلم ليس في كل الحالات نقيض الأمي، فهناك ألوف من الخريجين تقذف بهم الجامعة كل عام أميون ثقافيا وبالتالي أميون سياسيا، وكم من الحاصلين على شهاد
ات متوسطة وفوق متوسطة تمتلئ بهم طرقات القرى والمدن أميون وظيفيا.. بالرغم من أن مضمون دراستهم هو الجانب التطبيقي للعلم خصوصا في مجالي الزراعة والصناعة، لذلك فالمستوى التعليمي غير الحالة المعرفية، بل ويمكن القول أن المستوى التعليمي غير الحالة التعليمية أيضا، فالمستوى التعليمي يتعلق بالإلمام بحصيلة ما تم تعلمه في المدرسة أو الجامعة.. بينما الحالة التعليمية تتعلق بما هو أبعد من ذلك.. وهو القدرة على توظيف بعض ما تمت دراسته أو ما تم استيعابه (الجانب الوظيفي) بل وتتخطاه إلى إدراك أهمية ما تمت دراسته وأهمية القدرة على توظيفه في المسار الذي يسير فيه _-أو يعارض السير فيه- الكثيرون ممن نتحدث عن حالتهم التعليمية.
ويمكن القول بأن تعبير الحالة المعرفية يتشارك مع تعبير الحالة التعليمية في جوانب عدة.. (الجانب الوظيفي، الثقافي) إلا أننا نفضل استخدام الحالة المعرفية كتعبير أوسع وأشمل خصوصا وأن تعبير الحالة التعليمية لا يمكن استخدامه مع الفلاحين وقطاعات واسعة من البسطاء الذين لم يتلقوا تعليما بالمعنى الحقيقي.وفي هذا السياق يهمنا التطرق لعدد من مفاهيم البحث كالأمية.. التي تعني – في حالة الأمي النموذجي – عدم القدرة على الاتصال بمحيطه إلا عبْر الطريقة الشفهية، فضلا عن عدم إجادته لحرفة أو مهنة ما، واعتماده في التعامل مع محيطة وفي الحصول على احتياجاته المعيشية على قوة عضلاته فقط دون أن يكون ماهرا أو مبدعا في عمل ما، يضاف إلى ذلك عدم إادراكه للحدود الدنيا للمعارف العامة وللقوانين الموضوعية أو الآلية التي تسيّر مجتمعه والتى تحكمه كفرد يجب أن يلعب دوره من أجل تغيير واقعه حسب قوانين التطور التاريخي لا ضدها.والحديث عن الجوانب الثلاثة للأمية (الأبجدية، الوظيفية والثقافية) لا يعني أنها منفصلة بهذا الشكل لدى الأمي فهى متداخلة وممتزجة بشكل أو بآخر بدرجة أو بأخرى لديه، ولكن ذلك التقسيم هو تقسيم في الذهن ليساعدنا على التعامل مع جوانب الأمية الثلاث.. ومن الطبيعي أن توجد الجوانب الثلاث فيما يسمى الأمي النموذجي.. بينما يمكن أيضا ألا تجتمع الجوانب الثلاث معا في كل الأميين ويقتصر الأمر على جانبين أو على جانب واحد منها وهكذا. وفي حالة بحثنا هذا يمكن التوصل إلى أن تعريف الحالة المعرفية هو (مزيج الحصيلة والأدوات المعرفية التي يمتلكها الإنسان وتحدد كيفية الاتصال بمحيطه وتمكنه من التعرف على مواهبه وملكاته وقدراته وتوظيفها، فضلا عن إدراك الحد الأدنى من المعارف والقوانين الموضوعية التي تسيّر مجتمعه والآلية التي تحكمه كفرد له دوره الإيجابي فيه).ويمكننا تطبيق هذا التعريف للحالة المعرفية على الفلاح المصري بشكل مبسط بتقدير (وليس قياس) العناصر التالية:

 مدى الإلمام بالقراءة والكتابة وبعض العمليات الحسابية المبسطة، وكذلك مدى الإلمام بالعديد من فنون الزراعة وخباياها وعمقه، فضلا عن مدى إدراكه للمسار الذي تتوجه إليه أو فيه الزراعة المصرية والفلاحون داخل المنظومة الاجتماعية (في حده الأدنى) وإدراكه كذلك لما يتوجب عمله في هذا الشأن.إن المعارف الفنية في الزراعة لا يمكن أن تكون متواجدة وبنفس القدر بين الفلاحين في قطاعات المجتمع الزراعي كله.. حيث يتركز بعضها في مواقع معينة بينما يتركز بعضها الآخر في مواقع أخرى.ولأن تلك المعارف والخبرات لا تتساوى بين جميع الممتهنين لزراعة محاصيل بعينها بل وبينهم وبين الزارعين لمجموعات نوعية أخرى من المحاصيل .. فإن القول بوجود أعداد لا بأس بها من الفلاحين لا تمتلك خبرات المهرة والحاذقين منهم داخل المجتمع الزراعي ككل، بل وداخل كل قطاع زراعي نوعي .. لا تخالف الحقيقة.بل ويمكن القول بجسارة أكثر أن قطاعات واسعة من الفلاحين نظرا لإفتقادهم خبرة الحاذقين منهم هم شبه أميين وظيفيا أي أنهم ليسوا مبدعين وماهرين في حرفة الزراعة مثل أقرانهم ويحصلون على لقمة عيشهم – في الغالب الأعم – من جهد عضلاتهم أكثر من مهاراتهم وحذقهم في حرفة الزراعة.وعليه فالفلاحون الذين نسعى لتقدير حالتهم المعرفية هم كل من يعمل بالزراعة في الريف المصري إبتداء من العمال الزراعيين إلى فقراء وصغار الفلاحين وصولا إلى متوسطيهم وكبارهم. 

تساؤلات الدراسة: 

أولا: تقدير مدى الإلمام بالقراءة والكتابة والعمليات الحسابية البسيطة للفلاحين المبحوثين، وقدرتهم على الاتصال بمحيطهم عن غير الطريقة الشفهية.

ثانيا: 1- تقدير دور المعرفة الفنية في عملية الإنتاج الزراعي.

2- تقدير أو تحديد مصادر المعرفة الفنية للفلاحين ونسبة كل مصدر منها لبقية المصادر ( الخبرة المتناقلة – التعليم الزراعي – الإرشاد الزراعي – الإعلام – فصول تعليم الكبار).

ثالثا: تقدير إداركهم لأثر السياسات الزراعية على الإنتاج الزراعي والفلاحين مثل: الدورة الزراعية – دعم مستلزمات الإنتاج – التسويق الزراعى ومستوى أسعار المنتجات الزراعية المختلفة – قانون العلاقة بين المالك والمستأجر رقم 96 لسنة 1992 – التعاون الزراعي – الإرشاد الزراعي.

رابعا: تقدير مدى المعرفة ومن ثم المشاركة في:

1 روابط واتحادات الفلاحين.2-       جمعيات إنتاج محاصيل زراعية بعينها.3-       التنظيمات التعاونية بمستوياتها المختلفة.4-       الأحزاب السياسية.

 قضايا الدراسة وأفكارها: إن الحديث عن الحالة المعرفية عموما يدفعنا لمراجعة الكثير من التقديرات التى تتناول ذلك الموضوع خصوصا فى البحوث الاجتماعية، حيث أنها – فى الغالب الأعم – تتناول الجوانب الكمية والدفترية دون الجوانب الكيفية والفعلية.. وهما آفتان تعصفان بكثير من النتائج التي يتم التوصل إليها في مثل تلك البحوث.فتعبير الحالة المعرفية على إطلاقه لا يقتصر قطعا على الفلاحين بل يشمل كذلك كل فئات المجتمع وطبقاته وشرائحه.. ومنهم الطلاب والخريجون من المعاهد التعليمية، وذلك يعنى أن المسافة أو الهوة التي تفصل الحالة المعرفية عن المستوى التعليمي ترجع إلى جذر واحد قد نجده من ناحية في السياسة التعليمية (بالنسبة للطلاب وخريجي المعاهد التعليمية) أو في السياسة الزراعية أو في جملة السياسات التي تشمل المجتمع المصرى وتحكم مسيرته وتوجهاته أو في بعض منها دون الآخر ( بالنسبة للفلاحين ). وينطبق ما ذكرناه عن الحالة المعرفية على ما أسميناه بالحالة التعليمية مع الفارق في شمول الأولى للمجتمع المصري ككل مقارنة بالثانية.ولعل أو ما يمكن تناوله من قضايا في هذا الشأن هو ما يتعلق بالتعليم الزراعي، والثانية هو تعليم الكبار وذلك لتقدير دورهما في إنتاج الحالة المعرفية للعاملين في الزراعة وذلك للإجابة عن السؤال ( ماهي الشروط التي تيسر للبعض الحصول على المعرفة الفنية وتحجبها عن الأخرين؟ ونفس الشئ بالنسبة للمعرفة الثقافية والسياسية).إن التطرق للحالة المعرفية للفلاحين لابد وأن يمر بمقدماته الطبيعية عن أوضاع العملية التعليمية في مصر خصوصا في الريف ويرتبط بالحالة التعليمية/ المعرفية للطلاب والخريجين من أبناء الريف.. فضلا عن عوامل أخرى تساهم في إنتاج تلك الحالة بين سكان الريف فلاحين وطلابا وخريجين لكننا سنكتفي في بحثنا هذا وكما ذكرنا بالجانب الخاص بالتعليم والزراعي وتعليم الكبار- إلى جانب القضايا التالية:التغيرات التي حدثت في الريف المصرى – وفي المجتمع- في الربع قرن الأخير كالإنفتاح الاقتصادي – والإصلاح الإقتصادي والسياسي، وقانون الإيجارات الجديد (رقم 96 لسنة 1992) وآثاره على الملكية والحيازة وتبدلاتهما في القرية، والتعاون الزراعي وبنك القرية، وكيفية الحصول على المدخلات الزراعية (من أسمدة، وتقاوي، ومبيدات وآلات زراعية) والقدرة على سداد أثمانها من عدمه، وكيفية تصريف الإنتاج الزراعي من محاصيل (القطن، القمح، الأرز، الذرة، قصب السكر… إلخ)، وتحرير الزراعية المصرية من الدورة       الزراعية، والبطالة.

باختصار يهمنا الإمساك بالمستوى الفعلي الذي تطبق به السياسات التعليمية في مجال التعليم الزراعي ومجال تعليم الكبار، وتطبق به السياسات الزراعية في مجال الزراعة ومدى تأثيرها على الحالة المعرفية للفلاحين فضلا عن الإمساك بمدي تطابق الخطاب التعليمي (في نطاق التعليم الزراعي وتعليم الكبار) والخطاب الزراعي بالسياسات الفعلية المطبقة في المجالين معا.وكمثال مبسط لتوضيح ذلك.. مجانية التعليم التي لا زالت إحدى المحددات السياسية في الدستور المصري وفي السياسة التعليمية الراهنة بل وفي السياسات التعليمية المتعاقبة ومدى القطع باستمرارها في التطبيق العملي الآن.. وليس هذا نوعا من المصادرة على النتائج. لك
نه استنتاج بدهي واستفسار منطقي لعاملين .. أولهما تناقص الإنفاق العام على التعليم، وثانيهما ارتفاع معدلات التسرب من التعليم الأساسي، وضعف استيعاب الأطفال في سن السادسة استنادا إلى دراسة البنك الدولي لعام 2000.
 

أهداف الدراسة: 

أولا: تقدير الحالة المعرفية للفلاحين في قريتين مصريتين ومحدداتها.ثانيا: الوصول إلى تقدير أولى يشير إلى اتجاه الحلول الواقعة للنهوض بالحالة المعرفية للفلاحين ومن ثم بدورهم في الإنتاج الزراعي.

 الإجراءات المنهجية: 

أ‌-       نمط البحث: يستخدم البحث الأسلوب الاستطلاعي أو الوصفي في قراءته للحالة المعرفية للفلاحين ومحدداتها.

 ب- العينة: تتكون من 48 مبحوثا وتشمل العينة أربعة أقسام هى:

1       عينة قصدية من الفلاحين قوامها 30 فلاحا وفق المؤشرات التالية:

·        العمال الزراعيين.·        فقراء الفلاحين (حائزي أقل من فدانين).·        صغار الفلاحين (حائزي أكثر من 2-5فدان).·        متوسطى حائزين (من 5-20 فدان).·        كبار زراع (أكثر من 20 فدان)ويتكون هذا القسم من ثلاثين فردا قوام كل فئة 6 افراد.

2-  عينة قصدية من خريجي المدارس الزراعية قوامها 6 خريجين.

3- عينة قصدية من مدرسي المواد الزراعية بالمدارس الزراعية المتوسطة قوامها 6 معلمين.

4-  عينة قصدية من معلمي فصول تعليم الكبار قوامها 6 معلمين. 

جـ- أدوات البحث: أداتان لجمع البيانات هما:

·        دليل المقابلة الفردية (دراسة حالة).

·        دليل المقابلة الجماعية.وسوف يتوخى الدليلان الاسترشاد بتساؤلات الدراسة التي سبق ذكرها في الوصول إلى تقدير الحالة المعرفية للعينة محل البحث. د- مجال الدراسة: قريتين من قرى محافظة المنوفية سيتم تحديدهما لاحقا استنادا إلى توافر أقسام العينة الأخرى بها.

الفلاحون فى مصر:تاريخ الهجوم.. وإمكانيات المقاومة *

 أطراف الصراع الطبقى فى الريف المصرى منذ ثورة يوليو 52 .إختلفت أطراف الصراع الطبقى فى الريف المصرى على مدى العقود الستة الماضية من عهد لآخر تبعا لاختلاف مكونات الحلف الطبقى الحاكم والسياسات المحدِّدة لتوجهاته.ففى العهد الناصرى وإبان سنواته الأولى كان الصراع دائرا بين السلطة الجديدة وكبار ملاك الأرض العقاريين  المعروفين بالإقطاعيين.. حيث كان تطبيق قانون الإصلاح الزراعى رقم 178/1952 على مساحات الأرض الزائدة عما حدده القانون هو موضوع ذلك الصراع.وقد لعبت الطريقة التى طُبق بها القانون- عن طريق الأجهزة الإدارية للنظام القديم وليس بواسطة أجهزة أعدها النظام الجديد- لعبت دورا هاما فى إضعاف فعالية قانون الإصلاح الزراعى .. علاوة عى ما اعتراه من ثغرات فاقمت ذلك الإضعاف.وبمثل ما كانت الأرض موضوعا للصراع بين الطبقة القديمة المالكة للأرض وبين الحكام الجدد كان الفلاحون بمعنى ما  موضوعا  لذات الصراع.وقد أوضحت الثمانية عشر عاما التى بدأت منذ يوليو 1952 – عمر الحقبة الناصرية-  أن كبار ملاك الأرض العقاريين ما زالوا يتمتعون بتاثير سياسى واجتماعى ملموس فى الريف برغم انتهاء سطوتهم الاقتصادية وتنحيتهم عن السلطة، وبرغم القضاء على البقية الباقية من نمط اإنتاج الإقطاعى الذى كان سندهم الرئيسى.وبرغم المكاسب التى سقطت فى أيدى قطاع من الفلاحين المعدمين والفقراء كنتيجة مباشرة لتطبيق قانون الإصلاح الزراعى الأول إلا أن استغلال الفلاحين فى الريف ظل  قائما وإنْ تغير شكله حيث اقتسم الفلاحون والنظام الجديد  عائد إنتاج الأرض  ولم يستحوذ الفلاحون عليه بأكمله.أما الحقبة الساداتية فقد تم الارتداد فيها عن السياسات الناصرية عموما ومنها السياسات الزراعية ، وقد استُنفذت تلك الحقبة فى الإعداد والتحضير لتلك السياسات الجديدة أكثر من استنفاذها فى تنفيذ السياسات.. حيث تطلب الأمر آنذاك عملية إحلال وتجديد لقوام "البرلمان" الذى كان أحد الأدوات الهامة فى عملية الإعداد والتحضير التى شملت إلى جانبه كثيرا من سلطات الدولة وأجهزتها وهذا ما يسّر تغيير مكونات الحلف الطبقى الحاكم.. أو تغيير أنصبتها داخل هذا الحلف .. حيث أخذ نصيب الطبقة البيروقراطية فى التناقص لحساب الرأسمالية التقليدية الجديدة .. كما بدأت أسهم الرأسمالية الطفيلية فى التصاعد كذلك.بينما شهدت الحقبة الثالثة (عصر مبارك) امتدادا خلاقا للحقبة الساداتية ومعدلا متسارعا لوتيرة تنفيذ  جملة السياسات الجديدة وعكست مزيدا من التعديل داخل الحلف الطبقى الحاكم لصالح الارتباط بالنظام العالمى الجديد وعلى وجه التحديد بالنيوليبراليين الغربيين، فقد تجلت خلال الحقبتين الأخيرتين تغيرات فى مكونات القطب الآخر للصراع فى الريف المصرى حيث تزايدت نسبة الفقراء الهابطين إليه من الفئات المتوسطة.. وشهد الريف وضعا جديدا لعبت فيه البطالة دور البطولة فى حشد المزيد من الفقراء ضمن مكوناته.وفى هذا الصدد يمكن الإشارة إلى أن القانون رقم 69/1974  الذى عُرف بقانون رفع الحراسة كان بمثابة إقرار رسمى من نظام السادات  بحق ورثة كبار ملاك الأرض العقاريين  فى استعادة كثير من الأراضى التى كانت قد انتزعت منهم وفُرضت عليها الحراسة بقانون الطوارئ.. كما كان بمثابة إحياء الأمل بالنسبة لبقايا الطبقات القديمة وورثتهم فى مستقبل قريب تتجلى فيه  إجراءات الإرتداد عن كل ما اتخذ من مسارات فى الحقبة الناصرية.بينما مثّل القانون 96/ 1992 الذى عرف باسم قانون الإيجارات الزراعية الجديد .. مثّل ساعة الصفر التى بدأ فيها الهجوم الكبير  لورثة كبار ملاك الأرض السابقين لاسترداد أراضى الحراسة الذى كان المقدمة المباشرة لهجوم تال أوسع على الأراضى  التى صادرتها قوانين الإصلاح الزراعى المتعددة.كذلك شهدت فترة ما بين القانونين 69/1974 ، 96/ 1992  صدور عديد من القوانين والتشريعات و الإجراءات  التى ألغت بالتدريج أو دفعة واحدة عديدا من قوانين الزراعة أو أفرغتها من مضمونها مثل قانون الدورة الزراعية وقانون التسويق والتعاون والائتمان الزراعى وترجمت سياسات هيكلة الزراعة وربطتها بمسارات جديدة تتعلق أساسا بمصالح الرأسمالية الزراعية والشركات الزراعية متعددة الجنسيات العاملة فى مجال إنتاج وتسويق مستلزمات الإنتاج الزراعى ومجال الحاصلات الزراعية، وأفضت إلى إجراءات متسارعة لربط عملية الإنتاج الزراعى بهذه الشركات.وعلى مسارات موازية كانت تجرى عملية بيع القطاع العام الص
ناعى الذى شاركت أقساط تملك الأرض -التى دفعها فلاحو الإصلاح الزراعى – فى بنائه وتحويله إلى القطاع الخاص المحلى والأجنبى بما يستتبعهما أو يسبقهما من سعى محموم لوقف أية مقاومة شعبية لتلك الإجراءات والمسارات.
المقاومة:وهكذا كان إبقاء الفلاحين المعدمين والفقراء فى مقاعد المتفرجين( فيما يتعلق بتنفيذ الإصلاح الزراعى) عنصرا أساسيا فى تحديد حجم وعمق وطبيعة مقاومتهم لجملة الإجراءات التى استهدفت- فيما بعد- تجريدهم من المكاسب التى سقطت فى أيديهم بعد تطبيق قوانين الإصلاح الزراعى.كما كان إبقاؤهم مجرد منتجين للحاصلات الزراعية-  دون أن يكون لهم أى دور سياسى فى تحديد مايزرعونه أو تسويقه أو تصنيعه أوفى تحديد مستقبلهم – ّ هو الذى أدى لكبح  فاعليتهم السياسية الكامنة والمحتملة.ويقودنا هذا لضرورة مقاومة ذلك المنحى خصوصا وأنهم الفئة الوحيدة فى المجتمع التى لا تمتلك تنظيما نقابيا .. ويقضى بأهمية انخراطهم فى روابط ولجان واتحادات ونقابات كفاحية حقيقية تتشكل فى مجرى مقاومة النهج السابق الراهن المصرّ على إبقائهم- فى كل حقب العقود الستة الماضية- مجرد متفرجين أو مجرد منتجين دون وعى ودون فعالية سياسية.كما يبرز أيضا أهمية التضامن الطبقى بين الفلاحين  والعمال والفئات المهنية والحرفية المطحونة فى المجتمع .. وكذا أهمية التضامن الدولى المهنى والسياسى بين فلاحى الجنوب وفلاحى الشمال.كما يؤكد على أهمية البدء بدرء الأوهام بشأن أشكال الكفاح الوهمى التى رسختها النخب اليسارية فى أوساط الكادحين على مدى العقود السابقة والمتمثلة فى اختزال الكفاح :  فى المؤتمرات السياسية وإلقاء الخطب وتدبيج البيانات  و تشكيل  اللجان الورقية ورفع الشعارات الخالية من المضامين الطبقية العملية، والتمادى فى استخدام أشكال وطرق للتنظيم  ثبت فشلها، والعزوف عن الميول العملية فى الكفاح وتضخم النزعات المظهرية والميول الإعلامية الاستعراضية. علاوة على درء الأوهام بشأن النضال القانونى الذى يرسخ فى أذهان البسطاء إمكانية انتزاع الحقوق الطبقية فى ساحات المحاكم بعيدا عن النضالات الحية وهذا ما يدفعنا إلى الدعوة لتأسيس لجان للتضامن مع كل الفئات الإجتماعية الفقيرة فى أوساط الفلاحين والعمال والطلاب والمهنيين والحرفيين وصغار الموظفين على أن تكون ذات مهام محددة واضحة  وتميل إلى تركيم الخبرات وأساليب الكفاح وإلى دراسة قضايا المهنة والطبقة النقابية والسياسية، وتركيز النضال فى مجالاتها مع توسيع دائرته عن طريق التنسيق بين هذه اللجان.باختصار لا مناص من مغادرة الأرض القديمة للكفاح الشكلى والنهج القديم فى مخاطبة النخب أو مغازلة النظام الحاكم ، ودرء أوهام النضال القانونى والبعد عن كل أشكال النشاط المظهرى الدعائى والإعلامى لنتمكن من التخلص من الخية التى تضيق كل يوم حول أعناقنا. 28 نوفمبر 2007                                     بشير صقر                                            عضو لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح لزراعىe. mail  : sakrbas@ yahoo.com               basher_sr @gawab.omالعنوان الإلكترونى للجنة التضامن :                    egyptianpeasantsolidarity@gawab.comالموقع الإلكترونى :                                                                    Tadamon.katib.org  *  نشر المقال فى عدد أول ديسمبر 2007 ص 8 بجريدة الاشتراكى

مقال لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى فى جريدة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية .. عدد أكتوبر 2007

نشرت جريدة لوموند ديبلوماتيك مقالا بعنوان " نضالات الفلاحين الدائمة التجدد .. عودة إلى العهد البائد فى الأرياف المصرية " فى عدد أكتوبر 2007 بالصفحات 35 – 39 فى النسخة العربية وصفحتى 11 – 12 فى النسخة الفرنسية. ونظرا لما  أبديناه على النص الأصلى المكتوب باللغة العربية من ملاحظات –  نجمت على ما يبدو من الترجمة – فقد استجابت الجريدة مشكورة لها ونشرت  فى شهر ديسمبر تعقيبنا على المقال المنشور فى شهرأكتوبر، مع ملاحظة أن جريدة الأخبار المصرية قد رفضت نشر المقال فى الملحق الذى تصدره لحساب جريدة لوموند ديبلوماتيك فى يوم الجمعة 5 أكتوبر 2007  حيث أنها تصدر ذلك الملحق فى الجمعة الأول من كل شهربالغة العربية. 

·        ويمكن الإطلاع على المقال بالعربية فى موقع الجريدة من خلال الخطوات الآتية:

الدخول إلى العنوان  tadamon.katib.com  ومنه يتم النقرعلى السطر الرابع فى الصفحة التى تظهر أمامك على :

  LE MONDE DIPLOMATIQUE – EDITIONS ARABES

·        وللإطلاع على المقال بالفرنسية يمكن الدخول إلى الموقع: 

www.monde-diplomatique.fr/2007/10/sakr/15183          

 كذلك يمكن الاطلاع على التعقيب بالعربية فى الموقع:

www.mondiploar.com/rubrique531.html 

أو قراءته بالنقر على التصنيفات (أخبار) فى المستطيل الموجود فى أعلى يمين الصفحة.

كلمة للجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى .. فى احتفالية أيام إشتراكية المنعقدة فى الفترة من 6- 9 ديسمبر 2007

السادة الحضور  لأننا جميعا نحب العمال ونتعاطف بشدة مع الفلاحين ،ونعمل لمشاركتهم فى تحويل المجتمع المصرى إلى مجتمع إنسانى خال من القهر والظلم والإستبداد.. لا بد أن ندرك أن هذا الحب والتعاطف سيكونان بلا جدوى إذا لم نفهم قصتهم بدقة ونلم بجميع الأسباب  التى أدت إلى  وضعهم الراهن .. ونعرف  كيف أصابت  كل منهما حالة الوهن والضعف التى استمرت عقودا طويلة .ونضع أيدينا على المقدمات التى وراء بعض الصحوات العمالية الأخيرة فى عام 2007 والتى تسببت فى بعض المناوشات الخشنة إلى حد ما التى انتابت الفلاحين وبالذات فلاحى الإصلاح الزراعى فى السنوات الثلاث الأخيرة.لأنه بدون هذا الفهم وتلك المعرفة لن تتطور هذه الصحوات والمناوشات التى تشبه الروافد الصغيرة ولن تتحول إلى مجرى واحد تتوحد فيه مقاومة المجتمع كله وتندفع مياه النهر لتطيح بكل الموانع التى كبلت الكادحين وطحنتهم زمنا طويلا. لأن المعرفة العامة بأى أمر من الأمور أو أى قضية من القضايا لا تفلح فى حل معضلاتها .. ومن ثم تنحصر فى دائرة الحب والتعاطف لا أكثر. وفى الحقيقة أدعى أن صلة الكثير منا بأوضاع العمال والفلاحين لا تتجاوز هذه الدائرة.. ولم تنتقل بعد إلى دائرة الفهم والتأثير.فاليساريون المصريون عموما لا يجيدون الإنكباب على معرفة أوضاع  هذه الطبقات وكثير من خباياها ودراستها فى مجرى النشاط وليس فى الغرف المغلقة، ولا يعيرون أهمية كبيرة للتاريخ ولا يتعلمون منه بالدرجة الواجبة.وهذا ما يدفعنى للقول أن مناقشة قانون الإيجارات رقم 96 لسنة 92 بمفرده لا تعطينا صورة واضحة لأوضاع الفلاحين.. ولن تضع أيدينا على الأسباب العميقة لما آلت إليه أوضاعهم لأن هذا القانون مجرد حلقة من حلقات عدة تتألف منها قصة الفلاحين:  ·        فعندما جاءت ثورة يوليو 52 بمبدأ القضاء على الإقطاع تسربت أخبار قانون الإصلاح الزراعى لملاك الأرض الكبار قبل صدوره ، وتم تهريب مساحات شاسعة من الأراضى التى كان من المفترض أن تقع تحت طائلة القانون، وعندما تصاعد ت فى أواخر عام 52 احتجاجات الفلاحين بقرية سمبو مقام بميت غمر كانت بنادق الشرطة تصطادهم من أعلى أشجار النخيل التى تسلقوها هربا من الموت، بل والمدهش أن كثيرا ممن خضعت ملكياتهم لتطبيق القانون زادت الأراضى التى يحوزونها أو يمتلكونها بأشكال مختلفة بعد عام 52 ، والأكثر إدهاشا أن بعض من شاركوا فى وضع مواد قانون الإصلاح الزراعى رقم 178  لسنة 52 أسهموا فى تهريب أراضى بعض كبار الملاك  فى شمال الدلتا من تطبيق القانون ولا زالوا يعيشون بيننا حتى اليوم. 

·        من ناحية أخرى انتزعت الدولة من كبار ملاك الأرض المعروفين بالإقطاعيين نوعين من الأراضى:* الأول هو ما صادره قانون الإصلاح الزراعى وانتقلت ملكيته للهيئة العامة للإصلاح الزراعى وسمى بأراضى الاستيلاء .. وتم تمليك أغلبيته للمعدمين والفقراء من الفلاحين. 

·        أما الثانى فهو ما تحفظت عليه الدولة بقانون الطوارئ وظلت ملكيته للإقطاعيين.. وسمى بأراضى الحراسة.. وقد قامت هيئة الإصلاح الزراعى بإدارته وتأجيره لفقراء الفلاحين وحصّلت إيجاره منهم وأعادته للإقطاعيين، وقد لجأت الدولة لقانون الطوارئ فى انتزاع هذا النوع من الأراضى نظرا للكم الهائل من العراقيل التى خلقها كبار الملاك الإقطاعيين لنظام الحكم الجديد خصوصا فى تطبيق القانون وفى تسيير أمور الزراعة فى الريف ، وقد اقترن هذا الإجراء ( فرض الحراسة ) فى غالب الأحوال بإبعاد هؤلاءالإقطاعيين خارج الريف إلى المدن الكبرى .. بل وعزلهم سياسيا للحد من نفوذهم وسطوتهم على الفلاحين.

 ·        هذا وقد تعرض الفلاحون والأرض الزراعية لهجومين كبيرين بعد وفاة عبد الناصر استهدفا معا إبعاد الفلاحين عن الأرض و إعادتها لمن كانوا يمتلكونها قبل يوليو 52.  * كان الهجوم الأول بالقانون 69 لسنة 1974 المعروف بقانون رفع الحراسة وطبق على الفور على الأراضى التى انتزعت بقانون الطوارئ وأدارتها هيئة الإصلاح الزراعى بتأجير

الآثار الناتجة عن السياسات المتبعة في المجال الزراعي .. عرضت فى احتفالية أيام إشتراكية

السيدات والسادة الحضور مساء الخير

بداية باسم لجنة التضامن مع فلاحى الإصلاح الزراعى أشكر القائمين علي هذا اللقاء لاتاحة الفرصة  لالقاء الضوء علي الآثار الناتجة عن السياسات المتبعة في المجال الزراعي رغم  ضيق الوقت المتاح لعرض الموضوع .مقدمة:حيث أن صغار الفلاحين وفقراءهم يمثلون نسبة عالية من السكان في المجتمع  إلا  أنهم الأقل وعيا وثقافة وتنظيما .. مما يجعلهم الأكثر عرضة وتأثرا بالأفكار الغيبية  مع سيادة المناخ الديني في المجتمع والتي تغذيه جماعات الأسلام السياسي مستغلة هذا الموروث الثقافي  الرجعي مما يفقد المقاومة أهم عناصرها  ويسهل مهمة الدولة وأجهزتها في تنفيذ سياساتها في المجال الزراعي . . أى يكسر روح المقاومة في صفوف السكان عموما وبالذات الفلاحين.

وضع الريف المصري قبل منتصف الستينات :كان الريف المصري قبل منتصف الستينات قد حقق قدرا من الاستقرار النسبي في العلاقة بين المالك والمستأجر حيث كان القانون يمنع طرد الفلاح المستأجر من الأرض  طالما كان يدفع الايجارفى مواعيده , وانعكس هذا الاستقرار علي أوضاع  الزراعة والمعيشة في الريف .وبصدور قانون الإصلاح الزراعى انتقل جزء من الأراضي الزراعية من الاقطاع الي صغار الفلاحين وفقرائهم ومعدميهم بالتمليك ، كما انتقل جزء آخر من أراضى الإقطاع إليهم  بالايجاربواسطة هيئة الإصلاح الزراعى بعد فرض الحراسة عليه بقانون الطوارئ حيث ظلت ملكيته للإقطاعيين. وتحول قطاع كبير من صغار الفلاحين وفقرائهم الي مستفيدين من هذه الأوضاع وانخرطوا في العمل تنفيذا لسياسات النظام الحاكم في المجال الزراعي بالشكل الآتى:

·       خضوع الفلاحين لدورة زراعية إجبارية.

·   شراء الفلاحين لمستلزمات الانتاج من ( أسمده – تقاوي – مبيدات – استئجارالجرارات الزراعيه ومواتير رش المبيدات ) من الجمعيات الزراعية بأسعار محددة تعتبر مناسبة لحد ما .

·   التزام الفلاحين بتوريد محاصيل القطن وقصب السكر كاملة للدولة بأسعار إحتكارية  تقل كثيرا عن الأسعار العالمية .وقد تم  كل هذا عن طريق الجمعيات الزراعية التي شارك الفلاحين في تأسيسها بأموالهم التي نهبتها بعد ذلك  بنوك الائتمان وبنوك القرى , وكانت الجمعيات حلقة وسيطة في  تنفيذ سياسات الدولة ، كما كانت تقوم  بتحصيل  مديونيات الفلاحين من ( تكاليف مقاومه يدوية وكيماوية وتطهير للترع ولشبكات الصرف المغطي ) لحساب الدولة  وهذا يعني :         استفادة قطاع من الفلاحين من هذه الأوضاع مقارنة بما قبل 1952.    استيلاء الدولة على فروق أسعار المحاصيل ومستلزمات الانتاج وفروق تكاليف عمليات تطهير الترع وشبكات الصرف المغطي وعمليات مقاومة  الآفات الزراعية.واذا ما دققنا النظر فيما سبق سنجد أن صغار الفلاحين وفقراءهم رغم الإستقرار النسبي في الزراعة والمعيشة إلا أنهم لم يحققوا حتي ولو قدرا ضئيلا من الحرية فى تحديد أسعار محاصيلهم  وتسويقها ..  الأمر الذي أوقف زياة دخولهم  وأثر على  مستوي معيشتهم وعلى تطوير عملهم  الزراعي. ومن ناحيه أخري فهيمنة الدولة علي هذا المجال وخضوع الفلاحين لتلك الهيمنة لم يمكنهم من محاولات تشكيل نقابات واتحادات توحدهم  وتعبر عن مصالحهم وترتقي بوعيهم المهنى والسياسي وتحقق طموحاتهم ومصالحهم الاقتصادية والسياسية .

الآثار الناتجه عن صدور القانون 69 لسنة 1974 :إلي أن صدر قانون 69 لسنة 1974 برفع الحراسات وما ترتب عليه من وضع صغار الفلاحين وفقرائهم الذين يستأجرون أراضي الحراسات علي عتبات الطرد
منها ، وفتح الطريق واسعا أمام صدور قانون الايجارات الجديد رقم 96 عام 1992 والذي طبق في عام  1997  .

الفترة ما بين قانوني 69  ،   96 .. المطبق عام 1997 : شهدت الفترة من 1974 حتي 1997 عديدا من الإجراءات لما سمي باعادة هيكلة الاقتصاد بما يتلائم مع  مصالح الحلف الطبقي الحاكم ومع الارتباط بالشركات العالمية وتحقيق مصالح القوى الاستعمارية وتنفيذ تعليمات البنك الدولي بما يفتح الباب واسعا لتكثيف الاستغلال للطبقات الكادحة ويزيد من إفقارها ومن هذه الاجراءات :

· الغاء الدورة الزراعية مما أدي الي تملص اعداد من الفلاحين من زراعة القطن وتحولهم  الي زراعة أنواع وأصناف جديدة من الزراعات توسع الفجوة الغذائية .

· ترك أسعار مستلزمات الانتاج للارتفاع المستمر لصالح الشركات العالمية والمحلية .

· قيام وزارة الزراعة بتكليف  القطاع الخاص  باستيراد المبيدات  مما كان له الاثر البالغ علي صحة الانسان والحيوان وتلوث البيئة .

· زيادة  فوائد القروض علي الفلاحين  وانهيار دخولهم مما أوقع أعدادا  كبيرة منهم أسرى ديون بنوك القرى وأحكام السجن في كثيرمن الحالات .

· زيادة الضرائب والعوائد علي الأراضي الزراعية .

· تخلي الجمعيات الزراعية عن دورها السابق لتصبح مقارا لتوقيع  مخالفات المباني والاتجار في بعض السلع المعمرة , كما أصبحت وكرا لاستخراج أوراق الحيازات الوهميه للحصول علي قروض من البنوك , كما أصبحت سوقا سوداء لبيع حصص الأسمدة المخصصة لها لحساب  الموظفين الفاسدين .ومن الآثارالناتجة عن هذه الإجراءات وخاصة إلغاء الدورة الزراعية  أن تدهورت زراعة وتسويق القطن المصري خلال السنوات الخمسة عشر الأخيرة  فقلت المساحات المزروعه منه ، وبدلا من تصديره محلوجا أصبح يصدر ببذوره ففقدنا كميات كبيرة من الزيوت والدهون والصابون والأعلاف المستخلصة والمصنعة منها  مما أدي الي ارتفاع اسعار هذه المنتجات  بشكل خطير , وأصبح استيرادها متروكا  للقطاع الخاص يرتع فيه كما يشاء ،  كما تم غلق عديد من المحالج والمعاصروالاستغناء عن عمالتها التى تحولت الي  جيش البطالة .ومن العوامل التي ساهمت في تدهور سوق وتجارة القطن المصري :

·   قيام بعض دول آسيا بزراعة القطن المصري مما أدي الي مزاحمته في السوق العالمية وتدهور أسعاره , في نفس الوقت الذى  تم فيه إغراق الأسواق المصرية بالأقمشة المصنعة بأسعار تقل عن سعر القطن الخام المصري .·   هجرة نسبه كبيرة من صناعة الغزل والنسيج الأوربية إلي دول آسيا ذات العمالة الكثيفة الرخيصة  مما أثر علي هذه الصناعة  داخل مصر .

·       دخول غزالي آسيا الي سوق الغزل والنسيج المصرية وشراء العديد من المصانع مثل شركة غزل شبين الكوم .·       زراعة الأقطان قصيرة التيلة الاقل سعرا فى مصر لسحب الميزة النسبية للقطن المصري طويل التيلة .·       إطلاق حرية تكوين الشركات للمتاجرة بالمحصول والتحكم بأسعاره .لقد كا
ن لهذه الاجراءات الأثر البالغ في الانخفاض الحاد في دخل صغار الفلاحين وفقرائهم وزيادة اتساع الفجوة الغذائية .
فهناك فرق بين تولي الدولة مهمات توفير السلع الضرورية كما كانت في الستينات وبين تخليها موضوعيا عنها وإيكالها لسماسرة السوق والقطاع الخاص بينما هي شكلا تقوم بالمهمة .

الآثار الناتجة عن القانون 96 لسنة 1992 والمطبق عام 1997 :وبصدور قانون الايجارات الجديد قضي تماما علي الاستقرار النسبي بين المالك والمستأجر في الريف المصري سواء في أراضى الحراسات أو أراضي الائتمان , وأطلق يد  كبار الملاك وورثة الاقطاعيين السابقين في طرد أعداد كبيرة من صغار الفلاحين وفقرائهم المستأجرين للأراضي الزراعية , كما أطلق شرارة الارتفاع المستمر والمتزايد للقيمة الايجارية حتي وصلت الي نسب فلكية ، كما أدي الي فض جزء من الاشتباك بين عدد كبيرمن عمال الصناعة ذى الأصول الفلاحية الذين يقطنون الريف وبين اشتغالهم بالزراعة  , هؤلاء الذين كان يعتمد دخلهم الأسري علي تأجير قطعة أرض صغيرة لتعويض  انخفاض أجورهم من المصانع لسد احتياجاتهم وقد أدي ذلك الي وضع هؤلاء العمال في مواجهة  مباشرة مع الدولة  مما زاد من حدة الإضرابات والاعتصامات في العديد من المناطق الصناعية ذات الامتداد الريفي , كما كان للقانون أكبر الأثر في انخفاض خصوبة التربة بسبب عدم اهتمام الفلاح بها  وعدم استقراره نتيجة تتالي أعداد من المستأجرين عليها في مدد قصيرة .كما قضي هذا القانون علي قوانين الاصلاح الزراعي تماما ومهد لانقضاض كبار الملاك وورثة الاقطاعيين السابقين  لاسترداد  أراضي الاستيلاء التي كانت في يد صغار الفلاحين .صاحب هذه الاوضاع إرتفاع مستمر في تكاليف  الزراعة , حيث ارتفعت مستلزمات الانتاج الزراعي ( تقاوي – أسمدة – مبيدات – آلات زراعية ) . حتي تضاعفت في الآونة الأخيرة  بشكل كبير . كما زادت تكلفة العمليات الزراعية ( حرث – ري – وباقي عمليات الزراعة) بمعدلات عالية مع تدني أسعار بيع المحاصيل فى مقابل الارتفاع المستمر في أسعار الخدمات الاجتماعية المقدمة للسكان من ( صحة وعلاج – تعليم – مواصلات – سكن – كهرباء – مياه شرب – صرف صحي – وغيرها ) , والذي كان من نتائجه تقليص المخصص من الدخل الفلاحي للغذاء ..  مما ساعد علي انتشار الأمراض الناتجة عن سوء التغذية , ومكن الأمراض الوبائية والمزمنة مثل أمراض الكبد والكلي والبلهارسيا من سكان الريف عموما  وساعد علي اتساع الفجوة الغذائية.

الفجوة الغذائية :الغذاء يعتمد بداية علي الزراعة وخاصة المحاصيل الأساسية التي تدخل في غذاء السكان  مثل .1- محاصيل الحبوب مثل  القمح – الارز – الاذره الشاميه – الفول – العدس  .2- المحاصيل التي تدخل في انتاج الزيوت والدهون والصابون مثل القطن – عباد الشمس .3- المحاصيل التي تدخل في انتاج السكر والعسل الأسود وخلافه من صناعات أخري مثل  قصب السكر – البنجر .

·       فالمنتَج من القمح  لايكفي احتياجات السكان لأسباب عدة منها:إضافة إلى الزيادة في عدد السكان فإن السياسة المتبعة في توزيع الأراضي المستصلحة تأخذ جانب أصحاب رؤوس الأموال الأجانب والمحليين والشركات الكبرى لتقوم بزراعتها بمحاصيل أخري .كما أن هذه السياسة تعمل على التحكم في المساحات المنزرعة عن طريق التحكم فى حجم التقاوي المطروحة للزراعة .

·   أما محاصيل  الزيوت فنجد أن تدهور زراعة محصول القطن وتقلص مساحاته وتصديره دون حلجه  قد ساعد علي نقص كميات الزيوت والدهون والصابون التي كانت تستخرج من بذوره .كما ساعد علي نقص كميات الاعلاف الناتجة منه بعد عصره .

·   أما محصول قصب السكر فمازالت الدولة تتحكم فى أسعاره وتحتكرإنتاجه لصالحها وتفرض أسعارا لاتحقق  أرباحا حقيقية للفلاحين , فى الوقت الذى تفرض أسعار بيعه للسكان . هذه الاوضاع مجتمعه شكلت وتشكل عوامل ضغط ( إن عاجلا أو أجلا )  على صغار

Procès des paysans de Sarando et de leur avocat le 22 janvier 2007 au Haut Tribunal de la sûreté de l’Etat pour l’état d’urgence

Procès des paysans de Sarando et de leur avocat le 22 janvier 2007 au Haut Tribunal de la sûreté de l’Etat pour l’état d’urgence de la ville de Damanhour    

       « Liberté pour les paysans de Sarando ! »

 Le 22 janvier aura lieu à Damanhour le procès de 26 paysans de Sarando[1] et de leur avocat, Muhammad ‘Abd al-‘Aziz Salama (affaire 5631 du Haut tribunal pénal de Damanhour – 2005) sous les chefs d’accusation de rassemblement illégal, de coups et blessures et d’association et, pour leur avocat, d’incitation à la rébellion. 

Les faits remontent au début de l’année 2005. Les anciens propriétaires, la famille Nawar, profitant adroitement d’une situation juridique qui leur permit d’obtenir un jugement leur réattribuant les 2100 hectares qu’ils possédaient avant la Réforme agraire, se mirent à en revendiquer la propriété et à tenter, par la menace et l’intimidation puis par la force, de récupérer « leurs » terres. Avec la complicité des forces de police et des services de renseignements, Salah Nawwar intenta ainsi moult procès, fondés sur des documents falsifiés, contre des dizaines de paysans pour banditisme, association, port d’armes à feu (affaire 12551 en 2005, affaire 2825 en 2005 à Damanhour, affaire 27917 à la cours d’appel de Damanhour en 2005, affaire 776 en 2005 au tribunal pénal de Damanhour). Les paysans obtirent gain de cause dans tous ces procès. Salah Nawwar et ses alliés, dont le colonel Muhammad ‘Ammar, adoptèrent donc une nouvelle stratégie pour chasser les paysans de leurs terres. Du 5 janvier au 15 mars 2005, la population de ce village, terrorisée, a vécu un véritable cauchemar : le village fut envahi, sans aucune autorisation officielle, le 5 janvier à l’aube, par des forces de polices qui saccagèrent de nombreuses maisons, terrorisèrent femmes et enfants et arrêtèrent un certain nombre d’hommes accusés arbitrairement de port d’armes, de destruction de récoltes et de tentatives de meurtres sur agents de la force publique. De nouveau, le 19 janvier, puis les 4 et 5 mars, des forces de polices, accompagnées des hommes de main des anciens propriétaires terriens, assiégèrent le village, pénétrèrent violemment dans des maisons qu’ils saccagèrent et arrêtèrent neufs paysans le 4 et plus de cinquante personnes, dont une quinzaine de femmes et cinq enfants le 5. Une des femmes arrêtée, âgée de 40 ans, Nafisa al-Marakbi, décéda le 14 mars après avoir été torturée. Les paysans arrêtés témoignèrent tous de la torture qu’ils avaient subie le pendant la durée de leur incarcération. Sont mis en accusation, dans ce procès, 19 paysans et de 7 paysannes de Sarando ainsi que leur avocat, Muhammad ‘Abd al-‘Aziz Salama. La mise en accusation de celui-ci intervient pour l’empêcher d’assurer la défense des paysans et sans doute, dans l’esprit des autorités, pour envoyer un avertissement à tous ceux qui seraient tentés de se mettre au service des paysans pour assurer leur défense. De nombreuses organisations de défense des droits de l’homme, des associations de la société civile en Egypte ont témoigné de leur soutien et de leur solidarité aux paysans de Sarando pour révéler les pratiques de torture dont les paysans ont été les victimes. Nous apportons donc notre soutien et appuyons leurs revendications et leur droit à la défense. Liberté aux paysans de Sarando, liberté à l’Egypte ! Noms des paysans accusés et de l’avocat dans ce procès (affaire 5631, 2005) :           1. Muhammad ‘Abd al-‘Aziz Salama, 24 ans, avocat des paysans, Damanhour          2. Mustafa ‘Abd al-Hamid al-Garaf          3. Muhammad Ragab Khalil          4. Abu Taleb Muhammad ‘Abd Allah Abu Zina          5. ‘Imad al-Din Muhammad Mahmoud          6. Muhammad Radi al-Garaf, 20 ans, étudiant à Al-Azhar, Sarando          7. Gamil ‘Abd al-Mun’im Qabil8. Muhammad Mahmoud ‘Ateyya al-Chanawi, 21 ans, agent des forces de sécurité d’Alexandrie, Sarando          9. Ahmad ‘Abd al-Hamid Khalaf          10. Muhammad Ibrahim

Featuring WPMU Bloglist Widget by YD WordPress Developer