” إفلات ” سوق العقارات المصرية من أزمة العقارات الدولية 2008 .. لماذا..؟

مقدمة :
أثارت موجة الحرائق التى اجتاحت مصر فى الأسبوع الأخير موجة غضب واسعة لدى كثير ممن تابعوها وبالذات ممن أضيروا منها ، ورافقتها تصريحات متكررة من أهالى منطقة العتبة ( الرويعى ودرب سعادة والغورية) برغبة مسئولى الإدارة المحلية بمدينة القاهرة فى نقل نشاطهم من منطقة وسط البلد إلى مناطق أخرى فى أطراف المدينة.

ونظرا لما شاهدناه فى مدينة اسطنبول فى عام 2010 من ممارسات مشابهة تؤكد قيام السلطات التركية بنقل فقراء المدينة القاطنين بأحيائها الشعبية من وسط المدينة إلى أطرافها وبما عرفناه من هؤلاء السكان- قبل تهجير بعضهم وبعده- ومن بعض الأصدقاء الأتراك من شيوع هذه الظاهرة فى المدن التركية الكبرى وخصوصا العاصمة ووقوف بعض كبار رجال الأعمال الأتراك المهيمنين على سوق العقارات وعدد من المسئولين فى السلطة وراءها وعن الفوارق الشاسعة بين أسعارأراضى البناء فى وسط المدينة وبين أطرافها ؛ وعما تابعناه فى مصر بشأن أرض ماسبيرو وعشش الترجمان بسرة مدينة القاهرة .. لم نستغرب ولم نفاجأ بتصريحات المضارين من حريقى العتبة والغورية عن رغبة مسئولى الدولة ( بالإدارة المحلية) فى إزاحة سكان المنطقتين لمناطق أخرى نائية. وهو ما ساهم – ضمن عوامل أخرى – فى ترجيحنا للأسباب الحقيقية التى تقف وراء تلك الحرائق المباغتة والمفجعة. وقد عقبنا على الموضوع بمقالين قصيرين [ قطار العقارات والتجارة يمر على عشش الترجمان..ويقترب من الرويعى والغورية .. ولا نعرف أين يتوقف..؟.] و [ كل الحرائق التى اندلعت فى الأيام الأخيرة ] نشرا على صفحتنا بالفيس بوك.

وقد لفت نظرنا ما قرأناه من تعليقات بعض الزملاء عن ” قدرة المهيمنين على سوق العقارات المصرية من تلافى أزمة العقارات الدولية التى تأججت فى عام 2008 فى الولايات المتحدة الأمريكية ” .. وهو ما دعانا لتناول الأزمة الدولية باختصار والبحث عن أسباب ” إفلات سوق العقارات المصرية ” من آثارها.

 عن أزمة سوق العقارات العالمية 2007 / 2008 :

تفجرت أزمة العقارات الدولية فى الولات المتحدة الأمريكية من سنوات قليلة واندهش البعض من قلة أو انعدام تأثيراتها على مصر. لدرجة أن أحد الزملاء ( على الفيس بوك ) قد أرجع ذلك إلى مهارة وحرفية المهيمنين على سوقها فى مصر.

ولأن أزمات النظام الرأسمالى أزمات عامة وشاملة ودورية وتحكمها قوانين علمية ، ولا تشكل مهارة وحرفية المهيمنين عليها فى بعض الدول عنصرا ذا وزن فى الإفلات منها ، لذا فعدم انعكاسها على وضع العقارات فى السوق المصرية يحتاج لتفسير علمى إنطلاقا من أوضاع أزمتها الشاملة التى عصفت بسوق العقارات فى الولايات المتحدة منذ سنوات قليلة مضت.. منتقلة منها – كقطة مشتعلة- لقطاع البنوك وقطاع شركات التأمين .. وعبرت المحيط إلى انجلترا وهولندا ولوكسمبورج.. لتستوفى ملامح الأزمة الدولية لنظام يشكل أزمة أمام تقدم البشرية.

ورغم أن أزمة العقارات تفاقمت فى المراكز الرأسمالية الكبرى وأفضت لإفلاس 7 بنوك أمريكية شهيرة أهمها بنكى ليمان براذرز ، وميريل لانش إضافة إلى بير ستيرنز، وشركتين عملاقتين للتأمين هما ( فريدى ماك ، وفانى ماى) كما تجلت فى انهيار بورصة وول ستريت وتراجعات درامية فى البورصات الأوربية . واكتملت ملامحها بتدخلات شتى لبنك الاحتياط الفيديرالى ( البنك المركزى الأمريكى) فى ضخ المليارات من الدولارات فى عدد من البنوك المنهارة ودمج بعضها وتأميم البعض الآخر وهو ما جرى مثله لأحد البنوك البريطانية فضلا عن تخصيص عدد من جلسات منظمة الأمم المتحدة لمناقشة أبعاد الأزمة ومحاولات حصارها.

والجدير بالذكر أن عددا من الصحف الكبرى والعريقة على مستوى العالم قد رصّعت أغلفتها إبان اشتعال الأزمة بصور كارل ماركس- أول من تنبأ فى القرن التاسع عشر بأزمات الرأسمالية الدورية مؤكدا حتمية انهيارها- وأرفقت بها مقتطفات من نبوءاته، ومتسائلة : هل حان الحين لتحقق ما قاله ماركس..؟
هذا وقد تمثلت الأزمة المشار إليها فى الآتى :

1- قيام عدد من بنوك “الإسكان” الأمريكية فى عام 2007 بإقراض مبالغ باهظة لأعداد هائلة من الأمريكيين محدودى الدخل لشراء وحدات سكنية (قروض إسكانية) دون الالتزام بالقواعد المصرفية المعتادة .
2- وإذ لاحظت البنوك الاستثمارية ارتفاع حجم المبالغ المقترضة وأعداد المقترضين فقد أعدت عدتها لالتهام أقصى استفادة من هذه القروض.. وقامت- هى نفسها – باقتراض مبالغ هائلة من بنوك أخرى اشترت بها تلك” القروض الإسكانية الخاصة بمحدودى الدخل ” ، ثم حولتها إلى أوراق مالية متداولة فى البورصة.. وباعتها لبنوك ثالثة بأثمان مرتفعة جدا مقارنة بالثمن الذى اشترتها به.. وبذلك حصلت على فروق هائلة ( أرباح ) كما خططت .
3- لجأت البنوك المشترية لهذه الأوراق المالية ( فى بند 2) بالتأمين عليها لدى شركات التأمين .
4- ومن جهة أخرى تعثر المقترضون محدودو الدخل ( بند 1) فى سداد أقساط قروض شراء الوحدات السكنية ، فأخذتها منهم البنوك الدائنة وشرعت فى بيعها لاستيفاء مبالغ قروضها.
5- فى ربيع 2008 ونظرا لأن التعثر فى السداد كان شاملا.. ويشكل ظاهرة عجز حقيقية عن دفع أقساط القروض بما يعنى أنه حدث فى فترة زمنية محدودة وبأعداد هائلة .. فقد أسفر ذلك عن معضلة جديدة أسوأ .. تمثلت فى زيادة المعروض للبيع من المساكن عن حجم الطلب عليها فى السوق، وبذلك هوت أسعار المساكن إلى الحضيض ووقعت الكارثة.
6- فأفلست كثير من البنوك المقرضة وانخفضت أسعار أسهمها فى البورصة وكذا بعض شركات التأمين.. وتدخل البنك المركزى الأمريكى وانتقلت الأزمة إلى بنوك فى دول أخرى.. بسبب بيع الأوراق المالية السابق ذكرها لكثير من البنوك فى أوربا ، فضلا عن دخول شركات التأمين طرفا فى المشكلة.
7- هذا ويقدر حجم الخسائر الناجمة عن الأزمة بحوالى 950 بليون دولار منها حوالى 450 – 510 داخل الولايات المتحدة.
8- ورغم أن اسواق العقارات العربية لم تكن فى مركز الأزمة إلا أن بعض آثارها قد طالتها بشكل غير مباشر انعكس جزئيا على سوق العقارات والأسواق الائتمانية ؛ كما انعكس على بورصاتها المالية حيث عانى تداول الأسهم فيها من تراجع حاد مع انخفاض مؤشراتها .. وترافق مع هروب عدد من المستثمرين.
9- أما فى مصر فقد حددت بعض الأرقام الرسمية آنذاك 4 ملايين دولار كحجم محتمل للخسائر.

 لماذا ” أفلتت” سوق العقارات المصرية من براثن الأزمة العالمية عام 2008 ..؟

فى حقيقة الأمر كان انعدام الصلة المباشرة بين سوق العقارات المصرى والأزمة العالمية سببا فى النجاة النسبية من آثارها المباشرة .. وقد تركزت الآثار غير المباشرة فى الآتى :

•تراجع جزئى لقيمة أسهم الشركات المسجلة فى البورصة عن قيمتها قبل الأزمة.
•لجوء المستثمرين الأجانب فى البورصة لتسييل محافظهم ( بعمليات بيع مكثفة أفضت لتراجع حاد ؛ واتخذ المستثمرون المحليون نفس الإجراءات تقريبا .
•حدوث تباطؤ فى النمو الاقتصادى مقارنا بالسنوات السابقة على الأزمة العالمية.
•وفى مصر تعثرفى تمويل بعض المشروعات ، وتراجع فى معدلات المنح الأجنبية ، والخفاض نسبى فى دخل السياحة ، وتأثر محدود لبعض الأرصدة المصرية الحكومية الموجودة فى البنوك الغربية.
•توقع عدد من العاملين فى قطاع العقارات آنذاك لانخفاض أسعارها فى عامى 2011 و 2012 .
•هذا فضلا عما توقعته بعض الجهات الرسمية عام 2008 من خسائر تقترب من 4 مليارات دولاربسبب الأزمة.
•ويضيف عدد من الخبراء أسباب ” إفلات مصر من الأزمة ” بتوضيح : أن الطلب على المساكن فى مصر أساسه السكن بينما فى الخارج وتحديدا فى الولايات المتحدة فأساسه الاستثمار والمضاربة ، علاوة على محدودية نسبة الممول من البنوك من الثروة العقارية المصرية ، كذلك فمعدل زيادة السكان المرتفع فى مصر يرفع الطلب على السكن لوجود مايقرب من 30 % من الشباب والفتيات راغبين وفى سن الزواج ، وانخفاض القدرة الشرائية لكثير من قطاعات السكان على شراء المساكن، ويرى بعضهم أن حالة الركود النسبى فى سوق العقارات آنذاك ينذر بانخفاض أسعارها فى السنوات القليلة التالية حتى لو انخفضت أسعار مواد البناء.

• من جانب آخر فانحصار الرقعة المأهولة بالسكان فى 1/ 40 من مساحة مصر لا يعطى مجالا للتوسع سوى فى الأرض المتاخمة للوادى والدلتا سواء بالاستصلاح الزراعى أو ببناء المدن الجديدة وهو ما يتطلب إمكانيات مالية كبيرة ويراعى أن يكون التوسع المفترض كافيا لاستيعاب الفلاحين الذين ضاقت بهم أرض الوادى والدلتا وأنانية الدولة وإهمالها وضيق أفقها من ناحية وألا تقتصر أهداف التوسع العمرانى على السكن بل ترتقى لاستيعاب طاقات المهجرين فى العمل.

•ونظرا لصعوبة التوسع بالمواصفات التى نطرحها فى ظل الأوضاع الحالية التى تعيشها البلاد تمثل حيازة الأرض ( زراعية أو للبناء) كنزا ثمينا لحائزها ، وتمثل أسعارها استثناء من أسعار الأرض فى دول الغرب أو حتى للسلع الأخرى فى مصر.
•كما تشكل زيادة السكان ومعدلاتها المرتفعة ووجود نسبة عالية من السكان فى سن الشباب عاملا داعما لزيادة الطلب على المساكن.
•وبسبب الضربات التى وجهت للصناعة والزراعة وتدهور الإنتاج فى كل منهما ونظرا لزيادة أعداد العاطلين- نتيجة لسياسة المعاش المبكر؛ وبسبب طرد فقراء الفلاحين من الأرض المستأجرة وأراضى الإصلاح الزراعى والأوقاف؛ ووقف تعيين الخريجين؛ وتوقف استصلاح الأراضى وتوزيع المتوفر منها على كبار رجالات الدولة والمتنفذين وحكام الأقاليم والعرب وحرمان غيرهم من فقراء الفلاحين منها ؛ فضلا عن أزمة الإسكان الريفى المستفحلة والمستعصية على الحل -صارت التجارة وسوق العقارات المجالين المتاحين للعمل والنشاط بالمقارنة بالزراعة والصناعة .. وهذا ما ساهم فى السعى لإزاحة سكنى الفقراء ومواقع عملهم بعيدا عن قلب المدن وخصوصا المدن الكبرى . وهناك أمثلة شتى لذلك خاصة بمدينة الإسكندرية حيت اجتاحتها فى العشرين سنة الأخيرة حمى البحث عن كل المساكن القديمة وبالذات مساكن الفقراء لهدمها وإقامة الأبراج السكنية مكانها بالمخالفة لكل بديهيات وقواعد ولوائح البناء.. وطاقة المرافق واتساع الشوارع وكثافة الطرق.. بل وتوفر الهواء والضوء.

لكل ذلك كان الطلب على السكن شديدا ، وهو ما شكل العامل الأساسى فى حمى النشاط العقارى وما استتبعه من عملية ” إحلال وتجديد ” لسكان المدن الكبرى ولمقار سكناهم وأماكن عملهم.

وهو أيضا ما جنبها كثيرا من الآثار المباشرة للأزمة العالمية التى امتدت لمجال المال والمصارف بعد اندلاعها فى سوق العقارات بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2008 – وطال بعض رذاذها عددا من البلدان العربية – ولا يعود الفضل فى ذلك إلى مهارة المهيمنين على سوق العقارات المصرية أو إلى بعد نظرهم .

الإثنين 16 مايو 2016 بشير صقر

حقوق السيادة على الجزر المصرية .. والمخاطر المحدقة.. تعقيب على مقال عادل حمودة ” الملف السرى لجنسية جزيرتى تيران وصنافير “

فى البداية نوضح أن الملف الذى عرضه الأستاذ عادل حمودة فى صحيفة الفجر بتاريخ الجمعة 15 إبريل 2016 :

• يتناول الفترة من عام 1950 وحتى الآن .. متجنبا فترة عبد الناصر ولا يقترب من الفترة السابقة علي عام 1950؛ أى أنه يركز على فترات حكم ( السادات ومبارك والفترة الأولى لحكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة والسيسى )

• أنه لم يستخدم أية خرائط على الإطلاق سواء خرائط الحكم العثمانى لمصر أو الفترة الأخيرة من القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين.. وعلى وجه التحديد خرائط مكتبة برلين وخرائط الجامعة البريطانية ” ستانفورد “.

• ويركز بالأساس على عدد من الخطابات المتبادلة بين عدد من المسئولين المصريين والسعوديين وبعض التصريحات لممثلى الخارجية المصرية لمجلس الأمن الدولى.

• أنه لم يتطرق داخل مصر لدور البرلمان ورأى الشعب من زاوية الإقرار بما يتداوله الساسة المصريون بشأن الموضوع أو بمعرفتهما بما يدور بشأنه.

ويهمنا أن نبرز القضايا التالية فى تعرضنا الموجز للموضوع :

1- قضية السيادة على الأرض :

لأنه من البديهى أن نقر بأن مسألة السيادة ترتكز جزئيا على قضية الملكية إلا أنها لا تمثل الركن الوحيد لها خصوصا فيما يتعلق بالشعوب وليس بالأفراد ، مع ملاحظة أن الشعب ليس هو فقط مجموع أفراده الأحياء بل يتجاوزه نحو اعتبارات شتى تتصل بالتاريخ والأمن والاستقرار التى لا يمكن إسقاطها من جملة الجهود التى تجلت طيلة مئات السنين فى الحفاظ على الصلة المباشرة بالأرض والحفاظ عليها وحمايتها . ولنضرب لذلك مثلا بسيطا- لا يتوفر لنا الآن سواه- يتعلق بالأرض الزراعية التى تنص كثير من دساتير العالم – وليس كلها – على وظيفتها الاجتماعية حتى فى ظل الإقرار والتسليم بمبدأ الملكية الخاصة لها . حيث أن جميع أشكال الملكية يجب أن تخضع لمبدأ وظيفة الأرض الاجتماعية ؛ والتى تعنى أن مهمة الأرض الزراعية هى إطعام المواطنين مما تنتجه من الغذاء .. فذلك دورها الأساسى فى أى مجتمع ( إنتاج الغذاء ) وتلك وظيفتها الأساسية ( إطعام الشعب ).. وهو ما يزيح أى استخدام آخر لها للمرتبة الثانية بعد هذه المهمة/ الوظيفة ( إنتاج الغذاء وإطعام الشعب ).

إذن فسيادة الشعب على أرضه تعبُر أو تتجاوز مسألة الملكية إلى حقه فى الاستمرار فى الحياة استنادا إلى أمور كثيرة إحداها هيمنته على الأرض واعتبارها عاملا حاسما فى تمتعه بالاستقرار والأمن . خصوصا إذا ما كانت اوضاع المنطقة التى يعيش فيها تتعرض للأنواء والعواصف والأمواج العاتية ويكتنفها التغيير خلال فترات زمنية متقاربة كمنطقة الشرق الأوسط.

2- علاقة السيادة بنقل الملكية ، وعلاقتهما بإرادة الشعب :

ونظرا لأن السيادة على الأرض تكون باطلة إذا ما تأسست على الإكراه والغزو والاحتلال وفرض الإرادة أو بالتحايل و التلاعب . ولأن سيادة الشعب على أرضه لا تتأكد فقط بوجوده عليها بل وبصلته الدائمة بها وبدور هذه الأرض فى توفير الاستقرار والأمن له؛ خصوصا إذا ما كانت تلك الأرض لا تصلح للزراعة وتقع فى الحيز البحرى المباشر لبقية أراضى الدولة وتتصل مباشرة بطرق المواصلات الدولية .. علاوة على توفر قدرته على حمايتها لأن ذلك يمكنه ويتيح له وضع الخطط الكفيلة باستمرار حياته واستقرارها واستمرارها .. ولأن تغييرها كفيل بهدم مستقبله .

وحيث أن انتقال الملكية أو السيادة – الذى يمكن أن يتم بالتنازل أو بالمنح أو بالبيع أو بالإكراه والضغط أو بالاحتلال الممتد المتواصل أو بالاحتيال والتلاعب – لا يمكن إقراره أو الاعتراف بمشروعيته – دون إقرار الشعب بملء إرادته بذلك فى معظم تلك الحالات .. لذا لا يعتبر انتقال ملكية الأرض أو السيادة عليها من شعب لآخر إجراء مشروعا فى الحالات الثلاث الأخيرة ( الإكراه والضغط ؛ أو الاحتلال الممتد المتواصل؛ أو بالاحتيال والتلاعب) .

ومن هنا فأى إجراء يُرْتكب يجرى فيه تغييب الشعب أو تضليل إرادته أو إخفاء ما يجرى عنه فى هذا الشأن يُعد إبطالا لنقل الملكية أو السيادة .. ومن ثم يعتبر كأن لم يكن أيا كان ما سبقه من اتفاقات مبرمة أو صفقات معقودة أو مواثيق محررة أو مستندات متداولة.
وعليه لا يقتصر حق السيادة على جانبها القانونى؛ بل يتعداه لجوانب أخرى تتعلق بحياة الشعب ووجوده وأمنه واستقراره واستمراره.
3- توازنات منطقة الشرق الأوسط منذ عقدى الخمسينات وحتى نكسة 1967 :
ولأن حق السيادة يستوى فى كل بقاع العالم من حيث المبدأ و المعايير التى يتأسس عليها .. إلا أن طريقة تطبيق تلك المبادئ والمعايير تختلف من مكان لآخر ومن زمن لآخر تبعا لما يكتنف المكان والزمان من استقرار أو اضطراب .
ومما لا شك فيه أن سيادة مصر على جزيرتى تيران وصنافير كانت قائمة فيما بين تأسيس المملكة العربية السعودية عام 1932 وحتى قيام دولة الكيان الصهيونى فى فلسطين المحتلة عام 1948 أى ستة عشر عاما.

مع ملاحظة أن ( المملكة السعودية الحالية هى الدولة السعودية الرابعة التى حلت محل الدول الثلاث التى سبقتها بنفس الإسم واتسعت مساحتها- من خلال الحروب وليس الوحدة – لتشمل كامل شبه الجزيرة العربية عام 1932 بعد أن كانت قاصرة فى الدولة الأولى على شرق وجنوب شبه الجزيرة بما يعنى عدم متاخمتها للشاطئ الشرقى لخليج العقبة) .

وعليه فهل كان لأى من الدول السعودية الأربعة صلة بهاتين الجزيرتين سواء كانت لأى منها حدود على الشاطئ الشرقى لخليج العقبة أو لم تكن..؟ وهل طالبت بهما أو بأى منهما فيما بين عامى 1932 – 1948 ..؟

لقد ظهرت فيما بعد الحرب العالمية الثانية التى انتهت رسميا عام 1945 معطيات جديدة (جغرافية وعسكرية وسياسية ) تمثلت فى كثافة معدل الهجرة اليهودية لفلسطين ثم نشوب الحرب وإعلان دولة الكيان الصهيونى .. واستيلائها على قرية أم الرشراش المصرية وتحويلها إلى ميناء بحرى( إيلات ) مجاور لميناء العقبة الأردنى.. وبات من الضرورى أن تتخذ الملاحة الإسرائيلية طريقها من إيلات- شمال خليج العقبة – إلى باب المندب بوابة البحر الأحمر الجنوبية. ولم تكن هذه التغيرات كما هو معروف ببعيدة عن إرادة المنتصرين فى الحرب العالمية الثانية.

ولنا أن نتساءل ماذا لو كانت الجزيرتان تحت سيادة المملكة السعودية منذ انتهاء الحرب العالمية ، وكيف كنا نتصور مصير خليج العقبة فى ظل السيادة المفترضة للمملكة السعودية علي الجزيرتين، ومن ثم ما الذى كان يتوقع من مصير للشعب المصرى إزاء هيمنة سعودية إسرائيلية أردنية على خليج العقبة ..؟

لقد كانت الظروف السياسية آنذاك تحول دون المجاهرة بتعاون إسرائيلى سعودى أو بسلام بينهما .. ولذا كان منطقيا أن تتحول حيازة السعودية للجزيرتين التى لم تكن تستطيع الدفاع عنهما- فيما لو حدث ذلك- إلى تهديد إسرائيلي كامل على مياه الخليج.

ولقد ظهرت بوادر ذلك التهديد جلية فى أعقاب العدوان الثلاثى على مصر عام 1956الذى انتهى بموافقة مصرية على تولى قوات الأمم المتحدة حراسة مدخل خليج العقبة ؛ بل والمرابطة على الجزيرتين تحديدا، وقد تأكد التهديد بعدها إزاء الحماقة العسكرية التى أشعلت حرب 1967حينما احتلت القوات الإسرائيلية ما هو أكثر من الجزيرتين.

ويمكن القطع بأن موازين القوى فى المنطقة لم تكن حتى عام 1956قد اختلت الاختلال الذى لا يمكن تعديله وإنما انتابها نوع من التهديد الفعلى كان أشبه بالأجسام المضادة التى تسرى فى الدم .. لتدق ناقوس الخطر بوجود عدو ماثل على الحدود على بعد كيلومترات قليلة من الشواطئ المصرية. أما بعد عام 1967فقد تجلى الاختلال فى احتلال أرض سيناء وجزر الخليج شدوان وتيران وصنافير وارتفاع نبرة أصوات القوى الرجعية فى المنطقة ومصر وكان بمثابة العنصر الحدى أو القوة فوق الاقتصادية التى استثمِرَت آثارُها ليبدأ بعدها التراجع والتحول فى مجمل السياسات المصرية والذى عجّلت وفاةُ عبد الناصر بمعدلاته.

فهل يمكن استنتاج لماذا صمتت المملكة السعودية عن المطالبة بالجزيرتين منذ الحرب العالمية الثانية 1945 وحتى الإعلان عن تأسيس الكيان الصهيونى 1948..؟ ولماذا بدأت المطالبة به منذ عام 1950 على استحياء..؟ ولماذا عاودها الصمت فى حقبة عبد الناصر ..؟ ولماذا علا الصوت نسبيا بعد ذلك فى أيام مبارك..؟ ولماذا اكتسى وجهها بالعبوس المتنمر فى عهد السيسى..؟ وهل لكل ذلك صلة بميزان القوى آنذاك فى منطقة الشرق الأوسط .

4- المملكة السعودية وإيران.. دولة العائلة ودولة الملالى .. والصياغات الجديدة للشرق الأوسط :

رغم الصلة غير العضوية بين هذا العنوان وبين موضوعنا إلا أن الإشارة له فى هذا السياق ضرورة واجبة .. لأنه يدخل فى قضية التوازنات فى المنطقة وبحالة العبوس المتنمر للمملكة التى انتابتها منذ توقيع الاتفاق النووى بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.. وبخطوة الانقضاض على الجزيرتين.

• نبذة عن تاريخ المملكة أفضى بها للانقضاض على الجزر المصرية:

أ‌- فعندما اشتعلت حرب أفغانستان لم يكن للمملكة السعودية من دور سوى ( استجلاب المواطنين العرب من بلادهم وتحويلهم إلى أفغان عرب) من خلال عدد من الوسطاء والسماسرة الذين أسس بعضهم تنظيم القاعدة. حيث كانت عقود العمل بالمملكة يجرى تحريرها من خلال شركات أولئك الوسطاء بعدها يتم أرسالهم للسودان بمساعدة الإسلاميين من حكامه وإلى اليمن حيث الدولة ترزح تحت نير القبلية والفوضى ؛ونظام حكم وثيق الصلة بأجهزة الأمن الأمريكية ؛ وجبال وعرة متداخلة مع المنازل والخيام والقات ؛ وصحارى مترامية الأطراف تقبل بكل متوحش على شا كلتها .

هذا وبعد تدريبهم بالسودان واليمن ينخرطون فى حرب مستعرة فى أفغانستان لم تغير من المجتمع المحلى شيئا بل أبقت على الفقر وانحطاط التعليم وزراعة وتصدير الأفيون وتجارة الأطفال وانعدام الأمل كملامح أزلية ثابتة تمثل نموذجا لما كان هؤلاء يجاهدون من أجله وينشدونه كمجتمع إسلامى يضرب المثل على انعدام كل القيم النبيلة والإنسانية فيه . والأهم- بعد خفوت أصوات المدافع ورحيل السوفييت – أن من تم إرسالهم من المواطنين العرب إلى هناك توزعوا على بلادهم الأصلية وأذاقوها بعض ما تعلموه من سفك دماء الأبرياء ولم ينسوا أن يردوا الجميل لمن أشرف على رحلتهم من الألف إلى الياء بتفجير برجى التجارة العالمى فى 11 سبتمبر 2001 .. وها هم – بأنفسهم وبأبنائهم – قد وصلوا ببنادقهم – إلى المتواطئين على رحلاتهم – فى باريس وبروكسل وغيرها .

بعدها تجمعت فلولهم بفعل سيل الدعوم النقدية والعينية لتشكيل جيش جديد لإقامة الحضارة ( الخلافة ) الإسلامية فى الشام والعراق ، وأَخطروا كل شعوب العالم بنوعية المستقبل الذى ينتظرهم على أيديهم وداخل حدود دولتهم المنشودة.

ب‌- لقد سبق لدولة العائلة أن مولت وشاركت فى تهريب يهود الفلاشا من إثيوبيا لإسرائيل ، ومولت سدا ترابيا – أقامته إسرائيل بارتفاع تسعة أمتار- يفصل بين المغرب وجمهورية الصحراء لوقف هجمات جبهة البوليزاريو المسلحة ضد المغرب ، ومولت وساعدت فى استئجار المرتزقة وفتحت مجالها الجوى للطائرات الإسرائيلية لنقلهم إلى حدود اليمن لقتال الجيش المصرى هناك عام 1963. كما سبق لها أن استولت بالقوة على أجزاء من ارض اليمن ( منطقة جيزان ونجران وعسير واجزاء من صحراء الربع الخالى) بل وأقامت حاجزا يفصلها عن اليمن طوله 2000 كم.

وإذا كان ذلك هو ما تتبناه وتنفذه عائلة تدير دولة ( مملكة ) لا تولى وزيرا أو مسئولا ذا شأن إلا من أبنائها ؛ فهل نتوقع أن تمانع فى استغلال أزمات جيرانها ممن تسميهم ” الدول الشقيقة “..؟
• نيو لوك أمريكية فى الشرق الأوسط :
وحيث رأت الولايات المتحدة الأمريكية أن أسعار البترول تتعرض لتذبذب مستمر يميل للانخفاض بينما لديها منه فى أراضيها مخزون يمكنها من الاستغناء التدريجى عن بترول الشرق الأوسط ؛ ولأن سياستها السابقة فى المنطقة قد أفضت إلى كراهية شديدة لها بين شعوب المنطقة ولأن سنوات الربيع العربى أسفرت عن تمزق دولها وتضاؤل التهديد الذى كانت تمثله على إسرائيل، فقد شرعت فى تقليص صلاتها بالمنطقة متجهة نحو أواسط آسيا حيث الأوضاع هناك أقل احتداما.

ولذا قررت أن تتخفف من حملها فى الشرق الأوسط وتوكله لهيمنة أربع دول ( إسرائيل ، وتركيا، وإيران والسعودية ) وتكتفى معها بصلات مختلفة المستوى عما كانت عليه؛ فأبرمت مع إيران اتفاقا نوويا يحد محاولاتها لإنتاج سلاح نووى يغير من خريطة المنطقة وهو ما أثار حفيظة المملكة السعودية وزاد تقطيب جبينها بل ودفعها للتهديد بسحب أرصدتها من العملة الصعبة من البنوك الأمريكية.

ولأن الولايات المتحدة تدرك جيدا الفوارق بين دولة العائلة ودولة الملالى كما تدرك القسمات المشتركة بينهما وأبرزها معاداة الديمقراطية خصوصا فى مواجهة شعبيهما وترى أن اختلافهما الدائم وتنافسهما يساعدها على توظيفه لصالح سياستها فى المنطقة ويصب فى نهاية المطاف فى ” حصالة ” إسرائيل .
ولأنها توقن أن حالة العبوس التى تنتاب العائلة السعودية بالنسبة لها هى حالة مؤقتة ولا يمكن على الأرجح – استمرارها طويلا – لأن مقوماتها المادية آخذة فى التراجع بمضى الوقت؛ فقد شجعها ذلك على إطلاق تصريحات تقصد بعضها وتعنيه مثل [ كون العائلة معادية للديمقراطية , وانها ترعى داعش وأن مفجرى برجى التجارة العالمى أغلبهم سعوديون ( 9 من أصل 13 )..إلخ ] تبرر به موقفها ” الجديد ” إزاء العائلة.

وهذه التطورات تشكل جانبا هاما فى السياسة الأمريكية ” الجديدة ” فى الشرق الأوسط ، ونعتقد أن العائلة السعودية كانت تتعشم فى استمرار السياسة الأمريكية القديمة على الأقل فيما يتعلق بإيران وأن تحافظ على الصلات الخاصة بينهما وبالاتفاقات البترولية ومن بينها التحكم فى سياسة المنظمة العالمية للبترول ( أوبك ).. لكن الرياح ليس من المحتم أن تأتى- فى كل الأوقات – بما تشتهى السفن .

ومن هنا يمكن أن نرجح أن توقيت تنفيذ ترسيم الحدود المصرية السعودية ذو صلة وثيقة بالسياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط خصوصا فيما يتصل بإسرائيل التى ستتوثق علاقاتها فى الفترة القادمة بالعائلة السعودية فى إطار الهيمنة المتصاعدة على البحر الأحمر ليس فى مدخله الجنوبى ( باب المندب ) فحسب بل وأيضا فى جزئه الشمالى ( خليج العقبة ).

ونفس الشئ يتعلق باستثمار العائلة السعودية لمحنة النظام المصرى وتوقيته فى الانقضاض على الجزيرتين. صحيح أن هناك اعتبارات تخص نظام الحكم المصرى فى قبوله التفريط فى الجزر وتوقيته .. لكن جملة هذه الاعتبارات تقاطعت معا وانطلقت من الأوضاع الجديدة فى منطقة الشرق الأوسط – الخاصة بآثار سنوات الربيع العربى- وتصب فى نفس المرمى.

خلاصة القول :

• لا يمكن تناول قضية يكون طرفاها دولة عمرها أقل من مائة عام ودولة أخرى تحمل أرشيفا ماديا لتاريخ العالم زاخر بالوثائق والخرائط و المستندات والآثار ويجرى بشأنها تجاهل التاريخ والخرائط وحصر القضية فى عدة عشرات من السنين .

• كذلك لا يمكن قصر معايير السيادة على جانبها القانونى بمفرده فهناك جوانب أخرى تتعلق بالتاريخ والحماية ومداها الزمنى، والجهود المبذولة والأرواح التى ضحت لفرض واستمرار السيادة.

• لا يجب استنادا لذلك إهمال أسباب عدم مطالبة المملكة السعودية بالجزيرتين- فى فترتى ما قبل عام 1950 وما بعد عام 1952 وحتى عام 1970 – لأن صاحب الحق من المنطقى أن يسعى لذلك بشكل مستمر لإثبات جديته والتذكير بحقه.. علاوة على عدم مطالبتها بالجزيرتين أمام منظمات الأمم المتحدة فى أعقاب احتلالهما أكثر من مرة.

• كما لا يجب التغاضى عن تصور مصير الجزيرتين المتوقع فيما لو آلتا إلى السعودية فى غير الفترات التى طالبت بها ، ولا التعامى عن مصيرهما فى الفترة القادمة فى ظل الموازين الحالية فى المنطقة وبالتالى فى المخاطر المحدقة بمصر، ولا إهمال السلوك السابق للسعودية في العدوان على جيرانها واقتطاع أراضيهم عنوة وبالإكراه.

• ولا يجب التقليل من مخاطر حفر قناة موازية لقناة السويس تصل البحرين الأحمر والأبيض عبر الأراضى الفلسطينية المحتلة.

• مع ضرورة التنبه لأن إقرار مبدأ التنازل عن أرض الوطن يبدأ بخطوة .. لا تتوقف بعدها الخطوات لحظة الشروع فى اتخاذ الخطوة الأولى.

• أيضا .. لا يمكن التسوية بين حاجة الوطن للتمويل فى لحظة بعينها .. وبين التفريط فى جزء منه .

• وقبل ذلك كله.. لا ينبغى تجاهل الأسباب التى تدفع القائمين على حكم مصر بتغييب الشعب عن تقرير مصير جزء من وطنه ، أو إخفاء إجراءات التنازل عنه.

• وعليه نؤكد : لا خرق للدستور (مادة 151 ) والقانون؛ ولا استفتاء على حقوق السيادة.

أن الميول السياسية للمسئولين المصريين والسياسات العامة السارية والصلات بالمعسكر الغربى هى ما حكم أفكار وممارسات هؤلاء المسئولين ممن شاركوا فى تحديد مصير الجزيرتين واستشهد بهم ملف جريدة الفجر- منذ عام 1950 وحتى الآن- تلك السياسات والأفكار أفضت نتائجها بمصر إلى هذا المستوى من تدمير الاقتصاد؛ والحط من وزن الدولة وهيبة الوطن؛ ومصادرة الحريات وسيادة الاستبداد وتفشى الإرهاب ، وانتشار الفساد، وانهيار الخدمات والمرافق، وسقوط قطاعات متزايدة من الشعب تحت خط الفقر، وانعدام الأمل؛ واليأس من المستقبل والرغبة العارمة فى هجرة البلاد.. تلك السياسات وهؤلاء السياسيون هم من أوصلوا الوطن إلى هذه المحنة التى نعيشها ولا يمكن الارتكان إلى أفكارهم وسياساتهم أو الاعتراف بأهليتهم لعبور الوطن لأزماته والحفاظ على ترابه.

الإثنين 18 ىمارس 2016 بشير صقر

إقالة الزند .. بين الانزلاق لصالح النظام الحاكم و التجاوز فى معتقدات المسلمين

بشير صقر
الحوار المتمدن-العدد: 5103 – 2016 / 3 / 14 – 07:21
المحور: المجتمع المدني

انزلق الزند – وزير العدل المصرى- كعادته وتجاوز الخطوط الحمراء فلم يستطع نظام الحكم الدفاع عنه وضحى به فى توقيت ( 13 مارس 2016 ) لم يكن محسوبا ولا متوقعا. فهو من علا سعره إبان حكم الإخوان باعتباره من المناوئين لهم .. ليس لكونه بعيدا عن طريقهم وعقليتهم ..بقدر خشيته من المحاكمة لكونه واحدا من رموز نظام مبارك وأحد المتهمين بالكسب غير المشروع فى واقعتى أرض بورسعيد ومطروح .

والمتتبع لممارساته وتصريحاته منذ توليه وزارة العدل يتأكد أنه من أشد المتشبثين باستعادة كل مفردات وملامح عهد الطاغية مبارك وعدائه المفرط لثورة 25 يناير فضلا عن استعلائه الطبقى والاجتماعى على الكثير من الفقراء – وهو ما أسهم فى مزيد من الغضب منه – رغم أنه ابن رجل بسيط بمحافظة الغربية.

وتجدر الإشارة إلى أن ما أضفى على الإقالة هذه الإثارة هو توقيتها ؛ فما كان باديا للعيان هو اتساق قرارات الزند مع مسار النظام وإجراءاته فبينما ترفع الدولة أسعار الكهرباء والغاز ومياه الشرب والوقود وسلع المعيشة الضرورية تغدق فى نفس اللحظة على أفراد القوات المسلحة والشرطة والقضاة , وفى الوقت الذى تناشد فيه الدولة جموع الشعب التبرع بجنيه .. يتمادى الزند فى محاباة رجال السلك القضائى بما لا يقل عن عشرين ألف جنيه فى العام كمكافأة ثابتة لكل فرد.. وفجأة – وإزاء إحدى انزلاقاته المعهودة- نجده مقالا.

وللحقيقة فإن حالة الاحتقان المتزايدة لا تتحمل انزلاقات الزند مثلما لم تتحمل قبلها حماقات عكاشة ولن تتحمل خراقات الكثيرين من أنصار النظام من هذه النوعية الأشبه – فى خدمتهم له – بصبيان المقاهى.

لقد لمس الزند أحد الأوتار الحساسة لدى المسلمين المصريين – فى محاولة منه- لتوعد بعض المعارضين له وللنظام – وكان يمكن أن ينتقى ألفاظه بشأنها ليتفادى حفرة صنعها بنفسه.. بنزقه المعروف؛ لكن غطرسته كانت أقوى من كوابح لسانه فوقع فى المحظور.

وعموما إذا ما تتبعنا شخصيات كالزند وعكاشة ومرتضى منصور وربما أحمد موسى فى ممارساتهم نلحظ قاسما مشتركا يربطهم جميعا ألا وهو الانفلات والانفعال المغالى فيه فى مواجهة من يختلفون معه علاوة على استسهال مفرط فى توجيه أبشع الاتهامات وأعلاها سقفا إزاء أية معارضة مهما كانت بسيطة أو تافهة.. وهى صفة لا يتصف بها سوى المأجورين فضلا عن صبيان المقاهى . وإذا كانت تلك حالهم فى لحظة مناصرتهم للنظام الحاكم فإن وضعهم يصبح مثيرا للرثاء حالما يتخلى النظام عنهم أو حينما تبدو إرهاصات التخلى فى الأفق.

إن هذا المؤشر الذى ظهرت ملامحه على النظام الحاكم فى حالتين لا يفصل بينهما سوى أسبوعين إزاء اثنين من أشد أنصاره صخبا وضجيجا وإثارة للمشكلات مع الرأى العام .. تفصح عن حالة بالغة الحساسية لم يبلغها فى أى عهد من عهوده منذ ولاية السادات وحتى الآن.. وستتفاقم إزاء حالات أخرى قادمة فى الطريق.
وهو ما يتطلب منا مزيدا من الفهم لاستشراف ما سيسفر عنه هذا الوضع البائس.

وإذا ما صرفنا النظر – مؤقتا- عن انزلاقة الزند فى برنامج حمدى رزق التليفزيونى ، فإن أداءه الإدارى طيلة توليه منصب وزير العدل قد اقتصر على المناصرة الجامحة لرجال السلك القضائى من الموالين ، وأداءه المهنى كان متسقا مع محاصرة الحريات السياسية وخصوصا التشدد فى تطبيق قانون التظاهر؛ والتربص بكل المعارضين بلا استثناء للدرجة التى طالب فيها بقتل عدة آلاف مقابل مقابل فرد واحد يغتال من رجال الشرطة وهو ما يخرق بديهية أو قاعدة قانونية معروفة مفادها أن ( العقوبة شخصية ) ، بل ومحرضا على الانتقاص من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لجموع الفقراء وأبرز قراراته فى هذا الشأن تلخَّص فى منح حق الضبطية القضائية لعديد من موظفى الجهاز الإدارى للدولة فى كثير من الأنشطة مثل الكهرباء ومياه الشرب والتموين وغيرها.. التى تمس مباشرة جيوب الفقراء؛ وهو ما أثار حفيظة كل من عرف بذلك.. أو عانى منه.

ننتقل بعدها لما أشيع عن جمع توقيعات من أعضاء نادى القضاة احتجاجا على عزل الزند وما نشر عن إعلان 250 مستشارا بوزارة العدل إلغاء انتدابهم لنفس الغرض وهو ما يثير لدى الكثير من المراقبين والجمهور نوعا من الدهشة؛ حيث يمكن القطع بأن حالات المناصرين الأربعة التى سبق ذكرها تحظى بكراهية بالغة من أغلب قطاعات الشعب وبالتالى فكيف يحتج بعض من أعضاء نادى القضاة والمنتدبون لوزارة العدل من المستشارين على تنحية الزند..؟

• وفى الواقع فهناك من الحقائق ما لا يثمنه البعض.. فما أصبح شائعا فى أوساط كثير من المهنيين -وأطاح بوزير سابق للعدل- من اقتصار تعيين المهنيين لأبنائهم فى المؤسسات والوزارات التى يعملون بها .. وإذا ما صارت تلك ” السُنّة ” قاعدة مطبقة منذ عهد الطاغية مبارك فليس غريبا أن يتغير قوام سلك القضاء بفرعيه على مدى أكثر من ثلاثين عاما ويتم استبعاد الخريجين الحاصلين على تقديرات دراسية متميزة لصالح أبناء ولاة أمور المهنة حتى ولو كانت تقديراتهم أدنى ؛ وعندما يتغير قوام المهنة تتغير مبادؤها . وهو ما يعلى من قدر التعصب والانحياز الأعمى لأبناء المهنة ولقادتها ووزرائها والحط من قدر المبادئ التى تحكم المهنة وتعطيها اسمها وقيمتها فى المجتمع وهى فى حالتنا هذه .. مبدأ العدل.

• كما أن هناك ما لا يلاحظه الكثيرون.. فمنذ أقدم الرئيس المؤمن (السادات) فى منتصف السبعينات من القرن الماضى على فتح أبواب القضاء لضباط الشرطة .. انضوت أعداد كبيرة منهم فى سلك القضاء وهو ما أسهم فى مزيد من تغيير قوام القضاة الذى أشرنا إليه منذ قليل لأن الفارق بين مبتدئ يصعد سلك القضاء من درجاته الأولى يفترق- فى أمور شتى – عن آخر يتربى فى وزارة الداخلية عشر أو اثنتا عشر سنة وينتقل بعدها لسلك القضاء ومن ثم يساهم الأخير فى تغيير القوام .. وبالتالى القيم والمبادئ السارية فى هذا المجال.. وهناك أمثلة صارخة لذلك نعرفها فى عدد من محاكم الأقاليم.. هذا من ناحية.

• ومن ناحية أخرى فما حدث فى سلك القضاء تم تطبيقه- وأيضا على يد السادات – فى سلك التعليم الجامعى حيث الأمثلة تترى فى عدد من الجامعات الإقليمية والتى بلغت نسبة الأساتذة القادمين من وزارة الداخلية إلى كليات الحقوق حوالى 60 % من هيئة التدريس بها وهو ما يساهم مرة ثالثة فى تخريج دفعات من الخريجين تختلف فى المستوى العلمى وفى القيم والمبادئ التى يتعلمونها عما كان الوضع فى الستينات والسبعينات وحتى منتصف الثمانينات من القرن الماضى.. ومن الطبيعى أن يلتحق بعضهم فى سلك القضاء بفرعيه ويساهم فى التغيير الذى نتحدث عنه.

يضاف إلى كل هذا ما خلقته السياسة العامة على مدى أربعين عاما من أوضاع مادية وتعليمية وثقافية وقيمية.. نعيش تجلياتها اليوم ونقطف ثمارها المرة ونكتوى بنارها منذ دشن السادات سياسة الانفتاح ورعاها خليفته مبارك حتى أينعت وأثمرت؛ ووسعت الفوارق بين الطبقات ودفعت حوالى 40 % تحت خط الفقر ,فتفشت الأوبئة وانتشرت الأمراض الاجتماعية وفقد العمال وظائفهم بالمعاش المبكر والفلاحين أراضيهم و”طفش” الحرفيون والمهنيون إلى بلاد الخليج وانهار التعليم وندرت فرص العمل فانتشرت البلطجة وتراكم الفقر وأصبح بيئة مناسبة لانتشار جماعات الإسلام السياسى وجيوش الإرهاب.. وهو ما كلف المجتمع مواجهة دموية مع تلك الجماعات أنهكت خزانة الدولة وجيوب الفقراء إلى جانب غلاء الأسعار.

لقد كان هذا المناخ هو البيئة الحاضنة لكثير من المهنيين فى مصر ولا يمكن أن يفلت منه العاملون فى سلك القضاء فهم جزء من نسيج المجتمع .. ومن المنطقى أن يتأثروا بكثير من الأوضاع والأحداث التى تجرى به.

لذا فاحتجاج بعض القضاة فى ناديهم وبعض مستشارى وزارة العدل على تنحية وزير العدل أحمد الزند لا يعد شيئا مستغربا فى ظل الوضع الراهن لمصر.

بمناسبة اليوم العالمى للمرأة : عن نوال خميس فلاحة الفيوم .. عاشقة الأرض والزراعة

إشادة بدور المرأة المصرية ، لا أستطيع أن أقدم شيئا فى هذا العيد إلا مقال كنت قد كتبته عام 2010 عن فلاحة نادرة من محافظة الفيوم عمرها الآن ثمانون عاما ؛ ورغم أنها مولودة فى القرن العشرين إلا أننى شعرت أنها – من حيث المصرية والعقل والقوة والتوهج والعمل المنجز والذكاء – من زمن حتشبسوت ، وليست تلك الصفات شكلا أصفها بها لكنها – للحقيقة- سمات تتصف بها هذه المرأة .. لقد قلت لها آنذاك أنها نموذج يحيى الأمل فى المستقبل ودليل ناصع على أن ” الدنيا لسه فيها خير “.
خلاصة القول أن نوال خميس بنت قرية بياهمو مركز سنورس / الفيوم حكاية تبرهن على أصالة المرأة المصرية وشموخها وإليكم نص المقال :

أستاذتنا العزيزة السيدة نوال خميس بعد التحية

أرفق مع هذه السطور نص المقال الخاص بالحوار الذى أجريته معك حول الزراعة وأرض الفيوم وقصة الأرز وقف زراعته وتقديرك الفنى لهذه المسائل وأطلب منك الآتى:

1- تصحيح الأخطاء سواء من الناحية الفنية أو التاريخية أو المعلوماتية.
2- إبداء الرأى فى بعض الاستنتاجات التى توصلتُ إليها سواء كانت أقل أو أكبر من الحقيقة .. بغرض تعديلها.. أن كانت لا تعكس الحقيقة.
3- ملاحظة أن المقال رغم اهتمامه بالأساس بقصة الأرض والأرز وماء الرى فى الفيوم وبالزراعة عموما إلا أنه تطرق إليكم كشخصية أراها ذات قيمة حقيقية بعيدا عن اللافتات والألقاب وعبارات المجاملة وكل هذه الشكليات،وتستحق – لا أن تأخذ حقها من التوقير والتكريم كما قد يتبادر لبعض الأذهان- وإنما تحتاج للإشارة إليها كنموذج مصرى ناصع ومشرف، يعيد للمصريين نوعا من الاعتبار ويستحث لديهم الاعتداد بالنفس والاعتزاز بمصريتهم فى هذا الزمن الردئ الذى يسعى أىّ منا لتجنب سلبياته.. وهى مسألة أراها هامة حتى لا يفقد الناس ثقتهم بأنفسهم وبوطنهم.
4- لا تنسى أنه يتبقى استيفاء جزئين صغيرين ..يتعلقان برأى وتقديربعض فلاحى بياهمو وبعض أفراد أسرتك ..ياحبذا لو كان بعضهم من الأبناء والبعض الآخر من الأحفاد.. لكى تكتمل الصورة.
5- المقال يبدأ بمجموعة من العناوين ( الملونة) تلخصه لمن لا يهوون القراءة أو يشعرون بطول المقال ،يليها مباشرة نص الموضوع .. مع ملاحظة أنى كتبت اسم قريتكم بهذه الطريقة ( بياهْمو) ليتم نطقها بطريقة صحيحة أكثر مما لو كتبتها كما تكتب لديكم ( بيهمو ) .

مع خالص الشكر..

3/8/2010 بشير صقر

،،،،،،،

النص:

بنت قرية بياهْمو.. بالفيوم

عاشقة الأرض والزراعة .. ومحطة البحوث المتنقلة

،،،،،

على امتداد نصف قرن من النشاط والإبداع والكدّ والاطلاع :
حولت أرضها إلى مركز للبحوث الزراعية
ومنزلها إلى ملتقى للبحاثة
وخبرتها إلى مستشارية .. لكل من يطلب العون
فى زراعة الأرض .. وتدبير المياة .. ومكافحة الآفات الزراعية

،،،،،،،،
لم تتقلد وظيفة .. ولم تتطلع لمنصب ..ولم تجْر وراء مسئول
فأصبحت محط أنظار الجميع وقبلتهم .. فلاحين وباحثين .. مزارعين ومسئولين
اعتمدت على القراءة والاطلاع ..
فتجاوزت حصيلتها النظرية ذخيرة حاصلين على درجات علمية
مارست التجريب والمشاهدة..
فتعلمت من أبسط الفلاحين فى قريتها
زرعت أرضها بيدها
فاكتشفت العلاقة العميقة بين العلم والعمل
والصلة بين الأرض والنبات والإنسان
وصارت قدوة لفلاحى المنطقة

،،،،،،،،
أجرت تجارب حقلية لزراعة الأرز وفرت بـها 60 % من ماء الرى فى 2003
بإشراف معهد بحوث المياة وطبقتها فى أرضها وعممتها على فلاحى قريتها
قراروقف زراعة الأرزبالفيوم بدواعى قلة مياة الرى
أوقف غسل الأرض بماء الرى وأدى لتدهورالتربة الزراعية
قبل أن يقضى على دخول الفلاحين ويغلق مضارب الأرز
الاستمرار فى زراعة الأرز بالفيوم ممكنة بحصتها السابقة من ماء الرى
مع الحفاظ على مستوى إنتاجية الأرض وخصوبتها

،،،،،،،،،،،،

نموذج نادر للفلاحين المصريين، وطراز فريد لامرأة فرعونية ..لا تقابل مثله إلا كل عدة عقود من السنين وربما كل قرن ، يعيدك أو يرد ذاكرتك إلى بداية الحضارة.. حيث استقر الإنسان على شواطئ الأنهار واكتشف الزراعة .. وعمّر الأرض المحيطة .. ونشر التآزر والتعاضد والمحبة… وأوصلته خطواته إلى ما بعد حدود النظر.
إنه الفلاحة العظيمة البسيطة بنت قرية بياهْمو مركز الفيوم نوال خميس .. كريمة الأستاذ إبراهيم محمد خميس ووحيدته .
أطلت على الدنيا فى خريف عام 1936 وبالتحديد فى 11 نوفمبر، ومنذ جلوسها على مقاعد الدراسة فى المرحلة الابتدائية أمدها أبوها بفيض من الحب والنصائح والكتب.. وأثار فضولها ونهمها لممارسة الزراعة .. وبث فيها جماع خبرته بالحياة والأرض وكل آماله .. فأينعت ونمت وصارت باسقة ومثمرة وكانت خير معين له فى زراعة الأرض ومحطا للافتخار بما كانت تغله من إنتاج وبما حققته لأبيها من سمعة ناصعة متألقة على المستويين المهنى والاجتماعى ..
لقد أطالت نوال خميس عنق والدها كزرافة تبلغ – بيُسر- أبعد مما يحققه – بعناء- أكثر الأبناء موهبة وفطنة وعلما ليس فى قريتها فقط بل فى محافظة الفيوم بكاملها، فأصبحت الفتاة اليانعة فلاحة مقتدرة، وصارت البنت الوحيدة عمودا ثابتا يقيم خيمة الأستاذ إبراهيم خميس ويشد أركانها بقوة واتزان .
تزوجت نوال وانتقلت لمنزل زوجها بمدينة الفيوم .. ومعها حملت ذكرياتها فى القرية وتاريخها القصير فى حرفة الزراعة .. وآمالها وطموحها فى معشوقتها الأثيرة .. الأرض الزراعية لمدة لا تتجاوز سنتين؛ عادت بعدها بصحبة أسرتها الجديدة إلى كنف قريتها بيهْمو حيث دفء مهدها القديم؛ عادت بكل آمالها وما استجدّ عليها .. إلى أحضان أرضها وزراعتها – مثلما تعود السمكة إلى الماء – لتستأنف نشاطها فى تربية النباتات وتنشئة الأبناء.

وإزاء المسئوليات الأسرية الجديدة كنت تضبط الساعة على حركتها:

• تستيقظ فى السادسة والربع صباحا وتعد الإفطار لأسرتها.
• فى السابعة والربع تنتهى الأسرة من الإفطار، ويخرج الزوج والأبناء إلى عمله ومدارسهم.
• فى السابعة والنصف تكون فى الأرض .. تمارس عملها أو تشرف عليه حتى الثانية عشرة ظهرا.
• فى الثانية عشرة والنصف تعود للمنزل لإعداد الغداء واستكمال الأعمال المنزلية.
• فى الثانية والنصف مساء تجتمع الأسرة على مائدة الغداء، وبعده يخلد الزوج للنوم بينما يبدأ الأبناء مذاكرة دروسهم بمساعدتها فى سنوات الدراسة الأولى.
• فى المساء تعد لأعمال الزراعة لليوم التالى، وتمارس حياتها مع أسرتها الصغيرة ومع والديها ، وأحيانا تقوم ببعض الزيارات العائلية فى عطلة نهاية الأسبوع .. وهكذا.
• ولا يختلف هذا النظام إلا فى مواسم الإعداد للزراعة ؛ ومواسم الجنى والحصاد ؛ ومقاومة الآفات الزراعية ولفترة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع.

فى أى مجالات الزراعة نشطت ؟ :

لأن فلاحتنا نشأت فى إحدى قرى محافظة الفيوم فقد كانت زراعة الأرز هى إحدى مجالات نشاطها .. ناهيك عن كونها إحدى شواغلها.
فأرض الفيوم نشأت منذ القدم بعيدة عن الوادى ، ووصلتها مياه النيل بسبب انخفاضها عن أرضه ؛ حيث تسمى هذه المنطقة بمنخفض الفيوم.. وهناك تتجمع المياة فى بحيرة قارون، ولأن الطبقات الصخرية فى تلك المنطقة قريبة من التربة الزراعية.. وبسبب انخفاض المنطقة منسوبة لوادى النيل كما ذكرنا .. فقد ساهم كل ذلك فى ظهور آثار تلك الطبقات الصخرية وما تحملة من أملاح على التربة الزراعية ؛ ومن ثم كان الاحتياج لغسيلها يمثل أحد الشروط التى تضمن نجاح عملية الزراعة لكثير من المحاصيل فيها.
فى وقت سابق كان فلاحو الفيوم يزرعون نبات السمار- يصنع منه الحصير- الذى يحتاج لكميات كبيرة من المياة مثل الأرز مما كان يساعد فى غسل التربة التى تتم زراعته فيها؛ ولأنه كان محصولا اقتصاديا فى ذلك الوقت حيث يصنع منه الحصير- الذى يغطى أرضيات منازل الأغلبية الساحقة من الفقراء وكذا أرضيات المساجد وغيرها كما كان يستخدم فى الأعياد والموالد والمناسبات والاحتفالات الدينية- فقد ساهم ذلك فى استمرار غسل التربة بماء رى محصول السمار.
وهكذا بانخفاض القيمة الاقتصادية للسمار لتناقص استخداماته السابقة فقد استبدله الفلاحون بنبات الأرز ؛ وبسبب وفرة مياة نهرالنيل .. لم تظهر مشكلة تملح تربة الفيوم الزراعية إلا فى العقود الأخيرة نظرا لتزايد استخدامات المياة فى أغراض غير زراعية وغير اقتصادية.
ومنذ الموسم الزراعى 2008 / 2009 واستنادا لصدور قرارات إدارية بوقف زراعة محصول الأرز فى 5 محافظات منها الفيوم ؛ عادت مشكلة تملح التربة الزراعية أكثر تفاقما من أى وقت سابق، حيث أن وقف زراعته فى محافظات الوادى التى يختلف تكوين تربتها عما هو الحال فى الفيوم ولا تعانى من مشكلة التملح لا يمثل مشكلة للأرض الزراعية فيها بصرف النظر عما يسببه من مشاكل أخرى لزراع الأرز أو لأصحاب المضارب أو للجمهور المستهلك له. وعليه لم تعانى تربة المحافظات الأخرى التى أوقفت فيها زراعة الأرز كما عانت تربة محافظة الفيوم استنادا إلى افتقار تربتها لعملية الغسيل المشار إليها.
لذلك كانت زراعة الأرز إحدى شواغل فلاحتنا القديرة .. وكانت مياه ريه تشكل هاجسا آخر من هواجسها .. فماذا فعلت فى الأمر؟!
• أولا.. لمحاصرة إهدار المياة فى رى الأرض المستديمة التى يزرع فيها الأرز بما يسمى رية الغمر قبل الزراعة.
• وثانيا .. لتقليص ما يتم تبديده من مياه فى الريات الاعتيادية والتى تتم كل 3 أيام بعد الشتل.. وهكذا.

لقد قامت بزراعة الأرز على مصاطب بالشكل الآتى:

1- قسمت الأرض إلى مصاطب( شرائح ) بعرض 85 سم أ وأقامت خطا – على شكل رقم سبعة – على المصطبة بعرض 35 سم ؛ وتركت بقية المصطبة خالية.
2- بعد رية الغمر الأولى ( للتخلص من الأملاح الضارة والزائدة ) نقلت الشتلات إلى الأرض المستديمة على جانبى الخط فقط .
3- روت الأرض كل 7 أيام وذلك بتمرير الماء فى وسط الخط فقط بعيدا عن بقية المصطبة.
4- ولأنها واثقة مما تفعل فقد أشركت معهد بحوث المياة فى القناطر الخيرية فى التجربة التى أشرف عليها د. يسرى عطا الله.. حيث وضع جهازا لقياس معدل تصرف ( مرور ) الماء المستخدم فى الرى فى مدخل قناة الرى عند نقطة التقائها بالحقل.
هذا وقد اسفرت التجربة عن النتائج التالية:
– استهلاك الأرز المزروع بهذه الطريقة من ماء الرى لا يتجاوز 40 % من كمية الماء المستخدمة فى الطرق التقليدية فى الزراعة والرى.
– الأرز الناتج لم يتعرض للرقاد (الميل على جانبه) عند الحصاد.
– كما لم يتعرض للعرق ومن ثم لا يحتاج لعملية تقليب كما هو متبع مع الأرز المزروع بالطرق الأخرى.
– زيادة المحصول بنسبة 4 % فى السنة الأولى ، 6 % فى الثانية.
– المساحة المغطاة بالشتلات عند الزراعة = مساحة الخط ÷ مساحة المصطبة =
35 سم ÷ 85 سم = 41 % من مساحة الأرض ..
وهو مايعنى عدم ارهاق كل مساحة الأرض من ناحية، والحفاظ على الجزء الأكبر من خصوبة التربة من ناحية أخرى.

كما قامت بنقل تجربة استثنائية (تعلمتها فى زيارة تدريبية سريعة إلى إندونيسيا فى عام 2003 )
وتسمى زراعة الأرز بدون ماء ، ولتوضيح ماقامت به نوال خميس نذكّر أن الطرقة التقليدية المتبعة فى زراعة الأرز فى مصر تتم كالآتى:

1- إعداد الأرض للزراعة ، بعمل أحواض فى الأرض المستديمة التى تروى غمرا- للتخلص من الأملاح الزائدة والضارة- قبل نقل الشتلات إليها.
2- تروى الأرض بعد ذلك بشكل منتظم كل 3 أيام حتى قبيل الحصاد، وهذا يعد مبالغة فى استخدام المياة.. إلى حد تسميته بهدر مياه الرى.
ولذلك يتضح من الطريقة التى استخدمتها نوال خميس فى زراعة الأرز مدى الفارق الشديد مع الطرق التقليدية:
1- أعدت الأرض المستديمة وروتها غمرا مرة واحدة للتخلص من الأملاح الزائدة والضارة وتركتها 15 يوما .. ثم تخلصت- بعزق الأرض – من الحشائش التى ظهرت.
2- قسمت الأرض إلى مربعات طول ضلعها 25 سم ؛ ونقلت الشتلات إليها- فى عمر عشرة أيام وبطول يتراوح بين ( 1- 2 سم ) – مزروعة على رؤوس المربعات.
3- روتها مرتين كل 7 أيام ؛ ثم بانتظام كل 15 يوما حتى طرد ( ظهور ) السنابل، ثم كل 7 أيام حتى قبيل الحصاد نظرا لاحتياج السنابل للماء حتى تمتلئ، وإلا تعرضت الحبوب للضمور بسبب قلة الماء.
وهذه الطريقة تحتاج لحرص شديد ودقة بالغة ومتابعة مباشرة فى الأيام الأولى لعملية الزراعة وهى توفر الماء وتبكر موعد نقل الشتلات

وبسبب صلاتها الوثيقة والمستمرة بالبحاثة الزراعيين وبمراكز البحوث .. حصلت على إحدى سلالات الأرز المهجنة من د. فوزى نعيم مدير مركز بحوث سخا بكفر الشيخ والمستشار بمعهد بحوث الأرزوأسفرت زراعتها فى أرضها عن:

1- وزن التقاوى المستخدمة للفدان 6 كجم أى لا تزيد عن 10 % من وزن تقاوى السلالات الأخرى 60 – 70 كجم لكنها تزيد فى الثمن بـ 15 جنيها.
2- ينتج النبات فى السلالة الهجين ما بين 75 – 86 خلفة ، بينما لا يتجاوز عددها 50 – 60 خلفة فى طرق الزراعة والسلالات الأخرى.
3- يحمل العود الواحد حوالى 160 حبة ولا يتجاوز العدد فى الطرق والسلالات الأخرى 95 – 105 حبة.
4- ينتج الفدان 6,5 طن من المحصول بينما فى السلالات الأخرى والطرق التقليدية لا يزيد عن 3 – 3,5 طن.
الأهم من كل ذلك أن نوال خميس لم تستأثر لنفسها بتلك النتائج التى حصلت عليها فى كل التجارب المتنوعة التى أجرتها بل أعلنتها على الملأ .. وروّجت لها بين فلاحى قريتها وفلاحى مراكز الفيوم الستة فقامت بإلقاء العديد من المحاضرات لتحفيز الفلاحين لزراعتها ، وسعت لدى المسئولين بالمحافظة لتبنيها.. فهى تدرك أن ما وفقها الله فيه من نتائج علمية ومحاصيل وفيرة يجب أن تعم خيراته كل الناس الذين يمتهنون نفس المهنة .. لسبب بسيط أنها تتبنى قناعة منذ صغرها مفادها من جد وجد ؛ ومن وهبه الله ..لابد أن يفيض بخيره على المحيطين به.. لأن الله سخره لتلك المهمة فى خدمة البشر.. حسبما أشارت كلماتها.

ســـــــر التفــــــوق

لقد رشفت فلاحتنا القديرة من الأرض بعضا من سمرتها ميزت لون بشرتها.. وأدركت منذ طفولتها كثيرا من خصال الأرض – التى لا يعرفها الكثيرون – فتشربتها بالمعايشة شيئا فشيئا.. وكانت بمثابة ختم الاعتماد .. أوالوثيقة التى تربطها بها على الدوام.

فالأرض ترى وتحس وتتأثر مثل أى كائن حى : تعطى من يعطيها ؛ وتفيض على من يغدق عليها الجهد الوفير والدأب والمثابرة، تبتسم لمن يعايشها ويعتنى بها ليل نهار؛ وتعبس فى وجه من يهملها ويدير لها ظهره ويتركها عرضة للغرباء من الحشائش والطفيليات والكائنات والآفات الفتاكة، تُقبل على من يضع فى أحشائها البذور والأجنة فتعطيه الخلف والنسل والمحصول ؛ وتُعْرض عمن لا يحافظ على خصوبتها ولا يستثمرها .. فتبقيه وحيدا بلا عائد ولا وفرة ، وتسعد بمن يحميها و يرعى ما تطرحه من ثمر؛ وتبتئس ممن يتجاهلها أو يقصّر فى واجباته نحو زرعها.
من هنا اختارت نوال أنسب الطرق والأساليب للتعامل معها .. فلم يكن الأمر قاصرا على العلم وحده بل كانت المعايشة والعمل اليومى؛ والتجريب والمشاهدة ؛ والجسارة والثقة بالنفس وقبل هذا كله صلة العشق التى تربطها بالأرض .. كانت جانبا هاما وربما مساويا للعلم عندها ولا نبالغ إن قلنا أنها -أى صلة العشق- كانت المفتاح الذى فك لها رموز لغة الأرض فأصبحت تجيد التخاطب معها؛ إنها لغة خاصة أدركت بها كثيرا من أسرارها ، وبذلك تجاوزت حشدا هائلا من الدرجات العلمية الرفيعة فى الزراعة.
لقد امتلكت نوال خميس بعضا من أسرار العلاقة بين الأرض والنبات والإنسان .. فتفوقت وأنجزت:

1- عندما اقترح أحد الأساتذة المشاركين لها فى إحدى التجارب أن يقوم بتسميد الزرعة فى مرحلة من مراحلها .. لم يكن هذا رأى فلاحتنا القديرة ..ولكى تجعل برهانها عمليا اقترحت عليه تسميد جزء من أرض التجربة وإبقاء جزئها الآخر دون تسميد.. ووافق الأستاذ ، وبعد شهور أفصحت النتائج عن دقة تقديرها .. فقد رأت أن إضافة السماد فى تلك المرحلة وهذه الحالة سوف يفضى إلى زيادة النمو الخضرى على حساب عملية التزهير والعقد ( الإثمار) وهو ما قطعت به نتائج التجربة.
2- وفى حالة أخرى رأت أن ترك مساحة من أرض المصطبة خالية [ إبان زراعة الأرز بطريقة الشرائح ( المصاطب ) ] يعنى ترك مخزون غذائى للنبات يستعمله فيما هو قادم من عمره ويتيح له الفرصة ليتمدد ويتفرع ومن ثم ينتج كماّ من الأوراق يساهم فى إمداد الثمار بالغذاء اللازم؛ ويساعدها فى زيادة حجمها بما تختزنه من عناصر ومواد غذائية ترفع جودتها وقيمتها الغذائية، ومن هنا رفضت شغْل الجزء الخالى من الأرض بتحميل محصول آخر على نبات الأرز.
3-ومن ناحية ثالثة فإن تجربتها فى ” زراعة الأرز بدون مياة ” بنقل شتلاته فى عمر 10 أيام للأرض المستديمة بدت كنوع من المغامرة .. وبدا استخدامها رية غمر واحدة طوال الزرعة نوعا من التقتير على نبات الأرز فى الرى .. وبدا ابتداعها لنظام رى مغايرلما اعتاد عليه الآخرون ( كل 7 أيام – ثم كل 15 يوم حتى ظهور السنابل – ثم كل 7 أيام ) بدا نوعا من الحذلقة .. لكن النتائج التى أسفرت عنها التجربة أكدت صحة تقديراتها ؛ وأكدت أن نقل الشتلات وهى بطول 1- 2 سم للأرض المستديمة ليس مغامرة طالما روعيت بدقة كل الشروط الأخرى التى اقترحتها فى الزراعة بهذه الطريقة.

4- من هنا رأت نوال خميس أن زراعة الأرز بمحافظة الفيوم هو علاج لتربتها الزراعية ذات الأساس الصخرى من عمليات التملح التى تصيبها إذا لم يتم غسلها بماء رى الأرز.. على الأقل رية واحدة غمرا خلال مدة الزرعة ، وذلك بخلاف أنه محصول ذو جدوى اقتصادية عالية بالنسبة للفلاحين، ومنع زراعته يضر بهم ضررا بليغا كما أنه يعرض مضارب الأرز للكساد والتوقف عن العمل.. ويرفع أسعاره على مستهلكيه.

5- أما التداعيات الأخرى فأشد خطورة ..حيث أن المحاصيل البديلة للأرز كالذرة والبوص الشامى تتأثر بتدهور صفات التربة وينعدم إنتاجها للحبوب وتصبح زراعتها قاصرة على كونها علفا للحيوان لا تلبث أسعاره أن تتهاوى بفعل زيادة المعروض منه عن الطلب عليه من ناحية وفى نفس الوقت لا تنتج للسكان مايسد الفجوة التى خلقها وقف زراعة الأرز بالمحافظة من ناحية أخرى.. ناهيك عن ارتفاع الأسعار.

6- وهذا ما أكدتْ عليه مع كل المسئولين فى المحافظة وغيرها وطالبتهم مرارا بإعادة النظر فى قرار وقف زراعة الأرز .. الذى لا تقتصر أضراره على الجوانب الاقتصادية للفلاحين والمستهلكين وأصحاب مضارب الأرز بل تتجاوزها إلى دهورة صفات التربة الفيزيائية والكيماوية.

7- لقد قدمت بتجاربها المتعددة فى زراعة الأرز- والتى عرضنا موجزا لبعضها فى الصفحات السابقة- دليلا عمليا وعلميا هاما على إمكانية زراعة الأرز بنفس مناسيب وكميات المياه المخصصة لمحافظة الفيوم قبل وقف زراعته وبالتالى تجنب تدهور صفات التربة ودرء الأضرار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن وقف الزراعة ، والأهم من كل ذلك هو تدبير مياة الرى التى كانت تهدرها طرق الزراعة والرى التقليدية فى زراعة الأرز.
لقد أفصحت تجربة زراعة الأرز التى أجرتها فلاحتنا القديرة تحت الإشراف المباشر لمعهد بحوث المياة عن استخدام طريقة فى الزراعة ونظام للرى يوفر مابين 50 % – 60 % من المياة ويحافظ على نفس المستوى من إنتاجية الأرض وخصوبتها.. وذلك يعنى انتفاء السبب الذى صدر بموجبه قرار وقف زراعة الأرز فى 5 محافظات تدبيراً للمستهلك فى ريه من مياة النيل ؛ وبذلك تصبح الكرة فى ملعب الجهات المسئولة المصدرة للقرار خصوصا وأن عددا من فلاحى الفيوم قد استخدموا هذه الطريقة لسنتين متتاليتين في زراعة الأرز قبل وقف زراعته.
تقول نوال خميس.. تفسيرا لعدم الإنصات لتجربتها العملية التي نفذتها ونقلها الفلاحون إلى حقولهم : ” المسئولين مش عاوزين وجع دماغ ” .. وهي عبارة ديبلوماسية يمكن قراءتها بأكثر من طريقة، وبسؤالها عن: لماذا لا يريدون وجع الدماغ؟ تجيب: كلنا بشر.. وكلنا نخطئ.. وإمكانية علاج الأخطاء ممكنة.. ويمكن تداركها.

8- هذا وقد زرعت فلاحتنا القديرة القطن.. وحصلت على أعلى إنتاجية له في محافظة الفيوم.

9-كما زرعت الزهور بالذات زهور ستاتيز ( statize) بمشاركة وتعاون خبراء هولنديين.. وصدرتها للأسواق الأوروبية في فترة ديسمبر ويناير التي تتوقف فيها زراعة وتصدير الزهور الهولندية لأوربا، إلا أن التجربة التي استمرت عامين أوقفتها منافسة الزهور الإسرائيلية التي أغرقت الأسواق الأوروبية آنذاك.

10-وفي عهد د. محمود داود محافظ الفيوم أجرت نوال خميس عام 1972 تجربة أخرى لزراعة القطن والبطيخ والشمام مبكرة شهرين عن مواعيدها المعتادة.

– حيث أعدت المشتل للمحاصيل الثلاثة في شهر ديسمبر ووضعت البذور (2- 3 بذور) في أكياس بلاستيك مختلطة بعينة من التربة.. ووالتها بالرش بالماء حتى الربع الأخير من فبراير.
– أعدت الأرض المستديمة للزراعة (12 خط،/ 2 قصبة للقطن)، (6 مصاطب/ 2 قصبة للبطيخ والشمام).
– نقلت إليها الشتلات بأكياسها بعد شق الأخيرة من قاعها دون التخلص منها.. ورصتها مرتبة على الخطوط أو المصاطب، ثم روتها.. وهكذا.. وقد أسفرت التجربة عن نجاح واضح كانت نتائجه.. توفير شهرين تظل الأرض فيهما مشغولة بالبرسيم ، ارتفاع نسبة الانبات ، حجم الثمار ( لوز القطن، ثمارالبطيخ الشمام ) أكبر من المعتاد، وزيادة في الإنتاج بين 25 % – 30 % ، التبكير فى حصاد المحصول وتسويقه بما ينعكس على أسعاره في السوق..
لكن الملاحظ أن التجربة تحتاج إلى جهد كبير ودقة متناهية، ويصعب تعميمها في ظل المستوى الراهن من الوعي الزراعي.. لكنها بالقطع ليست مستحيلة التطبيق على نطاق واسع.

11-لم تقتصر جهودها على الزراعة.. والتجريب.. واستحداث طرق جديدة في الري والزراعة وخدمة المحصول.. بل تجاوزتها إلى إجراء تجارب تتعلق بمقاومة الآفات:
فعلى مدى سبع سنوات متصلة في نهاية السبعينات.. وبشكل يومي إبان وصول نبات القطن إلى عمر أربعة شهور وحتى قبيل النضج.. قامت شركة إنجليزية (I.C.I) متخصصة في مكافحة الآفات بإجراء تجربة علمية لمقاومة دودة ورق القطن.. في مساحة 10 أفدنة بأرضها بالقرية ، وبينما كانت دودة الورق تقاوَم في المساحات المجاورة بطريقة يدوية (تنقية اللطع) ثم بالطريقة الكيماية (الرش) فيما بعد.. قامت الشركة بمقاومتها بفيروس تمت تربيته في معامل خاصة بأحد مراكز البحوث الزراعية بالقاهرة.. تحت إشراف د. جلال معوض أستاذ مقاومة الآفات بوزارة الزراعة.. كان فريق البحث برئاسة د. Tober يترك دود الورق ينمو بحرية حتى يصل حجمه إلى ثلاثة سنتيمترات ليتم رشة بالمبيد الحيوي (الفيروس) برشاشات خاصة اعتبارا من الساعة السادسة والنصف صباحا.. وبالكشف على حشرات القطن في اليوم التالي يتضح قيام الفيروس بنهش أحشاء الدودة وتحويلها إلى كيس من السوائل.. يتم تحليله في معامل وزارة الزراعة بالقاهرة.

12-هذا وقد ساهمت فلاحتنا القديرة في التعاون مع أساتذة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة في أوائل الثمانينات في إجراء تجربة لمدة سنتين تتعلق بأسلوب الري المناسب لنبات القطن وبعدد الشجيرات الأمثل في الجورة أسفرت عن أن 15- 20 يوم هي الأنسب بين كل ريتين وأن خف القطن إلى شجيرتين في الجورة هو الأنسب للنمو والإزهار والإثمار.

وهكذا أجابت فلاحتنا القديرة بالتجارب والوقائع عن جملة الأسئلة التي طرحناها عليها فيما يتعلق بعلاقتها بالأرض والزراعة، وقرار وقف زراعة الأرز بخمس محافظات منها الفيوم وتقديرها لإمكانية تجنب الأسباب التي أدت لإتخاذ هذا القرار وآثاره الإقتصادية والاجتماعية.. على زراع الأرز ومضاربه ومستهلكيه، والآثار الفسيولوجية والكيماوية على بدائل الأرز الأخرى وعلى الأراضي ذات الأساس الصخري التي تغسل تربتها بمياه ري الأرز.. وعلى إمكانية تعميم طرق جديدة للزراعة والري ومقاومة الآفات، وكانت صراحتها في الرد قاطعة حيث ذكرت أن ري الأرز وزراعته بالطرق القديمة تمثل نوعا من هدر مياه النيل لكن استخدام الطرق الحديثة التي تناولتها في تجاربها يعالج كل هذه المشاكل بشكل جذري، وفرقت بين الطرق سهلة التعميم وبين الطرق صعبة التعميم على مجمل الفلاحين.. وفي عبارة عارضة وردا على سؤال وزير الزراعة الحالي لها بشأن: ما الذي يستطيع أن يقدمه للفلاحين؟ أجابت نوال خميس قائلة : أترك الفلاحين يزرعون ما يشاءون واتفق معهم على ضوابط محددة.. ومن يخالفها طبق عليه القانون. وهي بهذا الرد.. قالت كل شئ في كلمات موجزة نفسرها كما يلي:

1- يجب أن يكون الفلاح حرا فيما يريد زراعته.
2- يجب أن يتم التنسيق بين الفلاحين والدولة فيما يتعلق بما ستتم زراعته وبضوابطه التي لا يجب أن تتم من جانب واحد وهو الدولة.. بل بحوار مع من يقومون بالزراعة.
3- المخالف من الزراع والفلاحين يتم حسابه.

لكن الواضح هو: وإذا ما خالفت الدولة ما يتم الاتفاق عليه أو أخلت بوعودها كيف تتم محاسبتها؟ هذا مالم يتضمنه بشكل صريح رد فلاحتنا القديرة.. و ربما كانت تعني أن المخالف من الطرفين ( الدولة والفلاحين ).. يتم محاسبته.
– لقد ذكرت لنا – فى جملة سريعة- أنها لا تحب السياسة مع أن تاريخ نشاطها كله برغم ابتعاده عن الممارسة المباشرة للسياسة إلا أنه يصب فى تطوير الزراعة وزيادة الإنتاج وتوفير مياة الرى وحماية الفلاحين من تدهور أحوالهم الاقتصادية والاجتماعية وتدعيم وضع مصر الاقتصادى وسد الفجوة الغذائية إلخ وهى كلها أمور فى صميم السياسة.

سألنا نوال خميس عن الجوائز التي حصلت عليها.. فذكرت أنها ابتداء من عام 1967 توالت عليها الجوائز من وزراء الزراعة والري بدءا من سيد مرعي ومرورا بالدكتور مصطفى الجبلي وحتى محمود داود ومحمود أبو زيد وزير الري.. ومن محافظي الفيوم بدءا د. محمود عبد الآخر عام 1972 وعبد الرحيم شحاته ورأفت محمود.. ولم تقتصر تلك الجوائز على أعلى انتاجية فقط بل شملت زراعات كثيرة كالأرز والقطن والقمح، ومجالات مختلفة لترشيد الري ومقاومة الآفات وتصدير الزهور.
مما أسهم في ترشيحها للمشاركة في عشرات المؤتمرات العلمية في مصر والخارج ومنها مؤتمر منظمة الأغذية والزراعة (F.A.O)، والزيارات التدريبية كما حدث في زيارتها لإندونيسيا عام 2003، ومشاركتها في العديد من التجارب المتعلقة بطرق الزراعة والري ومقاومة الآفات.. وغيرها.
لكن الأهم من كل ذلك هو المثل الذي ضربته لنا جميعا فلاحين وزراع وأكاديميين وبحاثة في مجالات الزراعة والري ومقاومة الآفات الزراعية.. والذي وضعها في منزلة يصعب على الكثيرين بلوغها رغم امتلاكهم لإمكانيات وأدوات أعلى مما توفر لها ؛ وتتضاءل كل الجوائز التي حصلت عليها أمام إنجازاتها المتعددة والمتنوعة وأمام نجاحاتها التي أحرزتها سواء على المستوى المهني (الزراعي) أو الأسري أو الشعبي في قريتها بياهمو.
لقد أدركتُ من محاوراتي لها أن الجائزة التي تعتز بها وتقدرها حق قدرها وتتجاوز كل ماحصلت عليه من جوائز هي الثقة بالنفس والاعتزاز بما قدمته لمن يمتهنون حرفة الزراعة من إنجازات.. تراها هي مجرد مساعدات؛ ويتوج هذا كله شعورها الذي لا يمكنها إخفاءه من رضى بما حققته من طموحات.. زرعها فيها معلمها و صديقها ورفيقها وأبوها المرحوم إبراهيم خميس.. لدرجة تجاوزت كل ما كان يحلم بأن يراها عليه.. لقد وضع أمله وثقته فيها .. فحققت له ما أراد ولم تخذله.

ماذا عن رأى الملاصقين لها.. ؟

لقد أكد لنا من قابلناهم من أبنائها وأحفادها على كونها قيمة إنسانية واجتماعية ذات وزن.. فصوتها بالدور الأرضى من منزلها بقرية بياهمو يصعد لسكانه من الأحفاد والأبناء يزودهم بالسكينة ؛ وابتسامها ينشر فى نفوسهم البهجة ؛ وانشغالها يسرّب لهم القلق ؛ وعبوسها ينذر بالخطر.. لقد صارت ترمومتر المشاعر فى شجرة عائلة العم إبراهيم خميس. إن ثقتهم المفرطة فى تقديراتها وانصياعهم لما تقدمه لهم ببعد نظرها من نصائح منذ أن كانوا صغارا قد حدد حجم منزلتها فى عقولهم وقلوبهم.. تلك المنزلة التى بنتها الأيام والأحداث يوما بعد يوم ؛ حيث أصبحت تشكل لبعضهم مثلا أعلى وتحظى بتقدير أهل القرية من ناحية أخرى.

أما من التصقوا بها من الفلاحين فيؤكدون على خبراتها الهائلة فى مختلف جوانب العمل الزراعى التى تشربوا منها ؛ وميزتها عن كثير من الفلاحين البارزين .. بل وعدد من خبراء الزراعة وجعلتها محطا لأنظار الكثيرين منهم ومن المسئولين الجادين لتشاركهم المشورة والنصح ، كما يرون أنها شخصية جادة ومحددة وحاسمة وذات عزم شديد وإرادة قوية وطموح لا ينتهى وتواضع جم ؛ تعترف بالأخطاء ولا تكابر ، قادرة على القيادة خصوصا لمن يشاركونها زراعة الأرض .. وتنشغل بمشاكل الكثيرين منهم وتسعى لحلها.
وقد أفاد أقربهم لها ( العم حسين ) بقوله: لم أكن أتصور – عقب وفاة والدها – أنها قادرة على القيام بأعباء الأسرة والأرض لكنها فاجأتنا جميعا .

نوال خميس هي خليط استثنائى من العلم.. والإرادة.. والعمل.. والطموح..والثقة بالنفس لامرأة مصرية.. يشرفها أن تطلق على نفسها فلاحة قرية بياهمو بالفيوم..
ألا يجب أن ننحنى لها تقديرا ..؟!

الإثنين 2 أغسطس 2010 بشير صقر

نقيب أطباء البحيرة.. ناشط فى تجارة وسمسرة الأراضى الزراعية

• “مَلاك الرحمة ” يتخفى فى البالطو الأبيض .. ليحيل حياة فلاحى “عزبة السنطة ” لسواد مقيم

• اتفق المستأجرون على ثمن شراء الأرض من ملاكها فأفسد النقيب الصفقة

• رفع الثمن .. وكتب عقد الشراء بأضعافه.. ليقطع الطريق على الفلاحين

 رسالة لجنة التضامن الفلاحى- مصر :

• إلى الدولة : أوقفى تسرب الأرض الزراعية لتجار الأراضى ،وفعّلى قانون الزراعة لوقف تبوير الأرض الزراعية.

• إلى نقابة أطباء البحيرة: طهروا صفوفكم من تجار وسماسرة الأراضى- الأرض الزراعية لمن يفلحونها – البالطو الأبيض لملائكة الرحمة – ولا مكان فى النقابة لمن يحولوا الفلاحين لمشردين.

• إلى النقابة العامة للأطباء: ما فعله النقيب مع الفلاحين لا يختلف كثيرا عما فعله أمناء الشرطة مع أطباء المطرية – وأمثال المنيسى هم الطابور الخامس فى مسيرتكم البطولية .. فاحذروهم.
،،،،،،،،،،
مقدمة :
أفادنا فلاحو عزبة كامل خليفة ( السنطة) أمس السبت 20 فبراير 2016 بأنهم يستأجرون منذ منتصف القرن الماضى وحتى الآن مساحة 12 فدانا من الأرض الزراعية من ( السيدتين دينا ونهال الرومى ) ووكيلهما السيد/ حسام البحيرى المقيمين بالإسكندرية ؛ وأنهم سددوا إيجارها حتى نهاية السنة الزراعية 2014 /2015. ونظرا لأن ملاك الأرض يريدون بيعها فقد اتفق الفلاحون المستأجرون لها على شرائها منهم فى نهاية السنة الماضية بسعر ( 10 آلاف جنيه للقيراط ) ، إلا أنهم فى بداية العام الحالى طالب الملاكُ الفلاحين بتأجيل إبرام عملية البيع حتى يونيو القادم ؛ وبعد أسابيع فوجئوا بأنباء شراء ( محمد شوقى فوزى منيسى ) نقيب أطباء البحيرة للأرض .. ويفيد الفلاحون بأنهم عرفوا بأن النقيب رفع الثمن عما عرضوه على الملاك.. لكن الأهم هو أن ما تم تدوينه فى عقد البيع سعر قدره 25 ألف جنيه للقيراط حتى يقطع الطريق على الفلاحين المستأجرين فى وقف عملية البيع؛ لأنهم – من الناحية القانونية – الأحق بالشراء باعتبارهم مستأجرين وواضعى يد على الأرض .. ولذا فإن مضاعفة ثمن الأرض بهذا الشكل المبالغ فيه لن يمكنهم من وقف بيع الأرض للنقيب. من ناحية أخرى تهرّب الملاك من المستأجرين نظراً لحرج موقفهم. وهو ما يعنى أن يغادر المستأجرون الأرض ويتحولوا إلى مشردين خصوصا وأنهم 36 أسرة ولا يمتهنون حرفة سوى الزراعة ومن ثم فتجريدهم من الأرض يعنى – موضوعيا- القضاء عليهم ؛ بينما بقاؤهم فى الأرض بعد بيعها للنقيب فيعنى التعرض لصدامات دامية تعرّفوا عليها منذ حوالى 4 سنوات عندما جرّد نفس النقيب فلاحي ثلاث عزب أخرى ( عزبة شلبى البحرية والشرقية والقبلية ) من خمسين فدانا كانت تزرعها60 – 70 أسرة.. وهو ما يعنى أن الصدام ينتظرهم مع قوات الأمن التى ستساعد على تنفيذ عقد البيع المشار إليه. خصوصا وأنهم لجأوا لعدد من المسئولين منذ 24 يناير2016 كمحافظ البحيرة ومدير الأمن ومفتش الداخلية فضلا عن الرقابة الإدارية .. لكن رد الفعل لم يتضح لهم حتى الآن.

 قصة الأرض الزراعية فى البحيرة :

إبتلى الله محافظة البحيرة وأرضها الزراعية وفلاحيها بنوعين من أعداء الحياة ( الإقطاعيين، وتجار وسماسرة الأراضى الزراعية ) فمنذ صدور قانون الإيجارات الزراعية الأخير ( 96 /1992 ) يتولى الإقطاعيون فى محافظة البحيرة طرد الآلاف من الأسر الفلاحية من أراضى الإصلاح الزراعى وأراضى الأوقاف وأراضى الائتمان ولأنهم فى غالب الأحوال لا يمتلكون مستندات ملكيتها لم يلجأوا للقضاء لاستردادها وشرعوا فى طرد فلاحيها باستخدام الألاعيب والحيل القانونية من ناحية، وبالعنف والسلاح من ناحية أخرى ، وبالتضييق على زراعها من الفلاحين ( بإتلاف المحاصيل واقتلاعها من الحقول وحرث الأرض قبيل حصادها فى ظلام الليل من ناحية ثالثة. جرى ذلك قريتى سراندو والأبعادية مركز دمنهور فى مارس 2005 ونوفمبر 2009 ، وفى عزبة البارودى وعزبة محرم مركز الرحمانية فى يونيو 2008، ، وفى عزبة الأشراك والخمسين وأبو خراش مركز شبراخيت أعوام 2004 ، 2007 ، 2015 ، وفى العمرية مركز دمنهور أعوام 2005 ، 2007 ، 2010 ، 2011 ، وفى عزب قرية البرنوجى ( كوم المناصير ، والعفيرة ، والناموس) مركز دمنهور فى 9 يونية ، 9 أغسطس 2015 وفى 9 يناير ، 5 فبراير 2016 ..إلخ
أما تجار وسماسرة الأراضى فقاموا بذلك فى قرية إصلاح بولاد التابعة لقرية الأبقعين مركز حوش عيسى فى مارس 2010 ، لكن الحالة الأبرز لهم تتمثل فيما جرى فى سوق دمنهور فى مارس 2015 وقد شارك فيها ضباط شرطة حاليين وسابقين علاوة على علاء الشرقاوى أحد أهم سماسرة الأراضى فى محافظة البحيرة وهو فى نفس الوقت مستأجر سوق ماشية دمنهور من المحافظة علاوة على كونه أحد السواتر التى يتخفى وراءها كثير من مغتصبى أراضى الفلاحين من ضباط الشرطة أمثال طارق هيكل وعبد الرحمن العكازى ( فى قرية العمرية ).
وهؤلاء السماسرة والتجار يبورون الأرض بالمخالفة لقانون الزراعة ( 30 / 1966 ) تحت سمع وبصر الدولة ( داخلية ، وزراعة .. وحماية أراضى ) كما هو حادث فى مساحة الـ 6 أفدنة المحيطة بسوق الماشية المشار إليه ، ويستخدمونها فيما بعد كأراض للبناء وليذهب الفلاحون وأسرهم والرقعة الزراعية إلى الجحيم ليبيعونها بعشرات أضعاف ثمنها لو ظلت أرضا زراعية.

من هنا كان ما يجري فى أرض عزبة كامل خليفة ( السنطة ) يكتسب معناه و أبعاده الخطيرة وآثاره المدمرة على الفلاحين باعتبارهم بشرا لهم حق الحياة كما ينص الدستور وعلى الأرض الزراعية باعتبارها حصن الأمان لغذاء الشعب الذى لا يطلب إلا الستر.
خصوصا وأن ” ملاك الرحمة ” صاحب البالطو الأبيض نقيب أطباء البحيرة د. محمد منيسى له سابقة هامة فى هذا الشأن تحوله من شخص ( هاوى ) إلى عضو محترف فى نادى( قاطعى الأرزاق على البسطاء من الفلاحين ).

تمثلت السابقة فى أنه حذا حذو علاء الشرقاوى فى هذا النادى وقام منذ حوالى 4 سنوات – كما يؤكد فلاحو السنطة – بالاستيلاء – بنفس الطريقة- على حوالى خمسين فدانا من أراضى الفلاحين فى عزب شلبى البحرية والقبلية والشرقية يعيش منها ما يقرب من 65 أسرة بعد أن دارت بينه وبين مستأجرى هذه الأرض معارك دامية استمر بعضها نهارا كاملا وسقط فيها العديد من الجرحى والمصابين . من هؤلاء المستأجرين شعبان محمد طه ، محمد عبده غازى ، عبد المنعم غازى ، طه محمد طه ، وجمال وشعبان عسل .

 لذلك تشير ( لجنة التضامن الفلاحى – مصر ) إلى الملاحظات التالية :

– أن مستأجر الأرض الزراعية أحق بحيازتها وشرائها من أى شخص لا يمتهن الزراعة .. لسببين: أنه أسس حياته على الاستمرار فى زراعتها من سنوات طويلة ولا يمكن حرمانه من حق الحياة ولا من حق ممارسة الحرفة التى يتقنها ، ولأنه لن يفكر بل ولا يستطيع أن يحولها لأى غرض آخر غير الزراعة بينما أى شخص آخر يمكن أن يحولها لأرض بناء خصوصا من يمتهنون مهنتين ” كالطب ، وتجارة الأراضى ” على سبيل المثال.

– وفى حالتنا هذه فإن من أفسد عملية الشراء وحل محل الفلاحين هو طبيب وظيفته هى علاج آلام الناس وليس زراعة الأرض أو المتاجرة فيها أو الوساطة ” السمسرة ” فى صفقات البيع والشراء ولن يحظى منها سوى بمزيد من المال بينما لو بقيت مع المستأجرين فستظل تنتج لنا ولزراعها الغذاء وهو الشئ الأبقى للمجتمع.

– أن مهنة علاج البشر وتخفيف آلامهم ومعاناتهم تتعارض مع طردهم من مورد رزقهم الوحيد خصوصا وأن من يفقد أرضه ( ملكا أو إيجارا من الفلاحين ) يصبح بلا عمل ولا وظيفة بل ولا هوية فى القرية .. ومن ثم فلا يمكن لشخص واحد أن يمتهن مهنتين متعارضتين فى وقت واحد ، وعليه فى هذه الحالة لكى يكون منسجما مع نفسه ومع عمله أن يكف عن تشريد البشر ويكتفى بعلاج أمراضهم إلا إذا كان قد حوّل امتهانه للطب إلى تجارة تتفق مع تجارة الأراضى .. وتشريد زراعها وساعتها يجب أن يتوقف عن ممارسة مهنة الطب لكى يكون أيضا منسجما مع نفسه وعمله.
– أن ما جرى من علاء الشرقاوى وشركاؤه بشأن الأرض الزراعية المحيطة بسوق ماشية دمنهور بتبويرها وتسقيعها وتجهيزها للبيع كأراض للبناء تحت سمع وبصر الأجهزة المعنية هو نفس ما يقوم به نقيب أطباء البحيرة فهو لا يمتهن الزراعة وإنما يتاجر فى الأراضى الزراعية ، ويدعمه فى ذلك موظفون عموميون منهم مدير الجمعية الزراعية المختصة بمنشية راغب ( صابر إدريس ) علاوة على رئيس الجمعية الزراعية ( شعبان محمد فهيم) ويحمى ظهره آخرون منهم عمدة القرية (عمرو عباس منيسى ).

– ولأن حماية الأراضى لا تعنى مجرد وقف البناء عليها أو تجريفها؛ ولا تعنى مجرد القيام بإزالة المخالفات التى يرتكبها البعض عليها ؛ بل تعنى حماية أرواح وحياة القادرين على زراعتها والحفاظ على حرفتهم من الانقراض.

– إن متابعة الغرض الذى يجرى إعداد الأرض محل النزاع له فى الشهور القادمة ( بتحويلها إلى أرض بناء) هو ما يجب التنبه والتصدى له استنادا إلى المنطق ؛ وتطبيقا للقوانين السارية حتى الآن ( منع التجريف والبناء ) وحرصا على مصلحة الوطن العليا فى حماية مصادر الغذاء التى تتآكل يوما بعد الآخر.

إن استمرار عمليات تجريد الفلاحين من أراضيهم سيحول الريف إلى منبع دائم للعنف والإجرام والبلطجة ، فمن ينشأ من أبناء الفلاحين دون مورد رزق سيتحول إن آجلا أو عاجلا إلى مهنة الإجرام أو إلى جيش الإرهاب الذى مازلنا نعانى من آثاره أو سيحولهم فى أفضل الأحوال إلى جيش البطالة الذى يمثل عبئا على الوطن ويفرز كثيرا من الأمراض الاجتماعية بالغة الخطورة.

وعليه فلا حل أمام جميع أطراف المشكلة ( ملاك الأرض ، والمستأجرين ، ونقيب اطباء البحيرة ) سوى أن يشترى الفلاحون الأرض كما كان متفقا عليه قبل أن يُفسِد الدكتور محمد منيسى الصفقة ويخلق المشكلة.. وأن يتفرغ النقيب لمهنة الطب ويكتفى بما تحت يديه من أراض وعقارات ، لكى يعفى أجهزة الأمن من القيام – فيما بعد- بمهمة طرد الفلاحين من الأرض بالقوة بآثارها الوخيمة ، ولكى يجنب شعب محافظة البحيرة مخاطر هذا الصراع الذى تبدو إرهاصاته فى الأفق .. فغضبة أبناء الريف أشد بأسا وأوسع تدميرا من انتفاضات أبناء المدن التى تفجرت فى 25 يناير 2011 .

الأحد 21 فبراير 2016 بشير صقر .. لجنة التضامن الفلاحى – مصر

وفيما يلى أسماء بعض الفلاحين المستأجرين للأرض:
جابر حسين محمد حسانين – انور إبراهيم خليل قنطوش- سعيد محمد خليل قنطوش- كرم صبرى شعبان- محمد إبراهيم خليل قنطوش- حسين محمد خليل قنطوش – السعيد محمد الشرنوبى – سعد خليل إبراهيم قنطوش – رفاعى إبراهيم خليل قنطوش – وحيد إبرايم أحمد مطر – محمد رمضان عبده حميدة – السيد شحاته محمد كويح- عبد العزيز شحاته محمد كويح – جمعة رمضان عبده حميدة – محمد صلاح محمد إبراهيم – عبد الباقى محمد ضبش – ربيع عوض إبراهيم قنطوش – محمد ربيع محمد –محمد شحاتة محمد كويح – محمد جابر حسين – إبراهيم صلاح محمد كويح – محمد عبده الشرنوبى مطر – بسيونى بسيونى اسماعيل – عوض محمد قنطوش – إبراهيم إسماعيل الطنطاوى – أحمد محمد فرج سالم – إبراهيم عبد الوهاب أحمد – الشحات سعد محمود.

،،،،،،

يمكنكم الرجوع إلى بعض الأحداث التى تناولها الموضوع على أحد الروابط الثلاثة الآتية:

Tadamon.katib.org & falaheenmesr.net & ahewar.org/m.asp?i=1625

تعقيب على حديث الرئيس السيسى ووزير الإسكان بشأن مياه الشرب والصرف الصحى

بشير صقر
الحوار المتمدن-العدد: 5073 – 2016 / 2 / 12 – 04:10
المحور: الادارة و الاقتصاد

وافتنا وسائل الإعلام بحديث مقتضب لرئيس الجمهورية وتصريحات عن أزمة فواتير مياه الشرب فى افتتاحه لإحدى محطات المياه بمدينة 6 أكتوبر فى السادس من فبراير 2016 تضمن الآتى:

•أن تكلفة إعداد المتر المكعب من مياه الشرب 160 ( مائة وستون قرشا ) ، وتبيعه شركات المياه للمستهلكين بـ 23 ( ثلاثة وعشرين قرشا ).

•أن الاستهلاك اليومى لمياه الشرب يبلغ 25مليون متر مكعب بينما الصرف الصحى يبلغ 10 مليون متر مكعب وكسور.

•أن ” الدولة ما تقدرش تستمر فى تقديم الخدمة بالطريقة دى، ولازم المستهلكين يتحملوا تمنها” .

ونظرا لأن التصريحات السابقة كانت فى وجود وزير الإسكان الذى كان يقف على المنصة لشرح بعض مشروعات الوزارة وتندرج تحت مسئوليته مياه الشرب والصرف الصحى وخرجت الأرقام من فمه مباشرة؛ ولأن أرقام الاستهلاك التى ذكرها أرقام إجمالية لا توضح الفارق بين الاستهلاك المنزلى والاستهلاك التجارى واستهلاك أجهزة ووزارات الدولة .. وفى الاستهلاك المنزلى لا تفرق بين عموم المواطنين وبين أصحاب المنتجعات وملاعب الجولف وحمامات السباحة وغيرها ، ولأننا نعرف جيدا التكلفة الفعلية لإعداد المتر المكعب من الماء ليصير صالحا للشرب ، وجدنا من الواجب أن نراجع الرئيس بشأنها لأنها تجافى الحقيقة تماما ، وأن نضيف تعقيبا على التصريحات التى سمعناها منه فى افتتاح محطة المياه الجديدة بـ 6 أكتوبر لأن ذلك أيضا واجبنا ومسئوليتنا كمواطنين مصريين تجاه وطننا وشعبنا قبل أن يكون حقا مكفولا.. وهو كما يلى :

 الخلط بين إنشاء محطات مياه جديدة .. وبين إعداد المياه الصالحة للشرب فى محطات موجودة :

فى البداية يهمنا أن نوضح الفارق الشاسع بين إنشاء محطة مياه جديدة فى منطقة ما لمد مواطنيها بمياه الشرب العذبة والنقية وبين عملية إعداد المياه لتصير صالحة للشرب فى المحطات الموجودة حاليا سواء بالنسبة للمهمة المنوطة بالدولة فى الحالتين أو بالنسبة للتكلفة ويتمثل الفارق فى الآتى:

أولا : فى الحالة الأولى ( إنشاء محطة مياه جديدة) يتطلب الأمر :

أ‌-تحديد المساحة التى تقام عليها المحطة .. ثم بناؤها.

ب‌-شراء وتركيب الماكينات التى تقوم بالشفط والرفع وملحقاتها.

ج-تعيين أو انتداب أو توفير المهندسين والفنيين والعمال المنوط بهم تنفيذ الإنشاءات .

د-مد خطوط المياه من المحطة للمناطق المطلوب خدمتها مرورا بالشوارع والحارات والأزقة.

ثانيا : فى الحالة الثانية: إعداد المياه لتصير صالحة للشرب فى محطات موجودة بالفعل .. لا يحتاج الأمر إلا إلى :

أ‌-توفير مادة الشبة المستخدمة فى ترويق المياه ( البحارى )وثمن الطن حاليا 1400 ( الف وأربعمائة جنيه ).

ب‌-توفير الكلور السائل المستخدم فى تطهير المياه ( الارتوازية )وثمن الطن 1800 ( ألف وثمانمائة جنيه).

ج-توفير أجور العمالة والإشراف الفنى على عمليتى الترويق والتطهير وضخ المياه.

وشتان الفارق بين الحالتين فالأولى عملية تأسيس وإنشاء محطات لم تكن قائمة ، والثانية هى إدارة العمل فى إعداد المياه لتصير صالحة للشرب فى محطات موجودة بالفعل.

 ولأن الحالة الأولى خارجة عن نطاق تعقيبنا وتتكفل بها الدولة وأجهزتها المختصة من الميزانية العامة التى تمولها الضرائب المباشرة وغير المباشرة وتتولى فيها إنشاء المحطات ومد خطوط المياه حتى الشوارع والأزقة بينما يتولى المواطنون إدخال مواسير المياه منها إلى منازلهم وبناياتهم .. لذا فحديثنا يقتصر على الحالة الثانية التى تتصل بإعداد المياه الصالحة للشرب وتكلفتها .. ومن ثم ثمن بيعها للمستهلكين؛ مع الوضع فى الاعتبار أنها ليست سلعة تجارية كالدراجة والتليفزيون هدفها هو الربح بل هى خدمة أساسية وحيوية كالتعليم والصحة والإسكان ليس الربح هدفها بل إشباع حاجات المواطن استنادا إلى ما تعهد به الدستور الأخير وما تضمنته المواثيق والعهود الدولية لحقوق البشر ، لأنها تتصل مباشرة بحياة المواطن ، بل وتتساوى مع الهواء فى الحفاظ على الحياة ؛ وتتضمنها الأمثلة الشعبية عند الحديث عن نقص أو تدهور خدمة أخرى كالتعليم والصحة .. فيقال إنها كالماء والهواء.

إن تكلفة إعداد المياه الصالحة للشرب ( فى حالتنا الثانية ) يتم تمويلها من فواتير تحصيل قيمة استهلاك المياه بواسطة ( أجهزة المرافق وشركات المياه) وهذا هو مربط الفرس.

 بمعنى أنه لا يمكن الخلط بين الحالة الأولى و الثانية ؛ بين إنشاء محطة جديدة وتكلفتها من الخزانة العامة وبين تسيير محطة موجودة لإعداد الماء ليكون صالحا للشرب وتكلفتها من فواتير المياه لأن الخلط يوهم الكثيرين بأن الشكوى أوسع من حجمها الحقيقى ويحملها بأثقال الفساد والإهمال وحرمان قطاعات واسعة من خدمة حيوية (المياه العذبة النقية ) فى عهود سابقة من ناحية ويستخدمها لتسويغ إكراه المواطنين باستمرار لدفع ضرائب جديدة غير منظورة تتمثل فى قيمة فواتير مياه الشرب الجزافية من ناحية أخرى.

 أرقام وزير الإسكان الوهمية التى أكد عليها الرئيس

وأهمها ما حدده بشأن تكلفة إعداد المتر المكعب من المياه لتصير صالحة للشرب بـ 160 ( مائة وستين قرشا) ، وثمن بيعه للمستهلكين بـ 23 قرشا ( ثلاثة وعشرين قرشا) ، وهو يناقض الحقيقة تماما:

ففى عام 2001 قبل صدور القرار الجمهورى رقم 135 لسنة 2004 بتأسيس الشركات القابضة للكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحى كانت أجهزة المرافق بالمحافظات تبيع متر مياه الشرب بثلاثين قرشا واستمر ذلك لفترة تلت تأسيس هذه الشركات.. فكيف تبيعه فى عام 2016 بثلاثة وعشرين قرشا..؟ بل ولماذا شكوى المستهلكين إذن من ارتفاع قيمة الفواتير فى المناطق الشعبية والقرى والمدن الإقليمية إلى مئات الجنيهات بل وفى بعض الحالات إلى الآلاف إذا كانت الأسرة ( 5 أفراد )التى تستهلك 30 ( ثلاثين مترا من المياه ستدفع كل شهرين ( 23 ق ×30متر = 690 قرشا ) عشرة جنيهات على أكثر تقدير.

وحاليا ( عام 2016 ) لو قسمنا فاتورة قيمتها 100 جنيه على ثمن المتر (23 قرشا) الذى ذكره الوزير والرئيس لأدركنا أن الأسرة فى هذه الحالة تستهلك 100 جنيه ÷ 23 قرش = 435مترا مكعبا.. وهو رقم مذهل يكفى استهلاك الأسرة 26 شهرا.إذا افترضنا أن الأسرة تستهلك 30 مترا كل دورة ( شهرين ) أى فى العام 180 مترا مع ملاحظة أن المتر المكعب به 50 صفيحة والصفيحة 20 جالون.

 التكلفة الفعلية لإعداد المتر المكعب من المياه ليصير صالحا للشرب :

والدراسة المبسطة التالية تشكك بقوة ليس فى أرقام الوزير باعتباره مختصا ومسئولا فحسب بل وفى صلاحيته لتولى مثل هذا المنصب.

تكلفة إعداد المتر المكعب من المياة لتصير صالحة للشرب
( ارتوازى ، بحارى ) وعلاقتها بتقدير الشركات لقيمة الاستهلاك الفعلى

•من المعروف أن المتر المكعب من مياه الشرب ( الارتوازية ) يحتاج إلى 2 جزء فى المليون ( أى 2 جرام ) كلور سائل لتنظيف الشبكات وأكسدة الأملاح الذائبة والتطهير من الباكتريا والكائنات الحية الدقيقة.

•ويحتاج المتر المكعب من مياه نهر النيل ( البحارى ) إلى 30 جرام شبة صلبة للترويق .

•علاوة على أن ثمن طن الكلور وصل حاليا إلى 1800 جنيه والشبة إلى 1400 جم.. وكان فيما سبق أقل من ذلك.

•وعليه يُستخدم طن الشبة لترويق = 1000000 جرام ÷ 30 جرام/ متر = 33333 متر مكعب من المياه.

•وطن الكلور يستخدم لتطهير = 1000000جرام ÷ 2 جم / متر مكعب = 500000 ( أى نصف مليون متر).

•التكلفة الفعلية لاستخدام الشبة للمتر المكعب من المياه= (1400 جنيه × 100 قرش) ÷ 33333 متر مكعب مياه = 4,2 قرشا

•بينما تكلفة استخدام الكلور للمتر المكعب مياه = (1800 جنيه × 100 قرش) ÷ 500000 مترمكعب مياه =
36 ،..قرشا ( أى أقل من قرش )

•وهذا يعنى أن من يستهلك 30 مترا مكعبا من مياه شرب ارتوازية يتكلف كلور بمبلغ وقدره 36،.. قرش × 30 متر= 10,8 قرشا.

•بينما من يستهلك نفس الكمية من المياه البحارى يتكلف شبة قيمتها = 30 متر× 4,2 قرش= 126 قرشا .

•ولو أضفنا أجور عمالة تساوى قيمة الكلور أو قيمة الشبة فى الحالتين.. تصبح التكلفة لمن يستهلك 30 متر مكعب مياه تساوى :

1-فى حالة الكلور 10,8 قرشا كلور + 10,8 قرشا عمالة .. بإجمالى 21,6 قرشا.

2-فى حالة الشبة 126 قرشا شبة + 126 قرشا عمالة = 252 قرشا.

فكيف تتأتى الزيادة الهائلة فى الفارق بين التكلفة الفعلية ( استخدام الكلور والشبة + أجور العمالة فى الحالتين ) وبين ما يدفعه المستهلك ( أسرة من 5 أفراد ) كثمن لاستهلاك 30 متر من مياة الشرب ؛ بخلاف ما يدفعه من قيمة للصرف الصحى ( 30 % – 50 % من قيمة استهلاك المياه) ؛ علما بأنه يدفع عددا متنوعا من الضرائب المباشرة وغير المباشرة للدولة من المفترض أن توظف فى إعداد شبكات المياه وتوصيلها إلى حدود الكتلة السكنية بينما يتكفل السكان بتكلفة إيصالها إلى منازلهم .

وحتى لو أضفنا الشبة والكلور معا إلى نوعى المياه التى تتم معالجتها ( الارتوازى والبحارى) ولم نكتف بأحدهما فقط وجمعنا ثمنهما إلى تكلفة العمالة فلن تزيد التكلفة الفعلية الكلية لمن يستهلك 30 متر مكعب فى الشهر فى هذه الحالة الأخيرة عن الآتى :

21,6 قرش كلور + 252 قرش شبة = 276,6 قرشا أى أقل من 3 جنيهات.

ويظل الفارق بين التكلفة الفعلية وبين ثمن بيع المياه للمستهلكين واسعا ومبالغا فيه منسوبا إلى قدرتهم على السداد.
وعليه فالفوارق التى تحصلها شركات مياه الشرب والصرف الصحى لا يمكن توصيفها إلا بأنها نوع من الضرائب غير المنظورة وغير القانونية التى تثقل كاهل الكثير من المواطنين ؛ مع أن الضرائب فى الأعراف الضريبية لا تُحصّل إلا بقانون ، ولا يمكن لشركة من شركات المرافق العامة أن تفرض ضريبة أيا كان الرداء الذى ترتديه أو الساتر الذى تتخفى وراءه أو المسمى الذى تتخذه.

 الأمر الثانى فى حديث الوزير ومن ثم الرئيس :

أن ” الدولة ما تقدرش تستمر فى تقديم الخدمة بالطريقة دى ؛ ولازم المستهلكين يتحملوها ” هو أننا فهمنا أن ما يتم تحصيله من المستهلكين هى لمعادلة تكلفة إعداد المياه لتكون صالحة للشرب .. مع أن ما يتم تحصيله لا يذهب لخزانة وزارة المالية أوفى أحسن الفروض فإن أغلبه يبقى بعيدا عنها ، لأن إيصالات السداد فى شركات المياه تختلف عن الإيصالات الحمراء التى تذهب حصيلتها للخزانة العامة وهو ما يعنى أن تلك الشركات تتصرف فيها كيفما تشاء.

 نسبة الزيادة السنوية فى قيمة استهلاك المياه واستخدام الصرف فى (نظام المحاسبة بالممارسة ) أى فى عدم وجود عدادات:

هذا وبلغت نسبة الزيادة السنوية فى قيمة استهلاك المياه واستخدام الصرف فى 6سنوات عن الشقة( اشتراك رقم 2869/ 102/ 134 ) بنظام الممارسة بمحافظة المنوفية عن بعض سنوات الفترة 2004 – 2015 باعتبار سنة 2004 هى سنة الأساس كالآتى :

ارتفعت النسبة 4% عام 2007 – و 45 % فى عام 2010- و44،5 % عام 2012 – و203 % عام 2013 – و 284 % عان 2014 – و 422 % عام 2015 .

 أما المسكوت عنه فى قصة مياه الشرب والذى بدأ الرأى العام يتنبه له تدريجيا فليس رفع ثمن متر المياه الذى تخفيه الشركات عنهم فى فواتيرها ( بالامتناع عن إدراج القراءة الحالية والسابقة للاستهلاك ) وفرض أسعار متصاعدة كل عدة شهور.. بل للبنود التى تتضمنها الفواتير مثل [ “دمغة التعاقد السنوية” حيث لا يجرى التعاقد سنويا بل مرة واحدة عند إدخال الخدمة للمنازل والبنايات والتى أحيانا ما تتكرر أكثر من مرة فى العام، و “ملاحظة العداد” حتى ولو كان الحساب يتم بنظام الممارسة حيث لا توجد عدادات فى البناية على الإطلاق، و”متابعة أجهزة” التى يجهل جميع المستهلكين كنهها ، إلى “محافظة “.. التى لا يُفهم منها ما هو دخل المحافظة بشركات مستقلة ولا تخضع لإشرافها منذ تأسيس الشركة القابضة للمياه، إلى” أخرى ” التى تندرج تحتها مبالغ لا تحدد الشركة معناها…إلخ ] وهذه كلها مخالفات للوائح الداخلية للشركات وللقوانين المعمول بها فى هذا الشأن وللدستور؛ وهو ما دفع الكثيرين لمقاضاة الشركات لوقف تعنتها .

 باختصار التقديرات الجزافية هى طريقة حساب الاستهلاك الوحيدة، ومن هنا تواطأت شركات المياه على تقاعس موظفيها عن قراءة العدادات بطريقة دورية منتظمة فى مواعيد منضبطة لدرجة انقطاع بعضهم عن القراءة لمدد تبلغ 13عاما متصلة بينما لم ينقطع محصلوها عن الذهاب إلى المنازل لتحصيل قيمة الفواتير ولو مرة واحدة ؛ وهو ما أسفر فى كثير من الحالات عن مطالبة الشركات للمستهلكين بمتأخرات تدعى أنها متراكمة وتبلغ آلاف الجنيهات فى الوقت الذى لم يتخلف المستهلكون فيه مرة واحدة عن دفع الفواتير.. وهو ما أدى لظهور سوق جديدة فى أروقة ودهاليز الشركات اسمها ” سوق تسوية المتأخرات ” التى تعيد الشركات جدولتها “حسب الشطارة”.

 وفى نهاية تعقيبنا على حديث الرئيس يوم 6 فبراير 2016 وتصريحات وأرقام وزير الإسكان ننوه إلى أننا لم نتطرق لكل جوانب مشكلة مياه الشرب بل للأرقام التى تم ذكرها بشأن حجم المياه و الصرف الصحى وبشأن تكلفة إعداد المياه لتصير صالحة للشرب وثمن بيعها للمستهلكين.

فهناك من الكوارث والمخالفات – الدستورية والقانونية واللائحية – التى ترتكبها الشركات ما يندى له الجبين منها ما صرح به بعض مهندسى محطة مياه المرج بالقاهرة من تلوث مياه المحطة المضخوخة للمواطنين ، ومنها ما تحصله بعض الشركات من بعض الفنادق الضخمة حيث لا تتجاوز قيمة الفاتورة 100 جم ( مائة جنيه ) فى الدورة ( شهرين ) ، ومنها ما صرح به الموظفون المفصولون من شركة مياه القاهرة من فضائح، ومنها قيام بعض وزراء العدل بمنح حق الضبطية القضائية لعدد من مسئولى الشركات لتكون العصا التى يُساق بها كثير من المواطنين ممن لم تمكنهم أوضاعهم المالية من دفع قيمة فواتير المياه ؛ حيث يحرر لهم ممثلو الشركات ” محضر ضبط .. للامتناع عن تسديد فواتير المياه- وإهدار مال عام ” ، بل واعتراف كثير من محصلى الشركات بوهمية قراءة العدادات ومن ثم جزافية تقدير قيمة الاستهلاك.

 وإذا ما عرفنا أن شركات المياه هى المصدر الوحيد لبيع مياه الشرب وهى الجهة الوحيدة لتقدير حجم وثمن استهلاك المواطنين للمياه وأن الأخيرين لا يستطيعون رفض التعامل معها واللجوء لجهة أخرى للحصول على المياه العذبة النقية .. وأن الشركات تتمتع بوضع احتكارى فى علاقتها بالمستهلكين وتتسم عقودها معهم بسمة الإذعان إذا ما عرفنا ذلك لأدركنا حجم المأزق الذى يعيشه مستهلكو مياه الشرب خصوصا وأن حق الضبطية القضائية هو الوسيلة الجبارة التى تفرض عليهم الدفع أو الحبس .

ولا نستغرب إذا ما وصل لأسماعنا من خلال برامج التليفزيون قيام أهالى قرية الرهاوى وكفر حجازى بالجيزة بإقامة محطة خاصة لمياه الشرب لا تكلف المواطن منهم سوى عشرة جنيهات كل شهرين وتمدهم بمياه تقل نسبة الشوائب فيها عن مياه الشركات الحكومية.

ونعتقد أن الرئيس لو أنصت لعدد ممن أنشأوا محطات مياه خاصة مستقلة عن الدولة وعن شركاتها لأدرك أن حل مشكلة مياه الشرب أيسر وأقل كلفة وأسهل إدارة من تصريحات وأرقام وتصورات وزير الإسكان ولسارع بالكف عن تصديقه وترديد مقولاته المجافية للمنطق وللحقيقة.

فأجهزة شركات مياه الشرب والصرف الصحى جزء من جهاز الدولة المتخم بالفساد و المعادى للشعب ولثورته ، وقد ظل كما هو .. تديره قوى ما قبل 25 يناير 2011 فضلا عما التحق بهم من فاسدى ما بعد 25 يناير .. فكلاهما يحافظ على مصالحه وينتقم من الشعب الذى رفضهم وثار عليهم مرتين.

الخميس 11 فبراير 2016 بشير صقر

مرة رابعة فى أراضى الإصلاح الزراعى بمحافظة البحيرة : عدوان جديد على أراضى الفلاحين بعزبة العفيرة والناموس يتهمون فيها ورثة عائلة نوار الإقطاعية

،،،،،،
تواصل عائلة نوار الإقطاعية بالبحيرة الاعتداء على أراضى منتفعى الإصلاح الزراعى بقرى مركز شرطة دمنهور بعد ثلاثة وقائع مطابقة فى بحر السبعة شهور السابقة .. لم تسفر تحقيقاتها عن أية نتائج ملموسة.
ففى صباح اليوم 5 فبراير 2016 قام ورثة العائلة الإقطاعية – حسبما أفاد الفلاحون المجنى عليهم – بإتلاف محصولى البنجر والقمح لاثنين من الفلاحين فى عزبتى العفيرة والناموس التابعتين لقرية البرنوجى وجمعيتها الزراعية فى مساحة 40 قيراطا ( بحوض الكومبانية نمـ 4 قسم أول عبد الجواد ) بزمام العزبتين . هذا وقد استغل المعتدون من العائلة المذكورة حالة الظلام الدامس وهبوط الشبورة وانعدام الرؤية للعدوان على الأرض وإتلاف المحاصيل تماما.
وقد قام أحد المجنى عليهما ( رجب محمد الفرماوى ) بإبلاغ مركز شرطة دمنهور بالواقعة وأدلى بأقواله فى حضور وكيله ( الأستاذ محرم قناوى المحامى ) فى الساعة الحادية عشرة صباح الجمعة (5/2/2016 ) فى المحضر ( رقم 14 أحوال مركز شرطة دمنهور – 2016 ) وطالب باتخاذ الإجراءات القانونية ضد من اتهمهم من الأسرة الإقطاعية وهم ( مصطفى ، ومدحت ، وصبرى ، ومحمد محمد على نوار) وأضاف لهم من معاونيهم ( عبد الكريم راشد يونس وشقيقه محمود ، ومحسن عطية أبو حسين ).
هذا وقد قامت الشرطة كالمعتاد بمخاطبة الإدارة الزراعية المختصة بتشكيل لجنة لمعاينة الأرض موضوع الواقعة ، والإفادة بالتقرير الفنى عنها.
من جانب آخر لم يقم المجنى عليه الثانى حتى ساعته بإبلاغ الشرطة بشأن حرث محاصيله وإتلافها تماما علما بأنها تقع فى نفس الحوض على بعد يقارب الـ 500 مترا من أرض رجب الفرماوى.
وتشير ( لجنة التضامن الفلاحى- مصر ) إلى ثلاثة وقائع سابقة فى نفس المحافظة ونفس المنطقة التابعة لقرية وجمعية البرنوجى الزراعية المختصة نشرتها فى الشهور السابقة على الواقعة الحالية كانت أحدثها فى 12 يناير 2016 بعنوان ” فى بحر 7 شهور : ثلاثة جرائم لورثة الإقطاعيين فى قرية واحدة بالبحيرة ” خصوصا وأن المتهمين فيها هم نفس المتهمين (أبناء وورثة عائلة نوار الإقطاعية) والمجنى عليهم من منتفعى الإصلاح الزراعى بنفس الزمام وهو ما يوجب على الجهات الرسمية وبالذات أجهزة الأمن اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الانتكاكات التى تركز موضوعها فى فلاحى المنطقة وأرض الإصلاح الزراعى بها والمتهمون فيها هم نفس المتهمين فى الوقائع السابقة.
لقد اقترحت ( لجنة التضامن الفلاحى – مصر) فى مقالها المنشور فى 12 يناير 2016 الحل التالى:
[ ترى لجنة التضامن أن الحل – لمن يريد حلا – يتمثل فى :
1- مراجعة سجلات الإصلاح الزراعى بالقاهرة وليس فى البحيرة فقط لتحديد مساحة الأرض التى صادرتها قوانين الإصلاح الزراعى الثلاثة من جميع أسر عائلة نوار، وتحديد المساحة التى فُرِضت عليها الحراسة.
2-مقارنة ذلك بالإقرارات التى كتبها أفراد العائلة عند تطبيق قوانين الإصلاح الزراعى منذ 1952 ، والأهم مقارنتها بالمساحات التى تحت أيديهم حاليا مضافا إليها الأراضى التى باعوها منذ تولى السادات الحكم لأشخاص آخرين.
3- مراجعة سجلات الإصلاح الزراعى بالقاهرة بشأن( أراضى الاستيلاء) التى وزعتها الدولة على الفلاحين بنظام التمليك وهى الأراضى المصادرة من العائلة الإقطاعية ، وكذلك الأراضى التى فُرضت الدولة عليها الحراسة وتم تأجيرها للفلاحين ، لتحديد حقوق الفلاحين بدقة.]
وبذلك لا يمكن أن يكون تكرار هذه الجرائم سوى نوع من الإهمال أو التواطؤ الذى تفصح عنه نتائج التحقيقات والمعاينات التى جرت وتجرى على مدى ثمانية شهور متصلة.. أم أن هناك رأى آخر..؟
الجمعة 5 فبراير 2016 لجنة التضامن الفلاحى – مصر
بشير صقر

آخر التطورات فى أرض الإصلاح الزراعى بسرسو : الجنايات تعاقب24 فلاحا وفلاحة بالحبس لتنفيذهم حكما قضائيا .. رفضت شرطة الدقهلية تنفيذه .. وأ قرالإصلاح الزراعى مؤخرا بصحته وأمر بتنفيذه

الإصلاح الزراعى يقرر تنفيذ حكم قضائى (صادرعام 2007) بتسليم الفلاحين أراضيهم المغتصبة لحين الفصل فى التماس قدمه ورثة الإقطاع أمام محكمة القضاء الإدارى
ومحكمة جنايات المنصورة تصدر أحكاما بسجن 24 فلاحا وفلاحة6 شهور منهم14 مع وقف التنفيذ فى أحداث استردادهم للأرض فى يناير 2011
مقدمة :
سبقت أن أشرنا فى موقع اللجنة الإلكترونى خلال الشهور الأخيرة لأحداث طرد فلاحي بعض قرى طلخا ونبروه بالدقهلية من أراضيهم التى حصلوا عليها بقانون الإصلاح الزراعى ؛ كما تعرضنا لما سبقه من مطاردة لهم واحتجاز بمراكز الشرطة وتلفيق للتهم بغرض إضعاف مقاومتهم ، والقبض عليهم فى أعقاب اغتصاب أراضيهم بقرار تمكين من المحامى العام بالدقهلية لا يملك حجية أمام ما حصلوا عليه من أحكام قضائية بأرقام ( 2143 / لسنة 29 ق/ فى عام 1986 ، 3238 / لسنة 25 ق / فى 2007 ، ورفض طعن ورثة الإقطاعى فريد المصرى رقم 2489 لسنة 54 ق / فى يوليو 2014 إدارية عليا ) ، وترى مباحث الدقهلية أنها لا تصلح إلا للاستخدام فى دورات المياه.
ويُذكر أن أجداد وآباء الفلاحين الحاليين كانوا قد حصلوا على الأرض عام 1963 عندما كانوا جنودا فى اليمن وخيرتهم الدولة بين الوظيفة والأرض فاختاروا الأرض وقد وزعت عليهم بنظام التمليك وليس الإيجار كما يشيع الكثيرون.
الجديد فى الأمر :
أولا :
أرسلت هيئة الإصلاح الزراعى بالقاهرة فى 16 ديسمبر 2015 خطابا إلى مراقب عام الاستيلاء بها برقم 1277 بصدور قرار مجلس إدارة الهيئة فى جلسته رقم 267 فى 24 نوفمبر 2015 بعد مناقشة طلب ورثة ( فريد المصرى ) الذى يطالب فيه بتعليق أى تصرف فى شأن المنازعة ( بينهم وبين الفلاحين على الأرض ) لحين الفصل فى التماس إعادة النظر ( رقم 1115 لسنة 30 قضائية أمام القضاء الإدارى بالمنصورة ) الذى سبق لهم تقديمه.
هذا ( وبعد بحث الموضوع ) [ قرر مجلس إدارة الهيئة تنفيذ الحكم الصادر ( لصالح الفلاحين ) فى الدعوى رقم 3238 / لسنة 25 ق بتاريخ 4 يوليو 2007 طبقا لمنطوقه والأسباب المكملة له .. وذلك لحين الفصل فى الالتماس رقم 1115 / 30 ق . إ. المنصورة ]
وعليه قامت المرقبة العامة للحيازة بهيئة الإصلاح الزراعى بإخطار المدير العام للإصلاح الزراعى بمحافظة الدقهلية بالأمر وختمت خطابها بالعبارة [ مع موافاتنا بمحاضر تنفيذ القرار].. وقد وقعه المهندس علاء المغاورى مديرها العام.
ثانيا :
ومن ناحية أخرى أصدرت أمس (13 يناير 2016) محكمة جنايات المنصورة حكمها فى الدعوى رقم 1865 / 2012 الخاصة بقيام الفلاحين بأنفسهم فى 31 /1 / 2011 بتنفيذ الحكم القضائى [ الذى أقرت هيئة الإصلاح الزراعى بضرورة تنفيذه أخيرا كما جاء فى الفقرات السابقة ( أولا ) ] ، نظرا لرفض الشرطة القيام بتنفيذه كما يقضى القانون .. هذا وقد جاءت الأحكام كالتالى :
الحبس (غيابيا ) ستة شهور لكل من :
عادل عادل محمد .
السعيد عبد المحسن.
إبراهيم عمر الحنش.
محمد السيد عويضة .
الهلالى السيد الأنور.
الحبس ستة شهور ( مع وقف التنفيذ ) لكل من :
سنية على الجوهرى.
خديجة صالح الصعيدى.
نعيمة عبد الجواد أحمد.
زينب عبد الرحيم محمد.
إبراهيم يوسف العطافى .
محمد إبراهيم سليمان.
بلال عبد الحى فتح الله.
هانى إبراهيم عبد السميع.
حسن أبو عرابى.
السيد أحمد مصطفى.
رمضان عبد اللطيف على.
صبحى عبد الغنى سالم.
على محمد عبدالله.
عاطف إبراهيم شاهين .
وتشير ( لجنة التضامن الفلاحى - مصر ) إلى أن التهم التى وجهت للفلاحين فى هذه القضية وقضايا أخرى تلتها انتهى بعضها بالبراءة والبقية مازالت منظورة أمام القضاء، تراوحت بين اغتصاب حيازة الغير، وحرق مصنع ورثة المصرى للسيراميك الملاصق للأرض المغتصبة، وقطع الطريق العام ، والاعتداء على قوات الأمن ؛ وإتلاف المزروعات..إلخ .
وقد عاقبتهم المحكمة بالحبس والتنفيذ أو مع وقف التنفيذ لا لشئ إلا لأنهم قرروا إبان ثورة 25 يناير تنفيذ الحكم القضائى ( 3238 / 25 ق.إ فى عام 2007 ) بإستعادتهم لأرضهم الذى رفضت أجهزة الشرطة تنفيذه فى عهد مبارك وقررمجلس إدارة هيئة الإصلاح الزراعى مؤخرا الرجوع للحق وأمر بتنفيذه .
فهل يمكن لأولى العقل والحكمة وحماة القانون ومنفذيه أن يحلوا لنا هذه " الفزورة " التى تتضمن ازدواجية قانونية وسياسية واجتماعية من نوع فريد..أم أن شر البلية ما يضحك..؟!
الخميس 13 يناير 2016 بشير صقر .. لجنة التضامن الفلاحى - مصر

فى بحر 7 شهور : ثلاث جرائم لورثة الإقطاعيين فى قرية واحدة تشارك الشرطة فى إحداها لطرد فلاحى الإصلاح الزراعى بالبحيرة من أراضيهم ،،

فى عزبة كوم المناصير مركز دمنهور وفى حوض أم الغزلان .. وعلى مدى الشهور السبعة الأخيرة جرت ثلاث جرائم تستهدف طرد عدد من فلاحى القرية من أراضى الإصلاح الزراعى .
القصة معروفة لفلاحى المنطقة ومعادة ، وسلوك وأغراض الإقطاعيين وورثتهم من ذلك مفهوم ومفسر ، ودور شرطة البحيرة المتواطئ لا يشوبه أدنى شك؛ لذلك اتهم الفلاحون المجنى عليهم أحد ورثة عائلة نوار الإقطاعية ( مدحت محمد على نوار) بأنه وراء الجريمة حيث قام رجاله فى جنح الليل بإتلاف مساحة فدان ونصف من محصولى القمح والبرسيم يوم السبت 9 يناير 2016 ليستهلوا العام الجديد بسابقة جديدة من سوابقهم المعتادة ضد الفلاحين . فبعد تقليع نباتات القطن – قبل جنيه بشهرين- فى المرة الأولى ( يوم 9 يونيو 2015 ) وقبلها بحرق محصول القمح، وبعد قيام الشرطة بتجريف الأرض وإتلاف محاصيل البطيخ والذرة فى المرة الثانية ( 9 أغسطس 2015 ) جاء الدور على المحاصيل الشتوية .
ولأن الإقطاعيين السابقين وورثتهم لا يحوزون مستندات ملكية للأغلبية الساحقة من الأراضى التى صادرتها قوانين الإصلاح الزراعى الثلاثة والتى سبق توزيعها على فقراء ومعدمى الفلاحين بنظام التمليك بعد بحث حالتهم الاجتماعية .. لم يجدوا سوى البلطجة وسيلة لاسترداد الأرض؛ لأن لجوءهم للقضاء دون مستندات ملكية سوف يحسم الأمر لصالح الفلاحين بشكل نهائى.. وهو ما تجنبوه تماما.
وقد دعمهم فى ذلك جهتان حكوميتان .. الأولى هى هيئة الإصلاح الزراعى وفرعها بالبحيرة ؛ والثانية هى أجهزة الأمن .
هذا وقد سبق (للجنة التضامن الفلاحى – مصر) أن نشرت على موقعيها ( www.tadamon.katib.org ) ,www.falaheenmesr.net ) ) العديد من المقالات والتقديرات منذ المعركة الدامية التى جرت فى ( يوم الجمعة 4 مارس 2005 ) بعزبة سراندو مركز دمنهور والتى ذاعت أخبارها حتى وصلت الاتحاد الأوربى وتدخل فيها مطالبا بإعادة التحقيق فى وفاة الفلاحة نفيسة المراكبى بعد القبض عليها واحتجازها خمسة عشر يوما ؛ كما نشرت اللجنة مؤخرا عن الواقعتين الأولى والثانية بعزبة كوم المناصير فى 9 يونيو 2015 تحت عنوان [ هجمة تترية على فلاحى الإصلاح الزراعى ] ، وفى 9 أغسطس 2015 تحت عنوان [ بلاغ للنائب العام ] . وفى المقال الأخير اعتمدت الشرطة فى هجومها على الفلاحين على قرار إفراج مزيف عن بعض أراضى الإقطاعيين فى كوم المناصير بحوض أم الغزلان وللأسف كان قرار الإفراج بدون تاريخ وبدون رقم وموقعا من شخص اسمه صلاح الرفاعى تبين الفلاحون عند السؤال عنه فى هيئة الإصلاح أنه مسجون. كذلك أكد مدير إدارة الملكية والحيازة السابق (سعيد فريخة ) أن هيئة الإصلاح لم تصدر خلال عام 2013 أية قرارات إفراج عن الأرض بالمرة.. وهو ما يسقط مبررات شرطة البحيرة فى قيامها بتجريف محصولى البطيخ والذرة فى العزبة وادعاءها بأنها تنفذ حكما قضائيا على غير الحقيقة . مع ملاحظة أنه من المعروف أن قرارات الإفراج لا يُعْتد بها كسند للملكية وهو ما يعنى إن مديرية أمن البحيرة تعرف ذلك لكنها انحازت للأسرة الإقطاعية وخرقت القانون الذى من المفترض أن تحميه.
وتشير لجنة التضامن إلى ما قام به اللواء أحمد ضياء الدين مدير الإدارة القانونية بوزارة الداخلية فى واقعة مشابهة ليس بشأن قرار إفراج ولكن بخصوص حكم قضائى بتسليم بعض أراضى الإصلاح الزراعى لعائلة الفقى الإقطاعية بقرية ميت شهالة بالمنوفية حيث طالب الأسرة الإقطاعية بعدد من المستندات والأوراق القضائية التى تنسف الحكم القضائى من جذوره ، وحيث رفضت العائلة الإقطاعية تسليمها رفض ضياء الدين تنفيذ الحكم وظلت الأرض من وقتها تحت يد الفلاحين.
هذا وبشأن الجريمة التى وقعت فى فجر السبت 9 يناير 2016 تقدمت كل من راوية عبد الحميد عبد السميع وعائشة مسعود ياسين زوجتا عبد الحميد عوض عبد الرازق – ابن المنفع الأصلى بالأرض عوض عبد الرازق – ببلاغ عن الواقعة لأجهزة أمن البحيرة ( برقم 13 أحوال مركز شرطة دمنهور / يناير 2016 ) تتهمان فيه مدحت محمد على نوار بأنه وراء واقعة إتلاف محصولى البرسيم والقمح فى مساحة تقترب من فدان ونصف بحوض أم الغزلان بعزبة كوم المناصير ، وانتهى التحقيق بتكليف الجمعية الزراعية المختصة بمعاينة الأرض محل الإتلاف فنفذته يوم 10 يناير 2016 وكتبت تقريرها الذى تم ضمه لأوراق التحقيق تمهيدا لإحالة الموضوع للنيابة العامة .
ولذلك ترى (لجنة التضامن الفلاحى – مصر ) أن دعم الشرطة لورثة الإقطاعيين بالتعاون مع مديرية الإصلاح الزراعى بالبحيرة هو سياسة متبعة منذ عهد الرئيس الأسبق أنور السادات على نطاق مصر كلها والوقائع فى هذا الشأن لا تحصى ولا تعد حيث سبق لها القيام بذلك فى 9 مناطق بمحافظة البحيرة فقط هى [ سراندو ، قرية الكاتب مركز أبو حمص ، عزبة البارودى وعزبة محرم بالرحمانية ،وعزبة الأشراك بشبراخيت ، وعزبة العمرية مركز دمنهور( مرتين) ، والبرنوجى ، وسوق ماشية دمنهور وغيرها ]
ويدعم هذه السياسة بعض العلاقات الأسرية بين بعض المسئولين الكبار فى الدولة مثل ( اللواء عادل لبيب – محافظ البحيرة السابق ووزير الإدارة المحلية السابق ، واللواء سمير نوار بالحرس الجمهورى فى عهد مبارك ؛ فابن الأول زوج بنت الثانى ).
خلاصة القول أن الدولة ( ممثلة فى وزارة الزراعة وهيئة الإصلاح الزراعى وأجهزة الشرطة ) ترى وتسمع كل ما يحدث بالمحافظة ؛ بل وتشارك فى خنق الفلاحين وتتواطأ على عمليات الترويع والتهديد والبلطجة التى يشنها ورثة الإقطاعيين السابقين ، ولاتريد لهذه السياسة أن تتوقف إلا بطرد الفلاحين من الأرض .
ما هو الحل..؟ :
ترى لجنة التضامن أن الحل – لمن يريد حلا – يتمثل فى :
1- مراجعة سجلات الإصلاح الزراعى بالقاهرة وليس فى البحيرة فقط لتحديد مساحة الأرض التى صادرتها قوانين الإصلاح الزراعى الثلاثة من جميع أسر عائلة نوار، وتحديد المساحة التى فُرِضت عليها الحراسة.
2- مقارنة ذلك بالإقرارات التى كتبها أفراد العائلة عند تطبيق قوانين الإصلاح الزراعى منذ 1952 ، والأهم مقارنتها بالمساحات التى تحت أيديهم حاليا مضافا إليها الأراضى التى باعوها منذ تولى السادات الحكم لأشخاص آخرين.
3- مراجعة سجلات الإصلاح الزراعى بالقاهرة بشأن( أراضى الاستيلاء) التى وزعتها الدولة على الفلاحين بنظام التمليك وهى الأراضى المصادرة من العائلة الإقطاعية ، وكذلك الأراضى التى فُرضت الدولة عليها الحراسة وتم تأجيرها للفلاحين ، لتحديد حقوق الفلاحين بدقة.
هذا وتؤكد لجنة التضامن أن تلك هى الطريقة الوحيدة للتعرف على :
أولا :ما تم تهريبه من أراضى الإقطاعيين بواسطة قرارات الإفراج عن بعض أراضى الحراسة وكذلك ما تم تهريبه أيام تطبيق قوانين الإصلاح الزراعى الثلاثة .
وثانيا : مَن مِن الفلاحين الذين تم تمليك الأرض لهم ومن الذين تم التأجير لهم .
وثالثا :كيف تم تهريب الأرض ومن الذى كان فاسدا من المسئولين ومن الذى كان متواطئا ومن الذى ساهم فى مساعدة الإقطاعيين وغيرهم على السطو على أراضى الفلاحين بنوعيها الاستيلاء والحراسة.
الاثنين 11 يناير 2016 ( بشير صقر – لجنة التضامن الفلاحى – مصر )

رسالة تضامن للنقابة الوطنية لصغار الفلاحين والمهنيين الغابويين بالمغرب

مصر فى 30 نوفمبر 2015

السادة النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين .. أغادير المغرب

تتضامن لجنة التضامن الفلاحى – مصرىمع جملة المطالب التى أعلنتها نقابتكم فى كتابها المنشور بموقع الحوار المتمدن اليوم 30 نوفمبر 2015 بالعدد 5001 :
بشأن التعسف والقثمع والاعتقال والمحاكمات الصورية وأحكام الحبس التى تعرض لها الفلاحون وخصوصا أعضاء النقابة.
كما تشارككم التنديد بممارسات الشركات العقارية بشأن أراضى منطقة سوس وأغادير الكبير( فى كسيمة ومسكينة ) والداعمين لها والمتواطئين علي منطقها العدوانى وتحققه العملى.
كما تدعم حقوق الفلاحين الصغار والفقراء والمهنيين الغابويين وعمال الزراعة التى يجرى سلبها.
وتتضامن مع المطالب المشروعة برفض وضرورة تغيير الأسس القانونية خصوصا الاستعمارية التى مازالت سارية بشأن تلك الأرراضى حتى اليوم والمزمع تناولها فى مؤتمر اتحاد الشغل المغربى القادم بمدينة أغادير فى 2 يناير 2016 ، وتؤيد اللجنة على ضرورة التفاوض مع نقابة الفلاحين المختصة فى هذا الأمر ؛ مراعية ضمان حقوق الفلاحين تطبيقا للقوانين الدولية المعمول بها فى هذا الشأن وفى الأحوال المشابهة.
كذلك تشجع ( لجنة التضامن الفلاحى – مصر ) كل أشكال النضال المشروعة لاسترجاع تلك الحقوق.

مع خالص التعضيد والتآزر والتقدير ،،

بشير صقر
30 نوفمبر 2015 لجنة التضامن الفلاحى – مصر

Web site: www.falaheenmesr.net & www.tadamon.katib.org
Files on modern discussion web site:
www.ahewar.org/m.asp?i=1625
www.ahewar.org/m.asp?i=2451
www.ahewar.org/m.asp?i=6420

Featuring WPMU Bloglist Widget by YD WordPress Developer